Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سهام صادق

مسح حبات العرق من فوق جبينه بعد ان ازال قفازه الطبي وعقم يديه.. إسترد أنفاسه اخيرا وقد عاد يشعر بخافقه ينبض من جديد
يا له من شعور قوي على قلبه وطفله كان منذ ساعات يتمدد أمامه في غرفة العمليات
خرج من الغرفه ينظر إلى والدته التي سرعان ما التقت عينيها به وهرولت إليه تضم جسدها نحوه ودموعها تغرق خديها
ضمها نحوه بعدما تلاشت كل المشاعر الحاقده داخل قلبه… نعم كان حاقد على عائلته على نفسه على كل شئ جعله كاللعبه
احب أمرأة ضعيفة تركته دون أن تهرول إليه تطلب منه أن يكون موطنها لقد كان يعد لكل شئ حتى تسافر معه وتبتعد عن كل شئ… ولكنها فضلت أن ترحل
والدته لم ترحمه وضعت امومتها وحبها أمام زواجه من ابنة شقيقتها الخائنة… زواج يعد باطل وأطفال كرههم رغم عنه لأنهم منها
دائرة الحقد كانت أقوى منه… رسلان الذي تعلم دومًا أن يكون رجلا حقيقيا لا تهزمه الرياح هُزم مع أول تجربة وضع فيها وكان كباقية البشر… قانط نحو كل شئ
ابعد والدته عن ذراعيه.. فنظرت إليه بندم
– أنا اسفه يا حبيبي… أسفه إني….
وضع كفه فوق شفتيها يحثها على عدم إكمال حديثها.. أطرقت كاميليا عينيها بخزي… فلم تجد أي حديث تخبره به وعادت ترفع عينيها نحوه تسأله
– عبدالله هيكون كويس مش كده
– محتاج رعاية وإهتمام خاص…
– هجيبله كل اللي يحتاجه… ممرضه وداده وكل حاجه يحتاجها
واردفت متحمسه تتمنى أن تنال الإجابه التي ستطرب قلبها 
– هتيجي تعيش معانا في الفيلا
والبهجة التي كانت ستعود لترتسم فوق ملامحها قد تلاشت وهو يخبرها صراحة بقراره
– لا يا ماما انا اشتريت شقه وهعيش فيها أنا و ولادي… أنا خلاص قررت أستقر تاني في مصر 
…………..
تلاشت ملامح السعاده من فوق ملامحها واصبحت الصدمه وحدها المرسومة.. هزت رأسها لا تستوعب ما سمعته هل يضعها شقيقها بين اختيارين هكذا
– انت بتقول إيه يا حامد… عايزني اطلق واسيب بنتي واجي اقعد معاك في القصر مقابل إن امسكي إدارة الشركات كلها واتولي مكانك في إدارة المجموعة… انت اكيد حصلك حاجه
– والله يا شهيرة ده المقابل وافقتي اتنازل ليكي عن المنصب موافقتيش خلاص نفضل زي ما إحنا بنحارب بعض
طالعته بعينين مازالت الصدمة تغشاهما تهتف دون تصديق 
– انت سامع اللي بتقوله كويس
– تمام يا شهيرة كده أنا عرفت إن العرض مرفوض.. اعتبري إن مسمعتيش حاجة
رمقته بحقد لا تصدق أن شقيقها وصل لتلك البشاعة
– أنت عايزني اكون زيك وحيده محدش يهتم بيا.. معنديش عيلة 
تجلجلت ضحكته تصدح في ارجاء المكان.. فالتقطت حقيبتها تنظر نحوه بتقزز ومقت. 
تجمدت عينيه نحو الفراغ الذي تركته خلفها يزفر أنفاسه ببطء
– متأكد إنك مش هترفضي يا شهيره..
وعاد يضحك بجنون ينتظر جوابها الذي لن يطيل
……………
واصبحت عادته يوميا يأتي صباحا عندما تفتح المطعم وفي موعد غلقه.. غامت عينيه بالحنين وهو يراها كيف تضحك مع صديقتها
تحرك بسيارته بعدما انعطفت نحو الطريق الأخر..
وفي المكان الذي كان يجمعه برفيق دربه كان يقف بسيارته ويخرج منها ينظر نحو رسلان الذي وقف جوار سيارته يتكئ عليها ويعقد ساعديه أمام صدره 
– بقالك كتير 
رمقه رسلان بنظرة خاطفه ثم عاد ينظر نحو ظلام الليل 
– متعود ديما استناك 
جاوره سليم في وقفته مبتسما 
– تعرف إني مش مصدق لحد دلوقتي رجوعك… كفايه هروب بقى يا رسلان 
– جيهان خرجت من حياة جسار  
تعلقت عينين سليم به ينتظر أن يستطرد في حديثه اكثر 
– مش هدمر حياتها ولا حياة حد… هبص لولادي ومستقبلي
التقط سليم أنفاسه بعدما شعر بالراحه من قرار صديقه وما فعله 
تعالا رنين هاتفه فابتلع الحديث الذي في جوفه وأخرج هاتفه.. هتف بقلق في مربية أبنته 
– مالها خديجة يا مدام ألفت 
أنتبه رسلان على صوت صديقه القلق وقد ابتعد عنه ينصت للسيدة ألفت 
– مدام شهيرة مبتردش على التليفون… والبنت سخنه جامد.. مكنش قدامي حل غير إني اتصل بيك يا بيه 
أغلق هاتفه وأسرع في تشغيل سيارته تحت نظرات رسلان القلقه 
– مالها خديجة يا سليم 
– حرارتها مش راضيه تنزل والأم العظيمه كالعاده مشغوله عن بنتها 
انطلق سليم بسيارته وخلفه رسلان الذي اتبعه… مر الوقت وها هي الصغيره تفتح عينيها تنظر نحو والدها تهتف اسمه 
– بابي 
ضمها لحضنه يلثم جبينها الذي لم تنخفض حرارته إلا قليلا 
– كده يا ديدا تقلقي بابي عليكي 
وقف رسلان يطالعهم ودون شعور منه كان يبتسم… خفق قلبه وهو يري ابوة صديقه.. وكيف تتمسح الصغيره بوالدها
حاله من الإنتشاء المحب للقلب كانت تغمره
أندفعت شهيرة نحو الغرفه تنظر نحوهم 
– مالها خديجة يا سليم 
ابتعد سليم عن صغيرته يسحبها خلفه حتى لا تري الصغيره شيجارهم 
– المربية رنت عليكي كام مره… ردي يا هانم 
نفضت يده عنها تدلك ذراعها 
– كان عندي عشاء عمل مهم والتليفون كان صامت
– عشاء عمل.. اجتماع.. سفر… ندوة… حفله.. إيه مافيش في حياتنا غير كده.. بنتك فين من كل ده
– بنتي هتكون فخوره بأمها وهي شيفاها واصله لأعلى المناصب 
دار حول نفسه قبل أن يفقد صوابه 
– بنتك عايزه ام مش عايزه سيدة أعمال
واردف متهكما 
– وقال إيه عايزه نخلف طفل تاني 
تعلقت عينيها برسلان الذي أراد الإنصراف دون رؤيته حتى لا يشعرهم بالحرج من وجوده… انسحبت من المكان تتمتم بكلمات حانقه مما جعل رسلان يزداد حرجًا 
– مكنش ليه لازم لكل ده يا سليم 
رمقه سليم ساخرا يربت فوق كتفه
– ده العادي في حياتنا انا وشهيره يا رسلان 
…………
طرق على سطح مكتبه بقوة بعدما ضاق ذرعًا من إيجادها وها هي المعلومه الأخيرة تصل إليه إنها رحلت من البلد بأكملها.. لا يستوعب إلى الأن أن جيهان تركته ورحلت 
اغمض عينيه بقوة يتذكر الليله الأخيره التي اتفقوا فيها على الزواج بعدما لم يعد يتحمل قربها دون أن تكون زوجته 
دلفت ملك مكتبه تحمل بعض الأوراق تنظر نحوه قلقلًا من هيئته تلك 
– عرفت عنها حاجة 
طالعها بعدما تهاوي بجسده على مقعده يفرك خصلات شعره 
– لسا هعرف على أي بلد سافرت
واردف وقد كاد شدة تفكيره يسلب عقله 
– كنا كويسين مع بعض يا ملك 
اقتربت تضع الأوراق أمامه وقد أدركت أن تلك المرأة جعلته مهوس بها
– جسار أنت مش شايف تعلقك بجيهان بقى مرض… جيهان مش هي.. 
وقبل تردف بباقي عبارتها كانت ترى رجًلا غير جسار الذي عرفته بعدما أنتهت رحله علاجه وعاد له نور عينيه
– جيهان هي ريماس.. كل حاجه في جيهان كانت في ريماس مراتي… القدر بعتهالي عشان اعوض اللي كان نفسي اعيشه معاها.. فاهمه يا ملك فاهمه 
ابتلعت لعابها بخوف تتراجع للخلف من هيئته … وقد سقط قناع الحقيقة أمامها اليوم 
” جسار لم يُشفي بعد من حادث زوجته… جسار تحرر من الظلمة التي غشت عينيه ولكن ذلك الحادث لم يُشفي منه .. مازال يريد زوجته الراحله، مازال ضميره يؤنبه بسبب موته “
…………. 
وقف بسيارته أمام المصحة النفسية التي تتعالج بها خالته… اغمض عينيه واخذ يلتقط أنفاسه يتذكر ذلك اليوم بتفاصيله
” للأسف مقدرناش ننقذ الأم.. البقاء لله “
إنهارت ناهد صارخه تهرول نحو الغرفة التي مازالت قابعة فيها أبنتها تهتف بها راجية أن تستيقظ…تُحرك جسدها بين يديها والكل يقف يُطالعها في ذهول … أما هو كان يقف يُطالع كل شئ بعينين جامدتين حتى تعلقت عينين ناهد به وركضت نحوه تدفعه وتصرخ به
” أنت اللي موت بنتي… أنت اللي موتها..” 
ولم تكن مها هي من ماتت اليوم وحدها هو أيضا مات ولم يعد كما هو. 
فتح عينيه بعدما تلاشت تلك الذكرى من عقله… يلتقط أنفاسه المتلاحقة يقبض فوق عجلة القيادة حتى ابيضت مفاصل أصابعه . 
ترجل أخيرًا من سيارته يسير نحو الداخل…التقي بطبيبتها التي لم يكن لديها ما تقوله إلا أن الحاله كما هي ولكن اسم واحد أصبحت تردده هذه الأيام ” ملك ” 
ارتجف قلبه عند سماع اسمها … إنه يصارع رغبته في نسيانها والبعد عنها وتركها في حياتها.. فما الذي جانته من عائلتهم 
والحنين أخذه إلى أول ذكرى رأها فيها بعدما عاد من لندن بعد رحله دامت لسنوات ليُحقق اسمه… عاد ليري ابنة خالته ليست كالتي كانت قبل ذهابه نحو مستقبله…. خطفت قلبه وعيناه بضحكتها… 
ارتجفت عينيه وشعور قاتل يحتله.. إنها كانت في حياة رجلًا اخر كما أعطي هو اسمه لأمرأة خائنه انجب منها طفلان. 
اقترب من غرفة ناهد بعدما أشارت إليه ممرضتها بالدلوف واغلقت الباب خلفها لتتركه معها.. تقدم منها ينظر إليها كيف أصبحت وللحظه إهتز قلبه شفقة ولكن سرعان ما تلاشت شفقته ولم يبقى إلا الحقد داخله 
فتحت عينيها بعدما شعرت أن هناك من يقف قرب فراشها… لم تكن تُصدق إنها ستراه ثانية.. ها هو رسلان جاء إليها.. سقطت دموعها ترفع كفها نحوه ولكنه ظل جامد في وقفته يُطالعها بملامح باردة 
تمتمت اسمه بصعوبه بعدما تمكنت تلك الجلطة منها
– رسلان… مها 
ارتسمت السخريه على شفتيه… يعلم من نظراتها  له ماذا تريد أن تعلم… واعطاها الجواب الذي اراحها 
– متخافيش مفضحتهاش في النهايه هي أم ولادي يا ناهد هانم 
اغمضت ناهد عينيها وانسابت دموعها 
– مبسوطه دلوقتي 
وعندما لم يجد منها إجابه التف بجسده وقد فضل الرحيل…فهو لا يريد تذكر ذلك اليوم و مها تخبره على فراش المشفى تلفظ أنفاسها الأخيرة إنها لم تكن عذراء واجهضت جنين كان في رحمها نتج عن تلك الليلة  وإنه لم يقربها ضعفًا منه ولكنها هي من وضعت له المخدر حتى يقترب منها وتحدث علاقه بينهم.. زيجة كانت باطله وضعته داخلها بل وجعلت أولاده ينتجون عنها 
– ملك 
تجمد في حركته عندما أستمع لصوت ناهد الخافت…ف اكمل خطواته نحو الخارج 
– ولاد مها.. ملك بس اللي هتحبهم.. متخليش حد غيرها يربيهم.. 
ملك مش هتعمل فيهم زي ما عملت فيها.. ملك هتحبهم 
قبض على مقبض الباب فلم يعد لديه قدرة لتحمل المزيد 
– اتجوز ملك 
………..
” إستدعاء من السيد سليم”… تلك العبارة التي تلقتها من مديرها المباشر الذي رمقها بنظرة فاحصة قبل أن يعود لمكتبه.. ارتجف قلبها للحظات ولكن سرعان ما كان شعور الحقد يعود إليها.. وقفت بثبات تفرد جسدها ترفع شفتيها إستنكارا تخبر حالها
” وانتي خايفه ليه منه يا جنات… ده هو المفروض يخاف منك ويعملك الف حساب”
وإستنتاج اخر كان يدور في خلدها فقضمت فوق شفتيها تفسر وتحلل لحالها 
” اكيد عرف علاقتي بفتون… وعايز يهددني إني مفضحوش”
ولم تكن تشعر بخطوات قدميها إلا عندما استمعت لصوت مديرة مكتبه تهتف بها 
–  ايوه يا أستاذه حضرتك واخده في وشك كأن مافيش حد موجود 
تراجعت جنات خطواتان تطالعها بإستغراب إلى أن تداركت الأمر 
– جنات من قسم الشئون الإداريه.. سليم بيه طالبني في مكتبه 
أشارت إليها الجالسه بالدلوف وعادت تتابع الأوراق التي أمامها… رمقتها جنات بمقت واطرقت فوق الباب ثم تقدمت تنظر لداخل الغرفة الفسيحة…
تعلقت عينيها به وهو يقف قرب مكتبه يعطيها ظهره ويتحدث في هاتفه.. التف إليها يُشير نحوها بالجلوس حتى يُنهي مكالمته… دقيقتان لا أكثر وكان ينظر لها يسألها بأدب 
– تشربي ايه يا انسه جنات… قهوه ولا عصير 
اتسعت عينين جنات ذهولا من مقابلته
– لا يا فندم شكرا 
واردفت بجديه بعدما زال ذهولها 
– حضرتك كنت مستدعيني 
شملها بنظرة خاطفة عرف خلالها إنها تعلم كل شئ عنه وعلى ما يبدو أن فتون أخبرتها عما فعله بها… ذلك الذنب الذي لم يغفره لنفسه حتى اليوم 
– فتون 
انتفضت جنات عن مقعدها تحدق به بقوة 
– عايز إيه من فتون تاني مش كفايه اللي عملته فيها… اوعي تكون فاكر إن فتون العيلة الصغيرة اللي جوزها الواطي كان مشغلها خدامه عندك لسا زي ما هي 
والتقطت أنفاسها وعاد الحديث ينبثق من بين شفتيها وسليم يُطالعها بذهول 
– لولا إنها زمان رفضت تبلغ عنك وتفضحك كان زمانك مفضوح دلوقتي بين الناس 
– انسه جنات ممكن تديني فرصه اتكلم… 
ولكن جنات لم تصمت… لم يتحمل سماع المزيد من إهانتها لها فضرب على سطح مكتبه بقوه فتراجعت للخلف تتمالك أنفاسها وتنظر إليه بترقب وهو يقترب منها بخطوات ثابته 
– أنا عارف كل الصفات الوحشه اللي فيا بس متحاوليش تخرجي سليم القديم 
وجنات لم تصمت كعادتها فاندفعت هاتفه 
– أنت بتهددني 
زفر أنفاسه بضيق فعلى ما يبدو إنه اختار الشخص الخطأ للحديث معه 
– إظاهر يا أستاذة إننا مش هنعرف نتكلم بهدوء… كل اللي كنت عايزه منك إن اساعد فتون عشان تكبر في شغلها واكون بعيد عن الصوره لكن انتي واخده وضع الهجوم 
اردف عبارته الأخيره متهكما.. فتجهمت ملامحها بإستياء ترمقه بمقت ثم غادرت مكتبه فوقف يُطالع اثرها يزفر أنفاسه بضيق
………..
– مالك يا جنات سرحانه كده ليه ؟
تسألت فتون وهي تلتقط منها المعلقة تُقلب بها الطعام بدلًا عنها 
– عنده بنت جميله، مراته سيدة أعمال ناجحه 
قطبت فتون حاجبيها تنظر لها دون فهم 
– هو مين ده؟ 
– سليم يا فتون 
بهتت ملامحها قليلًا وسرعان ما عادت لطبيعتها.. اكملت تقليب الطعام في صمت ولكن جنات لم يكن الصمت ما تريده منها 
– أنا بقولك إنه معاه بنت عشان تعرفي إنه كمل حياته وكنتي ولا حاجة يا فتون 
أرادت جنات أن تجعلها تفقد أي مشاعر تقودها نحوه… وقد أصابة الكلمه هدفها “هي لا شئ” وهي تعرف ذلك تماما… وضعت جنات يدها على كتفها 
– اوعي يا فتون تنسى هو عمل فيكي ايه
……………. 
انتفضت من غفوتها تنظر حولها تضع بيدها على قلبها حتى اخذت أنفاسها تهدء رويدًا.. عادت لوسادتها ثانية تضع رأسها عليها تُحدق في السقف بشرود
– ليه جتيلي في الحلم يا مها… ديه أول مره.. عايزه مني ايه 
ورغمًا عنها سقطت دموعها… لم تكره مها يومًا… من فرقتهما هي ناهد وحدها… شقيقتها كانت تسير خلفها تنفذ اوامرها وقد افسدها الدلال 
عاد الحلم يقتحم مخيلتها في صحوتها… فالحلم غريب.. مها تبكي لها ثم تسقط داخل البئر تصرخ بها أن تنفذها 
وهكذا استمر تفكيرها بالحلم طيلة اليوم… حتى هاتفت أخيراً حالها 
– أنا هكلم ميادة… واسأل عن ولادها 
والإجابة كانت تحصل عليها من ميادة…عبدالله الصغير مريض  ومنذ اسبوع اجري عملية بالقلب و رسلان عاد لأرض الوطن وانفصل عن العائلة بأطفاله 
– رسلان أخد الولاد يا ملك من ماما… أنا مش عارفه ليه بيعاقبها كده… طب هما ذنبهم إيه يتبهدلوا كده والولد مريض والتاني مبقاش ياكل وكأنه حاسس بأخوه 
وبعدما كان الحلم وحده ما يُورق مضجها أصبح ما سمعته أيضا يُحزن قلبها على الصغيرين 
……………. 
وقفت أمامه بعدما اتخذت قرارها الأخير بعد أيام عديدة
– سليم إحنا لازم ننفصل
التف إليها وتوقفت يديه عند منتصف صدره ثم عاد يكمل إحلال ازرار قميصه…
اقتربت منه فتلاقت عيناهم لوهلة عبر مرآة الغرفة 
– سليم ده في مصلحتنا ومصلحة بنتنا
وعند تلك النقطه عاد ينظر إليها ينتظر سماع المزيد مما ستخبره به
– حامد حط طلاقنا شرط قدام إني أكون رئيسة مجلس الإدارة.. إحنا ننفصل لحد ما كل حاجة تبقى في أيدي وبعدين
– وبعدين إيه يا شهيرة
خرج صوته متهكمًا… فتراجعت للخلف تنظر إليه تبحث عن رد منطقي تقنعه به
– نرجع لبعض من تاني وهنكون إحنا الكسبانين
صدحت ضحكته حتى دمعت عيناه فشعرت وكأنه قد فقد عقله
– سليم إحنا ناس بتوع بيزنس لازم ندور على اللي يكسبنا
واقتربت منه مجدداً تتحسس صدره بأظافرها المطلية تنظر في عينيه تنتظر الإجابة….ابتسم إليها ومال برأسه نحو كتفها فاغمضت عينيها بإنتشاء
– أنتي طالق يا شهيرة
اقتباس من الفصل القادم
***********
دلف لغرفة صغيريه متلهفًا بعدما أخبرته الخادمة أن خالة أولاده بالداخل… تلاشت لهفته عندما تلاقت عيناهم ولم يجد في عينيها إلا الخواء
– ولاد اختي هيعيشوا معايا يا دكتور
ضيق عينيه وهو يقترب منها بخطواته يشير للمربية أن تنصرف حتى يسمع ما تخبره به ثانية 
– مسمعتش اللي قولتيه
اقتربت منه تنظر إليه بتحدي وتعيد عليه ما أراد سماعه 
– ولاد اختي أنا اللي هربيهم
رفع عينيه نحو ذلك المبنى بعدما تأكد من العنوان.. 
إنه هنا في فينيسيا من أجلها… صعد الدرجات القليلة الفاصلة بين المبنى والشارع ومن ثم صعد الدرج حتى الطابق الرابع ينظر للشقتين المقابلتين لبعضهم… 
إلتقط أنفاسه التي أخذت تتسارع وكأنها تشتاق، ثواني مرت وهو يقف هكذا شئ يخبره أنه فعل الصواب وشئ يدفعه أن يتراجع
كاد أن يرفع يده حتى يدق جرس الباب… فانفتح الباب ببطء وتعلقت عيناه بها ينظر إلى تفاصيلها التي أشتاق إليها يهتف اسمها كما هتفت هي اسمه 
– جيهان 
……….
– مراتك فين يا حامد… مبقتش أشوفها ليه هي وابنها
تجمدت عينيه نحوها ثم عاد لأرتشاف قهوته
– طلقتها! 
شهقت شهيرة بخفوت تنظر إليه ببعض الدهشة ولكن سرعان ما زالت دهشتها وارتسمت السعادة فوق محياها فها هي تخلصت من دينا فقد كانت تخشي أن يُنجب شقيقها منها ويضيع كل شئ من يدها
اتخذت الأمر مزحة لم تعجب حامد الذي رمقها ساخرًا 
– مكانتش لايقة عليك الصراحه يا حامد
– ولا ابن النجار كان لايق عليكي… أكيد أنتي عارفه السبب
تجهم وجهها وقد فهمت مقصده وقد جرح أنوثتها 
– سليم عمره ما فرق معاه فرق السن بينا يا حامد…صحيح هو محبنيش بس عمره ما جرحني… عشان كده سيبتله بنتي هو يربيها هيبقى احن عليها مني ومنك يا حامد 
ارتفعت شفتيه مستنكرًا تلك الخطبة العظيمة التي تمدح فيها شقيقته ابن النجار وحفيد رأفت 
– عارفه أنا طلقت دينا ليه
واردف منتشيًا يرفع حاجبيه متهكمًا ينتظر رؤية ملامحها 
– كانت بتحب جوزك وعايزاه
انصدمت ملامح شهيرة تحدق به لعله يكذب عليها
– و سليم 
وخرجت باقية الكلمات متعلثمة فابتلعت لعابها
– كان بيحبها؟ 
تسألت وخشيت أن تسمع الإجابة ولكنه أعطاها ما أرادت ينظر إليها متشفّيًا ويُلقى عليها إحدى الصور
إنحنت تلتقط الصوره تنظر نحو ملامح تلك الصغيرة وقد إرتجف قلبها
– اسمها إيه
والإجابة اخذتها منه بعد ضحكة صدحت بالإرجاء
– فتون
………….
لم يتحمل رؤية المزيد من دموعها.. دموع أجادتها حقًا.. فجعلته يُصدق كل كلمة اخبرته بها عنها … انسحب عقله وانسحبت كل ذكرى جميله كانت فيها خير من وقف جانبه ولم يفكر إلا إنها حاربت حبه وكادت أن تدمر سعادته 
اقترب منها يضمها إليه أسفًا 
– مكنتش فاكر إن ملك ممكن تطعني في ضهري وتعمل كده 
دفنت رأسها بحضنه تتشبث به وصوت شهقاتها يعلو 
– أنا أسفه يا جسار… بس هي لما قالتلي كده أنا قولت لازم أبعد 
وابتعدت عنه تنظر في عينيه ودموعها مازالت تغرق خديها 
– كان صعب عليا يا جسار أعرف إنك مش بتحبني وإنك متعلق بيا بسبب إن فيا شبه من مراتك الله يرحمها 
ازدادت شهقاتها واشاحت عينيها بعيدًا تضع بكفها فوق فمها 
– قالتلي إن ولا حاجة في حياتك وإن بسهوله هتقدر تستغني عني وترميني 
كانت بارعه في رسم دورها وكان هو أمامها كالمغيب.. إحداهن ماتت وكانت إمرأة لا تعوض وأخرى كانت أكثر النساء عطفًا و وفاء وإخلاص… حتى زوجة أبيه السيدة فاطمة كانت إمرأة عظيمة ربته وكأنها أمه أعطته حنانها وحبها دون بخل… نساء مروا بحياته أثبتوا له كل المعاني الجميلة قدموا له كل شئ.. وهنا كان وقت السقوط
رفع كفيه نحو خديها يجفف دموعها بأنامله بعدما اجتذبها نحو وتلاقت عيناهم 
– جيهان أنا مبقتش قادر ابعد عنك…. خلينا نتجوز يا جيهان 
تسارعت دقات قلبها طربًا… لقد ربحت وحصدت ما سعت لأجله بعدما أنهى رسلان اللعبه وصرفها بعيدا.. ابتلعت لعابها تنظر إليه غير مصدقه 
– نتجوز؟ 
– أيوة نتجوز يا جيهان… عايزك تكوني مراتي… أنا مبقتش عايز غيرك 
………… 
اندمجت مع لحن الغنوة التي تصدح نغماتها من هاتفها.. تتراقص ساقيها وتُحرك رأسها في متعة وهي ترى كيف أجادة صنع كعكة العيد ميلاد الضخمة 
انفتح باب المطعم فرفعت عينيها وقد توقفت حركتها.. تنظر نحو القادم فرسمت ابتسامة لطيفة على محياها ومسحت يديها واقتربت منه بعدما القت نظرة نحو الطاولات القليلة المرتصَّة بعناية بمفارشها النظيفة 
– اتفضل يا فندم 
طالع الرجل المكان بنظرة فاحصة وترتها.. فرغم تلك التعاقدات مع بعض الشركات التي أتت إلى المطعم ولكن المطعم زبائنه قلائل بل لا يعدوا… إنها تعتمد على ربح إعداد الأطعمة وتجهيزها 
– الباشا محتاج يحجز المطعم النهارده… المطعم لفت نظرة وهو معدي على الطريق فعايز يجرب اكله 
تهللت اساريرها وقد دلف للتو ذلك الشاب الذي لم يتجاوز عمره التاسعة عشر واقترب منهما وقد سمع العرض فتهللت اساريره هو الأخر  
– الباشا.. باشا مين حضرتك 
تسألت فتون بقلق… فمطعمها بسيط لن يروق لتلك الطبقة خاصة بموقعه في تلك المنطقة البسيطه النائية بعض الشئ 
– ايوة يا أستاذة… عنده إجتماع مع وفد ياباني.. ها هحجز ولا أشوف مكان تاني 
اسرع أحمس في جذب ورقة وقلم من فوق سطح الرخامة 
– لا لا يا يا باشا أتفضل قول طلباتك وكل اللي عايزه… مش كده يا فتون 
تلاشي توترها ونظرت نحو أحمس 
طالعهم الرجل بنظرة شامله قبل أن يهتف بطلبات سيده 
– بكره الساعه 6 مساء 
غادر الرجل بعدما تمم على كل شئ يجب أن يكون معد وألا يخجلوه أمام سيده وضيوفه 
– مالك يا فتون قلقانه كده ليه.. المفروض تكوني مبسوطه.. المطعم ما شاء الله بيكبر بسرعه 
فركت فتون كفيها وقد علقت عينيها بجسد الرجل الضخم 
– مش عارفه يا أحمس… بس مش شايف إن كل اللي بيحصل ده يخوف
ضحك على خوفها ورمقها قبل ينظر نحو ما دونه بالورقة ويجب أن يبدئوا تحضيرها من الآن 
– ده رزق حد يقول للرزق لاء يا فتون 
انبسطت ملامحها بعدما زال خوفها.. فمنذ لقاءها بمسعد منذ ايام رفيق حسن وقد عاد الخوف يدب داخل قلبها خاصة وأن مسعد أصبح رجل ثري 
– عندك حق يا أحمس… يلا خلينا نشوف الطلبيه اللي في ايدينا ونروح السوق 
ولطمت جبينها تتذكر أن لديها محاضرتين غدا بالجامعه 
– عندي محاضرتين بكره ولازم أروحهم… اعمل ايه طيب 
ضحك أحمس على فعلتها 
– أنتي أحضري محاضره وانا احضر محاضره وبكده نكون ظبطنا الدنيا 
قوست ما بين حاجبيها شاردة في كل ما يدور حولها إلى أن صرخ بها أحمس 
– لا مش وقت تفكير دلوقتي يا فتون…. يلا بسرعه نخلص اللي في ايدينا على ما جنات تيجي من شغلها تساعدنا 
……….
التقطت جيهان هاتفه الذي أخذ رنينه يتعالا…فارتسم الزهو فوق ملامحها وهي تطالع رقم ملك.. اردات أن تُجيب عليها وتقهرها ولكنها فضلت أن تكون لحظة إنتصارها مرئية أمام عينيها 
” نفسي أشوفك مقهورة زي ما خلتيني أتقهر وأنا بقدم حبي لراجل عمره ما شافني وفي النهاية استخدمني عشان اكون حبيبت راجل تاني وكل ده عشانك… عشان مش قادر يشوفك مع راجل غيره” 
والتمعت عينيها بالحقد وهي تتذكر كيف أحبت رسلان منذ أن التقت به في لندن 
شعرت بيدين جسار تسير فوق كتفها العاري يهمس قرب اذنها 
– حببتي سرحانه في إيه 
وحدق بهاتفه الذي مازال قابع في يدها.. فانتبهت على أمرها 
– ملك كانت بترن عليك
شعر بالتوتر قليلًا من سماع اسمها ولكن سرعان ما تجمدت عيناه 
– جسار أنا مش هقدر استحمل قربها منك… ومهما كان هي كانت طليقتك 
واردفت بوداعة تجيد رسمها عندما ظلت ملامحه جامده نحوها 
– حتى لو كان جوازكم صوري زي ما حكتلي… أنت إديتها كتير ووقفت جانبها غير الأسهم اللي ليها في شركتك
ابتلعت لعابها وهي تراه يرمقها بتلك النظرات التي ترهبها.. فهي مازالت تعلم أن ملك لديها مكانه لدي جسار لم ولن تهتز مهما حدث ولكنها ستفعل كل شئ حتى تبعدها 
– حبيبي أنت عملت كل حاجة ورديت ليها الجميل… مش هتوقف حياتك معاها…وبصراحه أنا بغير عليك أوي منها يا جسار 
لمحت ابتسامة خاطفة على شفتيه سرعان ما أجاد إخفاءها عنها ولكنها علمت إنها نجحت في إستمالته نحوها 
اقتربت منه تحتضن وجهه بين كفيها ثم رفعت يدها تحركها على خصلات شعره الرطبه 
– انت متعرفش أنا بحبك أد إيه 
أشعلت قلبه وجسده بكلماتها وبغنجها البارعة فيه… لحظات وكان يسحبها معه في عالم يُريد العيش فيه… فتحت له كل الأبواب لينعم بطراوة جسدها..رنين هاتفه كان يعلو ثانية ولكنه كان في جنته غير عابئ بأحد غير التي بين ذراعيه. 
القت ملك الهاتف فوق فراشها بعدما يأست من إجابته عليها… جلست على الفراش ولم تشعر بدموعها التي انسابت على خديها 
لديها شعور قوي أن هناك شئ سيحدث… شئ سيعكر صفو حياتها الهادئه 
مسحت دموعها تبث في نفسها العزيمة 
– أنتي قوية يا ملك… سامعه أنتي قوية
نهضت من فوق الفراش تلتقط هاتفها وحقيبتها… وقد اتخذت قرارها أخيرا ستذهب لرؤية أولاد مها.. ستذهب لتجلبهم حتى يعيشوا معها وستقف أمام تلك العائله التي جارت عليها يومًا 
……….. 
كل شئ تم إعداده بدقة… والمطعم أصبح مُهيأ لإستقبال الوافدين… نظرت نحو ساعتها بقلق… ف جنات قد تأخرت عليها وأيضا أحمس 
تعلقت عينيها بالسيارات التي اصطفت خارج المطعم فارتجف قلبها تهتف بصوت قلق تخاطب حالها 
– اتأخرت عليا ليه يا أحمس.. هعمل إيه دلوقتي 
ثواني وكان الوافدين يدلفوا المكان ينظرون إليه بنظرات فاحصة مما زاد توترها فعلى ما يبدو أن مطعمها البسيط لم يروق لهم.. اسرعت نحوهم بأدب ترحب بهم 
فابتسم البعض إليها محركين رأسهم بتحيه متمتمين بلهجة لم تفهمها هتفت داخلها وقد ازداد توترها بشدة 
“هتعملي ايه يا فتون لوحدك… دول شكلهم ناس تقيلة وأجانب ” 
حاولت تجاوز خوفها تمسح يديها المتعرقة في ثوبها.. طالعها الرجل الذي أتى أمس لحجز المطعم يسألها 
– كل حاجة اتعملت زي ما طلبت 
اماءت برأسها تنظر نحو الطاولات والمقاعد.. واسرعت إليهم حتى تساعدهم مع ابتسامة لطيفة جلعت دقات قلبها المتسارعة تهدء
أدركت فداحة خطاءها بعدما نظرت نحو الطاولتين .. فأين زجاجات الماء… عادت بأدراجها نحو المطبخ بنظامه المفتوح حيث يكون كل شئ يتم إعداده أمام الزبائن كالنظام الأوربي 
– شكرا ليكي 
واخيرا نطق أحدهم بعدما أرتشف من زجاجة الماء… اتبعت الأمر بوضع السلطة  والشربة وما يخص وجبة الأسماك الدسمة. 
شهقت بفزع عندما ارتطم جسدها بشئ صلب…فهتفت أسفه وهي تخفض عينيها أرضًا
– أسفه
– خدي بالك
وهل نسيت صوته يومًا… رفعت عينيها نحوه وقد إرتجفت اهدابها تبتلع ريقها تُقاوم تلك الرجفة التي انتقلت لسائر جسدها
– سليم بيه .. الضيوف
نظر خلفه نحو مساعده وكان يومًا ما صديقه… حركة من عينيه جعلت الأخر يتقدم من الضيوف والمترجم بدء دوره في ترجمة كل شئ يريدونه 
اندفع أحمس داخل المطعم ولكن سرعان ما تمالك إندافعه ورتب هيئته بعدما علقت به أعين الجالسين. 
رحلة طويلة دامت بينهم عندما تلاقت عيناهم… الكلمات تريد أن تخرج من بين شفتيه.. يريد أن يخبرها كم إشتاق إليها وافتقدها وبحث عنها
– فتون معلش أتأخرت عليكي.. المواصلات صعبة 
افاقها صوت أحمس من تلك الحالة التي أصبحت فيها… ويا للأسف مازال يحمل ذلك السحر الذي اسقطه فيها يوما ولكن هي ليست فتون الضعيفه الخادمة التي ترى العالم من نافذة صغيره
بللت شفتيها بلسانها تتمالك حالها ثم تجاوزته… نعم تجاوزته سليم النجار تجاوزته امرأة.. قبض على كفيه بقوه يلتف نحوها وكيف اتجهت نحو ذلك الشاب الوسيم ذو العينين الخضراوين
أنتبه على نظرات ضيوفه… فجاهد نفسه للعودة لهيئته المنمقة الجادة
– مالك يا فتون… وشك مخطوف كده ليه
وضعت يديها فوق الرخامة تلتقط أنفاسها تنظر نحو أحمس الذي اسرع في ارتداء ثياب المطعم وعاد إليها يحمل معها الأطباق ويخرج الصواني من الفرن
– مافيش يا أحمس… خلينا نشوف شغلنا
وها هم أعدوا كل شئ كما تم طلبه منهم…. والضيوف منهمكين بتلذذ ومتعة في تناول وجبتهم.. أما هو كانت عيناه عليها من حينًا إلى أخر وكيف تتهامس مع ذلك الشاب ويضحكون
تجمدت يده فوق شوكته وقد علقت عيناه بأحمس وهو يلتقط منها الورقه والقلم بعدما دفعها بيده برفق
– سليم بيه… الضيوف بيقولوا لحضرتك أد إيه اختيارك للمطعم نال إعجابهم… وإنهم أحبوا بساطة المكان
أنتبه على صوت المترجم بعدما اخذ “شادي” مساعده يتنحنح حرجًا حتى يلفت إنتباه
أماء برأسه إليه يحاول تمالك نفسه ولكن عيناه أبت ان تبتعد 
نهض عن مقعده بعدما مسح شفتيه بالمنديل وعينين مساعده عالقة به 
اندفع إليها ينظر إلى ذلك الشاب بمقت 
– فتون 
طالعه أحمس مدهوشًا من نطقه لاسمها وكأنه يعرفها وكيف اشاحت هي عينيها منشغلة في ترتيب اطباق الحلوي التي ستقدم بعد قليل 
– افندم يا سليم بيه.. في حاجة ناقصه او مش قد المستوى 
– فتون بصيلي
اقترب منها حتى يجذب ذراعها ولكن أحمس وقف بينهم يحدق به 
– حضرتك ممكن تكلم معايا أنا… أنا هنا المسئول لو في مشاكل مع الزباين 
تعلقت عينين سليم بيد أحمس التي قبضت فوق ذراعه.. اغمض عينيه ثم ازاح قبضة أحمس 
– هنتكلم يا فتون… هنتكلم كتير أوي 
وعاد لطاولته يبتسم بدبلوماسية إلى ضيوفه ثم مال نحو مساعده يهمس بخفوت 
– تحاول تتصرف مع الولد اللي واقف هناك… قبل ما الضيوف يمشوا تكون اتصرفت فاهم يا شادي 
وشادي يفهم وينفذ في صمت 
…………. 
هل ما يسمعه من خادمته حقيقي أم هو أصبح يتوق لذلك .. لم ينتظر سماع المزيد من خادمته واندفع نحو غرفة صغيريه ينظر إليها متلهفًا… فالخادمة لم تخطئ …
 تلاشت لهفته عندما تلاقت عيناهم ولم يجد في عينيها إلا الخواء 
نهضت من جوار الصغيرين بعدما قبلتهم ومسحت فوق وجنتيهم.. والتحدي وحده ما كان يحتل كيانها 
–  جيت عشان أخد ولاد اختي يعيشوا معايا يا دكتور… ياريت نعرف نتفاهم بهدوء لأني مش هتنازل عنهم 
ضيق عينيه وهو يقترب منها بخطواته يشير للمربية أن تنصرف حتى يسمع ما تخبره به ثانية 
– مسمعتيش اللي قولتيه يا مدام ملك 
ضغط على أحرف كلماته ينظر إليها بشوق استطاعت عيناه إخفاءهم ولكن قلبه خانه… اقتربت منه تعيد عليه حديثها 
– ولاد اختي أنا اللي هربيهم… اظن إنك سامع كويس 
– ومين اللي هيسمحلك بكده
– أنت… وده الأفضل ليهم…
واردفت متهكمه ترمقه بتحدي 
– أنت لسا فاكر إن ليك ولاد يادكتور 
غامت عينيه ينظر نحوها بملامح قاتمة
– وانتى كنتي فين… مش المدام برضوه بتكره العيلة بكل افرادها
واستطرد بجمود يقطع عليها حديثها حتى يستفزها 
– ولادي أنا هعرف كويس أربيهم.. هما مش محتاجين غيري 
واولاها ظهره مغادراً الغرفة 
– نورتي البيت يا مدام ملك… وتقدري تشوفي ولادك أختك زي ما أنتي عايزه 
ولكن توقف في مكانه ينظر نحو قبضة يدها فوق ذراعه مدهوشًا من فعلتها 
– من أمتي انت حبتهم… أنت كنت سيبهم ومسافر بره وعايش حياتك… كفايه أوي عليهم لحد كده مع عيلتك ومعاك… كفايه ظلم ليهم 
التف إليها وقد أنتبهت للتو إنها مازالت تقبض فوق ذراعه وقريبة منه للغاية 
– قولتلك انا أبوهم… سامعه كويس ولا محتاجه اكرر كلامي 
– وأنا خالتهم… مها عايزانى انا أربيهم 
طالعها بنظرة غامضه فاشاحت عينيها بعيدًا عنه 
– أقول للخدامة تحضر العشا  ولا معندكيش وقت 
إستطاع إثارت حنقها من تلك البرودة التي يتحدث بها فمال نحوها ينتظر سماع إجابتها 
– ولاد اختي هعرف اخدهم منك كويس يا رسلان.. بيني وبينا المحاكم 
صدحت ضحكته عاليا فلم يعد يتمالك حاله من ثقتها 
– شوفي انتي هتعملي إيه وبلغيني 
أندفعت من أمامه حانقة نحو غرفة الصغار تلتقط حقيبتها ثم عادت تتخطاه راحلة 
تشبثت قدماها مكانها دون أن تلتف إليه 
– في طريق أقصر من التحدي ومن كل ده يا ملك.. 
واردف ساخرًا يلوي شفتيه إستنكارًا  
– أنتي طول عمرك بتضحي عشان الناس.. فمجتش من مره تالتة تقدمي التضحية ديه كمان
اقتباس من الفصل القادم
***********
انهارت أسفل قدميه تكتم صوت شهقاتها تتذكر تفاصيل تلك الليلة
– متعملش فيا حاجة… متعملش فيا حاجة.. أنا معملتش حاجة
إنحدرت دمعة فوق خده سرعان ما ازالها ينظر إلى هيئتها وينحني صوبها يُحاول إنتشالها من فوق الأرضية وضمِها إليه 
– مش هأذيكي يا فتون صدقيني… أنا أسف.. سامحيني
– أبعد عني… أبعد عني
دفعته بيديها فتهاوي للخلف بعدما فقد السيطرة على جسده بسبب وضيعته تلك.. تحكمت في نوبة فزعها ونهضت تجذب إحدى الزجاجات تدفعها فوق رأسه
فاقت من صدمتها وهي ترى الدماء تغرق رأسه ثم إنبطاحة فوق الارضيه.. 
نظر ت إليه في ذعر وانكمشت على حالها نحو الجدار لا تستوعب ماذا فعلت.. ارتجفت يديها وقد وضعتهما فوق شفتيها ومازالت الصدمة والضياع تحتل عيناها 
حاول أن يرفع رأسه لعله يطمئنها وقاوم شعوره 
– متخافيش يا فتون 
وسقط بعدها في دوامة الظلام… فجحظت عينيها تنفض رأسها مما هي عليه وتستوعب تلك الكارثة التي فعلتها 
– سليييم 
يتبع..
لقراءة الفصل التاسع والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!