Uncategorized

رواية ملك للقاسي الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم فاطمة أحمد

  رواية ملك للقاسي الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم فاطمة أحمد

رواية ملك للقاسي الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم فاطمة أحمد

أفديكِ.
____________________
داخل الغرفة الفخمة ، و على ذلك الفراش الوثير ، يستلقي مغمضا عيناه يحاول جلب النوم إليه بعد سلسلة من الأشغال التي لم تكد تنتهِ اليوم ، وبالفعل بدأت جفونه تتخدر و جسده يسترخي مستعدا للنوم قبل ان يصل لسمعه صوت رنات غريبة تزداد بمرور الثواني يتخلله صوت ضحكات مألوفة.
تنفس …
فتح عيناه مهمهما بضيق وهمس :
– مين اللي بتضحك كده في الوقت المتأخر ده.
حاول النوم لكن صوت الباب الذي أغلق بعن*ف أجفله و جعله ينهض جالسا :
– هو محدش بيقدر ينام زي الناس ولا ايه !
أبعد الغطاء عنه و خرج من غرفته ينوي توبيخ رهف المثيرة للضجة في هذا الوقت المتأخر من الليل لكنه توقف عندما رأى ابنة عمه … تلك الفتاة ذات 18 سنة التي أصرت على المبيت في منزلهما الليلة و ها هي تركض في البهو مرتدية أسدال الصلاة و الرنين اللطيف يتبعها في كل خطوة تخطوها ، هل إرتدت خلخال في قدمها ؟
حمحم يستعيد ثباته و تحرك يقطع طريقها ف انتفضت الأخيرة و نظرت للجسد الطويل الذي يقف أمامها يعقد ذراعيه و ينظر لها بوجوم وترها و جعلها تعود خطوة للوراء وهي تردد :
– ابيه ادم حضرتك لسه صاحي.
تنفس …
إبتسم بسخرية على كلمة ” ابيه ” التي تنطقها بمنتهى السلاسة غير مدركة لأن من يقف أمامها الآن هو زوجها الذي وقعت على عقد زواجه منه دون ان تدري منذ سنة تقريبا ، لوهلة فكر ادم في ماذا ستفعل عندما تعرف انها زوجته ماذا لو اخبرها الآن بكل شيء و يرتاح من كلمة أخي التي ترددها دائما ، بالتأكيد ستشحب ملامحها البريئة بشكل يستفزه او يتسبب لها في ج*لطة خماسية الأبعاد !!
بينما الأخرى تطالع وجهه الشارد بترقب وتحدث نفسها … بالطبع سيلقي عليها الآن محاضرة طويلة من محاضراته تجعلها تكمل باقي اليلة وهي تب*كي كالعادة لن يتوانى البليد عن تسمعيها كلماته المسمومة ، مثله تماما.
تنحنحت و أخفت قدمها بعدما لاحظت تركيزه عليها و على خلخالها الذي اشترته اليوم و كادت تغادر لكنه أوقفها بصوته الغا*ضب :
– هو انتي خليتي انام يعني ! جاية من بيتك عشان تجري هنا زي العيال الصغيرة و تعملي دوشة بالزفت اللي حطاه على رجليكي ايه محدش علمك تتصرفي ازاي لما تكوني ضيفة ولا ايه ؟
أجفلت من توبيخاته و كادت دمو*عها تهزمها و تنزل الا انها قررت هذه المرة عدم الاستسلام له فنظرت له بتحد :
– اولا ده مجرد خلخال معتقدش عنده القدرة يخليك متنامش بسبب صوته ثانيا انا مكنتش بجري كنت رايحة لأوضة طنط حنان و ثالثا انا مش ضيفة انا واحدة من العيلة و مامتك و باباك بيعتبروني بنتهم و بيحبوني اوي ف هتصرف براحتي محدش ليه عندي حاجة.
رفع ادم حاجبيه و قهقه بإنفعال :
– لا بجد فاكراه وراثة من عند اب… استغفر الله العظيم يارب اسمعي يا يارا اتأدبي و متنسيش اني اكبر منك والا مش هيحصل خير يلا لمي نفسك و روحي على الاوضة اللي هتنامي فيها لحد ما الشمس تطلع وتمشي من هنا.
رمقها بنظرة مستنكرة و إستدار ليغادر لكنه انصدم من كلامها الذي يسمعه منها لأول مرة :
– انت اكتر واحد قليل ربا*ية و عد*يم الزوق شوفته في حياتي !!
فغر فاهه و طالعها بدهشة تحولت الى غضب :
– انتي اتجننتي !
إتسعت ابتسامتها الراضية عن إهانته و أكملت :
– و مر*يض نفسي ولازم تتعالج.
– إخرسي !
صرخ بها وهو يتقدم نحوها ف انتفضت وتراجعت للخلف و بسبب خوفها لم تلاحظ الأريكة وراءها فإصطدمت بها ووقعت على الارض ، صاحت يارا بألم ممسكة قدمها و انت*حرت دمو*عها من مقلتيها تتبع أخواتها لتبلل وجنتيها اكثر …. بهت ادم و انحنى عليها بقلق :
– انتي كويسة رجلك وجعاكي.
مد يده يمسك قدمها المزينة بالخلخال فشهقت و سحبتها بسرعة قائلة :
– مينفعش !
أدرك مقصدها فزفر بضيق و أبعد يده مرغما :
– طيب قوليلي لو حاسة بوجع كبير عشان اوديكي المشفى.
تحولت نظراتها الى الغضب و قاومت أ*لمها لتنهض و تهتف بصوت عال نسبيا :
– انا مش محتاجة مساعدتك ولا أنك تقلق عليا سامع.
جز ادم على اسنانه وغمغم بحدة :
– وطي صوتك و بلاش تعملي شوشرة انا مكنتش اقصد اخليكي تقعي اساسا انتي اللي …. اللي …. بطلي تحركي رجليكي و تعملي الصوت ده !
صرخ فجأة بنفاذ صبر عند عجزه عن تشتيت أفكاره و تركيزه على رنات الخلخال التي أثرت فيه بشكل ما ، انتفضت يارا بغرابة قائلة :
– الصوت مضايقك ف ايه يا ابيه ؟
عض ادم على شفته السفلى بحنق و أردف :
– متقوليش ابيه …. انا مش اخوكي انا عندي اخت واحدة وهي رهف وبس متعمليش لنفسك قيمة و تفتكري انك واحدة من عيلتي !
لم يرد قول ذلك بالطبع ، لكن أعصابه أفلتت من كثرة انجذابه لذلك الرنين الرقيق و أيضا غضبه من ترديدها المستمر لكلمة ” ابيه ” ، لكن يارا طالعته بصدمة منكسرة ثم همست بأ*لم :
– انت ليه بقيت كده … ليه اتغيرت معايا و بقيت قا*سي و بتزعقلي على طول انت بتكر*هني للدرجة ديه ليه انا عملتلك ايه ! انت اتغيرت اوي و مبقتش الراجل اللي باخده قدوتي اتغيرت لدرجة انه ….
قاطعها الأخير بجفاء مقصود :
– احنا كبرنا و اكيد مش هفضل زي زمان مينفعش أمسك ايدك او اشيلك و اوديكي الملاهي ولا اقعدك على رجلي و احكيلك قصة ولا العب في شعرك و اعملك ضفاير اللي لازم تفهميه انك كل حاجة بتتغير مع الوقت حتى العلاقات و …. والمشاعر.
بدى وهو يتكلم كأنه يلقي شفرات سرية لا يفهمها غيره حديثه الغامض جعلها تعقد حاجبيها ببلاهة لكنها تمالكت نفسها و ردت :
– انا مبقولش شيلني و امسك ايدي الحمد لله عارفة حدودي بس على الاقل عاملني ب احترام ولو مش معتبرني أختك مفيش مشكلة إحترمني كبنت عمك لأن انا مش مضطرة استحمل إها*ناتك ديه !!
لم يجب عليها و اكتفى بتأملها بشرود فتنهدت يارا و تحركت لتتجاوزه لكنها تعثرت بقدمها المصابة و كادت تسقط لولا يده التي تلقفتها بسرعة و منعتها من السقوط ، شهقت يارا و رفعت رأسها لتجد عيناه مركزتان على شفتيها بنظرة بدت مريبة لها ابتعدت فورا كأن الكهر*باء صعقتها و احمرت وجنتاها عند ادراكها أنه حاوط خصرها بذراعيه ، تلجلجت و صاحت بخجل وغضب :
– ازاي تلمسني كده !
إبتسم ادم بسخرية و أجابها :
– اظن اني ساعدتك عشان متقعيش تاني متحر*شتش بيكي يعني !
– مطلبتش منك تساعدني متفكرش فحياتك انك تعمل فيا خير و تقدملي مساعدة انا مش محتاجاك لا دلوقتي ولا بعدين اقولك حتى لو جه يوم ووقعت فمشكلة متفكرش تنقذني.
قالتها بتحد فزفر الآخر و أراد لكمها الا انه تحكم في أعصابه و قال :
– محسساني اني همو*ت و اضحي بحياتي علشانك لا اطمني انتي مش عزيزة عليا لدرجة أساعدك اكتر من مرة او حتى اضحي بدقيقة من وقتي فداء ليكي !!
وجوه تتشوش …. كلام يصدر من بعيد رغم أن قائله قريب … طنين أجهزة يرتفع …. نبضات تنخفض …. أطباء و ممرضات يدخلون و يخرجون من الغرفة بسرعة هائلة و الضغط يزداد …. بكا*ء و صر*خات متحشرجة تخترق أذنيه في حالة الا وعي لكنه يشعر بها ومع ذلك لا تبدر منه انفعالات ، صعق*ات كهربا*ئية تجعل جسده يرتفع قليلا و يعود لينخفض …. بإستسلام مرير ، ثم يراها …. يرى ذكرياته معها ، لحظاتهما سويا و ضحكاتها الرنانة ، صورة الإيكو الخاصة بطفلته التي تجعل حياته ملونة رغم ان الصورة بلا ألوان ، عائلته ، عمه احمد ، و يعود ليوم زواجه ، و الى ساعة تحريره لوعد قطعه على زوجته بأنه لن يتركها …..
الأصوات تزداد و إسمه يتردد على كل لسان وهم ينادونه ، يترجونه للعودة الى الحياة ، ألاَّ يتركهم خلفه و يذهب ، لا يزال هناك الكثير ليعيشه معهم و العمر طويل أمامه ……
هدأت اصوات الأجهزة تهدأ و الضجيج يخفت شيئا فشيئا ، سكنت الصر*خات و الدمو*ع لم تفعل بل زادت حتى أصبحت على شكل شهقات ، و الجسد القابع بالداخل على ذلك السرير لم يبد حركة لكن تشنجاته اختفت.
” نبضات القلب مستقرة يا دكتور الحمد لله قدرنا ننقذ المريض ” ، كان هذا صوت الممرضة المتحدثة بعملية وهي تنظر للمؤشرات الظاهرة على جهاز القلب المتصل ب ادم ، تنهد زياد  براحة يمسح قطرات العرق المتصببة على جبينه و قال :
– يمكن مش هنقدر ننقذه المرة الجاية ديه تاني مرة قلبه يتوقف معتقدش انه يستحمل لو اتكررت ، رجعوله قناع الأوكسجين و خدو بالكم منه كويس !
ألقى تعليماته و فتح باب الغرفة ليجد عائلة تندفع له تسأله بلهفة عن حالة ابنهم و كل منهم يود الولوج لغرفته لولا منع الطبيب لهم ، تنهد الأخير و قال بعملية :
– اطمنو احمد لله سيطرنا على الوضع و نبضات القلب استقرت المريض جتله صدمة عصبية و مؤشراته انهارت و ده نوعا ما كان محتمل يحصل لأن الضربة على دماغه كانت قوية.
ارتفعت شهقات يارا الباكية مجددا وهي تدخل في حضن ابراهيم الذي سأله بلوعة :
– طيب يا زياد ادم هيفوق امتى بقاله اسبوعين في غيبوبة و حالته مبتتحسنش و ديه …. تاني مرة قلبه يقف.
هز رأسه مجيبا بتريث :
– يا عمي انا عايز افكر حضرتك ان ادم دخل المشفى وهو في حالة ميؤوس منها جالنا وهو مضروب على دماغه و مطعو*ن ب سكينة في بطنه و في صدره جمب قلبه ، عمليته استغرقت 10 ساعات كاملين و نبضه اتوقف لأكتر من 4 دقايق و ديه مدة طويلة بس مع ذلك هو لسه عايش مع اننا اتوقعنا ميستحملش اكتر من يومين يعني الغيبوبة اللي داخل فيها ديه تعتبر أحسن من خسارته بكتير و احنا محطيناش احتمال ليها بسبب خطورة وضعه.
صمت يراقب انفعالاتهم و أكمل :
– مش عايز اخو*فكم بس كونو مستعدين لكل حاجة ادم ممكن يطول في الغيبوبة كتير على ما يصحى و ممكن ….
صمت ولم يتابع بسبب صراخ رهف المنهار :
– و ممكن يمو*ت صح انت عايز تقول ان ابيه ادم هيموت رد عليا !!
لمعت عيناه بشفقة و اقترب منها يحضنها :
– احنا عملنا اللي علينا ومش هنقدر نعمل اكتر ادعوله يا حبيبتي ادم محتاج الدعاء حاليا اكتر من اي وقت تاني …. يلا الوقت اتأخر خليني اوديكي بيتنا ترتاحي انا عندي مناوبة الليلة ديه ومش هقدر اخد بالي منك وانتي هنا.
نظرت رهف الى يارا التي تطالع باب الغرفة بملامح شاحبة لا تمت للحياة بصلة و أرادت أخذها معها لكن تذكرت كلام ادهم و قوله أن ادم لم يكن سيغادر المنزل و يسمح لتلك العصابة بإيذائه لولا خروج يارا و تعرضها للخطر من طرف الرجال اللذين ارسلهم عمر ، و حتى عند التحقيق في القضية علموا ان قائد العصابة هدد ادم بزوجته و أخبره انه سيقتلها اذا قاوم ، و شقيقها اختار الاستلام و ض*حى بحياته لأجلها ! كل شيء تغير منذ ذلك اليوم ، الصورة المثالية التي كانت ترسمها لعمها لم تعد كذلك ، تبين انه سفا*ح ارتكب العديد من الجرا*ئم و أبشعها ق*تل شقيقه و كان السبب في انفصال اخيها عن زوجته عندما أرسل لها شابا يتحر*ش بها و وضع لها ادوية تجعلها تمر بنو*بات هستير*ية و العديد من الأفعال المشينة ، انصدم الجميع و انهار و كان اشد المتأثرين هو الجد سليم الذي اصيب بنو*بة قلبية ، و توفى بعدها بيوم واحد !!!
دمعت عيناها بوجع فزفرت بضيق و اشاحت وجهها عن ابنة عمها قائلة :
– تمام يلا نمشي…. ماما تعالي معانا هنوديكي البيت.
أجابت حنان وهي تجلس على المقعد الحديدي بوهن تنظر للباب الذي يفصلها عن ابنها :
– مش هروح لمكان و اسيب ابني انا مرتاحة كده.
حاول ابراهيم ثنيها و جعلها تعود للمنزل لترتاح لكنها رفضت بإستماتة و أصرت على ان تبقى هنا حتى يسمح الطبيب بزيارته ، تنهد بتعب وقبل ان يعرض على يارا الذهاب همست بحزم رغم تحشرج صوتها من كثرة البكا*ء :
– مش هسيب ادم يا عمي.
وضعت يدها على بطنها المنتفخة و تابعت محدثة نفسها :
– لازم يشوفنا واحنا جمبه لما يصحى.
_____________________
بعد مرور يومين على نفس الحال.
داخل مكتبه في الشركة.
تنفس بضيق و رمى القلم من يده بسخط :
– الله يل*عن الشغل اللي مبيخلصش ده انا بعمل ايه هنا و صاحبي في المشفى !
سمع طرق الباب و اذن بالدخول فدلفت رتاج مبتسمة :
– بشمهندس مازن صباح الخير.
رفع رأسه لها بتعب و علق :
– بتخبطي على الباب وبتقولي بشمهندس كمان ؟ ايه اللي حصل للدنيا.
ضحكت بخفة و ردت :
– انا شوفتك مضايق فقولت بلاش اعمل حاجة تضايقك اكتر انا بخاف على زعل حبيبي.
منحها مازن ابتسامة لم تصل لعينيه و قال :
– انتي مهما عملتي مبتضايقنيش … متغيريش طبيعتك.
اختفت ضحكتها المصطنعة و اقتربت منه تمسح على شعره :
– في ايه يا مازن مش قولنا ننسى الحزن ونقف على رجلينا و منفقدش الأمل اومال لما انت في حالتك ديه عيلة البشمهندس ادم هتبقى عاملة ازاي.
هز رأسه نافيا و أجابها :
– مش قادر … مش قادر اتخيل ان صاحبي اللي كان قوي و سند لعيلته و للي بيحبهم نايم بضعف و مش راضي يصحى … ادم داخل في غيبو*بة يا رتاج و عمه و ابنه هما السبب انا لسه لحد دلوقتي مستوعبتش اللي حصل للعيلة ديه بس …
تحشرج صوته مختنقا بالدمو*ع التي انذرفت منه فضمت رتاج رأسه لصدرها و همست :
– كل حاجة هتبقى كويسة و البشمهندس هيخف بإذن الله بس انت متضعفش خليك قوي و قد الثقة اللي اداهالك الاستاذ ابراهيم عشان لما ادم يصحى ميلاقيش حاجة اتغيرت.
حاوط خصرها و اغمض عيناه لدقيقتين ثم ففتحهما متمتما :
– الاجتماع بعد ربع ساعة البشمهندس آسر جه ؟
اماءت بإيجاب :
– ايوة و النهارده هيعرض معاك تصميمه على العملاء.
همهم و اعطى الملفات الموضوعة أمامه لرتاج و قال :
– طيب يلا نروح لأوضة الاجتماعات لازم نبقى موجودين قبل العملا.
– حاضر.
هتفت بها في تلقاىية ليستدير لها فجأة و يقبل جبينها هامسا :
– شكرا لأنك معايا …. بحبك.
******
في الصعيد.
صوت أزيز مزعج صدر فجأة في ذلك المكان المو*حش إثر فتح باب الزنزانة ، رفع القابع على الأرضية رأسه متوقعا مجيء أحد الحراس ليقدم له الطعام أو حتى المحامي لكن عند رؤيتها اتسعت عيناه بصدمة و تحركت شفاهه تنطق إسما واحدا :
– يارا !
طالعته بحدقتين متقدتين تحملان ش*را لم يدخل قلبها من قبل و ودت للحظة لو جلبت معها سك*ينا تقت*لع به قلب المجر*م الذي حر*مها من والدها و جدها و زوجها ، لكنها تمالكت نفسها و قالت بكر*ه لم تحاول اخفاءه :
– ايه اتفاجأت من وجودي ؟ مكنتش متوقع اواجهك صح.
لم يرد عليها و أخفض وجهه فقهقهت بسخرية مريرة مردفة :
– لا متنزلش عيونك خليك رافعهم و افضل تبصلي ببجاحة كده زي لما كنت بتبصلي بعد ما قت*لت ابويا و حاولت تقت*ل جوزي و بعت شاب يتعد*ى على عرضك يلا بصلي !
صرخت بآخر كلمة لتفر دمو*عها من عينيها المتأ*لمتان و تابعت :
– لييه !
وقف علي أمامها دون جواب فأمسكته من ملابسه و صاحت :
– عملت كده ليييه ها رد عليا انت فرطت ف اخوك ازاي قدرت تيتم بنت للمرة التانية ازاي انا دلوقتي مش بحاسبك على الا*ختلاس و السر*قة ولا لأنك بعت محمد ليا ولا حتى عشان غيرت ادويتي و بسببك قربت اتج*نن و اخسر بنتي …. انا بحاسبك و بسألك ليه حرمتني من اكتر انسان حبيته فحياتي ليه قت*لت أخوك ليه خد*عت البنت اللي كانت بت*عيط وهي في حضنك و تعتبرك أبوها ليه يا علي بابا غلط معاك ف ايه عشان تموته !!
خيل لها وهي تصرخ ان الدمو*ع تكاثفت في عينيه المنخفضتان في خز*ي فتركته مشم*ئزة و ابتعدت :
– علشان الفلوس …. علشان تاخد عب بابا ع الجاهز و عشان بعد ابنك عني و بوظ خططك ، تعرف حاجة صحيح انا دلوقتي مبكرهش حد زيك بس فنفس الوقت شفقانة عليك تعرف ليه ؟ شفقانة على الراجل اللي الكر*ه و الحق*د و الط*مع ملوه لدرجة يفرط في د*م أهله انت خسرت دينك و كرامتك وسمعتك بين الناس و خسرت الناس اللي كانت بتحبك فقدت احترام اللي حواليك و مرمي في ز*نزانة ومحدش عارف يمكن تاخد مؤ*بد او اعدا*م جدي سليم ما*ت من القهر اللي شببتهوله و أمك غضبت عليك … حتى ابنك اللي انت عملت كل حاجة عشانه شهد ضدك وقال انك خططت لكل حاجة وهو مكنش موافق.
ابتسمت بإنتصار عند رؤية دموعه تنزل ثم هتفت :
– ده المو*ت هيبقى رحمة ليك فهمت انا ليه شفقانة عليك دلوقتي ؟!
ألقت عليه نظرة أخيرة و تركته غير آبهة بما تسببت له من اها*نات فهو يستحقها ولو كان الأمر بيدها لط*عنته الآن بعدد الدمو*ع التي ذرفتها منذ مو*ت والدها لو كان الأمر بيدها لأحر*قته هو و ابنه مثلما احر*قها وهي حية !!
اتجهت الى المقا*بر تقرأ الفاتحة على ارواح احبائها و تدعو لهم و دموعها لا تكف عن النزول جلست امام قبر احمد الشافعي تقرأ اسمه على الافتة ثم همست :
– دلوقتي انا عرفت ليه حضرتك اخترت ادم من بين الكل عشان يتجوزني و يحميني …. كنت بسأل نفسي ازاي بتأمن لواحد كان يزعقلي و يخليني اعيط و بقول ليه بابا مشافش سلبياته كلها و اتنازل و طلبت منه يتجوز بنتك بس فهمت .
ضحكت بتحشرج و تابعت :
– ادم تركيبة مميزة و نادرة هو قوي و وفي وبيقدس العلاقات و مبيخافش غير من ربنا شجاع و عنيد و على قد عصبيته عنده حنية بتسع الدنيا كلها و مبيرضاش بالظ*لم …. طيب تعرف كمان لولا ادم بعد ربنا مكنش حقك هيرجع هو الوحيد اللي شك في الحا*دث بتاعك و فتح قضية سرية و عمل كتييير عشان يكشف ان…. انك اتقت*لت واللي قت*لك اخوك و عمي اللي بحبه.
فقدت ثباتها و انتفضت بلوعة حا*رقة و ا*نفجرت في البكا*ء مهمهمة :
– بس دلوقتي ادم مش موجود معايا يا بابا سندي بعد ربنا وبعدك نايم و قلبه كل شويا بيقف انا مو*جوعة و قلبي بيحتر*ق حاسة نفسي همو*ت مش قادرة اتنفس و كلما … كلما بفتكر انه خرج من البيت بسببي و اتضر*ب و ضحى بحياته عشان ينقذني يبقى عايزة اموت ياريتني كنت مكانه و مشوفتش حالته ادم عمل كتير علشاني وقف جمبي و دعمني مسح دمو*عي لما عيطت و حضني لما حسيت بالوحدة و طمني لما خوفت بس انا اول ما شوفت تصرفاته اتغيرت فقدت ثقتي بيه و اته*مته بحاجات و*حشة ظ*لم و مسمعتش كلامه و قولت عليه عايز يقعدني ف البيت و في الاخر عرفت انه كان عايز يحميني و بنفس الوقت ميقوليش انه خا*يف من اللي عايزين يؤ*ذوني و يخو*فني معاه ، ده حتى هو سجلني في الكلية و كان جاي يقولي لولا ….
تذكرت ذلك اليوم المشؤ*وم عندما اتصلت ب ادم و رد عليها وهو يتنفس بصعوبة كأنه يلف*ظ أنفاسه الأخيرة مودعا لها بجملته ” انا عملت كل ده عشانك ” ، حتى الآن رهف و حنان أصبحنا تتجنبانها بعد معرفتهما بالحقيقة لم يوجها لها كلمة سيئة نعم لكن تجاهلهما و رفضهما التحدث معها يقولها حقا ، لكنها لا تلومها ف الحق معهما على أية حال !!
شهقت مجددا و صاحت :
– انا عايزاه يفوق تعبت من بعده عايزة اسمع صوته و اشوف عينيه و احس بلمسته بسببي اتعرض للأ*ذى و ممكن ف أي لحظة يسيبني طيب ليه مش انا اللي كنت مكانه ليه ادم نايم على سرير المشفى و علي و عمر …..
قطعت كلامها فجأة و اغمضت عينيها تستغفر ربها مرارا متمتمة :
– مش قصدي يارب سامحني ده قضاء و قدر و اللي اقدر اعمله حاليا هو الدعاء عشان جوزي و عشان بنتنا …. و علشاني لأني بمو*ت من غيره.
هدأت انفعالاتها قليلا و ضبطت أعصابها لتلمع عيناها بالكر*ه وتحتد نبرتها وهي تردف :
– بس الاتنين اللي د*مرو حياتي انا مش هسامحهم …. الأول ادم يصحى وبعدين هتأكد انهم ياخدو اعد*ام خليه يصحى الاول  … متأكدة انه هيفوق ادم قوي و بيحبني ومش هيسيبني !!
يتبع..
لقراءة الفصل التاسع والأربعون : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!