Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سهام صادق

كتمت أنفاسها بكل استطاعتها، ومع صغر حجم جسدها
و اتساع السيارة بعض الشئ ساعداها في الانكماش نحو حالها.
انبثقت صوت الموسيقى في ارجاء السيارة مما جعل ابتسامتها تتسع وهي تستمع لكلمات اللحن الذي تحبه ومطربها المفضل،.. 
فاغمضت عينيها حالمة وقد تناست كل شئ قادمة عليها
، حتى إنها تناست حشرتها في سيارته وانفاسها التي أخذت تضيق، ولم يبقى أمامها إلا صورة جميلة رسمتها في مخيلتها ..
أخذها خيالها لأحلام تعلم استحالتها.. ، مع حبيب تتراقص معه، ترتدي له ثوب الزفاف ويُعانقها بحب.
فتحت عينيها وهي تكتم صوت شهقاتها بعدما ارتطمت السيارة بمطب هوائي ، فنظرت حولها، فقد اختفى المكان الجميل الذي كانت تحلم به منذ للحظات وهاهي تجلس كالقرفصاء في الخلف لا ترى شئ من معالم الطريق،
حكت رأسها قليلاً ثم وضعت يدها فوق معدتها تُدلكها وتهمس لحالها
” أنا جعانه أوي، ياريتني كنت اكلت في الفرح…”
وسرعان ما كانت تتبدل ملامحها للدهشة وقد انتبهت أخيرا أن صوت المذياع قد توقف، التقطت أذناها اسم إحداهن.. فقطبت حاجبيها متسائله
” جيهان ديه مراته، طيب ليه بيتكلم معاها كده…”
ركزت جميع حواسها معه، تستمع لحديثه بأنصات.. ومرة أخرى كانت تتحول ملامحها من الدهشة والتساؤل إلى ملامح سعيدة مسترخية وهي تستمع لحديثه 
– جيهان كل اللي بينا أنتهي خلاص، وعدم طلاقنا الفترة ديه أنتِ عارفه سببه كويس.. فبلاش تهتمي بقى ارجع او ما ارجعش البيت..، ايوة اشتريت مكان تاني اعيش فيه..، الشقة أنا كاتبها بأسمك مش هو ده اللي كنتِ عايزاه من جوازتك مني..
صدح صراخ الأخرى عبر الهاتف وقد كان الصوت مسموع إليها، بررت وبكت ولكنه كان قاسي معها.. ، وللمرة الثالثة كانت ملامحها تتغير مع مشاعرها.. فبعد سعادتها التي لا تعلم سببها كانت ملامحها تتحول للمقت والغضب..
رفعت كفها عاليا تُريد صفعه فوق مؤخرة رأسه ولكن في اللحظة الأخيرة قبضت فوق كفها وقد انتبهت على حالها متراجعة لوضعها خلف مقعده
– لولا الخبر اللي نشرته الصحفية،.. كنا زمانا أطلقنا يا جيهان
– جسار أنا بحبك ، هان عليك حبِ ليك، ليه بتعمل كده فيا.. قولتلك لما اتجوزت محمود كنت صغيرة..، كنت عايزه اشوف الدنيا مكنتش عايزة أعيش في الفقر تاني..
كان حديثها يُلامس وتيرة قلبه أحيانا، شئ داخله يُبرر له منطقها، فهو لم يعيش حياة الفقر يوماً.. دائما كان يحظى بكل شئ يُريده.. ،وهي بالفعل كانت صغيرة حينا تزوجت الاخر.
نفض عقله ،، فلو كان عقله من يتخذ دور الاقناع..، فقلبه يرفض ذلك، هو لم يعد يشعر بذلك الانبهار ولا ذلك التشابه بينها وبين زوجته الأولى كل شئ قد اختفى ولم يبقى أمامه إلا إنها أمرأة مخادعة خدعته
كانت” بسمة” تستمع لمحادثتهم بملامح حزينه،. تسب داخلها
” جسار” وقد شعرت بالندم لأنها هربت في سيارته، فهو   رجل سريع الغضب وعلى ما يبدو أن حديث “ملك” عنه كان مبالغ فيه وهي كالحمقاء كانت مبهورة بشخصيته.
لا تعلم متى وكيف انتهت المكالمة بينهم، ولكن كل ما تعلمه وتراه تلك اللحظة أن عينيه تُحدق بها بعدما حشر هاتفه دون قصد منه بين موضع التحكم بعحلة القيادة ومقعده..
التقط هاتفه واعتدل سريعا في وضعه حتي يتحكم في القيادة مجدداً، وقد ظن للحظات أن تلك العينين مجرد تهيأت بالنسبه إليه ولكن تجمدت عيناه في مرآة سيارته نحو الوجة الذي أصبح مألوف بعدما اتضحت الملامح له.
أوقف سيارته دفعة واحدة مما كاد أن يسبب لهم حادث، والتف خلفه ببطء وبملامح جامدة تساءل 
– أنتِ بتعملي إية في عربيتي
والإجابة كانت تخبره بها وهي تعدل من وضيعتها فلم يعد داعي لاختفاءها ثانية، فقد ضاقت أنفاسها ولم تعد تتحمل تلك الوضيعة التي تجلس بها في المقعد الخلفي من السيارة، فجسدها أصبح يآن من الوجع وببساطة هتفت 
– بهرب في عربيتك..
وحملقت نحو الخارج، ترى ظلمة الليل تحاوطهما 
– هو أحنا فاضل قد إيه ونوصل..؟
رمقها واجماً وسرعان ما تحول الوضع للسخرية وهو يتمتم 
– فاضل إيه.. ؟ أممم، هتعرفي دلوقتي
وفجأة كانت تخرج شهقتها وهي تراه يهبط من سيارته ويفتح الباب المجاور لها يجرها للخارج ويُلقي بها 
– لوحدك هتعرفي قد إيه..لما تجربي المشي على رجليكي وتستمتعي بصوت الكلاب حواليكِ
ونفض يديه وكأنه كان يُلقي القمامة من سيارته، طالعت “بسمة” المكان حولها وسرعان ما اردكت إنه بالفعل لا يمزح معها وبنبرة مُرتعشة تمتمت 
– أنت هتسيبني هنا
اتجه نحو سيارته دون أن يهتم بها 
– اكيد أومال ههزر معاكِ..، عشان تعرفي بعد كده تركبي عربيه راجل غريب من غير استأذن..، هو انا ناقص بلاوي تتحدف عليا
هرولت نحوه بعدما حاولت تلاشي صدمتها من تصرفه، فلم تكن تتوقع ردة فعله تلك، حديث “ملك” عنه هو ما شجعها لتهرب في سيارته ولكن على ما يبدو إنها لا تحصل على اي تعاطف خاصة من الرجال 
– جسار بيه، انت مش فاكرني..
واسرعت في تعريفه هويتها لعله نساها 
– أنا بسمة جارت ملك 
– قصدك كنتِ جارت ملك المؤقتة..
ودون أن يعبأ بها كان يُدير مفتاح سيارته.. ركضت خلفه راجية 
– الله يكرمك وصلني معاك.. متسبنيش هنا..وصلني بس ومش هتشوف وشي تاني.. أنا كنت عايزة اهرب من فتحي أخويا
وصرخت بعلو صوتها بعدما وجدت السيارة قد شقت طريقها دون نية صاحبها بالعودة 
– جسار بيه متسبنيش
صدحت الأصوات من حولها، لا تعلم أهي نباح كلاب أم عواء ذئاب، تشبث جسدها والتفت حول نفسها..، لتنتفض وهي ترى سيارة تمر من أمامها بسرعة قصوى 
سقطت دموعها وهي تتراجع للخلف، تنظر للفراغ والظلمة التي تُحيطها
– كنت فكراه راجل شهم، طول عمرك حظك وحش يا بسمة.. أنا إيه اللي عملته في نفسي ده.. ، ياريتني ما كنت هربت 
……………
استند بجسده نحو الجدار، ينظر نحوها ونحو صغيرته التي تُحاول قدر استطاعتها عدم غلق عينيها حتى تنتهي من تبديل ثوبها
– طنط ملك كانت حلوه اوي.. هو أنتِ مش هتبقى عروسه زيها يا فتون..
