Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

ما أن صرخت مهجة قائلة بفزع هائل: جلالالالال حاسب… حتى استيقظت حواسها من جديد ووعت لما يدور حولها.
فقطب جلال حاجبيه بسرعة كبيرة والتفت خلفه بحذر، فوجد شخص ما يقفز من فوق حافة المغارة وراءه ليقتله بسلاحه…. فتفادى سقوط الرجل على أعلى كتفيه من الخلف بسرعته المعتادة.
وكاد أن يتصرف معه كعادته لولا مهجة كانت الأسرع هذه المرة حيث فوجئ بها تطلق الرصاص على الرجل وهي محموله بين ذراعي زوجها…. وجاءت الرصاصة في يد الرجل الممسكة بالسلاح فتعالت صيحات الرجل من الألم.
فسقط متألماً تتعالى صرخاته لينقذه أحد…. دُهش جلال من تصرف مهجة فضيق عينيه متسائلاً…. فحدقت به قائلة له ببرود مفتعل: تعليمك يا سعات الباشا… فابتسم ساخراً بجانب شفتيه قائلاً بتهكم: كويس عجلتي في الوجت المناسب.
تذكرت كل شيء هذه المرة… فتأملته بلوم شديد فهم نظراتها لكنه رغم ذلك قال لها بضيق: شايفه نتيجة عمايلك السودة توجعينا إكده مع عصابة من المطاريد…. وبمنظرك وشعرك ده كمان… إن ما وريتك.
انتزعت نفسها من بين ذراعيه ووقفت على الأرض لمواجهته عن قرب قائلة له بحدة: ماني كنت مستعجله وعايزة أهرب منيك، أعمل إيه يعني…. أمسك بيدها فجأة باتراً باقي عبارتها.
إذ فوجئت به يجذبها وراء ظهره، ليحميها بكل قوته من رجل كان خلفها هاتفاً بها بقوة: حاسبي يا مهجة…!!!
وقفت خلفه تراقب الوضع فوجدت مجموعة من الرجال يهبطون من السيارة وانقسموا إلى مجموعتين، أحدهما تحاوط المكان والثانية متجهون صوبهم.
ويتوسطهم كبيرهم…. وقف جلال يراقبهم بترقب قائلاً لمهجة بحسم: اوعي تتحركِ خطوة واحدة من ورايا.
فقالت له بطاعة: حاضر…. تطلع كبير المطاريد إلى جلال بغضب وكبر قائلاً له بحدة: أهلاً بجناب العمدة… نورتنا.
زفر جلال بغضب قائلاً له بحدة مماثلة: انت مش كنت مسجون يا صجر… تنهد صقر قائلاً له بضيق: خرجت يا عمدة لأن ملجوش حاجه تثبت إني مجرم.
ضحك جلال متهكماً بقوله له بسخرية: طب وخطف مرتي دلوك ده ميعتبرش جريمة ثابته عليك…. يا صجر لاه وكمان مش مرت أي حد كمان.
صمت صقر وهو ينظر إلى جلال بتفكير قائلاً بحنق: لاه ميعتبرش اكده… لأن بيني وبين أبوها تار جديم جوي.
حاول جلال ضبط أعصابه جيداً بقوله الصارم: آدي انت جولتها بينك وبين ابوها هيه مالها بتارك منيه عايز والله أول مرة اعرف ان الحريم بجى يتاخد منيهم التار، وازاي تجرؤ يا صجر تعملها وياي ولا تكون مش خبرني زين.
صمت برهة وقال له بضيق: خابرك جوي جوي… ومين حدانا اهنه في البلد ولا الجبل ميعرفكشي ياعمدة.
كانت مهجة تستغرب من هذا الهدوء الذي يبدو عليه زوجها… تراقب الوضع حولها بقلق، وترقّب ثابتةً وراء ظهره.
في هذه اللحظة كان جلال يحاول تضييع بعض الوقت… إلى أن يأتي شريف ومعه قوات الأمن.
زفر بغضب قائلاً بانفعال: تمام اكده حسابك هيبجى مضاعف ويايا يا صجر، مادام اتجرؤت وعملت اللي عملته دلوك.
حدق به صقر بحده بسبب تهديدات جلال الواضحة…. دون خوف من هؤلاء المطاريد…. أشار صقر لأحد الرجال الواقفين بجواره… ليتقدم نحو جلال… استمع الرجل إلى أوامره… وتخطى خطوتين نحو جلال… المنتبه والمتيقظ لكل شيء سيفعلونه الآن.
لم يعي الرجل ماذا يحدث له إذ أصابه جلال برصاصة في قدمه فخر ساقطاً يصرخ من الألم الشديد.
ارتعب قلب مهجة من هذه المواجهة التي حدثت بسبب تهورها… الذي أدى إلى ذلك.
تمسكت بثيابه من الخلف فهمس لها: متخافيش… افتكري شجاعتك مع حرامي شنطتك.
تذكرتها بالفعل قائلة بيأس: بس دي مش آني، دي مهجة الجديمة…. تنهد بضيق قائلاً بنفاذ صبر: خلاص افتكري التدريب اللي دربتهولك… ولا تكوني نسيتيه.
فقالت له بيأس: لاه منسيتش بس دول كتير جوي…. فقاطعها قائلاً بنرفزة خافتة: خلاص يبجى بطلي حديت دلوك واسمعي حديتي زين ونفذيه.
رأى جلال اثنان من الرجال الآخرين يقتربون منه بأوامر من صقر الذي يقف والغضب يملأه.
بسبب ضرب معظم رجاله عند مجىء جلال في البداية مما أدى إلى اتيانه برجال آخرين غيرهم من باقي عصابته.
قائلاً بغضب: هاتولي مرته بسرعة يا رجاله…. اشتعلت عينيّ جلال كالجمر هاتفاً به وبرجاله بغضب حاد: إياك تفكر تعملها يا صجر وانت هتشوف بعينك إيه اللي هيجرالك ويجرالهم.
زفر صقر بحرارة قائلاً له : انت صحيح العمدة لكن عمرك ما هتغلبنا كلاتنا اكده.
زاد كلماته غضب جلال قائلاً له بانفعال: طب جرب وانت هتشوف يا صجر… شعروا رجال صقر بالتردد من الاقتراب من جلال وزوجته.
هتفت به مهجة قائلة بتوتر: آني خايفة يا عمدة جوي…. قاطع عبارتها قائلاً لها بضيق: لا متخافيش … ده انتِ مش بتخافي مني أني وبتتحديني كتير جوي ،هيبجى هتخافي منيهم كيف.
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تتمسك به جيداً قائلة : معجوله مش بخاف منيك.
تنهد قائلاً لها باختصار غاضب: امسكي سلاحك زين واللي يجرب منيكي اتصرفي معاه وآني معاكِ متجلجيش.
اصتنتت إلى حديثه جيداً وفعلت مثلما أمرها، فقد تمسكت بسلاحها جيداً…. تراجع جلال إلى الوراء خطوتين تأهباً لأي شىء يحدث وقرأ الخوف في أعين رجال صقر.
فاستغل هذه النقطة وأطلق عدة رصاصات تحت أقدام الرجلين، فخافوا سوياً وتراجعوا إلى الوارء.
ابتسم جلال ساخراً من منظرهم، فنهرهم صقر بشدة قائلاً لهم: ما تجربوا منيه وتجيبوا مرتوا.
حدقوا به بتردد وقال أحدهم: أني عندي عيال يا كبير…. اتسعت عينيّ صقر بغضب فخاف الرجل وتأمل الرجل الذي بجواره بقلق.
فاقتربوا مرةً ثانية باتجاه جلال… فرمقهم بتحدي قائلاً بتهديد: جربوا إكده منيها وولادكم هيتيتموا الليلة….
ما أن رأى يحيى كلماتها المنبعثه في هاتفه حتى كاد يكسره وقام ببعث رسالة صوتية غاضبة هذه المرة قائلاً فيها: ومين جال إنك هتروحي الكلية تاني.
بُهتت مريم عندما استمعت إلى صوت رسالته… وتحجرت مقلتيها على هاتفها…. قائلة لنفسها بذعر: آدي إللي كنت خايفة منيه.
وحارت مريم ماذا عليها أن تفعل هل تستمع إلى كلماته ولا تذهب إلى كليتها أم تواجهه بما في نفسها من قلق… فقد اصبح الواضح عليه من كل ما يفعله انه مازال لايثق بها.
فكيف إذاً سيتزوجها وهو لا يصدق تصرفاتها…. ويشك فيما تفعله حتى بذهابها إلى الكلية.
طال ترددها هذا فوجدت رسالة أخرى بصوته يقول لها بضيق: يعني مردتيش عليه يا هانم إيه نمتي دلوك….. ولا يكون مش عجبك حديتي.
زفرت مريم بعدم ارتياح وكتبت له قائلة بتحدي: أيوه مش عجني وشكلك إكده لساتك معندكش ثقه فيه لدلوك.
تجاهل يحيى ما قرأه وبعث إليها برسالة صوتية قائلاً بحده: آني جولتها كلمة وتتسمع فاهمة….
تمنت مريم في هذه اللحظة أن يكون موجوداً أمامها لتفرغ ما لديها من غضب في وجهه.
وبدلاً عن ذلك بعثت له برسالة نصيه تقول له فيها: يبجى طالما ما مش واثق فيه يبجى سيبني لحالي وانسى موضوع زواجنا من البدايةوكل واحد فينا يروح من طريق.
ما أن رأى محتوى رسالتها حتى ألقى بهاتفه على فراشه قائلاً بحده لنفسه: بجى اكده طب ماشي يا بنت عبدالرحيم…!!
شعرت مريم بالقلق يعتريها فايحيى لم يبعث لها برسالة للرد على رسالتها الأخيرة… قائلة لنفسها: يا ترى ندم على انه خطبني ولا إيه، ولا بيفكر يسيبني فعلاً زي ما جولتله…. وماصدج فجال يرتاح مني للأبد.
أغمضت عينيها هامسه لنفسها بألم: آه يا يحيى آه لو تعرف آني بحبك جد إيه مكنتش هُنت عليك ولو لحظة واحدة واصل.
لم يعد يحيى قادراً على النوم من بعد آخر رساله له من مريم، هامساً لنفسه بغيظ: بجى إكده يا مريم عايزاني اسيبك بعد كل اللي عملته علشانك… لاه مش هينفع اكده واصل… ولازم اتحدت ويا حسين بسرعة….واكتب كتابي عليكِ وساعتها بجى مش هتجدري تنطجي وأعمل فيكِ اللي آني عايزة كلاته.
حارت نوال وسألت نفسها ماذا عليها أن تفعل هل تذهب مثلما أمرها في رسالته أم لا… وتتركه يرحل دون وداع.
عقلها يخبرها أن تنتقم لنفسها ولا تذهب لكن قلبها يريد العكس وأن تودعه فهو سيبتعد لفترة طويلة إلى أن يأتي ويتزوجها…. ستشتاق إليه كثيراً وستحن إلى نظرات عينيه كلما تلاقت مع أبصارهم.
