روايات

رواية مذكرات فيروزة الفصل الأول 1 بقلم شيماء آل شعرواي

رواية مذكرات فيروزة الفصل الأول 1 بقلم شيماء آل شعرواي

رواية مذكرات فيروزة البارت الأول

رواية مذكرات فيروزة الجزء الأول

رواية مذكرات فيروزة
رواية مذكرات فيروزة

رواية مذكرات فيروزة الحلقة الأولى

أفراد عائلة الراشد
فيروزة بطلة الرواية: فتاة جميلة لديها روح مرحة ولطيفة ذات الشعر الذهبي و العيون الفيروزية مزيج بين الأخضر والأزرق، عندها ٢٧ سنة الابنة الكبري والمتبنيه للواء عامر الجارحى وزوجتة نازلى.
أنيس: الابن الثانى لعامر عمره ٢٣ والذي مازال يدرس فى كلية الطب ولكنه تم تعينه طبيباً فى أحدي المستشفيات بسبب تفوقه وذكائه.
أدم: تؤام أنيس ظابط ويعمل مع والده فى الداخليه ويختلف فى الملامح عن أخيه قليلاً.
عمر: الابن الرابع شاب مرحاً يعشق الضحك والسعادة ويلقب بمجنون العائلة لديه عين بندقية مثل اخويه فى تانية هندسة.
لارين: الابنة الصغرى والمدللة لابيها لديها عيون عسلية وشعر قصير بلون القهوة فى ثالثة ثانوى .
أبناء العم
العم خالد وزوجته نادية لديه ولدين : وليد وهو شاب طويل وعريض يعمل محاسباً فى شركة العائلة وخاطب ابنة عمه فيروزة، عمره ٣٠ سنة.
طارق: فى نفس سن عمر فهو صديقه ويدرس معه فى نفس الكلية.
العم أحمد وزوجته حسناء لديه بنتين وولدين:
أسمائهم سارة والتى فى نفس عمر أنيس وأدم.
سهر الابنة الصغرى بنفس عمر لارين وصديقتها المقربة.
معاذ: شاب طموح وذو روح خفيفة عمره ٢٥ سنة معيدا فى كلية الهندسة.
على: عمره ٢٢ سنة فى رابعة تجارة.
الجدة سعاد: عمرها ٦٠ سنة
(الفصل الأول)
كل منا يفقد شيئاً عزيزاً عليه فرصة، إمكانيات، مشاعر لا يمكن اسعادتها، كل هذا جزء من كوننا نعيش ولكن فى رؤوسنا نخزن الذكريات فى غرفة صغيرة، غرفة كرفوف المكتبة ولنعي الأعمال التى كتبتها قلوبنا، علينا أن نصنفها وننظمها ببطاقات ونزيل عنها الغبار من حين لآخر، ونجدد لها الهواء ونغير الماء فى أوانى الزهور، بكلمات أخرى…ستعيش إلى الأبد فى مكتبتك الخاصة..
انهمر المطر ولطمت المياه النوافذ، وزلزلت الجدران بصواعق الرعد، وومض البرق كالنذر وصرخت الرياح كعزيف الجان..كانت جالسة على الاريكة تحتسي فنجاناً من القهوة الفرنسية التى تعشقها أرتشفت القليل منها ثم وضعتها على الطاولة الجانبية، وبدأت تدون بعض الكلمات فى مذكراتها..
-في بعض الجراح عطايا .. وفي قسوة العيش أحياناً هدايا ..
كن على ثقة بأن الخير دائماً حولك، وبالقرب منك ..
قد يأتيك مختبئاً في زحام مصيبة .. وأشجان بلية .. ودموع فقدٍ حارة ..
فلا تبتئس .. حتى أوجاعنا رحمة من الله
قمـة آلطـمـآنينة:
{‏وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}
“ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدلٌ فيّ قضاؤك ”
كن علي يقين تآم آنه لن يسـتثـنيك مـنهآ
أمان وسلام وإستسلام وتسليم وطمأنينة ورضا ..
أمورنا مرتبة في السماء ، نظن أننا نختار ، نظن بأننا نقرر ، ثم تأتي * كن * فيكون !
ونعرف أننا لا نملك من أمورنا شيء .
لن ينسَ الله خيراً قدمته ، و هماً فرّجته ، و عيناً كادت أن تبكي فأسعدتها !
عش حياتك على مبدأ :
“كـن مُحسناً حتى وإن لم تلق إحساناً ” ليس لأجلهم بل لأن الله يحب المُحسنين .
بعد ما انهت كلماتها ووضعت زهرة حمراء فى المذكرة ثم أغلقتها ووضعتها فى ذاك الصندوق الفضي الخاص بها، طرقات خفيفة تطرق بابها تحدثت متسائلة:
– مين ؟
أتاها صوت أخيها بعد ما فتح الباب وولج إليها قائلاً: أنا عمر ينفع أدخل ولا لأ.
أرتسمت أبتسامة خفيفة على ثغرها وقالت:
– أدخل ياعمر هو أنا أقدر أقولك لأ.
جلس بجانبها ثم أمسك فنجانها ليرتشفه على دفعه واحدة وقال:
– ينفع كدا تشربى قهوة من غيرى دا انا كدا أزعل .
– معلش المرة الجاية هبقى اقولك قبل ما اشربها لوحدي.
أستدار “عمر” ينظر إلى النافذة وهو يقول:
– يابنتى المشكلة مش فى إنك تشربيها لوحدك أنتي الوحيدة فى البيت دا اللى بتعمليها مظبوطة وانا لما بصدق ألقيكى عملها.
– خلاص ياسيدي كل لما أجى اعمل ليا هعملك معايا مرضى كدا.
نظر إليها بابتسامة قائلاً:
– طبعا مرضى المهم إيه اللى مسهرك لحد دلوقتي الوقت متأخر أوي والجو برا متلج على الأخر.
تحدثت “فيروزة” بهدوء قائلة:
– مش نعسانة وبعدين أنا بحب السهر فى الشتاء أوى وبحب صوت المطر والرعد حاجه كدا عسل من الآخر.
– الشتا عسل والله أنتى اللى عسل عمرى ماشوفت حد بيحب الشتاء زيك، سيبك من الكلام دا انا عايزك فى موضوع مهم لا يحتمل تأجيله أكتر من كدا.
نظرت إليه بشك وهى تقول:
– موضوع ايه أنا شاكة فيك ياواد أنت ومش مستريحه ليك شكلك عامل مصيبة.
– اختااااه لا تقلقي وبعدين أنتى تعرفى عن أخوكي حبيبك كدا.
لوت شفتيها الوردية وقالت بسخرية:
– دا أنت أبو كدا هو أنا هتوه عنك يعنى ياعمر.
– أممممم هو انتى دايما فقسانى كدا.
– اعملك اي ما أنت كتابك مفتوح قدامى وبعدين ما تخلص تقولى هببت ايه ياقدرى المهبب.
أشاح وجهه بعيدا عنها ليقول وهو يطرقع صوابع يديه:
– الصراحة ومن غير زعيق وصويت أنا عايز ١٠٠٠٠ تالاف جنية.
صاحت بصوتٍ عالٍ قائلة:
ناااااااعم عشر ايه ياخويا جت عشر عفاريت يعفرتوك ويجننوك أكتر ما انت مجنون.
– أنا قولتلك ايه من غير زعيق وصويت مش بتسمعي الكلام ليه يااستاذة انتي وبعدين فيها ايه يعني دا انا طالب مبلغ قليل خالص .
نظرت إليه بدهشة قائلة: نعم مبلغ ايه اللي قليل هما ١٠٠٠٠ تالاف بالنسبالك رقم قليل هو انت ليه محسسني انك طالب ١٠٠ جنية.
أمسك يديها بتوسل وقال:
– وحياة عيالك ياشيخة أنا محتاج الفلوس دي ضرورى ربنا يسترك ساعدي عبد فقير ومحتاج تدخلى الجنة.
– وهما فين عيالى دول يااهبل وبعدين انت هتشحت ولا ايه وليه محسسني أنك مش لاقى تأكل.
– ياروزا ما انتي مش فاهمة ليه انا محتاج المبلغ دا.
– اتفضل قولى محتاجه فى إيه.
زفر “عمر” بهدوء وقال:
– علشان ادفع مصاريف الجامعة بدل ماترفد منها
تحدثت “فيروز” بذهول قائلة: ليه هو انت كنت كل دا مدفعتش المصاريف طب والفلوس اللي بابا ادهاك وديتها فين.
أبتعد عنها ليقول بتوتر: عايزة الحقيقة ولا الكدب.
– الحقيقة طبعاً.
– أنا صرفتهم ، قطبت حاجبيها بضيق ليكمل حديثه سريعاً: متبصيش كدا ما انا اعملك ايه يعنى أبوكى كان مانع عنى الفلوس وانا كنت بصرف من مصاريف الجامعة ولو روحت قولتله أكيد هيقتلنى.
– طب والله لو قتلك تستاهل علشان انت عيل مستهتر ولما منعك من الفلوس دا كان عقاب بسيط ليك بسبب أفعالك المستفزة.
– طب هتساعديني ولا لأ ما هو أنا ماليش غيرك اللى أطلب منها الفلوس، وكمان علشان عارف انك الوحيدة فى البيت دا بتساعديني دايما ومش بتتاخرى عليا بس دلوقتى شكلك هتتخلى عنى ومش هتعبريني خلاص مش مهم أنا هبقى اتصرف، جاء أن يذهب إلى الخارج امسكته من يديه وقالت بإبتسامة ساحرة:
– وأنا عمرى ما هتخلى عنك أنت مش مجرد أخويا الصغير ياعمر لا أنت بالنسبالى اخويا وابنى وروحى واغلى حد فى حياتى استنى ما تمشيش..
أتجهت إلى الخزانة وأخرجت مبلغاً مادياً من الصندوق وأعطته أياه، بينما تحدث هو قائلاً: بس دول أكتر من اللى طلبتهم.
ابتسمت “فيروزة” بود وحب أخوى قائلة: الزيادة خليهم معاك علشان لو احتاجتهم فى حاجه.
ألتمعت عيناه بالدمع ثم اقترب منها وضمها إلى أحضانه:
– بجد أنتى أجمل وأحسن أخت فى الدنيا ربنا يديمك ليا وميحرمنيش منك ولا من حنانك عليا، بجد أنا مبسوط أن عندي اخت زيك.
ربتت على ظهره بحنان وهى تقول: خليك عارف ان أنا جنبك في اي وقت تحتاجني فيه تمام.
– تمام.
*************
فى مكان آخر كان جالس صاحب البدلة السوداء فى أحدي المقاهى الليلية، أقتربت منه فتاة ذات شعر الأحمر الناري ترتدي ثوباً قصيراً من اللون الأسود وتضع أحمر شفاه قاتم مما جعلها أكثر فتنة تسير على الأرض، مدت يديها بكأس من الخمر فأخذه منها ووضعه أمامه ثم جذبها من ساعد يديها ليتخل توازنها فاحتواها بذارعيه وقبلها على خديها قلبة خاطفة ليقول بصوت هادئ: اتاخرت عليا النهاردة أوي.
تحدثت تلك الفتاة التى تدعى “لارا” قائلة:
– بسبب تغير الجو والمطر كانت الشوارع زحمة فعشان كدا اتاخرت عليك.
– ماشي يابطل المهم انك جيتي بالسلامة.
نظرت إليه وهى تبتعد وقالت متسائلة:
– هتعمل ايه مع خطيبتك هتستمر فى الجوازة دي ولا هتسيبها.
تحدث “وليد” وهو يشعل تلك السيجارة ليقول بغموض:
– أكيد هسيبها بس بعد ما أخد اللى عاوزه منها.
– وايه بقا اللى انت عاوزه منها يابيبى.
نظر إليها من مقدمة رأسها إلى أخمص قدميها ثم أبتسم:
– مش مهم تعرفى الا قوليلى عملتي إيه مع محاسن لسه مصممه أنك تسيبى الشغل.
– عايزة اسيبه ولكن محاسن ماسكة فيا بايديها وسنانها ومش راضية تسبني بتقولى أنتى اللى مشغلة المكان ولو مشيت شغلها هيخسر كتير.
أردف “عامر” قائلاً: الصراحة هى عندها حق لولاكي كان البار دا اتقفل من بدرى.
تحدثت بملل وهى تعبث بخصلات شعرها:
– طب انت شايف ايه أفضل مستمرة ولا اوقف الشغل هنا واشوف مكان تانى غير دا.
– خليكي هنا احسن بدل ماتروحى مكان تانى ولسه هتاخدي وقت لحد ميكون ليكي أسم هناك لكن هنا أنتى ليكى شهرة وبتقدري تعملى كل اللى عيزاه والكل تحت أمرك.
– امممممم خلاص مدام انت شايف كدا افضل هنا، ايه رأيك نقوم نرقص شوية.
امسكها من يديها ليتجه بها إلى ساحة الرقص لتبدا سهرتهم مثل كل ليلة.
استيقظت “فيروز” على تلك الضوضاء الصاخبة الذى ازعجتها لتفرك جفن عينيها بكف يديها الرقيقة، أعتدلت فى جلستها وهى تنظر فى الساعة لتجدها ١٠ صباحاً ثم نهضت بكسل وبعد مرور نصف ساعة أتجهت إلى الأسفل لتجد والدها يستشيط غضباً، شعرت بوخزة جارحة فى قلبها مثل وخزات الخنجر عندما رأته يتحدث بغضب مع صديقه قائلاً:
– لارين بتكون بنتي الوحيدة و مش هسمح لأى حد مهما يكون أن هو يزعجها او يمس شعرة منها.
تحدث صديقة “رؤوف” محاولاً تهدئته:
– أهدى يا عامر الأمور ما تتحلش بعصبيتك دي.
نظر إليه بضيق وقال:
– أهدى أزاى ها انا مصدقت أن ربنا رزقني بيها بعد وقت طويل وفى الاخر يجي مدرس متخلف زي دا يضربها دا أنا هطبق الدنيا على دماغه هو لسه شاف مني حاجه.
– عارف إن الزفت دا غلطان بس مش لدرجة انك تتسبب فى حبسه انت كدا قطعت عيشه وهتشرد عياله ودا ميرضيش ربنا، فاهدئ كدا وأوزن الأمور بعقل و بلاش تهور.
جلس على أحد المقاعد القريبة منه بزهق ليقول:
– أنت متعرفش أن بنتى دي غالية عندى قد ايه لما أتولدت هونت عليا موت أختها وخايف عليها ليجرالها أى حاجه وأخسرها زيها، أنا عانيت كتير فى حياتي بعد موت أول بنت ربنا رزقني بيها قعدت سنين بعدها محروم من الخلفة لحد ما فقدنا الأمل أنا ومراتي علشان كدا روحت أتبنيت فيروزة من الملجأ كان عمرها أربع سنين أول ما عينى وقعت عليها حسيت باحساس غريب معرفتش أوصفه لحد دلوقتى ومش فاهمه، وبعدها بشهر ربنا كرمنا ومراتي حملت وخلفنا ٣ صبيان فى كل مرة كان نفسي يكون عندي بنت من دمي كنت حاسس بنقص جوايا برغم وجود فيروزة مكنتش مكتفى وفضلت أدعى ربنا فى كل صلاة لحد ما رزقنا بأجمل بنوتة
تنهد “رؤوف” وهو يربت على ذراعيه قائلاً:
أنا عارف أنت مريت باوقات صعبه ولكن أياك تظلم حد ياخالد أنت عمرك ما كنت كدا و ياريت تخرج المدرس بلاش تشرد أسرته هو كدا خد اللى يستحقه وزيادة.
– ماشى بس هربيه الأول وبعدها هبقى أخرجه.
سارت بخطوات بطيئة فقد بدأت تتعود على تلك الكلمات التى تقال من والدها، فهى تشعر بداخلها بأنها لا يحق لها أن تحزن منهما فقد أخرجوها من تلك الدار وانفقوا عليها وأغمروها بالحنان والعطف فهى ممتنه لهم بذالك، اقتربت منهما وابتسمت بأبتسامة رقيقة حتى لا تشعرهم بشئ فقالت وهى تقبل يديه: صباح الخير يابابا.
أبتسم إليها ليقول بهدوء: صباح الخير ياحبيبتى صاحية متأخر النهاردة مش عادتك يعنى.
– راحت عليا نومة ومحستش بنفسي غير وانا صاحية على صوتك هو فى حاجه مزعلة حضرتك.
ربت على يديها برفق قائلاً:
– لا ياحبيبتي مفيش حاجه مزعلاني متشغليش بالك أنتي وبعدين أنتى كويسة حاسس أنك فيكي حاجه ملامحك مطفيه ومش منورة زي كل مرة بشوفك فيها.
نظرت إليه “فيروز” قائلة:
– ابدا يابابا أنا زي الفل هو بس هتلاقيني علشان لسه صاحية مش أكتر، ثم أستدارت قليلاً تنظر إلى صديق والدها لتقول بمرح:
– ايه دا عمو رؤوف أنت هنا يارجل مش تكح أو تقول اي حاجه كدا تلفت أنتباهي أنك هنا.
ضحك بخفة وقال: ياسلام ياختي على اساس أنك مكنتيش شيفاني دا انتى سوسة.
– أعمل إيه بس ياعمو كل لما اشوف بابا فى أى حته عيني مابتشوفش غيره.
– العب سمعت ياعامر بنتك البكاشة بتقول ايه دا بتأكل بعقلنا حلاوة.
أحتواها بين ذراعيه ليقول مبتسماً: بنتي حبيبتي تقول وتعمل اللى هى عايزاه.
أردف صديقه قائلاً بهدوء: ماشى ياسيدي ربنا يديمكم لبعض اه صح انت مش ناوي تجوزها بقا يمكن تبطل لماضة شوية.
زفر “عامر” بضيق وقال: لما نشوف الزفت ناوي على ايه بقاله سنتين بيشطب فى أم الشقة اللى مش بتخلص دي.
– ما يتنيل يقعد معاكم هنا فى القصر بدل ما يقعد فى شقة بعيد عنكم والمكان هنا ماشاء الله واسع وكبير .
– والله أنا وأبوه غلبنا معاه وهو مصمم على رأيه لما نشوف أخرتها ايه.
هبت “فيروزة” واقفة وكأن لدغتها أفعى فهى تخشي هذا اليوم التى ستتزوج به وتترك تلك العائلة، ثم قالت بتوتر :
– أنا هقوم اشوف ماما محتاجين مني أي حاجه أعملهالكم.
نظر إليها والدها وأجابها: لا ياروزا ومامتك هتلاقيها قاعدة فى الجنينة مع مرات عمك.
*******************
مساءً، فى مستشفى الهلال الخاصة..
كان جالسة “أنيس” فى مكتبه مجتمعاً مع بعض الأطباء لمناقشة بعض الأمور المتعلقة بتجديد وتطوير المستشفى، بعد مرور ساعة خرجوا الأطباء بعد الاتفاق الذى دار بينهما، تحدثت الممرضة قائلة:
-دكتور أنيس كنت محتاجة من حضرتك تمضيلى على طلب الاستقالة دا.
