Uncategorized

رواية وقت محدود الفصل الثانى 2 بقلم مريم حسن

 رواية وقت محدود الفصل الثانى 2 بقلم مريم حسن
رواية وقت محدود الفصل الثانى 2 بقلم مريم حسن

رواية وقت محدود الفصل الثانى 2 بقلم مريم حسن

صدع رنين هاتف أسامة معلنًا عن مكالمة له، التقط هاتفه فوجده رقم غير مسجل، لكنه أجاب على أية حال ليصدم مما سمع وشعر بقلبه يهوي أرضًا، شُل عقله عن التفكير وتحرك لسانه بصعوبة. 
ـ مـ مستشفى إيه؟ 
التقط مفاتيح سيارته وهاافه مازال على أذنه، هرول إلي المستشفي وقلبه يكاد يخرج من صدره، ازدادت سرعة وثقل أنفاسه وهواجس عقله تقتله حيال حالة زوجته، كيف وأين ومتى حدث كل هذا؟ أفاق من سجن أفكاره عندما وصل للمشفى، اتجه للاستقبال بأنفاس لاهثة. 
ـ في حادثة لسه واصلة ومراتي فيها اسمها ليان محمود هي فين بسرعة! 
ـ في غرفة 110.
لم تكد تنهي كلامها واندفع مسرعًا حتى كادت أن تتركه قدماه، دلف إلي الغرفة وصعق عندما وجد فتاة يقوم الأطباء بتغطية وجهها وحولها أجهزة تنم عن مفارقتها الحياة. تصنم أسامة وهو يري اندفاع الأطباء والصراخ وسؤال واحد يتردد بخلده، هل تركته حقًا؟
شعر بيد تربت على كتفه من الخلف فاستدار ليجد رجلًا يسأله: حضرتك بتعمل إيه هنا؟ أنت تبع الحالة؟ 
شعر أسامة بتيه، وشردت عيناه كشرود عقله، عاد يسأله من جديد عندما طال صمته: يا أستاذ أنت مين طيب؟ 
ـ أـ أسامة.. 
نطقها بصعوبة وكأنها تأبى الخروج من فمه، عقد الأخر عاجبيه بتفكير: حضرتك جاي تبع حادثة انهاردة؟ أنت زوج الحالة في الأوضة 110؟ كان اسمها إيه؟… آه ليان! 
التفت له أسامة سريعًا بأعين تكاد تخرج من مكانها صائحًا بصدمة: هي عايشة؟! 
تعجب الرجل من سؤاله، هل يريد أن تنتهي حياة زوجته؟!.. سرعان ما أدرك الأمر، فهتف موضحًا: حضرتك دي غرفة 109 وهي جنب غرفة 110، غرفة زوجتك.
خرجت تنهيدة طويلة كأنما عاد الهواء لرئتيه أخيرًا، وقف أسامة أمام باب الغرفة التي بها ليان ونظر لها من خلال الزجاج لأن الطبيب منعه من الدخول لها، ليجدها مستلقية على الفراش، عيناها مغمضتان بإرهاق كأنها صارعت الحياة وأخذت هدنة لترتاح قليلًا. 
وقف الطبيب إلى جانبه وتحدث بخفوت: هى كويسة بس للأسف الحادثة كانت شديدة ودخلت في غيبوبة، تقدر تأخد حاجتها من الإستقبال. 
ربت الطبيب على كتفه بإشفاق على حاله ورحل، ذهب لأسفل فوجد أغراض زوجته وعلم أنها كانت تريد أن تفاجائه بمرور سنة على زواجهم ولكن للقدر رأى آخر. 
***
دلف إلي الشقة ووضع مفاتيحه على الطاولة وتفحص الشقة بهدوء، متى كانت شقته بهذا الهدوء؟ متى كانت.. متى كانت باردة لهذا الحد؟! بالرغم من زواجه منذ سنة فقط إلا أنها كانت تعطي بهجة ودفئًا للمكان، اعتاد عليهما. ألقى نفسه بإهمال على الأريكة الأقرب إليه ونظر للسقف لبضع ثوانٍ يفكر في حالهما، فأدمعت عيناه، زفر بقوة وأجرى بضع اتصالات يعلم فيها أهله ووالدة ليان عما حدث، فكانت ردة فعل والدة صعبة وهدأها بصعوبة، وحزن أهله لما حدث وأخذوا يدعون لهما. 
***
على الجانب الآخر، شعرت يارا بالفزع عند انقطاع الاتصال وعلمت أن خطيبها في المستشفي فذهبت مسرعة إليه.
نظرت للطبيب بعيون دامعة وقلب ينبض خوفًا: هو إمتى هيفوق؟ 
نظر الطبيب ليوسف من خلف الزجاج: دلوقتي هو تحت تأثير البنج وهيفوق بعد كام ساعة ونعمل الفحوصات وهنبلغ الشرطة علشان في التقرير مكتوب أن الحادثة متعمدة مش صدفة. 
عادت يارا تنظر إلى يوسف ودموعها تهدد السقوط: أقدر أشوفه إمتى؟ 
ـ لما يفوق ..عن إذنك. 
رحل الطبيب وتركها في دوامة تفكيرها تكاد تنهار مما حدث. 
***
استبقظ أسامة ليرى أنه نام على الأريكة منذ أمس. دلك رقبته بألم واغتسل سريعًا، ثم توجه للمشفى. سمح له الطبيب أخيرًا بالدخول لليان على شرط ألا يبقى مطولًا. 
أمسك أسامة بيد ليان، ونظر لها يتأملها بصمت حتى احتقن وجهه وبرزت عرقوه محاولًا ضبط أعصابه. قرب يدها منه وقبلها ثم ضمها لقلبه، وخرج صوته مبحوحًا. 
ـ شوفت الهدية اللي كنتي جيبهالي.. حلوة أوي زي اللي اختارتها.. من لما عرفتك وأنتي مهتمة بيا دايمًا وعارفة عني كل تفاصيلي ومراحش عن بالك إن ساعتي بايظة.. أنا لبستها ومن كتر إعجابي بيها مش هخلعها خالص.. 
صمت قليلًا يبتلع غصة بحلقه تمنع خروج الكلمات منه: أنا هفضل مستنيكي لحد ما تفوقي فعشان خاطري متطوليش عشان بتوحشيني. 
مسح دمعة هاربة من عينه وهدأ أعصابه قليلًا ثم خرج متوعدًا لأيًا كان الشخص الذي أوصل بزوجته لهذه الحالة. 
***
ـ إحنا الشرطة وعندنا أمر بالتحقيق مع الأستاذ يوسف. 
قالها ذلك الشرطي الذي دلف لغرفة يوسف ومعه شرطيين أخرين، فأفسح الطبيب لهم وأومأ بتفهم:اتفضل. 
جلس الشرطي بجانب فراش يوسف وتفحص يوسف، كان الإرهاق والتعب يكتسح ملامحه ورأسه مربوط أثر الاصطدام القوي، تحدث بعملية وجدية: أستاذ يوسف عندنا تقرير إنك كنت سكران وأنت بتسوق. 
صاح يوسف باندفاع: محصلش أنا مبشربش أصلًا! 
لد يبالي الشرطي بدفاعه عن نفسه واسترسل حديثه بجدية: عندنا تعليمات بالقبض عليك. 
اندفعت يارا تهتف بذعر: بس هو معملش حاجة. 
لم يولي الشرطي اهتمامًا لها ووضع الأصفاد بيد يوسف الذي لم يبد أي مقاومة من تعبه وأخذوه معهم. 
***
توجهت يارا لمنزلها ودموعها تنهمر بشدة على صفحات وجهها تفكر في حالها وكيف ستتصرف. مرت بضعة أيام وصدر قرار محاكمة يوسف لتنهار يارا أكثر، لا تعلم من الذي يستطيع مساعدة يوسف ويصبح محاميه رغم ضعف موقفه في القضية. وبعد بحث طويل ومرهق وجدت محاميًا ليوسف رغم طلبه أن يتقاضى مبلغًا كبيرًا. 
***
حان موعد الجلسة الأولى لمحاكمة يوسف. دلف الجميع للمحكمة بمشاعر مختلفة، فيارا تشعر بالقلق والخوف بسبب ضعف موقف يوسف، يوسف لا يقل خوفًا عن يارا لكنه ارتدى قناع الهدوء، أسامة الذي دخل المحكمة مصممًا على ألا يخرج منها إلا وهو فائز بالجلسة، أما محامي يوسف فلم يكن قلقًا، فهو لم يرضى بقضية يوسف إلا لأجل الأجر العالي. بدأت الجلسة وبدأ كل محامي يدلي بألادلة والشهود، ومع مرور الوقت يتزعزع موقف يوسف ولعدم وجود الأدلة الكافية خسر محامي يوسف أمام أدلة أسامة وهجومه، فانتهت الجلسة بفوزه وخرج الجميع بتفكير مختلف. 
اقترب محامي يوسف من يارا متأسفًا: أنا أسف يا مدام يارا أنا مضطر أسيب قضية يوسف. 
نظرت له بصدمة شلتها عن التفكير: نعم؟! 
رفع المحامي وجهه بهدوء واستأنف حديثه: بقول إني مش هقدر أكمل في القضية دي وموقف يوسف صعب جدًا فالأفضل إنك تستسلمي للأمر الواقع. 
صاحت به يارا بانفعال: أنت بتقول إيه؟! أومال أنا جايباك ليه؟! ما أنا عارفة إن موقفه ضعيف وجايباك عشان تحسنه وتبرئه من تهمته، وبعد أول جلسة تقولي متقدرش وأستسلم؟! أنت اتجننت؟! 
ارتفع صوت تشاجر يارا مع المحامي، وكان أسامة يشاهد ما يحدث ببرود ولم يعطي لأي منهما اهتمامًا واستكمل طريقه وتوجه للمشفى نحو غرفة زوجته. 
***
ـ في تقدم في حالتها؟ 
سأل أسامة الطبيب فهز رأسه نافيًا بأسف وتركه يحتدث زوجته كحال كل يوم. زفر أسامة بتعب وحزن وأخذ يحادث ليان عما فعله اليوم بالمحكمة حتى انتهى موعد الزيارة فعاد لشقته وقرر الاطمئنان على والدة ليان، فاتصل بها. 
ـ إزيك يا أمي. 
خرج صوت والدة ليان منهكًا متحشرجًا من كثرة البكاء: بخير يا ابني أنت عامل إيه طمني؟ 
تنهد يوسف بتعب: مش عارف.. حاسس بضياع، بس أوعدك إني أجيب حقها من المجرم اللي عمل فيها كدا، انهاردة كانت أول جلسة وفزت بيها وإن شاء الله أفوز بالقضية كلها وياخد جزائه. 
ـ إن شاء الله يا حبيبي. 
استرسل أسامة حديثه: لو عوزتي حاجة قوليلي. 
ـ متحرمش منك يا ابني. 
ـ ولا منك يا ست الكل. 
***
دلف أحد العساكر حيث يوجد يوسف وصاح: يوسف الشاهوي حد عايزك. 
تعجب يوسف، من الذي يريد لقائه الآن؟ فحتى يارا انهارت بعد المحكمة ولم تستطع الحديث معه. خرج مع العسكري وأدخله لغرفة وتركه وخرج، وجد رجلًا يقف في المنتصف وعندما استدار صدم يوسف: أنت! 
***
لم يكن لدى أسامة شهية لتناول الطعام فارتمى بجسده على الفراش ودخل في نوم عميق سريعًا لشدة إرهاقه. وجد نفسه داخل مكان غريب، الخضرة والماء في كل مكان، صوت خرير الماء يملأ الأجواء مع صوت زقزقة العصافير، مكان جميل ونقي لا تشوبه شائبة، التفت حول نفسه بذهول يتأمل يا يرى، حتى وقعت عيناه عليها، فتاة تجلس بثوب أبيض رقيق وشعرها منسدل على جانبي وجهها وحولها عدد من الفراشات مختلفة الألوان والأشكال، كانت هي، زوجته، ليان! تصنم مكانه وأبت قدامه الحراك وظهرت الفرحة على وجهه. 
ـ وحشتيني ي ليان. 
ابتسمت ليان بحزن طفيف: أول مرة عينك متشوفش الحقيقة يا أسامة، دايمًا بتنصر المظلوم، بس المرادي أنت اللي ظلمت. 
صدم أسامة وتحركت قدماه أخيرًا بثقل مقتربًا منها: بس أنا عملت كدا عشان هو اللي أذاكي وأذى غيرك. 
ابتعدت صورة ليان تدريجيًا وبدأ صوتها في التلاشي: شوف الطريق.. فتح عينك وركز يا أسامة. 
استيقظ من نومه فزعًا، نظر حوله فلم يرى شيئًا من ظلمة الغرفة ليلًا وتأكد أنه كان يحلم، تنفس بقوة وأخذ كلام ليان يدور بعقله، وتشتت أفكاره، لكن هل من الممكن حقًا أن يكون الظالم؟ 
***
يتبع ……
لقراءة الفصل الثالث : اضغط هنا
لقراءة باقى فصول الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!