ارتجف قلبها وهي تتخيله يسافر ويبتعد عنها بالشهور الطويلة ويتركها وحيدة طوال هذه الفترة.
أيقظ ياسين تفكيرها به على صوت رنين هاتفه عليها في هذا الوقت المتأخر قبيل الفجر…. امسكت هاتفها بيد مرتعشة… مترددة هل ترد عليه أم تتركه.
لم تجيب على هاتفه مما جعل الغضب يسيطر عليه وود لو نزل بالأسفل وينفجر بها…. لكنه تذكر حديث والدته إليه فتراجع على الفور.
أعاد رنينه عليها مرةً أخرى ففتحت عليه هذه المرة بيد مرتبكة فتنهد ياسين بحنق قائلاً بسخط: ممكن اعرف مش عايزة تردي عليه ليه…. زفرت باضطراب دون أن ترد عليه.
فذم شفتيه غاضباً وقال لها: ما تردي ولا أنا بكلم نفسي…ها، لمعت عينيها بالدموع وتماسكت قائلة له بعذاب: نعم يا ياسين عايز إيه مني تاني…. بعد اللي حصل.
تنفس بعمق قائلاً بحدة: وهوه في واحدة محترمة تخلط ما بين سفر جوزها وبين اللي حصل الليلة انتي عارفه انا مسافر أد إيه المرادي.
هتفت به بحنق: مش عارفه ومش عايزة أعرف…. قاطعها مزمجراً وقال: نوال أنا لغاية دلوقتي ماسك أعصابي ولولا ان الوقت متأخر كنت نزلت ووريتك أنا هعمل فيكي إيه.
قطبت حاجبيها بقلق قائلة له بخوف: عايز تعمل إيه أكتر من كده… ها… ولا تكون علشان غصبتني على كتب الكتاب هيديلك الحق انك تتصرف معايا زي ما انت عايز.
هدر بصوته قائلاً بغضب: انتي ملكي يا نوال…. ليه لوحدي مهما تعملي ولولا اني مسافر لكنت جبت كل جهازك واتجوزنا علشان مسمعش كلامك ده تاني.
شعرت بتسلطه عليها من جديد قائلة له
بيأس: وانا فرحانه لكده انك مسافر لأن خلاص بكرهك ومش عايزه أشوف وشك تاني.
ما أن قالت ذلك حتى ألقى بالهاتف على الأرض بعنف…. وركض خارج غرفته والمنزل بأكمله وأخذ مفاتيح منزل والدته بالطابق الثاني.
قلقت نوال من عدم سماعها لصوته من بعد جملتها الأخيرة…. وتساءلت لماذا لم يجيبها… لكن هذا التساؤل لم يدم طويلاً إذ فوجئت بمن يفتح عليها باب غرفتها كالمجنون.
ما أن قال جلال جملته التهديدية لرجال صقر…. تراجعوا إلى الوراء بخوف وهلع .
فنهرهم الأخير قائلاً بغضب: مكنتش خابر ان الرجاله اللي معايا رجاله من ورج… وجُبنه بالشكل ده عاد.
أجابه جلال هذه المرة عنهم قائلاً بسخرية: علشان هما خابرين زين آني مين ولو حد مسني أومس مرتي بحاجه مش هيطلع عليكم النهار واصل إلا وبيوتكم متجفلة.
تطلع إليه صقر بغضب ولم يستطع أن يجيبه فقد وجد فجأة عربات الأمن المركزي ومدرعات مقبلة نحوهم وتحاصر المكان من كل اتجاه.
تبسمَ جلال عندها قائلاً بتهكم: يعني ما بتردش يا صجر دلوك، عاد صقر بخطواته للهرب لكن شريف ورجال الأمن أطلقوا العديد من الأعيرة النارية ليرهبوهم.
ولم يجد رجال صقر الكثر إلا المقاومة ضد رجال الأمن… كاد أن يغشى علي مهجة من المنظر فلمحها جلال وهو يتناول كفها ويركض بها أحد السيارت ليحميها من الكم الهائل من الرصاص الذي انطلق بين رجال الأمن ورجال صقر يدافعون عن أنفسهم باستماته. 
قائلاً لها بسرعة: امسكِ سلاحك كويس واوعي يغمى عليكي دلوك آني خابرك زين جوي.
حاولت التماسك أمامه قائلة له بعفوية: لاه متخافش واصل وراك راجل زين…. كاد أن يبتسم من كلماتها لولا الموقف لا يقبل ذلك.
وضعها خلف أحد السيارات قائلاً لها بلهجة آمره: خليكي اهنه اوعاكِ تتحركي… قاطعته قائلة بلهفة: لاه مش هسيبك لوحدك.. هز رأسه رافضاً بحزم: جولتلك خليكي اهنه واوعاكِ… تتحركي.
تركها جلال مسرعاً خلف أحد المدرعات وهو يرى صقر ورجاله يقامون ورجلين من عنده قد سقطوا صرعى على الأرض.
اقترب جلال من أحد رجاله المختبأ وراء سيارة تابعة لصقر…. وركله بغتةً في ظهره فاختل توازن الرجل وسقط على الأرض مستسلماً… رافعاً يديه دون سلاح بعد أن انحنى جلال وأخذه…. فشاهده أحد رجال الأمن فأخذه وتم القبض عليه
فأتى شخص آخر بعدها خلف جلال متسللاً ببطء…. وما أن شعر بوجوده حتى فوجىء بمهجة تضربه بالرصاص داخل صدره من وراء زوجهت…. فاتسعت عينيّ جلال بصدمة، وضيق.
هرولت ناحيته قائلة بلهفة: انت بخير مش اكده…. كويس اني جيت دلوك في الوجت المناسب.
فقال لها بغضب: آني مش جلتلك خليكِ هناك مفيش فايدة فيكِ بردك وبعنادك وياي.
هزت رأسها باعتراض قائلة له بدفاع عن نفسها: لاه مهما تعمل مش هسيبك واصل.
هنا تذكر هروبها منه والسبب في كل ما يحدث هذه الليلة قائلاً بحنق: لاه ما واضح انك مكنتيش عايزة تسبيني…. واللي احنا فيه دلوك ده كان بسبب إيه.
ابتلعت ريقها بصعوبة بعد ان فهمت مغزى كلماته قائلة له بتردد: آني آسفه يا عمدة…. قاطعها بغتةً وهو يضمها بذراعه الأيمن إلى صدره ويقتل شخص ما خلفها كاد أن يطلق الرصاص عليهم.
فارتعد قلبها بعنف وهو يتمسك بها بقوة بهذا الشكل…. وشعرت بالأمان مرةً أخرى والتي افتقدتهما منذ هاتين اليومين الذي قضاهما سوياً…!!!
تأملته وهو يحدق بالرجلين الملقون بالأرض…. ووددت لو بمكان آخر معه غير هنا…. التفت إليها قائلاً: علشان تبجى تسمعي حديتي زين.
تلاقت ابصارهم بصمت عميق في ظل هذه الظروف… ودفعها برفق خوفاً عليها خلف السيارة الواقفون بجوارها.
حدقت به بتردد قائلة له بعفوية : ما تجولي يا سعات الباشا يعني إيه رومانسية أصل مخبرهاش وسألتك عنيها جبل إكده ومجوبتنيش.
اندهش جلال من سؤالها الغير متوقع وفي ذلك التوقيت الغريب الذي هم فيه. 
شعر منها بالغيظ الغاضب من عدم تقدير للموقف العصيب الذي هم فيه قائلاً لها بعصبية : بجولك إيه يا اللي اسمك مهجة انتِ، هوه ده وجت مناسب لسؤالك الغبي، مش وجت جنانك دلوك.
ضمت شفتيها بسخط قائلة له بتلقائية : أصل لجيتني فاضية، فجولت أسألك، وكمان سمعت عنيها كتير جوي جوي يا باشا في الروايات ومخبراش عنيها أي حاجه واصل.
رمقها طويلا ببصره الغاضب وود لو ضربها الآن لكنه منشغل عنها بما يحدث.
فجأة انطلق عليهم وابلاً من الأعيرة النارية هما الإثنان من الجهة الأخرى للسيارة.
فنظرت إليه بصدمة قوية فقال لها بنرفزة : شايفة الرومانسية أهي هيه دي، إياك بجى تتخبطي في نافوخك وترتاحي دلوك ومتسألنيش تاني عنيها.
فاتسعت عينيها بذهول مضحك قائلة له بعفوية مضحكة واستغراب: بجى هيه دي الرومانسية لأ منيش عايزة أعرفها.
حاول جلال ضبط أعصابه جيداً بسبب ما تفعله به الآن…وكي يواجه الموقف جيداً تجاهل كل هذا الجنون من جانبها، وأشار لها بسرعة أن تنبطح أرضاً تحت السيارة وتزحف على بطنها.
فقالت له بلهفة: وانت هتعمل إيه…!!! فقال لها بحنق: اخلصي هعمل زييكي بسرعة اكده مفيش وجت…. فعلت مهجة ما أمرها به، وفعل بعدها المثل…
أشار لها بعينيه أن تتمسك بسلاحها جيداً… مشيراً مرةً أخرى إلى أرجل رجال صقر… الواقفون بجانب السيارة يتبادلون إطلاق ضرب النار مع رجال الأمن….والذين اطلقوا عليهم الرصاص منذ قليل.
فهمته مهجة من عينيه ماذا يريد… فأمسك جلال بكفيه قدمي أحدهم فتباغت الرجل وفعلت مهجة المثل مع الرجل الآخر فسقط الأثنان على وجوههم.
دون أن يدروا ماذا يحدث لهم… فجذب جلال الرجل تحت السيارة هو الآخر….. فابتعدت مهجة بتلقائية ليتصرف مع الرجل… فصرخ الرجل من ضربات جلال له في وجهه عدة مرات إلى أن أغشي عليه.
واستطاعت مهجة… أن تتمسك بقدمي الرجل بقوة هي الأخرى فالتفت الرجل وهي تجذبه من قدميه تحت السيارة لزوجها.
فرآها وكاد أن يدافع عن نفسه بالسلاح… وأخذ يركلها بقدمه كي تتركه لكنها عاجلته بضربه بالرصاص في قدمه… فتعالت صيحات الرجل من الوجع.
عندها أشار جلال لها بالخروج وراءه بعد أن اطمئن انهم لم يلحقوا بهم… خرج هو أولاً ثم مد يده ليجذبها لتخرج… ما أن اعتدل في وقفته حتى وجد شريف يركض نحوه واثنان من رجال قوات الأمن المركزي.
قائلاً له بلهفة: انتوا بخير… يا جلال… تمسك جلال بيد مهجة قائلاً له: أيوة الحمد لله…. بس اقبض على الأتنين اللي ملجحين تحت العربيةمنيهم واحد مصاب.
هز رأسه بالموافقة مشيراً إلى الحارسين بأن يقبضوا عليهم فصرخ الرجل المصاب وهو يحدق بمهجة بغل قائلاً لها: يخرب بيتك يا عواد…. آخرتك على يد حرمه.
ضحكت مهجة على جملته قائلة له بتلقائية مضحكة: صوح حديتك الماسخ دلوك… بس حرمة بمليون راجل مش بميه بس.
حدجها الرجل بنظراته الغاضبة… فقال جلال له بغضب: امشي بسرعة من اهنه جبل ما تلاجي الرصاصة التانية في الشمال.
انصرف الرجل متغاظاً ثم نظر جلال إلى زوجته قائلاً بغيظ: كيف تردي عليه اكده وآني واجف…. مليش جيمة ولا كيس جوافة وواجف جصادك.
فقالت له بفخر: وفيها إيه ياعمدة… مش آني اللي ضربته…. قاطع جملتها أحد رجال الأمن مهرولاً بتعجل نحوهم وهو يقول: جلال بيه صقر هرب منا… ضرب الاتنين اللي كانوا قابضين عليه…. واستخبى في مكان منعرفوش.
تناول جلال بسرعة منه الكشاف الذي بحوذته قائلاً بلهجة آمرة: خد الهانم وياك على العربية وآني هتصرف وانت يا شريف تعالى ورايا.
انصرف جلال مسرعاً… باتجاه المكان الذي من المحتمل وجود صقر به.
كان شريف يركض خلفه كما أمره باحثين بكشفاتهم عنه…. رآهم صقر أولاً فأطلق رصاصة على كتف شريف.
فصرخ فالتفت إليه جلال بجزع مقترباً منه وهو ينظر حوله للمكان التي جاءت منه الرصاصة.
فقال له جلال بلهفة: شريف انت كويس… فقال له بألم: آه كويس الجرح سطحي الحمد لله الحقه انت متقلقلش عليه.
تركه جلال مضطراً لذلك, وركض باتجاه صقر مرةً أخرى فرآه يريد الهرب من أعلى منطقه بالجبل… ركض بسرعة خلفه على ضوء الكشاف.
قائلاً له بغضب: سلم نفسيك يا مجرم مفيش داعي للمجاومة، فأطلق صقر عيار آخر طائش نحوه فتفادها جلال، فأطلق جلال بعدها عدة رصاصات من سلاحه الرشاش… في الهواء بتهديد.
قائلاً له بحدة: جولتلك مفيش مفر يا صجر سلم نفسيك بدل ما الرصاصة الجاية هتصيبك… فهتف معانداً قائلاً : منيش مسلم نفسي…. ويا انا يا انت يا جلال بيه.
وقبل أن يطيح به من أعلى الجبل، فجأة وجد زوجته مهجة خلف صقر تهدده بسلاح آخر غير الذي كان معها من قبل.
قائلة له بتهديد: لما الباشا يجولك سلم نفسيك من سُكات تبجى تسمع الحديد زين جوي ومن غير معارضه.
كان الذهول الأكبر من حظ جلال أكثر من صقر الذي كاد أن يلتفت إليها ليأخذها رهينة حتى يهرب.
لكنه فوجىء بجلال بإلقاء نفسه عليه من خلف ظهره، فسقطا الأثنان على الأرض فتجرح وجه صقر في الحال وأخذ يزيح بجلال من على ظهره فابتعد قليلاً ليتحكم به أكثر، وأمسكه من مقدمة جلبابه وعاجله بضربةً قوية في وجهه وأتبعها بعدة ضربات قائلاً بانفعال: إوعاك تتجرأ تفكر بس تلمسها بيدك الجذرة دي تاني مرة يا مجرم. 
فرحت مهجة من سماعها لذلك…. واقتربت منه واحتمت بظهره وهو يضربه مرةً أخرى فقال له صقر بضيق: معلش يا جلال بيه تتعوض مرة تانية.
رفعه جلال إليه من ثيابه وهو يوقفه على قدميه ويركله في بطنه عدة مرات قائلاً بانفعال: إوعاك تجول إكده مرة تانية بدل ما هتلاجي العيار طاير من نافوخك دلوك.
لم يستطع صقر الرد عليه من كثرة ما عاناه… وتم القبض عليه بعد أن أتى به جلال لبعض رجال الأمن وهو يمسكه من كتفه…. أخذه الحرس وانطلقوا به مع باقي المطاريد بعد أن تم السيطرة على الجميع.
ثم نظر جلال إلى زوجته قائلاً بغضب: إنتِ واعية للعملتيه دلوك، آني مش سايبك اهناك مع العسكري والرشاش ده جبتيه منين.
تظاهرت مهجة بالشجاعة قائلة له: جبته من العسكري… ومينفعش اتفرج عليك وانت لوحدك اكده يا عمدة.
هتف بها بصوت هادر: وانا من ميته وانا محتاج مساعدتك ولا مساعدة غيرك… مفيش حد غير ربنا وبس اللي بيساعدني….. وشكلك اكده انتِ مش واعية للي بتجوليه…. ولو كان جرالك حاجه عفشه دلوك تجدري تجوليلي آني كنت هعمل إيه من غيرك.
انتفض قلب مهجة عند سماعها هذه العبارة الأخيرة كأنها في حلم جميل هامسة بصوت غير مصدق: صحيح يا عمدة كنت خايف عليه.
حدجها بجمود هذه اللحظة شاعراً بأنه تسرع وأخرج ما بداخله بتلقائية وتهرب قائلاً بحدة: يالا بينا من اهنه بسرعة علشان اشوف شريف.