ابتعلت ” فتون” غصتها تنظر نحو الصغيرة دون جواب، فمن لا يحلم ألا يرتدي ثوب زفاف ولكن هي حياتها دوما كانت مختلفة عن الأخريات 
– وكده خلصنا كل حاجة.. وفاضل ننام يا برنسيس ديدا
ابتسمت الصغيرة وشبت فوق أطراف اصابعها تُقبلها.. اتسعت عينين ” فتون” وقد لمعت السعادة في عينيها.. فافعال الصغيرة تجعلها حقاً تشعر بوجودها في حياة أحداً
– بكرة تحكيلي حدوته يا فتون.. عشان برنسيس ديدا عايزه تحلم النهاردة بالاميرة والأمير
فلتت ضحكة خافتة من شفتي “سليم” وهو يتابع ويستمع لحديث صغيرته الذي يكبر سنوات عمرها.. التفتت “فتون” خلفها لتجده قد رحل بعدما كانت ترى خياله وهو يقف يُطالعهما 
اغلقت أنوار الغرفة وانحنت تدثر الصغيرة بأحكام فوق فراشها واقتربت منها تلثم جبينها تخبرها 
– احلام سعيدة يا برنسيس 
ابتسمت الصغيرة وهي تغلق جفنيها بقوة وتختضن دبها الصغير تنعم بدفئه ودفئ فراشها 
…………… 
تنهد “جسار” حانقاً بعدما أوقف سيارته جانب الطريق يمسح فوق خصلاته متنهداً.. ، نظر للخلف فقد تجاوز مسافه كبيره بعيدة عنها 
– هو انا ناقص بلاوي ومصايب..
دار سيارته عائداً إليها.. ليجدها مازالت واقفة مكانها تمسح عيناها بقوة.. تنهد وهو يطالعها، يصدر بوق سيارته لتنتبه على عودته 
تعلقت عينيها بالسيارة ودون أن تنتظر اي أشارة أخرى كانت تركض نحو السيارة تفتح بابها وتصعدها وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة 
– الحمدلله، الحمدلله.. كنت عارفه مش هتسيبني هنا.. ملك ديما بتقول عنك راجل شهم 
ارتفع كلا حاجبيه يرمقها للحظات فعلى ما يبدو أن علاقتها
” بملك” كانت متطورة للغاية ثم عاد ينطلق بسيارته 
– بعد ما نوصل اسكندريه، مش عايز أشوفك في طريقي من تاني.. أنا مش ناقص مصايب ده أنتي أخوكي سوابق ورد سجون 
أصاب حديثه جزء من قلبها.. فاطرقت عينيها تفرك يديها حزنا 
– متقلقش.. وصلني بس لمكان في ناس وأنا هعرف طريقي كويس 
…………..
انهت تفريش أسنانها تنظر لهيئتها نحو المرآة..فمسحت فوق جبهتها تتحسس تلك الحرارة المنبعثة منها.. ،كانت حرارة طبيعيه ولكن مع المشاعر التي تتخبط بها، تشعر وكأن الحرارة تنبعث من سائر جسدها 
زفرت أنفاسها تنهر قلبها وعقلها عن التفكير بكل ما يفعله معها ومن أجلها
– كل اللي بيعمله معاكِ ده يا فتون.؛ عشان هو عايز يمثل عليكِ.. مافيش راجل بيعامل مراته كده.. ، فاكرة لما كان بيعملك وأنتِ خدامة عنده كان بيعملك بلطف لحد ما خلاكي غصب عنك تحبيه..، وفي النهاية كان عايز يغتصبك وطردك من المزرعة في نص الليل وأنتِ مش ساترك غير هدومك المتقطعه وبتجري حافية
غادرت المرحاض ووقفت تُطالع عيناه التي تتفرسها.. ابتسم وهو يراها بذلك الثوب القصير.. وتراقص قلبه وهو يراها لم تعد تخجل منه، فنهض من فوق الفراش واقترب منها 
– أنتِ عايزة تموتيني يا فتون..، طب أنا كده مش هنام ولا هعرف أسافر بكرة
رفعت عينيها إليه تجيبه بالجواب الذي لا ينتظر سمعه بل ويمقته ولكنه اضطر مرغماً على مسايرتها فيه.. حتى تتجاوز مشاعرها المضطربة وتنسى تلك الفترة التي رسخت بعقلها 
– أنا بنفذ بنود..
وقبل أن تكمل باقية عبارتها، كان يبثها مشاعره القوية..، ينهل منها دون أن يشعر أنه أرتوي 
وبأنفاس مسلوبة هادرة كان يضمها إليه 
– والدك مرضاش يمسك المزرعة.. رغم إني اديته كل الصلاحيات.. تعرفي إن الحاج عبدالحميد شبهك يا فتون
طالعته بعدما استطاعت التحرر من أسر ذراعيه، فابتسم وهو يلثم جبينها 
– بتبصيلي كده ليه.. ، فعلا أنتِ شبهه.. تعرفي إنك اكتر واحده في اخواتك يمكن بيحبها بس هو مش عارف يتعامل مع تربيتكم..
ولكنه توقف عن حديثه وهو يراها تبتعد عنه.. تضم الغطاء نحو جسدها ودموعها تغرق خديها آلما
– لو كان بيحبني مكنش جوزني لحسن زمان ولا كان جوزني ليك… امي كانت ديما بعيده عني وعن اخواتي البنات.. لكن هو كان ديما يقولنا إنه بيحبنا وأن هو اللي اختار اسامينا بنفسه
شعر بالتأثر من حديثها بل وقد ألمه قلبه عليها فقد أثرت نشاءته عليه رغم توافر كل السبل لديه، رغم عناية جده “عظيم باشا” وحبه الكبير إليه حتى ” خديجة” عمته رغم لم يكن فرق السن بينهم كبير إلا إنها كانت تعتني به وتحبه ولكن
” فتون” زوجته الصغيرة لم تحظى إلا بالألم وقد كان له دورا في إذاقها له.
تركها تتحدث بكل شئ، حتى إنه حاول تمالك غضبه وهي تخبره عن قسوة العلاقة بينها وبين حسن..، حاول السيطرة على غضبه وهي تصف له بمنتهى الدقه ولم تشعر إلا وهو يجذبها إليه يُخبرها بصوت جامد
– كفايه يا فتون
تعلقت عيناها بعينيه التي أصبحت قاتمة وقد ظنت إنه سيمارس معها قسوته حتى يعاقبها على ذكر اسم رجل أخر ولكنه معها كان أبعد عن القسوة التي لو رأتها منه لكرهته بالفعل
ولكن هي شئ أخر بحياته
اندمجت أرواحهم وكلما كان يتذكر حديثها عن حسن وعلاقتهم الزوجيه كان يُحاول السيطرة على حاله.. يخبرها بهمس
– ثقي فيا يا فتون، ثقي فيا وحبيني
والحب رغما عنها كانت تتشربه في علاقتهما… وهل للحب طريقاً صعبًا
………
تقلبت فوق فراشها دون راحة ولأول مرة تشعر بتلك الاحاسيس التي تراودها في ذلك العمر…،
نهرت عقلها ولكن قلبها كان وكأنه يتوق لتلك المشاعر ولكن كيف يأتي بها الحال لتفكر برجلا يصغرها بخمسة عشر عاما
– أنتِ شكلك محتاجه اجازة الفترة ديه خديجة، شكل ضغط الشغل أثر على عقلك.. مجرد عيل بالنسبه ليكِ خلاكي تفكري في رسايله
والتقطت هاتفها تمسح رسائله.. فلما تتركها في هاتفها 
– لو موقفش عند حده هعرف اوقفه كويس، هو ميعرفش أنا مين… “خديجة النجار” مافيش راجل يهز فيها شعره ولا يملي عينيها
وها هي تقترب من خطوتها الأخيرة وإزالت رسائله، ولكن اصابعها قد توقفت وهي تجد رساله منه في ذلك الوقت الذي تجاوز منتصف الليل.
توقفت عيناها نحو الصوره المرفقه مع رسالته والتي يخبرها فيها بكل وقاحة إنه تخيلها معه وتمني رفقتها وأن في عدم حضرتها لم يعد للنساء معنى بحياته.
اغمضت عيناها بقوة تشعر بصدق كلماته، ودون شعور منها كانت تقبل مكالمته دون ادراك وتستمع إليه
– كنت فاكر إنك نمتي
– بحاول أنام وانت ازعجتني الصراحة
صدحت ضحكت ” أمير” عبر الهاتف وكم كانت ضحكته جميله رنانه كحال ملامحه
– جرحتي مشاعري يا خديجة هانم
ثواني كان الصمت يُغلفها، لكن هو كان بارع في كسر ذلك الصمت بينهم
– وجودي في إيطاليا قرب ينتهي، مش عارف هرجع ازاي مصر تاني من غير ما اشوفك..
– أمير بلاش تجاوز في كلامنا.. إحنا بنا شراكة وبس
فعادت ضحكاته تعلو وهي يستمع لعبارتها، يمسح فوق لحيته
– بلاش تجاوز طب لو قولتلك إن مبقتش احلم غير بيكي وفي أوضاع مش هتعجبك لو قولتلك عليها
اتسعت عيناها من شدة وقاحته، وقبل أن تُنهي المكالمه.. كان يُخبرها بتوق كم يتمني أن يكون الحلم حقيقة
اغلقت المكالمه بل الهاتف تماما تضع بيدها فوق قلبها غير مصدقه أنها سمحت له أن يصل به التجاوز معها إلى ذلك الحد
– وقح، أنا لازم اكلم كاظم يشوف حد بدل أخوه.. فاكر نفسه مين..، فاكرني زي اي ست بقع بكلمة حلوة
……….
“وكاظم النعماني ” في حد ذاته كان غارق في أفكارة وخاصة تلك النصيحة التي يخبره بها رفيقه وشريكة للتو أثناء سهرتهم 
– ما تتجوزها يا كاظم واه منها هتاخد الأرض وتبقى بتاعتك من غير شوشرة ومنها هتستمتع شوية وتعيشلك كام يوم حلوين، والبت بنت بنوت يعني انت اول راجل هتلمسها
وغمز له صديقه بوقاحة، ينتظر جوابه 
– أنا اتجوز ديه، أنت اكيد اتجننت يا جلال
– لو فكرت فيها بهدوء هتسمع كلامي، اولا أنت مش ناقص شوشرة الفترة ديه لا اقتصادياً ولا سياسياً.. فالحل إنك تتجوزها
طالعه ” كاظم” ماقتاً إقتراحه الذي لم يعجبه ولم يدخل عقله بتاتاً
– بقى على اخر الزمن هعرض على واحده زي ديه الجواز، وتفتكر نفسها ست وتفضل تتشرط وتتنطط 
– نصيبها في الأرض يا كاظم يجبرك انك تعمل ده
نهض كاظم من مقعده حانقا 
– ملهاش حاجة عندي، ولو عشان سليم واقف معاها.. متلزمنيش الشراكة بينا
أسرع صديقه في التقاط ذراعه متمتما 
– اسمعني كويس يا صاحبي،. احنا محتاجين شراكة ابن النجار.. وكمان فكر فيها ليه دلوقتي عايزه حقها منكم.. اشمعنا في الوقت ده
تذكر حديثها مستنكراً
– افتكرت حقها عشان الهانم بتشتغل عند سليم النجار، شايفه طبعا احنا فين والعز اللي بقينا فيه.. فطبعا طمعانه.. ده شغل طمع.. 
– يبقى تسمع نصيحتي وتتجوزها وتعلمها ازاي تقف قدام”
كاظم النعماني” وتشوف ازاي طمعها وصلها إيه..
لم يقتنع “كاظم” بحديث صديقه مهما حاول اقناعه ، فحك “جلال” رأسه يُكمل رسم الدور لصديقه 
– بنت عايشه لوحدها، وتقريبا قربت على التلاتين سنه… اول ما هترمي الطعم ليها صدقني هتقولك انا بين ايديك.. ومع كام يوم حلوين تعيشهم معاك هتتنازل ليك عن نصيبها بخط ايديها وهوب مع السلامه
وابتسم جلال بخبث وهو يتمنى قبول صديقه لخطته حتى يستمتعوا 
– أنت قولتلي اسمها إيه صحيح
طالعه ” كاظم” بنظرة جامدة يرفع الباقي من فنجان قهوته التي بردت ويرتشفه دفعة واحدة 
– جنات 
……
انفتحت بوابة المزرعة الضخمه، لتشق السيارة طريقها نحو المكان الذي جمعهم يوما وقلوبهم كانت تتوق للاعتراف بحبهم وقد كانت شرارات تبلغ العنان.
طالعت المكان حولها.. ، فلم يتغير شئ كثير بالمزرعة إلا بعض الترميمات والطلاءات التي أحدثها ” سليم”
انعش الجو وجهها كحال جسدها وقلبها وسرعان ما كنت السيارة تتوقف وينظر نحوها بلهفة وشوق
– اخيرا يا ملك
التقط كفها يلثمه.. فارتجف قلبها قليلا ولكنها أسرعت في إخفاء مشاعرها.. فما زالت مشاعرها بتول لم تقطف ورغم إنها نضجت واصبحت في الثامنه والعشرون وتزوجت من قبل “جسار”، زواج جمعه التفاهم والمساندة ولكن “جسار” لم يمسها يوما بطريقه تجعلها تشعر كما تشعر كلما لمسها “رسلان”
ترجل من سيارته اولا واقترب من بابها يفتح لها الباب مُنحنيا قليلا حتى يفرد لها فستانها ويُعاونها على الخروج 
– أنا هعرف أنزل لوحدي يا رسلان
طالعها باصرار وهو يراها تتحاشاه وقد ظن ذلك خجلا منها وليس نفوراً منه و مقاومه لمشاعرها نحوه
– ملك النهاردة مافيش حاجة لاا، النهاردة هنعمل كل حاجة حلمنا بيها
طالعت إصراره وتركته يفعل ما يُريده..ضمها إليه يخبرها بصدق
– متعرفيش اد إيه أنا اسعد راجل النهاردة.. ، بحبك يا ملك فوق ما تتصوري..، وهعوضك يا حببتي على كل لحظة وجع وجعتها ليكِ
ورغم السعادة والألم ومشاعرها المتناقضه نحوه.. إلا إنها أصرت أن تستمر في منحه تلك الجرعة المؤقته… ستجعله يفقد صوابه.. ستنال حقها منه وحق غيرها إذا صدقت بالفعل “جيهان” بحديثها عنه، ورغم رفض عقلها حديث جيهان إلا أن عقلها كان يُريد التصديق حتى تكون العقوبة دون الشعور بالذنب
” إنها لعنة الحب..، وإما يرفعك الحب عاليا أو يهزمك بمشقاته .. وهكذا كانت تتوج حكايتهم”
توقف قليلا بعدما دلف بها للداخل، ليمنحها بعض الوقت حتى تنظر نحو بتلات الورد المفروشة والشموع المرتصة على الجانبين ثم الدرج إلى حيث غرفتهما المعدة ..، ابتسم وهو يري ذهولها نحو صنيعه الذي على مايبدو أنه أعجبها 
– عجبك
أرادت البكاء وهو يسألها.. فمهما حاولت أن تجعل قلبها قاسيا إلا إنه يجعلها تعيش كل شئ حلمت به.. وسؤال واحد كانت تسأله لحالها..، لما يفعل كل هذا، رغم أن كل منهما تزوج من قبل ؟
صعد بها نحو غرفتهما، فطالعت الغرفة الفسيحة وذلك القلب الكبير المرسوم بالورود الحمراء وموضوع داخله صورتهما،.. 
والصوره كانت قديمه، صوره جمعتهما في تلك الرحله التي ذهبت فيها معه هو وميادة ذات يوم وقد اقلبت عليها ناهد سعادتها  واتهمتها في سلوكها وهي وقفت تبرر لما كانت تظنها والدتها. 
وتلك المرة لم تستطع محاربة دموعها، فحررتها لتنساب فوق خديها 
– حببتي أنتِ بتعيطي، ملك ديه اسعد ذكرى لينا يوم ما اخدنا الصوره ديه
اسرع في وضعها على الأرض وهو يهتف عبارته، ثم مدَّ انامله إليها يمسح عنها دموعها 
– يومها ناهد هانم اتهمتني في شرفي، كنت فاكره ده خوف.. لكن بعدها فهمت إن عمرها ما خافت عليا
ضمها إليه بقوة يتمنى أن يمحي الماضي من حياتهم 
– انسى يا ملك، انسى عشان نعرف نعيش 
– مش قادرة انسى يا رسلان
ابتعدت عنه تخبره بالحقيقة، فكيف ستنسي أنه تزوج شقيقتها وانجب منها.، كيف ستني ما فعله بها والده حينما طلب منها عدم الظهور بحياتهم حتى يستطيع أبنه نسيانها..، وكيف ستنسي موافقتها على زواجها من جسار حتى يكون لها مكان تعيش فيه بعيدا عنهم..، وكيف ستنسي ذلك اليوم الذي شاهدت فيه صوره لمها وبطنها منتفخة بالصغيرين وهو يقف جوارها.
مشاهد عدة كانت تعيش داخلها، لو ظن إنها لم تكن تتابعه وتتابع اخباره سيكون مغفلا.. هي بالفعل لم تترك معلومه إلا وعرفتها عنه حتى جاء اليوم الذي اوصلت إليها ناهد رسالتها
” أن تعيش بعيدا عنهم ولا تدمر حياة شقيقتها إذا كانت تحبها”
لم تشعر بتلك القبلات التي اخذ يلتقط بها دموعها ولا بيديه التي تتحرك فوق فستانها…، لم تكن تشعر إلا بالخواء والألم 
ولكن تلك القبلة المتعطشة المتلهفة التي اطبق بها فوق شفتيها، جعلتها تدرك ما تعيشه وستعيشه إذا أعطته الفرصه وتركته يستمر بالمزيد 
حاولت دفعه ولكنه كان بالفعل كالعطش يُريد الأرتواء..وبصعوبة سمح لها بالابتعاد عنه يلهث أنفاسه ويضع جبينه فوق جبينها
– بحبك يا ملك 
………… 
وضعت السيدة ” كاميليا” مرطبها الليلي فوق جلد بشرتها ، طالعها ” عزالدين” المتكأ على الوسادة خلفه
– تعرفي يا كاميليا، النهاردة حسيت اوي بالندم لما شوفت سعادة رسلان، ليه وقفنا في طريق سعادته من البدايه
تنهدت ” كاميليا” بارهاق واقتربت منه تتوسد صدره 
– رسلان مش هيسامحني تاني يا عزالدين، ابني بقى يكرهني
سقطت دموعها، فاسرع في مسحها
– أنتِ نقطة ضعف رسلان يا كاميليا، مبيقدرش على زعلك.. ده أنا من شدة تعلقه بيكي وهو صغير..، كنت مسمى ابن امه
ضحكت وسط دموعها وهي تتذكر تعلق رسلان الشديد بها وهو صغير 
– فاكر يا عزالدين مكنتش بيرضي ينام غير وسطنا وفي حضني. وانت ديما كنت تقوله ولد مش كبرت خلاص على الكلام ده
عابثها  “عزالدين” بحديثه وهو يعانق عينيها بعينيه 
– كنت بغير منه، مكنتش بعرف استفرد بيكِ
تعالت ضحكاتهم وقد أخذهم الحديث لأيامهم مع صغارهم 
– الحفله كانت جمليه، رغم إني في البدايه قولت هنتفضح، بس اهل الحارة كانوا بيحبوا ابنك وملك
هتف “عزالدين” فتنهدت ” كاميليا” براحه وهي تتذكر خوفها بالبداية ولكن العرس قد مر بسلام رغم إستياء البعض من معارفهم 
– بس صحابي في النادي والجمعية هيستلموني تريقة
ضحك ملئ شدقيه وهو ينظر لامتقاع وجه زوجته رغم قناعتها بأن الامر مر بسلام 
– انتوا الستات مش عارف ليه ديما بتبصوا للموضوع بطريقه تانيه
– يا سلام يا سيادة الوزير، يعني ده مش هيأثر عليك وعلى سمعه ابنك السفير
عادت ضحكاته تتعالا وهو يراها كيف ابتعدت عنه وحدقت به ماقته حديثه 
– إحنا مختلفين عنكم يا روحي.، حتى لو الوضع مش عجبنا مش بنتكلم كتير..، غير إن شغلنا ونجاحنا وبساطتنا مع الناس كلها دون فروق وطبقيه هو اللي بيميزنا..
وقبل أن تفتح فمها بحديث اخر، كان يلتقط ذراعها يقربها منه بعدما اغمض عينيه 
– يلا كفايه رغي يا ام العريس ونامي 
…….. 
الساعه الثانية صباحاً.. وفي أحد شوارع الإسكندرية.. كانت سيارته تصطف امام احد الفنادق البسيطة كما طلبت منه، 
طالعها بنظرات فاحصة ثم نظر نحو المكان الذي توقف فيه، انتظر اي ردة فعل منها ولكنها كانت شاردة فيما هي مقبلة عليه
– وصلنا
انتبهت على صوته فالتفت إليه متسائله
– ها،.. بتقول إيه
تنهد بارهاق وهو يرمقها 
– بقول وصلنا الفندق
طالعت المكان أمامها ثم عادت تنظر إليه، فعن اي فندق قد تحدثت هي لا تملك إلا خمسه وسبعون جنيهاً في حقيبتها، تمنت لو لم تأخذها عزة النفس واخبرته أن يوصلها لاحد الفنادق البسيطة وليست تلك التي يتوجهون إليها،
قطبت حاجبيها ونظرت نحو حقيبتها الصغيره التي تعلقها على كتفها 
– اه حاضر هنزل
رمقها بنظرة اكثر تدقيقً مفسرا الأمر كما فهمه، اخرج جزدانه ليلتقط بضعه ورقيات منها ومَّدها نحوها 
– خدي الفلوس ديه.. اكيد هتحتاجيها
طالعت المال الذي يمده لها وابتعلت غصتها .. ، تمنت أن يساعدها إكراما لملك ولكن الرجل لا يُريد أن يتورط فيها ولا في اي شئ هو في غنى عنه خاصه وهي هاربه من شقيقها 
– لا شكرا أنا معايا فلوس
أسرعت في فتح باب السيارة قبل أن تخونها دموعها.. وفور أن لسعتها برودة الهواء ورأت هدوء المكان عادت تنظر إليه راجية 
ولكن نظرته الجامده نحو الفراغ الذي أمامه ورسالته الواضحه لها، أنه ينتظر الانتهاء من صحبتها..جعلها تتراجع وتترجل من سيارته في صمت. 
طالعته للمرة الأخيرة ولوهلة ظنت أنها ضاعت في مصير اسوء مما تخيلته.. جرت قدماها بصعوبة من أمام سيارته ولكن سرعان ما حسمت أمرها، تخبر حالها لا بأس من الذل قليلا حتى تحصل على مأوى..،ولكن صوته الحازم كان يسقط على مسمعها وهو يطالعها بنظرة طويلة
–  اركبي يا بسمة قبل ما اغير رأي واسيبك وامشي
يتبع..
لقراءة الفصل السادس والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى