روايات

رواية لماذا أنا الفصل الرابع 4 بقلم نورا سعد

رواية لماذا أنا الفصل الرابع 4 بقلم نورا سعد

رواية لماذا أنا البارت الرابع

رواية لماذا أنا الجزء الرابع

رواية لماذا أنا
رواية لماذا أنا

رواية لماذا أنا الحلقة الرابعة

ـ أنا.. أنا محتاجك تقويني، أنتِ النور اللي بينورلي طريقي، مبقاش فاضلي أي حاجة في الدنيا دِ غيرك أنتِ.
كانت مليكة تسمع لكل حرف يتفوه بهِ بملامح جامدة، عيون ثاقبة، وقلب لا يعني ما هي ذلّة العشق، سحبت يدها من يده بهدوء وقالت بتيه: لغى التوكيل! يعني أنا معلقه نفسي بيك بقالي سنتين عشان في للأخر تقولي أنك بقيت على الحديدة! يعني السنتين راحوا فشوش، سنيتن من عمري طاروا في الهوا!
كان غيث يستمع لهرتلتها هذا وعقله لم يستوعب ماذا تقول، خرج من صمته وهو يتسأل بغباء: أنتِ بتقولي أيه؟
أما الأخرى فَنفجرت فيه بغيظ وغضب: بقول اللي سمعته، أنا عايشه بحلم أني هكون حرم غيث المنشاوي، أكبر رجل أعمال في البلد، وقبل فرحنا ب شهرين تعمل حادثة وتكون مشلول! وأصبر نفسي وأقول معلش، بكرا التوكيل اللي معاك هيكون تحت أيدي أنا، وهكون رئيسة مجلس الأدارة، تيجي… تيجي قبل ما أوصل لحلمي بخطوة الاقي كل حاجة بتتهد!
كان يسمع لكل حرف تتفوه بهِ ودمه يغلي في عروقه، ظل صامت حتى انتهت، نفرت عروق يده بشكل ملحوظ، كانت تنبض بشكل بشع، لم يستطع كبت غضبه أكثر من ذلك، فور أنتهاءها من كل ما يقبع بجوفها أستقبلت منه صفعة قوية، لم تستطع ادراك ما حدث بسبب أنهاله عليها بالصفعات المتتالية، كان يصفعها بكل غضب، كان يصرخ بكل قهر: أنتِ أيه شيطانة؟ كلكم شياطين! بقالك سنتين بتخدعيني! دَ…دَ أنا بحلم أنك تكوني مراتي، دَ وصلت لمرحلة العشق! بقيت بتنفس لمجرد أنك فرحانه، يطلع كل دَ خدعة!

 

أجتمع الناس حولهم وخلصوها من تحت يده، كان يتنفس بعنف، وجهه مثل جمر من النار، أما هي فوقفت سريعًا وظلت تصرخ وتسب وتلعن بهِ، وقبل أن تفرر هاربه من أمامه قالت: بتمد أيدك عليا يا مشلول؟ ماشي أنا هندمك على كل قلم نزل على خدي، مبقاش أنا مليكة يا غيث يا منشاوي.
نهت حدثها وفرت من المكان بأكمله، كانت الناس يستغفروا ربهم تارة ويهدءوا غيث تاره أخرى، أنفض التجمع وأصبح غيث بمفرده في المكان، مسح بقايا دموعه بعنف ثم حرك كرسيه لخارج المطعم، ظل يمشي هنا وهناك ولا يعلم ماذا يفعل، أو حتى أين يذهب، أخيرًا وقف أمام النيل، كان ينظر له ودموعه تتساقط دون شعور، قرر إنهاء حياته في تلك اللحظة ولكن مهلًا، حتى ذلك فشل في فعلها، فكان السور الفاصل بينه وبين النيل عالي نسبيًا، لا يستطع أن يتخطاه بسبب ذلك الكرسي الملعون، نظر للنيل أمامه ثم لذلك الكرسي وابتسم بسخرية وتمتم: حتى الأنتحار مش عارف أنتحر!
حرك كرسيه دون تفكير لثانية أخرى، فَ أنسب حل هو الطريق، سيعبر الطريق السريع دون النظر على الطريق من الأساس، وبالفعل أخذ نفس وغمض عيناه وحرك كرسيه باستسلام في جهة طريق السيارات، ثواني وكانت اصوات انذارات السيارات تضوي في المكان، لحظات وشعر بحاله يرتطم على الأسفلت، فتح عيناه بألم فشاهد حاله يفترش الأسفلت وبجانبه شاب يتألم من قدمه بسبب اصتدامه بكرسيه المتحرك، نظر لذلك الشاب الذي كان مزال يتألم من قدمه وقال بسخرية: هو أيه اللي حصل؟
نهض ذلك الشاب بتعب وقال وهو يساعد غيث للجلوس على كرسيه من جديد: أيه يا جدع مش تفتح، كنت هتكون في عداد الأموات دلوقت.

 

نظر له بسخرية وقال وهو يتحرك بكرسيه لكي يرى من المتحدث: يعني بعد كل الخضة دِ وفي الأخر مموتش! يا شيخ منك لله.
رفع الشاب يده بمرح وقال: الله وأنا مالي يالمبي.
ضحك غيث رغمًا عنه ثم قال: ضحكتني والله، ممكن تسبني في حالي بقى خليني أشوف موته تانية.
تحرك ذلك الشاب ومسك مقبض الكرسي وبدأ في تحريكه وهو يقول: أهدى بس و روق كده، ها مين مزعلك؟
سخر غيث: الدنيا، ها هتاخدلي حقي؟
-هخدلك حقك وهعملك كل اللي أنت عايزه كمان، بس قولي اسمك أيه الأول.
– غيث
-غيث، أبو الغيوث، حلو أبو الغيوث، أنا مازن يا سيدي.
ضحك مرة أخرى، فَذلك الشاب خفيف الظل، مرح ويتحدث بتلقائية شديدة.
– بقولك أيه أنت تيجي معايا نقعد مع بعض شوية وتحكيلي مالك شايل طاجن ستك ليه، أشطا؟ ومش هخطفك متخفش.
هَم لكي يعترض لكن قاطعه مازن وهو يواصل حديثه: تصدق انا شامم ريحة طاجن من عندي هنا، اكيد الحُجيجه عاملي طاجن عكاوي ولا لحمة، ولا أنت أي رأيك؟
رفع عيونه له بملل ثم سأل: خلصت رغي؟
كان يرسم على وجهه ابتسامة عريضة، فقال: آه ليه.
-خير أحنا رايحين فين بقى؟
– أيه يا عم هو أنا هخطفك، بقولك هخدك على البيت عندي اعرفك على چو أبويا، وهناكل مع بعض لقمة عشان شكلك هفتان يا عين امك، وتحكيلي مالك وزعلان ليه، ولو مش عايز تحكي يبقى احسن برضه عشان أنا أصلًا مصدع، مقولتليش عايز تاكل أيه؟

 

كان غيث يستمع له ولا يصدق، بالتأكيد ذلك الشاب مريض أو يوجد شيء في عقله، هل من الطبيعي أن تأخد شخص لبيتك وأنت لا تعرف عنه شيء! بالتأكيد لا، وقف الكرسي بيده وسأله بجدية: يعم صلي على النبي بس وأهدى كده، هو والدك يعني مش هيضايق أنك ساحب حد في أيدك كده وجايبه على البيت؟ وافرض والدتك ولا أختك قاعدين عندك، يعم سبني الله يكرمك وشوف أنت رايح فين.
كتف ساعديه أمامه وقال بتفهم: يا سيدي أنا وچو قاعدين لوحدنا في البيت، وأمي متوفيه، ومعنديش أخوات، اتطمنت؟
ضرب بيده على وجهه بملل، من الواضح أن لا مجال للهروب من ذلك المأزق، ابتسم بشحوب ثم قال: أنا مش عارف أنت طلعتلي منين.
ابتسم الأخر بمرح وحرك الكرسي مرة أخرى وقال: نصيبك بقى يابو الغيوث.
*******************
أما عند مليكة، فكانت وصلت لمنزلها وكانت مي بنت خالتها مزالت في المنزل.
:يا نهار اسوود، مالك في ايه مين عمل فيكِ كده؟
دخلت غرفتها دون حديث وهي تحسس على خديها الذي أصبح متورم، وقالت: استاذ غيث ضربني يا مي.
جلست أمامها على الفراش وعلى وجهها علامات التعجب، سألتها بعدم فهم: أنتِ بتقولي أيه؟ أزاي يعني؟ وليه؟
مسكت المرآه الصغيرة وقالت وهي تضع مكعبات الثلج على خديها: قولتله على الحقيقة لما عرفت أن أبوه لغى التوكيل، غيث دلوقت مبقاش لاقي ياكل ولا لاقي مكان يعيش فيه، مقدرتش استحمل انفجرت فيه وقولتله أني مش بحبه وهو.. وهو أبن **ضربني لحد ما بقيت كده.

 

لوت الأخرى شفتيها بسخرية ثم قالت: يا خبتك يختي يخبتك، يعني بعد كل السنين دِ طلعتي من المولد بلا حمص.
رمت المرآة بعنف أمامها وقالت وهي تتوعد: صبره عليا، لو مندمتوش على كل قلم نزل على وشي مبقاش أنا مليكة.
*******************
أما عند غيث، حيث وصلا منزل مازن.
NORA SAAD
-صباح الفُل يا چو.
ظهر من خلف باب الغرفة رجل في أخر الاربعينات تقريبًا، ينتشر في شعره بعض الخصلات الرمادية التي تعطي له جمالًا من نوع خاص، وجسده رياضي فلا يظهر عليه ذلك السن، ذا وجه بشوش والابتسامة كانت تملى وجهه بمناسبة ودون مناسبة.
أقترب منهم وهو ينظر لغيث نظرات متفحصه ثم تسأل: خير يا زفت جيت بدري ليه؟ يعني معاك ناس نضيفة!
حَك في أنفه بحرج ثم عدل لياقة التيشرت وقال بتفاخر زائف: دَ أقل واحد في صحابي يا حج والله، المهم أبو الغيوث صديقي وهيقعد معايا يومين وسع بقا وهاتلنا ناكل عشان جعانين.
نهى مازن حديثه ثم ترجل للمطبخ، نظر له يوسف نظرات أستحقار ثم نظر لغيث وسأله: أبو الغوث! انت يبني اسمك ابو الغيوث؟
ابتسم غيث بحرج ثم قال: اسمي غيث، بس ابنك اللي ظريف شوية.
قهق يوسف عاليًا ثككم مسك مقبض الكرسي وحركه لكي يضعه أمام السفرة وهو يقول: دَ أبني دَ كتلة ظُرف وأنت الصادق، تعالى بقى دوق أكلي دَ أنا عامل طاجن عكاوي ولحمة راس أنما أيه يستاهلوا بوقك.
كاد غيث أن ينطق لكن قطعه صوت صياح مازن من الداخل وهو يقول: الله واكبر، أنا قولت چو حبيب قلبي أكيد عملي طاجن العكاوي، عارف يا غيث چو دَ أحسن طباخ في العالم، آه والله يبني.

 

نهي حديثه وهو يجلس على السفرة، جلس بجواره يوسف وقال: طبعا ما أنت لازم تطبلي عشان انا اللي بطفحك.
ضحك غيث على ذلك العائلة، فَهم مَرحين لأبعد الحدود، انتهوا من الغذا وتركوا غيث لكي يستريح في غرفة مازن، أما يوسف فَجلس مع مازن وسأله بهدوء.
: قولي بقى أيه حكاية غيث دَ؟
جلس أمامه مازن وقال وكأنه تحول لشخص أخر غير ذلك الشخص المتهور المرح الذي ظهر معنا.
-دَ يا سيدي كان هينتحر الصبح، شوفته بيعدي الطريق بكل غشوميه، لولا أني كنت باصص عليه وعرفت الحقه كان زمانه عند اللي خلقه، حاولت أسأله ماله وكده بس رفض الحقيقة صعب عليا وقولت أجيبه يقعد معانا يومين، شكله ملهوش حد، وكمان عشان ظروفه وكده.
ابتسم يوسف على تظرف أبنه، ربت على كتفه وقال: ماشي، روح أتكلم معاه وحاول أعرف حكايته، ولو ملوش حد خليك جمبه ومتسبهوش.
وقف وقبّل يده وقال وهو يستعد لمغادرة الغرفة: عنيا يا چو.
تركه وترجل لغرفته الذي يمكث بها غيث، ترك على الباب وسمع أذن الدخول، كان غيث يجلس على الفراش شارد الذهن، جلس بجواره وقال بجدية: بص بقى لو حابب تحكيلي مالك احكي، ولو مش حابب خلاص براحتك، بس انا شايفك مهموم ولو حكيت هترتاح صدقني.
تنهدت بتعب وحزن، فَهو يحتاج لشخص يشاركه همه ومشاعره المتداخله، نظر له وبدأ في قص كل شيء له، قص عليه من هو غيث المنشاوي، وكيف كان غيث والمنشاوي وكيف أصبح الآن.

 

كان مازن يستمع له وهو لا يصدق، لا يصدق أن يوجد أخ يصدق أن أخيه يفعل ذلك، ولا أب يَهون عليه أن يرمي أبنه البكري في الشوارع بحالته ذلك، ولا يصدق أن فتاة يصل بها التفكر إلى ذلك الحد من القذارة، نظر له بحزن وشفقه ثم قال: يا عيني عليك يخويا، دَ أنت الدنيا جت عليك لما قالت يابس.
رد عليه بسخرية وذهن شارد: يعني حببتي طلعت كانت معايا عشان فلوسي، وصحابي كلهم اتخلوا عني، وأخويا اتبلى عليا وطبل لمراته على اللي قالته عشان التوكيل يروح له، وأبويا يصدقه، هو في حاجة تاني ممكن تحصلي؟ يعني ممكن الدنيا تكون شايلة ليا أيه تاني أسود من كده؟ تعرف أنا لو مكنتش قابلتك كان زماني يأما ميت، يأما نايم في الشارع.
لم يدرى مازن ماذا يقول لكي يخفف عنه، ولكن أتنفض سريعًا وقال: تعرف يا غيث؟
نظر له غيث بأهتمام وسأل: أيه؟
رفع يده للأعلى وصاح بصوته الخشن: صااااحبت صاحب شيطاان، كل يوم اروح سكرااان، امي تبكي وابووايا حيراان، وانا مش شااغل دمااغي.
نظر له غيث بجهل وتعجب، ولكن لم تستمر ذلك الدهشة كثيرًا، فرفع يده هو الأخر للأعلى وظل يرقص معه في الهواء وهو يكمل له مقطع الأغنية: والعجلة بدأت تدور، عركه في عركه بقيت مشهور نفسي ف زماان عم الفرفور، وبقيت شخصص تااني…
تحرك مازن وشغل مسجل الصوت حتى صدح منها صوت الأغاني، ضحكوا الأثنين عاليًا ثم صاح مازن وهو يدندن مع الأغنية.
– طب بهووواااايا.

 

أمسك غيث بالوسادة وظل يرقص بها وهو يرد عليه: انتِ قاعده معاااياا.
-عنيكي لياا مرااايا يا جماال مراية العين، خليكي.
-لو هتمشي اناديكي، انن….. أحنا الأتنين قطاقيط.
قطع ذلك المشهد دخول يوسف عليهم، كان ينظر لهم ويتطاير من عيونه الشر، نظر لهم بغضب ثم صاح بهم:أنت بتعمل أيه يا قليل الأدب، أيه قلبت البيت كبارية أنت وصاحبك الصايع؟! صحيح ما أنت ما بتتلمش غير على الصايعين اللي زيك.
أغلق مازن مسجل الصوت سريعًا، كاد أن يرد لكن تنحنح غيث وقال بحرج….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لماذا أنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى