Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فاطمة أحمد

          رواية ملك للقاسي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فاطمة أحمد

أول فصل من أكثر تملكا ( ملك للقاسي 2 )
الرجاء التفاعل على البارت ، قراءة
الفصل الاول  : اشتياق
_____________________
” لكنني اخترتك مرارا وتكرارا لتكون من اهرب اليه من سوء العالم…
والحقيقة انك انت من اساء عالمي !! “
شهر ونصف …. او بالأحرى 47 و 8 ساعات و دقيقتين قضاهم بدونها ، بدون رؤية وجهها ، ولا سماع صوتها ، ولا لمس بشرتها !! لقد طال غيابها ، و شعوره بالغربة في هذا المنزل ازداد اكثر و بشكل مفرط !!
زفر ادم باختناق ونهض يجلس على طرف فراشه ، كل شيء يراه يذكره بها ولا يعلم سبب ذلك ، لقد اعتاد عليها كثيرا لذلك فهو يحس بالفراغ ، نعم بالتأكيد ان هذا الاشتياق واللوعة كلها سببها الاعتياد فقط ، فكبرياؤه لا يسمح له بالاعتراف بإحساس آخر !!
اغمض عيناه و تذكر يوم دخوله الغرفة و ادراكه انها غير موجودة ، لقد ركض حينها الى منزل اهله و جنونه عندما علم بمغادرتها مع جده بعيدا عنه !!…..
Flash back
(
صاح بعصبية وهو ينظر الى والدته :
– مشيت ؟ مشيت ليه ومع مين ؟ ماما انتي عارفة ان ااا….
قاطعته حنان بحدة :
– انا كل اللي اعرفه انك عملت حاجة تخليها تكرهك طول حياتها…. انت حاولت تقتلها يا ادم البنت كانت هتموت ف ايدك ولو ملحقنهاش كنت هتخلص عليها انت مستوعب اللي عملته حضرتك !! كويس انها مشتكش عليك لو ست تانية غيرها كانت هتوديك فداهية. 
ضحك ادم بجنون ثم شد على شعره بقوة كافية لإقتلاعه من جذوره لكنه في حالته لم يشعر الا بذلك الضغط المزعج على صدره و بالتحديد قلبه….. ربما هو الألم !!
اطلق زفيرا عميقا ليتمتم :
– انا معذور ف اللي عملته…. افهمووو بقى اي واحد مكاني كان هيفقد اعصابه ويعمل اللي عملته !!
رافق صراخه صوت تكسير حاد إثر رميه لإحدى التحف على الحائط ، طالعته حنان ببرود مضيفة :
– ايوة انت شوفت صورها مع راجل غريب و مفكرتش ابدا ان ممكن الصور ديه تبقى خدعة من ناس بتكرهك لا انت جيت و ناوي تقتل مراتك من غير ما تسأل ولا تتأكد. 
تنهدت حنان واردفت :
– المهم يارا كانت محتاجة تبعد شويا وانا مليش حق اصلا امنعها مكنتش هقدر اقولها لأ متمشيش ، خليها تهدا كام يوم وبعدين روح اعتذر منها و رجعها. 
تهكم ادم مستنكرا :
– انا مش هسيبها قاعدة هناك دقيقتين حتى ، هروح وراها و ارجعها بلاش التصرفات الطفولية اللي بتعملها ديه. 
استدلر خارجا لكن فجأة تسمرت اقدامه في الارض بعد سماع كلام أمه الغاضبة :
– لو روحتلها دلوقتي انا مش هسامحك طول حياتي يا ادم هغضب عليك ومش هسمحلك تشوف وشي طول ما انا عايشة. 
فتح فمه بصدمة قائلا :
– ماما انتي بتقولي ايه ؟ هتغضبي عليا لاني هروح ارجع مراتي ؟!!
– يعني انت لو روحتلها دلوقتي هتعتذر منها يا ادم و هتطلب منها بأدب و تترجاها ترجع معاك ولا هتجبرها تجي ؟؟
صمت مبتلعا كلامه و ادركت هي اجابته من سكوته ، احتدت ملامحها اكثر و هتفت به :
– انا لسه عند كلامي لو اعتذرت منها ف انا مش هقدر امنعك واذا عايز تعاملها بقسوة زي عوايدك ف انت عارف. 
اغمض عيناه بعصبية مفكرا كيف سيعتذر منها وهو حتى يجهل سبب كذبها عليه كيف يعتذر منها وهو محق في ردة فعله نسبيا ، حتى لو لم تخدعه لكنها تخفي عنه أمرا مريبا وربما والدته تعلم بذلك !!
فتح عيناه ببرود و تابع طريقه الى الخارج مرددا :
– ماشي يا امي انا مش هروح لأي مكان…. بس متتوقعيش ان هيجي يوم و اعتذر منها….. )
Back
افاق من شروده على صوت رنين هاتفه الذي اضاء مظهرا اسم رفيقه مازن ، تنحنح قليلا ثم فتح الخط :
– ايوة يا مازن خير ؟
– اتصلت عشان اقولك في اجتماع بعد ساعة ونص ، و اجتماع تاني الساعة 6 المسا. 
صمت ثوان يستحضر صورتها في مخيلته ليردف بعدها :
– الاجتماع التاني قدمه احنا هنعمله الساعة 3 كده. 
عقد مازن حاجبيه مستغربا :
– ليه بقى في حاجة ؟؟
– ايوة انا عندي شغل مهم لازم اعمله….. عمتا انا ساعة كده و بكون في المكتب هنكمل كلامنا لما اشوفك. 
اغلق الهاتف و نهض ليرتدي ملابسه ، نظر في المرآة و تذكر عندما كانت يارا تلبسه الجاكيت بيديها وهي تبتسم ثم تغلغل اصابعها داخل خصلات شعره ضاحكة. 
زفر ادم بضيق و فتح رف خزانته ليأخذ غرضا ما فقابله الشال الخاص بها ، اخرجه ولفه على يده متذكرا عندما اخذه منها قبل اشهر طويلة كانوا حينها في فيلا جدهم و قد عرفت يارا لتوها بقصة زواجهم و رفضت مغادرة غرفتها…. حينها دخل اليها و رآها لأول مرة بعدما تح
جبت ، بملابس بيتية و مكشوفة و من صدمة يارا بحضوره المفاجئ سحبت الشال من خزانتها و غطت به كتفيها الا انه سحبه منها دون ان تنتبه ومنذ ذلك الوقت وهو يخفيه داخل ملابسه بحذر شديد. 
تنهد ادم بتعب من هذه الذكريات المسلطة عليه بكثرة خاصة في هذا اليوم ، دس انفه في الشال الناعم و شمه بعمق هامسا بإسمها دون شعور منه :
– يارا……
__________________________
تململت في فراشها و فتحت عينيها على يوم جديد بدونه ، يوم دون ان ترى فيه وجهه ولا تسمع فيه صوته و بحته المميزة عندما يستيقظ من نومه حديثا. 
تذكرت ذلك اليوم المشؤوم و ما حدث فيه من اشياء حفرت في قلبها جرحت عميقا لن يشفى…. ذهب عقلها لتلك الساعة عندما حزمت حقائبها و عادت مع جدها و جدتها الى منزلهما متوقعة ان يلحق بها ادم و يطلب منها العودة…. او حتى يجري اتصالا يطمئن فيه عليها ، نعم هي لم تكن ستجيب في كل الأحوال لكن يكفيها محاولته في التواصل معها !!
نزلت دمعة من عسليتيها مسحتها يارا سريعا ثم وضعت يدها على بطنها هاتفة :
– باباك للاسف نساني يا حبيبي…. تعرف ان انا مش عايزة اعرف اذا كنت ولد ولا بنت الا اذا كان ادم معايا و ماسك ايدي و بيطمني انه معايا ، بس للاسف ده مجرد حلم يا ابني ابوك مصدقش يخلص مني حتى مكلفش نفسه ب اتصال صغير …. الصراحة انا مش مستغربة من تصرفه لانه طول عمره كان مجبور انه يتجوزني هو قالي اكتر من مرة انه متجوزني لان بابا طلب منه يعمل كده بس حبي ليه عماني و بقيت موافقة اعيش معاه حتى وانا عارفة انه مبيحبنيش. 
صمتت قليلا ثم تابعت :
– يا ترى تصرفه مبرر ؟ يعني هو شاف صور مراته وهي مع شاب في عربية و سألني كنت فين ورغم اني مكذبتش بس ادم فهم جوابي غلط…. يعني لو انا مكانه كنت هفكر ف انه خاني ؟؟
تأففت و عادت ملامحها تتجسد بها الصلابة وهي تردف مستطردة :
– بس خلاص هو المفروض عرف اني مخنتوش و الصور مكنتش حقيقية يعني ع الاقل لو اتصل بيا….. المهم انا اتخليت عن حبي ليه و عرفت قد ايه كنت مقيداه هسيبه يتحرر مني اساسا من لما حبيته ملقتش غير الوجع…. اااه يا بابا ياريتك كنت معايا دلوقتي انت و ماما…. لو كنتو معايا مكنتش هتوجع كده. 
وضعت يدها على صدرها مكان قلبها الذي آلمها و دموع اليتم تنزل من عينيها المتعبتين….. لقد اعتقدت انه بعد وفاتها سيبقى ادم معها لكن ككل مرة اكتشفت يارا ان لا حظ لها مع احبائها فهي تفقدهم دائما سواء كان الفقدان ب ارادتهم التامة او أخذ الموت لهم….
مسحت دموعها و نهضت ترتدي ملابسها على عجلة لتنزل الى الفطور ، لقد ازداد وزنها قليلا في الفترة الاخيرة بفعل الحمل لكنها لم تدع احدا يعلم بحملها ، ف اذا علم الجد سليم بهذا الأمر سيهرع للاتصال ب ادم و اخباره ، هو لن يخفي عليه شيئا كهذا و سيعتبرها فرصة للتصالح بينهما لكن يارا لا تريد ذلك ابدا ، هي تعلم ان ادم بقي مجبرا عليها لفترة طويلة و بالتأكيد اذا علم بحملها سيعيدها اليه اجبارا عنها و عنه حتى ، يكفيها بروده و جفاؤه نحوها سابقا هي الآن في غنى عن طلب الحب و الاهتمام منه ، لا تريد سوى العيش في سلام و أمان مع طفلها حتى لو كان بعيدا عن ادم !!!
افاقت من شرودها و نزلت للأسفل تتناول الفطور مع العائلة وبعد انتهائهم خرجت الى الحديقة مع الابتوب الخاص بها لتتابع عن طريق الانترنت المحاضرات التي تغيبت عنها في الأيام الماضية. 
رن هاتفها باسم الطبيبة التي تتابع حملها  – و لقد كانت جارتها في الاسكندرية سابقا وتعرفها جيدا و الآن هي في زيارة لأقربائها هنا في البلدة نفسها – ، لفت وجهها في المكان تتأكد من خلوه قبل ان تجيب بصوت منخفض :
– صباح الخير يا سلمى. 
– صباح النور يارا ازيك عاملة ايه ؟
– كويسة الحمد لله….انتي عاملة ايه ؟
– الحمد لله انا تمام….. كنت عايزة اقولك اني بعتلك الدوا اللي كتبتهولك ع الروشته مع واحدة موثوقة ، هيوصلك بعد نص ساعة كده ماشي. 
هزت رأسها بإيماءة كأنها تراها ثم اجابت :
– تمام يا سلمى ،متشكرة اوي تعبتك…. بعتيلي دوا عشان الصداع صح ؟ انتي عارفة انا ف اخر فترة مبقتش اقدر اتخلى عنه.
ردت عليها رفيقتها بهدوء :
– ايوة بعتهولك و متقلقيش الدوا مناسب للحوامل. 
شكرتها يارا بكلمات روتينية و اغلقت الخط لتتابع ما كانت تفعله ، و بعد دقائق عديدة لمحت عمها علي وهو قادم اليها حاملا معه كيسا من الصيدلية. 
انتصبت واقفة و حولت نظرها الى الكيس متسائلة :
– عمو هو ده ليا انا صح ؟
رد عليها علي :
– واه يا بتي لجيت ست برا بتطلب تشوفك و لما سألتها جالت لازم اوصل الكيس ل يارا هانم.
اخذته من يده بسرعة و قالت :
– انا كنت موصياها ترنلي لما توصل… محدش شافك وانت بتجيب الكيس يا عمو صح ؟
هتف الاخر سريعا :
– محدش شافه غيري…. بس طمنيني يا بتي مالك في شي انتي مريضة ؟ ديه رابع مرة اشوف الست ديه بتوصلك الدوا خير ؟؟
لم تكن يارا تعلم شيئا عن ما فعله عمها و ابنه بها هي و زوجها ، ولا انهما السبب في انفصالهما و نست تماما ما تعرضت له منهما يوم زواجها ، ف ابتسمت بعفوية :
– و ديه تاني مرة حضرتك تجيبهولي من غير محد ياخد باله…. عمتا انا بحس بشوية صداع بيدايقني فبطلب الدوا و برتاح منه صراحة يعني حباية واحدة بتخلصك من كل الوجع اللي فيك. 
رمقها بنظرات غائمة لم تفهمها يارا ثم هتف ب :
– متأكدة يا بتي مفيش شي تاني ؟
ارتربكتت يارا من نظرات و ردت :
– ااا…. لا مفيش…
. احم انا رايحة ع اوضتي و شكرا تاني… اتمنى محدش من العيلة يعرف انا مش عايزاهم يقلقو عليا. 
– متشغليك بالك. 
كان يبدو من صوته و ملامحه انه اقتنع بكذبتها التي اخفت بها جزءا من الحقيقة ، فتنهدت بعمق و غادرت تاركة علي يراقب المكان ببرود حتى غادر هو ايضا…..
**** على الساعة 00:00 بعد منتصف الليل.
في غرفتها المظلمة ، و على سريرها الواسع كانت نائمة تلتحف بغطائها الصوفي الخفيف ، تنكمش داخله بوضعية الجنين ، غارقة في نوم عميق لدرجة لم تشعر بالنافذة عندما فتحت بفعل الهواء ، كان القمر يتوسط السماء التي تلبدت ببعض الغيوم ورغم ذلك لم تستطع اخفاء نوره الساطع بغرور ، ف انعكس على وجه يارا مبرزا ملامحها النائمة و شعرها الفحمي الذي افترش الوسادة بسخاء…..
لم تكن هي بمفردها الموجودة في الغرفة ، فلقد كان هناك من دخل منذ دقيقتين و ظل عند الباب يراقبها ، حتى اقترب بخطوات بطيئة و وقف مقابلها تماما ، ينظر لذلك الوجه الذي لم يره منذ ايام طويلة و بمشاعر غريبة سيطرت عليه حتى تشكلت على هيأة ابتسامة صغيرة احتلت ثغره ، ولم تكن ابتسامته هي الشيء الوحيد الذي بدر عن ادم دون قصد ، فحتى يده امتدت لا إراديا تلامس وجنتها ثم سحبها بسرعة خشية ان تستيقظ. 
اغمض عيناه متنهدا و يحاول تهدئة انفاسه المرتفعة ، و دقات قلبه المتسارعة ، ثم وضع ركبته على طرف السرير و همس :
– عدى وقت طويل على اخر مرة شوفتك فيها ، مش عارف انا ليه مش قادر اشغل بالي بحاجة غيرك كل يوم الصبح وكل يوم المسا وكل ليلة بكون بفكر فيكي…. احاسيس غريبة انا عايشها و مش عارف ليه ، انا مبحبش ابقى في الحالة ديه بحس نفسي ضعيف بس غصب عني اتحولت لكده…. انتي غيرتيني يا يارا لحد لما مبقتش اعرف نفسي. 
رفع ادم رأسه للسقف ثم اعاد النظر اليها ، لمح يدها الخارجة من تحت الغطاء و اصبعها البنصر مزين بخاتم زواجها ، ابتسم و اكمل بنفس النبرة :
– انتي لسه متمسكة فيا رغم اللي حصل بيننا صح يا يارا انتي لسه بتحبيني و عايزاني ، عارف اللي بتفكري فيه بتقولي ادم مسألش عني و مصدق يخلص مني بس انا لسه… لسه… لسه متمسك بيكي يا يارا ورغم اني متخليتش عنك بس مضطر اسيبك فترة هنا.  
اختفى صفاء عينيه و حلت مكانه ظلمة قاسية قبل ان يحدث نفسه :
– اللي فرقونا انا لسه معرفش هما مين و عايزين ايه…. خايف لو رجعتك يحاولو يأذوكي تاني بس مدامك قاعدة بعيدة عني هيفكرو اننا انفصلنا و في الحالة ديه مش هيقربو عليكي ، هيكتفو بس ف انهم يحاولو يأذوني انا ، و معنديش مانع لاني اول ما اعرفهم هما مين هخليهم يندمو ع الساعة اللي قربو فيها ناحيتي. 
ارتخت ملامح وجهه التي انقبضت بفعل الغضب ثم نهض و اغلق النافذة خوفا من ان تمرض يارا ف الهواء الذي يدخل الى الغرفة بارد حقا.
فتح الدولاب و اخرج لحافا اخر و وضعه على جسدها و عندما اغلق باب الخزانة اصدرت صوتا عاليا و مزعجا بالتأكيد ستستيقظ يارا بسببه !
لف رأسه ناحيتها مسرعا وعكس ما توقعه بقيت ساكنة ولم تمرش عينها حتى ، عقد ادم حاجبيه مستغربا و حرك يده امام وجهها متمتما بابتسامة :
– غريب شكل نومك بقى تقيل زمان كنتي بتصحي من اقل حاجة انتي واخدة منوم ولا ايه.
مرر أصابعه بخفة شديدة على وجهها كأنها تحفة ثمينة يخاف ان تزعجها خشونة يده ثم ضحك هامسا :
– مش نومك بس اللي اتغير ، كأنك تخنتي شويا في الفترة ديه يا يارا ؟ بس لسه حلوة زي ما كنتي…. او بقيتي اجمل مش عارف. 
طبع قبلة صغيرة على وجنتها و غادر سريعا الغرفة ، استقبلته الجدة زهرة التي ابتسمت :
– اوعى تكون يارا صحيت وشافتك ؟
هز رأسه نافيا :
– لا مفيش اي حد شافني يا تيتا…. يلا انا اتأخرت ولازم امشي بسرعة. 
وضعت زهرة يدها على وجنته بحنان :
– طيب ع الجليلة اجعد تاكل لجمة جبل ما تمشطي و بالمرة نام في اوضتك و بكره تروح…. الجو مطر يا ولدي اخاف عليك تتعب. 
– متخفيش يا تيتا انا متعود اخرج في الاجواء ديه. 
هتف فبها بنبرة هادئة لتتابع :
– يارا مشتاجة ليك يا ولدي… طول الوجت شاردة و بتبص على اوضتك…. هتصلح الوصع بينكم مينتى يا ولدي مش هاين عليا تفضلو متخانجين اكده. 
قبل ادم جبينها مجيبا اياها :
– قريبا يا تيتا قريبا….. بس مينفعش حد يعرف اني جيت تمام ؟ حتى جدي سليم. 
وافقته مرغمة و عاد ادم بسيارته الى الاسكندرية ، و بمجرد وصوله استلقى على سريره مباشرة و اغمض عيناه يستعد للنوم … لكن صورتها كانت لا تفارق مخيلته ، حاول تشتيت ذهنه اكثر من مرة ولم يستطع..   ف استسلم اخيرا لسلطان النوم سامحا لصورة يارا بمشاركته نومه…. و ربما احلامه !!
__________________________
بعد مرور يومين وفي صباح يوم جديد. 
خرجت رتاج من منزلها متجهة الى مقر عملها….. مشت قليلا جتى وصلت لموقف الباص فجلست تنتظر اي حافلة او سيارة أجرة تعبر من هنا لكي تستقلها و تطير الى عملها ، السيد ادم اصبح متشددا اكثر في اخر شهر مضى و يعطي تعليمات صارمة بشأن الانضباط في العمل و المواقيت ، وهي طبعا لا تريد ان يتم طردها من طرفه فإن طردها ادم لن يستطيع اي شخص اعاداتها حتى مازن !
تأففت بضجر و نظرت الى ساعة يدها :
– وبعدين بقى انا شكلي هتأخر ، ياريت معندتش لما ابيه مروان طلب يوصلني عشان متأخرش… ع اساس اني منضبطة و هخرج من البيت ف الوقت اووف اوووف. 
هبت واقفة و تابعت سيرها على امل عبور اي تاكسي من هنا ، لكن فجأة توقفت امامها سيار
ة شخص كان اخر من تتوقع ظهوره في هذا الوقت…. انه آسر !!
تقدم منها الاخير عدة خطوات حتى اصبح امامها ثم ابتسم مرتبكا :
– صباح الخير ، لو انا مغلطتش ف انتي بتبقي اخت تقي اللي كنتي واقفة معاها في يوم فرح اخويا صح ؟
اخرجت نفسا عميقا و اشاحت وجهها تستغفر ثم نظرت اليه :
– ايوة انا هي رتاج اخت تقي…. خير يا بشمهندس عايز ايه ؟؟
– انا…. انا بس كنت عايز اسأل عن تقي اا…
قاطعته رتاج بضحكة ساخرة :
– ايه ده انت بتسأل عن طليقتك والله فيك الخير….. انت مالك بتقي بتسأل عليها ليه ها عايز منها ايه ؟
التزم اسر الصمت مستغربا من اسلوبها المتهجم عكس اختها الرزينة ، و قبل ان يجيبها وجد يدا تمتد اليه و رجلا يلفه نحوه صارخا بغضب :
– انت مين وواقف مع رتاج ليه ؟
شهقت رتاج بدهشة عند رؤيتها لمازن يمسك اسر من تلابيب قميصه و يجذبه نحوه غاضبا ، لم تدري متى جاء  لكنها سارعت تحاول تفريقهما عن بعض :
– مازن اهدى شويا. 
نظر اليها وقد قضب حاجبيه :
– انا شوفته بيضايقك ازاي عايزاني اهدا ؟؟
ابتسم آسر مهدئا اياه :
– استنى بس انت فاهم غلط يا مازن….. انت مش فاكرني انا مين ولا ايه ؟
استغرب مازن كلامه فكلمه بفضاضة :
– وانا هعرفك منين يلا انت مجنون !
ضحك الاخر و رفع يديه :
– انا آسر اخو زياد صاحبك ، احنا اتعرفنا في فرح اخويا انت لحقت تنسى ؟
ضيق عينيه قليلا متذكرا اياه ثم ما لبث ان ارخى قبضته عليه محمحما :
– ايوة افتكرتك صح ، بس انت واقف مع البنت ليه مينفعش كده عيب.
التفت الى رتاج متسائلا ولم تختفي الحدة من عينيه بعد :
– الشاب ده ضايقك ؟
زمت شفتيها مجيبة :
– لا يا مازن مضايقنيش 
 اصلا انا بعرف آسر من زمان يعني هو معترضش طريقي ولا حاجة. 
احتلت معالم الصدمة وجهه و خشى ان يكون هذا المدعو آسر هو نفس الشاب الذي تحدثت عنه رتاج سابقا و قالت انها تحبه ، اصفر وجهه و احس بدقات قلبه تتباطئ حتى تكاد تنعدم ، بلع ريقه بصعوبة هامسا :
– انتي بتعرفيه ؟
استغل آسر انشغاله بالتفكير ف انسلت من بين يديه و عاد الى سيارته منطلقا بها بأقصى سرعة لديه ، اما رتاج فظلت تنظر الى مازن مستغربة تجمده هكذا. 
رفعت يدها تلوح بها امام وجهه هاتفة :
– مااازن ان سامعني مالك متجمد كده ليه ؟؟
افاق من صدمته و سألها مباشرة ، ودون ان يحاول اخفاء انفعاله :
– انتي بتعرفي آسر منين يا رتاج بتعرفيه من امتى و ازاي ؟؟
لم تكن رتاج من محبي الطرق المباشرة ، كانت تهوى اللف و الدوران و اللعب بأعصاب الشخص الذي امامها ، لذلك رسمت ابتسامة مستفزة على وجهها وقالت :
– بتسأل ليه يا مستر مازن ؟
اغمض عيناه يكافح لكبح رغبته في الانفجار بها الآن ، شعور ما سيطر عليه بقوة جعله يريد الصراخ الآن و حالا ، لم يكن يدري ما يسمى هذا الشعور بالضبط ، لكن الشيء الوحيد الذي ادركه انه ان لم تجبه رتاج اجابة تنال رضاه سيسعى لمحو ذلك الشاب من هذا العالم !!
اعاد سؤاله وهو يضغط على اسنانه بصبر :
– انتي بتعرفيه منين يا رتاج ؟
– انت مالك !
– لو مجاوبتنيش دلوقتي انا هلحقه و اخليه يجاوبني بنفسه !!
اعتدلت رتاج في وقفتها وقد علمت من نبرة صوته انه لا يمزح ابدا ، حمحمت و اجابته بنبرة هادئة :
– انا مبعرفوش كويس…. يعني كنت بسمع عنه بس مشوفتوش غير مرتين. 
رفع مازن حاجبيه متعجبا كلامها ، ما دامت لم تره الا قليلا فهذا يعني انه ليس الشاب الذي تحبه….. نظر اليها منتظرا متابعتها لتكمل وهي تتنهد :
– اسر ده بيبقى جوز اختي….. اقصد طليقها يعني. 
– نعم !!!
صاح بها مازن بصدمة متابعا :
– طليق اختك انتي متأكدة ؟؟
رتاج :
– ايوة اختي تقي اطلقت منه من كام سنة كده. 
– يس يس الحمد لله. 
ضحك مازن هاتفا بجملته دون ان يلاحظ ما يتفوه به ، و عندما فغرت رتاج فاهها مندهشة ، حمحم الاخير مبررا :
– اقصد يعني فيها خير اكيد ربنا كاتبلها الاحسن. 
كتمت رتاج ابتسامتها بصعوبة واجابته :
– ايوة صح. 
اشرق وجهه و قال :
– طيب انا رايح المكتب دلوقتي تحبي اوصلك ؟
– لا شكرا. 
– طيب مع السلامة. 
غادر سريعا وهو يتمتم بكلمات لم تفهمها رتاج ، لكنها ببديهتها المعتادة و دقة انتباهها ادركت ان مازن شعر بالغيرة عليها وليس ببعيد عنه ان يكون قد اعتقد آسر هو نفس الرجل الذي تحبه !!
ضحكت رتاج بسعادة قائلة :
– هو الحيوان اللي اسمه آسر معقول هيعجل بنصيبي من مازن ولا ايه ؟؟
********** من ناحية اخرى. 
توقف آسر بسيارته امام الشقة التي يستأجرها مع “رولا” و دخل غاضبا غير مبصر لشيء حوله ، امسك بزجاجة خمر كانت موضوعة على الطاولة و القى بها على الارض مزمجرا بحرقة !!
خرجت رولا من الغرفة هاتفة بفزع :
– آسر في ايه مالك انت متنرفز كده ليه ايه اللي حصل ؟؟!!
نظر اليها الاخير صارخا :
– انا مبقتش استحمل كرهها ليا يا رولا ، مبقتش استحمل حقيقة انها هي و اي حد بيعرفها بيكرهوني و يحتقروني كده انا تعبت والله تعبت و بتوجع و يمكن اكتر من تقي كمان !!!
ادركت رولا من يقصد بكلامه فاقتربت منه بتأني :
– انت رجعت شوفتها في الشارع و كلمتها يا آسر ؟
نفى برأسه سريعا :
– لا انا مشوفتهاش هي شخصيا ، بس…. بس…. رولا انا عايز اقول ل تقي كل اللي حصل زمان وليه انا عملت فيها كده…. عايز
اعرفها بالحقيقة وحتى لو مسامحتنيش بس المهم تعرف اني ااا….
قاطعته رولا مبتسمة :
– ماشي ممكن تقعد و تهدا شويا يا حبيبي ؟ 
كاد يعترض لكنها سبقته و اجلسته بنفسها ، ثم بدأت تمرر يدها على ظهره هاتفة :
– انت دلوقتي لو روحت و عرفت تقي بكل الحقايق يا ترى هتصدقك ؟ طب نعتبرها صدقتك…. تقي قعدت وقت طويل عشان تخلي عيلتها تسامحها بعد ما اتجوزتك غصب عنهم لو هي سامحتك ورجعتلك دلوقتي ايه اللي هيحصل فعيلتها ؟ هيرجعو يوقفو ضدها و المرة ديه ممكن يتبرو منها يا حبيبي اضافة ل انه اخوها ضابط وممكن يأذيك…. و يأذيني انا كمان. 
رفع آسر وجهه اليها فوجدها تكاد تبكي ، تنهد بحسرة لتكمل :
– انا عارفة انك بتحبني… بس ميتحبنيش زي تقي…. وحتى انا بحبك و بموت فيك و مستعدة اخدر قلبي عشان يستحمل الوجع لو انت رجعت لتقي ، بس انا بفكر فيك انت وبفكر في تقي انتو صعب ترجعو تجتمعو تاني ولو اجتمعتو هتأءو ناس كتيرة ومنهم عيلتها. 
صمت قليلا تتابع تعبيرات وجهه ثم تابعت :
– وبعدين تقي واضح جدا انها نسيتك….و الدليل على كلامي انها مبقتش تتأثر لما تشوفك حتى بعد طول الفراق ، سيبك من انها موجوعة منك ولازم تتخد موقف…. هي حتى معندهاش اهتمام بوجودك ولا اللمعة اللي فعيونها لما تشوفك واقف قدامها…. هي اكيد نسيتك يا آسر و كملت حياتها ليه انت بقى بترجع تفتح الدفاتر القديمة و تظهر قدامها ؟ بلاش تعمل كده يا حبيبي ديه نصيحة مني هي مبقتش تحبك ابدا وحتى انها مستحيل تثق فيك زي زمان. 
اغمض هو عيناه متألما من حديثها ، لتنهض رولا و تحضر له كأس خمر يشربه ، اعترض آسر لكنها اصرت عليه :
– اشربه يا اسر لانه بيفيدك. 
تجرعه دفعة واحدة و اردف بعد دقيقة من الصمت :
– كلامك حقيقي يا رولا… واضح جدا ان تقي مبقتش تحبني و نسيتني وانا كرامتي مبتسمحليش اجري وراها فكل مرة اشوفها فيها. 
ابتسمت رولا ليطلب منها :
– ممكن تجيبيلي كوباية ازازة خمرا تانية. 
– من عيوني يا حبيبي. 
نهضت الاخيرة ودخلت الى المطبخ ، رن هاتفها فتأهبت بعدما رأت من المتصل و اغلقت الباب ثم اجابت بصوت هامس :
– الو نعم انتي عايزة ايه ؟
صمتت تستمع لكلام الطرف التاني حتى قالت :
– انتي مجنونة ؟ انا هجيب المبلغ ده كله منين ؟ مش كفاية اني بقالي سنين ببعتلك فلوس كل شهر عشان تسكتي ايه انتي عايزة تفلسيني ؟!!!
وصلتها اجابة الفتاة الاخؤى فزفرت بعصبية وردت عليها :
– تمام ماشي انا هحاول ابعتلك الفلوس بس ممكن اتأخر لاننا مش في نفس البلد…. تمام اقفلي. 
اغلقت الخط و ظلت تنظر الى الهاتفة متمتمة :
– انا لازم اتصرف و اخلص من القصة ديه مستحيل اخلي آسر يعرف باللي عملته من سنين عشان يسيب البنت اللي بيعشقها ديه و يرجعلي !!
_________________________
ستوووب انتهى البارت 
ادم هيفهم ماهية مشاعره ؟
ايه هو سر رولا ؟
يتبع…
لقراءة الفصل الثالث والعشرون : اضغط هنا
لقراءة جميع فصول الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!