Uncategorized

رواية الملتهب الفصل الرابع 4 بقلم نتالي جواد

 رواية الملتهب الفصل الرابع 4 بقلم نتالي جواد

رواية الملتهب الفصل الرابع 4 بقلم نتالي جواد

رواية الملتهب الفصل الرابع 4 بقلم نتالي جواد

مضت الايام كما هي، لم تتغير عليه منذ اعتلى هذا العرش، لا يعلم ما حدث قبل ذلك فتلك سنين لا يذكرها .
لم يتغير شيء ابدا حتى تلك الكلمة التي دوما ما يرددها” السلام” لم يتغير حبه لها وشغفه بها لازالت تشغل تفكيره، لكن كالعادة الطريق مغلقة والوصول مستحيل.
لكنه وكما وجد في هذه الحياة مرغما كان عليه ان يجبر الحياة على ما يريد ايضا.
منذ فترة طويلة كان ارتان يبحث في امر الدول المجاورة كل دولة وقوتها ونقاط ضعفها، لفت نظره مملكة ميراسال المملكة الاكبر بعد قنداليا ضمها لقنداليا خطوة لابد منها لأجل هدفه الذي يسعى ليه، يمكنه ان يأخذها بالقوة، يمكنه ان يحتلها بجيشة وقوته لكن ذلك خيار في اسفل القائمة ان وجد فيها اساسا، ما فائدة الطرق ان لم تؤدي للمكان الذي تقصد الذهاب اليه، والقوة في سعيه لسلام لن تؤدي اليه اطلاقا العكس تماما سيصنع جرح اعمق من الذي سبقه.
مشى بخطوات واثقة نحو عرشه في قاعة القصر ما ان جلس عليه حتى اجتمع الجميع حوله، نظر في وجوههم علم ردهم لكنه التنين الملتهب وقد اراد لسلام طريقا ولا يمكن ردعه.
قال بصوت واضح كمن يفرض امرا ولا يطلب استشارة
«سأعرض الصلح على مملكة ميراسال، وسأعيدها الينا، وهذه اول خطوة في طريق جمع اجزاء الامبراطورية.»
صُعق الجميع مما قيل على مسامعهم اذ كيف لهذا ان يحدث، هذا الرجل مكمن رعب للجميع لما سيعرض الصلح على مملكة يمكنه ان يستولي عليه في خمس عشرة يوما ما لذي يرغب به؟ الى ماذا يسعى؟
هذا ما جال في خاطر مستشار المملكة ولكن هيهات ان يجرء او يسمح لنفسه بالاستفسار عن الامر، روحه ثمينة لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن من باب المخاطرة قال في تردد
« لكن مملكة ميراسال مملكة سلم مملكة بعيدة عن الصراعات، لا اظن ان الملك شاهين قد يقبل تسليمها لنا سيدي، اعلم انه لن يبقى ملكا بعد الموافقة على عرضك سيدي.»
ابتسامة جانبية زينت ثغره وقال بثقة
«سيسلمها لنا، هو يعلم انها ليست له، انها ملك لنا وشعبها شعبنا وهو فرد من ذلك الشعب، ثم اني سأجعله صهرا لي»
كانت تلك الصدمة الثانية هل طلب الصلح المبطن سيكون عبارة عن زواج، هل سيتزوج ابنة الملك.
علم ارتان قوة عهد الزواج في نفوس اهل مملكة ميراسال انهم يؤمنون به، اذاً هو الطريق اليهم والمدخل الى قلوبهم والاهم خطوة في طريقه نحو السلام.
ما ان وصل الخبر الصلح الذي يسعى اليه ارتان لمسامع والدة ادلين حتى اشتعلت نار الحقد عليه والغضب منه، كانت مارلين جالسه بثيابها السوداء حدادا على ابنتها ادلين، لم تنزعها ولن تنزعها قبل ان تنال انتقامها لروح ابنتها الشابة، في يدها كأس مشروب شديد السواد ترتشف منه بين الفينه والاخرى، ملامحها حانقة تكلمت بغيض وكأن أحدهم يسمعها:
«سأنتقم لكِ ادلين، اقسم لك صغيرتي سأذيقه العذاب اللون، سأسترد كل لحظة اذاقك بها وجعا، سيتزوج مجددا لتنمو مملكته وينساكِ صغيرتي»
ثم اردفت بأنين
«سأجعل من قلبه مثوى للألم لا يفنى ابدا، سعادته ستكون حلما صعب الوصول»
تجمع الدمع في عينيها وهي ذكر كل تفصيله صغيرة في ادلين، طفولتها، سعادتها المُعدية قبل الزواج بارتان، شعرها الذي مشطته لها طويلا.
اقسمت مارلين على ان تكون السم القاتل في وريد ارتان، لكن هل ستنجح، ام ان القدر نسج له خيوط حكاية اخرى.
بعدما ان القى عليهم ما خطط له طويلا غادر القاعة.
وقف آرتان مع نفسه في حجرته وحيدا فكر مليا، ماذا لو دمر حياة اخرى، ماذا لو تكررت حادثة ادلين مع زوجته الجديدة، لن يكون الامر سهلا مصلحة الممالك كلها معتمدة على هذا الزواج بناء الامبراطورية من جديد واعادت وصل اجزائه كلها مرتبطة بهذه العلاقة.
الزواج ورغم تجربة آرتان الفاشلة الا انه يعلم قوة هذا العهد بعادات مملكة ميراسال وتقاليدها، الزواج عهد متين جدا بنسبة لهم، وهذا ما دفع آرتان لاختياره عند التعامل مع هذه المملكة بينما سيختلف اسلوبه مع باقي الممالك حسب كل مملكة وطباعها، اختار آرتان ان يمشي اول خطواته في طريق السلام، لربما يقدم لشعبه ما يجعلهم يعترفون به شخص منهم ويهمه امرهم وليس ملك جبار وحسب.
انتشر الخبر في ارجاء قنداليا، عمت السعادة قلوب الجميع، اذ ميراسال جزء منهم ولهم فيها اهل واحبه لكن القوانين منعت وقطعت العلاقات، وكون ملكهم يرغب في اعادة الامبراطورية كما كانت فهذا شيء يبعث السعادة في نفوسهم.
عجوز جالسة وسط القبور العتيقة، بلغ الحزن من ملامحها مبلغه، تمسح الغبار عن القبر الذي امامها وتحدثه قائلة:
« اسمعت يا سايمو الامبراطور، هه ذلك الطفل الذي احضرته ولم تقبل هدر حياته يحاول جمع الإمبراطورية أرأيت، ااه يا بني لو انك نفذت الاوامر التي وجهت اليك في ذلك الوقت وقتلته، لربما كُنت حيا الان.
غصت في حروفها وهي تتذكر ما حدث، ثم اكملت بحزن اعمق
«زوجتك، ربما ستعود الان بعدما تُضم ميراسال الينا، قد تعود دفلارا يا سايمو وتعيد ابنتك معها.»
نهضت العجوز بعدما حدثت ابنها كما تفعل منذ عشرون عاما.
لازالت مارلين تحترق في نيران حقدها وحزنها على ابنتها، وتكاد تنفجر حقدا وغيضا بسبب خطة آرتان التي رسمها لأجل المملكة في ظنها انه نسي امر ابنتها وتخطى ما حدث برغم انه لم يغب عن ذهنه ابدا لا زال فعل ادلين يسحق قلبه كل ليلة.
تم ارسال رسالة مفادها رغبة ارتان في زيارة مملكة ميراسال ولم تفصح الرسالة اي شيء اخر، دب القلق والخوف في قلوب حاشية الملك وفكروا طويلا في سبب الزيارة، لكن الملك الحكيم قد استبشر خيرا وشعر ان آرتان لن يضرهم هذه المرة، فلا حاجة له بهم ولو اراد لجعلهم يركعون تحت قدمه لا ان يستقبلوه في ديارهم، هذا ما فكر به الملك ولهذا علم ان الامر الذي يريده آرتان سيغير الكثير كونه رفع من قدرهم واتى اليهم.
«الامبراطور الاعظم آرتان اندريك سيأتي لمملكتنا!»
هذا ما قالته جوليا بتعجب وقلق لخادمتها دفلارا ثم اتبعت تحدثها بحماس ممزوج بتوتر
«تصدقين ذلك دفلارا؟ انا متحمسة جدا لرؤيته! ارجو أن يأتي ماكس قبل ذلك لأنني…»
لم تسمع دفلارا اي شيء قالته جوليا بعد اول جملة نطقت بها، شخص بصرها وشحب وجهها وارتجفت شفاهها وأخذ قلبها ينبض برعب داخل صدرها، فجأة رأت أمام عينيها النار التي تحلم بها دائماً حتى قدماها لم تحملاها للخروج من الغرفة ولم تقوى حتى على الرد على جوليا
«دفلارا!! هل تستمعين الي؟»
سألت لتلتفت نحو دفلارا لتردف بقلق بعدما شعرت بتغيرها.
«ما بك ما لذي حدث هل حدث شيء مع أسيلا؟ اخبريني لا تصمتي ارجوكِ»
تجمعت دموع دفلارا كزجاج في عينيها، اشاحت بوجهها وغادرت الغرفة راكضة، وتركت جوليا في حيرتها، لم يسعف جوليا الوقت للحاق بها فقد سمعت ضوضاء في ساحة القصر، نظرت من النافذة لتتحول ملامحها الباهتة لملامح مشرقة في غاية السعادة:-
«ماكس؟! لقد أتى!»
رددت بغير وعي وهي تنظر في كل تفصيله فيه شعره اصبح اطول لحيته قد طالت ايضا يبدو عليه التعب، كل ذلك عرفته جوليا من النافذة فماذا ستفعل لو وقف أمامها، تحركت لتلاقيه وتضمه اليها حتى تنسى كل لحظة فارقته بها، لكنها تذكرت اين تعيش فكبلت سعادتها وجلست تنتظر في الغرفة لابد انه سيأتي اليها.
خرجت دفلارا من القصر راكضة لا تدرك اين تذهب بها خطواتها، كل ما تعلمه انها تهرب من تلك الحقيقة التي سمعتها توا، لا تريد ان تصدق انه سيأتي الى هنا الى منفاها الذي نفت نفسها به بعيدا عنه، كي لا تراه، ولا تتذكر ما فقدته بسببه.
«لا، لا ارجوك يا اللهي ليكن ذلك حلما ليكن كذبا، لأكن ما سمعت شيئا ولتكن جوليا ما قالت شيئا، اللهي أرجوك»
«امي! ما الذي تفعلينه هنا، اماه»
رفعت دفلارا نظرها لترى أسيلا تقف امامها تعاظم حزنها اكثر ثم نهضت تحدثها و أوصالها ترتعد:-
«سيأتي يا أسيلا، سيزور المملكة»
مسحت دموع امها وابتسامتها لا تفارق وجهها رغم حالة امها ثم رددت بطمأنينة
«من الذي اتى؟ من هذا الوحش الذي ارعب امي الحبيبة، ثم انك في وسط المدينة امي انظري.»
تلفتت دفلارا حولها لترى انها فعلا في وسط المدينة بين الناس، لم تكن منتبهه لهم لم تعلم بوجودهم حتى.
أخفضت صوتها قدر ما استطاعت ثم اتبعت
«ارتان، ارتان اندريك يا اسيلا»
تلقائيا ابتسمت وبرقت عينيها بسعادة غريبة، وقالت بفرح
«حقا! هل سيأتي يا امي، ذلك الوحش الاسطوري؟؟ اتوق لرؤيته»
« ماذا؟ تتوقين لرؤيته؟ جُنت ابنتي»
«لِما يا امي، لقد رويتي لي عنه الكثير من الحكايات، والان سأتحقق منها كلها، شكلة، صوته، نظرة عينيه، شعره، كل شيء.»
فقدت دفلارا الامل من ابنتها وادارت ظهرها مغادرة وهي تتمتم
«لما اخبرتها لما اشتكيت اليها كنت اعلم انها مجنونه ولا تملك عقل لتفكر به»
كادت ان تكمل طريقها اسيلا ايضا لكن تذكرت سؤال ونادت قائلة
«لحظة امي متى سيأتي؟»
لم تجب دفلارا فقد سهت في همها، لتجيب اسيلا نفسها بضحك
«لا بأس عزيزتي سأعرف ذلك بطريقتي.»
«هل أحظرت كل الاعشاب التي طلبتها»
نظرت للخلف ليظهر عجوز ذا كرش غاضب ويداه تتوسط خصره.
«ماذا، لا كنت أُدرب الصغار على رمي السهام، لكن اعدك سأحضرها لكن…»
صرخ الرجل بغضب
«اســيلا»
لم تجب بل هربت راكضة وهي تضحك قائلة
«اعدك لن اتأخر سأحضر لك كل الاعشاب لتي طلبتها»
***
انهى استطلاعه على ميادين التدريب العسكري، ثم تفحص الحدود التي اوصى بحراستها، وأخيرا ارتكز على صخرة قريبه، استل سيفه ورفعه أمامه، وأخذ يداعب بـ ابهامه حد السيف الفولاذي، بالإضافة لكارلوس الشيء الثاني المقرب من آرتان هو سيفه (ڤالور) .
صُنع في ذات اليوم الذي ولِدَ فيه آرتان، يعتني به كثيرا، ففي نهاية الامر ‌ڤالور هو رفيقه الدائم حتى في نومه، هو دائمًا بقربه، على هذا السيف نُقش مصير أرتان، وذاك المصير (المزعوم) تلخص في كلمة واحدة قد نُقشت على نصل السيف، وهي قد كُتبت بلُغة لا يعرفها احد من سكان قنداليا، وبقيت مجهولة طوال الخمس وثلاثون عام المنصرمة.
تأمل تلك الكلمة المجهولة وهو يمرر يده عليها يحسها لعله يتذكر معناها او اي شيء يفسرها.
يتبع..
لقراءة الفصل الخامس : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية العشق الطاهر للكاتبة نسمة مالك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!