روايات

رواية ترويض الشرس (أحفاد الجارحي 5) الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم آية محمد

رواية ترويض الشرس (أحفاد الجارحي 5) الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم آية محمد

رواية ترويض الشرس (أحفاد الجارحي 5) الجزء الحادي والأربعون

رواية ترويض الشرس (أحفاد الجارحي 5) البارت الحادي والأربعون

رواية ترويض الشرس (أحفاد الجارحي 5) الحلقة الحادية والأربعون

مع اقتراب آذان الفجر، أسرعت تالين وشذا بتحضير السحور وتعاونت يارا وملك بحمل الأطباق للطاولة بالخارج، فأسرعت إليهما شذا بعلب الزبادي وهي تصيح بتوتر:
_مش فاضل غير ربع ساعة بس والأولاد لسه مصحوش!
حملت عنها يارا العلب، بينما صعدت ملك الدرج وهي تخبرها:
_متقلقيش هطلع أصحيهم.
وبالفعل صعدت ملك للطابق الثاني، فوجدت أبواب الغرف بأكملها مغلقة، فقضاء تلك السهرةٍ جعل الجميع متعبون للغاية، تهللت أساريرها حينما فُتح أخر باب ليطل حازم من خلفه وهو يفرد ذراعيه بتثاءب، أشارت له ملك وهي تهمس ببسمةٍ خبيثة:
_مضطرة ألجئ ليك لإن فعلًا معتش وقت!
دنى منها حازم وهو يردد بنعاسٍ:
_صباح الخير يا طنط السحور جهز.
هزت رأسها بتأكيدٍ، وقالت:
_جاهز بس صحي الشباب الأول لان معتش وقت.
وتركته وهرولت للأسفل على الفور، وكأنها تخشى أن يلمحها شهود العيان وهي توكل حازم بجريمةٍ جديدة، حك حازم جبينه بإرهاقٍ وفاه بحيرةٍ وهو يتفحص ساعة يده:
_مش هلحق!!
لمعت إحدى أفكاره الشيطانية المخيفة، فابتسم وهو يفرقع أصابعه:
_بس لقيتها!
وأسرع تجاه سلة القاذورات، فحملها وهو يشعل القداحة بعدد من الأوراق، ثم رفعها وقربها من الإنذار الخاص بالحرائق بعد أن حرص بأن يلزم الأمان الطابق المخصص للشباب فقط، انطلق إنذار صاخب يضرب الأجواء، وقبل أن يستوعب أحدٌ ما يحدث انفلت شلال المياه يغزو الغرف بأكملها، وخاصة فوق الأسرة!
******
بالجناح الخاص بأحمد.
انتفض عن فراشه بفزعٍ حينما إنسابت المياه على جسده، فأبعد الغطاء عنه وهو يتفحص ما يحدث حوله بقلقٍ، فهرع يتفحص جناحه ليتأكد من عدم وجود أي حريق، التقط أنفاسه ببعض الراحة حينما تأكد من سلامة المكان، ولكنه مازال بحاجة للإطمئنان من سلامة الطابق الثاني بأكمله، فأسرع للخروج وفجأة توقف بعدما تعلقت عينه بالسرير، برق مندهشًا حينما وجد آسيل تغط بنومها العميق رغم تلك المياه التي تغطي جسدها بأكملها وكأن شيئًا لم يكن، إتجه إليها بخطواتٍ بطيئة، حائرة، لا يعلم أيتركها هنا لحين تأكده من الأمر بمفرده أم يوقظها حتى لا تمرض، اهتدى أحمد لفكرة محايدة، فحملها للأريكة وهو يردد ساخرًا:
_لا فارق معاكي زلازل ولا أمطار، مش فاهم أنا الاستجمام ده جايلك منين!
******
بالجناح المخصص لجاسم.
سقط عن فراشه فور سماعه صراخات داليا المزعجة، فحاول أن يبعد الغطاء الذي يكتف جسده متسائلًا باختناقٍ:
_في أيه؟
صرخت وهي تحاول أن تستوعب الأمر:
_ساعدني يا جاسم، إلحقني!!!
ردد بنفورٍ ومازال يجاهد للخلاص من معركته الحاسمة بين الغطاء الملتف حول جسده كالحية:
_مش لما ألحق نفسي الأول!
واستطرد بقلقٍ:
_حاولي تشرحيلي الموقف عما أنول الخلاص!
صاحت وهي تبتعد عن الفراش في محاولة للبقاء بعيدة عن المياه التي طالت الجناح بأكمله:
_باين القيامة قامت!! هو النهارده الجمعة؟!
نجح أخيرًا في تخليص ذاته، فاستقام بوقفته وهو يتأمل المياه التي مازالت تتساقط فوق رأسه، فردد وهو يسرع للخارج:
_ده انذار الحريق!
*******
خرجت تركض من المرحاض وهي تصرخ بفزعٍ بزوجها الغافل براحةٍ:
_معتــــــــــز، البيت بيغرق.
عبس بعينيه ومازال لم يستعب ما تقول:
_مش هتسحر يا شروق أنا تعبان ومحتاج أنام.
أعادت صراخها مجددًا:
_ابقى إتسحر في الآخرة يا حبيبي، قووووم بقولك في سيول هنا!
أزاح عن رأسه الغطاء بنفورٍ وهو يستقيم بجلسته، فاستقبل جسده المياه التي تصببت من فوق رأسه فجعلته ينتفض عن الفراش وهو يتساءل بصدمةٍ:
_هو في أيه؟!
ألقت المنشفة بوجهه وهي تردد بسخطٍ:
_بتسألني أنا!!
*******
كان يغفو بجسده فوق الطاولة، جوار حاسوبه بعدما ظل لساعةٍ كاملة يعمل على أحد الملفات الهامة، فرمش بانزعاجٍ فور سقوط بضعة قطرات المياه على وجهه، استقام ياسين بجلسته، وهم بالوقوف وعينيه تراقب ما يحدث بتمعنٍ، وعند استيعابه الأمر ركض للخارج مناديًا بذعرٍ:
_مليـكة!
خشي أن يطولها السوء فهدأت تعابيره المشدودة حينما وجدها تنام على فراشها بسلامٍ، وبدأت للتو بالاستيقاظ فور أن تبلل جسدها بالمياه، فصاحت بخوفٍ:
_ياسين!
ركض تجاهها وهو يطمنها:
_متقلقيش با حبيبتي، الظاهر في عطل في الانذار..
ونهض للخارج قائلًا:
_هروح أشوف في أيه!
******
حرك جسدها بقوة وهو يصيح:
_رانيــــا قــــــــومي بسرعة خدي الاولاد وانزلي تحت، إنذار الحريق شغال.
ارتبكت فور سماعها ما يقول، فتفحصت المكان من حولها وهي تتساءل بتوترٍ:
_من أيه ده؟
أجابها وهو يسرع لقميصه:
_مش عارف ربنا يستر وميكنش في شيء تحت.
وأشار لها وهو يسرع للخارج:
_إلبسي وهاتي الأولاد وانزلي ورايا.
وتركها وهرع للخارج مسرعًا.
*******
مازال يجلس على الأريكة قبالة الشرفة، جفاه النوم بعد رؤيتها تبكي حسرة على فراق ابنتهما، يلوم نفسه على إهماله لها وعدم ملاحظته لما يحدث معها بالفترات الماضية، والآن مازالت تبذل قصارى جهدها لتريحه بأنها أصبحت على ما يرام، كان يخطف لها النظرات بين الحين والآخر وهي تغفو بمفردها على الفراش بعدما تسلل من جوارها ليبقى حزينًا، وحيدًا، وفجأة تبددت عصبته فور اقتحام المياه مخضعه الخاص، فانتفض للفراش يجذبها عنه بذراعه الأيسر وهو يناديها بفزعٍ:
_نــور، فوقي!
فتحت عينيها لتقابل قطرات المياه المزعجة، فصاحت بعنفوانٍ:
_كده يا عمر بتصحيني بالمية يا قاسي القلب والمشاعر والأحاسيس!
عاونها على الوقوف وهو يشير لها بجدية:
_ده وقته، ثم إني هصحيكي بالمية ليه يا ست شادية!!
فركت عينيها بنومٍ وهي تجيبه:
_يعني تصحيني بالمية أرميك بالورد وشغل الرومانسيات ده!
صاح بها وهو يتجه للخروج:
_فوقي من أحلامك الوردية دي، وتعالي ورايا نشوف في أيه بره!
******
انفتحت الأبواب تباعًا، وخرج الشباب بأكملهم للخارج، يتلفتون حولهم بريبةٍ لمعرفة مكان الحريق، فإلتقطت أعينهم ذاك الذي يجلس على مقعده بثقةٍ وغرور، واضعًا قدمه فوق الأخرى ويتطلع إليهم بعنجهيةٍ قاتلة، جعلتهم يعلمون من المتسبب في ذاك الحادث المزعج، هموا معًا إليه في حلقة دائرية، ومازال يلهو بسبحته ويحرك قدميه بتعاليٍ، قبض رائد على ياقة قميصه، ثم جذبه ليقف أمامهم ليوجه إتهامه إليه مباشرة:
_أنت اللي عملت المقلب السخيف ده، مش كده!
هز رأسه وهو يجيبه بكبرياء رجل لن يترك ساحة الشدائد عبثًا:
_أيوه أنا ومفيش داعي للشكر، الأفضل تجروا تشربولكم بوق مية ده إن لحقتم.
ورفع ساعة يده إليه وهو يطرق بإصبعه بسخطٍ:
_لإن تقريبًا مفيش قدامكم غير عشر دقايق والفجر يآذن.
كمشه جاسم من ياقة قميصه المدفون أسفل التيشرت وهو يصيح بشراسةٍ:
_ده وقت خارجتك من الدنيا كلها، إتشاهد على روحك!
وناوله لكمة قاسية طالت فكه، فاهتز جسده يسارًا ويمينًا كالسكير، وفجأة قابله معتز بلكمة أخرى وهو يصرخ بتعصبٍ:
_تقطع الخلف عشان نقوم نشرب بوق مية، ده أنت يومك شبه قرن الخروب!!
بينما تلقفه مازن المبتل بالمياه، ليجذب دورق ضخم من المياه الباردة، فسكبها عليه وهو يسأله ببسمةٍ واسعة:
_حبيبي يا زوما قولت أفوقك بعد الضرب ده عشان تقدر تنزل السلم وتفوق للسحور.
استمرت الحفلة بين الشباب وحازم لثلاثة دقائق، ومن خلفهم كان يقف عمر وياسين وأحمد يتابعون ما يحدث بتشفي، حتى الفتيات خرجن بعدما أبدلت كلا منهن ثيابها لاسدال الصلاة، متلهفات لمعرفة ما يحدث بالخارج فما أن رأوه أسير لقبضة أيدهم زف إليهن عما إرتكبه تلك المرة، فانسحبن للأسفل ومن خلفهن الشباب، فافترش حازم الأرض أمام أحمد وعمر وهو يصيح بانفعالٍ:
_أنا غلطان إني صحيتكم تشرب يا بلطجي منك له، لو بطنكم كانت اتعسرت من الجوع وريقكم نشف من قلة المية والخيار والزبادي كنتوا عرفتوا قيمتي!!
منحه عمر نظرة ساخطة وأشار إليه ساخرًا:
_إنزل بميتك كده عشان لو دخلت تغير هدومك ريقك أنت اللي هينشف يا زوما.
استند على الطاولة التي تحمل الهاتف في محاولة للنهوض، فسقط أرضًا والهاتف من فوق رأسه، ليتأوه بألمٍ جعل عمر وأحمد يضحكان بعدم تصديق، فانحنى عمر إليه يعاونه بذراعه وهو يحذره:
_متحملش أوي أنت شايف دراعي التاني مش همشي لافف الاتنين!!
استقام بوقفته وهو يحاول فرد ظهره بألمٍ جعله يتأوه بصراخٍ، فمرت نسرين من جواره بعدما حملت صغيرها أحمد، لتحدجه بنظرةٍ محتقنه وهمهمت وهي تتجه للدرج:
_إنسان مزعج وتستاهل كل اللي جرالك!
لف رأسه لعمر الذي يكبت ضحكاته بتمكنٍ:
_شوفت الولية يا عمر، بدل ما تيجي جري تسند جوزها وتأخد حقه بتتشفى فيه!
هز رأسه وهو يردد:
_شوفت يا حبيبي، معلش.
وكأنه قدم إليه الكثير بتلك الكلمة، فقال بصدرٍ رحب:
_والله العيلة دي ما فيها غيرك يا دوك.
ابتسم وهو يردد بصوتٍ منخفض:
_لو دراعي كان سليم كنت أول واحد علمت عليك!
أوقفهما أحمد بذراعه الممدود وهو يصيح ببسمة شيطانية مخيفة:
_على فين يا زوما، أنا لسه مسلمتش عليك.
رمش بعدم تصديق وصاح:
_هو لسه في مكان لسلامك!
أرغمه على الانحناء ولطم رقبته بصفعة قوية وهو يصيح:
_عشان تحرم تجرب فينا مقالبك السخيفة دي، المرة الجاية هرميك من فوق سور القصر سبع مرات.
وتابع تحذيره المخيف:
_كل مرة تحاول فيها ترتكب شيء تافه زي ده افتكر تهديدي كويس.
ضيق عينيه بسخرية:
_ما تقتلني من دلوقتي أحسن لإني عارف نفسي أمارة بالسوء ومش ممكن تتوب!
كز على أسنانه وهو يقترب منه بغضبٍ جعل عمر يشير له:
_خلاص يا أحمد، حازم جدع وعااااااقل ومعتش هيعملها تاني، صح يا زوما؟
استند على ذراعه وهو يستكمل طريقه هامسًا:
_هفكر!
ساعده عمر على التوجه للمصعد فاندهش حينما لم يجد أحمد يلحق بهما، فرفع صوته ليصل لمسمعه بعدما كاد بالدخول لجناحه:
_مش جاي ولا أيه؟
رد عليه قائلًا:
_هشوف آسيل وجاي، أو الجثة الهامدة اللي ممددة جوه دي.
تعالت ضحكات عمر الرجولية، وأشار له بإبهامه:
_ربنا معاك.
*******
بالأسفل..
اجتمع الشباب بأكملهم حول الطاولة المستديرة، بعد أن انتهى ياسين الجارحي ويحيى وباقي كبار العائلة من تناول الطعام، فتوجهوا جميعًا للمسجد لحين أن يلحق بهم الجميع، وضعت يارا وملك العصير قبالتهم، بينما خرجت آية تحمل الفواكه فوضعتها على الطاولة وهي تسأل رحمة باستغراب:
_أمال فين عدي؟
أجابتها وهي تتناول الشطائر:
_إتسحر بره مع صديق ليه، زمانه على وصول.
هبط حازم برفقة عمر، فتسلطت الأعين الغاضبة عليه وهو يجذب أحد المقاعد جالسًا متأوهًا بألمٍ جعلهم متشفين بما أحدثوه به، بينما اتجهت نظرات آية لعمر فرددت بصدمة:
_عمر، أيه ده؟!
إتجه لمقعده المجاور لزوجته وهو يجيبها ببسمة هادئة:
_متقلقيش يا ماما دي حاجة بسيطة.
صاحت بانفعالٍ:
_يعني أيه حاجه بسيطة.. حصلك أمته وإزاي محدش يعرفني!!
رد عليها رائد:
_محبناش نقلقك يا طنط، الحمد لله هو بقى كويس.
لم يكن العذر منطقي لها، تحالفهم جميعًا لعدم علمها بالأمر جعلها تثور غضبًا، فتساءلت بشكٍ:
_ياسين اللي طالب منكم تخبوا عني صح؟
صمت الشباب فهزت رأسها وهي ترد بعزمٍ:
_ماشي يا ياسين!
******
بالأعلى.
بذل أحمد جهدًا عظيمًا ليتمكن أخيرًا من إيقاظها، ففتحت عينيها الثقيلة وهي تردد بنومٍ:
_سبني يا أحمد بقى عايزة أنام!
جذبها إليه ليخرج بها عن المرحاض قائلًا باستهزاءٍ:
_أنا نفسي في سر الخلطة اللي بتضربيها دي، لا فارق معاكي سيول ولا برق ولا أي شيء بيحصل حواليكِ، تعرفي أنا فعلًا بحسدك!
مالت برقبتها على كتفه وهي تسترخي بوقفتها لجسده:
_طب وديني السرير وإحسدني براحتك.
برق بعينيه دهشة:
_سرير أيه الأوضة كلها متبهدلة بالمية!
لعقت شفتيها الجافة قائلة:
_مية أيه؟
وعلى ذكر المياه أضافت:
_هاتلي مية أشرب قبل الفجر ما يأذن أنا عطشانه.
أسندها حتى وصل للبراد الصغير، فحمل لها زجاجة من المياه الباردة، فتحت غطائها وما كادت برفعها حتى إنطلق الآذان يزيح ثقل الهموم عن القلب بصوت الشيخ الخاشع، تركته عن يدها وهي تزم شفتيها بحزنٍ، فردد ساخرًا:
_كملي نومك وسبيني أحسدك وأدعي عليكي طول اليوم!
******
نال حازم غضبًا حارق حينما اضطر الشباب للنوم بغرف الضيافة، بعد أن ابتلت الأجنحه، وبالصباح الباكر باشر ياسين وأحمد ورائد العمل بالأسفل، فتح ياسين حاسوبه بتعبٍ بدى بنبرته:
_هو مينفعش نأجل الشغل لبعد الفطار، الحسابات في الوقت ده مجهدة جدًا.
تمعن أحمد بالملف من أمامه ثم قال:
_بالعكس يا ياسين الوقتي أفضل بعد الفطار بنفصل!
وتفحص المكتب من جواره وهو يتساءل باستغراب:
_ملف صفقة ال… كان هنا راح فين؟
نهض رائد عن مقعده مشيرًا بيده إليه:
_تقريبًا نسيته فوق.. هطلع أجيبه وراجع.
أكد عليه ياسين:
_متتأخرش.
أومأ برأسه وهو يتجه مسرعًا للأعلى، ففتح باب جناحه وولج للداخل قاصدًا غرفة مكتبه الخاص، وحينما استدار ليغادر تفاجئ بزوجته تهرع لأسفل الطاولة، ضيق رائد عينيه باستغرابٍ وترك ما بيده وإتجه إليها، يناديها بدهشةٍ:
_رانيا!
لم يأتيه أي ردًا منها على الرغم من أنه يراها بوضوحٍ تامٍ، كاد بأن يدمي شفتيه السفلى من فرط ضغطه على شفتيه، فصاح بتعصبٍ:
_رانيا بتعملي أيه عندك، إخرجي!
وحينما لم تستمع إليه إنحنى بعدما رفع الغطاء المنسدل فوق الطاولة، فجحظت عينيه صدمة حينما وجدها تحمل صينية مستديرة بأصناف متعددة بالمحاشي، وقطع اللحم الشهي، ووجهها تكسوه الحمرة جراء محاولتها البائسة لمضغ الطعام الذي بجوفها، وحينما حاولت لمرتها الاخيرة سعلت بقوةٍ جعلت الأخير يطرق على ظهرها حتى استكانت بجلستها، فلعقت شفتيها وهي تشير له:
_شكرًا.
حرك يده وهو يردد من بين اصطكاك أسنانه:
_اخرجي..
زحفت خلفه حتى نهضت، فجلست على الفراش باستحياءٍ لتجده يمنحها نظرة ساخطة مردفًا:
_لزمتها أيه الدراما دي ما أنا عارف من بليل!
أسبلت بجفنيها بصدمةٍ، وفجأة استقامت بوقفتها وهي تردد باستياءٍ:
_أنت قليل الأدب.
وتركته وغادرت من أمامه في طريقها للباب الشبه موارب، فصعقت حينما وجدت داليا قبالتها تهمهم بغضب جعلها لا ترى أخيها:
_بقالنا ساعة بننادي عليكي، أيه طمنينا النظام أيه؟
ابتلعت ريقها بارتباكٍ وتساءلت:
_نظام أيه؟
زمت شفتيها بنفورٍ:
_يا حبيبتي ركزي أنا صايمة ومش قادرة أقف، احنا مش ادناكي صينية بأنواع الأكل تدوقيه وتشوفي ملحه مظبوط ولا لا، إنجزي عشان طنط تالين وماما عايزين يقفلوا على المحشي ومستنين يطمنوا منك اتظبط ولا لسه، طلعتي واختفيتي أيه مفيش تقدير ولا إحساس بإخواتك الصايمين لحد ما دورهم يجي!
_ما شاء الله هو أنتوا عندكم اللي بتتعذر بتنول مهمة شرف تناول الطعام!
جحظت عين داليا بصدمة ومازالت معلقة بعين زوجة أخيها، آبية الانزلاق تجاه الصوت الرجولي، فرددت بتلعثمٍ:
_اللي سمعته صح، ده صوت رائد؟
هزت الأخيرة رأسها وهي تكاد تبكي من فرط الخجل، فاستدارت وغادرت على الفور ومن خلفها ركضت رانيا، والأخير يتبعهما وصوت ضحكاته لا تتوقف عن مسمعهما!
******”
جابت الجناح ذهابًا وإيابًا وعينيها تراقبه بغضبٍ، ظنت بأنها يغفو بنومه المريح ولا يدري بوجودها بالجناح، وبالرغم من انغلاق عينيه الا أن صوت أفزع حنقها:
_اتكلمي باللي مضايقك مني يا رحمة عشان ترتاحي!
انتفضت بوقفتها وعينيها المتسعتان متسلطتان على الفراش بصدمة، فوجدته يفتح عسليته ويستقيم بجلسته قبالة عينيها المندهشة، ازدردت ريقها بتمكنٍ واقتربت منه قائلة بحزنٍ:
_آه زعلانه منك وجدًا كمان، لإن استكترت إنك تقعد معايا بعد سفرك وخرجت ومرجعتش غير بعد الفجر ودلوقتي نايم ولا على همك.
منحها ابتسامة هادئة وهو يخبرها:
_حبيبتي لو مكنش خروجي ده مهم أكيد مكنتش هخرج، وخلاص أهو رجعت وقاعد معاكي وفي وشك.
استدارت بوجهها للجهة الأخرى وهي تردد بضجر:
_متحاولش أنا زعلانه منك بجد.
وبمكرٍ لمع على وجهها قالت:
_ولو عايز تصالحني بجد تيجي معايا دلوقتي نأخد الاعادة بتاعتي.
ومررت يدها على بطنها الغير بارزة وهي تردد بحماسٍ:
_تطمن على البيبي ونفطر في أي مكان، ها أيه رأيك؟
رفع أحد حاجبيه بمكرٍ:
_راسمة الزعل وكل الحوار ده عشان عايزة تخرجي معايا برة، طيب وليه الطيب أحسن.
ونهض عن فراشه وهو يخبرها:
_اعتبريني جهزت!
ارتسمت السعادة على وجهها، وأسرعت بتبديل ملابسها استعدادًا للذهاب برفقته للطبيب، فعاونها عدي على الجلوس جواره بالسيارة ثم تحرك بها حتى وصلا للعيادة الطبية، فما أن خرجوا من المصعد لداخل العيادة حتى صعق عدي وهو يراقب من يجلس أمامه، وردد بعدم تصديق:
_إنت!!
نهض المصعوق الآخر وهو يجاهد لخروج كلماته:
_عدي!
لاحت بسمة واسعة، تزف شماته وهو يردد بغمزة خبيثة:
_يا أهلًا بالأسطورة… منور عيادة النسا!!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ترويض الشرس (أحفاد الجارحي 5))

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى