Uncategorized

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

  نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

نوفيلا إنذار بالقتل الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

كانت الأجواء مشحونة بغضب مكتوم بين “إسلام” ووالده جعل الخوف يعتلي ملامح “مني” وانقبض قلبها بذعر عندما رأت الغضب يزيد ويتدافع بأعين زوجها من طريقة حديث وحيدها الغريبة والجديدة كليًا عليه.. 
وضع” إسلام ” كلتا يديه بجيب سرواله، و اقترب منه بخطوات ثابته، و تحدث بهدوء قائلاً.. 
“بنتك هي اللي جابت لنفسها الضرب.. أنا حذرتها قبل كده تلبس طرحة على شعرها ولبس خروج مش لبس بيتي لما خطيبها يجي،و مسمعتش الكلام يبقي تستاهل اللي عملته فيها علشان تسمع الكلام بعد كده”.. 
“أنت اييييييييييييه مبقاش حد قادر عليك”.. 
قالها “عبد الحميد” و هو يقطع المسافة بينهما، و قام صفعه بكل قوته على وجهه حتي أطاحت الصفعة وجهه للجهه الأخرى.. 
تسمّر” إسلام ” محله مصدومًا لبرهةٍ، و ما لبثت الصدمة أن تناقلت إلى أمه.. إلى زوجته التي صرخت بألم واعتلي نشيجها وكأن تلك الصفعة هبطت على وجهها هي، بل على قلبها مزقته أربًا.. 
بيننا ارتمي “عبد الحميد” على مقعده ثانيةً وتحدث بأسف قائلاً.. 
“دا القلم اللي ضربته لأختك قدام خطيبها.. أنا ردتهولك قدام مراتك علشان تحس على دمك وتعرف أنت وجعت أختك اد أيه بعملتك دي”..
أدار “إسلام” وجهه ببطء لينظر إلى أبيه من جديد، كانت نظرة متخاذلة، خائبة، مستنكرة..
ثم جمع نفسه و ولّى لداخل شقته بخطواتٍ واسعة غالقًا الباب خلفه بعنف كاد أن يحطمه .. 
هرولت زوجته” رقية” بالركض خلفه ليوقفها صوت”عبد الحميد ” بحدة قائلاً.. 
“تعالي يا رقية يا بنتي وسبية دلوقتي.. أنا عايزك في كلمتين”.. 
نظر لزوجته “مني” التي ترمقة بنظرات عاتبة، و دموعها تهبط بغزارة على وجنتيها جعلته يصطك على أسنانه غيظًا، و دفعها برفق لداخل شقتهما وهو يقول.. 
“خلينا نقسي عليه شوية يمكن القسوة تفوقة يا مني، و كفاية طبطبه لحد كده”..
وقفت” رقية” في حيرة من أمرها تذهب وراء زوجها، أم تدلف خلف حماها؟!، تعلم أن زوجها بأشد الحاجة إليها الآن ليترمي داخل بأحضانها كعادته حتي تهدأ ندبات قلبه.. 
وجدت نفسها دون إرادتها تتراجع للخلف نحو شقتها، قدميها لم تعد تتحكم بهما، قلبها يصرخ بها ويحثها على احتواء زوجها بين زراعيها كما تفعل مع صغيرها حين تعنفه على خطاء ما، و تسرع بنفس اللحظة بضمه لصدرها تمحي أثر العنف الذي تعرض له على يدها.. 
“قولتلك تعالي عايزك يا رقية يا بنتي”.. هكذا اوقفها “عبد الحميد” قبل أن تصل لباب شقتها.. 
“هطمن على إسلام بس واجي لحضرتك يا عمي”.. 
أردفت بها بصعوبة من بين شهقاتها الحادة.. 
حرك “عبد الحميد” رأسه بالنفي، وبداخله يعلم هو مدي تعلق وحيده بزوجته، و أنها إذا خطت للداخل لن يتركها تخرج مرة أخرى..
“يابنتي تعالي هقولك كلمتين، و أبقى روحيله”.. 
على مضض انصاعت” رقية” لحديثه، ودلفت لداخل شقة حماتها غالقة الباب خلفها.. 
“ملكش حق أبدًا في اللي عملته يا عبد الحميد.. أنت قسيت على الواد أوي يا أخويا، و كسرت نفسه قدام مراته”.. 
غمغمت بها “مني” التي جلست على وسادة موضعة على الأرض تبكي بنحيب.. 
أخذ” عبد الحميد” نفس عميق، وسار نحوها جلس بجوارها، ربت على قدمها بحنو مردفاً.. 
“انا بشد عليه علشان ارجعه لعقله، و افوقه من اللي هو فيه دا يا مني.. أنتي عجبك حاله، و اللي وصل ليه؟! “.. 
خفضت “مني” وجهها بخزي من تصرفات وحيدها، ليتابع “عبد الحميد” بأسف.. 
“انتي عارفة الواد عطوة الصبي اللي شغال معايا اتصل بيا من شوية قالي وهو جاي يفتح المحل شاف إبنك خارج من بيت سعد الصايع اللي بيلم شوية مجرمين وحشاشين ويفضلوا سهرنين طول الليل يسكروا، و أنا كام مرة أقول لابنك يبعد عنه و كفاية التدبيسة السودة اللي دبسة فيها، وبرضوا ابنك راكب دماغه، و بيروح يسهر عنده للصبح”.. 
صمت لوهلة يلتقط أنفاسة، و تابع بتنهيدة.. 
“تعرفي ان ممكن البوليس يطب عليهم في أي وقت ويلمهم كلهم في البوكس”.. 
شهقت” رقية” بهلع، وتحدثت مستفسرة.. 
” ومين بس اللي هيبلغ عنهم و يفتح عين البوليس عليهم يا عمي؟! “.. 
تنقل” عبد الحميد ” بنظرة بين زوجته، و زوجة أبنه، وقال بجمود يغلفه قسوة مصطنعة.. 
“أنا اللي هبلغ عنهم لو فضل جوزك ملموم عليهم”.. 
هنا ضربت” مني” على صدرها بقوة، و نظرت له بغضب عارم و أردفت بشراسة.. 
” عايز تودي ابنك في داهية يا عبد الحميد؟!!! “.. 
” مش أحسن ما ياخد مخدرات معاهم وهو ملوش فيها زيهم و يرجعلنا في يوم جثة يا مني”.. 
أدمعت عينيه، وتابع بصوت تحشرج بالبكاء.. 
” لو اتحبس يبقي أرحم عندي ميت مرة م
ن أني اخسره للأبد”.. 
قالت “مني” بلهفة.. “الشر بره وبعيد يا عبدو.. ربنا يحميه ويحفظه لشبابه وينور بصيرته إسلام ابن مني قادر يا كريم يارب”.. 
أمن” عبد الحميد” على دعائها، و” رقية” أيضًا أمنت بقلبها بألحاح شديد تناجي ربها و تستجديه أن يستجيب، لتجحظ أعين الجميع بصدمة حين أخترقت جملة “عبد الحميد ” أذنهم يقول بصرامة.. 
” عايزك تطلبي من إسلام الطلاق يا رقية يا بنتي، و تقوليله السبب أني هبلغ عنه لو هو الصيع اللي بيروح لهم كل ليلة”.. 
” عايزني أطلق من جوزي في ظروفه دي يا عمي؟!”.. 
غمغمت بها “رقية” بذهول، و قد أصبح عقلها غير قادر على الاستيعاب.. 
” أنت بتقول ايه يا بابا.. إسلام أخويا روحه في رقية، ويمكن هي اللي ملجمة تصرفاته شوية”.. 
قالتها” آية ” التي خرجت للتو من غرفتها بعدما قامت بوضع الصغيرة النائم على فراشها، واغلقت عليه الباب بحرص حتي لا تزعجة.. 
“جري أيه يا عبد الحميد.. أنت عايز تفرق بين ابنك ومراته، و تخلي الواد يتقهر زيادة ولا أيه”.. 
قالتها” مني” وهي تعتدل بجلستها، وتنظر له بنظرات نارية.. 
أطبق “عبد الحميد” جفنيه بقوة، و تحدث بنفاذ صبر قائلاً.. 
“يا بنتي أفهمي دا مجرد تهديد مش أكتر.. أنتي هتقولي لجوزك كده علشان يحس انه هيخسرك ويرجع لعقله ويبطل يروح للعيال المجرمين دول.. لكن لا أنا هبلغ عنه ولا أنتي هتطلقي”.. 
اقتربت “آية” و جلست بجوار والدها، و أمسكت يده بين كفيها وتحدثت برجاء و تعقل.. 
“بلاش يا بابا.. أحنا كده بنضغط على إسلام أوي، وزيادة الضغط دي ممكن تخليه ينفجر ويتصرف تصرفات متهورة من غير تفكير”.. 
اجهشت” رقية” ببكاء مرير وهي تقول.. 
” أيوه يا عمي كلام آية صح بلاش نقسي عليه أكتر من كده، و كفاية القلم اللي حضرتك ضربتهوله دلوقتي، وبالله عليك سيبني اروحله”.. 
” ضربت إسلام يا بابا!!!! “.. غمغمت بها” آية ” وقد تجمعت العبرات بعينيها، و انهمرت بغزارة على وجنتيها حين حرك “عبد الحميد” رأسه بالايجاب.. 
” روحي لجوزك يا رقية يا بنتي، و خليكي جنبه مش هنبقي أحنا والزمن عليه”.. قالتها” مني ” وهي ترمق زوجها بنظرة ذات مغزي.. 
هرولت “رقية” لخارج الشقة وقبل أن تفتح الباب قال “عبد الحميد”.. “لو فكرتي في كلامي هتلاقيه صح يا رقية يا بنتي.. عايزة جوزك حاله يتعدل يبقي لازم يحس انه هيخسرك أنتي بالذات لأنك أغلى حاجة في حياته يمكن أغلى مننا كمان، و عشانك هيعمل المستحيل”.. 
…………………………………….. سبحان الله????…. 
بمنزل شرف الحداد.. 
دوي صوت صرخات متتالية داخل عيادة الدكتورة “تهاني” الواقفة داخل المطبخ تردد بعض الأذكار أثناء تحضير طعام الغداء برفقة ابنتيها الجالستان حول والدهما على طاولة مستديرة.. 
بين لحظة وأخرى تدوي الصرخات تصم الأذن و تجعل القلوب ترتعد فزعًا.. بينما “شرف” وعائلته يجلسون بهدوء، وبرود أعصاب بعدما اعتادو على حالات الولادة التي تقوم بها “تهاني” يوميًا.. 
“أبرمي صابع المحشي كويس يا ندي علشان ميفكش وهو بيستوي”.. أردفت بها “تهاني” وهي تجلس بجوارهم على الطاولة و تقوم بأطعام زوجها طبق من الكنافة بالمانجو الذي يفضله.. 
“انتي مش هتنزلي تشوفي الحالة اللي خرمت ودنا صريخ دي”.. 
قالها “شرف” بمرح وهو يتناول من يدها الطعام بتلذذ.. 
ضحكت” تهاني” و هي تجيبه.. 
“الطلق لسه في أوله بس هي حابة تدلع على جوزها شويتين”.. 
رسم “شرف” الجدية على محياه الذي ما زال وسيم مغمغمًا.. “من حق كل ست تدلع في اللحظة دي بصراحة يا أم نوح”.. 
” اممم.. طيب يا أبو نوح هتصل على ولادك اطمن عليهم”.. 
دمدمت بها “تهاني” بقلق واضح على ملامحها الحنونة.. 
ارتفع حاجبي” شرف” بتعجب وهو يقول.. 
” ما أنتي لسه مكلمة نوح من عشر دقايق، و اطمنتي عليهم.. سبيهم يشوفوا شغلهم يا تونة “.. 
” طيب هقولهم يجو علشان ياكلوا المحشي وهو سخن”.. همست بها بنبرة طفوليه، وصمتت للحظة وتابعت بتنهيدة.. 
“قلقانة أوي بصراحة يا شرف.. حاسة ان في حاجة هتحصل، و عايزة ولادي يكونوا هنا قبل الليل ما يدخل”.. 
…………………………….. الحمد لله ????……… 
بشركة الحداد.. 
يقف” نوح” بين العمال يتابع الشغل بنفسه،بل ويقوم بمشاركتهم والعمل علي الماكينات بيده مغمغمًا.. 
” الهمة يا رجالة.. عايزين نخلص كل الشغل اللي ورانا دا علشان نرجع بيوتنا قبل ما الدنيا تشتي علينا”.. 
“الشغل كتير انهارده اللهم بارك وكده فيها سهرة لحد بعد نص الليل يا نوح”.. 
قالها “نور” شقيقه وهو يعمل أيضًا بجواره بمهارة وخفه اكتسبوها من والدهما منذ الصغر.. 
جملة” نور” جعلت القلق يزحف لقلب” نوح” فالأجواء اليوم تبشر بأن الليل سيكون عاصف و ممطر، و لكن هناك جزء بقاع قلبه يشعر بشئ ما لا يدري ما هو إلا أنه يجعل دقات قلبه تنتفض انتفاضة جديدة كليًا عليه، فأطلق زفرة نزقة من صدره متمتمًا بسره.. 
“خير.. خير يا نوح”.. 
………………………………. لا إله إلا الله ????…… 
بشقة “إسلام”.. 
دلفت “رقية” للداخل تبحث عن زوجها بلهفة، حتي رأته يقف خلف نافذة غرفة النوم بشرود،الألم ظاهر على ملامحه، عينيه متحجرة بها العبرات.. 
سارت نحوه بخطي هادئة حتى توقفت خلفه مباشرةً.. 
المسافة بينهما لا تُذكر، لكنهما لا يتلامسان، اغمضت عينيها ببطء لتنهمر دموعها على وجنتيها، و أخذ
ت نفس عميق تملئ رئتيها بعبق رائحته التي تعشقها حد الإدمان.. 
رباه!!!.. 
كم تشتاقه، فمنذ تلك المحنة التي تعرضوا لها وهو مبتعد عنها، لا يقربها إلا للحظات لا تذكر يضمها لصدره، و من ثم يستعيد وعيه و ينتفض بعيدًا عنها على الفور.. 
رفعت يدها ، ووضعت أصابعها على ظهره، تشنج جسده اثر لمستها، وعلقت أنفاسه بصدره وهو يستشعر الذبذبات الحارة المنبعثة من جسدها الآخذ بالاقتراب منه.. 
“إسلام”.. 
هامست بها “رقية” بحميمية أيقظت كل مشاعره التي يحاول اخمادها تجاهها مرةً واحدة جعلته يستدير لها فجأة، واجتاحها فورًا، مفرغًا فيها و عليها جام شوقه و ضيقه و يأسه.. 
ولكن جمد محله، وتوقف عن ما يفعله حين استمع لهمسها الباكي المرتجف تقول.. 
“طلقني يا إسلام”.. 
جملتها هذه كانت الشرارة التي أشعلت نيران ربما تقضي على الأخضر واليابس.. 
يتبع…..
لقراءة الفصل الرابع : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول النوفيلا : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!