روايات

رواية بنت المعلم الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الخامس والعشرون

رواية بنت المعلم البارت الخامس والعشرون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الحلقة الخامسة والعشرون

قلق…توتر… اضطراب، مشاعر مختلطة تضرب آل سويلم أمام عرفة العناية المركزة بالمشفى، احتلوا الممر بعدد كبير، منهم الواقف بتوتر… والجالس بوهن بادي، بعد أن أخبرهم الطبيب بحالة سالم الصحية، وإصاباته البالغة التي تستقر إذا مرت الأربع والعشرون ساعة القادمة دون تدهور أكثر،
وضع عبده رأسه بين يديه غير مستوعب ما حدث مع ابنه البكر، بينما جلس جابر بجانبه يواسيه بحزن بالغ هو الآخر….. جلس المعلم سالم يتأمل كفيه بشرود بعد أن رفض غسلهم وتنظيفيهم من دماء من بمثابة ابنه، ظل يعيد المشهد أمام أعينه مراراً وتكراراً، يحفر بدماء شخص عزيز عليه داخل عقله كي لا يستهين قلبه بما يمر به… كي يستعد لانتقام ثائر بدأ بالثورة كشرارة صغيرة استطاعوا جعلها لهيب مشتعل يأكل الأخضر واليابس،
قدم الأهالي وكبراء القري المواساة البالغة تقديراً لمكانتهم الكبيرة….. تبادل الشباب المناوبة كي لا تمتلئ المشفى بوجودهم، ولا تزدحم الممرات بكثرتهم، منهم اصدقاء سالم وأصدقاء محمود بالإضافة إلي الأقارب، ومعارفهم المتعددة، فـ سالم من القلة أصحاب القلوب الطيبة، وطبع حنون بوجهه بشوش دائماً ليس فقط مع عائلته، بل مع عماله أو العملاء، الكبير والصغير ليأخذ لقب وسمعة حسنة في بداية عمره،
؛*****************
زينت سلاسل الذهب الرفيعة سماء صافية….. وكأنها في نهار فصول الصيف ليس منتصف الخريف المتقلب بسرعة كأهواء البشر،
مشيت علي أطراف أصابعها بحرص شديد حتي لا يخرج منها أي ضوضاء، منعا الاحتكاك بأحد في أول النهار…
دلفت الي غرفة أخيها بحذر ثم أغلقت الباب خلفها برفق شديد، اقتربت من فراشه وجلست بالقرب منه توقظه بهدوء،
همست باسمه وهي تهزه برفق :
عُمر

 

 

خرجت همهمة خافته منه ثم دار للجهة الأخرى ينغمس في النعاس براحه، هزته بقوه طفيفة وهي تناديه :
أنت يا بني، عُمر
شعر بشيء يدغدغ كتفه فابعده بضيق دون أن يلتفت…
رمقته أماني بملل ثم هتفت بعد أن وقفت:
والله أنا غلطانه أن جيت استنجد بيك
علي حين غرة وجدته ينتصف في جلسته يغمغم بصوت ناعس:
البيت بيولع
دفعته بالوسادة بغيظ وهي تقول :
يعني أنت كنت صاحي
دفع الوسادة بعيداً عنه … ثم نهض من فراشه وهو يردف متهكما :
والله يا أماني لو مش عارف أنك تافهه زي الأنتِ جايه تقوليه كنت قومت من بدري
اقتربت منه تمد يدها بكوب الماء وهي ترمقه بعتاب وقالت :
كدا يا عمر وأنا الـ بقول مليش غيرك
رفع حاجبيه ساخراً وأشار مقتصراً :
ارغي
استجابت له تقص ما يدور في عقلها ….حتي أنها لم تذق الراحة في تلك الليلة :
في حاجه سمعتها امبارح ومن وقتها مش عارفه ارتاح بسبب تأنيب ضميري
جلس عمر أمامها يسألها بترقب :
حاجه ايه ؟!
ظهر الحزن علي قسمات وجهها وهي تجيبه بصوت منخفض كي لا يسمعها سواه :
امبارح بعد ما مشيت من عند الولاد سمعت خالك منصور بيحكي لماما وعز عن انجازاته الـ كلها شر، وبعد ما خلص بدأت ماما وعز يخططوا ويظبطوا علي كلامه عشان يخدوا الأرض يخفوا الراجل الاسمه سالم
لوي عمر فمه بسخرية يتمتم بحنق :
وطبعاً مفيش احسن من الست هاديه تخطط
حركت اماني رأسها بعدم تصديق مردده بذهول :
تخيل دول حرقوا مصنعه وعشان يلخموه مع عيلته طلعوا بلطجيه يضربوا ابن أخوه
واستطردت بخوف :
وشكله مات
توسعت حديقته بصدمه يردد :
قتلوه

 

 

حركت رأسها بقله حيله تجيبه بحزن علي حالها وحال أخيها اللذان وقعوا في منتصف أناس لا تعرف الرحمة… حتي زوجها رئيس التفكير والتدبير الشيطاني لهم لا يصيبها القلق إلا منه :
مش عارفه
شرد عمر لبرهه يفكر وقال متسائلاً :
أنتِ تعرفي الراجل دا مكانه فين
حدقت اماني به بزعر …. ونهضت تشير إليه بالرفض لفكرته التي ربما تؤدي بحياتهم :
لا يا عمر لا
رأف بالخوف البادي علي ملامحها … واصطنع البرود مردد بـ لامبالاة كي يمتص هلعها :
لا ايه يا هبله أنتِ، دا فضول مش اكتر
نظرت إليه بشك، حسها يخبرها عن مخطط ما يدبره من خلف حديثه…. عندما طالت النظرات بينهم حاول عمر تغير مجري الحديث وهتف بجديه ليست معهودة منه :
سيبك من الكلام الفاضي دا وخلينا فيكي
انكمش بين حاجبيي أماني تسأله بعد فهم :
أنا ؟!!
أمأ بتأكيد وهي يكمل بضيق :
حالك مع عز مش عجبني، ضعيفه كدا ومستسلمة لقلة أدبه ولا بتخدي موقف حتي
رمت أماني نفسها علي المقعد بإهمال تقول بكسره :
اعمل ايه ما أنت عارف أن قبله جامد عشان ماما ساكته
اقترب عمر منها يردد بمكر :
يابنتي فتحي مخك وخاليكي وليه قادره زي أمك
واستطرد بحنق :
يعني يجي يكلمك وأنتِ في المطبخ اديلو بغطا الحله في دماغه
توسعت ملقتي اماني تدلي فمها مدهوشه ليكمل عمر نصائحه الجديرة غير عابئ بنظرات الصدمه التي تعتلي أعينها :
اعملي نفسك بتكنسي وامسكي ايد المقشه وغوزيه في بطنه، ولا افقعي عينه بالمعلقة
رددت أماني كلمته بذهول :
اغزه… افقع

 

 

أما إليه بتأكيد وأكمل بزهو :
اسمعي مني وهو هيحرم يبص في وشك أساساً، واهو كله هيكون غصب عنك من زن العيال عقلك لحس
لكزته أماني في كتفه تعاتبه بحده :
يا قليل الأدب تقول علي أمك وليه قادره
صفق عمر أمام وجهه يهتف بسخرية :
الطم وهو دا الـ سمعتيه مني
ما أن فتحت فمها تتحدث استمعت لنداء عز الغاضب … ركضت بعجله وهي تلبي نداءه بخوف كي لا تقع لسبابة البذيء اول نهارهم،
بينما جلس عمر يفكر في حل لتخليص أخته من سلطة ذلك الأرعن….. ولكن ربما سيطول أمرهم قليلاً حتي ينتهي هو من آخر عام دراسي في الجامعة، ثم بعدها يستطيع العمل واخذ أخته واولادها بعيدا عن هنا والاستقرار في حياه هادئة تبعد عن مخطط هاديه وأخيها،
؛***************
في منزل عبده
جلست صباح وناديه ونجاة وأيضاً زينب مع رحاب كي يهدئوا من صياحها منذ أن وصل الخبر لهن….. ومن ثمّ لم يكون حال ندي أحسن منها أبداً، التي أرخت رأسها علي كتف نجاة بوهن بعد أن نفذت قواها في البكاء والنحيب، رتبت نجاة عليها برفق وكل بعض دقائق تتأكد من انتباها الهن… خوفاً من أن تفقد الوعي للمرة الثانية،
جاءت سمر حاملة بكوب ماء بالسكر كمحلول يساعد ندي علي الانتباه، مسحت أعينها المتورمة من كثرة البكاء قائله بصوت محشرج :
خودي يا ندي اشربي
حركت ندي رأسها بالرفض وهي تنظر إلي الفراغ أمامها، امسكت نجاة الكوب تقدمه إليها مره اخري مردده بحنو :
قومي يا حبيبتي اشربي عشان تفوقي بس
خرجت الاحرف من شفتيها بصعوبة قائله :
ودوني لـ سالم
تنهدت نجاة بقلة حيلة وهي تنظر إلي صباح التي هتفت برفق :
يا بنتي ما المعلم رفض واحده مننا تخرج من الباب هنروح ازاي بس
رمقتهم بحزن وشهقت تبكي بحرقة مره اخري، شاركتها رحاب في النحيب لتقول ناديه بموساه :
حرام عليكم كدا، دا حتي هما قالو أن كلها 24 ساعة وهيفوق هيكون كويس أن شاء الله
اجفلوا علي صوت خطوات قادمة باتجاههم، ابتسمت سحر بتوتر بعد أن هبطت من شقتها لتواسي رحاب في محنتها :
شدي حيلك يا ام سالم أن شاء الله هيكون كويس
قالت جملتها بتلجلج واضح من ربكتها…. احتدت نظرات رحاب بغضب، وفي ثوان كانت تقف تقبض علي حجاب سحر بين يدها تردد بشراسة :
أنتِ السبب يا وش النحس يا بومه دا أنا هموتك في ايدي
نهضت صباح وناديه يحاولن تخليص سحر من يديها…. صاحت ناديه بحنق بعد أن وقفت سحر تختبئ خلفها :
أنتِ فيكي حيل ما تسكتي يا رحاب
نظرت رحاب الي سحر وهي تحاول الامساك بها رغم وقوف صباح أمامها :
والله ما أنا سيباكي يا خطافة الرجاله يا بايره
نفذ صبر صباح التي نابها جرح في يدها من استماتة رحاب …. صاحت بحده :
سمعوا بينا الناس كمان
واستطردت إلي ناديه :
طلعي سحر شقتها دلوقتي
أغمضت سمر أعينها بقوه … ألم احتل صدرها لا تستطيع وصفه…. حسرة وقهر امتلأ قبلها عندما استعمت الي رحاب وهي تتوعد إلي سحر التي جاءت وإفسدت حياتهم….. حياة عبارة عن مشاحنات وعراك دائم في الصباح والمساء، حرب مشتعلة في ذلك المنزل كي يفوز أحد علي الآخر، بدلاً من الدفيء والاطمئنان …. بدلاً الحب والحنان، بدلاً من الحياة معاناة، اي حياة تتحدث عنها ؟!
؛*************

 

 

في المنزل المجاور خرجت خلود من المطبخ حاملة بكوب من النعناع الدافئ التي صنعته الي نيرة بعد أن امسكها ألم في معدتها… أخذت هاتفها ثم خرجت واغلقت باب الشقة تصعد لأعلي قبل أن يبرد الكوب،
علي الجهة الأخرى عندما استعمت لصوت إغلاق الباب خرجت حاملة حقيبة صغيرة … ألقت نظرة تفحص سريعة وركضت باتجاه الباب كي تستطيع الفرار قبل أن يعود أحد،
أغلقت الباب خلفها برفق ثم هبطت الدرج الفاصل بين البهو والباب الحديدي… علي حين غرة وجدت من يجرها للداخل بعنف، اعتدلت مي في وقفتها وهي ترمق خلود بتوتر…. نقلت خلود نظرها إلي الحقيبة متسائلة بذهول :
عايزه تهربي !!!!
دفعتها مي بعنف وهي تردد بشراسة :
ايوا ومتفكريش أنك هتمنعيني
حركت خلود رأسها بعدم استعاب وهي تسألها بصدمه :
طيب مفكرتيش في ابوكي لما يعرف
هتفت بسخرية بالغة :
اه ابوكي الـ جوزني غصب
امسكت خلود مرفقها وهي تردف بحنو :
مي حبيبتي أنتِ مش عارفه اخرت الـ الأنتِ عايزه تعمليه دا ايه
احتدت نبرة مي مردده بغضب أعمي عقلها من الصواب والخطأ : بقلم حسناء محمد سويلم
لا عارفه وعارفه كويس اوي هعمل ايه من غيركم
رقرقت ملقتي خلود بالعبرات متمته بحزن علي تصرف لا تقدر مي ثمنه بتاتاً :
يا بنتي من غيرنا ايه، أنتِ ليه مصممه تدمرينا
أشارت مي بسبابتها وهي تهتف بغضب :
انتم الـ دمرتوني يوم ما بعتوني عن الـ بحبه
وأكملت بسعادة :
بس دي فرصتي أن نتجمع تاني
نظرت خلود بعدم فهم متسأله :
تتجمعي مع مين ؟؟
إجابتها ببسالة :
مع مصطفي الانتم بعتوه عني حتي مكلماتي مش بيرد عليها
رمشت بأهدابها مندهشة لما تقول أو أنها أصيبت بجنون ،حتي استوعبت أن مي إلي ذلك الوقت لا تعرف بمقتل مصطفي !!
: مصطفي اتقتل يا مي
قالتها خلود بحده طفيفة كي تيقظها من احلام مستحيلة…
” مصطفي اتقتل”… ” مصطفي مات ” …” مات”…. كلمات رنت في رأس مي تضرب بعلقها كـ موج متمرد يأبي ترك الشاطئ في هدوء، همست بتلجلج :
كدابه

 

 

إجابتها بجمود تأكد حديثها :
مصطفي لقوه مقتول من 20 يوم بينا وبين عزبة عزب، وشاكين أنه كان شغال مع ناس هما القتلوه
جالت مي بنظرها وهي تتمتم دون انفصال :
انتم القتلتوه.. انتم القتلتوه
وضعت خلود يدها علي فهما تقاطعها بحده :
أنتِ اتجننتي ابوكي وعمك يقتلوه
دفعت مي يدها بعنف ….وهتفت بشراسة مغلفة باقتضاب :
قتلتوه وبتلفقوها لحد تاني
ثم أكملت والدموع تنهمر علي وجنتيها :
ليه حرام عليكم تقتلوا فرحتي ليه
رتبت خلود علي كتفها مردفه بحنو بعد أن بدت حالتها بالسكون:
صدقيني أنتِ دلوقتي مش فاهمه لكن هيجي وقت وتعرفي أن مفيش حد كان هيدمر نفسه غير شيطانك
امسكت يدها وهي تسحبها للداخل تكمل بهدوء :
تعالي اهدي وقبل ما حد يشوفك
صعدت أول درجه تذكرت اسعد لحظاتها مع مصطفي، وكم السعادة التي انتعمت بها بين يديه…… الدرجة الثانية تذكرت زوجها من ربيع التي أصبحت زوجته رسمياً وبعد أيام قليلة ستصبح في منزله…. الدرجة الثالثة شعرت بألم جسدها مما تلقاه من ضرب مبرح من سالم وترجيها ليرحمها….. الرابعة حزن مزق قلبها علي مقتل حبيب العمر علي أيديهم….. الخامسة فرصة لن تعوض بعدم وجود أحد من المنزل ولا في منازل أعمامها، فرار قدم علي طبق من ذهب أمام أعينها كي تنجو بحياتها من سجن حكم عليها بالعيش فيه للأبد،
علي حين غرة لم تشعر خلود سوي بيدها تدفعها بقوة وهي تهتف بحده :
لا مش هتسجن
لم تستطع خلود السيطرة علي جسدها وانزلقت قدمها من علي الدرج لتصاب بجرح غائر في رأسها… توترت مي عندما رأت الدماء ملئت وجه خلود ولكن كان عليها الإسراع قبل أن يأتي أحد،
وضعت خلود يدها علي رأسها والأخرى تستند بها كي تنهض وتحلق بـ مي التي بدأت بالركض تاركه الحقيبة :
لا بالله عليكي يا مي لا
صاحت بأعلي صوتها تترجاها ببكاء :
لا يا مي متعمليش في بابا كدا
استندت علي الحائط حتي وصلت للباب الحديدي نظرت للخارج تبحث بطوق نجاة … وجدتها تمشي بعجلة الي الطريق الرئيسي للقرية،
بكت كـ طفل صغير يبحث عن والدته في طريق الضياع… ارتفعت شهقاتها متناسية الجرح العميق الذي لا يساوي جرح صوب في قلبها من تصرفات أختها الهوجاء التي ستؤدي بحياة والدها حتماً،
: اعمل ايه
ظلت تسأل نفسها بحيرة وقلق…. عليها التصرف علي الحال قبل أن يفوت الأوان، دارت تركض بأقصى سرعتها تصعد الي نيرة،
: يانهار ابيض ايه الدم ده
سألتها نيرة بخوف لتتجاهل خلود سؤالها قائلة بهلع :
ربيع معاكي رقمه، رقم اي حد منهم
ارتعبت نيرة من حالتها وردت بقلق :
في ايه يا خلود ؟!!
صاحت بنفاذ صبري وهي تبكي بشهيق :
رودي عليا معاكي رقم حد فيهم
نهضت نيرة تأتي بهاتفها تجيبها بقلق وعدم فهم :
معايا رقم البيت

 

 

اختطفت الهاتف من بين يدها تجري اتصالا دون تردد … وبعد ثوان جاءها رد والدت ربيع، حاولت خلود التماسك وجعل نبرتها عاديه الي حد ما تطلب مهاتفة ربيع بحجة أن مي لا تعرف أن تتواصل معه، زفرت بتوتر وملقتيها تتسابق في انهمار الدموع :
: الو
كانت أجابت ربيع عليها، لتهتف بخوف بادي :
ربيع بالله عليك ألحق مي هي مشيت علي الطريق
الرئيسي بالله عليك ألحقها
تعجب ربيع من بكائها ليسألها بعدم فهم :
هي راحت فين
إجابته ببكاء :
عايزه تهرب عشان بابا غصبها تتجوزك
واستطردت بترجي:
بالله عليك الحقها أبويا هيموت فيها
لم تستمع الي رده وجاءت صافرة إنهاء المكالمة بدلاً منه… لطمت نيرة علي وجنتيها بفزع مردده بخوف :
يالهوي يالهوي
واكملت وهي تنهض ترتدي حجابها بإهمال :
سالم هيقتلها
وقفت خلود تسألها بحيرة :
أنتِ رايحه فين
أسرعت نيرة في الهبوط وهي تحبيها بقلق :
عايزاني اقف واستني تجيب أجل جوزي وابوكي
جلست خلود تبكي علي الدرج بينما ركضت نيرة في الشارع تبحث عنها بأعين خائفة، تترجي الله بأن تجدها قبل أن تخرج من القرية،
؛****************
“أحيانا تسوقنا مشاعر الانتصار، ونشوة الفوز إلي فعل المستحيل كي تنعم بذلك الشعور، أن لم تستطع السيطرة علي جانب الغيرة من الاخر في الفوز والخسارة، لن تكون من تقود تلك المشاعر، تصبح أنت تحت القيادة منها وتمشي درب الحقد وتفعل المستحيل حتي وإن كانت أفعال دنيئة غير سوية، الأهم وصولك الي القمه فقط”
جلس منصور يترأس المزاد بزهو وفخر… فقد نجح دخول القرية بعد عمر طويل مر في تخطيط ليكون اليوم هنا، نظر إلي عز الجالس بجانبه بكبر لا يقل عنه… اليوم أثبت أن آل عزب مازالوا يسعون للمنافسة، ومازال لم يختفي اسمهم إلي الأن،
بسمة عريضة ارتسمت علي ثغره عندما وقع علي عقد مليكة الأرض باسمه، حلم سعي في تحقيقه ليبدأ في تنفيذ بقية أحلامه التي ستغير آل عزب إلي طريق آخر،
التوي فم مسؤول المزاد بسخرية، لأول مره يحضر مزاد خلت المقاعد من المشترين، لم يحضر سوي منصور ولده بعد أمر المعلم سالم بعد ذهاب أحد من أتباعه أو من قريته، وترك الأرض الي منصور عزب…..
نهض عز يمشي بعنجهية بجانب والده وهو يقول بغرور :
يعني سالم سلم الراية البيضه علي طول اهو
حدق منصور به لثوان ورد عليه بشرود :
مش مصدق أن سالم سبني ادخل هنا تاني
أردف عز ببرود وهي يلقي الحصي بقدمه :
الخوف بيعمل اكتر من كدا

 

 

حرك منصور رأسه يغمغم باضطراب :
سالم يخاف لا وكمان محدش تبعه تيجي
أكد عز حديثه وهي يصعد الي سيارتهم :
أنت مالك قلقان ليه مش المهم عقد الأرض باسمك
واستطرد بمكر :
خلينا نشوف شغلنا بقا
أمأ منصور إليه يحاول الاستجواب مع حديثه، والاطمئنان من رد سالم المخيف بالنسبة إليه…. زفر بشرود حتي فرحته بإتمام مليكة الأرض بعد أعوام لا تنسيه دهاء سالم الذي أيقن بأنه يخطط لشيء ما بهدوئه المعتاد،
؛*************** بقلم حسناء محمد سويلم
في المشفى نهض من مقعد يبتعد بقدر كافي كي يجيب عن رنين هاتف المستمر، اقتضبت ملامحه عندما قرأ اسم المتصل ثم اجاب قائلاً بحده :
عايزه ايه يا سها
جاءه صوت اُنثي يتمتم بدلال :
دا ردك علي سها حبيبتك برده يا سالم
احتدت نبرته أكثر مردف بضجر :
هتنجزي ولا اقفل السكه
هتفت دلال معاتبه :
اخص عليك يا سلومي، علي العموم كنت عايزه اقولك أن كلامك مع نيره ضدي جاب نتيجه اهو
قطب جبينه مردد بعدم فهم :
مش فاهمك
إجابته بتوضيح :
قصدي أن نيرة الكانت مش بتخبي عني حاجه دلوقتي قبلتها توهتني ومشيت
تجاهل سالم حديثها يردد بتعجب :
نيرة مراتي في بره البيت ؟!
استشفت التعجب في نبرته … كان وتر سهل اللعب عليه بالنسبة إليها بعد أن قرأت الاستفهام من خروج نيره، أكدت حديثها ونيتها البريئة وأكملت باللامبالاة :
ايوا عند الشارع الرئيسي و….
قاطعها بتسأل مؤكداً :
نيرة في الشارع
إجابته بملل وكادت تصفق من هدف غير مباشر جاء في مرماها :
يوه ايوا قولت

 

 

لم ينتظر سالم أكثر ليتأكد بنفسه بعيداً عن تلك العقربة التي تريد أن تفسد حياته…. أغلق الهاتف يضعه في جيب جلبابه، ثم استأذن من والده وعمه عبده بأن يذهب للمنزل للاطمئنان علي السيدات أو احتياجهن لشيء في غيابهم جميعاً،
؛***************
ذاد اللعب عن حده ليكون إنذار بثريان وحش خامد…. شعلة من النار تقترب ببطئ من غاز قابل للاشتعال حتماً ستنفجر في أي لحظة، تغاضى عن أفعالهم حرصاً علي عدم اقتراف أحد في ذنب ليس مسئول عنه…. اعتقدوا سكوته ما هو إلا ضعف، لا يعملوا ما قيل ” اتقوا شر الحليم إذا غضب ” …..
بعد أن اطمئن علي استقرار حالة سالم، ذهب إلي مخزن بعيد في منزل مهجور لقريته، ليبدأ في رد علي خصيمه الذي استهون بصمته،
أشار المعلم سالم الي أحد رجاله بأن يبعد القماشة التي تغطي وجه أحد قطاع الطرق المتخصص في سرقة السيارات المارة بالطرق المهجورة، بعد أن أمرهم بالبحث عنه والإمساك به علي الفور،
فتح الرجل عينيه بصعوبة من الإضاءة… حاول التطلع في الجالس أمامه يستند علي عصاه بكفيه، ابتلع لعابه الجاف مردد :
معلم سالم
حرك رأسه بهدوء وهو يرمقه بجمود :
ازيك يا سيد
ابتسم سيد بتوتر وهو يرمق الرجال من حوله :
بخير طول ما أنت بخير يا معلم
حدق سالم لبرهه مردد بهدوء مريب :
بس أنا مش كويس يا سيد
احتقن وجه سيد بقلق عندما أكمل سالم بصرامه :
مين المقاطيع الطلعوا لابن اخويا يا سيد
غمغم سيد بخوف :
والله ما تبعي يا معلم ولا حد يقدر من المنطقة يعمل كدا
نهض سالم يتقرب منه …. وقف أمامه يقبض علي تلابيب ثيابه يهمس بحده :
قدامك لحد بليل وتعرف مين دول وتبع مين
ثم رتب علي كتفه مردد بهدوء :
ماشي
حرك رأسه بالموافقة عدت مرات متتالية، متوتر من هيئته الهادئة مع تهديده الحاد….. بلع لعابه بقلق ثم نهض يخرج من المخزن كي يبدأ بإرسال رجاله لسرعان البحث عن هؤلاء المجهولين قبل المساء كما أمره،
اجفل سالم علي صوت تنحنح خلفه فأمر صاحبها دون أن يلتفت :
خير يا علي
هتف الآخر بتلجلج :
ايه بصراحه يا معلم الواد حليم جاي بيقول أن ربيع رشدي علي أول طريق البلد وساحب الست مي وراها وهي بتعيط
خرج المعلم علي وصف طريق رجاله باستغراب مصاحب ضيق…. مشاكل لا تنتهي ومصائب تأتي متتالية، عائلة لا تفهم ولا تقدر تصرفاتهم، تمني بأن ينهي هذه المهزلة علي الفور وينعم براحة وهدوء أعصاب ….. ولكن أحياناً نختار طريق الصبر كي لا نؤذي أنفسنا والقربين علي قلوبنا،
انكمش بين حاجبيه عندما رأي بالفعل مي تبكي وتصيح في ربيع بأن يتركها ….وهو يجرها خلفه بعنف باتجاه طريق القرية،
علي الجهة المقابلة احتدت قبضة ربيع علي معصم مي عندما استمع الي سبابه الصريح منها، التف ليوبخها علي تصرفها الاحمق والآن أسلوبها الوقح بالرغم من خطأها،

 

 

فجأة ترك يدها ووقف مثبت عندما حدق في المعلم سالم الآتي من خلفهم…. دارت مي بوجهها تطلع إلي ما يحدق بتلك الصدمة
دارت الأرض من حولها وهي تراه يقترب منهم وعلي وجهه معالم الاقتضاب… هيبته ارعبت قلبها، شعرت بهلع يتسرب في روحها التي بدأت تسلب منها رويداً مع تقدمه، تذكرت الغرفة وأقسامه علي حبسها طلية حياتها وحيده، ألتفت الي ربيع تترجاه بارتباك :
بالله عليك ما تقوله وأنا هعمل الأنت عايزه
رفع ربيع حاجبيه باستنكار مردده :
كان من شويه مسورة شتايم وانفجرت في وشي
امسكت مي كفه تترجاه بهلع :
ونبي ما تقوله خلاص اسفه والله واسفه

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!