أردف “أنيس” ببرود وقال:
– وأنا مش همضى وياريت يا أنسة تتفضلى على شغلك وتبطلى كل شوية تقدميلى طلب استقالتك الشغل هنا مش لعبة مش وقت ما تزهقى وتقرري تمشى هنحققلك رغباتك.
تحدثت بنفس البرود قائلة: وأنا مش تحت أمرك اتفضل أمضى.
– ولو ما مضتش هتعملى ايه يعني!
– ولا حاجة همشى ومش هتعرفلى طريق يا أنيس وابقى وريني هتوصلى أزاى .
اطلق صوت ضحكٍ عالٍ وهو يعبث بالقلم ليقول باستفزاز: امممم قلبك بقا ميت ياديدي ثم أستدار بالكرسي ليعيطها ظهره، و أكمل حديثه:
– ماشى ياستى أبقى وريني هتعملى ايه ويلا بقا طرقينا مش ناقص وجع دماغ واه متنسيش تبعتيلى عمو عبده بالقهوة، يلا ياماما يلا ياحبيبتي برا مش عايز عطلة ورايا شغل.
أردفت “دارين” بضيق وغضب قائلة: طيب يا أنيس أنا هوريك هعمل ايه ماشى انت اللى جبته لنفسك، ثم غادرته وأغلقت الباب خلفها بقوة.
بعد بضع دقائق فُتح الباب بخفة لتنظر الأخرى بداخله ابتسمت بهدوء وهى تراه يضع رأسه بين يديه ويبدو عليه الإرهاق، تحدثت بنبرتها الجميلة قائلة:
– دكتور أنيس تسمحلي بالدخول.
رفع رأسه إليها ثم أبتسم بسعادة ليهب واقفاً اقترب منها ليضمها برفق قائلاً: ياعمرى أنتى ايه المفاجأة السعيدة أنا بجد فرحان بشوفتك هنا .
– ايه رأيك فى المفاجأة دي عجبتك.
– طبعا عجبتنى جدا أنتى بقالك فترة كبيرة مجتيش تزورينى هنا.
مدت يديها إليها لتعطيه بوكيه الورد الأبيض قائلة:
– واديني ياسيدي جيت أزورك.
اردف بسعادة غامرة وقال: يااااه ياروزا وكمان جيبالى ورد دا انتي عسل اوي ابقى تعالى بقا كل يوم زورينا.
– أى خدمة علشان تعرف بس ان اختك بتحبك قد ايه.
قبل جيبنها برفق قائلاً:
– حبيبة أخوكى أنتى المهم إيه مناسبة الزيارة السعيدة دى.
– مفيش مناسبة حبيت أجى ازورك ونخرج نتعشى برا بقالى فترة مقعدناش مع بعض والشغل بقا واخدك منى ياأنوسه.
– قلب أنوسه من جوا ويلا ياست البنات هخرجك أحلى خروجه.
فى مطعم هادئ وراقي وضع الجرسون أمامهما الطعام تحدثت “فيروزة” متسائلة بهدوء: أنيس هى مين البنوتة القمر اللى كانت بتبصلك بغضب وكأنها عايزة تولع فيك.
أردف باللامبالاة وقال: دى ممرضة شغاله معايا فى المستشفى.
– امممممم وطب كانت بتبصلك كدا ليه هو انت عملت ليها حاجة.
– ابدا ياستى كل الحكاية والرواية أن هى عايز تستقيل من الشغل وانا رفض طلبها.
أردفت “فيروزة” بفضول قائلة: طب وأنت رفض ليه ما كنت تسيبها.
أرجع ظهره مستنداً على الكرسى ليزفر بضيق: مينفعش أن هى تمشى ياروزا مينفعش ابدا.
قطبت حاجبيها بعدم فهم : نعم ودا ايه اللى مخليه مش نافع، صمتت لوهنة ثم أضافت بشك: أنيس هو في حاجة مابينكم يعنى بتحس باتجاهها بحاجه.
أجابها بالموافقة قائلاً: ايوة ياروزا انا بس مش بحس بحاجة أنا بحبها اوي وهى كانت بتبدالنى نفس الشعور وكنا مبسوطين وحتى قولتلها أنى هاجي أخطبها كانت فرحانة اوى، لكن معرفش مرة واحدة اتغيرت معايا وبقت عايزة تبعد وماتكملش ومش عارف ولا فاهم ايه السبب وكل ما اسألها تقولى احنا مينفعش نكمل ونكون لبعض، لحد ما أتخنقت حاسس ان هى ما بقتش تحبنى أو مكنتش اصلا بتحبنى.
– يمكن فى حاجة ياأنيس مخليها تبعد عنك كدا وهى رافضة أنها تقولها لو بتحبها أتمسك بيها وحاول تعرف هى مالها.
– فكرك أن انا مابحاولش والله بحاول بس خايف أوي يافيروزة خايف من الفراق انتي متعرفيش أنا بحبها قد ايه هى كل حياتي وروحي ومش هقدر أعيش من غيرها أنا كل اللى كنت بتمناه ان هى تبقى من نصيبى وحلالى.
أمسكت كف يديه تربت عليه بهدوء ثم ابتسمت برقة قائلة: إن شاء الله كل حاجه هتتصلح ياحبيبى خلى ثقتك ويقينك بالله اكبر من كدا وربنا يحققلك مرادك.
– ونعمة بالله حاضر ياحبيبتى.
*****************
فى قصر العائلة..
تحدث “عامر” بضيق قائلاً: أقسم بالله ياعمر لو ما اتهديت أنت والزفت دا لاقوم ارزعك كف يلوحك.
نظر إليه “عمر” وهو يمسك “طارق” من رقبته وقال:
– ماتقول لابن أخوك ياخويا يسيب شعرى وانا اسيبه.
قبض “طارق” يديه على شعره أكثر وهو يقول:
– وربنا ما انا سيبك غير لما تقلع التيشيرت بتاعى ياحرامي الهدوم دا انا لسه شاريه وملحقتش البسه تقوم انت واخدة من دولابي.
– وأنا أعملك ايه ما انت اللى بتجيب لبس حلو وماركة حد قالك تعمل كدا.
أردف الأخر بضيق: امال انت عايزنى أبقى معفن زيك وبخيل يلا يابخيل.
تحدث “عمر” بعصبية: طب والله ما انا سيبك ياطارق الكلب.
هب “عامر” واقفاً ثم أخرج الكرباك من تحت الأريكة التى يحتفظ به من اجلهم ثم اقترب منهما سريعاً وهو يعزم على ان يلقنهم ضرباً مبرحاً : طب والله انتو اللى جبتوه لنفسكم.
تركوا خناقهم سريعاً ليركضوا مهرولين بكل الاتجاهات وهم يصرخون، بينما بقية أفراد العائلة يجلسون بهدوء يشاهدون تلك المسرحية التى تحدث أمامهم مثل كل يوم وكان أبطالها “عمر” و”طارق” مجانين عائلة الراشد
وقف “طارق” خلف السفرة وهو ينهج ليقول:
– حرام عليك ياعمى دا مش اسلوب تتعامل بيه من ملايكة زينا.
نظر إليه بذهول وقال: انتو ملايكة دا انتو شياطين وانا هربيكم من اول وجديد.
أردف “عمر” قائلاً: فعلا عندك حق انت معرفتش تربى.
توقف “عامر” مكانه ليرفع حاجبه الايسر:
– تصدق كلامك صح انا فعلا معرفتش اربي ولكن احنا لسه فيها ياحيوان، بدأ يقترب منه بخطوات أشبه بالركض فهرول الأخر إلى ناحية باب القصر ليجد “فيروزة” امامه أختبأ ورائها قائلاً:
– الحقينى ياروزا ابوكي أتجنن وعايز يقتلني.
اقترب منهما وقال بعصبية:
– تصدق أنك عيل مش محترم علشان تقول على ابوك كدا.
– مش قصدى ياحج التعبير خانى اعمل ايه بس.
نظر إليه “طارق” بخبث: شوفت ياعمى ابنك بيقول ايه علشان تعرف بس انه قليل الادب ومش متربي.
رمقه الأخر بنظرات توعد وقال:
أخرس ياحريقة يابتاع سناء و شجرة الكلية وعصير الليمون دا انا هفضحك بكرا فى الجامعة كلها وهقولهم بتاع سناء راح بتاع سناء جه ورقصني ياجدع.
قاطع والده حديثه قائلاً: ما انا هرقصك فعلا يابن نازلى وبعدين انت ماسك أختك كدا ليه ابعد عنها احسنلك.
وضع يديه فى وسطه وقال:
ياسلام عايزني ابعد عنها علشان تضربنى طب وربنا ما انا باعد ها.
اشتدت ملامح وجهه لتتحدث “فيروزة” سريعة قائلة:
– حقك عليا انا يابابا معلش متزعلش نفسك دا واحد متخلف سيبك منه وانا هشوفلى صرفه معاه، علشان خاطرى أهدي واقعد وريح أعصابك وماتدايقش.
ثم أمسكت أخيها من طرف أذنيه تجروا خلفها وفعلت مع “طارق” نفس الشئ وأتجهت إلى الطابق الثانى.
دخلت بهم إلى غرفتهم وجلست بهدوء على طرف الفراش: مش هتبطلوا شغل العيال دا انتو شباب فى تانية كلية المفروض تبقوا واعيين وعقالين أكتر من كدا ولا ايه.
تحدث طارق بضيق قائلاً: قولى لاخوكى اللى مش بيسمع الكلام وكل مرة هو اللى بيبدأ.
– امممم الكلام ليك وله وبعدين ياطارق انتو وهو بتلبسوا هدومكم مع بعض اشمعنا بقا النهاردة اللى اتخانقتوا.
– عشان التيشيرت لسه جيبه وكنت هخرج بيه بكرا لكن هو ماصدق لطشه ولبسه.
نظرت إلى أخيها الذى اشاح بوجهه بعيدا عنها فقالت:
– استاذ عمر مش هتتنيل تبطل رخامتك دي وازاي تسمح نفسك تلمس حاجه مش بتاعتك يابيه دا تصرف ناس همجية وقليلة الذوق ومعندهاش دم وبجحه اتفضل اعتذر من ابن عمك واياك اشوفك بتعمل حركات العيال دي تاني.
أخفض رأسه حرجاً من كلام أخته ثم قال بنبرة حزينة:
– أنا بعتذر منك ياطارق وأسف لو كنت مديت ايدي على حاجاتك وأوعدك مش هكررها تانى ولا هلمس اي حاجه تخصك بعد كدا.
اقترب منه “طارق” الذي تبسمَ بحب أخوي ليرفع رأسه قائلاً:
أياك توطي رأسك فى الأرض تاني وانت بتكلمنى وانا معنديش أى مانع فى إنك تاخد حاجاتى أنا بس انفعلت النهاردة عشان كنت محضر الطقم دا لمقابلة الحتة بتاعتى بكرا لكن انت خطفته منى يلا مش مهم أنا وأنت واحد وكمان حقك عليا متزعلش منى انا بردو كبرت الموضوع وهو مكنش مستاهل.
– خلاص مش زعلان المهم أيدك بقا على مية جنية حق الاستشوار اللى انت بوظته.
ضحكت “فيروزة” وضربت كف على كف لتقول:
والله العظيم البيت دا مليان بالمجانين وبعدين متنسوش تنزلوا تعتذروا من بابا ياحلوين

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مذكرات فيروزة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!