Uncategorized

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الثاني والعشرون 22 بقلم نهال مصطفى

  رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الثاني والعشرون 22 بقلم نهال مصطفى

 رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الثاني والعشرون 22 بقلم نهال مصطفى

 رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الثاني والعشرون 22 بقلم نهال مصطفى

فصاحت 
– ماهو رقم غريب .. مش متسجل .. 
ثم أخذت الهاتف وفتحت الباب وقالت 
– دى تالت مرة يكلمك .. خد شوفه يمكن حاجة مهمة ..
لازال يغسل رغاوى الصابون  من على وجهه وقالها 
– افتحى وشغلى الاسبيكر طيب  ….
كانت جُملته تلقائية مُتناسيًا كل شيء حتى مهماته ؛ كأنه حينماا قرر ركن عقله رُكنت معه كل مهامه .. وضعت فجر ابهامها على زر الرد ولكنها انتظرت للحظة وغمغمت 
– طيب اغسلى الصابون اللى على عينك الاول عشان ما يدخلش جواهم .. هترد ازاى ؟!
مسح بكفيه على وجهه بحركات سريعة للتخلص من رغاوى الصابون وعندها تراجعت هى خطوة لتُحضر المنشفة فانقطع صوت الرنين ، فبمجرد ما فتح عيونه سقطت انظاره عليه مبتسمه وتمد له ( الفوطة ) 
– خد نشف وشك الاول  وايدك ؛ وبعدين شوف مين عايزك ..
تدلت انظاره عليه بتسليه قطعتها بنداءها عليه 
– هششاام .. روحت فين ؛ التليفون ياحبيبى ..
اومأ مستجيبا وهو يأخذ الهاتف من يدها فرُد الرقم بقلبه حينما تأكد من هوية المتصل وتبدلت ملامحه لأكثر حيرة وقلقا .. فسألته مستفهمة 
– فى ايه ؟! 
– هااا !! لالا مفيش ؛ ده رقم مش مهم .. 
قال جُملته وهو يقبس على زر اغلاق الهاتف ثم اسنده أعلى المرحاض وقال ممازحا لينفض عنها غبار اوهامها 
– أنا واخد بالى إنك جايه لحد هنا برجلك ؛ ومش خايفه يعنى !! 
حدجته بشكٍ .. وهى تعبث بخصيلات شعرها بإستيحاء وتراجعت خطوتين ؛ ومغمغت 
– التليفون .. هو اللى جابنى لهنا ؛ اصلو … يعنى ، خوفت يكون حاجة مهمة .. ولا ايه ؟! 
اطلق انظاره عليه بحُرية وهو يقفل مياه الصنبور .. وحياها
– أنا مبهور بشجاعتك .. خطوة جريئه وحلوة عجبتنى .. 
تحاشت النظر إليه بكل الطرق بخجل ، وأمضت 
– ما بلاش اسلوبك ده ؟! انا مافكرتش فى كل الحاجات دى .. وبعدين انا غلطانه أصلا انى انشغلت عليك .. 
ما كادت أن تولى ظهرها فجذبها إليه بغتة فانزلقت قدمها وسرعان ما لحقها وهو يرفعها بذراعه القوة لتسقط اسيرة ضلوعه .. أكتست ملامحها بالخوف والفزع ، والذهول والحب والربكة فى آن واحد .. واكتسي هو بها .. فطأطأ رأسه واحتوى كفها ووضعه على قلبه .. وسألها 
– أنا نفسي افهمك .. منين بتكونى بتعومى فى حضنى ومنين بتتكسفى وبتخافى منى ..؟! افهمها ازاى دى ؟! 
تقلصت ملامحها واجابته بحياء 
– تختلف طبعا … وبعدين أنت مكلبشنى كده ليه .. ؟! سيبنى … 
لفها لتتخذ من الحائط مسندا لظهرها وبات هو مطل لعيونها .. وقال متيمًا
– للاسف جيتى برجلك ؛ وانا بموت فى استغلال الفرص .. 
أزريت على كلامه ساخرة وبنبرة مغلفة بالتحدٍ
– وزى ما جيت هعرف أهرب بردو .. 
حدجها متعجبا من جراءتها 
– خوف ولا تحدى  ؟!
شحذته بعينيها ؛ واردفت متدلله 
– أنت قولت لى ماينفعش أخاف وانت معايا .. يبقي مش لا خوف ؛ نمشيها تحدى .. ونشوف مين اللى هيغلب !! 
اصدر إيماءه خافته تحمل بين ثناياها خيوطا من التوعد ؛ وتعمد الاتكاء على ذراعه أكثر تبرز عضلاته القويه .. وقال 
– ااااه … تتحدينى ؟! ما بلاش عشان هغلبك ..
سقطت انظارها على بروز عضلاته اللاتى تتدرك جيدا مدى قوتهما وأن التفتوا حولها فلا نجاة من اسرهم الا إن اذن .. وبالرغم من يقينها التام بالهزيمة الا ان عناد حواء وقف أمامه .. وقالت 
– مش بالعضلات على فكرة !! 
ضحك ساخرا من سذاجتها ؛ وتدللها 
– لا هما بالعضلات على فكره .. وشكلى لازم افكرك لانك بتنسي بسرعة .. 
بغتة ابتلعت بقية جُملته فى شدقها وهى تُقبله بلهفة فاستند بكلتا ذراعيه على الحائط مستسلمًا لفعلها المُفاجئ .. فلا هُو ولا هِي يعلمَـان ما هو الحبّ، لكنّهما كانا يشعران بأنّ شيئا ما يجْري بينهُما ويحركهما ولكنه كان مذهلاً وجميلاً .. 
أمتدت أناملها لتفتح مياه الصنبور الذي غرقهما بمطر العشق الذي بلل اجسادهم فاصبح الثنائى مخدرين تحته فخلدا معًا فى ألذ لحظات الحب  .. فساب هشام نفسه مع الحب يقتله ..الى ان تناسى قوته التى لم يستخدمها إلا فى لحظاته الحالكة بينهما .. فى تلك اللحظة التى شعرت فيها بانسجامه التام وخضوع قلبه لها .. انخفضت عن مستواه متعمده وفرت هاربه من تحت ذراعه وقفلت الباب بسرعه من الخارج فلم يلحق ان يفيق من فعلها الجنونى سمع صوت ضحكاتها المنتصره  وهى تقول فارحة
– قولتلك مش بالعضلات ياسيادة المقدم ؛ تعيش وتاخد غيرها .. 
أشعلت بثلج تحديها  نيران الحب به .. فجزلها قائلا
– طيب افتحى ..
– تؤ .. قول إنى كسبت الاول .. 
– أحنا متفقناش على الخديعة .. 
عقدت ساعديها أمام صدرها وقالت مترنحة
– فالحب مفيش اتفاق ؛ كله مباح .. وعقاب المهزوم إنه يتحبس ساعتين فالحمام .. قولت إيه ؟!
افحمته أكثر ببرودها .. فنهرها 
– قولت افتحى وإلا هفتح دماغك ..
– مابتهددش .. !! 
– فجر … متقليش حسابك معايا؟! 
ارتعدت قليلا لنبرته الحادة .. فتراجعت عند عنادها خطوة وسالته
– طيب لو فتحت ؛ مش هتزعلنى ؟! 
ارتدى منامته القطنيه ، وقال بثقه
– لا هتزعلى … 
– يووووه .. والله كنت بهزر معاك  .. قول أنك سامحتنى ؛ وانا هفتح ..
فجر بغضب الهزيمة 
– أنت اصلا لسه عقابك مخلصش للدلع ده كله..
شهقت مفزوعة وهى تضع اناملها على ثغرها 
– أنت كل ده ومخلصتش عقابك .. هشام بجد هو أنا مابصعبش عليك طيب !! 
هشام بحزم
– مش هكرر كلامى تانى … 
حاولت تجميع قوتها وجراءتها لمواجهته .. حيث امتدت يدها لفتح مقبس الباب ؛ وركضت بعيدا لتحتمى بظهر المقعد ؛ معتذرة 
– خلاص والله .. هو احنا مش كنا نلعب .. أنت زعلت عشان كسبت ليه ؟! 
دنا منها ، واجابها ساخطًا
– كسبتى بالخديعة ؟! 
كتمت ضحكتها واردفت متحدية ومتفاخرة بدون تفكير
– الصُحف لا تُسجل الا النتائج ، خديعة بقي مش خديعة ، أنا اللى كسبت … 
رجل مثله اعتاد ألا يهزم أبدا ، فتتطاولت يده لتنالها حيث تجاهل صراختها وتوسلاتها وألتف ذراعه حول خصرها وحملها ثم رماها بقوة على سريره .. فتكورت متراجعه وهى تترجاه 
– أنت اللى كسبت خلاص .. أنا سحبت كلامى .. 
ثم انخفضت نبرة صوتها وهى تتوسله عند دنوءه منها 
– بص أنا عيله ، هتاخد على كلام عيلة زيي ياهشام .. انت دماغك اكبر من كده ؟! 
ثم رفست بساقيها واغمضت عيونها بكفوفها مستجدة 
– طيب بلاش عقاب تانى .. انا غلطانه والله ..اخر مرة .. حرمت خلاص 
كتم ضحكته على طفولتها وبراءتها ولكنه واصل عقابه المستلذ وضغط على معصميها بكفه ورفعهما بمستواها وأسرهما ليشل مقاومتها .. فبات انظاره مُلتقيه فارسل لها ابتسامة انتصار استقبلتها متوسلة .. ولكنها تجاهل استعطافها ومال على شدقها ليرتشف من شهدها كيفما شاء ، باتت قُبلاته خفيفة حد ما شعر بسكونها التام تحت يديه .. ثم اخذت قبلاته تشتد تدريجيا حتى وصلت حد انكتام انفاسها .. ظلت متخدرة بقربه الى ان احست بروحها تنسحب منها..فلقد
ضاق الدرب عليها فلا يكفى لمرور تنهيدة حاولت أخذ الاوكسجين فافشل مخططها وواصل فعله الغض طويلا حتى افقدها قدرتها على الاستغاثه حد انبثاق الدمع من قنواتها الدمعيه واحمرار وجنتيها لضيق التنفس .. فحال انتشاءها صراخ مكبوت .. وتراقصها فى حضنه لتملص بأنين الوجع …
وبعد دقائق من المعاناة والالم  اخيرا اعفى عنها وافسح لها المساحة للتنفس ففزعت كالملدوغه تحتضن بكفها قلبها وتسعل بقوة وتلتقط الاوكسجين سريعا .. لاهثة حتى سبته علنا 
– ياغبى .. نفسي حرام عليك كنت هموت فى ايدك .. 
تحرك أمامها مصدرا صفارة خافته ودندن ببعض الاغان ثم اردف محذرا 
– مش عايز غلط .. وألا عقابى هيزيد ….
تهبط انفاسها تدريجيا حتى استعاد قلبها النبض بانتظام وغمغمت 
– همجى .. ومتخلف .. انا غلطانه إنى هزرت مع واحد زيك ..
وقف أمام المراة ليصفف شعره وقال 
– مش عايز برطمه .. 
فحدجته بغل وهى تستند بظهرها على الوسادة متجاهله تحذيره .. ثم عاد إليها مبتسمًا وقبل جبهتها بحنو وغمز لها بطرف عينه فولى ظهره 
– عشان تعرفى انها  بالعضلات ..
– لا مش بالعضلات .. 
– هرجعلك !! 
فارتعبت لتهديده 
– خلاص خلاص هى بالعضلات .. انا اللى حمارة مابفهمش .. وسحبت كلمتى .. 
– شاطرة… 
ثم غمغمت بهدوء :
-يلا  تعالى صالحنى  .. وصلح اللى أنت هببته
غمز بطرف عينه وهو يشعل سيجارته واثقه
– لا .. ماليش مزاج دلوقتى  ..ويلا قومى ألبسي عسان نمشي 
أنا أعرف أنه يحبني، لا لستُ كما أحبه، ولكنه يحب كل ما يؤدى إلى وان كان شجارا  ..  يهرب مني في الوقت الذي لا أكف فيه عن الاندفاع نحوه  , وأنا أعرف أن الحياة قد خدشته بما فيه الكفاية ليرفض مزيداً من الأخداش فبات انتقامه يتفجر بى وان كانت الاسباب منعدمة ، ولكن لماذا يتعيّن عليً أنا أن أدفع الثمن؟! ثمن حبى وثمن اخداش الزمن ؟!  
■■■■■
صعدت رهف بجوار مجدى فى سيارته ، فبالرغم من ظهوره عاديا دون اى تغير الا أن دخان المشاعر المتحرقة ينفذ رائحته منه .. ظلت تتأمله رهف فى غفلة منه .. وانطلق بسيارته الى فيلتهم تحت صمت تام بخلاف الحروب المُندلعه بصدورهم ..
ولكن كان صدح قلوبهم ونزيفهم أقوى 
– (‏أتمنى لو بإمكاني إتلاف كل شي حدث بيننا وقتل كل الاشباح التى غوتنى للانحراف عن مسارك ، ونعود إلى الوراء إلى ما قبل النضج والى ما بعد الالم .. حينما كنت ارتمى بين ذراعيك مستغيثة .. فبضمة واحدة منك انجو منى .. )
تعمد ألا يحدجها شاردا مع صراع عقله الذى يعاتبه 
-( كنتُ أهرول إليكِ وقطعت الاميال لتكونى لى ، وكنتِ تهرولٍ منِي، وكانت المسافات تُرهقني وحبال الامل تتمزق أمامى ، فكانت المسافات إنجازك العظيم .. وكنتَ أنتِ إنجازي الاعظم .. ولكنه كان متأخرا ) 
صفت سيارته أمام البيت فنزلت رهف راكضة فتابع ركضها بخطواته الواسعه الثابته .. فكان البيت خاليا لم يقطن به أحدا ، فتوقفت ونظرت لمجدى متسائله
– هنعمل إيه ؟! 
– هنقلب البيت على اللى هما عايزينه ..
امتعضت غير مقتنعة 
– انت ليه متأكد انه هنا !! 
بنبرة  حادة اجابها 
– عشان مفيش مكان آمن من هنا عمى ممكن يشيل فيه حاجات مهمة زى كده .. المهم هو فين ..؟!
هزت كتفيها مستعجبة 
– اهو ؛ هنشوف … يارب بس نلاقى حاجة …. 
اشار إليها بسبابته 
– اطلعى أنت دورى فوق وانا هحاول ادور فى أوضة المكتب .. يلا قبل ما حد يجى … 
■■■■■
وصل هشام وفجر للسيارة التى فى انتظارهم .. وشرعا فى صعودها فأوقفهم صوت انثوى مناديا عليه 
– هشام بيه ؟! 
أعطى هشام الحقيبه الصغيرع للسائق ليضعها فى السياره ثم استدار نحو الفتاه واجابها على مضض 
-ريهام ! ازيك ياريهام !! 
صافحته بعشم زائد وهى تطبق على كفه بكلا كفيها 
– ياااه اخيرا اتقابلنا ؟! 
انعقد حاجبيه باستغراب محاولا سحب كفه
– آخيرا ليه ؟! أنتى كنتى مستنيانى …
ضحكت بميوعة فجرت النيران فى قلب فجر 
– أنا متابعة كل أخبارك أول بأول !! وحشتنى بجد ياهشام .. 
تدخلت فجر بجزع 
– مش تعرفنا ياهشام ؟! 
رمقتها ريهام بضيق .. ثم ارسلت إليها ابتسامه حقد
– مراتك … مش كده ؟!
بادرت فجر بالرد
– ايوه .. وكنا بنقضي يوم حلو هنا .. بس ياخسارة الحلو ما يكملش … 
اتسع ثغر ريهام بابتسامة زائفه
– لذيذه مراتك ياهشام .. احم طيب تسمحلى لو أطمن عليك كل فترة ..
ألقى هشام نظرة خاطفه على فجر ثم قال مرتبكًا
– ملهوش لزوم ..
– لا لا ازاى ده لازم .. عايزة اسمعك واعرف كل اخبارك .. ممكن رقمك الجديد ..
اتكئت فجر على باب السياره بتأفف
– اديها رقمك ياسيادة المقدم…
ضحكت ريهام متعمدة اثارة غيرتها 
– اهو واحنا أخدنا الاذن من المدام .. شكلها اوبن مايند … 
ثم اخرجت كارت من حقيبتها وتغنجت وهى تضعه فى جيبه 
– ده رقمى وهستنى تليفونك آكيد .. 
امتدت يدى فجر داخل جيبه واخذت الكارت ومزقته امامها وجهرت باختناق
– هنتأخر … 
فابتسم هشام بفرح لفعلها الغير متوقع وواستئذن من ريهام وقال متعمدا اثارة غيرة فجر 
– اكيد هنتقابل تانى يا ريهام .. فرصة سعيده .. 
ثم جهر مناديا على السائق واخذ منه المفاتيح وقال
– هسوق أنا … روح أنت …. 
تحركت فجر لتجلس على المقعد الامامى متأففه وعلامات الضجر تتراقص فوق ملامحها .. أما عن هشام فصعد بعد ما تبادل الحديث مع ريهام لدقيقتين وشرع فى قيادة سيارته بصمت تام قطعته فجاة وهى تضربه بشنطتها
– امممممم عجباك ست ريهام ؟! مخدتش رقمها ليه ؟! 
تجاهل سؤالها ببروده المعتاد واردف 
– أنت أد الضربة دى ؟! 
فكررت فعلها عدة مرات بغل وحدجته بضيق
– احنا في إيه ولا ايه .. تطلع مين ست ريهام دى !! 
حدجها محذرا 
– يابت اسكتى هنعمل حادثه .. 
ثم لكزته بقضة يدها 
– تبقي اترحمت من اللى هعمله فيكى .. 
تفقد المكان للحظة فوجد نفسه تحت الكوبرى فصف سيارته جنبا وسألها 
– عايزة ايه ..؟! 
ارتفعت نبرة صوتها مختنقة وهى تضربه بغل 
– احسنلك ابعد عن وشي الساعة دى مش طايقه نفسي .. اقولك روح لست ريهام…
مسك ذراعيها بقوة وثبتهما فى المقعد الذي رجعه للخلف بضغطه واحده ففوجئت بعيناه تعلوها .. فلم يعطيها فرصة للذهول فباغتها بقلبة طويله اخرستها ثم قال منتصرا
– بدل ده كله قولى إنك عايزه كده ؟! 
فاقت من سحره واسواره التى لم تتحرر إلا بينهم وبات العالم فى بعده منفاها فحاولت تحرير كفها ؛ وقالت متألمه
– الشارع يا هشام عيب عليك .. غلط اللى بتعمله ده ..
– ولا يهمنى .. العربية ومقفوله ومحدش هيقدر يشوفنا من بره … فين الغلط ؟! 
فحدجته بلومٍ
– الزنقة اللى احنا فيها دى .. ميصحش ارجع مكانك ..
رمقها بنظراته الفاحصة واعترافه الصريح بالسقوط فى هويتها .. وقال راغبًا
– تصدقى ينفع جدا .. اصلا مفيش احلى من الزنقة .
صرخت متوسله ليبتعد عنها ويتوقف عما ينتوى فعله 
– بطل جنان ياهشام .. وارجع مكانك .. خلاص بجد … 
اقترب ناحية أذنها وهمس 
– طيب هأجلها بمزاجى برده مع إنه مش بالساهل … بس عايزك تحطى فى دماغك ان اللى حصل منك ده مش هيعدى بالساهل .. ولا مفيش حد هيملى عينى بعدك .
ثم عاد لمقعده مستريحًا وعاد ليقود سيارته بسكوت وانكمشت هى فى الباب متوعده وتمتمت
– يخربيت جنانك !! طيب ياهشام صبرك عليا … 
■■■■■
هتفت رهف من أعلى وهى ممسكة بهارد قديم
– مجدى … يااا مجدى ؟!
خرج من غرفة المكتب وسألها 
– لقيتى حاجه ؟! 
قلبت الهارد بيدها 
– ايوة لقيت ده فى الحاجات القديمة الخاصه ببابا …
اخذ الهادر منها وفحصه 
– أنا عندى جهاز يشغل النوعية دى … ممكن يكون هو اللى بيدوروا عليه .. 
هزت كتفيها بجهل 
– ممكن هو … 
– خلاص خليكى أنت هنا… وانا هروح اشغله ..
توسلته بانظارها 
– لا هاجى معاك .. عشان لو كان هو هتصل بميان تاخده عشان تمسح فيديوهاتى …
رمقها مجدى باستخاف على سذاجتها وعدم اداركها حجم الكارثه التى اوقعتهم بها .. واردف محذرا
–  اعمل فيكى ايه ؟! ميان متعرفش حاجه يارهف .. انت فاهمة ..
اومات بطاعه ثم تابعت خُطاه ركضا
– خلاص مش هتعرف حاجه ..
وصل الثنائى الى سيارته فصعدت وجلست بجواره … وخرج مجدى سريعا من بوابة المنزل فمن سوء حظهم لاحظهم زياد الذي اشتعل بجمر الفضول وقرر أن يتبع خُطاهم خلسة مع وتيرة من اللعنات والسبات فيهما إن حالت شكوكه ليقين … 
■■■■■
فتح هشام باب شقته بعد جولة الصمت التى احتلتهم طول فترة العودة الى البيت ؛ فدخل هشام ثم تابعت خطاه متجاهلة وجوده تماما كأنها تعاقبه على اسلوبه المُبرح معها .. فأوقفها ندائه الآمر 
– خُدى هنا … 
ألقى مفاتيحه على الطاولة ، ثم أمرها 
– افردى بوزك الممدود شبرين ده ..
لاحت له بكفها معاندة
– مالكش دعوة بيا … 
ركل الباب بقدمه ثم زمجرت رياح غضبه 
– أنا لما  اقول كلمة تتنفذ ..
فكت حجابها بعشوائيه كأنها تفش به غُلبها 
– لما تراعى مشاعر البنى آدمة اللى معاك الاول أبقي اتكلم .. 
نزع حذائه وسألها مستنكرا إثر فعله 
– وكان حصل إيه لكل ده !!.. أنت اللى مكبرة الموضوع ..
ألقت حجابها فى الارض وتابعته بنزع الحذاء بفوضويه وهى تهذى 
– هنعدى اللى حصل فالاوضه وانك كنت هتموتنى فى ايدك ؛ وكمان مين اداك الحق تسلم على واحده ست لا وكمان تقولك وحشتنى ؟! وواضح عليها أنها متابعاك اوى ومهتمه بأخبارك كمان  ..
اتكئ على المقعد ومد قدميه فوق الطاولة واردف بهدوء 
– دى معرفه قديمه .. عادى يعنى ؟! 
فاض صبرها 
– والله ؟! دى مشالتش عينها من عليك يا حضرة الظابط..
ضم ساقيه مرة آخرى ووقف ونصب عوده بثبات وهو يفك ازرار قميصه وسألها باستنكار 
– أنت مش واخده بالك إنك بتتخانقى معايا على تصرفاتها هى …. فين الغلط اللى أنا عملته ؛ واحده وجات سلمت اقولها لا .. بلاش مراتى تضربنى ؟! 
ترنحت معاندة وشظايا الغضب يتقاذف من عيونها 
– دى مش جاية تسلم .. دى كانت قاصدة تفرسنى وكانت بتكلمك بعشم زياده عن اللازم .. 
اقترب منها واطرق واثقا وبنبرة منذرة مغلفه بالمزاح
– ما بحبش الست اللى بتغير عليا ولا اللى تعلى صوتها فى وجودى .. أنت فاهمه ..؟! 
فرت دمعة من طرف عينيها إثر قلة حيلتها فالكلام معه غير مُجديا بالمرة .. فتجاهلته وولت ظهرها متجه نحو غرفتها فتابع خُطاها حتى وقف وراءها أمام الخزانه المنفتحه على مصرعيها .. وهمس 
– أنت أحلى منها على فكرة .. 
اطاحت الجملة بعقلها وبكل شحناتها السالبه .. ولكنها تعمدت الاطاله فى زعلها .. فقفلت باب الخزانه وابتعدت عنه بضجر 
– مش أنا اللى تقارنى بواحده تانيه .. 
تابع خُطاها بطوله المديد وهيبته الفظة 
– ومين قالك إنى بقارنك بيها ؛ أنا بدور عليكى فى كل واحده عشان اتاكد إن مفيش غيرك اللى هيملى عينيا … 
ازريت على كلامه بتهديد 
– ولا تفكر تبص لواحده اصلا .. 
ثم تناولت سترته لتعلقها على الشماعة فلم تكبح أن تلتف فوجدته خلفها يأسرها من كل النواحى .. اشتعلت بشهوة إطالة النظر بعيونه ولكنها استقويت وقررت ألا تحن .. وغمغمت 
– عايز إيه ..
حدجها بنظرة اشتهائه فيها .. وقال
– اللى منعتينى إنى اعمله فالعربية …
– بتحلم ؟! 
غزت عقله وقلبها بتمردها الدائم على قوانينه .. 
– منا هنا معاكى عشان احقق كل احلامى ..
فذكرته بجملته متدللة 
– ماليش مزاج …  
هاجت اشباحهه بداخله وهو يدفن أنفاسه فى عنقها متيما 
– بس أنا ليا ..
تلك الرعشات التى اندلعت فى حضرته فانفرطت مشاعرها أمامه وهى تتأمل شعره الداكن كغموضه .. وبتلقائيه التفتا كفوفها حول عنقه وهمست معتذرة 
– اسفة إنى عليت صوتى عليك .. بس والله كنت متغاظة . . اوعدك مش هتتكرر … 
انتشى لسماع اعتذارها الفورى .. فتأكد حينها إنه أمام طفلة لا تعى شيئا عن امور النساء المعجونين بدقيق النكد .. فواصل فعله كردا معبرا عن اعتذارها وغمغم هائما بها
– أنت تعملى و تقولى اللى انتِ عايزاه .. 
تلك اخر جملة اردفها قبل ما يصب شوقه فى فمها ويضمها إليه .. فذابت فى سحره وبين يديه متأوهة و كأنها تخبره(  احببتك بكل نجومك وثقوبك وظواهرك الكونيه التى تتقلب كحالة الجو ) … بات يروى غريزته منها وباتت تراعى زهور حبها التى ترعرعت بريقه الجارى بها .. 
فحملها بقوته وبلهفته حتى باتت جزءا متصلا به ولا يفرق بينهم إلا بعمليه جراحيه .. رجل مثله لا يفهم الحب الا عبارة عن قفص يأسر من أحب بداخله بكل ما خلق به من انانية ليبقي له لوحده ..و امراة لا ترى الحب الا اجنحه تحلق بهم فوق سحب السماء مع من تحب .. هل يجتمعان ؟! 
– نعم فالحب لا يجمع الا المختلفين دائما .. 
■■■■■
صف مجدى سيارته تحت شقته فهبط منها سريعًا لتابعت رهف خطواته متلهفة فلحقت به .. وحينها هبط زياد من سيارته متبعا خُطاهم وعيناها يشعان لهب الغضب كالقابض على الجمر .. 
فتح مجدى شقته وركض نحو الجهاز الحاسوب ليشغل الهارد وفى نفس اللحظه قفلت رهف الباب ودنت منه وسألته 
– هااا اشتغل ..
يحرك ( الماوس ) بسرعة ويهز ساقه على اوتار القلق متجاهلا سؤالها .. ينتظر فتح الشاشه على أحر من الجمر .. لاحظت رهف تغيره الشديد معها وتجاهل اغلب اسئلتها فجثت على ركبتيها بجواره واحتوت كفه بضعف واسف 
– انا اسفه يا مجدى .. بجد آسفه .. أنا مش هستحمل معاملتك دى ..
تجاهل اعتذارها بمعاناة تخرط فى قلبه ثم رفع انظاره صوب الشاشه التى اضاءت .. وفى تلك اللحظة ارعبهما صوت طرق الباب بقوة .. فانتفضت رهف خائفه
– مين اللى بيخبط كده … ؟! 
نهض مجدى مندفعا ناحية الباب 
– خليكى هنا .. وانا هشوف فى إيه .. 
تجمدت رهف خائفة فى مكانها تشع مجدى بنظرات الفضول لمعرفة هوية الطارق .. فبمجرد ما فتح مجدى الباب باغته زياد بلطمة قويه فى وجهه مما جعلته يتقهقر للخلف مختل الاتزان … فجهر زياد بغضب 
– هى حصلت يا مجدى ؟! حصلت  اختى عندك في بينك ؟! 
استرد مجدى اتزانه واضعا يده على موضع الالم .. وعارضه 
– أنت اتجننت يا زياد ؟! 
دفعه زياد بقوة بذراعه السليم وصرخ بوجهه 
– انت تخرس خالص؛ فاهم .. لسه حسابك مجاش ..
انفجرت دموع رهف متوسله بصراخ
– يازياد افهم بس .. 
بخطوة واسعه اتخذها كانت رهف تحت يديه وهو يسحبها من شعرها 
– وكمان ليكى عينى تتكلمى !! 
تلوت رهف وجعا متشبثة بيديه صارخه لتستعطفه
– اسمع بس .. حرام عليك .
وقف مجدى أمامه معارضًا .. وجهر فى وجهه بحدة
– ماتعقل ياخى وتفهم .. 
بات نبرة زياد كالرعد وهو ينهره 
– لو كنت فاكر إنك بكده هتلوى دراعنا تبقي غلطان .. اوعى من وشي ..
تجاهل زياد صراخات رهف المتألمه وسحبها بكل قوته وجرجرها على درجات السلم تارة  جالسه واخرى متقاعسة صارخا 
– نفسك ده مسمعوش … أنت فاهمه !! 
تناول مجدى مفاتيحه وقفل بابه وركض خلفهم ليرحمها من جنون زياد الثائر .. مزفرا 
– اوووووف .. هى نقصاك انت كمان يازياد … !!! 
■■■■■
– أحنا مش اتفقنا إنك هتبطل السجاير دى ؟!
تستكين فجر على سياج صدره العارى ويطوقهم دخان سيجارته .. فاردفت جملتها الاخيره بنبره معاتبة .. فاجابها
– ريحتها مضايقكِ؟! 
– لا بس مش عايزاك تشربها ..
أخذ نفسا اخرا منها وحدجها 
– عادى بشربها عشان افش فيها ضغط الشغل ولما أكون مضايق .. 
أعتدلت من نومتها فألتقت أعينهم .. فاطرقت بحزن 
– يعنى أنت ومعايا مضغوط ومضايق ؟! 
اعتدل ليطفئ سيجارته ثم قال باستغراب 
– وانتِ مالك بس ؟! 
امتد كفها الصغير ليحتوى وجنته فاحتضنت بجفونها شيئا بقلبه لم يكن يعلم بوجوده من قبل .. وقالت 
– خلينا متفقين إنى اكتر واحده عارفه إنك مش تمام .. حتى وانت معايا ..
عقد حاجبيه
– إزاى ؟! 
بللت حلقها الجاف وانبثقت دمعه من طرف عينيها 
– أنت ما بتشوفش نفسك معايا .. طول الوقت بحسك فى صراع مع نفسك ومع كل حاجه حولينا .. حتى وانت معايا وبين ايديا بحسك بتنتقم من الف حاجه .. كل ردودك على فرحى وحزنى وزعلى مختصر عندك فى حاجه واحده وبس ؛ وانت اكيد فاهمنى !! 
شهقت بخفوت فظل ينصت إليها باهتمام بالغ ؛ حتى واصلت بحنو فكانت تُجاهد لتهدأ
– أنا مش بشتكيلك .. أنا بحبك بكل حاجة فيك ومهما عملت فيا أكتر من كده .. انا راضيه المهم إنى جمبك ومعايا ..  
– عايزة توصلى لايه ؟! 
هبط كفها الصغير من على وجهه لقلبه وقالت بخفوت
– لده .. عايزة أوصله .. 
انخفضت انظاره على موضوع كفها وسألها 
– وهو قصر معاكى .. 
اومأت ايجابًا وهى تجهش بخفوت 
– فى حاجات أهم من الفعل أنا محتاجها منك ؛ ندردش وتسمعنى وتفهمنى وتفتحلى قلبك ؛ أهتمامك من قبل ما اطلبه .. تحس باللى يزعلنى وتتجنبه ، نتفاهم .. طول الوقت بتتعامل معايا كأنى أمينة وانت سي السيد .. مش هنفذ غير اللى انت تأمر بيه من غير نقاش .. متغيريش .. 
ثم سكتت للحظة 
– أنت ليه مش عايزنى اغير عليك ؛ انا بحبك والحب والغيره توأم … 
– اللى بيغير بيبقي فاقد الثقة فالطرف التانى يافجر.. 
– محصلش .. ملهاش علاقة ؛ دى حاجه ودى حاجه تانيه .. انا بغير عليك من الهوا اللى بيدخل جواك وانا مش كده .. بغير من هدومك اللى بتحضنك طول الوقت .. يبقي مش هغير عليك من البشر .. انت ليه عايش فى كل العقد دى اللى فى دماغك !!
بسط ظهره متكئا على الوسادة وقال 
– دى شخصيتى .. للااسف … مش هعرف اتغير ..
انبطحت ممددة على صدره بهدوء .. وسألته
– تسمحلى اسالك سؤال ..
تغللت أنامله فى شعرها وقال
– اسألى !! 
– بسمة قالتلى إنك كنت بتحب واحده من ايام الجامعة .. وهى اللى عقدتك من كل البنات .. ده حقيقي …. 
اتسعت ابتسامته متعجبًا
– دانت سائله عليا كويس اوى… 
– لو مش حابب تتكلم مفيش مشكله .. 
ثم طبعت قُبلة خفيفه على صدره وواصلت
– أنا بس عايزه احط ايدى على نقطة الوجع عشان نداويها .. 
فكر طويلا وهو يداعب كتفها بإبهامه واردف
– لا … هحكيلك ….
ابتلع باقى جُملته إثر ضجيج صوت الباب ودق الجرس معا وصوت زياد صارخا من الخارج .. ففزع من راحته قلقا 
– فى ايه ؟! 
نهضت خلف واعطته ( ال تى شيرت ) الاسود ليرتديه فوق بنطاله ( الرمادى ) سريعا 
-خد  ألبس ده .. متفتحش كده .. خير باذن الله ..
قطع الطريق بينه وبين الباب وهو يرتدى فى ملبسه تحت اصوات زمجرة صراخ زياد .. فما لبس أن فتح له الباب فألقى رهف بين ذراعى آخيها صارخه 
– خد ربي اختك اللى عايزه تفضحنا ..
احتوى اخته الهالكة فى دموعها وصراخها وتوسلاتها
– والله والله ما عملت حاجه يا هشام … 
اطرق مذهولا
– إيه .. مالك باختك … انت اتجننت تمد ايدك عليها ..
صرخ زياد غاضبا 
– كويس مقتلتهاش فى ايدى  ..
فاستنجدت رهف به 
– والله ما عملت حاجة ياهشام .. والله هو فاهم غلط ..
أطبق كفه فى شعرها بقوة وهو يهزها
– جايبها من شقة مجدى وتقول لى فاهم غلط .. اى الصح يامحترمه ..
نجدها هشام من قبضة يد زياد فركضت لتحتمى بظهره وهى تهذي 
– متصدقوش ياهشام .. هو مش فاهم والله ما فاهم…
قطعهم دخول مجدى الى عقب على حديثها بنبرة حادة
– ما تفهم الاول وبعدين اعمل اللى أنت عايزو يا زياد ..
فحدجه هشام مذهولا
– اختى كانت فى شقتك يا مجدى ؟! 
نفذ صبر مجدى مترنحًا 
– ما تهدى وتفهم انت كمان ..
فصاحت زعابيب هشام بوجهه
– يعنى كانت ؟! 
خرجت فجر فى تلك اللحظه واخذت رهف فى حضنها وابعدتها عن مواجهتهم .. فنهره مجدى متعجبا 
– وانت كمان هتتجنن زى اخوك .. ماتفوق وشوف انت بتكلم مين ياابن عمى .. 
تدخل زياد بعواصفه 
– ايه واخدها البيت تلعبوا طاوله يامجدى ؟! 
تركت رهف حضن فجر وركضت نحو هشام مستغيثه 
– هشام أنا فى ورطه ومالقتش حد يساعدنى غير مجدى .. عشان خاطرى افهم وبعدين احكم .. 
هشام وزياد فى نفس واحد
– ورطة إيه ؟! 
يتبع..
لقراءة البارت الثالث والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
لقراءة الجزء الأول من الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!