Uncategorized

رواية راهنت عليك الفصل العشرون 20 والأخير بقلم عبير فاروق

 رواية راهنت عليك الفصل العشرون 20 بقلم عبير فاروق

رواية راهنت عليك الفصل العشرون 20 بقلم عبير فاروق

رواية راهنت عليك الفصل العشرون 20 والأخير بقلم عبير فاروق

طول الليل بتحاول “بطه” يغفل ليها عين مش عارفه، بتتقلب على سريرها كأنها نايمه على جمرة نار، ماصدقت نور الصبح طلع، واخدت عيالها في حضنها، ونزلت تروح المحكمه، وجوه قلبها طبول الحب بتدق تسمع الدنيا كلها، اد أية مشتاقه لجوزها وابو عيالها، ونفسها تاخده في حضنها، وتقوله هي واثقه فيه، وبتتنفس حبه وبتعشقه.
___________________
في قفص الاتهام واقف “ماهر” مش فاهم حاجة خالص، جبوه من السجن ببدلته الحمراء كده ليه في محاكمه تاني؟ ياترى اية اللي هيتعمل فيه بعد ما حكموا عليه بالإعدام؟ وفجأة شاف “صلاح” اخوه داخل جوه القفص معاه، قرب منه بلهفه يضمه لحضنه؛ كان خايف يكون اتورط في قضية سرقه ولا عمله نصيبه تانيه، قابله بزقه عنيفه في صدره رجعته كام خطوه لي وراي، اندهش من تصرفه سأله:
– في اية يا اخويا؟ عملت اية عشان تيجي هنا؟
بص لي”ماهر” نظره، عمره ما هينساها ورد عليه بكل حقد مخبيه جواه طول الوقت:
– أنا جيت هنا بسببك أنت.
– بسببي، أنا عملت أية؟
ضحك بسخريه وقال:
– قول معملتش اية؟ طول عمرك أنت اللي على الحجر، من يوم ماتولدت وانت في بؤقك معلقه دهب، حتى ابوك وامك، الله لآ يسامحهم بقى، اكمنك ابيضاني وحلاوه كنت على طول اللي على الحجر، لك الحق في كل حاجه، وأنا ليا المرمطه والسرقه والرميه على البورش، ولما اقول اشمعنا ماليش غير كف ابوك نازل عليا ويقولي اتعدل “ماهر” ده وش زوات شيلينه لنصبايه مش زيك وش سجون، انا اتحدف في النار، وانت ليك الجنة ونعمها، انا اخطط واظبط وانت تكوش على الجاهز، ولما وقفت في وشهم وقولت هتجوز واعيش بالحلال عملوا ايه يعني؛ زعلولهم كام يوم وخلاص، سبت الدنيا عشان المحروسة بتاعتك، لكن أنا لأ اتجوز ازاي، اشاور على دي لما قلبي يميل امك مردتش تجوزني اللي عايزها، بردو لأ اخد نصيبي من كل عمليه لأ؛ وابقي اجرمت وينزل على جتتي ضرب لحد ما يبنلي صاحب ده لو ليا صاحب أصلاً. 
“ماهر” مصدوم من كل كلامه ودموعه نزلت ورد بتوهان:
-ياه كل ده شيله في قلبك يا اخويا، أنا عمري ماجيت عليك، ولا عملت لك حاجه وحشه. 
-ولسه في قلبي مليان يا حلتها، طول مانت سعيد ولك اللي يحبك ويقف قصاد الدنيا عشان هفضل اكرهك، أنت ايه يا أخي كل الناس بتحبك، ومراتك هتموت نفسها عليك ليه فيك ايه عني لكل ده؟ أنا “صلاح الجن” اخطط واظبط وانيمك في العسل واخبط خبطتي واخرتها توقعني مرى زي بطه، شوفت الزمن. 
كان بيقول كلامه زي طلقات مدفع، ورا بعض بدون ما يوقف، قلبه مليان غل وحقد، واضح على وشه، وباين في عيونه اللي بتطلع شرار، و”ماهر” واقف بيسمعه في ذهول، مش قادر يستوعب كمية الغل اللي جوة أخوه، عمر ما كان جواه له اي حقد، بالعكس كان بيحبه، وساعات بيلبس نفسه في مصايب عشانه، وياما كان بيحن عليه، ويسلفه ويقف قدام مراته عشانه، لكن طلعت هي صح وهو اللي غفلان ولا عارف حاجه. 
فاق على صوت “الحاجب” بيقول محكمه، الكل واقف احتراماً له. 
“بطه” جت على اخر لحظة عينها بتطلع قلوب عليه، لكنه كان تايهه في كلام اخوه، مغيب مش دريان بنفسه، بعد كلام كتير من دفاع المحامي، وظهور التسجيلات اللي تثبت أن “صلاح” هو الجاني، وهو اللي ارتكب الجريمة، حكمت المحكمه؛ ببراءة “ماهر” واحالة اوراق “صلاح” للمفتي. 
عليت زغاريط “بطه” وبتردد:
– يحيا العدل… يحيا العدل. 
صلاح بغل وكره موجه كلامه لبطه:
-مبروك عليكي يا برنسيسة براءة النحنوح، أنتي عارفه ايه رحمكم من أيدي اني مش هشوفكم خلقتكم تاني؛ وش عشماوي عندي ارحم منكم اشوفكم في نار جهنم يا رمم. 
“بطه” ماهمهاش كلام “صلاح” وقربت من جوزها وعنيها محوطاه بكل حب ولهفه، وشوق، كانت عايزة تتكلم كلام كتير، بس العسكري اخده منها عشان يكملوا الاجراءات، وصوته كان بينادي عليها، وعلى عياله، وهي مشيت مع المحامي تستناه في القسم.
الوقت كان بيمر عليها ساعات، وسؤال إبنها “علي” عن ابوه كل شوية، وهي تقوله شوية وهيجي، تبص لبنتها، تبتسم وتقول في نفسها، دقايق والدنيا تنور وتحلو تاني، ولمحت جوزها خارج ومعاه المحامي، جريت  عليه، اخدها في حضنه هي وعياله، دموعهم كانت نازله من الفرحه، رفع ابنه، وحضنه اوي، عينه جت على بنته اول مره يشوفها، ويعرف ملامحها اللي كانت شبه أغلى انسانه عنده، باسها من جبينها، عيونهم اتلاقت في نظرة طويلة؛ بتقول كلام كتير من غير ولا حرف ينطق، اصل محدش بيفهم لغة العيون إلا اللي بيحبوا بجد، وبيثقوا بجد، رفعت ايديها تحضن وشه وابتسمت بكل حب وشوق الأيام الصعبه اللي مرت عليهم، وعيون بتلمع حب وقالت:
– حمدلله على سلامتك ياماهر، وحشتني أوي. 
باس كف اديها ورد بكل صدق:
– الله يسلم عمرك ياغالية،أنتي أكتر يابطه، متتخيليش حالتي كانت ازاي في السجن، والله ماهمني حكم الإعدام؛ زي ماكان فارق معايا انك صدقتي الحكم عليا، كل لحظة كانت بالعمر كله. 
– غصب عني والله، اخوك المفتري كان حبسني، مكنتش بخرج بره الشقه، وكان لازم أعمل كده، عشان اثبت براءتك. 
قطع حديثهم المحامي، اللي كان واقف محرج، وهما ناسيين الدنيا، وكل الناس وقال:
– حمدلله على سلامة جوزك يامدام بطه.
– الله يسلمك يا استاذ، تعبناك والله.
-تعبك راحه، ده شغلي.
سلم عليه “ماهر” وشكره جدا، ووجه كلامه لمراته لما سمع صوت بكاء بنته، افتكر وسألها:
– انتي بالحق سميني البت اية؟ 
– هو أنا اقدر اسميها من غيرك برضو؟مع أن كان نفسي اسميها على أغلى أسم عندي. 
– هدهد !! 
– وهو في غيرها، عمري ماهلاقي زيها ابدا. 
– خلاص نسميها هدهد، عشان تكون بينا دايماً، اه بالحق مش هتقولي بقى عملتي ايه يابطه؟
– هقولك على كل حاجة، بس لما نروح مشوار مهم، وهتعرف كل حاجة.
______________
في فيلا “آمر” الكل منتظر نزول “هدهد” والاعصاب في توتر، النهاردة خلاص نهايه المسابقة واعلان الفائزة، وتسليم التاج، والكل متوقع فوزها، بس هو خايف، ومش عارف ليه؟ هل لخوفه فقدانها لو خسرت، وانه هيتجوز غيرها؟ ولا خوف أنها تفوز وتشوف حد غيرة، تعب من كتر التفكير، نفسه يرسى على بر معاها، ويعرف هي مين؟! وعايزه اية ؟! وهل حقيقي بتحبه؟ ولا وخداه محطة في حياتها عشان توصل.
“ميشو” سبقهم وراح هو وكل المساعدين هناك، و”ملك” اتجنبت مواجهة “آسر” ومشيت مع “ميشو” كانت خايفه تواجهه، وقررت أنها في الحفله هتظهر للكل بشكلها الحقيقي، هتكون “ملك” وبس مش اي حاجة تاني، وهتمحي صفحة “فلك” من حياتها للأبد، ولو استمر على موقفه هتنسحب من حياته، وهتكتفي بأجمل ذكرياتها معاه.
كانت “هدهد” نازله على درجات السلم، بكل ثقة وشموخ، لابسه تيرينج رياضي، وكوتشي، وشايلة شنطة فيها كل  مستلزماتها من لبس واكسسوار، ابتسمت لـ” سالم” وقالت:
– أنا جاهزة.
لسه كان هيرد، جرس الباب رن، فتحت واحده من الخدم، وسمعت صوت المحامي بيدخل ويقول:
– أنا آسف يا آسر، الست بطه اصرت انهم يجوا يشوفوك لأمر ضروري.
جريت “هدهد” تحضن “بطه” بكل شوق ولهفه الأيام اللي فاتت، والكل واقف مش فاهم حاجة، وعيون “آمر” كلها تساؤلات لا تنتهي.
طال حضنهم على قد بعادهم عن بعض، ثم قالت لها:
– حمدلله على السلامه حببتي، وعلى سلامه جوزك، 
بصت لماهر بصدق وسعاده:
-كفاره يا ماهر والله كان نفسي اعمل معاك الواجب بس انت عارف الظروف. 
رده بطه عليها بامتنان:
واجبك وصل تالت ومتلت، هو أنا من غيرك كنت هعرف اعمل اللي عملته ده. 
-صحيح عملتي اية احكيلي تعالي اقعدي.
بطه بصت لآسر وردت:
– هو آسر بيه ماكنش بيقولك على اللي بيحصل ولا ايه؟ ده كل حاجه على يده الله يكرمه. 
“آمر” و “سالم” مستغربين من الموقف مين دول ويعرفوا كمان “آسر” منين؟ وفي محامي وقضيه ودخل “هدهد” ايه بالموضوع قاطع تفكيرهم كلام “بطه” وهي بتوجه كلامها لجوزها “وهدهد” لأن هما الاتنين عايزين يعرفو التفصيل بسرعه:
– بصي يا ستي يوم ما كلمتك واتفقنا اننا نتقابل بليل وقتها ياماهر، أخوك منه لله كان مهددني إني لو خطيت خطوة بره الشقه هياخد مني عيالي، وكان حابسني، فضلت اعيط واشكي لي ربنا وكنت مش عارفه اعمل اية، يشاء السميع العليم أن  هدهد تتصل بيا، وحاكتلها كل مصيبتي، قالتلي اقابلها بالليل لما الواد اللي علي باب الشقه يطمن اني نمت ويمشي،  وقابلتها في الخرابه القديمه بتاعتنا فكرها. 
ماهر هز راسه انه فكرها وبصت لي هدهد وكملت:
-يومها جيتي متخفيه ومتاخرتيش عني يا صحبه عمري بس بعدها آسر بيه طب علينا زي القضا المستعجل كده سرعنا الله يسامحه. 
“آسر” ضحك على تعبير بطه وسالم وماهر كمان وهدهد ابتسمت بس اللي كان بيبصله بفضول هو “آمر” مستني الحكايه تكمل، وجه الوقت عشان آسر يوضح علامات الاستفهام دي كلها كمل عنها:
– أنا قضا ومستعجل ماشي ياست بطه، المهم اليوم ده كنت راجع وشوفت هدهد بتتسحب وبتخرج من الباب الخلفي استغربت تصرفها بس قولت لازم اعرف هي رايحه فين في وقت زي ده اكيد له سبب ركبت تاكسي فمشيت ورها لقتها دخلت شوارع ولا اعرف أولها من آخرها المهم وقفت في مكان، وبعدها جت بطه وبعد سلامات لقتهم بيحكوا وبدأوا يعيطوا قربت منهم وسمعت كل كلامهم عن قضيه ماهر، ومشكلتهم ايه قربت منهم واتخضوا ساعه ما شافوني بس اتفقت اني اساعد في حل المشكله كلمت المحامي انه يجبلها إذن تسجيل وحصل. 
اتكلمت بطه:
– الله يسترك دنيا وآخره يا آسر بيه بعد ما ادتني التمام قبلها بقى كنت ماشيه في الخطه كويس احسسه اني صدقت التهمه عليك، واسمع كلامه وابينله انه الحاكم الأمر عليا يومها بعد ما طفحو زي عوايدهم كلمت صلاح وقولت له نسهر ونتونس سوى وكده يعني كنت مجهزه صنيه بسبوسه من اللي قلبك يحبها بس عجنها بشرطين صراصير اه وربنا اصل ده دماغه متكلفه ولا يحوق فيهم حاجه المهم طفحها كلها سم على قلبه وبدأ يهرتل في الكلام وانا اجرجره لحد ما حكالي كل حاجه عن يوم الحادثه وكلام كتير يؤديه وراء الشمس اه وربنا، ومن النجمه روحت للمحامي، وعرض التسجيلات للنيابه، واتعاد المحاكمه بسرعه، والحمد لله ربنا طلعك منها على خير ياخويا. 
هنا كان “آمر” بيفتكر اليوم ده، لما شافاها وملحقهاش، وبعدين رجعت معاه، وجه سأله لي آسر فجأه. 
-يعني ماكنتش بتتمشو يومها زي ما قولت لي؟! وكل وشوشتكم كانت على الموضوع ده؟!!! 
آسر هز راسه بي اه أكد له أن كل تفسيراته وحكمه على هدهد وكلامها معاه غلط طب ازاي هو شايف حاجه وبيسمع حاجه تانيه خالص عقله بقي مشتت مش مستوعب اللي بيتقال. 
 “ماهر” لحد دلوقتي مش مصدق ان اخوه طمعان في مراته عشته هو اللي ورطه بالشكل ده وان الغريب هو اللي ساعده و وقف جنبه وقت شدته بص على “هدهد” وعيونه بتلمع عاجزة عن الشكر وقال:
– والله جميلك ده دين في رقبتي، عمري ما هعرف اوفيه، وانتي عملتي خير، وربنا رده ليكي وشالك كل الخير أحلى مكافأة.
– أنا مش عايزة حاجة من الدنيا غير ان ربنا يهدي سركم، واشوف بطه سعيده معاك.
– حتى لو المكافأة ربنا ليكى دي كانت براءتك.
هنا” هدهد” استوعبت كلمته، وقامت وقفت، والصدمه خلتها تكرر الكلمه، و”آمر” مش ملاحق على المفاجئات اللي ورا بعض وسالم كمان اتفاجأ بالكلمه:
ازاي ياماهر، بالله عليك فهمني.
– اقعدي بس، وهقولك على كل حاجة، في يوم كنت ماشي في وقت فسحه المساجين وبكلم ربنا واشكيله همي، فجأة اتخبطت في واحد اتصدم لما شافني وقال:
فــــــــــلاش بـــــــــــاك 
-أنت.. 
– أنت اية اللي جابك هنا، ولابس كده ليه ياماهر؟ 
بص “ماهر” الارض وبحزن ومرارة الظلم رد عليه:
– والله برئ ياسيد، معملتش حاجة، متهم في جريمة قتل وسرقة، مليش اي ذنب فيها، واتحكم عليا بالإعدام، ويشهد عليا ربنا اني تبت لوجه من زمان، وأنت اية اللي جابك هنا؟ 
ولع سيجاره اخدها من ورا ودنه مستخبيه، ونفخ في الكبريت بحرقه قال:
– منه لله ابن المؤذية دياب؛ هو اللي جابني هنا، لبسني قضية فرش حشيش، وقالي لو اتكلمت ولا جبت سيرتي هيبعت اللي يخلص عليا وأنا واقف في مكاني. 
َ”ماهر” مصدوم من كلامه، ومش فاهم اي حاجة، قرب منه وحط ايده على كفته، وميشوا مع بعض، لانه حس ان الموضوع كبير، وقعدوا على أول دكه قابلتهم، وسأله:
– وهو لبسك التهمه دي ليه، عملتله ايه عشان يعمل كده فيك؟ 
اتنهد بحزن على اللي عمله وقاله:
– والله ده ذنب البت هدهد، وربنا انتقملها مننا، اصل اللي بيجي على الولايا مش بيكسب، هحكيلك كل حاجة…
دياب ياسيدي هو اللي سلطنا نعمل محضر سرقه لهدهد، ونتهمها بسرقه التوكتوك والضرب والهوليله دي، لما علمت علينا وسط الموقف حبينا تنتقم ونرد هبيتنا اللي داست عليها قدام الخلق، ونفذنا اللي قال عليه، لكن لما ماقبضش عليها، طلبناه بالفلوس، كان واخد عشر تلاق جندي ابن المائية، اتعارك معانا، طلع مطوه من جيبه موت المعلم، ودخل على الواد “حُن” ربنا يرحمهم بقي مطرح ما راحوا. 
– يااااه نصير الغلابه يارب؛ يبقى هدهد بريئه من قتلهم. 
– هدهد !! وهي مالها بقتلهم، أنا هنا مش عارف حاجة برا، ولا اللي بره عارفين عني حاجه، فهمني ياماهر. 
– هدهد بعد ما هربت منه، اتهمت بقتلهم، وكل الإثبات ضدها عملها ابن المؤذية، وبعدها جه التهمه الزور ليا سرقه و بالقتل أنا كمان ومعرفش عنها حاجة. 
– لا والله دي بريئة، والمجرم دياب هو اللي عمل كل حاجة، ومعايا دليل براءتها. 
“ماهر” بفرحه وعيون مش مصدقه قاله:
– بتقول اية !! فين الدليل ده، وليه مقدمتهوش من ساعتها؟ 
– خوفت ياماهر ياخويا من بطش اللي مابيرحمش دياب الله يفحمه مطرح ماقاعد، وينتقم منه ويوقعه في شر اعماله. 
-الغلط مش عليه إحنا اللي عملنا فيه كده، واتفرعن علينا، عشان ملقاش اللي يقف قدامه، وصده عن ظلمه، على رأي المثل
“يافرعون ايش فرعنك؛ ملقتش حد يردني”. 
– عندك حق، بس هو ايده طايله اوي ياماهر. 
– المهم احكيلي ايه هو الدليل اللي هيوقعه؟ 
– ساعة مادخل علينا، الواد “حُن” كان فرحان بالموبيل لسه سرقه، وقاعد يصورنا، ويلعب فيه، ولما حصلت الخناقه، زقه ووقع منه تحت الكرسي، وبعدين حصلت المعركه  ومات هو والمعلم، مسكني من افايا، وهددني اني متكلمش ولا اكني شوفت حاجة، هزيت راسي بخوف منه، وبرجع بظهري ايدي اتكعبلت في الموبيل، اخدته من غير ما ياخد باله ومشيت جري، ولما هديت واستكنيت كده بفتحه لاقيته صور وسجل كل حاجة، اخدت البتاع الصغير ده اللي فيه وخبته معايا، ومالحقتش لقيته كابس عليا في قلب المكان ولبسني قضيه عشان يضمن سكوتي، قولت السجن أهون من الموت، ومكنتش اعرف ان ابن المؤذيه ضيع البنت الغلبانه. 
– وفين هو معاك دلوقتي؟ 
– اه معايا، خد اهو شايله مش بيفارقني، واول ما تيجي الجماعه بتوعك ادهولها تديه لهدهد، بس ليا عندها طلب، خليها تقولها تسامحني، هي اجدع مني، ولو عرفت تطالعني أو تساعدني يبقى كتر خيرها. 
بـــــــــــاك 
اخدت منه كارت الميموري، وفضلت ادعي ربنا ان بطه تيجي، عشانك بس ياهدهد تاخد دليل براءتك. 
“هدهد” دموع الفرحه مغرفه وشها، رفعت اديها بتشكر ربنا على كرمه، وقالت له:
– أنا مش عارفه اشكرك ازاي ياماهر انت رديت روحي اللي اتعذبت من كتر الظلم. 
ادخل “آسر” ووجه كلامه لماهر وقاله:
– هات الميموري، عشان المحامي يعمل اجراءته، أنا كنت مستنيه على غلطه من زمان وعرفت عنه بلاوي، بس للأسف كنت عايز حاجة تكون قويه تدينه وتقضي عليه، والدليل ده هو نهاية دياب. 
عيون “هدهد” مركزه مع “آسر” وسألته في دهشه:
– أنت تعرف دياب منين يا آسر؟ 
ضحك “آسر” وقال وهو عينه على “آمر” اللي مصدوم وقال:
– فاكره يوم ضرب آمر بالرصاص، يومها انتي خرجتي جري من اوضة في المستشفى ، وأنا لحقتك ولما سألتك ماردتيش واحترم سكوتك، بس حاولت اعرف سبب هروبك وفزعك بالشكل ده، وصلتك ولما رجعت روحت لاوضة دي، لي دقايق مافهمتوش حاجه وكنت همشي بس جمله واحده وقفتني من ست بتعيط (ياترى حصلك اي يا هدهد) 
وعرفت انها والدتك، اتعرفت عليها وعرفتها أنا مين. 
– أمي !! انت عارف أمي كمان؟ وهي فين؟ أنا من يومها معرفش عنها حاجة، ولا عبده جراله أية ؟ 
– اطمني هي كويسه، كان لازم اخفيها عن عيون دياب عشان ميحاولش يأذيها، وكنت عاملك مفاجأة النهاردة وهجبهالك، بس اهي اتحرقت. 
– بجد !! وعبده هيجي معاها؟ 
– لما تشوفيها هتعرفي. 
“آمر” علامات الصدمه على ملامحه مش مستوعب هدهد وقضيه وجريمه وقتل ودياب اي كل ده وهو فين من كل ده وجه كلامه “لأسر” بحده وبلوم وعتاب قال:
– كل ده تعرفه ومخبيه عني يا آسر، طب قولي وفهمني، بدل ما أنا زي الاطرش في الزفه كده؟ 
– مكنش من حقي أقولك اسرار صاحبتها نفسها مقالتش عليها، أنا حاولت اساعدها من بعدين، وارد ليها جميلها معانا، وجدعنتها. 
– والله يا آسر، أنت اللي اجدع راجل شوفته في حياتي. 
– وانتي اجدع بنت بميت راجل. 
“آمر” هيطق منهم ومن” آسر” اكتر لأنه خبى عليه، والغيره مولعه نار فيه وبيكلم نفسه وبيقول “هو اجدع راجل وهي اجدع بنت، وأنا فين من ده كله بس امسكك في ايدي يا آسر”
أتكلم المحامي وقال:
– فعلا يا آنسه هدهد إحنا معانا، ملف فيه كميه جرايم وتجاوزات لدياب تقضي عليه، وأنا بنفسي هقوم حالا واقدم الدليل اللي ظهر حالا، واخد اجراءتي. 
هنا “هدهد” بصت “لأسر” بترجي، وبنظره هو فهمها ورد على المحامي وقاله:
– لو سمحت يا استاذ شكري، لو ممكن تساعد اللي اسمه “سيد” وتخرجة من التهمه، وتثبت انها تلفيق، ياريت. 
– تمام يا استاذ آسر، هشوف ملف القضيه وابذل كل جهدي، هستأذن أنا عشان الحق. 
وقف “ماهر” ، وبص لهدهد وقال:
– طب هنقوم احنا كمان بقى نروح، عشان تشوفوا مصالحكم، يالا يابطه. 
كانت لسه هنطق وترد، سمعت رد “آمر” وعيونه اتقابلت معاها في نظرة، اعتذار وآسف على سوء ظنه ونيته معاها، بيقول:
– مش هتمشي ياماهر، انتوا هتحضورا المسابقه وتشاركوا هدهد فرحتها النهاردة، لازم كل اللي ببحبوها يكونوا معاها. 
– بس يعني احنا مش اد المقام. 
– متقولش كده، أنت بنبلك واخلاقك جدير باحترامنا كلنا، وهتنورنا. 
كانت بتسمع كلامه وهي طايره من الفرحه، مش مستوعبه ان ده “آمر” ودي لمعة عينه ليها، واخيرا ابتسم في وشها، ونظره حب بانت فيها،
 فاقت على صوت “سالم” اللي طول الوقت ساكت وبيسمع، وبيكتشف جوانب كتير مكنش يعرفها عن “هدهد” واتأكد اد ايه هي بنت مش عادية، وجدعه مع الكل، واتظلمت كتير في حياتها، قلبه وجعه من ظلم الايام ليها وكل الصدمات اللي قبلتها وهي واقفه ضد التيار لوحدها بصلها واتكلم بكل حب مسك ايد هدهد:
– بس أنا لو جابوا ادله العالم كلها؛ عمري ما أصدق أنك تقدري تأذي نمله حتى، انتي عُمله نادره ياهدهد في زمن ضاع فيه الحق وغفل القانون عن تجاوز مسؤليه، بس الحمد لله ربنا أراد يظهر براءتك يوم نجاحك وفوزك قدام العالم كله، وأنا شيفلك مستقبل باهر أن شاء الله، وممكن بقى كلنا كده نروح نستعد، عشان اتاخرنا اوي. 
اتحركوا كلهم على العربيات، وقبل ما يخرج مسكته “نيفين” من دراعه اللي بيوجعه، كانت بتسمع ومعلقتش، لأنها حكمت عليها من أول نظره بأنها بنت مختلفه، وشافت حبها له وطيبه قلبها، واتمنت  انه يعترف بنجذابه لها ويبطل عناد، وهمست له بكلمات قليله بس رنينها في ودانه بيدوي. 
“هدهد” كانت ماسكه في ايد “بطه”، عرض “آمر” انها تركب معاهم، “ماهر” كان جنبه، وهما ورا في الكنبه الخلفيه، مش مبطلين رغي، ومن وقت للتاني العيون بتتلاقى في نظرات مليانه اعتذار، وحب ظهر للمره الأولى وانطلق بحريه، بعد حبسه طويلة، ومشاعره مش قادر يسيطر عليها، وقرر ينفذ كلام “نيفين”. 
وصلوا مكان المسابقه، ودخلت “هدهد” مع “بطه” تستعد. 
واستقبلهم”ميشو” بصراخ وزعيق على تاخرها: 
-يا ويلي شو دايما بتتأخري ولي ام عقل طاقق و الله رح تجلطيني 
سحب “هدهد” من ايده بدون إنظار وجرى بيها على غرفتها والكل على أتم استعداد. 
مرت الساعات والكل جهز، “آمر” كان واقف مستني اي حد يخرج من عندها عشان يعرف خلصت ولا لسه، لمح
“صافي” جاية ناحيته، وعلى وشها ابتسامه صافيه منوره ملامحها، قربت منه وهو استغربها وحب يستفزها لأن فكر اكيد هي جايه تفكره براهنهم وتلزمه بيه سألها:
– أهلاً صافي والله زمان كُنت فين ده كله؟ اكيد وصلت لك الأخبار وخوفتي تظهري من الخسارة تؤ تؤ يا حرام. 
– اهلا يا آمر ازيك عامل ايه . 
آمر مستعرب رد فعلها كان مستني جنونها أو أي رد فعل غير كده خالص ابتسمت اكتر وكلمته بكل رقة:
– ماتستغربش  الدنيا مش بتفضل على حلها، وأنا يا سيدي مش مختفيه بس كان عندي شويه ظروف وجايه النهاردة مخصوص عشان ابارك فوزك أنتَ. 
آمر  مش مصدق هو سامع ايه كان ممكن يصدق ان الشمس تشرق من الغرب، وان القمر يظهر بالنهار ولا أنه يصدق تحولها بالشكل الغريب ده حب يستفسر اكتر وسالها.:
– طب والرهان والخسارة اللي بقت من نصيبك هتوجهيها ازاي؟! 
زادت ابتسامتها وردت بود وصدق أول مره يلمح عيونها بتلمع، واللمعه دي مالهاش غير جواب واحد أنها حبت وبجد وفجأة ردها اكتر:
– مين قال إني خسرت، أنا أكتر واحده كسبانه في المسابقة دي، مش هخبي عليك اللحظه دي لو كانت جت من كام يوم كان ردي هيختلف تماما، لكن صافي اللي قدامك دي واحده جديده، لسه مولودة؛ التجربه اللي عشتها غيرتني علمتني أن الحب عمره مايكون بالإكراه والضغط، لازم يكون متبادل وان مش كل حاجه اقدر أشتريها بفلوس بابي وان ما بين الحب والكره شعره رفيعه زي الصراط المستقيم لو عدينا بقلب طيب ومشاعر صافيه وصادقه هتكون جنه المحب في انتظارك، لكن لو شلت الكره والحقد في قلبي هيوقعني إلى قاع عمري ما هقدر اطلع منه، و اهو زي مانت شايف ربنا أراد يفوقني في الوقت المناسب. 
كان واقف بيسمعها، واحساسه بكل كلمه قالتها بصدق، أن مش دي “صافي” اللي يعرفها من زمان؛ بس فرح أن عقلها رجعلها شالته من راسها، ابتسملها ورد:
– ياااه كنتي فين من زمان وايه العقل والحكم دي كلها بجد سعيد بيكي والتغير الجميل ده؛ بس قولي لي تجربة اي اللي غيرتك كده؟!
-اكيد هيجي الوقت المناسب واحكيلك مش احنا لسه أصحاب ولا ايه ؟ 
-أكيد أصحاب من صغرنا وإحنا كده وطول العمر كمان وجنبك في اي وقت. 
بصت بعيد على اللي واقف مبتسم ومربع ايده، وعيونه كلها بنادي بعشق ليها بحياة جديده، وهمست له وقالت:
– شكلي لاقت جنه المحب يا آمر، وفي انتظاري كمان اشوفك بعدين.  
مشيت كام خطوة ورجعت له تاني والسعادة على وشها قربت منه و وشوشته:
– نسيت أقولك مبروك انك لقيت تُفاحتك البيور وجنتك ونصيحه اوعى تسبها تضيع من إيدك مش كل يوم هتلاقي تفاحة.
قالت آخر كلمه مع غمزه بعنيها وهو أبتسم، لسه فاكره كلامه عن تفاحته تابعها لحد ما وصلت لـ “جاسر” اللي مد ايده ليها وبسها بكل حب، وحطت ايدها في ايده وماشيت معاه، ولاول مره تحس انها ملكت الدنيا وما فيها، وأنها  اختارت الإنسان اللي هيخليها تعشقه وتحبه ويسعدها طول العمر. 

الخاتمة

طول الليل بتحاول “بطه” يغفل ليها عين مش عارفه، بتتقلب على سريرها كأنها نايمه على جمرة نار، ماصدقت نور الصبح طلع، واخدت عيالها في حضنها، ونزلت تروح المحكمه، وجوه قلبها طبول الحب بتدق تسمع الدنيا كلها، اد أية مشتاقه لجوزها وابو عيالها، ونفسها تاخده في حضنها، وتقوله هي واثقه فيه، وبتتنفس حبه وبتعشقه.
___________________
في قفص الاتهام واقف “ماهر” مش فاهم حاجة خالص، جبوه من السجن ببدلته الحمراء كده ليه في محاكمه تاني؟ ياترى اية اللي هيتعمل فيه بعد ما حكموا عليه بالإعدام؟ وفجأة شاف “صلاح” اخوه داخل جوه القفص معاه، قرب منه بلهفه يضمه لحضنه؛ كان خايف يكون اتورط في قضية سرقه ولا عمله نصيبه تانيه، قابله بزقه عنيفه في صدره رجعته كام خطوه لي وراي، اندهش من تصرفه سأله:
– في اية يا اخويا؟ عملت اية عشان تيجي هنا؟
بص لي”ماهر” نظره، عمره ما هينساها ورد عليه بكل حقد مخبيه جواه طول الوقت:
– أنا جيت هنا بسببك أنت.
– بسببي، أنا عملت أية؟
ضحك بسخريه وقال:
– قول معملتش اية؟ طول عمرك أنت اللي على الحجر، من يوم ماتولدت وانت في بؤقك معلقه دهب، حتى ابوك وامك، الله لآ يسامحهم بقى، اكمنك ابيضاني وحلاوه كنت على طول اللي على الحجر، لك الحق في كل حاجه، وأنا ليا المرمطه والسرقه والرميه على البورش، ولما اقول اشمعنا ماليش غير كف ابوك نازل عليا ويقولي اتعدل “ماهر” ده وش زوات شيلينه لنصبايه مش زيك وش سجون، انا اتحدف في النار، وانت ليك الجنة ونعمها، انا اخطط واظبط وانت تكوش على الجاهز، ولما وقفت في وشهم وقولت هتجوز واعيش بالحلال عملوا ايه يعني؛ زعلولهم كام يوم وخلاص، سبت الدنيا عشان المحروسة بتاعتك، لكن أنا لأ اتجوز ازاي، اشاور على دي لما قلبي يميل امك مردتش تجوزني اللي عايزها، بردو لأ اخد نصيبي من كل عمليه لأ؛ وابقي اجرمت وينزل على جتتي ضرب لحد ما يبنلي صاحب ده لو ليا صاحب أصلاً.
“ماهر” مصدوم من كل كلامه ودموعه نزلت ورد بتوهان:
-ياه كل ده شيله في قلبك يا اخويا، أنا عمري ماجيت عليك، ولا عملت لك حاجه وحشه.
-ولسه في قلبي مليان يا حلتها، طول مانت سعيد ولك اللي يحبك ويقف قصاد الدنيا عشان هفضل اكرهك، أنت ايه يا أخي كل الناس بتحبك، ومراتك هتموت نفسها عليك ليه فيك ايه عني لكل ده؟ أنا “صلاح الجن” اخطط واظبط وانيمك في العسل واخبط خبطتي واخرتها توقعني مرى زي بطه، شوفت الزمن.
كان بيقول كلامه زي طلقات مدفع، ورا بعض بدون ما يوقف، قلبه مليان غل وحقد، واضح على وشه، وباين في عيونه اللي بتطلع شرار، و”ماهر” واقف بيسمعه في ذهول، مش قادر يستوعب كمية الغل اللي جوة أخوه، عمر ما كان جواه له اي حقد، بالعكس كان بيحبه، وساعات بيلبس نفسه في مصايب عشانه، وياما كان بيحن عليه، ويسلفه ويقف قدام مراته عشانه، لكن طلعت هي صح وهو اللي غفلان ولا عارف حاجه.
فاق على صوت “الحاجب” بيقول محكمه، الكل واقف احتراماً له.
“بطه” جت على اخر لحظة عينها بتطلع قلوب عليه، لكنه كان تايهه في كلام اخوه، مغيب مش دريان بنفسه، بعد كلام كتير من دفاع المحامي، وظهور التسجيلات اللي تثبت أن “صلاح” هو الجاني، وهو اللي ارتكب الجريمة، حكمت المحكمه؛ ببراءة “ماهر” واحالة اوراق “صلاح” للمفتي.
عليت زغاريط “بطه” وبتردد:
– يحيا العدل… يحيا العدل.
صلاح بغل وكره موجه كلامه لبطه:
-مبروك عليكي يا برنسيسة براءة النحنوح، أنتي عارفه ايه رحمكم من أيدي اني مش هشوفكم خلقتكم تاني؛ وش عشماوي عندي ارحم منكم اشوفكم في نار جهنم يا رمم.
“بطه” ماهمهاش كلام “صلاح” وقربت من جوزها وعنيها محوطاه بكل حب ولهفه، وشوق، كانت عايزة تتكلم كلام كتير، بس العسكري اخده منها عشان يكملوا الاجراءات، وصوته كان بينادي عليها، وعلى عياله، وهي مشيت مع المحامي تستناه في القسم.
الوقت كان بيمر عليها ساعات، وسؤال إبنها “علي” عن ابوه كل شوية، وهي تقوله شوية وهيجي، تبص لبنتها، تبتسم وتقول في نفسها، دقايق والدنيا تنور وتحلو تاني، ولمحت جوزها خارج ومعاه المحامي، جريت عليه، اخدها في حضنه هي وعياله، دموعهم كانت نازله من الفرحه، رفع ابنه، وحضنه اوي، عينه جت على بنته اول مره يشوفها، ويعرف ملامحها اللي كانت شبه أغلى انسانه عنده، باسها من جبينها، عيونهم اتلاقت في نظرة طويلة؛ بتقول كلام كتير من غير ولا حرف ينطق، اصل محدش بيفهم لغة العيون إلا اللي بيحبوا بجد، وبيثقوا بجد، رفعت ايديها تحضن وشه وابتسمت بكل حب وشوق الأيام الصعبه اللي مرت عليهم، وعيون بتلمع حب وقالت:
– حمدلله على سلامتك ياماهر، وحشتني أوي.
باس كف اديها ورد بكل صدق:
– الله يسلم عمرك ياغالية،أنتي أكتر يابطه، متتخيليش حالتي كانت ازاي في السجن، والله ماهمني حكم الإعدام؛ زي ماكان فارق معايا انك صدقتي الحكم عليا، كل لحظة كانت بالعمر كله.
– غصب عني والله، اخوك المفتري كان حبسني، مكنتش بخرج بره الشقه، وكان لازم أعمل كده، عشان اثبت براءتك.
قطع حديثهم المحامي، اللي كان واقف محرج، وهما ناسيين الدنيا، وكل الناس وقال:
– حمدلله على سلامة جوزك يامدام بطه.
– الله يسلمك يا استاذ، تعبناك والله.
-تعبك راحه، ده شغلي.
سلم عليه “ماهر” وشكره جدا، ووجه كلامه لمراته لما سمع صوت بكاء بنته، افتكر وسألها:
– انتي بالحق سميني البت اية؟
– هو أنا اقدر اسميها من غيرك برضو؟مع أن كان نفسي اسميها على أغلى أسم عندي.
– هدهد !!
– وهو في غيرها، عمري ماهلاقي زيها ابدا.
– خلاص نسميها هدهد، عشان تكون بينا دايماً، اه بالحق مش هتقولي بقى عملتي ايه يابطه؟
– هقولك على كل حاجة، بس لما نروح مشوار مهم، وهتعرف كل حاجة.
______________
في فيلا “آمر” الكل منتظر نزول “هدهد” والاعصاب في توتر، النهاردة خلاص نهايه المسابقة واعلان الفائزة، وتسليم التاج، والكل متوقع فوزها، بس هو خايف، ومش عارف ليه؟ هل لخوفه فقدانها لو خسرت، وانه هيتجوز غيرها؟ ولا خوف أنها تفوز وتشوف حد غيرة، تعب من كتر التفكير، نفسه يرسى على بر معاها، ويعرف هي مين؟! وعايزه اية ؟! وهل حقيقي بتحبه؟ ولا وخداه محطة في حياتها عشان توصل.
“ميشو” سبقهم وراح هو وكل المساعدين هناك، و”ملك” اتجنبت مواجهة “آسر” ومشيت مع “ميشو” كانت خايفه تواجهه، وقررت أنها في الحفله هتظهر للكل بشكلها الحقيقي، هتكون “ملك” وبس مش اي حاجة تاني، وهتمحي صفحة “فلك” من حياتها للأبد، ولو استمر على موقفه هتنسحب من حياته، وهتكتفي بأجمل ذكرياتها معاه.
كانت “هدهد” نازله على درجات السلم، بكل ثقة وشموخ، لابسه تيرينج رياضي، وكوتشي، وشايلة شنطة فيها كل مستلزماتها من لبس واكسسوار، ابتسمت لـ” سالم” وقالت:
– أنا جاهزة.
لسه كان هيرد، جرس الباب رن، فتحت واحده من الخدم، وسمعت صوت المحامي بيدخل ويقول:
– أنا آسف يا آسر، الست بطه اصرت انهم يجوا يشوفوك لأمر ضروري.
جريت “هدهد” تحضن “بطه” بكل شوق ولهفه الأيام اللي فاتت، والكل واقف مش فاهم حاجة، وعيون “آمر” كلها تساؤلات لا تنتهي.
طال حضنهم على قد بعادهم عن بعض، ثم قالت لها:
– حمدلله على السلامه حببتي، وعلى سلامه جوزك،
بصت لماهر بصدق وسعاده:
-كفاره يا ماهر والله كان نفسي اعمل معاك الواجب بس انت عارف الظروف.
رده بطه عليها بامتنان:
واجبك وصل تالت ومتلت، هو أنا من غيرك كنت هعرف اعمل اللي عملته ده.
-صحيح عملتي اية احكيلي تعالي اقعدي.
بطه بصت لآسر وردت:
– هو آسر بيه ماكنش بيقولك على اللي بيحصل ولا ايه؟ ده كل حاجه على يده الله يكرمه.
“آمر” و “سالم” مستغربين من الموقف مين دول ويعرفوا كمان “آسر” منين؟ وفي محامي وقضيه ودخل “هدهد” ايه بالموضوع قاطع تفكيرهم كلام “بطه” وهي بتوجه كلامها لجوزها “وهدهد” لأن هما الاتنين عايزين يعرفو التفصيل بسرعه:
– بصي يا ستي يوم ما كلمتك واتفقنا اننا نتقابل بليل وقتها ياماهر، أخوك منه لله كان مهددني إني لو خطيت خطوة بره الشقه هياخد مني عيالي، وكان حابسني، فضلت اعيط واشكي لي ربنا وكنت مش عارفه اعمل اية، يشاء السميع العليم أن هدهد تتصل بيا، وحاكتلها كل مصيبتي، قالتلي اقابلها بالليل لما الواد اللي علي باب الشقه يطمن اني نمت ويمشي، وقابلتها في الخرابه القديمه بتاعتنا فكرها.
ماهر هز راسه انه فكرها وبصت لي هدهد وكملت:
-يومها جيتي متخفيه ومتاخرتيش عني يا صحبه عمري بس بعدها آسر بيه طب علينا زي القضا المستعجل كده سرعنا الله يسامحه.
“آسر” ضحك على تعبير بطه وسالم وماهر كمان وهدهد ابتسمت بس اللي كان بيبصله بفضول هو “آمر” مستني الحكايه تكمل، وجه الوقت عشان آسر يوضح علامات الاستفهام دي كلها كمل عنها:
– أنا قضا ومستعجل ماشي ياست بطه، المهم اليوم ده كنت راجع وشوفت هدهد بتتسحب وبتخرج من الباب الخلفي استغربت تصرفها بس قولت لازم اعرف هي رايحه فين في وقت زي ده اكيد له سبب ركبت تاكسي فمشيت ورها لقتها دخلت شوارع ولا اعرف أولها من آخرها المهم وقفت في مكان، وبعدها جت بطه وبعد سلامات لقتهم بيحكوا وبدأوا يعيطوا قربت منهم وسمعت كل كلامهم عن قضيه ماهر، ومشكلتهم ايه قربت منهم واتخضوا ساعه ما شافوني بس اتفقت اني اساعد في حل المشكله كلمت المحامي انه يجبلها إذن تسجيل وحصل.
اتكلمت بطه:
– الله يسترك دنيا وآخره يا آسر بيه بعد ما ادتني التمام قبلها بقى كنت ماشيه في الخطه كويس احسسه اني صدقت التهمه عليك، واسمع كلامه وابينله انه الحاكم الأمر عليا يومها بعد ما طفحو زي عوايدهم كلمت صلاح وقولت له نسهر ونتونس سوى وكده يعني كنت مجهزه صنيه بسبوسه من اللي قلبك يحبها بس عجنها بشرطين صراصير اه وربنا اصل ده دماغه متكلفه ولا يحوق فيهم حاجه المهم طفحها كلها سم على قلبه وبدأ يهرتل في الكلام وانا اجرجره لحد ما حكالي كل حاجه عن يوم الحادثه وكلام كتير يؤديه وراء الشمس اه وربنا، ومن النجمه روحت للمحامي، وعرض التسجيلات للنيابه، واتعاد المحاكمه بسرعه، والحمد لله ربنا طلعك منها على خير ياخويا.
هنا كان “آمر” بيفتكر اليوم ده، لما شافاها وملحقهاش، وبعدين رجعت معاه، وجه سأله لي آسر فجأه.
-يعني ماكنتش بتتمشو يومها زي ما قولت لي؟! وكل وشوشتكم كانت على الموضوع ده؟!!!
آسر هز راسه بي اه أكد له أن كل تفسيراته وحكمه على هدهد وكلامها معاه غلط طب ازاي هو شايف حاجه وبيسمع حاجه تانيه خالص عقله بقي مشتت مش مستوعب اللي بيتقال.
“ماهر” لحد دلوقتي مش مصدق ان اخوه طمعان في مراته عشته هو اللي ورطه بالشكل ده وان الغريب هو اللي ساعده و وقف جنبه وقت شدته بص على “هدهد” وعيونه بتلمع عاجزة عن الشكر وقال:
– والله جميلك ده دين في رقبتي، عمري ما هعرف اوفيه، وانتي عملتي خير، وربنا رده ليكي وشالك كل الخير أحلى مكافأة.
– أنا مش عايزة حاجة من الدنيا غير ان ربنا يهدي سركم، واشوف بطه سعيده معاك.
– حتى لو المكافأة ربنا ليكى دي كانت براءتك.
هنا” هدهد” استوعبت كلمته، وقامت وقفت، والصدمه خلتها تكرر الكلمه، و”آمر” مش ملاحق على المفاجئات اللي ورا بعض وسالم كمان اتفاجأ بالكلمه:
ازاي ياماهر، بالله عليك فهمني.
– اقعدي بس، وهقولك على كل حاجة، في يوم كنت ماشي في وقت فسحه المساجين وبكلم ربنا واشكيله همي، فجأة اتخبطت في واحد اتصدم لما شافني وقال:
فــــــــــلاش بـــــــــــاك
-أنت..
– أنت اية اللي جابك هنا، ولابس كده ليه ياماهر؟
بص “ماهر” الارض وبحزن ومرارة الظلم رد عليه:
– والله برئ ياسيد، معملتش حاجة، متهم في جريمة قتل وسرقة، مليش اي ذنب فيها، واتحكم عليا بالإعدام، ويشهد عليا ربنا اني تبت لوجه من زمان، وأنت اية اللي جابك هنا؟
ولع سيجاره اخدها من ورا ودنه مستخبيه، ونفخ في الكبريت بحرقه قال:
– منه لله ابن المؤذية دياب؛ هو اللي جابني هنا، لبسني قضية فرش حشيش، وقالي لو اتكلمت ولا جبت سيرتي هيبعت اللي يخلص عليا وأنا واقف في مكاني.
َ”ماهر” مصدوم من كلامه، ومش فاهم اي حاجة، قرب منه وحط ايده على كفته، وميشوا مع بعض، لانه حس ان الموضوع كبير، وقعدوا على أول دكه قابلتهم، وسأله:
– وهو لبسك التهمه دي ليه، عملتله ايه عشان يعمل كده فيك؟
اتنهد بحزن على اللي عمله وقاله:
– والله ده ذنب البت هدهد، وربنا انتقملها مننا، اصل اللي بيجي على الولايا مش بيكسب، هحكيلك كل حاجة…
دياب ياسيدي هو اللي سلطنا نعمل محضر سرقه لهدهد، ونتهمها بسرقه التوكتوك والضرب والهوليله دي، لما علمت علينا وسط الموقف حبينا تنتقم ونرد هبيتنا اللي داست عليها قدام الخلق، ونفذنا اللي قال عليه، لكن لما ماقبضش عليها، طلبناه بالفلوس، كان واخد عشر تلاق جندي ابن المائية، اتعارك معانا، طلع مطوه من جيبه موت المعلم، ودخل على الواد “حُن” ربنا يرحمهم بقي مطرح ما راحوا.
– يااااه نصير الغلابه يارب؛ يبقى هدهد بريئه من قتلهم.
– هدهد !! وهي مالها بقتلهم، أنا هنا مش عارف حاجة برا، ولا اللي بره عارفين عني حاجه، فهمني ياماهر.
– هدهد بعد ما هربت منه، اتهمت بقتلهم، وكل الإثبات ضدها عملها ابن المؤذية، وبعدها جه التهمه الزور ليا سرقه و بالقتل أنا كمان ومعرفش عنها حاجة.
– لا والله دي بريئة، والمجرم دياب هو اللي عمل كل حاجة، ومعايا دليل براءتها.
“ماهر” بفرحه وعيون مش مصدقه قاله:
– بتقول اية !! فين الدليل ده، وليه مقدمتهوش من ساعتها؟
– خوفت ياماهر ياخويا من بطش اللي مابيرحمش دياب الله يفحمه مطرح ماقاعد، وينتقم منه ويوقعه في شر اعماله.
