Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل العشرون 20 بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل العشرون 20 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل العشرون 20 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل العشرون 20 بقلم بتول علي

وصل وليد بصحبة عمر وهنا إلى المنزل لتستقبل الجدة عمر بالأحضان والقبلات لا تصدق بأن حفيدها قد عاد لها بالفعل بعد تلك الفترة الطويلة التي ابتعد فيها عن المنزل.
نظرت لها هنا بعبوس مصطنع:
-“أجل عمر هو ابن البطة البيضاء الذي يستحق الأحضان والقبلات أما أنا فابنة البطة السوداء التي لا تستحق أن يرحب بها أحد”.
شدتها الجدة من ذراعها واحتضنتها قائلة بحب:
-“أنتم كلكم أحفادي وجميعكم متساوون بالنسبة لي ولا يوجد فرق بينكم عندي”.
أمسك وليد عمر وهنا من أذنهما وقال:
-“انتهى وقت الترحيب وحان الآن وقت العقاب … يجب أن ألقنهما درسا”.
زجرته الجدة بحزم وهي تربت على شعر عمر بحنان:
-“ابتعد عنهما وليد ولا تلمسهما”.
نظر لهما وليد بغيظ وتركهما ثم وجه حديثه للجدة قائلاً:
-“تذكري دوما بأنكِ أنتِ من أفسدتهما بدلالك الزائد والمبالغ”.
ضحكوا جميعا ليضحك وليد هو الأخير ويضمهم إلى صدره تحت نظرات صفاء المشتعلة فهي لم تكن تتمنى أن يتعافى عمر … تقدمت نحوهم وهتفت بنبرة جاهدت بأن تبدو لطيفة ولو بشكل ظاهري:
-“وأخيرا عدت يا عمر … البيت كان كئيب جدا من دونك”.
ابتسم عمر لزوجة عمه بمجاملة رغم أنه يعلم بأنها متضايقة بسبب عودته سالما وقال:
-“شكرا لكِ زوجة عمي … هذا لطف كبير منك”.
رفعت الجدة حاجبها باستنكار فهي أكثر من يعرف صفاء وطباعها البغيضة التي تؤكد بأن هذه اللطافة وهذا الحديث الجميل من وراء قلبها الأسود الذي يحقد على الجميع.
فهمت صفاء من نظرات الجدة لها بأنها لم تصدق مسرحيتها السخيفة ولكنها لم تهتم فهي تركز الآن على خطتها الشيطانية التي ستنهي بها حياة إيمان دون أن تترك أثر خلفها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
-“لا تقلق … اطمئن … سأجعلها توقع على الأوراق”.
كانت كاميليا نائمة ولكنها كانت تتقلب في سريرها ووجها متعرق بشدة وهذه الكلمات تتردد بقوة داخل أذنها.
استيقظت من النوم وهي تشعر بالفزع واعتدلت في جلستها بضعف ووضعت رأسها بين كفيها وظلت تفركه بشدة حتى يهدأ ذلك الصداع الذي تشعر به يغزو رأسها وأخذت تتساءل عن تلك الكلمات التي تسمع صداها في أذنها كلما تغفو بصوت صديقتها المقربة ياسمين فهذا الأمر أصبح يحيرها كثيرا.
تلك الكوابيس أصبحت تخيفها فهي تلازمها باستمرار في منامها منذ أيام بعدما عادت إلى المنزل وتأبى أن تتركها.
خرجت كاميليا من الغرفة وذهبت إلى غرفة المكتب حيث يجلس فارس … دلفت إلى الغرفة بعدما طرقت الباب عدة طرقات وسمعت صوت فارس يأذن لها بالدخول.
جلست أمامه واستطاعت أن ترى ملامحه التي كساها الإرهاق … لاحظ فارس تحديقها به فابتسم لها به بلطف لتبادله هي الأُخرى فهو لا يريدها أن تعلم أي شيء عن حقيقة ياسمين وما فعلته بها حتى لا تتأثر نفسيتها.
-“هل نمتِ بشكل جيد؟”
سألها باهتمام كبير لتجيبه بإيماءة من رأسها فهي لا تريد أن تقلقه بكوابيسها فيبدو من ملامحه أن لديه مشكلة ولا يريد أن يخبرها بالأمر لأنه يخشى عليها.
-“أنا بخير فارس لا تشغل بالك بأمري … فكر في نفسك قليلاً واهتم بصحتك لأنني أرى وبوضوح أنك أصبحت تسهر كثيرا وترهق نفسك أكثر من اللازم”. 
تحرك وجلس أمامها ثم ملس على وجنتها قائلاً بعشق خالص لها وحدها أصبح واضحا من نظرات عينيه:
-“أنا بخير كاميليا لا تقلقي … ثقي بي الأمر لن يتطلب سوى بضعة أيام فقط وينتهي كل شيء”.
رغم كل محاولاته لجعلها تتأكد بأنه لا يوجد ما يشغل باله ولكن حدسها أخبرها بأنه يكذب عليها وأن هناك شيء يقوم به من وراء ظهرها وستسعى جاهدة لمعرفته.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
طرق “أسر” باب غرفة والدته مرتين قبل أن تسمح له بالدخول إليها.
دلف إلى الغرفة ووجد والدته تجلس على سريرها وتشيح ببصرها عنه كما توقع بالضبط فجلس أمامها قائلاً بحزن:
-“إلى متى ستظلين غاضبة منِّي؟! ماذا فعلت حتى أستحق منكِ ذلك؟”
رفعت حاجبيها ورمقته بغيظ قائلة:
-“خالفت رغبتي وتركت إيمان”.
قلب عينيه بضجر فقد شرح لها مرارا بأن إيمان هي أنهت الأمر من طرفها دون أن يتدخل أو يضغط عليها لتفعل ذلك ولكن والدته تصر على أن تحمله المسؤولية كلها.
-“إيمان هي من تركتني أمي … كم مرة يجب أن أقول لكِ هذا حتى تتقبليه؟!”
تصلبت عينيها عليه وهتفت معترضة:
-“انظر إلى نفسك جيداً … أنت سعيد جدا لأنها تركتك وهذا يعني أنك جعلتها تشعر بأنك لا تريدها وهذا هو السبب الذي دفعها لتنفصل عنك”.
هتف بنبرة متضايقة محتجة:
-“أنا لم أفعل لها أي شيء أمي … إيمان لم تكن تحبني من الأساس”.
نظرت له مستنكرة ، فتابع مؤكدًا:
-“أجل أمي … إيمان لا تحب سوى عمر ابن عمها وهو أيضا يحبها”.
أطرقت رأسها ورددت بأسى فقد أصابتها خيبة أمل كبيرة فهذا يعني أن أسر سيعيش على ذكرى مهجة ولن يتزوج ويكون له أسرة كما تحلم:
-“هذا يعني أنني سأموت قبل أن أفرح بك وأرى أولادك”.
اندهش من حديثها فانحنى على جبينها يقبله قائلاً بلهفة:
-“أطال الله في عمرك أمي”.
استطرد برزانة وهو يقبل كفيها:
-“أنا وإيمان لم نتزوج لأنه ليس مكتوب لنا أن نكون معا … عندما تظهر المرأة التي مكتوب لي أن أتزوجها فستجدي ذلك يحدث حتى ولو كنت معترضا لأنها في النهاية مشيئة الله وحده التي لا يمكننا أن نعترض عليها”.
رفعت والدته نظرها له ودعت الله أن يرزقه بابنة الحلال التي يستحقها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
‏-“ما رأيك أن ترافقني اليوم في زيارتي إلى منزل فارس؟”
اقترح وليد ذلك على عمر الذي رحب بالفكرة وقال: 
-“حسنا سأجهز نفسي وأرافقك”. 
ارتدى “عمر” ملابسه ثم ذهب برفقة وليد إلى منزل فارس الذي رحب بهما بشدة:
-“لم أصدق وليد عندما أخبرني أنك عدت بالأمس … اشتقت لك كثيرا يا ابن عمتي”.
عاتب فارس عمر على سفره وإجراءه تلك الجراحات الخطيرة دون أن يخبرهم. 
ابتسم عمر وقال:
-“أنا سعيد جدا لأنك تصالحت مع والدتك وعادت المياه إلى مجاريها”.
زفر فارس بجدية فهذا ما كان يجب أن يحدث منذ زمن طويل:
-“أنا لم أكن أبغضها … الأمر فقط كما أخبرت وليد أنني كنت بحاجة ماسة إلى بعض الوقت حتى أتجاوز هذا الحاجز الذي صنعته السنين بيننا وأستطيع تقبلها في حياتي”.
تدخل وليد في الحديث قائلاً:
-“أجل أنت قلت لي ذلك وأنا سعيد جدا لأنك وفيت بوعدك”.
مضى بعض الوقت قبل أن يغادر كلاً من وليد وعمر منزل فارس الذي صدع رنين هاتفه مباشرة بعد مغادرتهما فأجاب عليه بسرعة بعدما رأى اسم المتصل. 
ابتسم بظفر بعدما أنهى المكالمة فقد كان المتصل هو أحد رجاله الذين وكلهم ليبحثوا عن ياسمين وأخبره بأنهم عثروا عليها وأنهم يحتجزونها في المستودع القديم.‏
أخذ فارس مفاتيحه ثم خرج من مكتبه واستقل سيارته ولم يشعر بكاميليا التي رآته وهو يغادر وتبعته حتى تعلم بالسر الذي يخفيه عنها.‏
دلف فارس إلى ذلك المستودع حيث أحضر رجاله ياسمين مقيدة الأطراف ومكممة الفم تحاول أن تستغيث بأحد ولكنها لا تستطيع.
رمقها فارس باستخفاف فقد ظنت تلك الحمقاء أنها ستفلت بفعلتها بعدما حاولت أن تحتال على زوجته بل ووصلت بها الجرأة إلى أن تخطط لقتلها ولكن شاء القدر أن تفشل خطتها ويُكشف أمرها  دون جُهدًا يُذكر وأن يعثر عليها في النهاية حتى يجعلها تنال الجزاء الذي تستحقه على أفعالها فهي ستسجن لسنوات بعدما يقدم جميع الأدلة التي لديه للشرطة ولن تستطيع أن تنجو من هذا المصير مهما حاولت ولن يفيدها الاستعانة بمُحامين لأنهم لن يستطيعوا أن يساعدوها بسبب قوة الأدلة التي بحوزته.
تقدم نحوها وجلس أمامها متمتما بتهكم:
-“مرحبا ياسمين … كيف حالك؟!”
وقعت عيناه على دموعها المحتجزة في عينيها قائلاً بسخرية:
-“يا إلهي!! يبدو أن تلك القيود ليست مريحة بالنسبة لكِ … صحيح؟”
نزع عنها اللاصقة بعنف لتصرخ بحشرجة:
-“أرجوك سامحني فارس … أعلم أنني أخطأت ولكنني لن أكررها مرة أخرى أعدك”.
احتنق وجهه بغضب وهو يصيح بنبرة عنيفة:
-“أسفة!! حاولت أن تقتلي زوجتي ثم تأتين بكل بساطة وتقولين أسفة؟! ماذا سأفعل بأسفك هذا وأنا كنت أموت كل يوم عندما كنت أرى زوجتي ترقد في تلك الغيبوبة بلا حراك؟! كانت تراودني كوابيس فظيعة كل ليلة وأرى أنني فقدتها”.
قبض على ذقنها بقسوة مستطرداً:
-“يجب أن تدفعي ثمن ما اقترفتيه بحق زوجتي”.
انسحب الدماء من وجهها حتى أصبح شاحبًا وباهتاً فحديث فارس لا يحمل سوى دلالة واحدة وهي أنه سيقتلها لينتقم منها بسبب ما فعلته.
انتبه إلى انقباض ملامحها والخوف الذي ظهر جليا في عينيها ليهتف بحدة وهو يكبح ذلك الوسواس الذي يأمره بأن يدق عنقها.
-“أنا لن أقتلك كما تعتقدين لأنني لست مثلك … سأسلمك إلى الشرطة وهي ستتصرف معك ومع ذلك الحقير … صحيح أنكِ تستحقين القتل ولكنني لن ألوث يداي بدماء امرأة قذرة مثلك”.
كل ذلك كان يحدث تحت نظرات كاميليا التي سمعت كل كلمة قالها فارس ولا تزال تلك الكوابيس تحاوطها رافضة الخروج من عقلها فقد كانت تراها وكأنها تعاد أمامها مرة ثانية ولكنها أصبحت تفهم الآن سبب سماع صوت ياسمين في تلك الكوابيس فهي لها يد فيما جرى معها.
لم تنتظر كاميليا كثيرا واقتحمت المستودع ليتفاجأ فارس برؤيتها … سألته بصرامة ولم تمهله الوقت ليتحدث:
-“أخبرني الآن ماذا يحدث ولا تفكر في أن تكذب ولو بحرف واحد … فهمت؟”
ابتلع ريقه بضيق فهو كان يخشى من تلك اللحظة التي سيضطر فيها أن يخبرها بحقيقة ما جرى معها يوم الحادث.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
عاد عمر إلى المنزل وأخذ يبحث عن إيمان ولم يتوقف إلا عندما أخبرته الخادمة بأنها أخذت فنجان الشاي الخاص بها وذهبت إلى الحديقة.
اقترب عمر من إيمان التي كانت تجلس أمام المسبح وتشرب الشاي في جو مليء بالهدوء ولكنه كئيب في ذات الوقت وهذا ما رآه عمر منعكس على ملامحها الشاردة.
جلس أمامها لتجفل من رؤيته ولكن سرعان ما استرخت ملامحها قائلة وهي تفرك أصابعها بتوتر:
-“أهلا عمر … هل عاد أبي برفقتك؟”.
هز رأسه ببطء قائلاً بإيجاب:
-“أجل ولكنه ذهب إلى غرفته لينام”.
عادت ترتشف الشاي دون أن تنظر إليه فهي لم ترحب به عندما عاد لأنها لا تزال غاضبة منه لأنه رحل وعرض حياته إلى الخطر ولم يكلف خاطره ويتصل بها ولو مرة واحدة بعدما تعافى.
نظر لها بحزن واستشف من ملامحها بأنها متضايقة منه ولكن انفرجت أساريره عندما تذكر ما أخبرته به الجدة في الصباح وهو أن إيمان انفصلت عن أسر من أجله.
تحدثت معه الجدة كثيرا وحثته على أن يتخذ خطوة أولية وجدية في الأمر وقد قرر أن يأخذ نصيحتها على محمل الجد ويعمل بها.
-“اشتقت لكِ إيمان”.
قالها فجأة ودون سابق إنذار لتنظر له إيمان بدهشة فقد ألجمت المفاجأة لسانها:
-“ماذا قلت؟!”
لاحظ تخبطها وحيرتها فأمسك كفيها ونظر لها وهتف بعشق وعيناه تلمع:
-“هل أخبرتك من قبل أنكِ جميلة جدا؟”
اتسعت عينيها من حديثه … هل يريد أن يجعلها مجنونة … هل سمعته حقا يتغزل بها وبجمالها؟!
-“هل أنت بخير عمر؟! أعتقد بأنه يجب عليك أن تذهب إلى الطبيب حتى يفحصك”.
نظر لها بحزن مصطنع قائلاً بعبث ماكر:
-“في الحقيقة يوجد لدي مرض خطير جدا في قلبي ولا يوجد له سوى علاج واحد”.
-“وما هو هذا العلاج؟”
سألته وهي تكاد تموت من القلق عليه ليجيبها وهو ينظر لها بهيام:
-“أن تقبلي بالزواج بي”.
نهضت من مقعدها وهدرت بغضب:
-“أنا لست في مزاج جيد حتى أستمع إلى مزاحك و….”.
-“لست أمزح إيمان … أنا أحبك كثيرا وأقف أمامك الآن وأطلب منك أن تتزوجيني لأنني لا أريد أن أكمل حياتي من دونك”.
قاطعها مصححا ليحتل الذهول وجهها ومن دون أن تشعر ضعت الفنجان الذي كانت تمسكه بيدها على حافة المائدة ليسقط الشاي الساخن على قدميها لتصرخ بشدة.
هرول نحوها على الفور قائلاً بفزع:
-“هل أنتِ بخير؟ هل أصاب الشاي قدميك؟”
أومأت برأسها وهي تغمض عينيها من شدة الألم الذي تشعر به في قدميها:
-“أجل … الشاي لم يصب سوى أصابع قدمي فقط”.
-“حسنا انتظري دقيقة واحدة”.
قالها وهرول بسرعة إلى الداخل ليحضر علبة الإسعافات الأولية التي تحوي على دهان لمعالجة الحروق ثم عاد واصطحب هنا برفقته حتى تضع لها الدهان على موضع الحرق.
أعطى عمر ظهره لإيمان لتقترب منها هنا وتضع لها الدهان ثم تنحنحت بعدما انتهت ليستدير عمر وينظر لها قائلاً:
-“شكرا هنا والآن أسنديها حتى تصل إلى غرفتها لترتاح”.
فعلت هنا ما طلبه منها عمر وأسندت إيمان لتوصلها إلى غرفتها وهو يسير خلفهما ولكنه توقف عند عتبة الغرفة تاركا شقيقته هي من تدخلها الغرفة.
غادرت هنا الغرفة لتبتسم إيمان بالرغم من تحذيرات عقلها إلا أن قلبها الخائن كان يتراقص فرحا لسماعه كلمات العشق والغزل ورؤيته الاهتمام والحب من جلاده ومعذبه.
ضحكت بشدة وتناست ألمها فهي لا تصدق نفسها من السعادة … عمر يحبها ويريد أن يتزوج بها!! 
-“يا الله!! لا أصدق أن حلمي تحقق أخيرا وعمر بادلني المشاعر ذاتها التي أكنها له!!”
أغمضت عينيها بفرحة غير عابئة بغضب صفاء التي استمعت لحديث عمر في الحديقة وعلمت بأنه ينوي الزواج بإيمان لتردف بغل:
-“تظنين أنني سأتركك تهنئين بحياتك بعدما سرقت ابنتي … أقسم أنني سأقتلك بأبشع الطرق ولن أدعك تحصلين على تلك السعادة التي لطالما حلمتِ بها”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرجت فريدة من المنزل لتلتقي بخالد الذي اتصل بها وأخبرها بأنه يريد أن يتحدث معها في أمر مهم.
صفت سيارتها ودلفت إلى المطعم وسارت حتى وصلت إلى الطاولة التي يجلس عليها. 
ابتسمت وقالت وهي تجلس أمامه:
-“ها أنا ذا أجلس أمامك … أخبرني الآن بماذا أردت أن تخبرني”.
-“متى سنحدد موعد الزفاف؟ كاميليا أصبحت الآن بخير ولا يوجد داعي لنؤجل الأمر أكثر من ذلك”.
قالها خالد بتساؤل لتبتسم فريدة بسعادة وهي ترى لهفته عليها ورغبته في الإسراع بالزواج بها وهذا يثبت لها بأنها أحسنت الاختيار تلك المرة فهي لا تريد أكثر من رجل يحبها ويقدرها ويحترمها والأهم من ذلك ألا يخونها كما فعل هشام.
-“سأتحدث مع فارس مباشرة بعدما أعود إلى المنزل فكما تقول أنت لا يوجد داعي لنؤجل زفافنا لوقت أطول”.
أجل ستتزوجه وهي لا تشعر بالقلق فهي واثقة من حبه الشديد لها كما أن هشام لن يستطيع أن ينفذ تهديده ويحرمها من ابنتها لأنها تجاوزت قبل شهر الثالثة عشر من عمرها وأصبح من حقها أن تختار من الذي تريد أن تعيش معه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
انتهى فارس من سرد التفاصيل على كاميليا التي رمقت ياسمين بقرف فهذه هي نفسها من اعتبرتها صديقتها المقربة وكانت تأتمنها على أدق أسرارها.
-“لماذا فعلتِ ذلك ياسمين؟ كل ذلك من أجل المال؟!”
صرخت بشدة وهي تنظر لها مستنكرة فعلتها:
-“اللعنة على المال الذي يجعل الإنسان يبيع نفسه ومبادئه وأصدقائه من أجله”.
انخرطت في نوبة بكاء مرير ليقترب منها فارس ويحاوط كتفيها قائلاً بحنو:
-“اهدئي حبيبتي ، هي لا تستحق حزنك”.
استندت على ذراعه وأردفت ببكاء:
-“كنت أعتبرها شقيقتي التي لم تنجبها والدتي … كنت سأعطيها لو أخبرتني بأنها تحتاج إلى المال ولم أكن سأطلب منها أن ترده”.
نظر فارس إلى ياسمين التي كانت تتابعهم بسخط شذراً وهتف موجها حديثه لزوجته:
-“أعدك بأنني سأجعلها تندم على خيانتك”.
طالعتهما ياسمين بتوتر اكتسحها قائلة بتلعثم وجبينها يتعرق من كثرة الخوف:
-“ماذا ستفعل بي؟”
وكان جوابها هو قوات الشرطة التي دلفت إلى المستودع وألقت القبض عليها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نظرت حسناء إلى حدائق القصر بسعادة فهي أصبحت الآمرة والناهية بعد رحيل مهجة ولكنها تريد أن تضع يدها على تلك الأملاك حتى تصبح من نصيبها وحدها … توجهت إلى داخل القصر وسارت نحو غرفتها حيث يتسطح جابر على الفراش وهي تعلم جيدا ماذا عليها أن تفعل لتنال مرادها.
دلفت “حسناء” إلى الغرفة وهي تبتسم واقتربت من جابر ثم أحاطت عنقه بإغراء قائلة بغنج:
-“هناك خبر جميل أريد أن أخبرك به”.
-“خبر ماذا؟!”
اعتدل جابر في جلسته ثم سألها وهو يضيق عيناه ويرمقها بفضول وانتظرها حتى تكمل حديثها … جحظت عيناه بعدما سمعها تقول:
-“أنا حامل جابر … حامل بوريثك وولي عهدك”.
رمقها بنظرات ذاهلة في بداية الأمر ثم تحولت نظراته إلى نارية وقبض على شعرها بقسوة جعلتها تصرح وصاح بصوت هادر كهدير الرعد في عز شدته:
-“ماذا قلت أيتها الوضيعة؟!”
نظرت له برعب وهي تحاول أن تحرر شعرها من قبضته وهتفت بتلعثم:
-“قلت لك أنني حامل”.
لطمها بقوة على وجنتها وهو يصرخ بغضب:
-“كيف تجرئين على خيانتي أيتها السافلة!! سأقتلك وأمزق جثتك إلى قطع وسأطعمها إلى الحيوانات”.
أخذت تزحف إلى الوراء وهي تزدرد ريقها بينما هو يتقدم منها ثم أمسكها من شعرها وأخذ يضربها بشدة حتى خارت قواها فرماها أرضا ثم خرج من الغرفة وأحضر سكينا كبيرا وحادا وقبل أن تعي حسناء بما يحدث غرسه في قلبها لتشهق شهقة قوية خرجت بعدها روحها من جسدها.
هكذا أنت يا ابن أدم ، تطمع وتريد أن تملك كل شيء ولا تعلم بأن هذا الطريق الذي تسلكه هو بداية الصعود إلى النهاية.
نظر جابر إلى جثة حسناء بتشفي وأخذ يفكر في الطريقة المناسبة ليتخلص منها.
يتبع..
لقراءة الفصل الحادي والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى