Uncategorized

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فرح طارق

 رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فرح طارق

أفاقت من أفكارها على صوت إطلاق النار، لينهلع قلبها خوفًا وهي تخشى فتح عينيها؛ لترى من المُصيب ومن المصاب .
فتحت عينيها أثر صوت فهد الصارخ بـ ياسين، لتجد مهاب يفترش الأرض والدماء تخرج من رأسه..وياسين ينظر إليه وصدره ينزف ! 
لم تمر ثانية أخرى حتى سقط ياسين مغشيًا عليه، أثر تبادل إطلاق النار بين بعضهم البعض ! ليطلق مهاب النار على ياسين، ويبادله ياسين إطلاق النار؛ فسقط كلًا منهما..
تجمد جسدها أمام جسده المفترش ارضًا، تشعر وكأن كل شيء حولها توقف ! لا تسمع لأي شيء، ولا تنتبه لأي شيء، فقط تخشى! تخشى أن تفقده قبل أن تملُكهُ من الأساس..! 
ظلت واقفة مكانها وهي ترى مجيء الشرطة التي حاصرت المكان بأكمله، وأخذت الإسعافات مهاب، وجاءت سيارة أخرى لأخذ ياسين..لتفوق حينها وهي تجدهم يحملونه ليدخلوه داخل السيارة..
اندفعت نحوه ليراها فهد ويحاول إيقافها، بينما لم تأبى هي بشيء.. ظلت تصرخ بإسم ياسين قط وهي تراه جثة أمامها يحملوه داخل سيارة الإسعاف..
ظل فهد ممسكًا بها حتى تحركت السيارات، وأخذت الشرطة مازم الذي كان مخبئًا بإحدى السُفن و وجدوه، ليرحل الجميع ويترك فهد حينها شقيقته، التي دفعته وصعدت بسيارتها لتندفع بها حلف سيارة ياسين..
رآها فهد ليصعد بجانبها قائلًا 
– چَيدا..ابعدي هسوق أنا وراهم، مينفعش تسوقي بالحالة دي !
لم تعيره انتباه، فقط جلست في السيارة وهي تدير المحرك ودموعها تغطي وجهها بأكمله، عقلها يرفض استيعاب ما حدث للتو ! صوتها غير قادر على الخروج من فمها ؟ تشعر وكأن أحدهم يضع يده على فمها يكتم صوتها ويُعيق خروجه ! تتشعر وكأن قلبها قد بُتِر من داخلها للتو، تتحرك بلا قلب وبلا عقل ! فقد أخذ قلبها معهُ ورحل عنها، والآن ! قد فقدت عقلها حقًا .
طالعها فهد بشفقة على حالها، هو يعرف حق المعرفة ما معنى هذا الشعور حقًا ! يعرف كيف يتملك شخصًا من قلبك وعقلك، وفي لحظة قبل أن تخبره بأنك تحبه تجده غارق الدماء بين يديك ! ذلك ما مر معه مع حور ؟ وحتى الآن لم يخبرها بـ حبه ! 
تذكر حديثه مع ياسين ذات مرة حينما أخبره بأن يتقدم لـ خطبة چَيدا، بدلًا من تلك الاعجابات المتبادلة بينهم ! ف ليكُن هناك شيئًا رسميًا..ليصطدم بـ إجابة ياسين عليه تلك المرة..
عودة للماضي قبل ثلاثة أعوام..
دلف ياسين لـ مكتب فهد الذي أخبره بضرورة مقابلته، ليجلس أمامه على المكتب بعدما ألقى التحية عليه، قائلًا بتساؤل
– ايه الحاجة المهمة  اللي عايزني فيها ؟
اعتدل فهد في جلسته، ليجيبه بـ جدية
– جَيدا يا ياسين، والنظرات اللي بينكم طول الوقت ! انت عارف إني بعتبر جَيدا زي أختي بالظبط، وشايف إعجاب متبادل بينكم، ف ليه متتقدمش ليها وتاخد خطوة رسمية ؟ 
– مينفعش يا فهد، أنا مطلق ! ومعايا بنت دلوقت عندها ٤ سنين ؟ چَيدا من حقها ف راجل تكون هي أول بنت ف حياته، أو على الأقل تبقى اول جوازة ليه، مش التانية بعد جوازة فشلت على يدك ايه حصل فيها ؟ 
رجع فهد بـ مقعده للخلف وهو يضع قدم فوق الأخرى، واردف بنبرة ماكرة
– خوفك على جَيدا وحقها ولا خوفك من إنك تمر بنفس التجربة الفاشلة ؟ 
– لأ يا فهد، مش كل الستات زي بعضها، وأنا عارف كدة كويس، ولو كلهم زي بعض ف عارف ومتأكد إن چَيدا غير أي حد تاني، وعشان كدة أنا مستاهلش إنها تكون معايا وف حياتي، ولو على نظرات الإعجاب اللي انت شايفها ف أظن أنك شايف إنه حب من طرف واحد..من عندها هي.
– وعندك انت كمان، شايفها متبادلة وقوللتك كدة، وبعدين بتقرر موقفها على أي أساس ؟ كلمتها ؟ قالتلك الكلمتين دول بنفسها ؟ قالتلك يا ياسين أنا عاوزة راجل أكون أول جوازة ف حياته ؟ 
– وبنتي ؟ نسيتها يا فهد ! 
– أعرض كل ده قصاد جَيدا وخليها تقرر ! 
نهض ياسين من مكانه واردف بنبرة مختنقة
– فهد، أنا مش هتحمل أقولها كل ده وتقولي هي بنفسها مش هينفع تكون معايا، الكلام اللي قولته ليك مش هستحمل يطلع منها.
– ومين قالك إنه هيطلع ؟ ياسين..
قاطعه ياسين بجدية
– مع احترامي ليك يا فهد، بس الموضوع مش منتهي بالنسبالي، هو مش موجود اصلًا ف حياتي يا فهد..عن أذنك.
أعاد فهد من أفكاره، فور توقف السيارة وهو يجد چَيدا تخلع حزام الأمان وهي تفتح باب السيارة وتردد ببكاء
– مماتش، هو عايش..هو عايش يا رب هو عايش، مسابنيش لأ.
ترجلت من السيارة ودلفت للمشفى، وفهد ذهب خلفها بخطوات سريعة يلاحق بها ركضها للداخل، وتوقف بجانبها وهي تقف أمام الاستقبال بالمشفى، قائلة بلهفة
– لو سمحت فيه مُصاب تبع الشرطة دخل دلوقت، هو فين ؟
أشار لها الممرض قائلًا
– دخل العمليات يا فندم، حضرتك هتطلعي تاني دور..ع اليمين ف آخر الطُرقة، غرفة العمليات.
تركته جَيدا لتصعد سريعًا للأعلى، لم تقدر على إنتظار المصعد أن يأتي لها، لتصعد الدرج بخطوات سريعة تتسابق بها مع الزمن لتصل إليه..
توقفت أمام غرفة العمليات، وهي تدعو ربها أن يسلم لها، تدع بعدم إنتهاء تلك العلاقة التي لم تبدأ بعد ! إن لا ينهدم ما تخيلت بناؤه، قبل أن تشرع بتنفيذ ذلك البناء ! كيف افتقدك يا عزيزي وأنا لم أستطع أن امتلكك يومًا ؟
ذهب فهد نحوها ليضمها داخل صدره، ضمها إليه بكل ما أوتي من قوة داخله، يعرف تلك اللحظات..لا يرغب الإنسان بها سوى الشعور بالاطمئنان فقط، أن يأخذه أحدهم في عناق، يخبره عن طريقه أن كل شيء سيكُن على ما يرام، يخبره بأنه ليس وحده، إنه معهُ..يشعر به..يحزن لأجله..يعرف كل ما بداخله، ليحتويه داخل عناقه.
 كم مرت عليه تلك الأوقات، ولم يجد بها من يضمه ! لم يشعر بالاطمئنان يومًا في حياته سوى منذ أن دلفت حور لـ حياته، حياته التي انقلبت رأسًا على عقب فور رؤيتها، ولكن هناك شيئًا تولد داخله حينها..رُبما حب، أم أمان..لرُبما شعورًا بالسعادة لقُربها..رغبة داخلية منه بأن تدلُف أنثى مثلها داخل حياته.. أم لأنه كان يحتاج إليه قبل أن يراها حتى ! أو لـرُبما جميعهم ؟ 
يقولون إن فاقد الشيء لا يُعطي ؟ بل فاقد الشيء يُعطيه، يُعطيه بكل سخاء ! يُعطيه بـ مقدار فُقده للشيء..ف كُلما زاد عطائه، كلما أيقنت أنه فاقد للشيء وبشدة.
ظلت داخل أحضان شقيقها، تبكي بكل ما أوتي من قوة داخلها، هل سيفارقها ؟ سؤالًا يتردد داخلها.. ساعة..دقيقة..ثانية.. أو ربما أقل !
مرت الساعات عليهم، بعدما جاء سيف وحور معهُ، لتبقى وفاء بجانب ليان في منزل سيف بعدما غادرت المشفى. 
ذهبت حور نحو چَيدا التي ما إن رأتها حتى اندفعت داخل أحضانها وهي تبكي دون توقف..
ظلت حور تُربت عليها، تحاول بث الطمأنينة بداخلها، لتسمع صوتها المكتوم داخل أحضانها
– هموت يا حور لو جراله حاجة ! مكناش مع بعض بس كان كويس قدام عيني..كنت بشوفه.. بسمع صوته اللي كان طول الوقت بيبخل إنه يوجهُه ليا أنا.. كنت بشوف عينيه بتتحرك ف كل مكان قصادي..وكان بردوا بيبخل يخليني ابصلها واشوفها بتبصلي ! بس كنت شايفاه ؟ كان موجود..بيتكلم..بيتحرك..وقت ما بيوحشني بروح لـ خالو واشوفه بأي حِجة هو كان بيبقى فاهم بس مش بيبين ؟ 
رفعت حور رأسها اليها، وهي تضم وجهها بين يديها..
– اهدي يا حبيبتي، هيكون كويس..هتسمعي صوته.. تكلميه، هيكون قصادك تاني.
حركت رأسها بنفي ودموعها تأبى التوقف
– من الصبح ف العمليات ؟ لسة مخرجش ! 
ضمتها حور لاحضانها مرة أخرى
– خير صدقيني خير..ربنا هيرُده سالم معافى تاني، ثقي ف ربنا وادعيله..استغفري، حوقلي، قولي كل الأذكار اللي تيجي ف بالك..ادعي، ادعيله وبس..هو ده اللي محتاجه منك دلوقت، العياط مش هيشفيه ! دعاكِ وطلبك من ربنا شِفائه وانه يحفظه ليكِ..هو ده اللي هيشفيه.
حركت جَيدا رأسها بتفهم لحديثها، لتشرع بفعل ما أخبرتها حور به، هي تعلم ذلك ولكن بكائها كان يغلُبها عن قول شيء !
استدار الجميع لتلك الطفلة التي هرولت نحو فهد مسرعة، قائلة ببكاء
– اونكل فهد..بابا كويس؟ هو فين ؟ أنا سمعت الظابط بيكلم الدادا بيقولها انه اضرب بالنار.
احتضن فهد وجهها..قائلًا بحنو
– ياسين كويس متقلقيش، وبعدين هو مش وعدك إنه مش هيسيبك ؟ ليه خايفة دلوقت ؟ 
انهمرت دموع الطفلة على وجنتيها الحمراء؛ لكثرة بالبكاء
– ماما بردوا وعدتني مش هتسيبني، بس سابتني ؟ أنا خايفة هو كمان يعمل كدة .
ظل فهد يربت على ظهرها بحنو مرددًا كلمات حنونة على مسامعها، بينما كانت چَيدا تتابع المشهد بصمت تام ! هل هو متزوج ؟ لديه ابنة من الواضِح أنها بالسادسة من عمرها ! 
لم يخبرها يومًا ذلك ؟ ولمَ كان سيخبرها ؟ هل كان يراها يومًا ليخبرها ؟ إنه متزوج ! يالسذاجتها ! 
ابتعدت چَيدا عن أحضان حور، لتذهب من أمامهم بعجلة، لم يستطع أحد اللحاق بها، ذهبت نحو المرحاض بالمشفى.. لتدلف وتغلق الباب خلفها..وضعت يدها على فمها لتكتم شهقاتها ! 
متزوج ؟ لديه إبنه ؟ هي فقط من كانت تحبه ؟ لم يراها يومًا مثلما رأته ! كانت تتوهم بكل شيء ؟ 
جلست على الأرضية وهي تضم قدميها لصدرها قائلة وسط بكائها
– هو مغلطش، مقالش بحبك..موعدنيش بحاجة، أنا.. أنا اللي ساذجة ! وهمت نفسي ومشيت ورا احساسي بالحب ناحيته ؟ قلبي عماني عن إني اشوف مليون حقيقة قدامي.. أنا اللي غلطانة مش هو..هو صح! احنا مننفعش لبعض، انا اللي غبية! 
مر الوقت عليها وهي تبكي وحدها، لتنهض على طرقات حور على باب المرحاض، لتفتحه بعدما غسلت وجهها بالماء ومسحت دموعها، نظرت لحور بعض الوقت..ثم اردفت
– هو مغلطش يا حور، أنا اللي كنت موهومة..ربنا يقومه بالسلامة لبنته ومراته..عن إذنك.
تركتها ورحلت، لم تردف حور بشيء، هي تشعر بها، تعلم كم أن الأمر مؤلم ! تتفهم كل شيء بداخلها، تركتها ترحل وحدها لتذهب هي لـ فهد وتقف معهم بإنتظار خروج سيف من غرفة العمليات..بينما كان عقلها منشغلًا بـ چَيدا فقط .
نظرت حور لتلك الطفلة الجالسة بأحضان فهد، لتجده يضمها بحنان، يربت على خصلات شعرها بحنو.. كأنه والدها وليس صديقًا لوالدها ! 
مر وقت آخر، لتجد فهد يندفع نحو الطبيب الذي خرج للتو من غرفة العمليات..
ابتسم الطبيب بعملية وطمأنينة
– الحمدلله، قدرنا ننقذه..انكتب ليه عمر جديد والله.
فهد بسعادة
– يعني بقى كويس خلاص ؟
– أيوة بكرة بأمر الله هيكون فاق..تقدروا تمشوا دلوقت لأن ممنوع حد يبات معاه، عن اذنكم..وحمدلله على سلامته.
رحل الطبيب من أمامهم، وحمل فهد الصغيرة واردف وهو يقبل وجنتها
– مش قولتلك هيبقى كويس ؟ 
أجابت بنبرة طفولية، آملة لرؤية والدها
– كدة هشوفه صح ؟
– أيوة بس بكرة عشان هو نايم دلوقت، هنروح البيت كلنا ونيجي بكرة نشوفه كلنا.
بعد وقت.. وصلت السيارة لمنزل سيف..فقد كانت ليان و وفاء بالمنزل، ف عاد الجميع إليهم.
دلف سيف وترك الجميع مكانه وصعد لغرفته لرؤية ليان والاطمئنان عليها، دلف للغرفة بلهفة لرؤيتها..ليجدها تقف أمام الخزانة وتضع ملابسها في الحقيبة ! 
عقد سيف حاجبيه بضيق قائلًا
– بتعملي ايه ؟
– بلم هدومي عشان بكرة الصبح هنسافر انا وماما وحور.
قالت كلماتها ولم تنظر إليه، لم ترِد النظر إليه، تدري إنها لو طالعته لانسهرت جميع قواها أمام نظرته تلك لها.
– هتعملي اللي ف دماغك ؟
استدارت لهُ هاتفة بجدية
– لأ يا سيف أنا بعمل المفروض والصح من إنه يتعمل، مش الي ف دماغك ودماغي ! ده الصح وبس.
– الصح أنك تسبيني وانتِ حامل ؟
– أهو أحسن ما يموت هو كمان ! 
قالتها بتلقائية شديدة منها، نبعت من ذاك الألم المكنون داخلها أثر فقدانها لطفلها، لم تدري كم طعنته تلك الجملة داخل صدره دون رحمة أو شفقة ! كانت أثرها كـ جلاد يحمل السوط ليُلقيه على جسده في لحظة تخوِين منه ! 
بينما صمتت ليان، لم تتحدث مرة أخرى..
تشعر بقليل من الندم لقولها تلك الكلمات، ولكنها أيضًا حزينة ! تشعر بالآلام ورغبة جامحة في البكاء على طفلها الذي رحل ! ولكنها وعدت شقيقتها بأن لا تبكي.. ألا تقف مكانها..لا تستدير..فقط تسير قُدمًا للأمام وتسعى لتوفير حياة هادئة، خالية من كل تلك الإضطرابات التي تحدث..لطفلها الآخر .
ليس كل ما يمُر بالحياة مهما كان قويًا..حزينًا..بائسًا..علينا وعلى طاقة تحمُلنا، يدفعنا للوقوع أمامه والبكاء عليه ! هناك أشياء نصطدم بها داخل اضطرابات الحياة؛ لتجعلنا نقف، نقوى، نسير، ونتقدم من جديد، تخلق بنا روحًا جديدة، قوية، كـ عازل زجاجي قوِي، يحمي جوهرًا من الرياح وآثاره ! تلك هي الروح التي تُخلق داخلنا، تلتف حول القلب تحميه مما هو قادم.
أمسكت حقيبتها واتجهت نحو باب الغرفة، لتلقي نظرت أخيرة على سيف الواقف بصمت تام، ينظر للاشيء أمامه..
لم يستطع النظر إليها ! إن رآها ترحل عنه يقسم أنه من الممكن أنا يترجى بقائها معه !
في مكان آخر، تحديدًا غرفة چَيدا..دلف فهد للغرفة و وجدها جالسة أمام النافذة تطلع أمامها بهدوء شارد، ليذهب نحوها ويجلس بجانبها.
صمت فهد وهو يتطلع إليها، بينما لم تنظر نحوه، ظلت شاردة أمامها قط ! دموعها تهوى على وجنتيها..
– چَيدا.
قالها فهد بهدوء، ليتقدم نحوها أكثر واكمل
– بتحبيه أوي كدة ؟ على فكرة هو بيحبك اكتر منك..عارفة ليه ؟ لأنه بعد علشانك.
طالعته چَيدا بعدم فهم، ليكمل حديثه
– ياسين مراته متوفية من قبل ما يشوفك، نظرته ليكِ إنه محبش يظلمك وتتجوزي واحد كان متجوز وعنده بنت كمان ! 
كادت أن تتحدث چَيدا لـ يردف فهد
– مش عايزك تتكلمي دلوقت، لكن ياسين مش متجوز، وحبك اكتر ما حبتيه، الموضوع من بدايته سوء تفاهم، والغلط غلطه لانه متكلمش ف البداية ف كل حاجة اتسدت ف وشكم، أنا وضحت ليكِ لحد ما هو يفوق بكرة ومظنش بعد اللي حصل النهاردة ياسين لما يقوم بالسلامة هيسكت.
نهض فهد من مكانه، وتوقف عند الباب على نداء شقيقته لهُ ليستدير نحوها، ويجدها تبتسم لهُ قائلة
– شكرًا إنك فهمتني يا فهد، واتكلمت معايا بهدوء.
ابتسم بهدوء ليجيبها
– أنا فاهمك دايمًا يا چَيدا، وطول ما انتِ مبتعمليش حاجة غلط ف أنا وراكِ وبدعمك، وأنا ساكت قصاد ياسين لأني مشوفتش منه أي تجاوز ولو كان حصل هو عارف رد فعلي كان هيبقى معاه ايه..
صمت لثوانٍ ثم أكمل حديثه
– ومعاكِ كمان.
رحل فهد، بينما ظلت چَيدا تفكر بحديثه عن زواج ياسين، لربما كان يعشق زوجته لذلك لم يشعر بها يومًا ؟ 
انتبهت لطرقات على باب الغرفة لتجدها حور، التي دلفت و وقفت أمامها واردفت بملل
– هو انتِ وليان وانتوا صغيرين كنتوا بتاكلوا من كرامتكوا عشان كدة خلصت ! 
عقدت چَيدا حاجبيها، لتجلس حور بجانبها
– وبعدين ؟ ما صدقت ليان خدت موقف..تيجي انتِ ! فهد قالي عن ياسين وده مش مبرر نهائيًا يا چَيدا ؟ شايفة ده عذر ! انه شايف ليكِ راجل تبقي اول حد ف حياته ؟ ومين قال بأن الحب لأول حبيب ؟ ما ممكن تتجوزي واحد غيره ويبقى حب قبلك عادي ! الفكرة مش ف أول حب، الفكرة ف أصدق وأنقى حب يا چَيدا، اللي ياسين قاله لـ فهد مش مبرر تمامًا، ولو هو صح ف مكنش استنى ٣ سنين وبعدين جه يقولك انكوا متنفعوش لبعض وهو شايف حبك ليه ٣ سنين ؟ هو الحمدلله بقى كويس، بكرة هيفوق، ف ياريت تخلي موقفك افضل من كدة شوية ؟ هتروحيله، تواسيه ف موضوع مهاب، كـ زمالة بس..اشتغلتوا سوى، مريتوا بمواقف كتير اكيد سوى، ف ده لأنك باقية على صداقة الشغل بس، وأي كلام تاني هتعملي نفسك جاهلة عنه.
– مش هعرف ! ع الاقل يعدي الفترة دي على خير بعدين..
قاطعتها حور
– بعدين هو يبعد تاني ويبقى منظرك ايه قدام نفسك ؟ چَيدا، بالعكس ياسين لو شايف حبك كان خد خطوة خاصةً انه عنده بنت ! لو تفكيره سليم وصح هيقول بتحبيه يبقى هتحبي بنته خاصةً انها يتيمة ! فوقي شوية ممكن ؟ 
ظلت تتحدث الفتاتان معًا، لينتهي حديثهم وترحل حور تاركة الأخرى تفكر بحديثها، بينما توقف في الخارج وهي تجد فهد أمام غرفتها..
توقفت حور واردفت بدهشة من وقوفه أمام غرفتها
– اخبارك ايه ؟ أسر كويس ؟ معلش معدتش أشوفه لأني..
قاطعها فهد بجدية
– عايز أتكلم معاكِ.
– هنتكلم ف ايه ؟ 
– الكلام اللي اتقفل من وقت ما جينا من السفر ! 
عقدت حور ذراعيها أمام صدرها، واردفت بهدوء
– واحنا مسافرين حاجة ودلوقت حاجة تانية، حابب تقول حاجة اتفضل قولها وسمعاك ! 
تقدم نحوها بغضب من حديثها الفظ معه
– نعم ! متفقناش نرجع وعدتك تخلص ونتجوز ؟ 
اجابته بتذكر مصطنع
– آه..سوري يا فهد بس انا شيلت موضوع الجواز من دماغي ف نسيت عرضك ليا ! 
– نعم ..؟
تنهدت حور واردفت بنبرة هادئة
– فهد، أنا قدامي حاجات كتير أعملها، ومسئوليات كتيرة مش هقدر اسيبها واتجوز ! ماما حامل وقربت تولد، وغير ليان ومشاكلها مع سيف، وآخر حاجة فقدان الجنين ! وغير شركة جدو اللي مسلمها ليا انا وليان وحصل عليها كل المشاكل دي ! لازم اوقفها تاني على رجليها، لو حابب ردي ف هتستنى لحد ما ماما تولد، وليان تظبط أمورها واظبط أمور الشركة، ولو مستعجل على الرد ف لأ يا فهد مش موافقة.
قبض على ذراعيها واردف بغضب
– هو لعب عيال ! 
حاولت أن تتملص من بين ذراعيه، قائلة بنبرة حادة تحاول إخفاء توترها بها
– لأنه مش لعب عيال..لازم وقت أفكر ! أنا دلوقت يعتبر الوحيدة اللي هقف بين ماما وليان والشركة ! مينفعش اتجوز واسيبهم ؟ لازم ليان تشوف هتعمل ايه، هي وسيف علاقتهم متوترة، كل حاجة فيها غلط، ماما وحملها، وحزنها بسبب كل شيء حصل ! والشركة..
– وأنا همنعك من كل ده ؟ 
– مش هتمنعني ! بس انا كنت متجوزة يا فهد ! آه جوازي كان كله غلط بس مسئولية ! وانا ورايا مليون حاجة ومش هقدر اضغط على نفسي بحاجة كدة..
احتدت قبضة يده على ذراعيها، قائلًا بحدة
– متجبيش سيرة الزفت ده مفهوم ؟
نفضت ذراعيه قائلة بنبرة غاضبة 
– أهو ده اكتر حاجة تخليني أفكر مليون مرة ! 
تنهدت وهي تحاول أن تهدأ قليلًا، ثم اردفت
– ده كل اللي عندي يا فهد، وقولتلك لو حابب رد سريع مني، ف مش موافقة.
تركته ورحلت من أمامه، ليتجه فهد نحو غرفة شقيقه، ودفع باب الغرفة ف هو قد رأى أن ليان في غرفة حور..
بينما نهض سيف من على الفراش بدهشة من اندفاع أخيه الذي وقف أمامه قائلًا
– بص انت قسمًا بالله تتشقلب تتحول قرد،. تصالح مراتك ! وإلا اخليك تطلقها يا سيف.
عقد سيف حاجبيه بدهشة، ليقُص عليه فهد ما حدث وهو يدور بالغرفة ويركل كل شيء أمامه بغضب
– أنا بتتشرط عليا ؟ تقولي ده اللي عندي وتبصلي بتحدي وتمشي ؟ تجيب سيرة الزفت طليقها قدامي وتقولي لما اتعصب إن ده اللي يخليها تفكر مليون مرة ! 
نظر لـ سيف بغضب واردف وهو يشير لنفسه
– بتتشرط عليا أنا ؟ 
انفجر سيف ضاحكًا على أخيه، ليركل فهد الطاولة الصغيرة الموضوعة بجانب الفراش قائلًا بغضب
– بطل تضحك ! ومراتك تصالحها مفهوم ؟ 
يتبع…..
لقراءة الفصل الرابع والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عنيد غير حياتي للكاتبة لبنى عبدالعزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!