Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

وصل جلال مقر المخزن المحترق متظاهراً بالأسف فقال له مصطفى برجاء: ياريت يا جلال بيه تعرف لنا مين اللي عمل فينا كده.
تنهد جلال وهو يتفحص المكان بأعين خبير قائلاً له بجدية: إن شاء الله هحاول أعرف مين اللي عمل إكده، بس أظن مادام المكان بالشكل ده يبجى ده نتيجة ماس كهربائي.
اتسعت عينيّ مصطفى متطلعاً إلى جلال قائلاً له بصدمة: يعني إيه…. مش ممكن…. يكون حد معين عملها.
تلفت بالمكان جيداً قائلاً بغموض: لاه وهيعملها ليـه أصلاً وانت ملكش أي أعداء… زفر مصطفى بضيق قائلاً له بتوتر: لأ طبعاً مليش أعداء.
مط جلال شفتيه قائلاً له باللامبالاة: يبجى مادام الأمر إكده يبجى زي ما آني ما جلت ماس كهربائي، وده أكيد هيوضح من التحقيقات اللي هتم.
انهارت أعصاب مصطفى وهو يتطلع إلى رضوان الذي شحب وجهه بقوة من آثار كلمات جلال ، وشعر الأثنان أنه على حق، فهو خبير بمثل هذه الأشياء جيداً.
أتت الشرطة وتوالت التحقيقات بسرعة، واتضح في اليوم التالي أن نتيجة العينات التي أخذتها الشرطة أنه بالفعل الحريق حدث نتيجة ماس كهربائي قد دمر الماكن بالكامل، ودمر كل البضاعة المعبأة بداخله .
ما أن انطلقت الرصاصة حتى شهقت ولاء من الفزع ، فصرخ الضابط بها وجذبها بلهفة وسقطا سوياً على الأرض بخفة.
فأتت الرصاصة بلوحةً فنية وراءها  معلقة على الحائط فتهشم زجاجها بصوتٍ مدوي، فتوالت صرخات ولاء بنبرةٍ هيستريا.
من أثر الصوت…. اتسعت عينيّ يحيى غاضباً…. منزعجاً مما حدث.
فجذب عادل من رقبته وانقض عليه ضرباً، حتى صرخ الضابط قائلاً : كفاية يا دكتور يحيى يموت في إيدك، وهوه ميستهلش.
تركه يحيى قائلاً بانفعال : ده جزاة اللي يجرب من بناتنا… عرضنا وشرفنا يا مجرم يا واطي، ناكله باسنانه ونرميه لكلاب السكك تجوم بالواجب.
لم يستطع الرد من قسوة ما يعانيه من آلام مبرحة، في جسده وفي يده التي مازالت تنزف دماً.
تم القبض عليه وأخذ يحيى هاتفه بقوة وهو يتحرك ببطء من كثرة تعبه ولم يستطع أن يعترض، لكن صلاح قد ملأ الخوف قلبه وحاول نفي أي تهمة عنه لكن باءت كل محاولاته بالفشل.
انزوت ولاء في ركن بعيد في المنزل، تبكي بهيستريا كبيرة، قائلة ببكاء: آني السبب…. أني السبب في كل ده.
أغمضت عينيها بقوة وخوف وصوت نحيبها يعلو ويعلو فاقترب منها يحيي لا يعرف ، ماذا عليه أن يقول لها.
تنهد بضيق قائلاً لها : خلاص يا ولاء إهدي محصلش حاجه…. واطمني….
تطلعت إليه بأعين دامعة قائلة له بندم: أني اللي جبته لنفسي…. آني السبب.
زفر بقوة قائلاً لها: طب يالا بينا لازم الشرطة تاخد أجوالنا آني وانتي.
صدمت قائلة بذهول خائف: هوه آني لازم أروح…. وياهم.
أومأ برأسه قائلاً لها : أيوة لازم ومتخافيش آني كمان هروح وياكي.
ذهبت بالفعل معه وهي تشعر بالقلق والخوف الكبير داخل قلبها .
جاء يوم الخميس الذي حدده ياسين للخطوبة من نوال…. كان في حجرة منزله يرتدي ثياباً أنيقة للاحتفال بها…. صفف شعره جيداً أمام المرآة.
استمع إلى صوت طرقات هادئة على الباب…. فكانت مها شقيقته قد أخرجت له بعض الأطعمة.
ليتناولها فهو لم يتناول الطعام برفقتهم منذ أيام بسبب غضب والدته وعدم مخاطبتها له هذه الأيام.
فتح لها الباب مبتسماً، فقالت له: الأكل علشانك يا أبيه…. تنهد قائلاً لها : طب حطيه على السفرة دلوقتي.
ابتسمت له قائلة : شكلك وسيم أوي يا أبيه النهاردة، تأملها قائلاً بهدوء رزين: ده انتي اللي عينيكي حلوين وشايفاني كده.
هزت رأسها بالرفض قائلة له باعتراض: لا يا أبيه ده بجد وشكلك أحسن من الخطوبة التانية كمان.
زفر بضيق قائلاً لها بجمود: يمكن يا مها يمكن… يالا روحي انتي انزلي تحت وساعدي ماما لغاية ما أنزل.
نزلت مسرعة بالفعل مثلما أمرها، أما هو فتناول القليل من الطعام قبل أن يبرد، ثم استكمل ارتداء ثيابه.
نزل ياسين بالأسفل فوجد والده وبعض من الجيران القلائل لهم وبعض أصحاب والده وصديقات مها شقيقته أيضاً.
قامت بعض البنات بالزغاريد عند رؤيته، فابتسم بجدية ووقعت عيناه على والدته التي اضطرت إلى الجلوس والاهتمام ببعض الضيوف من جيرانها.
ناداها ليأخذها على جنبٍ ويحدثها قائلاً لها بود: ماما من فضلك ممكن بقى تتكلمي معايا زي الأول، حدقت به قائلة بجمود: عايز إيه يا ياسين فهمني انت مش نفذت كل اللي في دماغك.
زفر بضيق قائلاً لها بهدوء ظاهري: ماما أرجوكي مش وقته الكلام ده دلوقتي خالص، أنا كل اللي انا عايزة منك انك تكلميني، أنا وحشني القعاد والكلام معاكي زي زمان.
تطلعت إليه بغضب قائلة له بحدة: مش انت السبب ولا أنا في كل ده، فقال لها برجاء: ماما أرجوكي خلاص الموضوع بقى أمر واقع وكمان ده اللي كنت عايزاه من البداية.
كادت أن تصرخ به لولا وجود بعض ضيوفها الذين جاءوا لتهنئتها فتركته دون أن تعيره أدنى اهتمام.
زفر ياسين بضيق ثم تطلع إلى غرفته الموجودة بها نوال، اقترب منها وفتحها بالمفتاح فها هو يغلق عليها بالمفتاح إلى الآن حتى لا تهرب منه من جديد.
كانت نوال بالداخل لم ترتدي ثيابها بعد، جالسة على الفراش تبكي بكاءً حاراً، من شدة ما تعانيه.
مسحت دموعها سريعاً عندما فوجئت به، يفتح عليها الباب، اتسعت عينيه بقوة غاضبة قائلاً لها بعصبية: انتي لسه ملبستيش لدلوقتي ليه ها…!!!
امتقع وجهها بشدة قائلة بصوتٍ مرتجف: مش هلبس وقلتلك كده امبارح، اقترب منها بخطوة واسعة وأمسكها من معصمها قائلاً لها بصرامة: أنا مش قلتلك امبارح بلاش الكلام ده معايا تاني.
تطلعت إليه بأعين دامعة قائلة له: هوه الجواز بالعافية…..قاطعها قائلاً بعنف : أيوة هتتجوزيني بالعافية ويالا البسي بسرعة، علشان حجزتلك في الكوافير امبارح واتفقت معاهم انهم ميأخروكيش عندهم لان فيه ناس منتظراكي برة.
اضطرت أن تستمع إلى كلماته ولاحظت أنه لم يغادر الغرفة، فقالت له بتوتر: وهلبس ازاي وانت واقف كده.
زفر بغضب قائلاً لها بتحذير: حاضر يا آنسه نوال هستناكي بره واخلصي بسرعة لأن لو اتأخرتي عليه شكلي كده هضطر أدخل واقعد هنا لغاية ما تلبسي.
هرب الدم من وجنتيها قائلة بنبرة مهزوزة : حاضر هلبس على طول، خرج متذمراً شاعراً بالغضب منها.
ابتسمت بحزن لنفسها بالمرآة عندما انتهت من ارتدائها الثياب ووضعت حجابها على شعرها ببطء وعينيها تذرف الكثير من الدموع الغزيرة دون انقطاع.
استمعت إلى صوت طرقاته العالية، وفتح بعدها الباب، تجمدت في مكانها عندما تلاقت عيناها بعينيه في المرآه.
حتى أنها لم تنتبه إلى انها لم تمسح دموعها كالعادة… عند وجوده المباغت، بل انهمرت دمعتين ساخنتين ببطء، على وجنتيها.
اقترب منها بخطوتين واسعتين وأدارها نحوه بضيق قائلاً لها باعتراض: ممكن أعرف ليه الدموع دي دلوقتي…!!!
مسحتها بسرعة، وأطرقت برأسها بحزن قائلة له بقلب موجوع: أنا خلاص جاهزة يا ياسين.
تأملها بمزيد من المشاعر المختلطة قائلاً بجمود: طب يالا بينا، انصرفت معه دون أن تصافح أحداً من الضيوف.
وعند اقترابها من الباب وبصحبتها ياسين وشقيقته مها، استمعت إلى إحدى السيدات تقول لجارتها بتساؤل: أنا خلاص مبقتش فاهمة حاجه ازاي هيخطب نوال وازاي خاطب واحدة تانية من فترة.
حدقت به بلوم فشعر ياسين بالغضب وكاد أن يرد على السيدة لولا أنه رأى والدته تحدق به بصرامة غاضبة.
همست لنفسها بحزن: ده جزاتي أنا، علشان مهربتش منه واختفيت عن عينيه.
رفضت الجلوس بجواره في عربته، كالعادة وجلست بصحبة شقيقته بالخلف ، فرمقها بغضب دون أن يجبرها على الجلوس بجواره.
طوال الطريق لم يتحدث أحداً منهم، إلى أن وصل إلى صالون التجميل، أوصلهم للداخل وجلس بسيارته بانتظارهم.
طال انتظاره في عربته ورغم ذلك لم يمل، اتصلت به شقيقته من الداخل لتبلغه انهما انتهوا ، فهبط بسرعة ودخل إليهم بسرعة.
ما أن وقعت عينيه عليها حتى تسّمر في مكانه دون حراك، فقالت له مها بتردد: ها… إيه رأيك يا أبيه، لم ينتبه لسؤالها من كثرة تأمله لها…. مما أربك نوال وتوردت وجنتيها، وتمنت لو أنه كان قد وافق من البداية على زواجه منها… لكانت فرحت وسعدت بذلك أكثر مما هي عليه الآن…. لكن لم يكن شعورها الآن لا يوصف إلا بالتعاسة فقط.
انتبه ياسين لنفسه فقال لها بصوت متحشرج: يالا بينا، تحركت من مكانها كأنها مقبلة على حبل المشنقة…. تجر في قدميها جراً بخطى متعثرة بطيئة، وكادت أن تسقط لولا أنه أحاط خصرها بذراعه ليسندها إليه، وهو يخرجها من صالون التجميل.
انتفض قلبها بعنف، وهي تلامسه بهذه الطريقة، تركها تركب بالخلف مثل المرة السابقة، دون أن يتحدث إليها فهو يكتم مشاعر كثيرة بداخله لا يريد أن يظهرها.
وصل بها إلى المنزل وعندما أوقف سيارته أشار لشقيقته أن تسبقه للأعلى… جعلها ياسين تتأبط ذراعه بالرغم منها.
رمقته بندم فها قد فات أوان هروبها منه، لهذا شعرت بأنها ملكه الآن ولن تستطيع أن تفر منه ومن نظراته لها.
الغريب أنه لم يتحدث إليها ولا كلمة إلى أن استقبلته والدته فارتمت نوال على صدرها بحزن وألم، جعلت والدته تربت على ظهرها قائلة بخفوت: سامحيني يا بنتي…. مقدرتش أساعدك.
اتسعت عيني ياسين بصدمة من عبارة والدته وجذب نوال من على صدرها بسرعة ولكن برفق….. كأنه يمنعها عن البكاء قائلاً بجمود: مش تباركيلها أحسن يا ماما.
تطلعت إليه بضيق ثم تأملتها قائلة بحيرة: ربنا يسعدك يا بنتي…. اصبري وكل …. قاطعها ياسين بلطف ظاهري: ماما أرجوكي الناس بتبص علينا كفاية كده.
تركتهم هما الأثنان بالرغم منها وهي تقول له بنفاذ صبر: ماشي يا ياسين عن إذنك أشوف ضيوفي.
عاد جلال في المساء من عمله فوجد والده جالس برفقة شقيقته ووالدته الحاجة فاطمة، مما جعله يجلس برفقتهم عندما أشار له والده قائلاً له : مالك إكده يا عمدة…. شكلك مش عجبني، تنهد وهو يجلس بجوار والدته.
قائلاً له بهدوء ظاهري: أبداً يا ابوي مفيش حاجه…. قطب والده حاجبيه قائلاً له : لاه فيه يا جناب العمدة… تدخلت والدته قائلة له : ما تسيبه يا براحته يا حاج.
هز رأسه باستسلام قائلاً لها : هجول إيه بعد حديتك يا حاجه… حاضر خلي سعاد تحضر العشا.
فقال له جلال بسرعة : منيش جعان يا ابوي…. فقال له بلهجة صارمة : لاه هتتعشى ويانا ثم التفت إلى ابنته نور مردفاً: روحي اندهي لمرت العمدة خليها تيجي تتعشى ويانا.
تطلعت إليه قائلة له باحترام: حاضر يا ابوي…. شعر جلال بأنه يريد الاعتراض لكنه لم يرضى اغضاب والده من وجهه الصارم الآن، فنهض من مكانه، قائلاً له: طب عجبال الوكل ما يجهز إهنه اروح أغير خلجاتي وآجي.
فقال له والده : ماشي بس ما تتأخرش علينا عاد، انصرف جلال مسرعاً بقوله لنفسه: يارب يعدى العشا على خير ومصيبتي ما تتحددش واصل أصل آني خابرها زين.
فتحت له نور باب المنزل قائلة: مهجة بتغير خلجاتها جوه وكنت مستنياها…. لكن طالما انت جيت خلاص هنزل آني بجى وابجى انزلوا سوا.
هز رأسه موافقاً قائلاً لها بهدوء: مش هنتأخر، انصرفت من أمامه…. وأغلقت خلفها الباب، ثم دلف هو إليها فوجدها تقوم بتبديل ثيابها.
تفاجأت به مهجة يدخل عليها واقفاً أمامها، فارتجفت اطرافها، واضطربت أمامه وهو يقترب منها محدقاً بها، فتورد وجهها من الخجل وأسرعت تركض إلى المرحاض كمن رأت عفريتاً أمامها، لتستكمل ارتداء ثيابها، فناداها قائلاً لها بضيق: بتجري إكده ليــه…. ورايحة على فين يا مجنونة انتي، تلعثمت قائلة له بتوتر: هكمل لبس خلجاتي جوه يابيه.
اقترب منها بخطوة واسعة قائلاً بسخرية غاضبة: لاه إلبسي اهنه…. انتي مش بتزني على نافوخي طوالي وتجولي انك مرتي…. خلاص يا مرتي إلبسي اهنه.
تجمدت مهجة مكانها من ما سمعته منه للتو قائلة له بتوتر: بس….. بس آني بتكسف منيك يا بيه مجدرش، ابتسم بمكر وهو يمسك بخصلات شعرها قائلاً بعبث: بس مش دايماً بتتكسفي مني … مش إكده بردك.
شحب وجهها عندما بدأت تفهم مغزى كلماته من تفحصه لها بهذا الشكل قائلة بقلق: طب … غمض عينيك يا بيه…. وآني ألبس، أحاطها من خصرها بغتة قائلاً لها بخفوت متعمد: إسمعي حديتي زين يا مهجة ولا تحبي ألبسك بيدي أحسن…. يمكن متتكسفيش إكده.
نبض قلبها بعنف قائلة بتلقائية خافتة: يا عيب الشوم يا بيه… لاه هلبس خلجاتي بيدي آني…. وبسرعة كمان…. ابتسم جلال بمكر وهو يتركها تستكمل ثيابها.
لاحظ عليها ارتعاش يدها وهي ترتدي ثيابها…. كاد يضحك منها متهكماً…. لكنه راقبها بصمتٍ مطبق.
أما مهجة فرمقته بتوجس قائلة لنفسها: اثبتي كده…. هوه كان حصل إيه يعني…. ما يقف ولا يهمك.
انتهت أخيراً وكان هو الآخر قد انتهى من تبديل ثيابه، مما جعلها تشعر بالضياع من تجاهله لها بهذا الشكل.
جلس الجميع بالأسفل يتناولون طعام العشاء، وكل منهما كأنه غريب عن الآخر فلاحظ والده أن في الأمر شيئاً ما، فتساءل قائلاً لجلال : يعني من ساعة ما جعدت تاكل يا ولدي ومتحدتش ولا كلمة.
تأمل مهجة التي تأكل باضطراب ولكنها تتجاهله هي الأخرى قائلاً بهدوء ظاهري: أبداً يا ابوي…. آني بس كان فكري مشغول حبتين، تنهد والده قائلاً له: طب بعد ما تنتهي من وكلك….. آني عايزك في كلمتين إكده.
أومأ برأسه قائلاً له: حاضر يا ابوي…. يالا بينا آني خلصت وكل، هز رأسه قائلاً له: كمل وكل الأول…. رفض جلال قائلاً له: لاه يا ابوي آني خلاص كلت وشبعت الحمد لله.
جلسوا الأثنان معاً في غرفة المعيشة، يحتسيان الشاي، بادره والده قائلاً له بهدوء حذر: آني ملاحظ إكده…. إنك متغير اليومين دول إنت وأخوك يحيي، مش إكده يا عمدة.
اضطرب جلال للحظة وتوقف عن احتساء رشفة الشاي قائلاً له : لاه يا ابوي… آني زي ما آني جلال ولدك…. واللي عمري ما هتغير عليك واصل.
تنهد والده قائلاً له بشرود: بس مش باين عليك إكده…. ضبط جلال أصابه قائلاً لها بجدية: ليه يا أبوي بتجول إكده.
رمقه قائلاً : لأن خابرك زين وعارف كيف بتفكر ، صحيح آني جلبي دايماً مطمن عليك من تصرفاتك، بس بردك ما يلزمش اني أسألك فيك إيـــه لما أحس انك متغير.
تهرب منه قائلاً له بتردد: طمن جلبك يا ابوي…. آني بخيرفقال له بتساؤل: طب ويحيي اللي لساته مرجعش لدلوك أعمل وياه ايه… وكمان حاسس انه مخبي حاجات كتير جوي عني، وآني ساكت بمزاجي.
اقترب جلال من والده وأمسك بيده قائلاً له : يحيي بخير يا ابوي وانت خابر زين ظروف شغله…. طمن جلبك عليه، وحتى لو مخبي حاجه عليك آني مش هسيبه واصل، ده أخوي الصغير واللي عمري ما هتخلى عنيه.
مط اسماعيل شفتيه قائلاً له بهدوء: آني مطمن جلبي يا عمدة طالما إنت إهنه وويانا.
ابتسم جلال له وقبّل يده قائلاً له: ربنا يباركلنا فيك يا ابوي…. ربت والده بيده الأخرى على ظهره قائلاً له: وجادر يحفظك لينا يا ولدي ويرزجك بولد مليح زييك إكده يا ولدي ويكون زينة الرجال زي أبوه العمدة.
امتقع وجه جلال عند النقطة الأخيرة…. محاولاً أن يتهرب من الموضوع قائلاً بلطف ظاهري: جريب يا ابوي ان شاء الله… عن إذنك دلوك هطلع فوج أنام علشان عندي شغل كتير جوي جوي الصبح.
أومأ برأسه قائلاً له: إذنك وياك يا ولدي تصبح على خير…. ابتسم له قائلاً بهدوء ظاهري: وانت من أهل الخير يا ابوي.
تلفتت مهجة على زوجها فلم تجده فقالت لها نور: شكلك إكده بدوري على العمدة…. ابتسمت بخجل قائلة : أصل مبجتش شايفاه من بعد ما جام من على الوكل.
ضحكت نور قائلة لها : شكل كبيرنا إكده أكل ونعس كتير وسبجك على فوج.
توتر مهجة قائلة لنفسها: أول مرة تحصل … إنه يطلع من غيري كده…. ثم تفحصت نور قائلة بشرود : طب آني طالعه دلوك علشان أنام آني كمان.
فتدخلت والدته قائلة: ما تجعدي ويانا حبتين لسه الوجت بدري، أسرعت مهجة تقول: لاه  آني اتنعست كتير جوي يا اماي.
تنهدت والدته قائلة بهدوء: خلاص يا بتي روحي نامي براحتك وابجي انزلي بكرة بعد ما يمشي على شغله وابجي اجعدي ويانا، بدل ما تزهجي وانتي لوحديكي فوج.
أومأت برأسها بالموافقة وتركتهم مسرعة إلى منزلها…. كان جلال في غرفة مكتبة، واقفاً ينظر من النافذة إلى الساعة المحيطة بالمنزل…. قائلاً لنفسه: أول مرة تحصل وتبجى حيران إكده وتتهرب من كل اللي حواليك يا جلال…. ومش خابر لميته هفضل إكده…. وحاسس كإني متهم بجريمة كبيرة والكل بيستجوبني.
أغمض عينيه بضيق غاضب وأيقظه من شروده صوت هاتفه قائلاً : ها طمني يا شريف بسرعة عملت إيـــه.
ابتسم شريف قائلاً له: متقلقش كله تحت السيطرة أخوك والبنت في الطريق بعد ما أخدنا أقوالهم بكل اللي حصل في الشقة.
تنهد جلال قائلاً له : طب الحمد لله…. واللي اسمه عادل ده عملت وياه إيــه، فقال له شريف باهتمام: عملت اللازم معاه واتعمله محضر تابع لجرايم الآداب… ووصيت الظابط ووكيل النيابة عليه كويس أوي.
ابتسم جلال بثقة… قائلاً له : تمام إكده…. وأكيد الخبر هيوصل لمصطفى محرم… ضحك شريف قائلاً له : فعلاً وصل واتصل عليه قفل تليفونه منه.
رفع جلال أحد حاجبيه قائلاً بتشفي: إكده بجى اللعب إحلو وفضلنا آخر مطش وياه.
فقال له شريف ضاحكاً: فعلاً وهيكون أحلى مطش وربنا يستر ويعديها على خير يا جلال.
دخلت مهجة لغرفتها فلم تجده…. فقالت لنفسها: شكله كده ممكن يبقى في مكتبه، غادرت الغرفة… لكنها توقفت خارج الباب…. متذكرة تجاهله لها… فقررت أن تعامله بالمثل.
عادت لغرفتها مرة ثانية ثم استبلت ثيابها…. بثياب نومها…. وقفت تفرش شعرها وهي تنظر لنفسها بالمرآة متذكرة أول مرة عندما رأته… وهو يقول لها بغرور: انتي مفكرة نفسك بنت.
تنهدت بضيق عند هذه الجملة قائلة لنفسها بضيق: أهي البنت دي يا عمدة… دوختك وراها ولففتك حوالين نفسك، ولسه ياما ما هدوخك وراها أكتر وأكتر من كده وهتشوف…. مادام قلبك اللي زي لوح التلج ده مش راضي يلين أبداً.
كانت ولاء في حجرتها تشعر بالقلق والتوتر على يحيي فهي منذ أن تركته في الصباح ولا تعلم عن أي شيء ولا ماذا فعل مع ولاء.
وجدت هاتفها يصدح بالرنين المتواصل فأسرعت تحدق بالهاتف فكان رقم ولاء فقالت بسرعة : ولاء طمنيني عنيكي يا حبيبتي…. أجابتها من وسط دموعها قائلة لها : آني بخير بس تعبانة جوي من اللي شفته النهاردة يا مريم…. تنهدت بجزع قائلة بقلق: طب اهدي يا ولاء دلوك واتحدتتي… قاطعتها قائلة بخوف مؤلم: أهدى كيف يا مريم وأخوي وأبوي عرفوا كل حاجه.
انطلق قلب مريم بالارتفاع في نبضاته حتى شعرت بأنها تريد ان تذهب لها حالاً لكن كيف ومتى …. وشقيقها حسين الذي تشعر بمراقبته لها طيلة الوقت كأنه يشعر بأنه هناك شىء ما يحدث من وراء ظهره.
تنهدت قائلة بتوتر: إنتي فين دلوك… فقالت لها بلهفة: في الطريق مع الدكتور يحيي… ارتعد جسدها مع ذكر اسمه… وكاد أن يسقط الهاتف من يدها.
قائلة بخفوت: يعني…. هوه معاكي دلوك… هزت رأسها قائلة لها: أيوة يا مريم…. ماني بجولك أهوه إني راكبه وياه في عربيته.
كان يحيى متظاهراً بعدم الأهتمام لما يحدث بجواره…. إلى أن أغلقت الهاتف معها.
فقالت له ولاء بتوتر: آني السبب من البداية يا دكتور يحيي واستحج أي حاجه هتحصلي لكن مريم مذنبهاش حاجه واصل.
تنفس يحيي بعمق وهو يركز على قيادة سيارته ولم ينطق فتابعت قولها له: سامحها يا دكتور أرجوك… مريم بريئة…. ومتصدجش كلامه عنيها واصل.
رفع بصره نحوها متذكراً كلمات عادل البغيضة عنها له في قسم الشرطة قائلاً لها بجمود: آني خلاص… شلتها من دماغي… وابجي جوليلها إكده.
امتقع وجهها بشدة غير مصدقة كل ما سمعته للتو قائلة له: بس يا دكتور يحيى إنت إكده ظالمها جوي.
هتف بها قائلاً لها: والله ظالمها مش ظالمها بلغيها برأيي وملهاش عندي حاجه… وهتحدت ويا دكتور في المستشفى يتابع حالتها مكاني وياريتك تبجي تجوليلها إكده وتفهميها زين معنى حديتي.
صُعقت ولاء من ردة فعله الغير متوقعة منه وشعرت بأن هي السبب وراء ما يحدث الآن… وأردف هاتفاً بقوله ببرود: وابجي بلغيها بإن اللي اسمه عادل… تليفونه بجى مع الشرطة خلاص وان كل الصور والفيديوهات آني مسحتهم بيدي بعد ما ثبتت عليه جرايمه.
ابتلعت ريقها بصعوبة…. شاعرة بغصةً شديدة في حلقها ولم تستطع أن تتفوه ببنت شفه.
لكن دموع عذابها انهمرت من جديد…. لم يتأثر يحيى بسبب ذلك انما تجاهله كأنه اصيب بنوبة غضب كامنه بداخله ، لا يريدها أن تطفو على السطح، وأيضاً جعلته متجمد القلب والمشاعر معاً.
كان ياسين جالساً بجوار نوال…. يتأملها بصمت كبير وهي تشعر بالضيق والغضب من شدة هذا التملك الواضح ليس لها فقط بل للجميع، فها هو يحكم سيطرته عليها بقوة، ويجعلها مطيعة له في كل أوامره رغماً عنها.
أتت مها بالشبكة تقدمها لهم ، فأمسك بكفها في قبضته رغماً عنها ليلبسها إياها، فارتجفت يدها من لمساته، وتخضب وجهها بالاحمرار من الخجل.
بعد انتهاءه من ارتدائها للشبكة إنطلقت الزغاريد… جعلتها تنزعج أكثر وتود الهرب من أمامهم…. وتلاقت نظراتهم سوياً…. مما أربكها أكثر… كأنه شامتاً بها… ويتحداها أكثر من ذي قبل.
قائلاً لها بعبث واضح: مبروك يا عروسة… شعرت بالضيق منه ومن كلماته لها… فلم تجيبه… فتناول كفها بين قبضتيه وضغط عليها.
جاءت لتسحب يدها، تمسك بها بقوة شديدة، جعلتها تشعر بالأحراج أمام السيدات اللواتي تحدقن بها.
كانت والدته تراقبهم عن كثب… حائرة ولا تدري أتحزن أم تفرح لما يفعله ابنها…. فاقتربت من زوجها… الذي كان يقف على مقربة منها قائلة له بضيق: شايف عمايل ابنك السوده ياريت تكون مبسوط دلوقتي…
رمقها بنظرات مبهمة قائلاً لها بهدوء ظاهري: متخافيش على نوال منه…. تطلعت إليه غاضبة بقولها له بحنق: ازاي يعني…. انت مش شايف عمايله لغاية دلوقتي، معاها عاملة ازاي.
زفر بقوة قائلاً لها: اهدي يا أم ياسين…. مش ده اللي كنا عايزينه لنوال…. قاطعته بحدة قائلة له: لا مش ده اللي كنا عايزينه انا كنت عايزاه يتجوزها هيه وبس من البداية، ويعاملها كمان أفضل من كده لكن ده حابسها وهاين كرامتها، وكل حاجه بتعملها بتبقى بالغصب كأنه سي السيد.
تمالك زوجها أعصابه بقوة وهو يتلفت حوله قائلا لها بهدوء ظاهري : طب اهدي الأول علشان الناس بدأت تبص علينا… وابتسمي في وشهم.
فقالت له بحنق: يعني ده اللي همك بس أوي كده… انت ناسي معاملته ليها… وحضرتك واقف تتفرج على اللي بيعمله…. بكل سهولة.
تنهد بقوة قائلاً لها بضيق: اسكتي دلوقتي أرجوكي…. وأجلّي كل ده لما نبقى مع بعض لوحدنا مش قدام الناس كده علني.
أغمضت عينيها شاعرة بالغضب أكثر وفتحتهما على صوت يقول بسعادة: المأذون وصل.
فتحت عينيها بسرعة…. فرأت المأذون يدخل ويجلس بالقرب من العروسين.
صُدمت من المشهد الهزلي الذي تراه أمامها فهي لم تكن على درايه بما يحدث الآن فهي لا تعرف سوى أنها خطوبة فقط وليس عقد قران أيضاً.
كانت صدمة نوال أكبر عندما فوجئت بقدومه هي الأخرى، إذن فهذه هي المفاجأة الذي حدثها عنها بالأمس.
فالتفتت إليه بأعين متسعة على آخرهما…. هامسة من بين شفتيها التي ترتجف قائلة له بعدم تصديق: إيه اللي انت عملته ده.
ابتسم ساخراً واقترب من اذنها قائلاً بتهكم: إيه حلوة المفاجأة مش كده…. انزعجت أكثر وودت أزاحته بعيداً عنها وهو يقترب منها بهذا الشكل الذي جعل أعصابها تتوتر أكثر من ذي قبل قائلة بغضب حاد: انت انسان مش طبيعي ومستفذ فعلاً …. انت حد قالك تجيبلي مأذون…. وإزاي تجيبه من غير ما تبلغني.
ضحك ياسين بخفوت قائلاً لها بمكر: أمال هتبقى مفاجأة إزاي ساعة ما أبلغك يا حلوة… ثم صمت برهة مستطرداً بخبث متعمد: ثم أنا جبته علشان عروستي الشقية، أحبسها في قفصي واللي هيكون من حرير، متقدرش تطلع منه تاني أبداً.
حاولت تمالك أعصابها من أثر كلماته عليها قائلة بصوت ثابت: طب إيه رأيك بقى أنا هقوله على الحقيقة ودلوقتي…. أمسك يدها الأخرى بقوة ضاغطاً عليها بعنف…. فكتمت بداخلها آهة ألم كادت تصعد من فمها.
وحدجها بنظرات مشتعلة مهددة قائلاً لها بغضب مكتوم: طب إعمليها كده وشوفي أنا هعمل إيه معاكي وقدام الناس.
اضطرت نوال إلى الصمت من تهديده الواضح لها، وتم عقد القران بعدها بقليل…. وانطلقت الزغاريد الكثيرة…..
كانت نوال تعيش كابوساً جديداً بيدها وبيد من أحبته ويقوم بتعذيبها أكثر حتى اليوم على يديه.
فها هو قد أصبح زوجها على سنة الله ورسوله… وله كل الحق ليفرض سيطرته عليها وأكثر من ذي قبل فهي الآن سجينته للأبد.
لم تستطع نوال كبح دموعها عن الانهمار… أغمضت عينيها بقوة… حتى لا يكتشف ما تعانيه… لكنها واهمة فهو يراقبها من طرف خفي، قائلاً لها بغضب: ممكن أعرف إيه اللي بتعمليه ده قدام الناس، رمقته بعيونها الدامعة قائلة له بعذاب: انت آخر واحد تتكلم معايا فاهم…. انت السبب في كل اللي أنا فيه دلوقتي.
كتم ياسين غيظه منها قائلاً لها بحدة خافتة: أنا إذا كنت ساكت دلوقتي… فساكت بس علشان الناس اللي حوالينا دي.
هتفت به قائلة له بانهيار: لا متستكتش… يعني هيحصل ولا تعمل إيه أكتر من كده يا ياسين بيه.
لم يدري ياسين بنفسه ولا بما فعله بها، فقد صفعها على وجنتها اليسرى بقوة… أمام والداه وشقيقته….. وبعض الضيوف القليلة المتبقية منهم، فقد انصرف بعضهم، فاتسعت عينيها بصدمة هائلة غير مستوعبة ما حدث الآن قائلاً لها بصوتٍ أجش: اخرسي…. إوعى اسمعلك صوت تاني… أنا جوزك يا هانم مش خدام عندك.
من كثرة ما تعرضت له من إهانة الآن لم تستطع التفوه بأي حرف… غير دموعها التي تذرفها بكثرة فها هو يهنيها وجرح كبرياؤها أمام الناس.
انصرف باقي الضيوف عندما اشتعل جو الغرفة من الغضب، الذين يجلسون بها…. وشعروا أن ما حدث أمر عائلي ولا يجوز لهم أكثر من ذلك هنا بينهم.
صُعق والداه مما يحدث أمامهم…. قطبت والدته غير مستوعبه ما يحدث أمامها… وقبل أن تنطق بحرف واحد.
دخلت نهى وبصحبتها شاباً مصفقةً له قائلة بسخرية غاضبة: ألف مبروك يا عريس…. مش كنت عزمتني.
وصلت ولاء إلى منزلها بعد أن أوصلها بنفسه أمامه…. خرج حسان لاستقبالهم بوجه متجهم.
فقال له يحيى بهدوء ظاهري: حسان أختك وصلت ومحدش ماسها بأي شىء واصل وطمن جلبك عليها.
زفر بغضب قائلاً لها بسخط: عجبك الفضايح دي يا بنت ابوي…. ينفع تيجي إكده في نصاص الليالي مع راجل غريب.
انتفض قلبها من مواجهة شقيقها ناظرة إليه بهلع شديد ولم تستطع الرد ووقفت وراء يحيي تتحامى به، مما جعله يغضب أكثر من ذي قبل.
وكاد أن يجذبها من معصمها بقسوة لولا تدخل يحيي وأبعده عنها قائلاً له باستنكار: مش إكده يا حسان إهدى … أختك اتخطفت يعني مرحت وياه بخاطرها وآني وصلتها لأنها زي خيتي بردك.
هز رأسه بحيرة معذبة قائلاً له بلوعة: أهدى كيف بس يا دكتور يحيى وآني أشوف خيتي إكده…. وتبجى سيرتها على كل لسان في البلد، تنهد يحيي قائلاً بضيق: أني خابر زين مشاعرك بس مفيش حاجه بيدنا نعملها… والحمد لله ربنا سترها من عنديه… ومن غير فضايح جات خيتك.
أغمض عينيه بغضب قائلاً له بلوم : ومرواحها للشرطة مش فضايح بردك يا دكتور… جاوبني.
أومأ برأسه بالموافقة قائلاً له بود: خابر زين حديتك دلوك… وحاسس بيك بس…. خلاص بجى أهي سليمة جدامك.
زفر بعصبية قائلاً له بنرفزة: لا يا دكتور…. احنا صعايدة والشرف عندينا تمنه غالي جوي…. وإنت خابر إكده زين…. وآني منيش هرتاح غير لما آخد بتاري من اللي عمل فيها إكده…. ومنيها هيه كمان علشان تبجى تخلي رجبتي آني وأبوي جد السمسمة.
ربت يحيى على كتفه قائلاً له بهدوء حذر: سيب الحجوج دي على ربنا ثم الحكومة …. هوه خلاص بيتعاجب على جرايمه كلاتها اللي عملها…. وتارك هتاخده الحكومه منيه جريب.
رمق شقيقته بنظرات مهددة قائلاً له بحزم: لكن آني مش هسيبه…. لما يخرج…. وانتجامي منيه منيش هنساه واصل…. وهيه إن ما دفنتها صاحية….. ما بجاش راجل.
أغلقت عينيها بهلع من كلماته المهددة وهرولت إلى الداخل بخوف…. ودخلت إلى غرفتها وأغلقتها خلفها بقوة…. واستندت بظهرها باكية بصوتٍ عال.
قائلة من وسط نحيبها : آني السبب… أخوي هيودي نفسيه بداهية علشاني…. وآني مستحجش غير العذاب.
أستمعت إلى صوت طرقات عالية على الباب وصوتٍ يصرخ بها قائلاً بصوت هادر: افتحي الباب بدل ما أكسره عليكي….. وأسود عيشتك….
فقالت له برجاء: سيبني يا أخوي أرجوك… آني مظلومة…. لم تستطع استكمال جملتها فقد وجدت من كسر عليها الباب…. شاهراً سلاحه نحوها….
لم يستطع جلال النوم… ولم يذهب لحجرة نومه مع مهجة… إنما ظل مستيقظاً في غرفة مكتبه…. منتظراً شقيقه.
وقف ينظر من نافذة مكتبه المطلة على الساحة الخارجية للمنزل…. وكان كل فترة وأخرى يتأمل ساعته بتوتر من الخوف على شقيقه.
توترت أعصاب مهجة من الخوف فهي لم تعتاد النوم بمفردها… وتخشى ذلك… لكن كبرياؤها منعها من أن تغادر الحجرة… باحثةً عنه…. كانت تجلس بانتظاره لكنه لم ياتي بعد.
فقالت لنفسها بضيق: وبعدهالك يا عمدة… فاكر يعني هروح اتحايل عليك علشان تنام هنا جنبي… لأ مش هعملها مهما كنت بخاف.
حاولت أن تنام…. لكنها بعد قليل…. استمعت إلى صوت باب المنزل… يغلق بقوة… فارتجف قلبها وهبت في فراشها فزعه قائلة: يا ترى في إيه.
هرعت إلى خارج غرفتها وبحثت عنه فلم تجده… لا في حجرته ولا غرفة مكتبه… فانتفض قلبها أكثر قائلة بارتباك: ليه ساب البيت وفي وقت متأخر كده.
ركضت نحو غرفتها وأغلقت الباب خلفها… وفتحت شرفتها فرأته يقف بالساحة مع شقيقه ثم أخذه وانصرف للداخل.
أغلقت باب الشرفة وجلست في فراشها تتساءل… ما الذي يحدث في هذه الساعة المتأخرة.
جلس جلال بصحبة شقيقه في غرفة المعيشة قائلاً له بجدية: آني مجدرتش أنام غير لما أطمن عليك…. وأعرف منيك أيــه اللي حُصل.
تنهد يحيى قائلاً له بهدوء: آني هخبرك بكل حاجه شفتها….. روى يحيى كل التفاصيل الذي عاشها واصراره على ذهابه مع الشرطة لمداهمة منزل الخاطف والمجرم عادل….. لكنه لم يتطرق بحديثه إلى مريم الذي حاول قطع كل ما يربطه بها.
لاحظ عليه جلال أنه يوجد شيء ما هناك ناقص لم يأتي على ذكره بالرغم من كل التفاصيل المهمة الذي ذكرها.
قائلاً له باهتمام: بس جولي ليه حاسس إن مش كل حاجه حكيتهالي دلوك…. توتر يحيى قائلاً له بتردد: لاه يا أخوي…. أني حكيتلك كل حاجه مفيش أي تفاصيل إلا وجولتهالك دلوك.
تفرس جلال في وجهه بقوة قائلاً له بجدية حازمة: وبنت عبد الرحيم يا يحيى…. انتفض قلب يحيى وهب واقفاً من على الأريكة قائلاً له بتوتر: انت مش شايف يا عمدة ان الوجت اتأخر ولازم تنام زين علشان مشاغلك كتيرة جوي.
اقترب منه يتفحصه بعينين ثاقبتين قائلاً له بحدة: لاه متشغلش بالك بنومي…. ويالا جولي عملت إيـــه وياها.
زفر بقوة قائلاً برجاء: آسف يا جناب العمدة منيش جادر اتحدت عنيها دلوك…. هزه جلال من كتفيه قائلاً له بحدة: لاه لازم تتحدت ودلوك كمان.
شعر أن أخيه لن يتركه فقال له له بهدوء حذر: آني مخبراش عنيها حاجه من ساعة ما كانت معاي بالمستشفى… ومنيش عايز اسمع عنيها حاجه واصل.
تنهد جلال قائلاً له بغضب : شكلك مخطرف دلوك ويالا على اوضتك روح نام وارتاح.
لم يستطع الأعتراض على أوامر جلال وتوجه إلى غرفته…. دخلها مغلقاً الباب خلفه….. تمدد على الفراش بثيابه من كثرة الإرهاق.
قائلاً لنفسه بضيق: غصب عني يا مريم من ساعة ما شفت الفيديو اللي بعته الحيوان عادل، وآني هتجنن من اللي شفته رغم اني خابر زين انك مظلومة وانه كان هيعتدي عليكي…. بس آني مش جادر… مش جادر على نفسي.
في صباح اليوم التالي… استيقظت مريم على صوت طرقات عالية فقالت بنعاس: ادخل…. دخل أخيها حسين قائلاً بنبرة خشنة: انتي لساتك نايمة يا عروسة.
نهضت بفزع على كلمات أخيها وجلست في فراشها قائلة بصوت مرتجف: لاه صحيت خلاص يا أخوي.
جلس حسين بجوارها على حافة الفراش قائلاً لها بجدية: طب جومي إكده… والبسي خلجات مليحة…. ولد عمك عتمان هييجي النهاردة وهيجيب الدهب وياه علشان تنجي منيه اللي يعجبك.
استيقظت مهجة ولم تجد زوجها فقطبت حاجبيها…. متذكرة بأنها قد نامت في وقتٍ متأخر بسببه فهي لم يغمض لها جفن إلا عندما شعرت به يتمدد بجوارها.
مع مضي الوقت شعرت بالغيظ من هذا الإهمال المتعمد من جانبه فها هو وعدها بأن يخرجوا سوياً لكنه لم يفي بوعده إلى الآن.
حانت التفاته منها ناحية المنضدة الصغيرة، فوجدت ورقة ما ففتحتها بسرعة، فقرأت ما بها باهتمام….. يخبرها بأن لديها مقابلة في الغد مع والدها مصطفى محرم.
كان جلال في عمله عندما دلف إليه مصطفى محرم قائلاً له باضطراب: أنا جايلك النهاردة مش بصفتي شريك وبس في الشغل.
تنهد جلال مبتسماً قائلاً له : اتفضل وجول اللي انت عايزه…. تردد قليلاً ثم قال له بتوتر: أنا جايلك… بصفتي… بصفتي حماك…. أبو مراتك ياسمين وعايزك تقف معايا في أشد أزمة إتعرضت ليها بسبب الحريق.
وقفت مهجة في الشرفة تتأمل المكان بالخارج مبتسمة… فوجدت عنتر مع السائس يقوم بالاهتمام به.
فتمنت ركوبه بفارغ الصبر… فنظرت في ساعتها…. وقالت لنفسها بخبث: لسه بدري عليه عقبال ما ييجي…. أنا هنزل أركبه بدل الحبسة دي…
وبدون أدنى تفكير منها ولو للحظة ارتدت ثياباً خاصة… بركوب الخيل… وهبطت بالأسفل مهرولة قبل أن يلاحظها أحد ما من عائلته.
انشغل السائس بأمور أخرى بعد انتهاؤه من اهتمامه به…. استغلت مهجة ذلك.
وركضت ناحيته وجذبته خارج الأسطبل في جرأة لم تعهدها في نفسها من قبل.
استقلته وأسرعت به إلى الطريق المؤدي إلى الأراضي الزراعية خلف الأسطبل، كأنها خارجه لتوها من السجن.
تعالت صيحاتها الفرحة وهي تركبه…. متذكرة تدريبه إياها من قبل على ركوب الخيل مع تدريبها للسلاح في بداية معرفتها به.
فقالت لنفسها بسعادة: مش كده أحسن بذمتك من القعدة في البيت والزهق…. رآها بعض المارة فتجاهلتهم وكأنها لم تراهم.
استغرب أهل البلدة منها ومما تفعله بجواد عمدتهم…. وهم يعرفون عنتر جيداً أكثر منها، لكنهم يتساءلون باستغراب، من هذه الجريئة التي جرأت على فعل ذلك…. وتركبه هكذا وترمح به بمنتهى الحرية والوقاحة بالنسبة لهم.
كان جلال عائداً من عمله بسيارته… ولمح آثار إندهاش ملحوظ على بعض المارة بجواره…. ورآهم كأنهم يشاهدون شيئاً غريباً يحدث أمامهم ولأول مرة.
إلى أن رأى بعض التجمع على مقربه منه فأمر مجدي سائقه الخاص بالتوقف فوراً.
رآه اثنان من الرجال توقفوا بالقرب من سيارته فقال أحدهم بسرعة لصاحبه: جناب العمدة إهنه أهوه… معجول يبجى خابر بالمهزلة دي وساكت إكده… تعالى لما نخبره.
استغرب جلال من ذلك…. فوجد الذي كان يتحدث للتو قد اقترب منه وانحنى نحو نافذة العربة ليحدثه قائلاً له بلهفة: إلحج يا جناب العمدة…. إلحج…. وقبل أن يتفوه الرجل بكلمةٍ أخرى.
أسرع جلال يقول لمجدي بلهجة آمره غاضبة: انزل بسرعة يا مجدي وروح على بيتك دلوك…. وجد الرجل جلال يهبط من سيارته ويجلس خلف عجلة القيادة بسرعة.
قائداً لها بسرعةً جنونية…. تحت انظار مجدي المصدومة والمتسائلة لكنه بالرغم من ذلك نفذ أوامره باحترام.
كانت مهجة فرحة بركضها السريع بالجواد… ولم تكن منتبهه لمن يسرع خلفها بسيارته… وينذرها بالوصول إليها، بصوت بوقه العالي لكي تتوقف.
ورغم ذلك لم تنتبه له بعد إلا عندما تجاوزتها سيارته، معترضة طريقها مصدرة خلفها بهالةٍ كثيرة من الأتربة ناجمة عن صرير عجلات عربته القوية، كأنه في سباق معها ويتحداها…. اضطرت مهجة أن تتوقف بجواده بسرعة….. فجحظت عيناها بصدمة قوية وكادوا أن يخرجوا من محجريهما…. وكاد أيضاً قلبها يتوقف عن النبض…. عندما وجدته هو من يحدجها بنظراته التي تشتعل كالبركان المنفجر في جزيرة بركانية.
قائلة لنفسها بهلع: يا مصيبتك السودة واللي مطينة بطين يا مهجة….. أبو الهول وصل…!!!
يتبع..
لقراءة الفصل السابع والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!