Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الرابع 4 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الرابع 4 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الرابع 4 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الرابع 4 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

ما أن ألقت مهجة بنفسها على صدره حتى تجهم وجهه ، وشعت عينيه بغضب ، وعت لنفسها عندما رأت ملامح وجهه قائلة له بإحراج : آني ….. آسفه يا سعات الباشا معلش من فرحتي ، ما درتش بنفسي ، أصلها أول مرة أعملها واتعلم الضرب بالرصاص .
حدجها بغموض تام ، فابتعدت عنه بسرعة ، فقال لها لها بجمود حاد : كملي يالا ومش عايز أي غلطة 
ارتجف قلب مهجة من نظراته لها ، وخشيت من عينيه التي تحدقان بها وتذكرت تهديداته لها .
تابعت مهجة ما يقوله لها  وتابعت تدريبها بسهولة أكثر من ذي قبل ، حتى مر الوقت عليهم ، وبدأت تشعر بازدياد الجوع في بطنها وقالت لنفسها : أنا حاسه إن هيغمى عليه تاني إن ما أكلتش دلوقتي ، وشكلي هبتدي أدوخ وممكن أخطرف في الكلام وهوه مش هيسكت وأنا منيش أده .
حدجها بتساؤل قائلاً لها بحده : ما تكملي سرحتي في إيه ، فقالت له بتلقائية : أصلي جُعت أوي يا سعات الباشا وممكن لو ما أكلتش دلوقتي ، ساعتها لا هيهمني مقص ولا أي حاجه وهبتدي أهلوس وأخطرف .
رمقها بغضب عارم من كلماتها فقالت لنفسها باضطراب : يخرب بيتك يا مهجة ده شكله بدأ يتحول لدراكولا ، وبعد ما كنتي عايزة تاكلي هوه اللي هياكلك ويرتاح منك ، ومن رغيك .
اقترب منها مهدداً إياها بنظراته لها ، ثم هتف بها قائلاً لها بحدة : إنتي مجنونة مش كدة ، فقالت له بطريقة مضحكة : براوة عليك يا سعات الباشا عرفتها لوحدك ولا نوال اللي قالتلك ، بس لا يا باشا شكلك نبيه وفهمتها لوحدك .
ذم شفتيه غاضباً قائلاً لنفسه بندم : أنا لولا إني مضطر أتحملك للآخر ، كنت إستحالة هكمل مع واحدة زيها ، وضغط على زر بجانبه قائلاً بحدة : مجدي تعالالى بسرعة وهات سعد معاك حالاً .
تراجعت إلى الوراء من نظراته قائلة بأسف : آني آسفه يا سعات الباشا ، مكنتش أقصد اللي قلته ، أصل ساعة ما بجوع ببقى مش واعية ولا عارفه أنا بقول إيه ولازم أغلط في الكلام .
هتف بها بغضب : إخرسي بقى، مش عايز أسمع صوتك تاني فاهمة ، ولو نطقتي حرف زيادة يا ويلك مني ساعتها .
هزت مهجة رأسها بطاعة شديدة ووضعت يدها على فمها كي تمنع نفسها من التحدث ، قائلة لنفسها بخوف : كل ده من أثر الجوع الله يخيبك يا مهجة ، لسانك في الآخر شكله هيوديكي في داهية وعلى إيده .
طرق مجدي على الباب ، ثم دلف إلى الداخل قائلاً له : نعم يا جلال بيه .
فقال له بضيق غاضب : خدها من قدامي بسرعة بدل ما ارتكب جناية دلوقتي ، لم تستطع مهجة النظر إليه إنما انصرفت من أمامه بهدوء حذر كما أشار لها مجدي بيده كي تنصرف أمامه .
ثم حدق جلال بسعد قائلاً له : وانت روح هاتلها أكل بسرعة وطلعه للأوضتها بدل ما تتحول وتاكلنا كلنا .
هز رأسه قائلاً : حاضر يا جلال بيه أي أوامر تانية ، فقال له بضيق : بعد ما تخلص اللي قولتلك عليه هاتلي فنجان قهوة على مكتبي بسرعة .
استيقظ يحيي على رنين منبهه فتثاءب بتعب قائلاً لنفسه : يا سلام لو أنام تاني لكن مجدرشي أبوي زمانه موجود .
نزل بالأسفل بعد قليل فوجد بجانب والدته شقيقته نور فابتسم لها قائلاً لها : نور جيتي ميته يا ولد أمي وأبوي .
هرعت إليه مبتسمة قائلة له : جيت من بدري يا أخوي ، وحشتني يا كتور يحيي .
فقال لها بحنان : وانتي كمان يا نور وناوية تجعدي كتير إهنه ولا كام يوم ونلاجيكي تجولي عايزة أرجع القاهرة علشان الكلية .
فقالت له ضاحكة : شكلك إكده مستعجل على رجوعي مصر ومش عايزني أجعدوا معاكم كتير .
جلس يحيى بجوار والدته قائلاً بمزاح : شايفه يا أماي بنتك بتجولي إيه .
فقالت له : بتهزر معاك يا ولدي ما إنت خابر نور ، دي جاعده مستنياك من بدري علشان تاكلوا مع بعض .
فهزت نور رأسها قائلةً له : شايف أمي يا دكتور يحيى بعد ما كانت بتدافع عنك جدام أبوي بجيت بتدافع عني آني كمان .
فضحك قائلاً لها : ده بس علشان لساتك جاية من السفر ، ضربتة والدته على يده قائلة له : بجى إكده يا دكتور ، تجول عني إكده طب منيش مدافعه عنك تاني واصل وبالذات جدام أبوك .
فأمسك بكف يدها وقبلها قائلاً لها بلهفة : لا يا أماي إوعاك داني بنهزروا وياكي ومع نور كمان .
فقالت لهم بحنان : هزر يا ولدي ولا يهمك هوه آني عندي كام دكتور إهنه ، فقبل يحيى جبهتها قائلاً لها : ربنا ما يحرمني منيكي واصل يا أماي .
فابتسمت لهم الأم قائلة بحب : ولا منيكم يا ولدي ، أنا هجوم علشان نجهزوا آني وأسماء الوكل ، وتاكل مع نور دي مستنياك من بدري وتلاجيها جاعت .
فضحكت قائلة : آه بسرعة يا أماي أحسن آني عصافير بطي بتصوصوا .
بعد قليل كان يجلس معهم والدهم وهم يتناولون طعامهم ، فقال يحيى : مالك يا أبوي زعلان ليه إكده .
تنهد بضيق قائلاً له : أبداً يا ولدي موضوع إكده وهيتحل إن شاء الله .
ضيق يحيي عينيه قائلاً له بتساؤل: موضوع إيه ده يا بوي ، فقال له : هبجى أحكيلك بعدين يا ولدي .
حدقت نور بوالدها قائلة : بس ده شكله موضوع كبير يا بوي ، حدجها قائلاً لها : متشغليش بالك يا بنيتي وأكيد ربنا هيحلها من عنده .
حدقت به زوجته قائلة له : طب كُل يا حاج إسماعيل وربنا هيحلها من عنده إن شاء الله .
فقال لها بضيق : خلاص شبعت الحمد لله ، خليهم هما ياكلوا وهاتيلي كوباية شاي في المندرة .
كان جلال في مكتبه عندما سمع صوت طرقات على باب مكتبة ، فكان مجدي الذي بادر جلال بقوله : نفذت تعليماتك يا جلال بيه ، والبنت في إوضتها .
زفر بضيق قائلاً له : كده أفضل ، إتفضل إنت دلوقتي ومتنساش تمر عليه يكرة إن شاء الله الساعة تمانية الصبح .
فقال له : حاضر أي أوامر تانية فقال له بهدوء : لأ إتفضل إنت .
جلس جلال  على مقعد مكتبه ، يفكر كثيراً في أمور شتى وما هو مقدم عليه  الفترة القادمة ، زفر بضيق من تصرفات مهجة التي أزعجته كثيراً هذه الآونة الأخيرة ولولا أنه محتاج إليها للضرورة ، لما قد لجأ إليها من البداية .
كانت مهجة في غرفتها ، إستبدلت ثيابها ، بثياب أخرى وجلست تتناول طعاماً لم يعجبها كثيراً وإنما تأكله خوفاً من العقاب الذي يهددها به جلال .
قالت لنفسها بضيق : كُلي وخلاص يا مهجة ، بدل ما يتقص لسانك المرادي وتبقي بنص لسان .
بس الأكل الذواتي ده مش واخده عليه خالص ، أنا لو فضلت على كده مش بعيد يجيني جفاف ويجيلي أنيميا بدري بدري .
صمتت قليلاً وتذكرت جلال وهو يهددها ، تنهدت قائلة بضيق : يالا كده أحسن بردو يا مهجة كُلي أي حاجه ، بدل ما تبقي وجبة لجلال بيه ، دنا حاسة إنه هيطلعلي في أحلامي وهيهددني فيها كمان .
كانت فتاة صغيرة جالسة على قارعة الطريق ، تبكي بحرقة من سبب ما ، فحانت إلتفاتة من فتاة تكبرها تمر بها ولاحظت بكاء الطفلة ، اقتربت منها تقول بحنان : مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه .
قالت الفتاة من وسط دموعها : العيال إللي هناك دي أخدوا مني عروستي وبيعيروني إني مليش حد .
شعرت الفتاة التي تكبرها بالغضب وأشارت الفتاة الصغيرة ، ناحية عدة صبية جالسون ويتضاحكون ، فيما بينهم ، ويستهزؤون بالفتاة الصغيرة ، قائلة لها : هما دول اللي بيعايروني .
زاد غضب الفتاة التي تكبرها ، قائلة لها : طب خليكي هنا ماتتحركيش لغاية ما أرجعلك .
ذهبت الفتاة إلى هؤلاء الذين يضحكون فوجدت أعمارهم بين الأثنى عشر والخامسة عشر قائلة بغضب مكتوم : هاتوا العروسة اللي بتعلبوا بيها .
فقال لها أحدهم بسخرية : ليه هيه بتاعتك فقالت له : لأ مش بتاعتي بس صاحبتها عايزاها .
فقال لها بتهكم : خلاص خليها هيه تيجي تاخدها ، ثم إنتي مالك هيه كانت إشتاكتلك .
سمع الجميع منه ذلك وجلسوا يسخرون أكثر ، ما أن رأتهم هكذا حتى إنهالت عليهم بالضرب المبرح فصرخ أحدهم فقالت لهم : وديني ما أنا سيباكم إلا لما تتربوا الأول وتعرفوا إنتوا بتتعاملوا مع مين .
فناولها أحدمهم الدمية قائلاً لها بألم : خلاص خدي إديلها ومش عايزنها ، فأخذته منه وهي تقول للجميع : إمشوا قدامي إنتم الأربعة وروحوا إعتذروا ليها يالا بسرعة وإلا هكمل ضرب لغاية ما يبان ليكم صاحب .
إضطر الأربعة أن يستجيبوا لها ويمشون أمامها من شدة الألم ، الذين يشعرون به وقال لها أحدهم بغيظ : إيه معندكيش إخوات ، ضحكت ساخرة وقالت له : لأ معنديش وكمل مشي وإنت ساكت .
وقفوا الأربعة يعتذرون للفتاة الصغيرة وناولتها الدمية وفرحت الفتاة الصغيرة باعتذراهم وبالدمية .
مشوا الأربعة وهم ساخطون على الفتاة الأخرى ، فقالت لها : ها قوليلي بقى إنتي بيتكم فين علشان أوصلك .
فقالت لها بحزن : أنا مليش حد ، فاستغربت الفتاة قائلة : أمال عايشة فين ، فقالت لها : أنا بابا وماما إطلقوا من زمان واللي إتنين إتخلوا عني وودوني لدور رعاية بس هربت منها من كذا يوم .
حدقت بها الفتاة التي تكبرها بصمت ووجدت ثيابها التي ترتديها ، رثة وبحالةً ماسة للتغيير مع منظرها الذي يرثى إليه .
فقالت لها بحنان دافق : طب إنتي إسمك إيه ، فقالت لها : إسمي نوال فابتسمت لها قائلة : وأنا إسمي مهجة ، وعايشة لوحدي في إوضة على السطوح تيجي تعيشي معايا .
فابتسمت نوال بسعادة وقالت لها : ياريت يا مهجة فأعطتها يدها قائلة لها : طب قومي معايا يالا .
ناولتها نوال يدها ومشيت بجوارها فقالت لها نوال : بس إنتي هربتي ليه من الدار .
فقالت لها : كانوا بيعاملوني وحش وحبسنا فعلشان كده هربت ، فقالت لها مهجة : خلاص إنتي هتعيشي معايا على طول وهنبقى إصحاب وإخوات إيه رأيك .
فقالت لها : موافقة ، طب وهتوكليني ، فابتسمت مهجة قائلةً لها : طبعاً هوكلك وهلبسك كمان .
فرحت نوال قائلة لها : طب كويس أصل جعانة أوي ومن إمبارح ما أكلتش .
فقالت لها مهجة بحنان : متخافيش هوكلك لغاية ما تشبعي .
تنهدت نوال بحزن عميق وهي تجلس داخل المحل ، وهي تتذكر لقاءها الأول مع مهجة وكيف دافعت عنها بطريقةً مميتة وأخذتها وعاشت معها إلى الآن وكانت بالنسبة لها كالأم والأب الحقيقيون الذين لا يتخلون عن دورهم الحقيقي في المسئولية .
انهمرت دموع نوال قائلة : ربنا يحميكي مطرح ما تكوني موجودة يا مهجة .
مر خمسة أيام أيضاً ولا تزال مهجة تتدرب على إطلاق ضرب النار من أسلحة مختلفة الأشكال ، وكلما تعامل معها جلال يحاول ضبط أعصابه كثيراً مما تفعله به ، من أجل مهمتة فقط .
، وفي صباح اليوم السادس ، استيقظت مهجة على صوت طرقات على الباب .
قالت لنفسها بتأفف : يا ساتر من على الصبح كده ، جايين يصحوني ويدربوني ، أنا زهقت والله ، دنا زي اللي قاعدة في الجيش كل حاجه بنظام ، حتى النفس ، فين أيامك يا نوال دانتي طلعتي أهون منهم بكتير إنتي ورواياتك وبالذات مطلوب سواق خصوصي .
تنهدت مهجة بضيق وهي تقول : إدخل ، دلف جلال إلى الحجرة ولم تكن تتوقع حضوره منذ الصباح هكذا .
قائلاً لها بجمود : فطرتي ولا لسه ، ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له : لسه يا سعات الباشا .
حدجها بنظرات لم تفهمها قائلاً لها : خلاص تفطري ، وتلبسي اللبس ده ، فشاهدته يفرغ حقيبة أمامها على الفراش مليئةً بالثياب ، كان يحملها في يده .
استغربت مهجة من نوع الثياب الذي أخرجها من الحقيبة ، فوجدتها عباءات فضفاضة بعض الشىء للخروج خارج المنزل ، أغلبها أسود اللون على أخرى من الألوان الغامقة ، ومعها بعض أغراض أخرى ومنهم ثياب أخرى  فقالت له باستفهام مضحك : إيه ده يا سعات الباشا هوه لا مؤاخذه حد مات ولا إيه هنروح نعزي ….. إيه اللبس الأسود ده .
رمقها بنظرات غاضبة قائلاً لها بصرامة : مهجة إتعدلي في الكلام معايا ، بدل ما إنتي عارفاني ساعة ما بتعصب أقدر أعمل فيكي إيه 
اضطربت مهجة ، وخشيت من غضبه وصراخه في وجهها فقالت له باضطراب : أنا آسفه يا سعات الباشا….. أصل ….. أصل أنا مش بلبس النوع ده من اللبس ، علشان كده سألتك وكمان باقي اللبس أنا مش فاهمه حاجه خالص .
ضم جلال قبضتة في غضب وحاول تمالك أعصابه كالمعتاد أمامها قائلاً لها بغضب مكتوم : هوه أنا كام مرة هقولك إخرسي ونفذي أوامري من سكات .
ألجمت كلماته لسانها من جديد وأغلقت فمها ولم تستطيع النطق قائلة لنفسها بخوف : أنا حاسه إني على إيده هبقى خرسا من عدم كلامي الكتير معاه .
زفر بضيق غاضب ثم تنهد قائلاً بلهجة آمرة : الفطار هيجيلك هنا وبعدها تنفذي الأوامر زي ما هتتوجهلك مفهوم .
فهزت رأسها بالموافقة دون أن تستطيع التحدث ، ترك لها الثياب ثم ترك لها الغرفة مسرعاً في خطواته كأنه يهرب من كثرة حديثها الممل والذي لا حصر له .
كانت مريم وولاء في أحد المحاضرات وقد قاربت على الأنتهاء فحدقت مريم في ساعتها قائلة لنفسها : يا ساتر على دي محاضرة ، دنا زهجت ومليت منيها .
بعد قليل كانت قد إنتهت المحاضرة ، فقالت لها ولاء : بجولك يا مريم ، في عيد ميلاد واحدة صاحبتنا النهاردة ، وعازمة معظم إصحابنا من الدفعة ، إيه رأيك نروحوا سوى .
نظرت إليها مريم بضيق غاضب قائلة لها بسخط : ولاء إنتي متوبتيش من آخر مرة كانت هتبجى وجعتنا سودة لو كنا إتجفشنا سوى .
فقالت لها بإلحاح : يا ساتر يا مريم إنتي لساتك فاكرة ده آني نسيت إنسي إنتي كمان عاد بجى واللي فات متفتكرهوش واصل .
فقالت لها مريم بعصبية : أيوة لساتني فاكرة وبسببك كنا هنتجفشوا والحديت كان هيوصل لأهالينا وتتجطع رجبينا إحنا التنين بس ربنا سترها معانا وجاياني دلوكيت وعايزاني أكررها مرة كمان ، لأ يا ولاء منيش رايحة معاكي واصل لأي مطرح .
ذهب يحيي إلى المشفى في ميعاده كالعادة ووجد عدة حالات بانتظاره .
مر الوقت عليه ، ودخل طبيب آخر مكتبه قائلاً له بهدوء : إزيك يا دكتور يحيي فقال له : الحمد لله بخير يا دكتور فهمي ، فحدق به مبتسماً وقال : شكلك كان عنديك حالات كتيرة النهاردة .
تنهد قائلاً له بتعب : فعلاً كان عندي كذا حاله ومنهم اتنين حالات حرجه .
فقال له بتساؤل : يعني أفهم من إكده إنك مش عندك نبطشية بالليل إهنه ، النهاردة .
فقال له بهدوء : لأ معنديش ، ابتسم الطبيب قائلاً له : يبجى إيه رأيك تيجي تسهر معايا النهاردة .
رمقه باستفهام قائلاً له : وعايزني أسهر معاك فين يا فهمي .
جلس أمام مكتبه قائلاً له : جيلي دعوة عيد ميلاد فقلت آخدك وياي ، ها جولي إيه رأيك نروحوا سوا ، زفر بضيق قائلاً له : لا متعملش حسابي آني مش بتاع سهر في حفلات وأعياد الميلاد .
فقال له بإلحاح : وفيها إيه يعني لما تخرج وتغير جو بدل ما إنت طول اليوم في المستشفي إكده .
فقال له بشرود : خلاص سيبني أفكر وهبجى أرد عليك طوالي إن وافجت .
فقال له يإلحاح : دي مش محتاجه تفكير كتير فقال له بهدوء : هفكروا بردك وكفاياك عاد من اللي بتعملوا دلوكيت .
تركه فهمي بعد أن أخذ منه وعد بالتفكير بالأمر ، دخلت ممرضة على يحيى تطلبه لحالة أخرى ، فلبى طلبها وهو حائر أيذهب أم لا بعد كل هذا الشقاء .
كانت مهجة قد أتمت إرتداء ثيابها ، وحدقت بنفسها بالمرآة وهي ترتدي عباءة سوداء فضفاضة مع حجاب على شعرها .
استغربت نفسها في هذه الثياب قائلة بضيق : أنا إيه اللي عملاه في نفسي ده ، ده كأني مش مهجة .
ووضعت يدها ثيابها وكانت ستستبدلها بأخرى ولكنها تراجعت قائلة لنفسها بتحذير: المقص والانتقام يا مهجة شبابك ياختي خافي عليه .
وضعت يدها على رقبتها مستطردة بقولها بخوف مضحك : وممكن يبقى بدل المقص سكينة ويفصل رقبتي عن جسمي ، يا لهوي يا مهجة هيه دي نهايتك اللي مستنياها ، لأ العباية ارحم من  الدبح ولا القتل .
سمعت طرقات على الباب فكان الخادم الذي بادرها بجمود قائلاً لها : يالا قدامي ومن غير ولا كلمة زيادة .
فمطت شفتيها قائلة له بسخط : حتى إنت حصلك البخت وبتكلمني بطريقتة.
لم يرد عليها إنما انصرف خلفها في صمت ، متجاهلاً لما تقول ،   وصلت معه إلى حجرة مكتب جلال ، دلفت إليها مهجة بعد إستإذان الخادم لها بالدخول .
تأملت الحجرة في إعجاب تام ، ناسية وجود جلال ، ولكنه كان يقف ويوليها ظهره ، بالقرب من النافذة الموجودة بالحجرة .
زفرت بصوت مسموع لكي ينتبه لوجودها ولكنه تجاهلها برهةً من الوقت بطريقةً متعمدة فتأففت بضيق قائلة له : سعات الباشا ، كان فيه حاجه حضرتك عايزني علشانها .
لم يلتفت إليها كما توقعت إنما وضع يده في جيب بنطالة واليد الأخرى بها ، هاتفها المحمول .
التي عرفته على الفور قائلة له بصوت خفيض مرتبك : هوه التليفون بتاعي معاك ليه يا سعات الباشا .
إلتفت إليها بجمود وغموض ولم يرد ، فابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له بتوتر : ولا يهمك يا سعات الباشا أنا بسألك بس علشان لو عجبك أوي كده ، كنت هقولك خده هدية مني ليك على طول منيش عايزاه دنا حتى مبقتش عايزاة موضته قدمت وهبقى أجبلي واحد جديد .
ضم قبضته بقوة وعنف من كثرة حديثها على هاتفها ، فزدادت نبضات قلبها خوفاً على هاتفها التي ظنت أنه سيحطمه بقبضته القوية تلك .
قائلة بلهفة مضحكة : طب خلاص يا باشا شكله مش عجبك إديهوني وانا هبقى أجيب واحد جديد بجمعية هقبضها لسه أول الشهر وأديهولك ، وسيبلي أنا القديم  يا سعات الباشا أنا راضية.
حدجها بصرامة غاضبة قائلاً لها بحزم : جميعة إيه…. يا مجنونة إنتي …… إنتي عارفه إن ماسكتيش أنا هوديهولك مية حتة .
فقالت له بتوتر : لا خلاص سكت أهوه ومش هتكلم تاني .
تنهد بضيق غاضب وهو يبتعد عن النافذه ويقترب من المقعد الذي خلف مكتبه ، وكانت مهجة تراقب تحركاته بقلب مرتعش ، خوفاً منه وخوفاً على هاتفها التي لا تملك حقه إلى الآن ولم تقبض الجمعية بعد .
حدجها بنظراته الغاضبة قائلاً لها بلهجة آمرة : إقعدي هنا ، فقالت له بقلق : أقعد فين ولا مؤاخذة ياباشا على الأرض ولا …. قاطعها قائلاً بحدة غاضبة : إقعدي على الكرسي ده يا متخلفة إنتي ، أرض إيه اللي تقعدي عليها دي .
ارتجف قلبها بذعرقائلة له : ولا تزعل نفسك يا باشا هقعد أهوه ، أصل قلت كده علشان العين متعلاش عن الحاجب مش كده بردو .
شعر جلال أن صبره قد قارب على النفاذ وقال لنفسه بسخط : نفسي أديها رصاصتين في لسانها وأخلص منها .
فذم شفتيه وضرب بقبضته أمامه على المكتب قائلاً لها بغضب : إنتي عارفه ان سمعت صوتك تاني ، من غير ما أوجهلك كلام هفرغ رصاصتين في لسانك ده وأرتاح من رغيك .
ابتلعت ريقها بصعوبة من الخوف قائلة بصوت متحشرج : رصاصتين مرة واحده يا باشا ، دنا كفاية هيه رصاصة واحدة وتلاقيني ميته على طول .
تمالك جلال أعصابه وقام بوضع سلاحه أمامه على المكتب كي يهددها به ، حدقت بالسلاح ثم بجلال الذي قال لها بغضب مكتوم : ها تحبي تجربي ….!!!! .
فهمست لنفسها وعينيها المتسعة على السلاح قائلة : يا سنه سوخه يا ولاد وأغشي عليها في الحال كالعادة .
أفاقت مهجة من إغماءتها ووجدت نفسها جالسة على مقعد ويوجد على فمها لاصق فاتسعت عينيها بذهول مضحك ، فجاءت لتحرر بيدها هذا اللاصق ، من على فمها .
فوجدت نفسها موضوع نفس اللاصق علي يديها وملفوف بها حول معصمها ، وجلال يحدق بها بشماتة وهو يقول بخبث : مش كده أفضل بردو ، للناس اللي بتتكلم  وبترغي كتير بدون داعي .
فهمهمت بفمها متعجبة وتشعر بداخلها بغيظ كبير ، فهمست قائلة لنفسها بضيق مضحك : الراجل ده شكله هيجبلي الضغط والسكر وانا لسه صغيرة وفي عز شبابي ، بعمايله دي معايا .
جلس جلال أمامها حول منضدة صغيرةً يقول لها بصرامة : دلوقتي بقى أقدر أتكلم براحتي من غير ما تتكلمي وترغي وتقولى كلام فاضي .
رمقته بنظراتها وهي تشعر بالضيق ، فهوايتها الوحيدة الكلام بدون داعي ، فكيف ستتحدث وهي هكذا .
قاطع شرودها وهو يقول بحزم : خلي بالك معايا في كل حرف وكلمة هقولها بعد كده ضروري أوي ، ومهم أوي إنك تتعلمي معايا كل كلمة هنطقها دلوقتي وتردديها ورايا مفهوم .
فاضطرت مهجة أن تنتبه لما يقوله جلال وبالرغم عنها ، محدقةً بشفتيه ثم هزت رأسها بسرعة كي تطيع أوامره وودت لو تحدثت في هذه اللحظة وتسأله ماذا سيعلمها وخصوصاً كيف ستنطق خلفه الكلمات وهي بهذا الشكل المذري .
قال لها جلال بصرامة : من النهاردة يا مهجة مش هتتكلمي غير باللهجة بتاعتي الأصلية اللهجة الصعيدي فاهمة.
فاتسعت عينيها بذهول وصدمة قائلة لنفسها : مش كفاية اللبس ، كمان هيبقى اللهجة ، يا وجعة مربرة بطين يا مهجة ، كان يوم إسود وملوش ملامح يوم مقابلتك يا باشا ، فينك يا زفته يا نوال تشوفي الهنا اللي أنا فيه ، أهي رواياتك كلها طلعت معايا بالعكس بدل ما يعلمني الأتيكيت زي ما بيعملوا ، بيعلمني  لهجتة الصعيدي ، وين هنادي يا خال .
يتبع..
لقراءة الفصل الخامس : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!