عاد والد جلال من المسجد بعد صلاته للفجر… فوجد يحيى مستيقظاً في حجرة المعيشة قائلاً له باهتمام: إيه اللي مصحيك لدلوك يا دكتور…!!!
تنفس يحيى بعمق قائلاً له: آني مجنيش نوم فجلت أصلي الفجر اهنه وبعد اكده احاول انام تاني.
جلس والده بجواره قائلاً له: طب اتصلت بالعمدة…. هز رأسه بالموافقه قائلاً له: أيوه بس مردش والمرة التانية لجيته مجفول، فتنهد بقلق واضح قائلاً له: مش خابر ليه جلبي مش مطمن لغيابه.
فقال له يحيى: متخافش يا ابوي.. العمدة أكيد نايم دلوك ولا حاجه وأول ما هيصحى أكيد هيتصل.
زفر بعدم ارتياح قائلاً له: بس بردك منيش مطمن لغيابه اليومين دول هوه ومرته.
تفهمه قائلاً له: طمن جلبك يا ابوي شويه وهتلاجيه بيتصل ويطمنك بنفسيه كمان.
أومأ برأسه قائلاً له: ربنا يستر يا دكتور يحيى، فقال له بهدوء: طب جوم نام انت دلوك أحسن امي تجلج هيه كمان… وتحس ان فيه حاجه.
استمع لنصيحة ولده وظل يحيى جالساً في مكانه لا يستطيع النوم من كثرة تفكيره من حديث والده وتذكره لمريم وما تفعله به هذه الآونة الأخيرة.
كاد أن ينخلغ قلب نوال من مكانه عندما رأت ياسين يقتحم عليها الغرفة بهذا الشكل الجنوني.
فقد بُهتت من رؤيته هكذا وهبت واقفة من فراشها بتلقائية… ابتلعت ريقها بصعوبة وهو يقترب منها وعينيه لا تنبآن بالخير أبداً.
فقالت له بنبرة مرتعشة: إيه اللي جابك دلوقتي في وقت متأخر زي ده.
ابتسم ابتسامة خبيثة شرسة وهو يقترب منها قائلاً لها بجفاء: بقى معقوله مش عارفه مين السبب في مجيي دلوقتي… انتِ هتستهبلي عليه يا هانم.
أغمضت عينيها بقلق من كثرة تحديقه بها بهذا الشكل وأمسكت بمقدمة منامتها لا تعرف كيف تختبأ من نظراته.
قائلة له بهدوء ظاهري: أرجوك اخرج بره منيش عايزة اتكلم معاك وكفاية فضايح بقى.
هز رأسه بقوة ممسكاً إياها من ذراعها فجأة قائلاً لها بحدة: انتِ إيه اللي بتقوليه ده… فضايح إيه دي انا جوزك يا هانم… ولولا سفري المستعجل مكنتش سيبتك إلا لما كنا عملنا الفرح وخلصت من كتر المشاكل اللي بتحصلي بسببك.
اتسعت عينيها بصدمة عظيمة قائلة له بتلقائية: ومين قالك اني كنت هوافق… فقاطع عبارتها بغيظ غاضب قائلاً بسخط: ليه انتِ فاكرة اني باخد رأيك انتي كنتِ هتلاقي نفسك متجوزاني غصب عنك ولا لسه هستنى كمان لما آخد إذنك علشان اعمل فرحنا.
هزت رأسها بعدم استيعاب لهذا التسلط والتملك الكبير من جانبه وانتزعت ذراعها بعنف قائلة له بضيق: ليه مليش رأي كمان إذا كنت عايزه أعمل فرح ولا لأ…. ولا تكون فاكر نفسك سي السيد…. وأنا جاريتك.
تنهد بغضب قائلاً لها بتحدٍ منفعل: أيوة يا نوال أنا سي السيد وإنتِ جاريتي واللي اقوله يتنفذ فاهمة بدل ما هتلاقي الأمور تزيد أسوء من كده فاهمة.
هزت رأسها بالرفض وانهارت أعصابها قائلة له: انت أكيد مش طبيعي ولازم تعرض نفسك على دكتور. نفسي… انا بكرهك اطلع برة بسرعة من هنا قبل ما اصرخ وألم عليك أهل البيت كله.
أغمض ياسين عينيه بقوة يحاول كبح جماح ثورته الداخلية والغاضبة عليها… والتي بدأت تطفو على وجهه وفي تصرفاته حيالها قائلاً بنفاذ صبر: حاضر يا نوال خارج بس قبل ما اخرج من هنا… لازم تعرفي حاجتين اتنين وبس… وتحطيهم في دماغك…
فرمقته بارتياب وهو يقترب منها بخطوات مهددة وألصق نفسه بها… فابتلعت ريقها بصعوبة، وهو يدنو منها ممسكاً بخصلة من خصلات شعرها الذي أسدله بأنامله القوية على كتفيها بحريةً منحنياً بجانب أذنها مردفاً بعبث غاضب: انك انتِ ليه لوحدي يا نوال ومهما تعملي مش هطلقك…. وإنك أكتر واحدة كدابة شفتها بحياتي.
ابتعد عنها وعينيه على وجهها المصدوم وهو يعرف جيداً كثرة تأثيره عليها… ووقف عند حافة باب الغرفة قائلاً ببرود خبيث: على فكرة هوه أنا قلتلك إن البيجامة حلوة عليكي زي ما تكوني بنتي الصغيرة بالظبط…. ثم ضحك بمكر عابث ملوحاً لها بكفه بهدوء استفذها مردفاً بقوله الماكر: تصبحي على خير يا جميل…. صحيح متنسيش معادنا باي يا حلوة. 
ما أن تركها ياسين حتى تهاوت على الفراش خلفها… غير مصدقه ولا تفهم لماذا يعاملها بهذه الطريقة البشعة وكيف يتهمها بالكذب هكذا.
هل شعر بما في قلبها من مشاعر… هل تفوهت بشيء ما جعله يكتشف ما بداخل قلبها…
ألقت بنفسها على بعذاب وحيرة على فراشها غير قادرة على استيعاب كلماته الأخيرة… هل يعبث بها ويريد شل تفكيرها أم انه يريد ان يكون المسيطر الأول والأخير على كل كلماتها وأفعالها.
هربت نوال من هذه الأفكار المزدحمة بالدخول إلى المرحاض لتتوضأ وتصلي الفجر عل قلبها يهدأ وترتاح قليلاً بصحبة ربها.
في اليوم التالي استيقظت مهجة في وقت متأخر من النهار…تثاءبت ببطء وفتحت عينيها… ظناً منها أنها ستجد زوجها لكنها لم تجده في مكانه.
استغربت على أنها لم تشعر به نادت مهجة نعيمة فأتت على الفور، ودلفت إليها تقول: نعم يا ست هانم.
تنهدت مهجة قائلة لها بتساؤل: العمدة خرج يا نعيمة… اومأت برأسها قائلة: أيوة يا ستي… فسألتها مرة أخرى باستغراب: خرج امتى؟
فأجابتها بهدوء: خرج من الساعة تسعة الصبح بعد ما فطر… اومأت برأسها قائلة لها: طب روحي انتي دلوك حضري الغدا علشان البيه لما ييجي يلاجيه جاهز.
بعد قليل وقفت مهجة أمام المرآه تهندم من ثيابها التي استبدلتها للتو متذكرة ما حدث مع زوجها… فها هو يتركها دون معاقبتها ولن يبادلها الحديث بعدما فعلته.
سيطر الحزن عليها لهذا الصمت المطبق من جانبه، وودت لو كان موجوداً لتحدثه هي وبسجيتها المعتادة معه.
هتفت بداخلها بضيق: كل ما تقربي منه هوه اللي بيبعد يا مهجة والمرة الوحيدة اللي قرب فيها منك هربتي منه بعدها.
صمتت برهةً تتذكر لماذا فعلت ذلك قائلة لنفسها بغضب: مش هوه السبب يعني بعد ما أكون مراته بجد اسمعه بيكلم شريف بالطريقة دي عني كأني واحده غريبه عنه… ميعرفنيش مسبنيش ليه زي ما انا وكان فضل بس جوازنا جواز مصلحة.
قاطع تفكيرها دخوله للغرفة ووقوفه أمامها… لم تنتبه إليه في البداية، إلى أن سقطت عينيها على قدميه وهو يقف أمامها غامض الوجه.
تلاقت أبصارهم بصمت عجيب قطعه هو قائلاً لها بجمود مختصر: ابجى جهزي نفسيكِ بكرة بإذن الله هنسافر القاهرة وهنرجع في نفس اليوم.
ارتعد قلبها ووقفت ببطء أمامه، خائفة مما استمعت إليه مع شريف قائلة له بدهشة وتردد: ليه يا عمدة في حاجه.
تنهد بضيق قائلاً لها بلهجة غاضبة: علشان هتنهي مهمتك بكرة… اتسعت عينيّ مهجة بصدمةٍ قوية قائلة له بعذاب: يعني خلاص يا بيه هطلجني…!!!
اشتعلت عينيه كالجمر من كلماتها وأمسك أعصابه جيداً قائلاً ببرود: أيوة هطلجك…!!!
تركها دون أن يعطيها فرصة لمجادلته فهو لم ينسى فعلتها بعد وإلى الآن لم يتحدث إليها بشأنها ولا سألها عن السبب وراء هروبها منه.
دخل مكتبه شاعراً بمشاعر شتى تملئ قلبه…. ومن الواضح هذه المرة أن العذاب سوف يكون من نصيبهما معاً.
نفض عن رأسه هذه الأفكار البغيضة وتذكر شيئاً واحداً فقط بأن مهمتها قد انتهت بالنسبة له لكن قلبه يرفض هذه الكلمة الآن مع انها الحقيقة الذي لابد من مواجهتها الآن.
في المساء كانت نوال شاردة الذهن … حائرة القلب والعقل في ذهابها غداً إلى المطار أم لا.
متذكرة لأمره الصارمة وتهديده لها إذا لم تذهب إليه…. وتساءلت لماذا لا يأخذها معه من البداية لتوصله في السيارة التي ستقله إلى المطار.
لكن يبدو أنه يريد ان يعرف شيئاً من وراء ذلك… همست لنفسها قائلة بضيق: يا ترى يا ياسين بتدبرلي في إيه تاني.
أخرجها من شرودها هذا صوت رسالةٍ على هاتفها ،ففتحتها بسرعه عله يكون هو فمنذ الأمس لم تراه بعد فاتسعت عينيها بصدمةٍ بالغة لما رأته للتو فقد كانت رسالة فيديو على هاتفها من رقم لا تعرفه من قبل.
فاندلعت نيران الغيرة داخل قلب نوال عندما شاهدت ياسين…. نائماً منبطحاًعلى وجهه في فراشه وتخرج من غرفته… نهى.
أغمضت عينيها غير مصدقه…. ما رأته هامسه لنفسها بصدمة: مستحيل…. استحالة يكون ده ياسين اللي أعرفه يعمل كده…. صحيح ياما عذبني كتير لكن مش بالطريقة دي يا ياسين…. مش بالطريقة دي…. حرام عليك أنا تعبت.
اغلقت الهاتف وألقته أرضاً، لا تريد امساكه مرة أخرى…. فهذه المرة لن تسامحه ابدا ولن تذهب إليه في المطار مهما فعل.
انهمرت دموع القهر والمرارة من عينيها وهي التي كادت أن تصدقه من اصراره على مجيئها لتوديعه في المطار.
لكن لا لن تذهب وراءه وستتركه يغادر دون وداع… 
سافرت معه مهجة في اليوم التالي إلى القاهرة في سيارته الخاصة وقادها بنفسه هذه المرة دون سائقه الخاص… وطوال الطريق لم يعيرها أدنى اهتمام وبصره يراقب الطريق أمامه.
شعرت بالغضب من كثرة هذا التجاهل لها قائلة له بحنق: آني مش مرتك دلوك…!!! فالتفت إليها باللامبالاة قائلاً ببرود: وعايزة إيه يا مرتي…!!! فقالت له بتذمر: انت مش بتتحدت وياي ليه.
تنهد قائلاً بضيق: مليش نفس اتحدت وياكِ… فقالت بغضب: ليــه يعني وآني عملت إيه علشان تعاملني اكده.
زفر بغضب قائلاً بنفاذ صبر: فيه انك عملتي كتير جوي واسكتي دلوك خليني ساكت أحسنلك.
فقالت له باستكار: لا متسكتش يا عمدة واتحدت ويايا بجى علشان آني هطج منيك جوي.
اشتعل قلبه بنيران الغضب هامساً بصوتٍ كالفحيح: انتِ خابرة ان مسكتيش دلوك هلجحك من العربية، واريح البشرية منيكي ومن نافوخك المجنون ده يا مصيبة انتي.
تطلعت إليه بغيظ قائلة له بعناد مضحك: بجى اكده…. طب والله لاتحدت وغصب عنيك كمان…. ولا علشان فاكر نفسيك يعني عمدة ورائد حليوه اكده هدلج عليك، لاه فوج لنفسيك ده اني ست البنات.
فجأة توقفت سيارته محدثةً صريراً عالياً كأنها غاضبة هي الأخرى لغضب صاحبها.
فوجدت نفسها مرتدة للأمام من أثر سرعته في توقفها بغتةً فصرخت به قائلة بصوتٍ عال: بجى اكده طب هتتحدت بردك ومش هتجدر تمنعني مهما تعمل معايـــ…. لم تعي مهجة لما يحدث معها فقد وجدت نفسها فجأة بين ذراعيه يحتضنها بشدة كأنه ينتقم فيما تفعله به منذ يومين، يقبلها بعنف مبتلعةٍ باقي عبارتها بداخل فمها.
ارتعد قلبها وجسدها بين ذراعيه فهو لم يفعلها منذ أن هربت…. حاولت أن تبتعد عنه لكنها أرادت البقاء بين هاتين الذراعين التي اشتاقت إليهما كثيراً.
ابتعد عنها ليلتقط انفاسه… مستنداً بجبهته إلى جبهتها.. أنفاسه الحاره تلفح وجهها هامساً لها بصوت مبهم: إياكِ تكوني ارتحتي اكده…. وتسكتي عاد.
لم تعد قادرة على الرد فهو عشقها الأول والأخير على يديه عرفت معنى العشق الحقيقي، وتفتح قلبها على حبها له، وسوف يظل يعيش هذا العشق داخل قلبها حتى لوظلت هذه القبلة هي الأخيرة لها منه، فستعيش ذكرى كل لحظةً عاشتها بصحبته حتى القاسية ستظل في مخيلتها لم تنساها.
نادى أحد العساكر قائلاً بجمود: المتهم مصطفى محرم ييجي بسرعة هنا…. عنده زيارة.
استغرب مصطفى في نفسه من سيأتي لزيارته الآن وخرج بصحبة العسكري… دلف إلى مكتب ما بالقسم.
فوجد بانتظاره جلال ومهجة و معهم أيضاً زوجته السابقة والحالية فاتسعت عينيه بصدمة هائلة لوجود الجميع هكذا قائلاً بدهشة: ياسمين….!!!
وقف ياسين في المطار يترقب مجىء نوال من حين إلى آخر، كما أمرها وشدد عليها بالأمس بأن تأتي…. وهاهي لم تأتي بعد إلى الآن.
رمق ساعته باضطراب غاضب فوجدها تخطت الساعة الحادية عشرة والنصف… والتي كان من المفترض أن تأتي في العاشرة.
تنهد بغيظ منها ومن تصرفاتها الحمقاء…. فأخذ هاتفه ليطلبها لثالث مرة فوجد هاتفها مغلق.
فكاد أن يحطمه وهو غاضب منها…. تأفف قائلاً لنفسه بغضب: بقى كده يا نوال لولا ان السفر مهم لكنت رجعتلك ووريتك انا ازاي ميتسمعش كلامي.
مر عليه الوقت عليه كالدهر وبعد أن فقد الأمل في مجيئها أخذ حقيبة سفره مغادراً المكان نحو الداخل في صالة انتظار المسافرين للطائرة.
أغمض عينيه بضيق واضح وفجأة تجمد في مكانه عندما استمع إلى صوتٍ مميز يناديه: ياســـين…!!!
يتبع..
لقراءة الفصل الرابع والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى