روايات

رواية أنا وزوجاتي الفصل الأول 1 بقلم دعاء عبدالحميد

رواية أنا وزوجاتي الفصل الأول 1 بقلم دعاء عبدالحميد

رواية أنا وزوجاتي الجزء الأول

رواية أنا وزوجاتي البارت الأول

رواية أنا وزوجاتي الحلقة الأولى

“قد يبدو لكَ أن الأقدار تأتي مخالفة لرغبتك، ولكنها لو وُضعت بين اختياراتٍ لاخترتَ ما قدَّرهُ اللهُ لكَ، فارض بنصيبك وانتظر فرج الله، فلعلَّ لو حدث ما تتمناهُ لحزِنتَ أكثر من الآن”
“وصف الرواية”
تؤمن بالرجل وبالزواج، تراهُ سببًا كافيًا لتغيير حياةٍ إلى الأفضل، وبناء أسرة مؤمنة متماسكة، لكنها ستكون من نصيبِ ثعلبٍ ماكرٍ يخطط لكل شيء.
دعاء عبد الحميد.

حل الليل على منطقة شعبية تتميز بكثرة شوارعها وحواريها، منها ما ينيره كشافات الإضاءة وأنوار البيوت ومنها ما هو مظلم إلا من بعض الشعاعات البسيطة، وفي إحدى هذه الشوارع قليلة الإضاءة كانت تجري مُتخفية وهي تتلفت خلفها بين الثانية والأخرى ومعها خالتها يملأ قلبيهما الخوف، هتفت الأولى برعب وهي تسحب خالتها القريبة منها في العمر:
-اجري يا خالتي، اجري خلينا نخرج من المكان دا بسرعة.
-براحة يا آسية أنا بطني وجعتني مش قادرة بقالنا يجي نص ساعة بنجري موقفناش.
-ما احنا لازم نهرب من هنا بسرعة وإلا هنروح في داهـية.
– يا رب دا إيه الورطة اللي احنا فيها دي؟ نجّينا يا رب.
فزعت آسية عندما رأت رجلا يرتدي ملابس الشرطة:
– إلحقي يا خالتي في شاويش جاي على أول الشارع، تعالي نستخبى بسرعة ولا نلف من شارع تاني.
وبعد مرور ساعة من الركض دون توقف كانت قدم كل منهما تألمت بشدة، وأخيرا جلست آسية على الرصيف وهي تلهث من التعب وتأخذ أنفاسها بسرعة:
-اقعدي يا شوق أنا رجلي ورمت مش قادرة أجري تاني.
جلست الأخرى بجوارها وهي تمسك بطنها من التعب:
– حاسة إني همـوت خلاص مش قادرة، كل حتة فيا بتوجعني.
تحدثت آسية والدموع تملأ عينيها:
-هنروح فين دلوقت أنا خايفة أوي؟
أردفت الأخرى وهي تلقي عليها ما يجب عليهما فعله:
– اسمعي الكلام اللي هقوله دا كويس عشان مش معانا وقت، احنا هنقوم دلوقت نشتري خطين جداد ونكسر اللي معانا دول عشان صحابنا وجيراننا وكل اللي معاه الأرقام ميعرفوش يوصلوا لينا، وبعدين ناخد رقم بعضنا عشان نعرف نتواصل ونشوف هنتعامل إزاي.
صُدمت آسية من قولها وعقبت:
-يعني إيه؟ احنا مش هنفضل مع بعض؟
جاوبتها شوق قائلة:
-مش هينفع نكون مع بعض عشان لو حد اتمسك كدا التاني راح في داهيـة هو كمان، إنما لما يكون كل واحد في مكان هيكون أفضل، وحاولي متظهريش ولا تلفي في الشوارع ولا تخلي حد يشوفك، هما زمانهم قالبين علينا الدنيا والبوليس بيدور علينا لازم نختفي في أسرع وقت.
بكت آسية أكثر عندما شعرت بحجم الكارثة التي وقعت بها:
-طب هعمل إيه ولا هتصرف إزاي؟ أنا مش هعرف أعيش من غيرك.
أخذتها شوق بين أحضانها وربتت على ظهرها حيث لا يفرق بين عمريهما سوى ثلاث سنوات:
-معلش يا حبيبتي أنا إن شاء الله مش هسيبك وهحاول أتصرف وهتصل بيك علطول، المهم قومي دلوقت هاتي الخطوط وحاولي تداري وشك وأنتِ بتشتريهم وبعد ما تيجي كل واحد يشوف طريقه.
قامت آسية وهي لا تستطيع التوقف عن البكاء ومشت عدة مترات حتى وصلت إلى محل خاص بالأجهزة المحمولة “سنترال” وقامت بشراء ما تريد ثم عادت لخالتها وقامتا بأخذ أرقام بعضهما.
شوق: أنا لازم ألحق نفسي بقا أشوف وشك على خير.
لم تتحمل آسية الموقف فاحتضنتها مرة أخرى وبكت بشدة، وبعد دقائق ابتعدت عنها خالتها وهي تمسح دموعها وظلت تشير للسيارات علّ إحداهن تقف لها، وبالنهاية وقفت لها سيارة تقودها امرأة يبدو عليها الوقار والغنى في نفس الوقت، ودعت ابنة أختها بإشارة من يدها وصعدت السيارة، ظلت آسية تنظر لها حتى اختفت من أمامها فجلست على الرصيف تبكي من جديد، لم تسلم من المعاكسات ومضايقات الشباب وظلت تتنقل من هنا إلى هناك، استمر خوفها من كلاب الشوارع سواء من البشر أو السباع حتى اقترب الوقت من منتصف الليل، لم يعد هناك أحد يمشي على الطريق، فجلست مرة أخرى على أحد الأرصفة لا تعلم ماذا تفعل، حتى وقفت أمامها سيارة سوداء وخرج منها شابا طويلا يرتدي ملابس بلون سيارته، ارتجف جسدها من الخوف عندما سمعت صوته الأجش يهتف:
-أنتِ قاعدة كدا ليه؟
صمتت وخافت أن يطمع بها فلم ترد عليه.
جدد سؤاله مرة أخرى:
– يا بنتي قولي إيه اللي مقعدك كدا؟ لو محتاجة مساعدة قوليلي وأنا هساعدك.
لامست الصدق في حديثه ولكنها خافت أن تصرح له بما تريد، فكيف ستذهب مع رجل غريب في منتصف الليل وهي لا تعلم من هو، بالإضافة إلى أخلاقها التي لا تسمح لها بذلك.
التفت كل منهما على صوت شابين يبدو عليهما السكْر وقد تحدث أحدهما:
– يعم لو متخاصمين ومش عايزة تروح معاك هاتها وأنا هصالحها ليك.
لم يرد عليه ولكنه ذهب إلى سيارته بثبات وأخرج منها مسـدسا ثم أطلق منه طلقـة في الهواء فهرب الشابان بسرعة، أما هي فانكمشت في نفسها مما يحدث.
تحدث بهدوء بعدما وضع المسـدس في حزام بنطاله:
– ها هتقولي قاعدة كدا ليه ولا أمشي والشباب دي ترجع تضايقك؟ ولعلمك الـكـلاب دي في منها كتير عشان تبقي عارفة.
بكت أكثر ووضعت وجهها بين كفيها وهي تقول: -أعمل إيه بس يا ربي؟ أنا مش عارفة أروح فين ولا أجي منين؟ يا رب ساعدني.
ثم أكملت بكذب حتى لا يكشف أمرها:
-بيتنا أتحـرق ومش عارفة أعمل إيه، ومليش حد.
تنهد من هيئتها المبعثرة وبكاءها ثم تحدث:
-طب قومي اركبي العربية وأنا هوصلك مكان ما أنتِ عايزة، قومي متخافيش.
ورغم خوفها منه إلا أنها تركت أمرها لربها، فهي إن ذهبت معه ضائعة وإن بقيت مكانها ضائعة أيضا، فليحدث ما يحدث وليكن ما يكون، وقفت أمام سيارته وفتحت بابه الخلفي ببطء ويد ترتجف ثم استقرت على الكرسي، أما هو فأغلق الباب ثم فتح الباب الأمامي وركب السيارة وتحرك بها، وبعد فترة من القيادة وقف في كمين للشرطة، أعطاه الكارنيه الشخصي فسمح له الضابط بالسير، أما هي فذعرت وخبأت وجهها في الكرسي حتى سألها:
-مالك؟
توترت بشدة وأجابت بتقطع:
– هه لا لا مفيش مفيش حاجة.
– أومال خبيتي وشك ليه ساعة ما شوفتي الظابط واترعبتي؟
خافت أن يكتشف أمرها فحاولت أن تتخذ أي حجة لها:
– أصل اا..أصل أنا عندي فوبيا من الظباط.
نظر لها بعدم تصديق ولم يعقب، وبعد مرور ساعة من القيادة وصل إلى مقر بيته وصعد إلى شقته وهي خلفه تتحرك بخوف شديد، فتح الباب وأشار لها بالدخول فدخلت ببطء وعندما رأت طراز المنزل من الداخل نست خوفها نسبيا وقادها فضولها لتتحرك في الشقة بأكملها تشاهد تفاصيلها، أما هو فجلس ووضع قدما فوق الأخرى ثم أشعل سيجارة وهو ينظر إلي فضولها باستمتاع، انتهت وعادت مرة أخرى ولكنها صرخت بصوت عالٍ عندما وجدته يجلس أمامها.
انتفض من صرختها وصرخ بالمقابل:
-إيه شوفتي عفريت؟
توترت وهي تسأله:
-اا..أنت إيه اللي مقعدك كدا؟
نظر لها باستياء:
-أومال عايزاني أقعد إزاي؟
– هو أنت هتفضل هنا؟
– بت أنتِ عبيطة؟ دي شقتي إيه هتفضل هنا دي؟
نظرت حولها وهي تتساءل:
-فين مراتك عيالك أمك أختك أي حد؟
– أنا عايش لوحدي.
انكمشت ملامحها وظهر الخوف جليا على وجهها: -يا ربي! يعني أنا قاعدة دلوقت في شقة مع راجل معرفوش قُرب الفجر.
تنهد ثم طمأنها: متخافيش في أوضة جوة هتدخليها وتقفلي على نفسك بالمفتاح ومتقلقيش أنا النهار هيطلع وهخرج من هنا علطول لحد ما نشوف حل، ولا أقولك ليا واحد جارنا هنا اسمه علاء متصاحب عليه هروح أبات معاه، المهم دلوقت تقدري تدخلي تاخدي حمام وهجبلك هدوم تلبسيها بدل ما أنتِ متبهدلة كدا، وأنا هنزل تحت على ما تخلصي.
نظرت له بريبة:
-وأنت هتجيبلي هدوم منين أنت مش بتقول عايش لوحدك؟
توتر قليلا ولكنه استطاع أن يظل على ثباته وهو يُجيب:
– خليكِ واثقة فيا وشيلي الأفكار السودة دي من دماغك، أينعم أنا شاب وأنتِ بنت جميلة ووافقين في الشقة لوحدنا والشيطان تالتنا وو.. صمت وهو ينظر لها بعدما همس بهذه الكلمات وهو يقترب نحوها ببطء فلاحظ تراجعها للخلف، تنحنح بعدما أفاق من شروده وأردف بصوت أجش:
– بس مش ممكن أأذيكِ.
دخل غرفته بسرعة وهو يهز رأسه من الأفكار التي أتت إليها ثم جلب لها بعض الملابس وخرج من الشقة بسرعة، أما هي فظلت تفكر في أمرها وتنظر للملابس التي في يدها بتشتت، ولكنها استقرت أن تأخذ حماما دافئا يزيل عنها تعب اليوم قبل أن يعود ذلك الغريب، انتهت من حمامها ثم دخلت الغرفة التي أشار لها من قبل وأوصدت بابها بالمفتاح من الداخل، أراحت ظهرها على الفراش وهي تظن أنها لن تستطيع النوم في ظل هذا الخوف، ولكن حدث مالم تتوقعه وهو أن عيناها ذهبت في سُبات عميق، بعد وقت لا تعرف إذا كان قليلا أم كثيرا جلست على الفراش بفزع وقد داهمها في حلمها ما حدث اليوم قبل أن تترك بيتها وتهرب، فاقت على دقاته على الباب فقامت وأحكمت ثيابها عليها ثم أجابته من خلف الباب:
-عايز إيه؟
– افتحي جبتلك أكل من تحت شكلك مكلتيش.
هي بالفعل لم تأكل منذ الصباح وكانت معدتها تؤلمها من الجوع لذا فتحت له الباب بحذر.
– دا أكل وجبتلك المياه كمان هنا عشان متخافيش تطلعي تشربي من برا، ولو احتجتي تدخلي الحمام متقلقيش، البيت بيتك يا…تذكر شيئا تائها عنه فسألها:
– ‏ صحيح اسمك إيه؟
أخذت منه الطعام وهي تجيب ببعض الخجل:
– اا..اسمي آسية.
نظر لها بإعجاب وهتف:
– اسمك حلو أوي يا آسية، وأنا مؤنس.
انفرجت شفتيها عن ابتسامة بسيطة:
-شكرا، اتشرفت بحضرتك.
أشار لها وهو يقول:
– تقدري تدخلي ترتاحي لحد ما أشوف هنعمل إيه.
كادت تدخل ولكنها عادت مرة أخرى تسأله بتوتر: -هو أنا ممكن أسأل حضرتك سؤال؟
أجابها بهدوء:
– أكيد طبعا.
تبخرت كلماتها ولكنها حاولت أن تستجمع شجاعتها:
– هو.. هو أنت يعني حضرتك.. بتشتغل إيه؟
ابتسم باستمتاع وهو يلعب بأعصابها:
– بتسألي ليه؟
– أصل أصل اا.. يعني معاك مسـدس وتقريبا عديت من الكمين من غير ما يشوف الرخص.
ازداد في التلاعب بأعصابها وقد راقه ذلك:
– وأنتِ مين قالك أنه مشافش الرخص؟ أومال أنا وريته إيه؟
تلعثمت وهي تجهل ذلك فعلا فاستسلمت:
– مش عارفة بقا.
ضحك عليها وهو يلقي كلمته وينظر في عينيها بقوة ينتظر رد فعلها:
-عموما يا ستي بشتغل…
قطع كلامه كي يربكها أكثر فنظرت له بترقب وانتباه فأكمل:
– ظابط.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أنا وزوجاتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!