-الغلط مش عليه إحنا اللي عملنا فيه كده، واتفرعن علينا، عشان ملقاش اللي يقف قدامه، وصده عن ظلمه، على رأي المثل
“يافرعون ايش فرعنك؛ ملقتش حد يردني”.
– عندك حق، بس هو ايده طايله اوي ياماهر.
– المهم احكيلي ايه هو الدليل اللي هيوقعه؟
– ساعة مادخل علينا، الواد “حُن” كان فرحان بالموبيل لسه سرقه، وقاعد يصورنا، ويلعب فيه، ولما حصلت الخناقه، زقه ووقع منه تحت الكرسي، وبعدين حصلت المعركه ومات هو والمعلم، مسكني من افايا، وهددني اني متكلمش ولا اكني شوفت حاجة، هزيت راسي بخوف منه، وبرجع بظهري ايدي اتكعبلت في الموبيل، اخدته من غير ما ياخد باله ومشيت جري، ولما هديت واستكنيت كده بفتحه لاقيته صور وسجل كل حاجة، اخدت البتاع الصغير ده اللي فيه وخبته معايا، ومالحقتش لقيته كابس عليا في قلب المكان ولبسني قضيه عشان يضمن سكوتي، قولت السجن أهون من الموت، ومكنتش اعرف ان ابن المؤذيه ضيع البنت الغلبانه.
– وفين هو معاك دلوقتي؟
– اه معايا، خد اهو شايله مش بيفارقني، واول ما تيجي الجماعه بتوعك ادهولها تديه لهدهد، بس ليا عندها طلب، خليها تقولها تسامحني، هي اجدع مني، ولو عرفت تطالعني أو تساعدني يبقى كتر خيرها.
بـــــــــــاك
اخدت منه كارت الميموري، وفضلت ادعي ربنا ان بطه تيجي، عشانك بس ياهدهد تاخد دليل براءتك.
“هدهد” دموع الفرحه مغرفه وشها، رفعت اديها بتشكر ربنا على كرمه، وقالت له:
– أنا مش عارفه اشكرك ازاي ياماهر انت رديت روحي اللي اتعذبت من كتر الظلم.
ادخل “آسر” ووجه كلامه لماهر وقاله:
– هات الميموري، عشان المحامي يعمل اجراءته، أنا كنت مستنيه على غلطه من زمان وعرفت عنه بلاوي، بس للأسف كنت عايز حاجة تكون قويه تدينه وتقضي عليه، والدليل ده هو نهاية دياب.
عيون “هدهد” مركزه مع “آسر” وسألته في دهشه:
– أنت تعرف دياب منين يا آسر؟
ضحك “آسر” وقال وهو عينه على “آمر” اللي مصدوم وقال:
– فاكره يوم ضرب آمر بالرصاص، يومها انتي خرجتي جري من اوضة في المستشفى ، وأنا لحقتك ولما سألتك ماردتيش واحترم سكوتك، بس حاولت اعرف سبب هروبك وفزعك بالشكل ده، وصلتك ولما رجعت روحت لاوضة دي، لي دقايق مافهمتوش حاجه وكنت همشي بس جمله واحده وقفتني من ست بتعيط (ياترى حصلك اي يا هدهد)
وعرفت انها والدتك، اتعرفت عليها وعرفتها أنا مين.
– أمي !! انت عارف أمي كمان؟ وهي فين؟ أنا من يومها معرفش عنها حاجة، ولا عبده جراله أية ؟
– اطمني هي كويسه، كان لازم اخفيها عن عيون دياب عشان ميحاولش يأذيها، وكنت عاملك مفاجأة النهاردة وهجبهالك، بس اهي اتحرقت.
– بجد !! وعبده هيجي معاها؟
– لما تشوفيها هتعرفي.
“آمر” علامات الصدمه على ملامحه مش مستوعب هدهد وقضيه وجريمه وقتل ودياب اي كل ده وهو فين من كل ده وجه كلامه “لأسر” بحده وبلوم وعتاب قال:
– كل ده تعرفه ومخبيه عني يا آسر، طب قولي وفهمني، بدل ما أنا زي الاطرش في الزفه كده؟
– مكنش من حقي أقولك اسرار صاحبتها نفسها مقالتش عليها، أنا حاولت اساعدها من بعدين، وارد ليها جميلها معانا، وجدعنتها.
– والله يا آسر، أنت اللي اجدع راجل شوفته في حياتي.
– وانتي اجدع بنت بميت راجل.
“آمر” هيطق منهم ومن” آسر” اكتر لأنه خبى عليه، والغيره مولعه نار فيه وبيكلم نفسه وبيقول “هو اجدع راجل وهي اجدع بنت، وأنا فين من ده كله بس امسكك في ايدي يا آسر”
أتكلم المحامي وقال:
– فعلا يا آنسه هدهد إحنا معانا، ملف فيه كميه جرايم وتجاوزات لدياب تقضي عليه، وأنا بنفسي هقوم حالا واقدم الدليل اللي ظهر حالا، واخد اجراءتي.
هنا “هدهد” بصت “لأسر” بترجي، وبنظره هو فهمها ورد على المحامي وقاله:
– لو سمحت يا استاذ شكري، لو ممكن تساعد اللي اسمه “سيد” وتخرجة من التهمه، وتثبت انها تلفيق، ياريت.
– تمام يا استاذ آسر، هشوف ملف القضيه وابذل كل جهدي، هستأذن أنا عشان الحق.
وقف “ماهر” ، وبص لهدهد وقال:
– طب هنقوم احنا كمان بقى نروح، عشان تشوفوا مصالحكم، يالا يابطه.
كانت لسه هنطق وترد، سمعت رد “آمر” وعيونه اتقابلت معاها في نظرة، اعتذار وآسف على سوء ظنه ونيته معاها، بيقول:
– مش هتمشي ياماهر، انتوا هتحضورا المسابقه وتشاركوا هدهد فرحتها النهاردة، لازم كل اللي ببحبوها يكونوا معاها.
– بس يعني احنا مش اد المقام.
– متقولش كده، أنت بنبلك واخلاقك جدير باحترامنا كلنا، وهتنورنا.
كانت بتسمع كلامه وهي طايره من الفرحه، مش مستوعبه ان ده “آمر” ودي لمعة عينه ليها، واخيرا ابتسم في وشها، ونظره حب بانت فيها،
فاقت على صوت “سالم” اللي طول الوقت ساكت وبيسمع، وبيكتشف جوانب كتير مكنش يعرفها عن “هدهد” واتأكد اد ايه هي بنت مش عادية، وجدعه مع الكل، واتظلمت كتير في حياتها، قلبه وجعه من ظلم الايام ليها وكل الصدمات اللي قبلتها وهي واقفه ضد التيار لوحدها بصلها واتكلم بكل حب مسك ايد هدهد:
– بس أنا لو جابوا ادله العالم كلها؛ عمري ما أصدق أنك تقدري تأذي نمله حتى، انتي عُمله نادره ياهدهد في زمن ضاع فيه الحق وغفل القانون عن تجاوز مسؤليه، بس الحمد لله ربنا أراد يظهر براءتك يوم نجاحك وفوزك قدام العالم كله، وأنا شيفلك مستقبل باهر أن شاء الله، وممكن بقى كلنا كده نروح نستعد، عشان اتاخرنا اوي.
اتحركوا كلهم على العربيات، وقبل ما يخرج مسكته “نيفين” من دراعه اللي بيوجعه، كانت بتسمع ومعلقتش، لأنها حكمت عليها من أول نظره بأنها بنت مختلفه، وشافت حبها له وطيبه قلبها، واتمنت انه يعترف بنجذابه لها ويبطل عناد، وهمست له بكلمات قليله بس رنينها في ودانه بيدوي.
“هدهد” كانت ماسكه في ايد “بطه”، عرض “آمر” انها تركب معاهم، “ماهر” كان جنبه، وهما ورا في الكنبه الخلفيه، مش مبطلين رغي، ومن وقت للتاني العيون بتتلاقى في نظرات مليانه اعتذار، وحب ظهر للمره الأولى وانطلق بحريه، بعد حبسه طويلة، ومشاعره مش قادر يسيطر عليها، وقرر ينفذ كلام “نيفين”.
وصلوا مكان المسابقه، ودخلت “هدهد” مع “بطه” تستعد.
واستقبلهم”ميشو” بصراخ وزعيق على تاخرها:
-يا ويلي شو دايما بتتأخري ولي ام عقل طاقق و الله رح تجلطيني
سحب “هدهد” من ايده بدون إنظار وجرى بيها على غرفتها والكل على أتم استعداد.
مرت الساعات والكل جهز، “آمر” كان واقف مستني اي حد يخرج من عندها عشان يعرف خلصت ولا لسه، لمح
“صافي” جاية ناحيته، وعلى وشها ابتسامه صافيه منوره ملامحها، قربت منه وهو استغربها وحب يستفزها لأن فكر اكيد هي جايه تفكره براهنهم وتلزمه بيه سألها:
– أهلاً صافي والله زمان كُنت فين ده كله؟ اكيد وصلت لك الأخبار وخوفتي تظهري من الخسارة تؤ تؤ يا حرام.
– اهلا يا آمر ازيك عامل ايه .
آمر مستعرب رد فعلها كان مستني جنونها أو أي رد فعل غير كده خالص ابتسمت اكتر وكلمته بكل رقة:
– ماتستغربش الدنيا مش بتفضل على حلها، وأنا يا سيدي مش مختفيه بس كان عندي شويه ظروف وجايه النهاردة مخصوص عشان ابارك فوزك أنتَ.
آمر مش مصدق هو سامع ايه كان ممكن يصدق ان الشمس تشرق من الغرب، وان القمر يظهر بالنهار ولا أنه يصدق تحولها بالشكل الغريب ده حب يستفسر اكتر وسالها.:
– طب والرهان والخسارة اللي بقت من نصيبك هتوجهيها ازاي؟!
زادت ابتسامتها وردت بود وصدق أول مره يلمح عيونها بتلمع، واللمعه دي مالهاش غير جواب واحد أنها حبت وبجد وفجأة ردها اكتر:
– مين قال إني خسرت، أنا أكتر واحده كسبانه في المسابقة دي، مش هخبي عليك اللحظه دي لو كانت جت من كام يوم كان ردي هيختلف تماما، لكن صافي اللي قدامك دي واحده جديده، لسه مولودة؛ التجربه اللي عشتها غيرتني علمتني أن الحب عمره مايكون بالإكراه والضغط، لازم يكون متبادل وان مش كل حاجه اقدر أشتريها بفلوس بابي وان ما بين الحب والكره شعره رفيعه زي الصراط المستقيم لو عدينا بقلب طيب ومشاعر صافيه وصادقه هتكون جنه المحب في انتظارك، لكن لو شلت الكره والحقد في قلبي هيوقعني إلى قاع عمري ما هقدر اطلع منه، و اهو زي مانت شايف ربنا أراد يفوقني في الوقت المناسب.
كان واقف بيسمعها، واحساسه بكل كلمه قالتها بصدق، أن مش دي “صافي” اللي يعرفها من زمان؛ بس فرح أن عقلها رجعلها شالته من راسها، ابتسملها ورد:
– ياااه كنتي فين من زمان وايه العقل والحكم دي كلها بجد سعيد بيكي والتغير الجميل ده؛ بس قولي لي تجربة اي اللي غيرتك كده؟!
-اكيد هيجي الوقت المناسب واحكيلك مش احنا لسه أصحاب ولا ايه ؟
-أكيد أصحاب من صغرنا وإحنا كده وطول العمر كمان وجنبك في اي وقت.
بصت بعيد على اللي واقف مبتسم ومربع ايده، وعيونه كلها بنادي بعشق ليها بحياة جديده، وهمست له وقالت:
– شكلي لاقت جنه المحب يا آمر، وفي انتظاري كمان اشوفك بعدين.
مشيت كام خطوة ورجعت له تاني والسعادة على وشها قربت منه و وشوشته:
– نسيت أقولك مبروك انك لقيت تُفاحتك البيور وجنتك ونصيحه اوعى تسبها تضيع من إيدك مش كل يوم هتلاقي تفاحة.
قالت آخر كلمه مع غمزه بعنيها وهو أبتسم، لسه فاكره كلامه عن تفاحته تابعها لحد ما وصلت لـ “جاسر” اللي مد ايده ليها وبسها بكل حب، وحطت ايدها في ايده وماشيت معاه، ولاول مره تحس انها ملكت الدنيا وما فيها، وأنها اختارت الإنسان اللي هيخليها تعشقه وتحبه ويسعدها طول العمر.
“آمر” واقف على نار شاف “بطه” خرجت من عندها، مبسوطه “ميشو” اختار لها فستان تلبسه، بس كان بكتف عريان “بطه” اتعصبت عليه وكانت هتضربه، لحقتهم هدهد وهي ادتها فستان تاني بكم وطويل بس ديق حبتين وكله بربرق فرحت بيه، “ماهر” هو كمان “آمر” بعتلها بدله له و لي “علي” اتقابلت هي وجوزها في الطرقه كبيره قدام غرف المسابقات وكل واحد فيهم فرحان بلبسه، قرب “آمر” وسألها عنها، وعرف إنها جاهزه ومتوتره جدا، دخل ولقاها قاعده على كرسي، وبتفرك في اديها واعصابها متوتره قرب بكل ثقه، وقفت قدامه، نسيت الدنيا كلها من نظراته اللي بتاكلها، تاه في جمال عينها العسليه، ولون شعرها اللي كان زي اشعه الشمس إلى بتنور له حياته، وفي خصلاته اللي بلون العسل، كان مبهور بجمالها ورشاقتها، والفستان اللي مخليها فعلا ملكه على عرش قلبه، حاول يجمع الكلام اللي كان بيردده طول الوقت، مفتكرش حاجة منهم، ابتسم اوي، والسعاده ماليه قلبه جواه كلام كتير اوي بس لسانه اول مره يتربط بالشكل ده كل ما يحاول ينطق بيسكت تاني، وهي واقفه مستنيه منه كلمه تبل رقها وتخفف توترها، لكن بالعكس زاد من نظراته اللي أول مره تشوفها، مش عارفه تفرح ولا تستنى لتفوق من الحلم ده على تقلبات شخصيته اللي اتعودت عليها، وهو محتار يعتذر لها الأول ولا يحبها ولا يتغزل في جمالها اللي هوسه من اول ما قلبه دق لها بس جمالها عنده مش شكلها وبس، جمال روحها اللي حسه فيها، وكان بيطارده طول الوقت، وأنهارده أتأكد منه أخيراً لسانه نطق كلمتين لا ليهم معنى وهي رده عليه:
-طب أيه؟
هزت رأسها بستفهام:
– أيه.. أيه ؟!
مسك ايدها الاتنين وهي بتبص على ملامحه وعلى ايدها، لمسته صابت قلبها برعشه قويه حسها هو في ايده وهي مش متخيله اللي بيحصل لها حالياً، ركزت مع كلامه هيقول ايه الكلمه اللي بتمناها ولا مجرد كلام ويتحول في ثواني اتفجأت بيه بيقول لها:
– ينفع حد زي القمر كده يتوتر وانا جنبه يرضيكي الكلام ده كده ماليش تأثر !
-خايفه ماكسبش وتخسر الرهان.
-لكن انا واثق إنك هتكسبي وترجعيلي قمر بتاج كمان.
-قمر انت شايفني قمر؟
-قمر بس ده إنتِ… (سكت مش عارف يكمل وهي روحها بتطلع عشان تسمع هيقول اي رده بلهفه والعيون بتقول كتير والقلب بيدق طبول العشق بس البوح صعب يتقال؛
– أنا أية؟
هز رأسها مع سؤالها بتشجعه يكملها عيونه على شفيفها ما حسش بنفسه غير وهو راقع قدامها وطلع علبه فيها خاتم الماس بيقولها مره واحده وفي جمله واحده :
-تتجوزيني ياهدهد؟
هدهد برقت وفضلت تبربش كتير، وحطت صباعها في ودنها تتأكد انها سمعت صح، ملامحها اتبدلت، مسكته من كتافه قومته وقربته ليها وقالت:
– اللي سمعته ده صح ؟! بجد عايز تتجوزني؟!
رفع ايده قدام وشه بشكل درامي يضحك:
-اي انتي هتضربي ولا اي؟
ضحك بأعلى صوته وقال:
– ايوة يامجنونه بحبك وعايز اتجوزك، اية مش موافقه؟!
ضربته في كتفته المتصاب بقوة، وجعته، وقالت بحب:
– وأنا بموت فيك يا آمر، موافقه طبعاً.
– اااه يخربيت عنفك، هتخليني اغير رأي، وارجع في كلامي.
– نعم، هو دخول من الباب زي خروجه، قاعده على قلبك.
حضن بأيده وشها بحب جامد وسألها:
– وأنا بموت فيكي، عمري ما قلبي دق لحد بالشكل ده، كنتي بتجننيني بتصرفات اللي مش مفهومه، وعليها مليون علامه استفهام؟! كنت بكدب نفسي وتجاهل مشاعري؛ عشقك اللي اقتحم قلبي بدون إنذار، يااااه أخيراً قدرت اقولهالك… وأنتِ بتحبيني ياهدهد؟
وفي لحظة اعتراف توجها التاريخ اعترفت له:
– ياااه بتسأل دلوقتي يا آمر، ده أنا كنت هموت يوم ما اتصابت، أنت حلم عمري اللي ما قدرت احققه، فكرة اني اشوفك واعيش معاك في بيتك، تقرب مني وتحبني، كانت من المستحيلاَت، حبيت ازمتي وظلمي عشان حطني في طريقك، أنا من يوم ما وعيت على الدنيا وقلبي دق؛ دق ليك أنت، معرفتش الحب غير من سحر احساسك وكلامك أنت، تعرف أنت الحقيقه الوحيده اللي في حياتي، ومش عايزة من دنيتي حاجة غيرك.
كان مستمتع بنظرات العشق اللي في عنيها، حس بصدق كل كلمه، ودقات قلبه بترفرف من السعاده، طلع الخاتم من العلبه ولبسها رفع ايديها لي شفايفه بسها بكل حباللي في قلبه، ولسه هتتكلم، خبط الباب ودخل “آسر” بسرعة وشافهم مع ابتسامه عريضه بس غصب عنه لازم يهدم اللحظة الجميلة دي؛ ويقولها تجهز الوقت جه، عيون “آمر” ادتها الثقه، مشيت معاه مرفرعه الراس، ممشوقه القوام بخطى ثابته على الاستيدج، والكل متابعها وبيدعي ليها.
وصلت “عزيزه” امها بلبسها الأسود؛ حزناً على رحيل جوزها الغالي، “آسر” عرفها على “آمر” وحبها جداً، ووقفه مش مصدقه أن القمر اللي واقفه دي بنتها، وفخورة بيها اوي، دمعها نزلت زغرطت بصوت عالي وبطه شاركتها الفرحة مش سيعاها، أخيراً الفرحه عرفت طريق لقلبها الحزين، بعد أيام طويله حزنت فيها لوحدها، “هدهد” سمعت الزغاريط وعرفت أن امها وصلت وشيفاها فرحت اوي ومسكت الخاتم اللي في ايديها زي ما يكون بيدفعها للإمام بكل حب وثقه وضعها فيها “آمر”، الكل ملاحظ اجاباتها المتميزة، واعجاب اللجنة بيها.
*************
الحارة قهوة “فتوح” اللي مسميها (كافي شوب) قاعد على البنك بيدي الاهواجيه(العمال) المبارك بتاع المشاري ومندمج اوي مع شاشه التلفزيون وبيشرب الشيشه وبيطلع دخنها من نخشيشه، وفي نفس الوقت “دياب” جه قوم واحد من مكانه و قعد هو واخد منه كوبيه القهوة اللي في ايده متعصب كان في بيت “هدهد” بيدور علي “عزيزة” اللي اختفت من يوم المستشفى ولا يعرف لها طريق هيتجنن كل الخيوط طارت من أيده، والحقد مالي قلبه، وكان في دنيا تانية خالص، فاق على صوت المعلم”فتوح” بيكلم “بيجا” ويقول:
– ياواد يابيجا، قرب هنا شوف كده البت دي اللي في التلفزيون؟
شوح بايده من غير مايبص وقاله:
– بت ايه بس يابا، انت خلصت على نسوانك الأربعه وهتلف على بتوع التلفزيون.
– بص يا غبي ياواد بقولك؛ ولف كده مش السنيوره دي تشبه لهدهد؟
– هدهد هو الصنف اللي بتشربه عالي اوي كده يابا ولا اية؟ اية اللي هيطلع هدهد مع الموزز دول؟
– ياواد اقرب بس، وبطل لماطك دي، ولسانك اللي عايز قطعه، وشوف كده احلوت ازاي؟
قرب “بيجا” من شاشه التلفزيون، وبحلق بعيونه لما جت الكاميرا على صورتها وهي بتتكلم وبتجاوب على الاسئلة صرخ بصوته كله ونطر صنيه المشاري في الهوى خض اللي قاعدين في القهوة وقال:
– هي يابا… وكتاب الله هي، حبيبي ياسطى هدهد، كنتي فين ؟ كل الغيبه دي وإنتِ مستخبيه جوه التلفزيون يالئيمه.
قام “دياب” من مكانه بعد ما سمع كلامهم وكل الحوار وقف قدام شاشه التلفزيون وفعلاً أتأكد إنها “هدهد” عقله شاط وكل الغل والحقد والكره اللي في الدنيا التجمع في عيونه ورفع ايده وبكل قوته ضرب الشاشه بكوبيه القهوة نزلت متدشدشه على الأرض كل الموجود اتفزع؛ جري ركب المتوسكل بتاعه وساق بأقصى سرعة عنده.
“بيجا” هيتجنن على “هدهد” عارف “دياب” واللي يقدر يعمله فيها وقف على كرسي في وسط القهوة ونادى على الناس أهل الحاره اجتمعوا كلهم والكل بيسأل خير في أية ؟! مسك ميكروفون عندهم رد بأعلى صوت:
-يا ناس ياخلق كلنا عرفين أن “هدهد” هربانه من الظالم المفتري “دياب” طول الوقت ده وهو بيدرو عليها والنهاردة عرف مكانها وأنها كانت مستخبيه في التلفزيون ده (بيشاورلهم على شاشه المكسره على الأرض) وانتوا عارفين جبروته، “هدهد” في خطر لازم نساعدها زي النوبه اللي فاتت بس المره دي على حق مش هنرضى بالظلم مين فيكم ماعندوش طار عند” دياب”، من فيكم ماتظلمش على ايده وحد يقولي كده ان هدهد مالهاش جميل في رقبة كل واحد فينا رجاله ونسوان ولازم نسد جمايلها دي كلها النهارده ونلحقها قبل ما المفتري ده يمسكها هاااااا قولتو اي يا رجاله.
كل الحارة اتحمست من كلامه وعرق الشهامه طلع والكل هلل رجاله وستات، وقرروا يروحوا معاه، “بيجا” نزل من على الكرسي لقى ابوه فتوح عيونه مدمعه وبيبصله اوي سأله:
-أي ده مالك يابا؟
اخده بالحضن وبيكلمه ومتاثر اوي:
-أول مره احس اني خلفت ياواد يابيجا رفعت رأسي بكلامك ده إلا كنت مخبي الشجاعه دي فين ياولاا.
“بيجا” بيعدل ياقه قميصه ويتفشخر قدام ابوه:
– امال انت فاكر ايه يابا؛ ده أنا ثورجي قديم وأعجبك اوي، ايدك بقى على 5000 تلاف جنيه لزوم المواصلات والسلاح للرجال.
“فتوح” لما سمع كلامه زقه وضربه على قفاه:
-يا شيخ غور، يموت المزمار وصوابعه بتلعب.
“بيجا” مسك قفاه ورجاله الحاره اجتمعوا تاني، وكل واحد فيهم اللي معاه موتوسيكل أو عربيه نص نقل لمو نفسهم واللي مامن نفسه واخد شومه، واخد سكينه، واخد سلاح معاه واتحركوا بيسالوا” بيجا” على فين تنح كده شويه وفي الآخر رد:
– احنا نروح على شاشه التلفزيون على طول ونسأل هناك.
رد واحد من شباب الحاره وقاله على العنوان وأنه جابه من النت لأن المسابقه متذاعه عليه وطلعوا على هناك.
“دياب” وصل بسرعه البرق لي مكان المسابقه؛ وناوي على الشر دخل بكل سهوله، مش معقول واحد من الشرطه يمنعو دخوله، استغل كرنيه الشرطه لي غرضه، ماشي بيخبط في الناس مش عارف اي بيودي على فين، ولا اي حاجه مش عايز غير عيونه تلمح هدهد وبس، و أخيراً لمحها واقفه في مكان عمره ماجه في خياله، انها تكون اتخبت منه مع الناس العليوي دي، ويسأل نفسه عرفتهم منين بس؟! شايفها غير هدهد اللي كل الناس عرفناها، هي دي هدهد اللي كان بيتمناها؛ كان عارف ومتاكد ان ورأى العِمه ولبس الرجاله موزه على حق، وأنها من حقه وبس، وان روحها بأيده هو وبس، واتوعد لها لما يمسكها هيعرفا ازاي تهرب منه، خلاص بينه وبنها كام خطوه ويطولها.
انتهت المسابقة، واعلنت لجنة التحكيم فوز “شاهي” وتم تتويجها، ولبست تاج الملكة، كانت واقفه والسعادة ملية وشها، واديها طول الوقت لامسة خاتمها اللي توجها بيه حبيبها من لحظات، كل حبايبها فرحانين وقربو شويه من الاستيدج عشان يستقبلوها ويهنوها حتى ملك ما قدرتش تبعد مع التوتر العلاقه و وجود آسر بس قربت معاهم…
اتفاجأت بسؤال المذيع ليها بيقول:
– السؤال ده خارج المسابقة، بنسأله لكل ملكة جمال عادةً..
لو قولتلك فضلك يوم واحد بالحياة، ممكن توصيفيلي هتقضيه ازاي، ومع مين؟
ابتسمت “شاهي” وضمت خاتمها، وعينها جت ناحيه كل حبايبها، وردت بكل تلقائية، وبهدوء، وصدق من قلبها:
– هصحى مع أول خيوط الشمس، على صوت احن قلب في دنيا؛ امي حببتي، ابوس ايديها واقولها انتي أغلى ما ليا وان الدنيا بغيابك صعبه اوي.
عزيزه بعتت لها بوسه على الهوى بفرحه كبيره.
وانزل افطر مع وعبده، ونحكي كتير كتير ويدعيلي وانا ماشيه.
بتدور بعيونها على عبده؛ بس مش شيفاه وعزيزه مسكت قلبها بايدها، ودمعها نزله وبس مش عارفه هتقول لها اي طبطبت بطه عليها توسيها.
واطلع العب مع علي واناكف في بطه واحرضها على ماهر ونجري ورا بعض لحد ماتعب.
بطه بعتت لها بويات كتييير و علي واقف بيتنطط عشان سمع اسمه بصوت عالي ماهر شاور لها كاتحيه منه.
بعدها اروح عند “ملك” هلقيها زعلانه من واحد مخه تخين (عيونها جت على آسر وهو بصلها بنص عين ضحكت على شكله وهو بص ورا وعيونه اتقبلت مع ملك) اخدها ونطلع على المأذون نلاقي آسر متكتف على كرسي مش هفكه الا ما اجوزهم (آسر برق لها و ملك ضحكت من بين دمعها والكل ضحك معاهم) واخلص منهم وأخرج مع”سالم” بيه يعزمني على ميلكتشيك زي ما وعدني
(غمزت له من بعيد وهو رفع ايده علامه لايك تأكيد على كلامها)
كملت بحب وعشق وعيون بتلمع من شوقها..
-آخر الليل اجري على حبيبي نسهر لي اخر لحظة في عمري على شط البحر وضوء القمر ونحكي له عن شوقنا واحلامنا، واحنا بنسمع اغنيه بودعك وبنشاور لي ميشو وهو مترحل في مركب على بلده اصله مش هينفع يعيش هنا بعد ما اتجوز انا وحبيبي.
ضحكت اوي وآمر قدمها بيشجع فكرتها جداً كل الحضور ضحكو كتيير اللي يعرفه واللي ما يعرفه كمان، غضب هو وزعل من كلامها ورد بصوت عالي:
– يالله انا زعلت منك و بدي ادعي عليكي الله ينتقم منك????
كانت بتتكلم اخر كلماتها، وعينيها على “آمر” االي الابتسامة مش مفارقة وشه، سعيد بأجمل تفاحته البيور بنقاء قلبها فاكره الكل وبتحب الناس مع كل الظلم اللي عاشت فيه لكن انها مش شايله كره ولا حقد لحد وأخيراً لقاها بعد طول إنتظار.
فجأه عند اخر كلامها كان “دياب” وصل قدمها منتظر أنها تجيب سيرته، او ده اللي هو كان موهوم بيه، اتصدم من كلامها، قرب واقتحم الاستيدچ، الكل اتفاجأ باللي طلع من غير مقدمات، طلع لحد عندها واقف قدمها ماسك مسدسه من غير حواجز ولا اي شئ يفصل بنهم، أول ما شافته اتصدمت، وقفت مكانها متسمره لسنها اتعقد من صدمتها، باقي المسابقات خافت من المسدس وجريت في حاله هرج ومرج، حاجه رؤيه “آمر” والكل عن الاستيدج، وفضلت “هدهد” واقفه، مش عارفه تنطق، راح هزها وبصوته العالي زعق وبيشوح بايده وقال:
– وأنا فين ياهدهد من كل ده، أنا اللي ضاع في الهوى عمره، فكرتي هتهربي مني لحد امتى هه؟ لو رحتي جهنم كنت هجيبك بردو انا مافيش حد يهرب مني.
بص حوليه لقى عزيزه وبطه و ماهر ضحك بعزم ما فيه وشاور بايده:
-الله ما الحبايب كلهم هنا اهو لأ عفارم عليكو قدرتو تتوهو “دياااب”
نطق اسمه بجبروت وغضب لدرجه عروق وشه برزه.
طلع “آمر” وقف قدام “هدهد” يحميها عرف ان ده اللي ظلمها وعذب روحها كان عايز ينتقم منه قرب هو والأمن يهجم عليه، زعق بجبروت:
– كل واحد يقف مكانه واللي هيقرب اخلص عليه احنا بنلعب لاااا انا شرطة وجاي انفذ حكم وجب النفاذ على الملكه.
رجال الأمن اول ما سمعو كلامه وقفو مكانهم ماعدا “آمر” وقف في وشه وهد استخبه في ضهره اول مره تلاقى لها ساتر أو سند تدار ورآه من ضرب الزمن.
ضحك من قلبه بغيظ وحقد لما شافها متخبيه كده.
-ابعد ياقمور لعمو “دياب” يعورك وجمهور يحزن عليك، وأنتِ اي لقيتي اللي تتحامي فيه؟! كان لزومه اي كل اللي حصل كنت هبقي حميتك وكل حاجه لكن نقول اي بقي على اللي بترفص النعمه اهو ربنا زالها من وشك وهتروحي في كلبووش يا ملكه.
– اه يا “دياب” ربنا بعتلي اللي يحميني منك.
شاور له آمر بايده ورد:
-نزل اللي في إيدك ده مابخافش مالوش لازمه الحقيقة خلاص ظهرت خلاص.
جه يقرب عليه “دياب”ضرب طلقه في الهوا، قرب ومخافش منه “آمر” وبكل حقد وغل ضربه بدماغ دوخت “دياب” وزقه بأيده وقع “آمر” ، اتخبطت راسه في سن مدرجات الاستيدچ، فقد الوعي، صرخت “هدهد” بأعلى صوتها تنادي عليه، جريت عليه مالحقت توصله، مسكها كتف ايديها، “آسر” و”سالم” و”عزيزه” الكل كان واقف مرعوبين عليهم، “ماهر” متكتف مش عارف ينقذها، و”بطه” ، و”ملك” دموعهم نازله خايفين من أذى” دياب” الأمن واقف حاجزهم، “هدهد” حاولت تفك نفسها من ايده، بس كان مصوب المسدس على راسها، بإيد، والتانيه محوطها برقبتها، زعقت بقوه وبصت في عيونه وقالت:
– انت خلاص يادياب انتهيت، الحكومه عرفت كل حاجة، ودليل اتقدم وانكشف انك انت اللي قتلت الحُن، والمعلم، سلم نفسك خلاص مفيش فايده من اللي بتعمله ده.
– بالبساطة دي، انتي بتحلمي ياهدهد، يانعيش سوا، يانضيع سوا، ملهاش تاني يا ملكة.
الشرطه وصلت وحوطت المكان و في المقدمه المأمور بتاعه كلمه انه يستسلم:
– سلم نفسك يادياب، المكان كله محاصر، انا ياما حذرتك تسيب القضية دي وتبعد عنها، لكن أنت ضيعت نفسك.
– لا ياباشا، أنا مش هضيع لوحدي، إحنا دافنينه سوا، مفيش حاجة عملتها غير بإذنك وتحت علمك.
كان بيتكلم والشر بيطلع من عيونه، “آمر” فاق وببحاول يلف ورا ظهره، “هدهد” لمحته بعيونها، قام بسرعه ضربه بكوعه على راسه، حصله عدم توازنه، ضربته “هدهد” بكعب جزمتها على رجله، وقع منه المسدس، ضربه “آمر” باللكمه كذا مره، آسر عرف يفلت من رجال الشرطة وكمل ضرب عليه اتجمعوا العساكر مسكوه وكتفوه، قام وهو بيصرخ فيهم، فاق على صوت المأمور بيقوله بغضب:
– كل جرايمك هتتحاسب عليها يا دياب انت اللي عملت في نفسك كده.
امر بالقبض عليه، وهو ماشي معاهم كان بيوجه كلامه لـ”هدهد” بيقول بتهديد:
– راجعلك ياهدهد، اوعي تفتكري اني انتهيت خلاص و ارتحتي مني، ابداً هيكون وراكي مكان متكوني، أنا الكابوس اللي هيلازمك في كل احلامك.
خرج مقبوض عليه وفي ايده الكلابشات، وده كان نهاية الظلم، واما “آمر” ضمها لحضنه بكل خوف وحب من فقدانها، بادلته اللحظة، وخرجت من حضنه تتطمن على راسه، ومشيوا مشبكين ايديهم في بعض.
*************
أثناء خروج “دياب” كانت اهل الحاره صلوا ومتجمعين في انتظاره ورجال الشرطة رفضوا دخلهم اول ما ظهر قدمهم هجموا عليه العساكر خافت من التجمعات وسابوه ليهم وكل واحد له طار معاه كان عايز يصفيه، منهم الستات اللي كان بيضايق فيهم في الرايحه والجاية، والرجاله اللي كان فارض عليهم اتاوة بالغصب، والشباب اللي كان بيعذب فيهم بالباطل، بيضربوه بالرجلين في انحاء جمسه، الكل بيضرب بغل، و وجع سنين منه، بدون اي شفقه او رحمه.
المأمور والظباط ادخلو يلحقوه من أيديهم ضرب كام طلقه في الهوى يفض التجمع العساكر سحبوه من تحت رجليهم كان يادب بيطلع في الروح ودي نهاية كل ظالم.
***************
جريت “هدهد” على امها “عزيزه” تحضنها بشوق ولهفه، اخيرا عرفت طريق امانها في حضن امها، كانت بتعيط من طول حرمانها منها ومن “عبده” اللي اول ما افتكرته، خرجت من حضنها، وبتبص حواليها تدور عليه، اد ايه هي كانت محتاجة تشوفه وترتمي في احضانه، لكن ملقتهوش، نظرت في عيون امها، وعبايتها السودا، اللي مش بتحب تلبس اللون ده ابدا، هزت راسها كتير وقالت:
– لا… لا… لا اوعي تقوليها يا أمي، اوعي لسانك ينطقها..
حطت اديها على بقها، ومقدرتش تكمل، لمحت عيونها بتلمع من الدموع، ارتمت في حضنها وقالت بصوت حزين:
-ااااه… كده تسبني ياعبده في عز فرحتي؛ اللي اتطفت بموتك ياغالي، كنت محتاجة تفرح بنجاحي اوي، سبتني لمين ياعبده.
قرب منها “سالم” وخرج منديل من جيبه، ومسح دموعها اللي مش عايزة توقف، مسكها من كتفها وبص ليها بنظره حب وحنان وقال:
– ادعيله ياهدهد، ربنا رحمه من تعب المرض، وهو دلوقتي في مكان افضل بكتير، أنا عرفت انه كان تعبان، اطلبي له المغفره من ربنا، واعتبريني أنا ياستي عبده، تحبي اغيرلك اسمي عشان توافقي.
حب بخفة دمه واسلوبه الراقي يخفف عنها ويخليها تبتسم لاحظت نظراته “عزيزه” فعدلت خصلات شعرها الذهبيه من تحت الايشارب اللي مبين نص شعرها، وقربت مبتسمه من هدهد وسألتها:
– مش تعرفيني بالبيه ياهدهد؟
شاورت عليه وقالت من بين شقهقتها:
– ده يا أمي “سالم بيه خطاب” ، صاحب شركات خطاب اللي أنا عامله المسابقه معاهم وهكون الموديل بتاعهم.
ابتسم ليها “سالم” ومد إيده يسلم عليها، وانحي وباسها بچنتله وقال:
– اهلا ياهانم نورتينا.
ايديها لسه في ايده عيونها بتبصله اوي، مش بتنزل من عليه، والاسم بيرن في راسها مش بيقف زي صفارة قطر ضربت في نفخها، وبتسأل روحها سمعته فين، عقلها بقي عامل زي الترس بيلف ويدور ويجي في مخيلتها وشوش ناس كتير ولسان بين ق أسماء كتير بتدور عليه هي عارفه وفاكره انها تعرف الاسم ده كويس وأخيراً وصلت بذاكرتها لي “سمير الجوكر” والحادثه لما قالها
فلاش باك
راجعين من سهره آخر الليل سمير كان سكران طين وسايق العربيه جت عربيه نقل كبيره ضربت نور في وشه جامد بقي مش عارف يروح فين العربيه خرجت عن مسارها وانقلب كذا قلبه وسواق النقل هرب ومافيش حد في المكان سمير الدم نازل من راسه كتير وعزيزه بتصرخ الكرسي زانق على ضهرها بس مش عارفه تعمل ايه كلمها سمير وهو بيطلع في الروح:
-عزيزه اسمعيني كويس جه الوقت انك تعرفي الحقيقة.
-ااه هموت يا سمير مش قادره ضهري اتكسر.
– انتي اكيد ربنا هينجيكي عشان خاطر بنت لكن انا عملت كتير فحلاص ربنا مش هيجي واحد زاي.
-لا هينجينا احنا الاتنين عشان بنتنا يا سمير.
-خلاص مافيش وقت لازم اقر بذنبي حتى ابقي عملت حاجه كويسه قبل ما اموت؛
شهد بنتك انتي مش بنتي.
رده بألم :
– اه.. اه انت بتقول أيه يا سمير ليه بتقول كده حرام عليك.
– هي دي الحقيقه انا عندي عقم وعارف من سنين من قبل ما اتجوزك كمان.
عزيزه الكلام عقد لسنها وبقت مش عارفه ترد هل بيتهمها في شرفها ولا يقصد اي وبنتي دي جت منين؟! هي رقاصه اه لكن شريفه عمر ما حد لمس شعره منها كمل الحكايه:
-من خمس سنين في يوم بعد ما خلصتي نمرتك جالي راجل عليوي اوووي اسمه “سالم خطاب” دفعلي مبلغ كبير وطلبك في سهره خاصه ولما قولت له انك مراتي وانك مش بترضي على السهرات اللي من النوع ده زغلل عنيه بي خمس أضعاف المبلغ ضعفت قدام المال يومها قولتلك أن في سهره وكده وانتي اتزبنطي عليا ورفضتي اخدتك انا وفهمت اني حاجز لينا في فندق شربنا وحطتلك برشام في الوسكي يخليكي ما تشوفي قدامك وسلمتك بأيدي له ولما فقتي كنت انا اللي قدامك.
عزيزه مش عارفه تصرخ من الألم ولا من دبح جوزها ليها.
-بعدها عرفتي انك حامل حولت كتير انزل الحمل وانتي ما رديتي رحتله اشوف حل معاه رمالي فلوس هددني لو شاف وشي أو رحت له تاني ها ياذيني سامحيني يا عزيزه.
طلع السر الإلهي وآنا اخد أمانته.
غمضت عيونها بعد زوال الذكرى، وكلام جوزها رن في ودنها، بصت بعيونها لـ”سالم” نظره كلها خذي منه قالت:
– اية مش فاكرني ياسالم بيه؟ مش فاكر عزيزة اللذيذه؟ اية السنين اللي فاتت غيرت شكلي، نستك عزيزة اللي الجوكر باعها بكل خسة ليك، وقدمهالك، على طبق من دهب، ارجع كده لذاكرتك ٢٠ سنة فاتت، وقلب في دفاترك القديمة، هتلاقي ضحيتك نايمه مش دريانه بدبحك ليها، وهي مش دريانه باللي حوليها، افتكر، بص ليا كويس هتعرفني أكيد مافش حد ذينسي ذنوبه.
“سالم” بيسمع لكلامها، وشريط حياته الماضية بيدور قدامه، كل الستات اللي عرفهم شايف صورهم، وفجأة جت صورة” عزيزة” قدام عيونه، بلهفته عليها، وإزاي كان هيتجنن عليها ويطولها، سواء برضاها أو غصب عنها، واتفاقه مع جوزها انه يقضي ليلة معاها بدون علمها، رجع خطوتين لورا، حس انه هيقع من الصدمه والذهول سيطر عليه، والكل واقف مش فاهم حاجة، مسكه ابنه “آسر” قبل مايقع، بص “لعزيزة” وقال:
– معقول أنتي !! بعد كل السنين دي نتقابل تاني ياعزيزة٠
– شوفت ازاي دي الدنيا اوضه وصاله يا سالم بيه، لما كنت لسة بشبابي، دورت عليك ولفت في كل مكان، عشان الاقيك و وريك بنتك لكن الزمن كان كفيل يفرمني في دوامه وماعترش فيك. واهو ادينا وقفين قصاد بعض (طب بت على كتف هدهد وكملت) شوفت بنتك حلوة ازاي! ياترى قلبك حن ليها؟ اكيد لازم يحن ياسالم بيه يابن الأصول، مش الدم بيحن برضو؟ هدهد تبقى بنتك اللي معرفتش انها بنتك غير يوم وفاة الجوكر قالي على كل حاجة قبل مايموت… قالي اد اية كان ندل ووسخ، سلمني ليك وقبض الثمن، ولما حملت منك وأنا معرفش؛ اصر أني أنزلها لأنه كان عارف حقيقته ، وان هدهد مش بنته، وانها بنتك أنت، اللي اتبريت منها وهي لسه في بطني.
خلصت كلامها مره واحده، وماصدقت طلعته، كانت كتماه في قلبها سنين طوال، واخيرا جه وقت ظهور الحقيقه، وكشف المستور، عيونه نزلت الدموع منها لاول مره في حياته، عمره ما شال هم للدنيا، عاشها طول حياته بالطول والعرض، عينه بتبص على “هدهد” بتترجاها تسامحه، و “آسر” اللي مش قادر يستوعب الحقيقه، وفرحة “آمر” اللي بترقص في عيونه، عشان طلعت تفاحته بنت عمه، ومفيش حاجة هتمنعهم من بعض.
ركع برجله “سالم” قدام “عزيزة” وقال:
– ارجوكي سامحيني ياعزيزه، كنت زمان شاب وطايش، والدنيا واخدني بزينتها، وعمري ما جه في بالي لحظة أن الجوكر يكون بيتكلم جد، افتكرته يومها بيبتزني عشان ياخد فلوس بيستفزني وخلاص، بصتله بنظرة عطف، ومسكت ايده قومته، وكلمته:
-قوم يا سالم قوم مسامحة مش هتكون في قذاره اللي جوزي عمله وسامحته ربنا عوضني بي هدهد وانا راضيه بعوضه.
قرب من “هدهد” اللي الدموع نازله مش بتقف، وقالها:
– احساسي بيكي من اول ما شوفتك مكدبش عليا، كان في حاجة بينا إتصال روحاني غريب، خلاني مشدود ومش عارف السبب.
مسحت عيونها وبصت جوه عنيه شافت ندمه وحب كبير جواها:
-طب انا اعمل اي دالواقت افرح اني عرفت طريق ابويا ولا أحزن على امي واللي اتعمل فيها؟ كنت حالفه اول ما تظهر براتي ادور عليك واقتلك بأيدي.
التفت لها عزيزه ورسالتها عرفتي ازاي ومنين حكت لها أن عبده هو اللي عرفها بس قبل ما يقول على اسمه هربت يومها.
قرب آسر منها، ومسكها، وعينيهم اتقابلت في نظرة حب أخوي صادق، مسح دموعها وقال:
– دلوقتي بس عرفت اترجم احساسي بيكي ايه ياهدهد، من يوم ماشوفتك قلبي دق ليكي، بس مكنش حب راجل لست ابدا، وده اللي كان مجنني، ومش عارف افسره، بس مخليني اساعدك واحميكي من غير ما نعرف اي الله اللي بنا، وادفع عمري كله عشان متتأذيش، واكون سندك.
ارتمت في حضنه وهو ضمها جامد، وهمست وقالت بين شهقاتها:
– الله حضنك حلو اوي يا أخويا ياأحلى سند في الدنيا، ياماكان نفسي طول عمري يكون عندي اخ حنين كده زيك.
قرب “آمر” بغيرته المعهوده، وخطفها من حضنه وقاله بحده:
– اي ياعم انت ماصدقت، وبتحضن كده، ابعد كده متقربش من تفاحتي تاني.
اخدها آسر منه، وضمها ورد عليه:
– أنت فاكرها سايبه ولا إية؟ نجوم السما اقربلك منها، دي اختي أنا والله لا لففك حولين نفسك عشان تلمحها بس.
ضحكت “هدهد” من قلبها، ومسكها والدها “سالم” وضمهم كلهم لحضنه وقال له:
-بس بطل رخامه، انتوا كلهم ولادي، وغلاوتكوا واحده، ويوم المنى يا آمر لما تتجوز بنتي حبيبتي.
اعترض آسر وقال:
– يابابا أنت هتدهاله كده بسرعة، لأ بقى، أنا مش هفرض فيها ومش هياخدها، إحنا مشبعناش منها.
قربت من حضن آمر وهو ضمها جامد، ووجهت عينها لـ”ملك” اللي كانت زي القمر بمظهرها الطبيعي، وعينها بتبكي متأثره بالموقف، ومسكت اديها وقالت لاخوها:
– خد دي ومش هتندم، اوعى تضيعها من ايديك عشان كلام فارغ، وبعدين تندم عمرك كله عليها.
استقبلت عيونهم في نظره كلها حب وعشق، مسك أديها، ومسح ليها دموعها، كانت لسه هتتكلم، حط ايده علي شفايفها وقال:
– بحبگ ومش هقدر استغنى عنك، انتي اللي كنت بحلم بها طول حياتي، واخيرا لاقتها، ومعنديش استعداد اسبها تضيع من بين ايدي تاني.
– وأنا كمان بحبگ اوي يا آسر، وحتى لو كنت مسامحتنيش، كنت هكتفي بأجمل أيام عيشتها معاك، وانسحب من حياتك كلها، وأعيش على حبك طول حياتي.
– أنسي ياملك، وخلينا كلنا نبدأ صفحه جديده، وحياة جديده مفيهاش كدب ولا خداع تاني.
أكد “سالم” على كلامه وهو موجه نظره “لعزيزه” وقال:
– فعلا يالا نبدأ من جديد، وننسى كل الماضي بآلامه وعذابه، اديني فرصة اصلح اخر خطأ ارتكبته في حقك يا عزيرة.
آنت ضحكتها المعهود وقربت على بنتها وبستها:
– أنا مش عايزه حاجه من الدنيا خلاص هضربها بالصرمه القديمه أهم حاجه بنتي في حضني ومع عرسها زوزو كده مبسوطه على الآخر.
ضحكو من قلوبهم و”آمر” اخدت تفاحته والكل راح الفيلا عنده، يحتفلوا بفوزها، واتصل آمر بالمأذون، عشان يكتب كتابه عليها لا آسر يغير رأيه ويزله زي ما بيقول، و”آسر” كمان قرر يكتب كتابه على “ملك” اللي سبقهم على هناك، وكانت مفاجأة للكل، بس كلهم فرحوا جدا، وحط ايده في ايد عمه سالم، اللي الفرحه فعلا ما كانت سيعاه، وتمت مراسم توقيع العقود، وقرروا يعملوا الزفاف مع بعض، ويسافروا يقضوا شهر العسل سوا.
وانتهى الظلم، وانتشر الحب ورجوع الحق لأصحابه، وعوضت الدنيا “هدهد” والازمه عدت على خير، وابتسمت ليها الدنيا وفردت ليها جناحتها بكل حب وحنان أعظم أم ، بزوج حنين بيعشقها، وأب رائع بيحبها، وغمرها بكل حنان، وأخ نعم السند، اللي على طول بتخانق مع آمر عشانها، وغيرته اللي مش بتنتهي.
تمت بحمد الله
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عشق ياسين للكاتبة سمسمة سيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!