Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سهام صادق

تعلقت عيناه بها بأنفاس لاهثة.. وبرِقة بالغة كانت يده تتحرك نحو غرتها يرفعها ببطئ فوق خصلاتها…
اغمضت عينيها وهي تشعر بأنامله تسير برفق وتروي على ملامحها… ثقلت أنفاسها تقاوم شعورها، تقاوم ذلك الإحساس الذي لا تريد الشعور به… سليم ليس بطل سليم رجل كباقي الرجال وحديث شهيرة مازال يعود ويقتحم عقلها 
” أنا سيباه يدوق طعم الرمرمه..” 
التف ذراعه خلف جسدها يجذبها إليه ويضمها نحو صدره بحنان بالغ غير مصدقًا مع حدث بينهم
 لقد ظن أن الطريق مازال طويلا ولكن الطريق قد قصرت مسافته وها هو غارق في لذة سعادته..
 هدأت أنفاسه رويداً رويداً يشعر بسكونها بين ذراعيه.. والحديث الذي أراد قوله قد تبخر وضاع كل حديث كان يرغب به… وبغفلة منه كان سلطان النوم يمتلكه …
طالعته وهو غافي جوارها وشئ خفي داخلها كان يقودها لترفع يدها كي تلامس ملامحه 
نفضت عقلها وهي تقبض فوق يدها بقوة وهتاف واحد يستوطن عقلها ” لقد انتهى الأمر ونال ما طمح له منذ زمن …” 
ظلت طويلاً جالسه هكذا تنظر إليه تارة وتارة اخري كانت تحيد بعينيها بعيدا عنه تحارب أفكارها وضعفها وفي النهاية كانت تسقط جواره غافية.
في الصباح الباكر، فتح عينيه ببطء لعله لا يفيق من حلمه ولكن الحلم كان حقيقة وهو يراها غافية جواره، وأنفاسها قريبة منه… اتسعت ابتسامته شئ فشئ يزفر أنفاسه بتنهيدة طويلة 
فأخيرا أصبحت له وملكه أخيرا استطاع أن يحدد مشاعره ويعرف هل كان يتوق لها حتى يشبع حاجته أم كانت له شئ مختلف وضع في طريقه.. والإجابة قد حصل عليها اليوم إنه لم يرتوي ولم يشبع ولم يشعر إنه نال ما يريده ليلقيه بعدما ينطفئ لهيب رغبته…
تحسس وجهها بأصابعه يهمس اسمها بخفوت
– فتون
وسرعان ما ابتسم وهو يطالعها تفتح عينيها بصعوبة ولكن تلاشت بسمته وهو يراها كيف انتفضت من جواره تحدق به صامته. 
حاول تجاوز ذلك الشعور الذي طعنه وقد خشي الإجابه قبل أن يعلمها
– أنتي ندمانه على اللي حصل بينا يا فتون
–  أخدت اللي كنت عايزه من زمان فاضل إيه تاني عشان ادهولك وتبعد عن حياتي
تجمدت ملامحه لا يستوعب حديثها
– فتون أنتي بتقولي إيه
وعندما بدء الأمر يتضح إليه هتف غير مصدقًا
– يعني أنتي كنتي بتسلميني نفسك عشان كده 
وتلك نظرة التي رأتها احتلت عينيه جعلتها تتراجع للخلف تخشي بطشه ولا تعلم متي وكيف استحكمت ذكرياتها مع حسن عقلها ولو ظنت يوما إنها شُفيت من ندوب الماضي لكانت كاذبه 
– ضعفك امبارح وإستسلامك لمشاعرك كل ده كان عشان تسلميلي نفسك وتشوفي أد إيه أنا راجل شهواني عايزك مجرد ست في سريري
غامت عينيها بالضعف وهي تطالعه… فأزداد صراخه بها
– ردي عليا
– أيوة ، أيوة عملت كده عشان تخرج من حياتي وادفعلك التمن اللي أنت مستنيه
استنكر عبارتها الأخيرة متمتما
– تمن… تمن إيه يا فتون؟ 
– كفاية كدب بقى أنت اشتريت حياة كل الناس اللي حواليا اشتريت أهلي خليتهم عيشين عيشه مش بتاعتنا ويوم ما هترميني مش هيكون ليهم مكان في الدنيا ديه… اشتريت جنات عشان توصل لحقها… حتى المطعم كنت أنت الايد الخافيه يعني أنا ببساطه معملتش ولا نجحت في حاجة 
وانهارت باكية تجثو فوق ركبتيها تحملق في كفيها المضمومين ترى حياتها وكأنها بهما…طالعها بصدمة هل ترى أفعاله بتلك الدنائة
– سنه يا فتون 
باغتها بعبارته تلك فرفعت عينيها إليه لا تفهم مقصده حتى اردف بعدما اقترب منها 
– سنه من عمرك معايا يا فتون… وبعدها هطلع من حياتك 
– سنه؟ 
وجوابه كان مثلما ارادت طالعته بصدمة اكبر وهي تسمعه 
– سنه من عمرك اظن مش هتكوني خسرانه حاجة.. حياتك مش هتتغير بعدها ولا حياة أهلك… هتتخلصي مني مع مستقبل هكون ضامنه ليكي ولاهلك 
طالعته بحقارة ها هو يثبت لها صدق طليقته في حديثها ونحن النساء حينا نريد الإقتناع يتهيئ العقل والقلب 
– والتمن نفس ليلة امبارح ؟ 
ضحك مِلء شدقيه يدور حول حاله
– تفتكري راجل حقير زي هيعوز إيه من ست يا فتون
– طليقتك عندها حق.. انت مش عايز غير ترمرم وتشبع من رمرمتك وبعدين ترميني
ها هو الجواب يحصل عليه منها.. “شهيرة” تحرك بعيدا يومئ لها برأسه
– أنتي وشطارتك في السنه ديه خليني ارمرم لحد ما اشبع ها إيه رأيك 
أندفعت صوبه تدفعه فوق ظهره 
– حقير… أنا مش زباله عشان تشوفني حاجه ترمرم فيها 
بقبضة واحده كان يقبض فوق يديها  
– كويس إنك مش شايفه نفسك زباله ولا حاجه برمرم فيها… لاني مش برمرم يا فتون… سليم النجار ايام شقاوته زمان يوم ما كان بيتجوز ست كنت باخدهم على الفرازة…فاهمه يعني إيه
ترك يديها وتابع خطواته للخارج يحاول إلتقاط أنفاسه ولكن توقف في مكانه جامدًا يسمعها
– سنه واحده..! 
…………… 
وقفت شهيرة أمامه تنتظر إنتهاء عاصفة غضبه..واقتربت منه بهدوء تنظر إليه بعدما افرغ شحنة غضبه بوعيده
– لو جات أكتر من فرصه اعمل فيها كده هعمل يا سليم 
– اتقي شري يا شهيرة 
اكملت خطواتها حتى أصبحت المسافه بينهم منعدمه تحاول مدّ يديها نحو ازرار قميصه ولكنها تراجعت هي ترى نظراته نحوها 
– عمرك ما هتقدر تأذيني يا سليم… والسبب خديجة بنتنا 
طالعها متهكما ينظر حوله وتلك المكانة التي اختارتها بدلا عن أبنتها
– بنتك… بنتك اللي بعتيها عشان أحلامك يا شهيرة 
التفت بجسدها تنظر نحو المقعد الذي كان يوما لوالدها ثم لشقيقها 
– أنا باخد حقي يا سليم… عمرك ما هتقدر تفهمني… أنا سيبتلك خديجة عشان متأكدة اوي أنك بتحبها اكتر من اي حاجه في الدنيا 
واشتعلت عينيها بالحقد وهي تتذكر كيف ظلت صغيرتها تهتف باسم تلك الخادمة 
– بتحبها حتى اكتر من الخدامة اللي أنت متجوزها
– فتون مش خدامه يا شهيرة… حسبي على كلامك 
تجلجلت ضحكتها بأرجاء المكان 
– خلاص بلاش خدامة مدام بتزعلك … عيلة من الارياف أهلها جوزوها وهي لسا مكملتش 16 سنه وكانت مرات السواق بتاعك…السواق بتاعك حسن يا سليم فاكره 
وعادت تقترب منه تتفرس ملامحه التي زادت قتامة عندما ذكرت اسم سائقه 
– سليم النجار بجلالة قدره اتجوز مرات السواق… تفتكر يا سليم السواق بتاعك كان بيبسطها…
بترت عبارتها الأخيرة وهي ترى المعنى قد وصل إليه…. 
– شهيرة لحد هنا وبلاش تشوفي غضبي 
– غضبك… هو أنا قولت حاجة غلط… مش ديه الحقيقه ” سليم النجار المحامي سابقا ورجل الأعمال حاليا ” ديه آخرته مرات السواق 
قبض فوق يديه بقوة وهو يدرك لعبتها… صباحا يضبط نفسه من أجل زوجته الحمقاء ليسايرها مع قرارها وعقلها الصغير والآن يقف أمام طليقته يحادثها بتحضر متذكرا الرابط القوي الذي يربطهما
تحرك من أمامها حتى يغادر ولكنه عاد إليها 
– عايزة تعرفي ليه الراجل بيتنازل وبيقبل كل اللي قولتي عليه يا شهيرة 
ابتسمت بعدما جلست خلف مكتبها تعطيه الإجابة 
– لأنكم بتحبوا ترمرموا شوية يا حبيبي 
وابتسامة ساخرة علت فوق شفتيه.. انبسطت ملامحها وهي تراه يميل نحو مكتبها 
– الحب يا شهيرة… الحب اللى خلاكي زمان تنسى العداوة اللي بيني وبين اخوكي ونتجوز في السر 
غادر مكتبها فنهضت عن مقعدها تطيح بكل شئ صارخة والتقطت هاتفها تلتقط أنفاسها تدق ذلك الرقم الذي تنتظر صاحبته إتصالها
– نفذي في  أقرب فرصة اللي اتفقنا عليه! 
………… 
طالع رسلان ملامح وجهه المكفرة وهو جالس خلف مكتبه يستند على سطحه بكوعه
– وأنا اللي جاي ازف ليك الخبر السعيد… الاقيك بالشكل ده
ابتسم سليم وهو ينهض عن مقعده واقترب منه يصافحه 
– قولي الخبر السعيد يا دكتور يمكن اتبسط 
– مالك يا سليم 
أشار إليه نحو الأريكة ليجلس عليها وعاد نحو مكتبه يرفع سماعة الهاتف ويهاتف مديرة مكتبه بطلب فنجانين من القهوة 
– قولي الخبر السعيد وفرحني 
حدق به رسلان وهو يراه يرمي بثقل جسده فوق الأريكة جواره 
– أنا وملك عقدنا عقد الزواج …
اتسعت ابتسامة سليم غير مصدقًا 
– ازاي وده حصل امتى…
– امبارح… حاولت اتصل بيك قبلها بس تليفونك كان مقفول 
تنهد سليم أسفًا 
– لسا راجع من هولندا امبارح بليل…. مبرووك يا رسلان حقيقي كان نفسي اكون معاك في يوم زي ده 
ابتسم رسلان وارخي جسده وهو يتذكر ما أتى من أجله 
– عايز اعوض ملك يا سليم واعملها كل حاجة حلمت بيها..عشان كده جتلك النهاردة احجز الفندق بتاعك اعمل إيه صديقي من أعيان البلد جدوده من صفوة المجتمع 
صدحت ضحكات سليم يربت فوق كتفه 
– يااا يا رسلان حمدلله على السلامه اخيرا 
ابتسم رسلان وهو يحاول أن يهندم قميصه 
– كفايه اللي ضاع مننا… عايز ارجع رسلان بتاع زمان… خلينا نيجي لموضوعنا بتاع الفندق لان الوضع مش هيكون عادي 
انتظر سليم سماعه إلى انتهى رسلان من سرد له تفاصيل الزيجة التي أتت على غفلة وفي صالحه 
– اممم وملك طبعا واخده الموضوع تحدي عشان تشوف رسلان ابن سيادة الوزير وكاميليا هانم سيدة المجتمع هيقبلوا إن أهل  الحارة اللي بقوا شايفينه ابنهم هيعزمهم على الفرح زي ما وعدهم ولا هيشوفهم قليلين
– بالظبط.. ملك بتتلكك في كل حاجة بس اتجوزها بس 
والتمعت عينيه فطالعه سليم يغمز له  
– ملك بالذات لو سيبتلها القرار في أي حاجة هتفضل مستني كتير… من زمان وهي كده قرارتها مش بتتاخد غير وهي مجبوره… 
صمت عن حديثه وهو يري العامل يقدم لهم القهوة ثم غادر كما دلف في صمت 
تناول سليم قهوته متنهدا
– هبلغهم في الفندق وكل حاجة انت عايزاها اعملها يا رسلان… اعتبره ملكك 
ابتسم رسلان بمحبه فمهما اخذتهم الايام والظروف إلا أن صداقتهم لم تتأثر يوما 
– في طلب تاني وهتكون كملت جميلك يا سليم… بيت المزرعة محتاجه… أنت عارف ملك كانت بتحب المكان ده أد إيه 
…………… 
ولأنه أصبح يعرف تماما أن مدخله معها هي تلك الجارة اللطيفة فكانت بسمة هي حلقة الوصل بينهم في تفاصيل تلك الزيجة التي رضخت لها وخاصة وهو يخبر أهل الحارة بتاريخ الزيجة الذي سيوافق  موعده بعد اسبوعين من الآن وذلك بعدما استأذن بسمة في إتمامها مراعاة لها لحزنها على والدها 
– بقيتي تتفقي معاه يا بسمة
تعلقت عينين بسمة بثوب الزفاف الذي إرتدته ملك و عينيها تترصدها بتفرس 
– لا قلبي هيقع مني… إيه ده
واسرعت في وضع كفوفها فوق عينيها
– الفستان يالهووي على الفستان
قطبت ملك حاجبيها وهي ترى تصرفها العجيب… اقتربت من المرآة لتشاهد حالها فاتسعت عيناها إنبهارا بحالها
– الفستان جميل اوي يا بسمة
– جميل بس ده يهبل يا ملك..
– تعرفي كنت ديما بتمنى البس الفستان لرسلان ونعيش في سعادة ونخلف ولد وبنت
وابتسمت بمرارة تبتلع غصتها
– احلام مراهقة بقى.. 
– ما الحلم بقى حقيقة بس انتي اللي مصممه ترفضيه يا ملك 
رمقتها ملك بحسرة وهي تتذكر الماضي 
– رسلان كان متجوز مها اختي يا بسمه…مها مكنتش شايفه راجل غيره …العيلة الكريمة اللي قبلت بيا دلوقتي زمان رفضوني… عزالدين بيه الراجل الوقور اللي كنتي مبهورة بي من يومين كان السبب أني اتجوز جسار عشان اظهر لابنه قد إيه أنا مكنتش أستحق حبه ويرضى بعيشته مع أختي 
دمعت عينين بسمة تأثرًا 
– شوفي على اد ما نهاية الحكاية حلوة على قد ما حكايتكم توجع… لا خلاص أنا مش عايزه الحب لو هيكون بالشكل ده 
ضحكت وهي ترى ملامح بسمة الممتقعه 
– لا إن شاء الله حظك هيكون احسن من حظي 
– يارب… ارفعي ايدك وادعي معايا
والتفت حولها تهتف بدعابة وهي تتأمل أثواب الزفاف 
– اصل الفساتين فتحت نفسي أوي 
………… 
تحسس ذراعه المصابه بآلم ينظر إليها وهي راقدة فوق فراش المشفى يتذكر حديث الطبيب له عن حالتها..
تنهد بإرهاق وهو يجلس فوق المقعد
ثلاثة أيام وهي هكذا لم تستيقظ… غيبوبة مؤقته هكذا اخبره الطبيب
– اوعي تعيشيني بذنبك يا جيهان… اوعي تعملي زيها
والآلم والذكريات وحدهم كانوا ينهشوا فؤاده
دلف الطبيب فنهض عن مقعده يراقبه وهو يعاين حالتها ومؤشراتها
– مجرد وقت والمدام هتفوق متقلقش
– هتطول فيها يا دكتور
تنهد الطبيب وهو يعدل من هندام معطفه الطبي ينظر نحو مساعدته التي وقفت تنفذ اوامرة كما أمرها نحو الحاله
– مجرد وقت
انصرف الطبيب فاتبعته مساعدته… فعاد لجلوسه فوق مقعده متنهدا يغمض عينيه 
……..
الحسناء الجميلة كما يلقبونها ” خديجة النجار” المرأة العزباء التي كلما طالعها الرجال تعجبوا من عدم زواجها حتى الآن
دلفت للمطعم بخطوات واثقة تستمع لكلمات مساعدها
– هي ديه خديجة النجار؟ 
تسأل الجالس قبل أن ينهض عن مقعده ويستعد لمصافحتها
– ايوة هي يا أمير بيه… خديجه النجار… الصفقة ديه مهما اوي يا بيه… جودة باشا حاطط كل أمله على إتمام الصفقه
عدل من وضع بذلته الأنيقة يمدّ يده لمصافحة تلك الحسناء وقد صمت مساعد والده عن حديثه 
– اهلا خديجة هانم 
صافحته خديجة بعملية تجيدها متمتمه وهي تتمنى الشفاء العاجل لوالده 
– الف سلامه على جودة باشا 
اماء لها برأسه وقد بدء الحديث يأخذهم نحو تلك الصفقة وبنودها… انقضى عشاء العمل وانصرفت خديجة مع مساعدها 
فاخرج أمير صفيرا خافتًا من بين شفتيه 
– معقول في ست بالجمال والذكاء ده 
رمقه ساعد والده الأيمن متمتما بشك 
– أمير بلاش تلعب مع خديجة النجار ديه مش أي ست… وكمان خديجة النجار في عمر مهيار أختك 
قطب أمير حاجبيه يحسب عمر شقيقته ويقارنه مع تلك الحسناء التي لا يظهر عليها العمر 
– معقول في منتصف الأربعين… ده أنا اللي في المنتصف مش هي 
وانقلبت الجلسه لضحكات صاخبة مما جعل البعض يرمقونهم دون فهم 
ولكن اللقاء لم يكن له نهاية بعد 
……….
في تلك الزنزانة الضيقة كان يجلس فتحي جوار أحدهم يستمع لذلك العرض الذي يخبره به غير مصدقًا إنه سيجني الكثير من المال من وراء شقيقته 
– هي الشغلانه ديه بتجيب فلوس حلوه اوي كده 
رمقه الرجل بعدما داعب شاربه 
– طبعا…أنت مش عارف الكباري بتاعنا بيجيله زباين تقيلة أزاي 
طالعه فتحي بجشع يخبره وهو يخشى ضياع ذلك العرض من بين يديه 
– بس البت بسمة أختي مش حلوة… وشها عكر الصراحه 
تجلجلت ضحكات الرجال حولهم 
– وهي الشغلانه ديه بيهتموا فيها بالجمال.. المهم الجسم يا فتحي… والايام ديه الحاجات اللي بيحطوها على وشهم بقت مخليا الستات كلها شبه بعضهم 
– خلاص يا معلم وجدي… اخرج بس من المخروبة ديه اللي مش عارف دخلتها بتهمه إيه وانا اجيبها ليك لحد عندك
………….. 
طالعته وهو يقود السيارة في صمت دون جواب تحصل عليه منه 
– أنت موديني على فين
رمقها ثم عاد يركز عيناه نحو الطريق .. فتنهدت بسأم تعقد ساعديها أمامها 
ابتسم وهو يسمع زفراتها الحانقة فعاد يطالعها بعينيه 
– رايحين الفيلا عندي… وجودنا في الشقه ديه خلاص مش هينفع… 
امتقع وجهها وهي تتذكر أن هذا المكان كان يجمعه بطليقته 
– لاا أنا عايزه ارجع الشقة… أو هشوف مكان تاني اعيش فيه 
عبرت السيارة البوابة الضخمه فطالعت المدخل المؤدي للبيت العصري 
– انزلي يا فتون 
ظلت مكانها ينتظر ترجلها من السيارة فعاد إليها يجذبها 
– اظن إن في بينا إتفاق … السنه ديه هتعيشي معايا زي ما أنا عايز في أي مكان احدده… ولا هنخلف العقود من دلوقتي 
طالعته ثم طالعت المكان حولها وسارت أمامه حانقة ممتقعة الوجه… طالعها بابتسامه واسعه ثم حاول ضبط ملامح وجهه 
دلفت أمامه المنزل تنظر لضخامة المكان وفخامته 
ركضت الصغيرة نحو والدها ثم اتجهت إليها تعانقها 
– أحمس مجاش معاكي ليه… عايزة اروح المطعم عشان العب مع أحمس 
ازدادت ملامح سليم قتامة وهو يستمع لحديث صغيرته وحديثها 
– أحمس موصيني اول ما أشوفك اديكي بوسه كبيرة 
– مدام ألفت، مدام ألفت 
صاح بصراخ افزع صغيرته… فاقتربت تعانقه من ساقيه.. انحني ليحملها متمتما 
– خديجة اتعشت 
أماءت السيدة ألفت برأسها تطالع فتون التي وقفت تفرك كفيها بتوتر بعدما ابتعدت عنها الصغيرة 
– وصلي فتون أوضتنا 
طالعته ثم غادرت خلف السيدة ألفت التي اقتربت منها هامسه حتى تطمئنها 
– على فكرة كل فرش البيت اتغير حتى الديكورات… ومكان الأوضة 
رغم إنها لم تسأل ولكن حديث السيدة ألفت اراحها
دلفت للغرفة وقد تولت السيدة ألفت المبادرة في تعرفيها تفاصيل الغرفة ثم غادرت وهي مازالت تقف مكانها مذهولة من كمية الأثواب النسائية والاحذية والحقائب… اقتربت تلامس الأشياء بيديها فتعالي صوته خلفها يسألها 
– عجبتك الأوضة 
انتفضت مفزوعة بعدما اشاحت عينيها بعيدا عنه 
– الحاجات ديه لمين؟ 
اقترب منها بخطوات متمهله ينظر إليها 
– ليكي وبعد السنة ما هتخلص لو عايزاهم خديهم…أنا برضوه راجل كريم يا فتون
اتسعت عينيها من وقاحته فتخطاها قبل أن تهتف بشئ ومدَّ يده يختار لها أحد الأثواب بعناية 
– ألبسي ده… لونه عجبني 
طالعت ما وضعه بين يديها وعادت تطالعه فرفع حاجبه متسائلا 
– مش عجبك…. أختار قميص تاني طيب…
وعاد ينتقي لها ثوب اخر فوقفت مكانها مبهوتة مما يحدث.. إنه يمارس الدور ببراعة 
– لاا متحاوليش تهربي من بنود العقد… إحنا إتفاقنا السنه ديه هتشبعي رغبة راجل حيوان زي عايزك مجرد زوجة في الفراش… واردف بعدما تحسس الثوب الأخر بين يديه قبل أن يعطيه لها 
– مش هما برضوه بيقولوا كده ولا أنا غلط… يلا يا فتون ابسطيني مش يمكن ازهق بسهوله وقبل ما السنه تخلص اطلقك 
تركها شاحبة الوجه لا تصدق ما تسمعه تنظر نحو الثوب ونحو خطواته 
والسؤال كان هنا لمن القرار بل لمن الدور ولمن ستكون اللعبة ؟ 
طالت وقفتها أمام المرآة، تنظر إلى هيئتها وتفاصيل ملامحها الصغيرة، ارتفعت يديها نحو جانبيها وببطء كانت تسير بهما فوق قماش المنامة الحريرية الرائعة، نعم لقد اختارت ثوب يُناسبها والقت بالثوب الذي اختاره مكانه.. لم تخضع لقراره ولو للحظة كانت تفكر من منهم خضع لقرار الأخر لوجدت إنها هي من أختارت هذا القرار بل وتخضع دون أن تشعر .
تنهيدة طويلة خرجت من بين شفتيها وهي تلتف حولها لعلها تجده قد عاد إليها لينال حقه ثم يتركها ؛ فهي عاشت تلك الحياة مع حسن ولا بأس أن تعيشها ثانية.. ف العام سيمر كما مر ويمر كل شئ “وهكذا كانت تقنع حالها “. 
ضجرت من وقفتها هذه فالوقت يطول وقلبها يزداد دقاته، تحركت من أمام المرآة تجلس على الفراش الواسع تزفر أنفاسها دفعات متتالية ثم تتحسس جبهتها وقد اشتدت حرارة جسدها
– مالك يا فتون مش ده كان قرارك أنتِ، أعتبري حياتك معاه زي ما كانت مع حسن
واغمضت عينيها تتذكر صفعات حسن وذلك العنف الذي كان يمارسه معها؛ فترفع ذراعيها تتحسس جسدها وسرعان ما كانت صورة حسن تتلاشى من ذاكرتها ليحتل هو مكانه وليلة أمس تقتحم عقلها.
 لمساته، همساته، تلك الحرارة التي كانت تشعر بها بين ذراعيه ولكن أين تلك الليلة التي دمر فيها كل شئ؟
تلك الليلة التي جعلها تركض في الظلام حافية هاربة من بطشه. 
ارتجف جسدها فالذكريات المرسخة داخل عقلها لا تُرحم ولقد رسخ الزمن كل شئ وحدث ما حدث. 
شعرت بخطواته داخل الغرفة واقترابه منها ولكنها لم تفتح عينيها، تضم كفوفها بطريقة جعلته يقف محدقًا في فعلتها.. همس اسمها بخفوت
– فتون، أفتحي عينك وبلاش تسيبي نفسك للذكريات 
ولكنها لم تستجيب لنداءَهُ، تنهد وهو يتذكر حديثه مع جنات هذا الصباح
”  فتون بعد كل اللى حصل ليها مردتش تروح لدكتور نفسي.. أهلها شافوا إنها كده هتكون مجنونه، فتون ضحية ظروف ونشأة غلط، فتون افتكرت إنها لما وصلت لحلمها ودخلت الجامعه إنها تجاوزت كل حاجة لكن للأسف فتون زي ما هي”
” ساعدها لو بتحبها.. أنا كان نفسي أقدر اساعدها لكن إظاهر حتى أنا محتاجه اللى يساعدني “
استمعت لصوت أنفاسه فادركت أنه حان اللقاء الذي سيجمعهما، أجساد ستتعانق و رغبة ستتحرك والأمر يمضي بسهولة. 
اوصدت جفنيها بقوة تشعر بكفه فوق خدها ثم ينحدر ببطء فوق عنقها ، كانت على أهب إستعداد للمنح وهو يدرك ذلك تمامًا
– حلوة البيجامة يا فتون.. بس مش ده اللى اختارته عشان تلبسي
فتحت عينيها تُطالعه فهل للتو تذكر أمر الثوب، وقبل أن تخبره أن أمر الثوب لا يعنيه مدام سيحصل عليها في النهاية.. كان يباغتها بسؤاله
– مدام سحر مديرية الجميعة دكتورة نفسية ليه مكنتيش بتتكلمي معاها عن كل اللى مريتي بي.
“الجمعية، والسيدة سحر” تردد الاسمين في عقلها ولكن سرعان ما كانت تمنحه الإجابة
– أنا مش مريضة نفسية، أنا قدرت أقف وأقوم من تاني ووصلت لكل حلم كان نفسي فيه
وانتفضت من جواره وقد عبست ملامحها
– وفهمت إن مافيش بطل غير في الحكايات يا سليم بيه
ابتسم وهو يرمقها كيف تحاول الثبات أمامه
– فعلا مافيش بطل غير في الحكايات يا فتون..
ونهض مقتربًا يحك أنفه بسبابته متسائلا 
– مين كان مفهمك إن في إنسان بطل 
امتقعت ملامحها وهي تراه بتلك البرودة، فاعاد سؤاله ينتظر جوابها ولكنها صمتت 
امتدت يديه تفك عقدة شعرها فانسدلت خصلاتها إلى أسفل ظهرها، تراجعت للخلف تنظر إليه بترقب.. فهوت بجسدها فوق الفراش
– أنت هتعمل إيه؟ 
– هنفذ بنود العقد يا فتون
توقفت عن تراجعها فها هو يثبت لها ظنها ودناءته، قبضت فوق غطاء الفراش تحدق به، فمال نحوها يستنشق رائحة خصلاتها ولثم جبينها متمتما
– شوفتي تنفيذ العقد سهل إزاي
وانصرف تاركًا لها الغرفة يوصد الباب خلفه يزفر أنفاسه بتنهيدة طويلة يستجمع فيها حاله.. 
اتسعت حدقتاها ذهولًا تنظر نحو الباب الذي أغلقه..فما الذي حدث للتو؟ 
………
ساعة وراء ساعة أخذت تمر إلى أن اصبح الوقت بعد منتصف الليل. أسرعت في غلق عينيها عندما شعرت بوجوده بالغرفة فازداد قربها نحو طرف الفراش.
تعلقت عينيه بفعلتها فابتسم وهو يحل  أزرار قميصه، اتجه نحو المرحاض وبعد دقائق كان يعود لينضم جانبها فوق الفراش، اغمض عينيه بعد أن عدل من وسادته أسفل رأسه ولكن تلك الطرقات الخافته لصغيرته وهتافها باسمه جعلته ينهض مذعورًا يفتح إليها الباب وينحني صوبها يحملها
– مالك يا حبيبتي 
– بابي، ديدا حلمت حلم وحش..
بكت الصغيرة تصف له حلمها الطفولي الذي ارعبها فضمها إليه يمسح فوق خصلاتها 
– الحلم خلاص راح يا ديدا وأنتِ دلوقتي في حضن بابي..صح
أماءت الصغيرة له برأسها تدفن وجهها في عنقه، وضعها فوق الفراش فالتفت بعينيها نحو فتون
– هو أنت حكيت حدوته لفتون عشان تنام يا بابي وتاكل رز مع الملايكة
ورغما عنه كانت شفتيه تنفرج في ضحكة صاخبة وفتون لم تكن حالها مختلف وحتى لا يفتضح أمرها وضعت يدها فوق شفتيها.
جلس جوار صغيرته وما زال يضحك على دعابتها الطفولية يلثم خديها ثم يضمها إليه وهو يطالع جسد فتون الذي إهتز من أثر الضحك
– يلا نامي أنتِ كمان وخليكي شاطرة زي فتون 
– بابي هي فتون هتكون زي مامي
تنهد وهو يضمها نحوه أكثر
– حببتي فتون هتحبك زي مامي وهتكونوا صحاب لكن مامي مافيش حد زيها
تثاوبت الصغيرة تضم كفوفها نحو بعضها
– مامي ليه سابتني وراحت تعيش مع خالو حامد، خالو حامد وحش مش بيحبني 
– مامي مسبتكيش يا ديدا هي عارفه اد إيه أنتِ بتحبي بابي
وتنهد متعبً يخشى ذلك المستقبل لصغيرته
– لما تكبري هتفهمي بس خليكي عارفه إن محدش هيحبك زيها
ابتسمت الصغيرة هاتفه
– هي بتحبني اد البحر زيك كده..
ولم يمهل صغيرته بأن تتحدث فاخذ يدغدغها وعاد يضمها إليه وعينيه عالقة بجسد فتون المنكمش
– طبعا يا حببتي
غفت الصغيرة كما غفا هو.. ولكن النوم أبي أن يمس جفنيها، علقت عينيها بهما بعدما التفت بجسدها نحوهما ولم تبقى نظراتها صوبهما ساكنه بل رويدًا رويدًا كانت عينيها تلمع وابتسامتها تتسع تمدَّ يدها نحو الغطاء الخفيف ترفعه نحوهما. 
……….
ابتلعت لقمتها بمرارة باتت تلازمها تشعر وكأن الطعام يدخل جوفها كالحجر ومع مرور الأيام اكتشفت سبب تلك المرارة؛ وهل يغفل عقلها وقلبها معًا عن الجواب.. لقد استغلت الفرصة كما يستغلها الكثير استغلتها لتعيد أرض والدها المسلوبة من ابن عمه، استغلت ثقة فتون بها ورحبت بعرض
“سليم النجار” كما جعلت والدها يرحب بزيجتها،
والحاج عبدالحميد كما ضعف في الماضي أمام “حسن”
ضعف أمام إغراءات ” سليم النجار ” وتمتع بالرفاهية ونسي أمر ابنته حتى حقها في الزفاف الذي وعده به
 “سليم النجار” وطلب يدها كما يحدث في العرف والتقاليد في منزلها ولكن كل الوعود تبخرت وقد سُلب الحق من فتون بأن تعيش مراحل حياتها كأقرانها. 
والذنب  رغمًا عنها يقتلها فقد كانت الأكثر قربً لفتون وتدرك شخصيتها، فتون مازالت ضائعة في حياتها، لا أم تعطي لها نصائحها ولا أب يجيد الدور. 
انتبهت على تلك الطرقات التي حطت فوق باب شقتها، فنهضت على أمل أن تكون “فتون” قد أتت إليها حتى تأخذ باقية كتبها ولكن عيناها علقت بالواقف أمامها وتعرفه عن كثب 
” كاظم النعماني” الابن الأكبر لجودة النعماني 
رمقها الواقف بنظرة فاحصة طويلة ثم تخطاها للداخل ينظر للمكان بعينيه
– أنت إزاي تدخل كده؟ 
– كام؟
هتف سؤاله بغلظة وعاد يركز عينيه نحوها ينتظر جوابها وبتحدي سافر أجاب وهو يُطالعها
– مليون كويس 
– أنت بتتكلم عن إيه يا أستاذ أنت
أرتفع حاجبه، والتوت شفتيه ساخراً وأعاد دفتر المال داخل سترته
– إظاهر إننا هنطول في اللعب حوالين بعض، بس أنا بحب اللعب وللأسف أختارتي الشخص الغلط
اردف عبارته الأخيرة وهو يمدَّ بكفه نحوها، فدفعت جنات يده عنها مبتعده
– أيدك لأقطعهالك
وضحكة صاخبة كانت تتجلجل بين الجدران، فيميل نحوها يهمس بوعيد
–  هحاول أعمل نفسي مسمعتش حاجة من كلامك ده.. وآه عشان تعرفي إن صلة الدم موجوده
رمقته جنات متهكمه فهم لم يتذكروها يومًا لا هي ولا والدها
– ومدام في صلة دم جاي بتساومني على حق والدي اللي سرقه أبوك زمان
تجمدت عينين كاظم وهو يراها تناطحه
– ابوكِ ملهوش حق عندنا.. الأرض ديه ملك ليا وأحمدي ربنا إني كريم معاكِ لو كان جودة باشا بصحته مكنتيش طولتي حاجة وأنتِ عارفه ده كويس
– أبوك اللي أعماله الخيرية مسمعه البلد كلها.. سرق حق أبويا، إستغل ثقته لما عماله التوكيل.. ابن عمه لا هيسرقه ولا يضحك عليه لكن في النهاية اخد حقه وانت جاي دلوقتي تقولي احمدي ربنا إني كريم معاكِ
– أنتِ اه قولتي بنفسك عماله توكيل.. فارضي بالفلوس وبلاش لعب معايا وبلاش تدخلي سليم النجار في الحكاية
ومنذ وقت طويل لم تضحك هكذا.. تعالت ضحكتها تطرقع كفيها بعضهما
– خايف على المشروع اللي أنتوا شركاء فيه.. لا مش معقول كاظم بيه خايف 
امتقع وجه كاظم وهو يراها كيف انبسطت ملامحها بل ولم تعد مذعورة منه
– اتنين مليون كويس
نظرت إليه طويلا بملامح ساكنه فارتخت ملامحه وهو يخرج دفتره حتى يدون لها المبلغ ولكن يده علقت داخل سترته وهو يسمع عبارتها
– ولا فلوس الدنيا كلها تخليني أفرط في حقي من تاني ..  برة
تجمدت عينين كاظم نحوها وغادر بخطوات عاصفة، التقطت أنفاسها واقتربت من باب الشقة تغلقه خلفه ولكن وقفت في مكانها تنظر نحو أحمس الذي تقدم منها وقد أستمع لكل شئ
– أنتِ مش أد الناس ديه يا جنات، وعمر سليم النجار ما هيخسر شريكة عشانك واه سهلتي عليه الطريق لفتون وهتطلعي أنتِ الخسرانة. 
………
وكما أخبره الطبيب أن الأمر لن يطيل ولكنه لا يستطيع تحديد الوقت وها هي جيهان تفيق من غيبوبتها بعد أسبوع من حادثتهم.. 
 همست اسمه فاقترب منها يتأكد مما تراه عينيه، تنفس الصعداء وهو يراها تفتح عينيها. 
خرج من غرفتها يبحث عن إحدى الممرضات المتابعة لحالتها، فاسرعت نحوه إحداهن وسرعان ما كنت تدلف معه غرفتها تُُعاين مؤشراتها الحيوية ثم غادرت حتى تستدعي الطبيب الخاص بحالتها
– لا المدام بقيت تمام.. بس هي هتفضل فترة مشوشة والصداع ملازمها غير كسر دراعها
 طمأنه الطبيب وانسحب مشيرًا له بأن يتبعه
– جسار بيه المدام محتاجة راحه نفسيه متنساش حالتها
عاد جسار إليها فوجدها تحاول الإعتدال من رقدتها فاسرع نحوها
– أنتِ بتعملي إية؟
تسألت بتشوش وهي تتحسس جبهتها
– هو أنا بقالي أد إيه هنا
هتف عبارته وهو يلتقط هاتفه يُغلق رنينه
– أسبوع
طالعت نظرات عينيه نحوها وتلك الكلمات المقتضبة التي يحادثها بها، وعادت تفاصيل الحادثة وما قبلها يقتحم عقلها
– أنت هطلقني مش كده يا جسار؟
اغمض عينيه ثم عاد يفتحهما ويزفر أنفاسه
– مش وقته الكلام ده يا جيهان.. أنتِ محتاجة راحة فحاولي ترتاحي
عدل لها من وضع وسادتها بيده السليمة، وها هو يوم أخر يمر لها بالمشفى وهو يأتي لها فور أن ينتهي من أعماله المتراكمة.
– الدكتور كتبلك على خروج.. هحضرلك الشنطة وهيعاين حالتك ونمشي
فهتفت متسائلة وهي تبلل شفتيها بلسانها ثم تبتلع لعابها 
– هنرجع شقتنا مش كدة؟
عاونها على النهوض وسرعان ما دفعت ذراعه عنها صارخة
– رد يا جسار هنرجع شقتنا ولا هتسبني
– جيهان إحنا من قبل الحادثه متفقين كل واحد هيروح لحاله.. والطفل اللي كان ممكن يربطنا مبقاش موجود ولا حياتنا هتنفع ترجع تاني
تهاوت بجسدها فوق الفراش تحدق به، إسترد أنفاسه وعاد يطالعها بهدوء
– الشقة ملكك يا جيهان أنا كتبتها ليكِ وحقك هتاخديه كامل.. لكن طرقنا أفترقت خلاص
همست بضعف تخاطبه
– بس أنت بتحبني ياجسار
تنهد بزفزات طويلة فلم يعد يعرف هل أحبها بالفعل أم كان يضحك على حاله ويشبع رجولته؛
امرأة حسناء تعطيه ما يرغب بسهوله، تشعره وكأنه لا مثيل له تقدم له ما يرغب دون أن يطلب، وقد اجادت التعامل معه ومع طباعه فجعلته يُريد المزيد منها.. وهو حقا قد أرتوى ولكن هل بالفعل نرتوي من الحب؟
أم نظل كالظمأ !
وعندما استنتجت من صمته إنه بالفعل تخطاها ولم تجعله مدمن بها… صرخت بل ونهضت من فوق الفراش تدفعه فوق صدره. 
ارتكزت عينين عليهما وقد التقط هو تلك العينين ولكن صاحبتهم كانت جائعة متعطشه بأن تكسب أول حدث لها في مهنتها في إحدى المجلات الداعمة للنساء. 
التقطت صورتهما ومن بضعة كلمات كانت جيهان تتحدث بهما أثناء صراخها لم يحتاج الأمر لفهم المزيد. 
استندت بجسدها خلف الباب الذي أسرعت في إغلاقه للتو، تنظر نحو ملامح صديقتها بأنفاس لاهثة وبجسد يرتجف من الخوف. 
– لو اتطردت من المستشفى هيكون بسببك..، هتعملي إيه يا حورية في المصيبة ديه
ندبت “حورية” سوء حظها، فضحكت الأخرى وهي تلتقط ذراعها؛ تدور بجسدها أمامها صائحة بسعادة وكأنها حصلت على اليانصيب.
– ده هيكون سبق صحفي في المجلة محصلش
وتنهدت حالمة وقد عادت تستقر بجسدها تنظر نحو ملامح صديقتها القاتمة
– حورية متخافيش الراجل ملحقش ياخد باله من شكلي
وابتسمت وهي تسرد لها مغامرتها التي ترها حظًا قد اتي إليها قبل أن تُطرد من المجلة
– هو يدوب لقطني لما لقطت المشهد بينهم وهوب أختفيت من قدام عينيه
– يا فرحتي بيكِ هوب اختفيتي، أنتِ عارفه ده مين ده
ارتفع حاجبيها متسائلة فاردفت حورية وهي تنفث أنفاسها بضيق
– رجل أعمال، يعني راجل معاه فلوس يقدر يوصل ليكِ وليا واتطرد من شغلي
عادت حورية تندب حظها تنظر نحو الهاتف القابع بين يدين
” عزة ” صديقتها، وأسرعت نحوها تلتقطه منها لترى المشهد الذي سجلته صديقتها.
– الفيديو ميعديش الدقيقتين بس في نجاح صاحبتك ياحورية
واستطردت برجاء تحاول كالعادة نيل دعمها
– صاحبتك قدامها فرصه واحده بس في المجلة وحلمي يضيع
تابعت حورية المقطع المسجل وصوت صراخ المرأة المكلولة على حالها، تترجى الواقف أمامها أن لا يتركها ويطلقها وكم هي تحبه. 
توقف المقطع، فهتفت عزة تُحاول إستدراج عاطفتها كأنثي
– راجل طاووس متغطرس زي باقية الرجالة..، زي مكرم خطيبك اللي سابك قبل فرحكم بأسبوع 
احتدت ملامح حورية وهي تتذكر ما حدث لها ممن كانت تطير به هيامًا، و ” عزة” كصحفية مبتدئه سيكون لها مستقبل كانت تدوس وتضغط حتى تحصل على ما تُريد. 
صرخت حورية بها تدفع الهاتف إليها، وابتعدت عنها تقضم أظافرها
– ضغطي على أوجاعي؛ عشان تظهر روح المرأة الداعمه عندي مش كده؟
طالعتها ” عزة ” بعينين سعيدتين؛ فقد نجح الأمر، ثم دلكت عزة رأسها وانفرجت شفتيها في ضحكة قصيرة خافتة 
– شايفة مستقبل صاحبتك المشرق فمتضيعهوش بقي
رمقتها حورية حانقة واقتربت منها تدفعها فوق صدرها
– مستغلة وهتوديني في داهية
ولكن كالعادة كانوا يتعانقان في حب، يتواعدان أنهما دومًا سيكونوا بجانب بعضهم مهما عصفت بهم الحياة
– مكرم ده كان  نص راجل ده لو اعتبرناه راجل يعني، ده أنا رقصت يوم ما عرفت إن الجوازة اتفركشت
وحورية تعود لدفعها فوق كتفها هاتفة 
– أه قاعدت جانبك وبقينا زي الخيار المخلل جانب بعض
فابتعدت عنها “عزة” تهندم من ثيابها وانحنت تربط رباط حذائها
– فشر إحنا مخللناش، إحنا بس في عصر السرعة
وبعدما كانت “حورية” تستعد لما هو قادم، كانت تنسى ما حدث وأصبح الأمر وكأنه لم يكن
– تعالي أما اشوفلك الطريق وأخرجك من المستشفى 
…………… 
طرق طاولة مكتبه بطرقات متتالية، يُحاول جاهداً أن يخرج طاقة غضبه بشئ ولكن غضبه لم يقل وهو يستمع لحديث محاميه ومديرة التسويق التي تخبره كم تراجعت أسهم شركة مستحضرات التجميل خاصته
– جسار بيه حضرتك لازم تطلع توضح صحة الفيديو بأي طريقه
اغمض جسار عينيه يحاول استجماع شتات نفسه متسائلًا
– مين البنت ديه
ومحاميه كان يعطيه الإجابة قبل أن ينسحب من أمامه
– كل المعلومات هتكون عندك يا فندم خلال  ساعة
ترك المحامي الغرفة مسرعاً، فتنهدت الواقفة وقبل أن تفتح فمها للحديث، كان هاتفه يدق.. وأصبح يومه إتصال وراء اخر والكل يحاول أن يستفهم الأمر ويُصلح الأمور بينه وبين زوجته. 
………. 
والأمر كان مختلفاً لدي جيهان التي أخذت السعادة ترقص في عينيها، لا تستوعب أن الحظ لم يخونها وقد جاءت الفرصه دون أن تسعي وتخطط. 
زفرت أنفاسها براحة ومتعة وهي تستمع لمقطع الفيديو عبر وسائل التواصل الإجتماعي والجميع متعاطف معها، والمنشط الصحفي أصبح تريند يتداوله الجميع خاصة النساء داعمين لها.
تعالا رنين هاتفها فالتقطته تنظر نحو الرقم الغير مدون في سجل هاتفها
– مدام جيهان إحنا مجلة ” INW” محتاجين نعمل مع حضرتك ريبورتاج صحفي 
…………
تركت ما تحمله من بين يديها واقتربت من جنات القادمة نحوها تحمل لها بعض من كتبها
– لقيتك عمرك ما هتفكري تيجي عندي تاخديهم قولت أجيبهم أنا
التقطت فتون منها الكتب تشيح عنها عينيها، فسقطت دموع جنات وهي ترى علاقتهما كيف أصبحت
– مكنتش عايزة أتأمر عليكِ معاه، كنت عايزة اديلك فرصه
احتدت عينين فتون وهي تسمع تبريرها، وسؤال أرادت سؤاله لها منذ وقت 
– عشاني ولا عشانك يا جنات؟
و جنات ولم تكن إلا إنسانة صريحة
– عشانا إحنا الأتنين… أنتِ عشان تعرفي حكايتك مع سليم النجار هتكون نهايتها إيه؟.. وأنا عشان أخد حقي من الدنيا، أخد حقي من ناس إستعرت تعرفني ويمدوا أيديهم يسلموا عليا
ارتخت ملامح فتون وهي تسمعها، وجنات كانت تصرح لها بدواخلها
– لما شوفت ” كاظم النعماني” في الشركة انبهرت بي، فضولي اخدني إني اعرف مين الراجل اللي هالة الوقار بتحاوطه
واطرقت عينيها تتذكر تلك اللقطات التي مرت
– مصدقتش نفسي إنهم اهلي، نفسي بقت تصعب عليا أوي يا فتون، مافيش أهل تسندي ضهرك عليهم ولا حتى شريك حياة يشتريكِ بالغالي
ومسحت دموعها تلتقط أنفاسها تنظر نحو فتون التي علقت عينيها بها بحزن
– استنيت يوم الأجتماع اللي هيتحط في بنود الشراكة و “جودة النعماني” هيكون موجود، ابن عم أبويا يعني عمي يا فتون.. روحتله اسلم عليه قدام عربيته..عارفه قالي إيه 
وعادت دموعها تنحدر فوق خديها
– عمل نفسه إنه مش عارفني ولا حتى عارف أبويا
وارتسم الحقد فوق ملامحها وقد عاد حقدها نحوه
– حلفت إني هاخد حقي منه، سامحيني يا فتون بس سليم النجار بيحبك ده اللي بقيت متأكده منه خلاص ومطمنه عليكِ معاه
انتظرت جنات أي ردة فعل منها ولكنها ظلت ساكنه مكانها متعاطفة
– اسعد ابن عمتي رجع يظهر في حياتي من تاني، عايز يفضحني وسط الناس وبيبتزني عشان ياخد مني فلوس
وتعالت شهقاتها بقهر 
– عايز يفضحني في شرفي يا فتون
تحولت ملامح فتون للصدمة وسرعان ما اقتربت منها تضمها إليها بقوة
– اهدي يا جنات مش هيقدر يعملك حاجه
– كاظم النعماني حطني في دماغه… هو اللي ورا ظهور أسعد من تاني في حياتي
واردفت بخوف
– اسعد ده إنسان حقير ممكن يعمل اي حاجة عشان ياخد فلوس
ابتعدت عنها فتون تنظر إليها تسألها بتوجس
– مش كان اتفاقك مع سليم إنه هيساعدك مقابل ما هتساعديه
صمتت جنات، فحدقت فتون بها تنتظر جوابها
– جوزك بقى بعيد عن مجال المحاماه دلوقتي، مؤسسته بيديرها صديقه
وعادت لصمتها تتذكر حديث سليم معها
” مافيش أوراق تثبت ملكية والدك الله يرحمه للأرض، كل أوراق الطرف التاني صحيحة… الجواب اللي معاكي ميثبتش حاجة قدام المحكمة، والقضية هتطول في المحاكم”
 وتعلقت عينيها بزجاجة المياة الموضوعة فوق الطاولة، فاقتربت من الطاولة والتقطتها ترتشف منها تستطرد بحديثها
– جوزك بيزنس مان دلوقتى، مش هيخسر صفقته عشاني
وهمست تتبع حديثها بحرقة
– بيقولي عرض الاتنين مليون جنية قيمة نصيبي في الأرض؛ لأن القضية هتطول في المحاكم عشان مملكش أثبات تعترف به المحكمة.. بس أنا مش عايزة الفلوس أنا عايزة أرضى يا فتون. 
طالت نظرات فتون إليها.. فاقتربت منها جنات تمسك يديها برجاء متمتمة
– فتون أرجوكِ متخليهوش يتخلى عني زي ما وعدني
وفتون صامتة تستمع إليها وقلبها يزداد غضبً نحو سليم 
………
وضعت الخادمة الطعام أمامهم، كان ينظر لها من حيناً إلى أخر وهو يطعم طفلته، والصغيرة كانت سعيدة بدلال والدها لها. 
نهضت عن الطاولة بعدما مسحت فمها متمتمة وهي تنظر نحو الصغيرة التي علقت عينيها بها
– تصبحي على خير يا ديدا
ابتسمت الصغيرة وقد رفعت لها خدها كي تقبله، فانحنت فتون نحوها تلثم خدها
– بكرة هنعمل الكيكة اللي قولتيلي عليها وهتحكيلي حدوته
تسألت الصغيرة، فابتسمت وانحنت مجدداً تلثم خديها
– أنا وعدتك يا ديدا، بس بكرة عندي أمتحان مهم ولازم اقوم أذاكر
رمقها سليم وقد ترك معلقته، فهو وكأنه غير مرئي أمامها
– عندك أمتحان، وراجعه متأخر من المطعم
وبكلمات مقتضبة كانت تجيبه دون أن تطالعه
– المطعم كان في زباين، وأنا بعرف أنظم وقتي كويس.. متوعدة زي ما بتقول يا سليم بيه
غادرت المكان فعلقت عينين صغيره به، وبصوت حاول أن لا يكون جهوري كان يهتف باسم السيدة ألفت
– مدام ألفت خليكي جانب خديجة لحد ما تخلص أكلها
أماءت السيدة ألفت له برأسها وجلست جوار الصغيرة تُلقي بنظرة خاطفة نحوه وهو يصعد الدرج بخطوات سريعة 
………….
انفلتت منها شهقتها وهي تراه يدلف الغرفة يغلق الباب
 خلفه  بقوة، ضمت كُتبها إليها تتحاشي النظر إليه، مما جعل حنقه يزداد
– ممكن أفهم سبب تصرفاتك ديه؟
تسألت بخفوت وهي ترى اقترابه منها
– تصرفات إيه؟
– هحاول أصدق إن تصرفاتك من غير قصد يا فتون
ومع اقتراب خطواته منها كانت أنفاسها تتسارع
– أسألك اخبار يومك في المطعم إيه مترديش، احط أقدامك الطبق تبعديه عنك ، وفي الأخر ردك عليا بمنتهى الاستفزاز.. مش معقول تكوني في عمر خديجة يا فتون
ازداد صوته حدة، فنهضت من فوق الفراش تقف أمامه
– وعدت جنات تساعدها للآخر، أتخليت عنها في بداية الطريق، طبعا بعد ما وصلت للي عايزه خلاص المهم صفقاتك
ارتسمت ابتسامة واسعة فوق شفتيه وهو يراها تتحدث معه هكذا، وسرعان ما تلاشت ابتسامته يطرح سؤاله بمكر
– وصلت لأية يا فتون بالظبط، أنا مش شايف إني وصلت لحاجة
وبخبرة يجيدها كان يعبث ويتلاعب معها، امتدت يديه نحوها يجذبها إليه في سرعة خاطفة جعلتها تشهق من فعلته
– فتون، جنات واخده الموضوع تحدي وعناد، أنا متخلتش عنها.. جنات مكنتش هتاخد حاجة من عيلة النعماني لا فلوس ولا أرض
حاولت دفع ذراعيه عنها ولكنه احكم حصارها حولها
– جنات أه بتحبك بس بتدور على مصلحتها يا فتون، القضية خسرانه وأنتِ بتدرسي دلوقتى القانون وعارفه ده كويس
– مدام القضية خسرانه وعدتها ليه من الأول؟ 
وبسلاسة كان يجذب ذراعها يُجلسها فوق الفراش ويجلس جوارها
– كانت قايلالي عندها الأوراق اللي تثبت ده، والأوراق مكنتش غير مجرد جواب مكتوب من “جودة النعماني” لوالدها، حتى تاريخه قبل تاريخ المبايعة لو زي ما بتقول جنات إن المبايعة تمت عن طريق التوكيل..
توقف عن حديثه ثم طالع نظرتها إليه، فمسح فوق خدها بعدما اتخذت وضع الأنصات كطفلة صغيرة
– جودة النعماني مكنش بقى رجل أعمال وليه اسم لو مكنش ذكي في كل خطوة بيعملها
– يعني مش هتقف مع جنات عشان متخسرش شريكك
– أنتِ عايزة إيه يا فتون؟ 
ومال نحوها وهو يسألها، فابتعدت بجسدها عنه ولسوء حظها كانت تميل فوق الفراش فتُعطيه فرصه لمحاصرتها
– جنات ساعدتني كتير زمان، جنات ملهاش حد.. هما المفروض أهلها يدوها حقها مش ياكلوه
– هتفاهم مع كاظم النعماني في الموضوع
واقترب منها اكثر وهو يعطيها جوابه، ابتلعت لعابها وهي ترى اقترابه يزداد
– كاظم النعماني راجل خسيس، دفع فلوس لابن عمتها عشان يفضحها لو مقبلتش بعرضه واخدت الفلوس وبعدت عن عيلته
– مش هخلي حد يأذيها يافتون، مدام تحت حمايتي
وعند اخر كلماته كان ينال منها ما طمح وأراده قلبه ، قاومته بضعف ولكن مع خبرته كان يجعلها مرحبة بين ذراعيه مستسلمة.
وأسفل المياة الرطبة كانت ترثي حالها، لقد عادت شخصية
” سليم النجار” تسيطر عليها، لقد عادت الخادمة لجحر سيدها مرحبة. 
خرجت إليه بعدما استجمعت شتاتها وكفت عن البكاء، ولكن الصدمة كانت من نصيبها 
طبق به بضعة أرغفة مُعدة وكوبان من القهوة والكتاب الذي
لا بد أن تُذاكر صفحاته الليلة موضوع فوق الطاوله وهو ينتظرها وقد استرخي فوق الأريكة. 
– اعملي حسابك مش هتنامي غير لما نخلص كل اللي متذكرش، اومال مين هيمسك بعد كدة مكاني في المؤسسة
ظلت على وقفتها، فنهض من مكانه واقترب منها يجذب يدها
– فتون نصحصح كده عشان المذاكرة،. عايز أشوفك محامية كبيرة.
فطال صمتها إليه ولكنه كان يعلم السبب
– فتون اللي حصل بينا شئ عادي، مش ديه بنود العقد برضوه وأنتِ بتنفذيه
أسرعت في اماءت رأسها له، فابتسم وهو يفتح لها أول صفحات الكتاب
– نسيب بنود العقد بتاعنا على جانب دلوقتى ونبدء في المذاكرة
ولقد كان بارع حقًا في بنود القانون، غفت فوق كتفه بعدما نال التعب منها، فتعالت ابتسامته وهو يمسح خدها ثم حملها متنهداً بإرهاق وإصراره يزداد نحو حضورها جلسة العلاج النفسي حتى لا تخسر حياتها وهي لا تعرف أي درب ستسير فيه دون أن تنظر لحالها أنها مجبرة وأنها ليست إلا لعبة يتلاعبون بها. 
……….
هل حقًا هي تستمتع بكل ما يحدث ولكن تأبى الإعتراف؟ 
سؤال يسأله البعض ولا يجد له إجابة يُقنع بها حاله ولكن الإجابة تحتاج للاعتراف والعقل لا يُقر أحيانًا حتى لا يصير أبلها. 
كانت مستمتعه بجلسة “الجاكوزي” تغمض عينيها تشعر بعضلات جسدها تأن من الأرهاق ، ورغما عنها كانت تبتسم و تتذكر جميع المواقف التي تمر بينها وبين رسلان و الجدال الذي لم يكن من شيمتها يومًا
– عروستنا سرحانه في إيه؟
تسألت ميادة التي أتت ليلة أمس، رغم إنها اخبرتها إنها ستأتي قبل ليلة الزفاف بيوم بسبب ضغط الدراسه عليها واقترب مناقشتها لرسالة الدكتوراه. 
تنهدت ملك وهي تفتح عينيها وقد علقت عينيها نحو بسمة التي كانت هي الأخرى مغمضة العينين تستمتع بتلك الرفاهية التي لا تظن أن جسدها سينالها مرة أخرى
– تفتكري يا بسمة، العروسه بتفكر في إية؟
فتحت بسمة عينيها، وقد فاقت من أحلامها تنظر نحو ميادة التي نظرت إليها بنظرة أدركتها، فلوت بسمة شفتيها تنظر نحوها
– اكيد في حاجات فيها اخوكِ وبس يا بشمهندسة
تجلجلت ضحكات ميادة فاطرقت ملك بيديها فوق الماء حانقة 
– بلاش تعملوا معايا كدة، كل واحده فيكم ليها يوم
التمعت عينين ميادة وقد استرخت بجسدها حالمة بذلك اليوم
– آه يا ملك امتى يجي اليوم ده، تفتكري بابا وماما هيتقبلوا “رايدن”
تأهبت جميع حواس بسمة بالفضول تستمع لذلك الاسم الغريب على أذنيها
– أنتِ بتحبي راجل أجنبي يا بشمهندسه
وشهقت وهي تضع بيدها فوق فمها
– بس أنتِ مسلمه وهو اسمه رايدن إزاي
طالعتها ميادة وقد صدحت ضحكتها في المكان و ملك لم يكن حالها مختلف وهما يستمعان لحديث بسمة
– الحب خلاه يغير ديانته عشانك.. يا على الحب بيعمل معجزات 
وتنهدت بحالمية تنظر إليهما وعلى شفتيها إبتسامة واسعة
– بسمه “رايدن” مسلم من عيلة يابانية أسلمت
ولحالمية بسمة تحمست ميادة تقص لها حكايتها مع البروفيسور “رايدن”، إزداد حماس بسمة ومن شدة حماسها كانت تتخيل لها حكاية مثلها
– يعني أنا ممكن الاقي حد يرضي بشكلي وظروفي
وتنهدت متحسرة وهي تتذكر فتحي شقيقها، فشعرت ملك بها ثم اردفت بعدما التقطت مئزرها ونهضت من جلست إسترخائها
– بسمة مش كل حكايات الحب جميلة، عندك أنا أكبر مثال
ونظرت نحو ميادة الحالمة بمحاضرها
– و رايدن هيثبت لينا الأيام الجاية إن كان صادق ولا لاء في حكايته
بهتت ملامح ميادة وهي تتذكر تلك اللحظات التي تمت بينهم.. وللأسف كان ضعفها يقودها، لم تتم علاقة كاملة ولكنها كانت تسمح ببعض الأفعال ” قبلات، لمسات، همسات” حتى كاد الامر يصبح كاملا 
“والضعف في الحب يسحبنا نحو الهاوية في بعض الحكايات “
………. 
نظر رسلان نحو مقطع الفيديو الذي تريه له شقيقته، فانتظرت تعليقه ولكن ظلت ملامحه جامدة
– كويس إن ملك مش بتفتح حساباتها على مواقع التواصل
– جيهان مش هتسيب جسار، للأسف أنا السبب
تجمدت عينين ميادة تنتظر منه أن تستمع للمزيد، فزفر أنفاسه وهو يُلقى بسترته فوق فراشه
– حاولت ابعدها عنه، لكنه دور عليها وأتجوزها
– رسلان أنت عرفت جيهان إزاي؟ 
– بعد موت مها، قبلتها في نادي ليلى.. جيهان بتعرف كويس تدخل لأي راجل لحد ما تخليه فعلا مهوس بيها
وابتسم وهو يتذكر ما فعله والده حتى يُخلصه منها، وقبل أن تتسأل ميادة بالمزيد، كان يسألها وقلبه تزداد دقاته خوفاً مما سيسمعه
– ميادة، ملك جواها مشاعر ناحية جسار
وجواب ميادة لم يكن إلا في ضحكة طويلة صاخبة، ثم القت عبارتها وانصرفت
– أنتم الاتنين مغفلين يا دكتور
…………
تعالت شهقات بسمة من الصدمة وهي تطالع فتحي الذي دلف للتو غرفتها، ينظر نحو فستانها البسيط المنمق الذي اهدته لها ملك حتى ترتديه اليوم في عرسها
– أغيب الفترة ديه، أرجع الاقيكي احلويتي كده 
استرخت ملامح بسمة من الفزع.. للذهول تستمع لحديثه ؛ فمنذ متى يخبرها فتحي بعبارات لطيفة هكذا
– كبرتي واحلويتي يا بت يا بسمة
“هو الحبس المرادي عمل فيك إيه يا فتحي”
همست عبارتها وهي لا تصدق أن الذي أمامها هذه اللحظة هو فتحي شقيقها 
– هو صحيح يا بت يا بسمة أهل الحارة كلهم رايحين الفرح
وجلس فوق فراشها يستطرد بحديثه
– أصل أنا وداخل الحارة الكل عمال يتكلم على الفرح، أنا معزوم مش كدة
سرعان ما انسحبت الدماء من وجهها وهي تستمع إليه، فعن أي عرس سيحضرة فتحي، ولماذا خرج اليوم من المخفر؟
– هما مكنوش استنوا لحد بكرة وخرجوك من الحبس 
– بتقولي إيه يا بت؟
تنفست الصعداء، تحمد الله إنه لم ينتبه على حديثها
– اقلعي اللي أنتِ لبساه وروحي حضريلي الحمام، ولقمة أكلها.. إحنا لسا الضهر مش هتتمختري باللبس ده في البيت
– بس ملك عايزانى معاها في الفندق
امتقعت ملامحه وهو يستمع لأعتراضها
– لو عايزانى أحلف إنك متروحيش خالص، متنفذيش الكلام.. فاهمه!
– حاضر يا فتحي
وانصرفت من أمامه حانقة؛ فما عليها اليوم إلا تنفيذ كل شئ دون حديث حتى تذهب للعرس بسلام ، فقد عاد فتحي وانتهت حريتها وجاء وقت الشقاء ثانية. 
نفذت له جميع أوامره، تنظر من حينا إلى أخر نحو الساعة المعلقة ونحو هاتفها الذي تصدح نغمته
– بكره مش هتستنضف تعرفك
وجعتها كلماته وبحرقة تمتمت
– ملك صاحبتي وبتحبني، حتى ميادة أخت دكتور رسلان بقت صاحبتي
رمقها فتحي متهكما وهو يلوك الطعام
– ومالك زعلتي ليه كده، أنا بقولك الحقيقة يا بنت عم حسني الأعرج
لم تشعر بحالها وهي تدفع اطباق الطعام نحوه صارخه
– متجيبش سيرة أبويا الله يرحمه، أنت عاق يا فتحي زي ما كان بيقول
اتسعت عينيه ذهولًا وهو يري فعلتها فوق قميصه.. وفي لحظة خاطفة كان يجذب خصلاتها بقبضة يده
– طب أنا هخليكي متروحيش الفرح النهاردة، اظاهر غيبتي الأيام ديه طولت لسانك 
صرخت وبكت إلى أن فرغ منها يبصق عليها
– تستاهلي الشغل في الكباريهات
وقبل أن تستوعب عبارته كان يعود إليها ينظر لملامحها التي شوهها وجسدها
– لا أنا كده هضطر أجل مقابلتك مع المعلم ” وجدي” ، لأحسن خلقتك بقت تسد النفس.
وشئ فشئ أصبحت تفهم حديثه، وبروح جريحة اغمضت عينيها والحقيقة التي غفلت عنها ذبحتها 
 ” والدها قد مات ولم يعد لديها أحد تتحامي به من بطش شقيقها العاق”. 
والقرار كانت تأخذه وهي تنهض بصعوبة من رقدتها، تقترب من مرآتها المهشمة تنظر لحالها بحسرة
– لازم تهربي من هنا يا بسمة، بعد فرح ملك لازم تهربي ومترجعيش هنا تاني 
يتبع بإذن الله ( قراءة ممتعة)
**************
اقتباس من الفصل القادم بإذن الله 
*************
تجمدت عينين جسار في مرآة سيارته نحو الوجة المألوف إليه ، بعدما قذف هاتفه جانبا حانقا 
أوقف سيارته دفعة واحدة مما كاد أن يسبب لهم حادث، والتف خلفه ببطء وبملامح جامدة تسأل 
– أنتِ بتعملي إية في عربيتي؟ 
والإجابة كانت تخبره بها ببساطة وهي تعدل من وضيعتها في المقعد الخلفي من السيارة، وقد اصبح جسدها يآن من الوجع 
– بهرب في عربيتك.. 
والقت بنظراتها نحو الخارج ترى ظلمة الليل تحاوطهما 
– هو أحنا فاضل قد إيه ونوصل..؟
يتبع..
لقراءة الفصل الرابع والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى