روايات

رواية ديجور الهوى الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء الثالث والعشرون

رواية ديجور الهوى البارت الثالث والعشرون

رواية ديجور الهوى الحلقة الثالثة والعشرون

‏”متورّطٌ بك.. وأعرف ألف طريقة تخلصني منك، لكنّني أتجاهلها متعمدًا”
#مقتبسة
يتسكَّع في أزقَّة القلب شوقٌ لابيتَ له.
#مقتبسة
نحن أحدى ضحايا المُنتصف مابين الشوق وأنتهاء الرَغبة.
#مقتبسة
”وفي القلب عتابٌ كثير، واشتياق أكثر، إلّا أنهُ لن يُقال“
#مقتبسة
_________
جاءه صوت أفنان من الخارج متمتمة:
-أنا يا كمال الحقني..
فنهض كمال من مكانه وذهب ليفتح الباب وبدون مقدمات تحدثت أفنان بنبرة قلقة:
-كمال، داغر تعبان اوي وسخن خالص.
…. قبل ساعة تقريبًا……
طوال الليل لم تنم أفنان ولو ساعة واحدة ظلت محتضنه طفلها فقط، وتراقبه طوال الليل، ظل في الشرفة فهو لم يدخل إلى الغرفة أبدًا…
كانت ترغب في اخباره بقلق واهتمام لا تدري سببه بأن يدخل إلى الداخل ولكنها خشيت من بطشه..
ظل في الشرفة لم يأتي للنوم على الأريكة كما أعتاد في الأيام الماضية..
استيقظ الصغير -فهد- فتصنعت أنها استيقظت بسبب حركته في أحضانها..
غمغم فهد بصوتٍ به بقية نوم:
-صباح الخير يا ماما.
وضعت أفنان قُبلة على وجنتيه قائلة وهي تعبث في خصلاته:
-صباح النور يا قلب ماما.
كالعادة دوم مقدمات أخذ يقص لها المنام الذي شاهده وبعدها بدأ في حديثه المعتاد عن رغبته في العودة إلى المنزل:
-خالو ثائر هو وحشني اوي هو مش هيجي ولا أحنا هنروح ونرجع بيتنا بقا انا زهقت؟!.
وضعت أفنان يدها على فمه قائلة بتحذير ولكن في الوقت نفسه تحرص ألا تخيفه:
-فهد زي ما أتفقنا متجيبش حاجة خالص عن خالو ثائر قدام أي حد في البيت زي ما أتفقنا أحنا كنا مع بابا مسافرين أوعى تغلط قدام حد يا حبيبي.
عبس فهد بملامحه ثم غمغم باعتراض طفولي فهو قد شعر بالملل من تحذيراتها المستمرة حول هذا الأمر:
-أنتِ دايما بتقوليلي أن الكدب حاجة وحشة ليه بتخليني أكدب؟!.
يوترها الأمر أصعب من شرحه لطفل صغير…
بالله ماذا تشرح له في وضع هكذا؟!…
تمتمت أفنان بهدوء:
-علشان ثائر هيجي ويعملهم مفاجأة بعدين..
قاطعها الصغير بعدم اقتناع:
-أنا مش فاهم، وازاي كمال ده أخوكم وميعرفش حاجة عن خالو.
-لا يعرف طبعا يا حبيبي، فهد ممكن تسمع كلام ماما من غير مناقشة وأنا أوعدك هشرح ليك بعدين؟!.
هز الصغير رأسه بملل…
فأردفت أفنان بعد أن رأت الساعة المعلقة على الحائط:
-لسه بدري أوي، نام شوية.
قال فهد معترضًا:
-مش جايلي نوم مش عايز أنام تاني.
فقالت أفنان وهي تمرر يدها في خصلاته:
-خلاص طيب يلا روح بقا طلع هدومك من الدولاب علشان تأخد دش وأحضر ليك الفطار مدام مش عايز تنام…
نهض الصغير ليمر بجانب الشرفة أولا التي كانت شبه مفتوحة ووجد داغر نائما على المقعد يستند على يديه على الطاولة، فقال فهد موجهًا حديثه إلى أفنان:
-بابا نايم في البلكونة يا ماما.
لم تكن معلومة جديدة بالنسبة لها..
فوجدت الصغير يدخل إلى الشرفة حاولت إيقافه من أجل ألا يغضب عليه وحتى لا يتعرض للهواء البارد وهو قد استيقظ من النوم حديثًا، ولكنه لم يستمع إلى ندائها……
“داخل الشرفة”
وضع الصغير يده على يد داغر الذي كان قد ذهب في النوم منذ قليل بعد ليلة طويلة أخذ يفكر بها وكاد أن يتوقف عقله من كثرة التفكير….
-بابا..
انتفض داغر من مقعده عند شعوره بلمسة فهد وصوته ليبتعد الصغير بمسافة خطوتين بترقب، نظر داغر على المكان من حوله..
أخذ يحاول أن يتذكر كيف قد غفى بعد هذا الوقت وفي الشرفة؟!..
وبرغم من برودة الجو كان يتصبب عرقًا يبدو أنه أصيب بالبرد بسبب جلوسه طوال الليل في الشرفة…
في هذا الطقس..
هتف الصغير مقتحمًا شروده بنبرة مرتبكة:
-صباح الخير يا بابا.
أجاب داغر عليه بهدوء حاول تصنعه فبعد أن بدأ داغر في الحديث معه بدأ الصغير في الاعتياد عليه بسرعة رهيبة هو نفسه لا يفهمها:
-صباح النور.
عقب فهد بفضول وعفوية:
-حضرتك نمت هنا ليه؟!.
عقب داغر في نبرة حاول جعلها طبيعية وهو يجلس على المقعد مرة أخرى:
-كنت قاعد ونعست عادي.
بكل براءة وضع فهد كف يده الصغير على جبهة داغر -مقلدًا حركة والدته حينما تشك بأنه مريض- وضع يديه الصغيرتين على جبهته ليتحسس حراراته:
-حضرتك سخن يا بابا.
لم يعقب داغر فقط أبتسم له وأمسك يد الصغير ووضع قُبلة عليها، ثم ولج إلى الداخل وبجانبه الصغير ممسك بيده وفي هذه الاثناء كانت أفنان تقوم بترتيب الفراش..
تمتم فهد في عفوية:
-بابا تعبان يا ماما تعالي شوفيه، ده سخن.
هنا كاد داغر أن يفقد صبره وتحضره فهو يتمالك نفسه بصعوبة حتى لا يغضب على الصغير فهو الشخص الوحيد الذي لا يحمل أي ذنب في تلك القصة في نظره..
نظرت لهما أفنان وقالت باهتمام وهي تقترب منهما:
-تعبان مالك؟!.
غمغم داغر وهو يعبث في خصلات الصغير تحت استغرابها:
-مفيش هو متهايقله إني سخن، سيبي السرير زي ما هو علشان أنا هنام.
مرة أخرى استعمل فهد كلمات والدته متمتمًا:
-حضرتك تعبان يا بابا لازم تروح لدكتور.
تلك الكلمة تؤلمه ولكنه اكتفى بتعبير بسيط:
-لا أنا هنام ساعتين وهصحى هبقى كويس.
أنهى داغر حديثه وهو يتوجه صوب الفراش ليستلقى فوقه بملابسه كما هو، بالفعل هو يشعر بالأعياء الشديد لن ينكر أمام نفسه على الاقل….
نظر الصغير إلى والدته بمعنى أن تفعل شيئًا، فغمغمت أفنان بنبرة طبيعية:
-أنتَ حاسس بايه يا داغر طيب؟!.
عقب داغر بنبرة جامدة وصوته كان قد اختلف، يظهر اعياءه الواضح:
-قولتلك هنام شوية وهكون كويس خلاص بقا هي مش شغلانة.
رجل مستفز..
فليحترق حتى لا يهمها….
أخذت فهد القلق جدًا عليه بعفوية، وأخذت ملابس لطفلها وتوجهت صوب المرحاض لتجعله يأخذ حمامه ثم أخذت تمشط خصلاته ولم تبعد خصلاتها كل هذا الوقت عنه أثناء نومه، وجسده وجهه متصبب عرقًا وهو يكابر ويخبرها بأنه ليس مريضًا..
رغمًا عن أنفها بعد أنتهت من تصفيف خصلات الصغير، وهبطت ثم أخذته إلى المطبخ، قامت بتحضير الشطائر البسيطة والخفيفة التي يفضلها وأخبرت” أم شيماء” بأن تظل بجانبه حتى تناول فطاره….
وصعدت هي إلى الغرفة وأقتربت منه بتردد كبير وتحسست جبهته لتشعر بأنه يحترق من حراراته المُرتفعة….
يجب عليها أن تتصرف…
هو سيموت أن لم يتناول شيء أو يذهب إلى الطبيب…
لذلك قررت أن تهبط إلى كمال الذي لحسن الحظ كان يتواجد اليوم في المنزل وليس مع منزله الآخر مع داليا..
….عودة إلى الوقت الحاضر…..
تمتم كمال بنبرة عادية:
-طب نوديه المستشفى أو نجيبله دكتور؟!
تحدثت أفنان بانزعاج وهي تعقد ساعديها:
-مش عايز ومتعصب ومش طايق نفسه، ومش راضي يعترف انه تعبان بيقول هنام وأقوم هكون كويس، اصله طول الليل قاعد في الهوا والدنيا كانت بتمطر والجو كان تلج بليل.
استغفر كمال ربه، فداغر هذا لن يكف عن عناده..
فغمغم بنبرة منفعلة:
-خلاص ياستي هغير هدومي واخد دش وهطلعله.
تمتمت أفنان بتلقائية:
-هو لو عرف أني قولتلك هيتعصب ومش هيعجبه برضو.
سألها كمال ساخرًا:
-طب وأنتِ عايزة اعمل ايه طيب؟! اسحرله؟!! يعني ولا عايزاني اطلعله ولا اوديه للمستشفى ولا اجيبله دكتور، المفروض أعمل ايه على الصبح؟!!..
جاءت فردوس من الداخل متمتمة:
-في ايه؟!.
نظرت أفنان عليهما نظرة سريعة، لا تدري ما الذي يحدث، تواجد فردوس هنا والاريكة….
لكنها عقبت بنبرة عادية متجاهلة كل هذا:
-يعني ممكن احاول اديله علاج أو حاجة نطلب الصيدلية…
تمتمت فردوس باستفسار:
-ليه في ايه؟!.
-داغر تعبان، خد برد.
كان هذا تعقيب مختصر من أفنان التي كانت تتجاهل وجود فردوس ولكنها كانت مجبرة على الرد عليها…
أردفت فردوس بنبرة عادية:
-معايا حاجات ممكن اجيبهم ليكي وتشوفي هو حاسس بايه وتديهوله لو خده وبقى كويس خلاص، لو متحسنش نجيبله دكتور…
_____________
“في منزل عائلة داليا”.
كانت داليا تجلس على الاريكة تتناول قهوتها بعد أن جعلت والدتها تتناول أدويتها وتتناول فطورها البسيط الذي يتلائم مع حالتها الصحية وأخبرتها بعدها بأنها تود النوم لذلك تركتها..
جلست مع زوجة شقيقها وصديقتها في الوقت ذاته، أخذت تقص عليها الشجار الذي دب بينها وبين كمال وكانت بالفعل كانت تشعر بالندم الشديد..
غمغمت داليا بضيقٍ ونبرة مختنقة:
-ياريتني ما كنت قولتله حاجة ولا كنت مشيت ورا كلامك.
تحدثت جهاد مدافعة عن ذاتها:
-أنتِ هتجبيها فيا؟! وبعدين أنا كنت واضحة وصريحة وقولتلك خديها من وراه أنتِ ياست الدكتورة اللي عملتي نفسك الصادقة وروحتي قولتليه كنتي مستنية ايه يعني؟!.
غمغمت داليا بسخرية:
-أنتِ عايزاني انيلها أكتر؟!! لازم اروح لدكتورة تحدد اللي يناسبني، وبعدين لو اخدتها من وراه وعرف شكلي هيكون زي الزفت قصاده.
ابتلعت ريقها ثم قالت بنبرة منزعجة:
-كنت مستنية أن كمال يفهمني، بس هو عنده حق.
صاحت جهاد مستنكرة هذا الضعف:
-كسر حُقه، عنده حق أيه؟! دي خلفة وطبيعي لازم تكوني أنتِ عايزة زي ما هو عايز، وحتى لو كان قالك كده قبل الجواز عادي جدًا أنك تغيري رأيك وتحسي انك مش عايزة دلوقتي، ليه محسساني أنك ارتكبتي جريمة في حقه؟!…
هتفت داليا بتوتر:
-يعني أنا اضايقت أنه زعل.
تمتمت جهاد مستفسرة وهي تعقد ساعديها:
-هو كلمك من ساعة خناقتكم امبارح؟!.
هزت داليا رأسها ثم أجابت على سؤالها بهدوء:
-ايوة كلمني وسألني هاجي هنا ولا لا، وقولتله هاجي ولما جيت اطمن عليا وصلت ولا لسه، بس يعني الكلام على القد ومكلمنيش النهاردة لسه.
ضحكت جهاد ثم غمغمت بمرح محاولة أن تخرجها من حالتها الكئيبة تلك:
-ده مضحك ومسلي اوي بجد انه بيكلمك رغم الخناقة ده انا واخوكي لما بنشد مع بعض في الكلام شوية بيعملي بلوك وبيسجلني أم عيالي بس.
ابتسمت داليا محاولة أن تخرج من حالتها ولكنها حزينة بشكل كبير، لا تدري لما تأثرت إلى تلك الدرجة من أجل أنه انزعج فقط، حتى لو أصبح زوجها، لما مشاعرها فياضة وغريبة تجاهه بهذا الشكل فهي لم تحيا معه قصة حب في النهاية ولم يمر بينهما وقت طويل…
تحدثت داليا بنبرة عفوية:
-هو قالي هيروح معايا للدكتور هيعمل اللي أنا عايزاه يا جهاد بفكر ألغي الحوار كله وأصالحه وخلاص واسيبها على ربنا.
هتفت جهاد باستنكار:
-روحوا اطمنوا على نفسكم وكمان روحي واعرفي اللي يناسبكم زي ما بتقولي، ولازم فعلا تأجلي الخلفة شوية لغايت ما تعرفيه وتعاشريه كويس الرجالة بتبان مع الوقت كله في الأول حلو، عارفة أنا خايفة تطلعي حامل في الآخر دي هتبقى المفاجأة لينا كلنا.
ابتلعت داليا ريقها ورددت كلمة جهاد الأخيرة بخجل:
-حامل!!!.
ثم أردفت مستبعدة الأمر:
-أحنا ملحقناش يا دعاء ده أحنا لسه كمان أسبوع تقريبًا هنكمل شهر…
قالت جهاد بنبرة عميقة:
-الحاجات دي بتحصل من أول يوم عادي ياست الفيلسوفة اشمعنا دي اللي مش عارفاها يعني؟!.
تحدثت داليا بتلقائية محاولة تجاهل تلك الأمور التي مازالت جديدة عليها كليًا ولأنها منزعجة بسبب انزعاج كمال منها يا ليتها لم تفعل:
-بقولك أيه بطلي كلام بقا علشان أنا مضايقة لوحدي وقومي نحضر الفطار أحسن علشان لما يرجعوا من الصلاة تكون كل حاجة جاهزة..
____________
عادت أفنان إلى الغرفة بعد أن قامت فردوس باعطائها الأدوية التي قد يتناولها البعض عند تلك الحالات، أتت من أجل أن تجعله يستيقظ ويتناولهم..
وما أن ولجت إلى الحجرة وأغلقت الباب وجدت فهد يجلس بجانبه على الفراش..
وهنا أقتربت أفنان وغمغمت باستغراب:
-أنتَ بتعمل ايه هنا يا فهد؟! مش كنت تحت بتأكل؟!.
أردف فهد بعاطفة قوية لم تفهمها:
-معرفتش أكل وبابا تعبان، ده سخن اوي يا ماما.
كان يتحدث مع والدته ولا يعلم بأن داغر مستيقظ هو يشعر بالاعياء الشديد ويغلق عينه وكأنه في سبات عميق ولكنه على الأقل يشعر بما يحدث حوله ويسمعهما…
غمغمت أفنان بنبرة قلقة من هذا التعلق الذي بدأ فهد في اظهاره بشكل استطاعت هي أن تفهمه، فهي تعلم بأن نهاية هذا الأمر سيئة، داغر لا يتقبله حتى، معاملته الجيدة تلك ستنتهي في أقرب وقت:
-طيب انزل تحت علشان متتعديش وتتعب وكمل أكلك يلا..
قال فهد برفضٍ:
-مش هنزل واسيبه لوحده، أنتِ كنتي سايباه لوحده.
تمتمت أفنان بنفاذ صبر:
-كنت بجيب له علاج ياخده مكنتش بلعب انزل يلا علشان متتعبش أو تتعدي….
قالت كلماتها خوفًا عليه من أن يصاب بعدوى، مناعته ضعيفة ويشفى بصعوبة أساسًا إذا اصابه شيء…
جاءهم صوت داغر المُتعب:
-اسمع كلام ماما وانزل علشان متتعبش.
ابتسم فهد وأردف بنبرة عاطفية من الدرجة الأولى حينما وجده ينظر له وفتح عينه:
-مش هينفع اسيبك لوحدك..
قاطعه داغر قائلا وهو يرفع يده ويعبث في خصلاته بحنان:
-امك قاعدة معايا.
من؟!!!!!…
تحت صدمتها غمغم الصغير بخفوتٍ:
-طيب أنا هنزل اقعد مع طنط شيماء بس هجيلك تاني اطمن عليك أنك كويس.
وانهى حديثه ثم ركض ورحل من الغرفة بأكملها وهنا غمغمت أفنان بنبرة مرتبكة:
-أنا جيبت علاج علشان تاخده….
قاطعها داغر بانزعاج:
-مش عايز.
صاحت أفنان باستنكار وانفعال من تصرفاته تلك:
-هو أيه اللي مش عايز؟! أنتَ عايز تموت نفسك يعني؟! جسمك مولع وحرارتك عالية وتعبان وبتقاوح معرفش ليه؟! ما تاخد العلاج وخلاص.
تحدث داغر بنبرة منفعلة:
-أنتِ بتزعقيلي؟!.
استغفرت أفنان ربها ثم قالت بنبرة حاولت جعلها هادئة:
-أنا ولا زعقت ولا غيره، انا متعصبة من نشوفية دماغك المفروض مكنتش قعدت طول الليل في ….
قاطعها داغر بنبرة منفعلة رغم أعيائه:
-أقعد مكان ما أقعد ملكيش فيه.
قالت أفنان بندم على اهتمامها الطبيعي به:
-تصدق أنا غلطانة.
عقب داغر على مضض بنبرة مستفزة:
-كويس أنك عارفة.
تحدثت أفنان رغم عنها بتلقائية:
-أنتَ سخن وتعبان يا داغر صوتك بيطلع بالعافية من التعب.
وضع يده على جبهته قائلا بنبرة عابثة:
-لا والله ما سخن ولا غيره، عادي…
توقف عن الحديث حينما أقتربت منه ووضعت يديها على جبهته، وكانت باردة بشكل يدل على برودة الطقس ليقشعر بدنه من حراراتها المنخفضة مقارنة بجسده المشتعل ومن لمسة يديها الناعمة في الوقت نفسه…
-سخن وبتقاوح بشكل مش مفهوم ومش طبيعي.
لم تدعه يستكمل حديثه بل أسترسلت حديثها بنبرة هادئة:
-ممكن تقوم تغير هدومك وتاخد العلاج وأنا هحضر ليك حاجة تأكلها وأجي..
-مفيش داعي تتعبي نفسك مش عايز حاجة.
صاحت افنان قبل أن ترحل مقرره أن تفعل ما أخبرته به:
-يا صبر أيوب.
ذهبت ليحاول هو النهوض من مكانه فهو يشعر بالاعياء الشديد هي محقة ولكنه لا يرغب في أن يظهر موضع الضعيف أمامها؛ لا يرغب حتى في اهتمامها هذا الذي يزعجه ويروق له في الوقت نفسه….
______________
“بعد صلاة الجمعة”
عاد كمال إلى المنزل برفقة جده ورفقة عمه بكر، وبعدها تناول الجميع الإفطار سويًا ولكن تغيبت فردوس وهذا ليس شيئًا عجيبًا تلك طبيعتها…
ترفض تناول الطعام معهم في أغلب الأوقات بل على العكس الشيء الغريب هو حينما تجلس معهم على طاولة واحدة…
أما داغر أخبرتهم أفنان باختصار بأنه يشعر بالاعياء قليلا فأخبرها جدها بأنه سيأتي لرؤيته في المساء بعد أن اخبرته بأنه خلد إلى النوم بعد أن تناول الأدوية…
كان جده ذهب ليأخذ قيلولة بينما بكر صعد إلى غرفته للجلوس مع زوجته، فجلس هو على الاريكة في بهو المنزل يشاهد التلفاز، لم يكن يفضل هذا الشيء….
ما كان قد يشاهده على التلفاز هو مباراة كرة القدم..
ولكنه أعتاد قليلًا بسبب داليا التي تجعله يشاهد التلفاز معها في أغلب الاوقات…
جاءت فردوس من خلفه وهي تراه يشاهد أحدى المسلسلات التلفزيونية ويتناول قهوته بمفرده فجلست بجواره على الاريكة متمتمة:
-بتعمل ايه؟!..
لا يدري لما تلك الفترة تصنف اسئلتها بالنسبة له بالغباء فهي تسأل عن الشيء التي تراه…
ومع ذلك عقب بنبرة هادئة:
-قاعد بتفرج على التلفزيون وبشرب القهوة، شايفاني بعمل حاجة تالتة؟!.
ضيقت فردوس عيناها وسألته بدهشة:
-بتتفرج على التلفزيون؟! ده من امته ده؟!..
تمتم كمال ساخرًا:
– ممنوع يعني ولا ايه؟!.
لوت شفتيها بتهكم ثم غمغمت:
-لا غريبة مش أكتر.
لم يعقب على حديثها بل ألتزم الصمت فتحدثت هي بنبرة هادئة:
-مقولتش صحيح موافق ولا لا؟!.
عقب كمال بجدية:
-موافق علي ايه؟!.
أجابته فردوس ببساطة:
-اني اروح لطنط نجوى بكرا.
صمت كمال وهو يفكر الرد المثالي؛ فهو لن يرفض فهو يعلم جيدًا أن نجوى ومراد هما الاشخاص المتبقية لها، رغم حماقتها وحماقة هذا الشاب في تصرفاتهم السابقة، بالمناسبة لم يغفر لها أفعالها تلك..
وفي الوقت ذاته يشعر بالغيرة الحميدة كأي رجل طبيعي، ولم يستطع الذهاب معها فهو يعلم جيدًا بأن نجوى لا تتقبل رؤيته بل حتى ولو رأته صدفة تدير وجهها وكأنها رأت شبحًا…
تمتم كمال بنبرة مختصرة:
-روحي بس اخرك ربع ساعة هناك مدام إيمان معاكي.
قالت فردوس بنبرة تلقائية:
-شكرًا.
-العفو.
هتفت فردوس بنبرة متوترة وهي تلعن دعاء التي وضعتها في هذا الموقف وقامت بطلب الكثير من الملابس التي لا تروق لها وكان مبلغ وقدره لا تستطيع فردوس التكفل به بمفردها مثلا تحديدًا أنها منذ عدة أشهر تقوم بصرف الأموال التي يضعها كمال في غرفتها، وقامت بدفع الأموال للرجل الذي يقوم بانهاء شقتها، ووقتها دعاء بكل جدية أخبرتها بأن تخبره بما طلبته وما هو ولا تخجل، وأنها تريد نقود من أجل هذا..
-الاوردر اللي كلمتك عنه.
-ماله؟!.
استوعب سؤاله الأحمق ثم سألها بنبرة عملية:
-عامل كام؟!.
هتفت فردوس بتردد كبير:
“********”
كان المبلغ كبيرًا، بشكل غريب…
لم تكن فردوس معتادة يومًا على طلب نقود منه وحتى حينما باتت تفعل في الفترة الأخيرة، كان تأخذ منه أقل شيء، فكونها تقوم بطلب شيء بهذا المبلغ، جعله يشك بها فهو لا يأمنها بالدرجة الكافية منذ أن وجد السلاح في غرفتها، أسفل وسادتها..
تمتم كمال بشكٍ:
-أنتِ متأكدة انك طالبة هدوم بس؟!.
أردفت فردوس بجدية:
-ايوة والله هدوم، في ايه؟!.
-مفيش، هو الاوردر ده هيجي امته؟! انا هستلمه بنفسي.
صاحت فردوس بارتباك رهيب:
-لا انا هستلمه أصلها مش حاجتي لوحدي..
قالت كلماتها كاذبة مما جعله يعقب باستغراب:
-اومال حاجتك أنتِ ومين؟!.
عقبت بعفوية:
-دعاء، حاجتي انا ودعاء وعاملين الاوردر مع بعض.
ضيق عينه ولم يشعر بالراحة ولكنه قال بنبرة هادئة عكس قلقه من أنها تقوم بالفعل بعمل شيء من خلفه من جديد:
– ماشي…
____________
في المساء….
يقف كمال بجانب سيارته بعد أن توقف في منتصف الطريق تقريبًا، أتى بالرقم الذي أخذه من أفنان واتصل به بالرقم الذي قام بالاتيان به منذ قريب من أجل العمل ولا يعرفه الكثيرون، وقام بالاتصال بشقيقه الذي أجاب عليه بعد ثواني.
“ألو”.
عقب كمال بانفعال:
-أخيرًا رديت.
جاءه صوت شريف المتردد:
“كمال؟!”
تحدث كمال بغضب جامح:
-ايوة زفت كمال اللي ولا بترد عليه زي البني أدمين من ساعة ما داغر جه مصر، وكنت بتكدب عليا وبتقولي مفيش حاجة، لغايت ما ألاقي اختك جاية ومعاها عيل، أيه اللي انتَ هببته ده؟!!!!.
بكل هدوء عقب شريف على حديث شقيقه الأكبر:
“هببت ايه مش فاهم؟!”.
غمغم كمال بانفعال:
-أنتَ مستفز ولا بتستعبط؟!، شكلك مش هترتاح إلا لم تخلص علينا واحد واحد من اللي بتعمله، اختك تبقى حامل ومتقولناش وتسجل الواد باسم داغر ومتقولناش سنين وأنتم مخبين علينا الكارثة دي وأنتَ مش عارف أنتَ عملت أيه؟! يا بجاحتك يا شيخ.
بمبررات حمقاء بالنسبة لكمال كان شريف يجيب عليه:
“أنا عملت الصح وحافظت على سمعة أختي وداغر اهو سكت علشان عرف أن مكنش في حل تاني غير كده، كنت عايزني أعمل ايه؟!! اسيبها تولد والواد يبقى ملهوش اسم وتتفضح؟!!!”.
-أنتَ مفضحتش أختك بس دمرت كل حاجة، ومش من حقك تتصرف بمزاجك كان لازم تعرفني أنا وجدك ده أقل حاجة المفروض كنت تعملها.
أتاه صوت شريف ساخرًا من نفسه قبل الجميع:
“لو كنتم عرفتم كنتم هتعملوا ايه؟! غير اللي أنا عملته؟!!! كنت بس هتتصلوا تتحايلوا على داغر لغايت ما يقبل يسجل الواد باسمه ويتحرج من جدك صح؟! اديني وفرت عليكم يا سيدي المراحل دي كلها يعني المفروض تشكرني”.
صرخ كمال بغضب وهو يحاول إخباره خطورة الموقف:
-أنتَ عارف أن أي حد مكان داغر كان عمل فيك وفي اختك ايه؟! داغر مبيخلفش وده اللي رجعه مصر يا غبي، أنتَ بجح يا شريف بجح، الراجل ذنبه أيه يرجع يلاقيك عامل كده ويتصدم كان لازم تقولنا ونبلغه الأول….
تحدث شريف بسخرية رغم اندهاشه من أمر داغر:
“اللي حصل حصل يا كمال، يمكن ذنبه أنه قرر يساعد من الاول يمكن ولازم يكمل للاخر، وبعدين أنتَ مضايق علشان داغر مبيخلفش ولا قلقان كالعادة من ست فردوس تكتشف حاجة”.
خرجت ألفاظ بذيئة من فم كمال ينتع بها شقيقه الذي يستطيع ان يغضبه ويجعله يفقد أعصابه بكل سهولة كالعادة…
“بطل غلط يا كمال انا مش عايز أرد عليك علشان أنتَ اخويا الكبير”.
ضحك كمال ثم غمغم بسخرية:
-لا والشهادة لله أنتَ بتحترم اخوك الكبير وبتحترم الرجالة الكبار اللي في عيلتك.
تمتم شريف حتى ينتهي من هذا النقاش:
“أنا أسف”.
أبتلع كمال ريقه ثم قال بنبرة قد تبدو ساخرة ولكنها تحمل بداخلها عتاب كبير:
-أسف أنك دمرت حياتي ويوم فرحي؟! ولا اسف انك ضيعت عمرك وروحت في داهية وعايش هربان وواجع قلوبنا عليك؟!! ولا أسف على اللي عملته في حق داغر اللي كل اللي عمله انه ستر عرض أختك ومنع حد يتكلم عليها، ولا أسف على رقده امك اللي من ساعة اللي حصل وهي بقالها سبع سنين حاسبة نفسها أنها ميتة، اسف على ايه ولا ايه يا شريف قولي؟!.
بوجع أجاب عليه شريف:
“مكنش في حل غير كده مكنش ينفع يعيش بعد اللي عمله في اختك وفي بيتنا، مهما كانت غلطت في الاول، ولو رجع بيا الزمن هعمل نفس اللي عملته من غير ما أفكر ولو ثانية”.
قاطعه كمال بغضب:
-اه مكنش ينفع ويستاهل أكتر من كده بس ميستاهلش أنك تضيع نفسك علشانه، كنا هنلاقي ألف حل…
-سلام يا كمال.
جملة يعرفها كمال جيدًا بأن شقيقه لن يتفوه بكلمة أخرى ويبدو أن طاقته هو الأخرى أنتهت فلقد سأم من الحديث في الأمر نفسه رُبما كان الجديد فقط هو أمر داغر…
-سلام، بس أعمل حسابك اني جاي ليك قريب جدًا………….
_____________
تجلس أمام المرأة تقوم احدى الفتيات التي تكن معها دومًا تقوم بوضع مستحضرات التجميل على وجهها بعد أن أرتدت ملابسها الخاصة بتلك الحفلة وقامت بتصفيف خصلاتها، وكانت مريم صديقة مقربة جدًا منها….
قالت شمس باستنكار شديد:
-ما تخلصي بقا يا مريم هتأخر كلها دقائق وهتلاقيهم هنا على الباب بيستعجلونا.
عقبت الفتاة بنبرة هادئة وذات لهجة مائعة:
-حاضر أهو يا شموسة ناقص الليب ستيك بس.
كادت شمس أن تجيب عليها ولكن صدع صوت هاتفها الموضوع على الطاولة التي تتواجد أمامها يعلن عن اتصال، أبتعدت عن يد مريم الموضوعة بالقرب من وجهها بعد أن كانت تفعل أحدى خطواتها، وجدت شمس أن المتصل هو ثائر، شعرت بالتوتر هل وجد شيء أخيرًا عن عائلتها؟! أم أنه هناك شيء خاص به؟!!!…
تمتمت شمس في سرعة من أمرها وارتباك:
-اخرجي يا مريم معايا مكالمة.
قال مريم في استنكار:
-ما أنتِ اللي كنتي مستعجلة يا شموسة ولسه الليب…
قاطعتها شمس متمتمة بسرعة:
-هحطه أنا اخرجي بس واقفلي الباب وراكِ ومتخليش أي حد يدخل حتى امي نفسها لغايت ما افتح أنا الباب.
لم تفهم مريم ما الذي يحدث ولكنها تركتها وخرجت من الغرفة، فأجابت شمس عليه بلهفة لن تستطيع أن تتخطاها مهما مر بينما فهو من سلب فؤادها حتى ولو كانت فتاة غير جيدة في نظره لكنها فتاة تمتلك قلب كبير يعشقه ومستعد لفعل أي شيء من أجله وهذا ما لم يشعر به:
-الو يا ثائر.
“أيوة يا شمس”.
كانت شمس تنتظر منه إجابة لمعرفة سبب اتصاله بها ولكنه صمت بعد هذا التعقيب…
فهو كان يريد سماع صوتها دون معرفة سبب حقيقي لما يرغب في الاتصال بها بعد مكالمته مع شقيقه، لما يحتاجها؟!!
قررت شمس أن تتحدث وتعترض على هذا الصمت المُريب:
-ثائر أنتَ ساكت ليه؟! هو في حاجة حصلت ليك، أنتَ كويس؟!.
بكل هدوء اتأها صوته يقول:
“مفيش حاجة”.
سألته شمس باستنكار لم تستطع كبحه:
-أومال أنتَ متصل ليه؟! عرفت حاجة عن أهل بابا؟!
“لا معرفتش حاجة لسه”.
تحدثت شمس باحباط كبير:
-أومال متصل ليه؟!.
أردف ثائر بمشاعر صادقة:
“أبدًا حسيت إني محتاج أكلمك وأسمع صوتك، معنديش كلام أقوله او كلام ينفع احكيه بس يمكن مكالمتي ليكي أنا محتاجها”.
قالت شمس بريبه وقلق كبير عليه:
-ثائر أنتَ كويس؟!.
عقب ثائر بنبرة لم تفهمها:
“أنا ولا كويس ولا شخصية كويسة ولا فيا أي حاجة كويسة، أنا ببوظ حياة أي حد بدخلها، حتى حياتي أنا بوظتها بس كان لازم”
أعتقدت شمس أنه يمزح رغم أن قلبها لا يخبرها بذلك بسبب نبرته:
-ثائر أنتَ متصل تهزر معايا صح؟! أنتَ فين دلوقتي وبتعمل ايه؟!! أنا مش فاهمة منك حاجة؟!..
غمغم ثائر بصوت هادئ:
“أنا في البيت عادي مفيش حاجة”
حاولت شمس إيجاد سبب لحالته العجيبة تلك:
-حاسة أنك مبقتش كويس من ساعة ما اختك سافرت، بكرا لو عرفت أقابلك هتصل بيك انا لازم اطمن عليك.
أردف شريف (ثائر) بنبرة منزعجة:
“انا بقيت كويس لما كلمتك متشغليش بالك يا شمس مش مستاهلة، وأسف لو ازعجتك مع السلامة”.
وقبل أن ترد عليه كان قد أغلق المكالمة تاركًا أياها تشعر بالعجز والقلق الشديد عليه…
ما الذي فعلتيه بنفسك يا شمس؟!!…
إلى أي مدى وقعتي في عشق هذا الرجل الذي لا يقبل بكِ وله كل الحق.
…بعد دقائق…
ولجت مريم إلى الغرفة متمتمة فهي قد شعرت بالقلق:
-شموسة ايه؟! قلقت عليكي لما مطلعتيش وامك جت
برا منعتها تدخل بصعوبة واتخانقت معايا.
هتفت شمس بلا وعي منها:
-مريم هو أنا لو طلبت منك خدمة تساعديني؟!.
تمتمت مريم بنبرة هادئة:
-ده لو طلبتي عيني يا شموسة متأخرش عنك…
-اسمعي بس أنا عايزة منك أيه قبل ما تقرري هتساعديني ولا لا، أنا لازم أخلص من القرف ومن كل حاجة أنا فيها…
قالت مريم بعدم فهم:
-لا فهميني يا شمس ياختي عايزة أيه وأنا رقبتي سدادة………….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!