روايات

رواية ملاك بوجه شيطاني الفصل الرابع 4 بقلم آية محمد رفعت

رواية ملاك بوجه شيطاني الفصل الرابع 4 بقلم آية محمد رفعت

رواية ملاك بوجه شيطاني الجزء الرابع

رواية ملاك بوجه شيطاني البارت الرابع

رواية ملاك بوجه شيطاني الحلقة الرابعة

لم يستغرق الأمر سوى ثلاثون دقيقة حتى وصل أبيها لمحلها بعد أن علم منها عن مكانها، كان صوتها الباكي يكفي ليخبره بالكارثةٍ التي تواجهها ابنته، لذا اسرع بصحبة ابن شقيقه للكشك الصغير، فوجد ابنته تجلس على جانبي الطريق والخوف يجلد جسدها المرتجف، وخاصة حينما رأت سيارات الاسعاف والشرطة تمر من الطريق الرئيسي، فاختبأت خلف احدى الاشجار، وكأنها تخشى أن يرأها أحدًا فيعلم بأن هناك صلة تجمعها بتلك الجريمة، وما أن تأكدت من رحيلهم حتى عادت تجلس على جانبي الطريق، حمدت الله كثيرًا حينما وجدت أباها يدنو منها وهو يتساءل بقلقٍ:
_أيه اللي حصل ومين اللي عمل فيكِ كده؟
بصوت مرتعش وكلمات غير منتظمة قالت:
_عايزة ارجع البيت.. خدني البيت يا بابا.
احتضنها والقلق يكاد ينهش قلبه، فرؤيتها بتلك الحالة بدأت تثير شكوكه، فظن بأن ما تقوله هو الاسلم، حتى تختبئ عن الأعين بهيئتها تلك، عاونها على الصعود للسيارة وانطلقوا سريعًا للمنزل، ومازال أبيها يراقبها من جوار مقعد السائق ويود الاطمئنان عليها فما أن ولج للمنزل حتى سألها بلهفة:
_أنتي كويسة حد قربلك؟
انهارت صبا بالبكاء ووالدتها تحاول تهدئتها، الجميع يكرر نفس السؤال دون توقف إن كان أحدٌ قد اعتدى عليها، إلى أن قررت أخيرًا بالحديث، فأخبرتهما بايجازٍ شديد:
_مصطفى مسمحش لحد فيهم يقربلي.
جحظت أعينهم حينما بدأت بقص ما حدث على مسماعهما، وما أن انتهت حتى قال الأب وهو يكبت غضبه تجاه هؤلاء الاوغاد:
_لازم نبلغ.
اعترضت زوجته على اقتراحه هذا وأخبرته:
_بلاش فضايح يا صالح.. البنت مستقبلها هيضيع.
رد عليها بحزمٍ:
_كده أو كده الحكومة هتعرف اللي حصل بعد التحقيق..
واسترسل بغصة ضربت صدره دون رحمة:
_الأول لازم أعرف الولد ده أيه اللي جراله… أنا مش ممكن أسيبه بعد ما صان عرضي وشرفي.
وأشار لزوجته على ابنته وهو يخبرها:
_خدي صبا جوه ترتاح.. لحد ما أرجع.
هزت رأسها بموافقةٍ، وعاونت ابنتها على الوقوف ومن ثم توجهت بصحبتها للداخل.
********
كان يصارع الموت بعد أن فقد نسبة كبيرة من الدماءٍ، وبعد ساعتين متتاليتين بغرفة العمليات تمكن الأطباء من انقاذه باعجوبةٍ، ومع ذلك تم وضع “مصطفى” بالعناية المشددة حرصًا على متابعة حالته الغير مستقرة، ومازال أفراد الشرطة ينتظرون افاقته لمعرفة أقواله فيما هو منسوب إليه، بينما إصابة الباقية كانت كدمات واصابات سطحية لذا نقلوا ثلاثتهم لحبس المنفرد التابع للشرطة للتحقيق بالواقعة وخاصة حينما تم تفريغ ما التقطته الكاميرا من مقطع ابدى براءة المتهم الرابع، بعدما تقدم والد المجني عليها بتقديم بلاغ للشرطة التي حرصت على استجواب المتهمين على الفور.
******
بخارج غرفة العناية المركزة.
كان يجلس على أحد المقاعد بانتظار خروج الطبيب المعالج، لم يترك والديه للحظةٍ منذ أن دخل “مصطفى” للعمليات إلى أن استقر بالعناية المركزة لأكثر من سبعةٍ ساعات متواصلة، والآن خرج الطبيب يخبر والده ببسمته المهنية:
_الحمد لله اتخطى مرحلة الخطر.. ونقدر ننقله غرفة عادية من بكره.
ارتخى جسد والدته على أحد المقاعد وهي تردد براحةٍ:
_الحمد لله الف حمد وشكر ليك يا رب.
بينما ردد اباه بلسان مؤمن صبور:
_اللهم لك الحمد حتى ترضا.
ثم شكر الطبيب ببسمة امتنان:
_ربنا يجازيك خير على تعبك معانا يا دكتور.
مسد الطبيب على كتف العجوز وهو يجيبه بود:
_معملتش غير واجبي.. ربنا يقومهولكم بالسلامه.. استاذنكم.
وغادر ليستكمل عمله، استمع “صالح” والد صبا لحديث الطبيب من البداية، فاقترب منهما ثم قال بحماسٍ لما سمعه من الطبيب:
_ربنا يقومه بالسلامة ويباركلك فيه يا رب.
بالرغم من شعور الاستياء الذي يحمله تجاهه وتجاه ابنته التي كانت سببًا رئيسيًا لما تعرض له ابنه، ولكنه لم يفارقه منذ الصباح فيخجل هذا الشهم من رد كرم هذا الرجل، لذا استكفى بكلمته المقتصرة:
_تسلم يا حاج.
واسترسل حديثه المبهم قائلًا:
_تقدر تتوكل على الله.. انت تعبت معانا من الصبح كتر خيرك .
اعترض على ما ابداه الأخير، فقال باصرارٍ:
_مش قبل ما يفوق وأشكره بنفسي.
وبدمع صادق لمع بعينيه وصوتًا مهزوز نجح في سبك مشاعر أبوة من يقف قبالته:
_أنت متعرفش ابنك عامل أيه؟ ابنك انقذ عيلة كاملة مش بنتي بس.. صدقني أنا لو عشت عمري كله عشان أسددله دينه ده مش هعرف.
رفع والد مصطفى يده ثم طبطب على ذراعيه بتفهمٍ، ومن ثم عاد ليجلس جوار زوجته، يحاول أن يقنعها بالعودة للمنزل والعودة غدًا للإطمئنان عليه.
*******
انتهى هذا اليوم المشئوم بعد تحقيقات متواصلة لأكثر من خمسة ساعات، تمكنت “صبا” أخيرًا من العودة لمنزلها بصحبة عمها وابن عمها الذي وكلهم أبيها بأمرها حتى يحرص على عدم ترك والد مصطفى بمفرده، فما أن ولجت للمنزل حتى أسرعت لغرفتها دون أن تجيب والدتها على أسئلتها الفضولية، وسؤالها يلحق بمن تغلق الغرفة، فقالت بحزن:
_طب قوليلي طيب عملتي أيه؟
أشار لها عمها قائلًا بضيقٍ من الحاحها عليها وهي بتلك الحالة:
_سبيها ترتاح يام صبا والصبح هتحكيلك هي هتروح منك فين؟!
اتجهت لغرفة الضيافة المقابلة لغرفة ابنتها، فجلست على الاريكة باهمالٍ، ثم قالت بصوتٍ مبحوح من فرط بكائها:
_طمني يا حاج عملتوا أيه؟
رد عليها ابنه الجالس لجواره على نفس الأريكة :
_مفيش خدوا أقولها.. وقالت ان مصطفى ده هو اللي فكها وساعدها تهرب من المكان.. وحظها الحمد لله ان الكلاب دول كانوا مركبين كاميرا عشان يصورها.
استطرد أباه بغضب برز بصوته المحتقن:
_شياطين.. الله أعلم كانوا هيعملوا أيه بالفيديو…يا كانوا هيبتذونا بيه يا يفضحونا.. بس الحمد لله ربنا وقعها في الواد ده بصراحة راجل ومن ضهر راجل.
هزت رأسها وهي تهمس بصوتها الشبه مسموع:
_الحمد لله..
اختلى الصمت بهم لدقائق معدودة مزقه ابن عمها حينما تساءل بدهشةٍ:
_بس اللي مش قادر أفهمه ايه اللي خلى الكلاب دول يعملوا كده.. وازاي مصطفى ده عرف المكان المهجور ده وراحلهم؟
أجابه أبيها بعد أن تذكر سريعًا بعض الأحداث:
_سمعت من الظابط أن في واحد منهم اعترف وقال انهم اصحاب، وهما اللي اتصلوا بيه وجابوه.
تابع الشاب بإعجابٍ:
_ومطلعش شبهم في الوساخة اللي بيفكروا فيها..
ردد أبيه بحبورٍ:
_ده لأن ربنا بيحب عمك وعارف انه ميستحملش حاجة زي كده أبدًا… ربنا لطف بينا يا ابني!
*******
يظنون أن نجاتك من الأمر السييء هو انتصار لك يتمجدون به حمدًا، لا يعلمون كم من خسائر تهزم روحك من الداخل، فتهترى حتى تكاد تلفح ضرام اللهيب!
أيظنون أن النجاة هي المكسب الحقيقي، عساهم يعلمون بما تراه وتشعر به في تلك اللحظة، وبالأخص لحظات الرعب التي قضتها داخل ذلك الكوخ الملعون، جمارة من النيران لم تكف عن تأجج لهيبها داخلها، فلم تجد سوى ملاذها الذي سيطيب كافة جروحها، من يستمع لها ولما بداخلها وهي تعلم بأنها حينما ستلقي ما يزعجها سينجيها مثلما يفعل كل مرة، اغتسلها لم يعنيها الا حينما شرعت بالوضوء فشرعت بدفقة من المياه الباردة تطفيء كل جروحها وتلك الشعلة التي ولدت بين صدرها، ومن ثم أسرعت لسجادتها تناجي ربها، تطيل بالسجود وهي تشكو له خبث البشر ومكرهم الشيطاني، وتارة تشكره على نجاتها لما قد تتعرض له أي فتاة، والغريب بالأمر أنها تذكرته بالدعاء، فدعت من كل قلبها أن لا يمسه السوء وأن يشفيه الله كرمًا لما قدمه في سبيل حمايتها، انتهت “صبا” من صلاتها، وجلست على سجادتها تبكي بصمتٍ ومازال لسانها يسبح بأعذب كلمات ذكر الله التي تؤنس ظلمتها، وبعد ساعة كاملة حملت قرآنها وجلست تردد الآيات بصوتٍ باكي، يتمزق مع كل حرف تتلوه بخشوعٍ، جفاها النوم رغمًا عنها فأغلقت عينيها على سجادتها ولا تعلم لما غاصت سريعًا باحلامها فعادت لتراه مجددًا، وصوتها يتردد على مسمعها:
_أنت بتنزف!!
جمل غير مرتبة تتردد بعقلها دون انتظام، فاخذت تسمع لصوته يردد:
_اهربي من هنا ومترجعيش تاني.
_متخافيش أنا هعرف اتعامل.. اهربي..
وجملة اخرى مازال لقلبها ذكرى خفقه لها:
_أنا متمنتش أشوفك من غير حجابك حتى في أحلامي!
_أنا مستحيل هسمح لمخلوق إنه يأذيكي حتى لو كان بطلوع روحي..
فتحت عينيها لتجد تلك الدمعات تنهمر على خديها، وكأنها لم تحظو بغفوةٍ صغيرة لتو، التقطت آذنيها صوت لباب شقتهم يفتح، وصوت أبيها يتسرب لها وهو يردد:
_السلام عليكم.
على الفور نهضت عن الأرض وهرعت ركضًا للخارج، بعدما ظل بابها مغلق لساعاتٍ طويلة، سارعت اليه وهي تسأله بلهفة وخوف من سماع ما قد يهلكها:
_طمني يا بابا.. عايش؟
تفهم الأب ما يجول بخاطر ابنته تجاه هذا الشاب الذي انقذ حياتها، فأجابها حتى يطمئن بالها:
_آه يا بنتي الحمد لله.. مسبتهمش الا لما نقلوه اوضة عادية والدكتور طمنا الحمد لله..
رددت الأم بفرحة لسماع ما قاله:
_الف حمد وشكر ليك يا رب.. ربنا يقومه لاهله بالسلامة ويباركله على اللي عمله معانا.
ارتسمت بسمة صغيرة على شفتيها، وغادرت بخطواتٍ متهدجة لغرفتها بعدما اطمئنت لسماع خبرًا سعيدًا كذلك، تمددت “صبا” على فراشها وعقلها يوازن بعض الأمور، فنشب بينهما حوار غامض:
_معقولة ده نفسه الشاب البلطجي اللي كنت خايفة منه طول الوقت.. هو اللي يحميني بالنهاية من اللي توقعت انه يعمله!
اجاب عقلها ليبرر فعلتها:
_هو اللي كانت مشاكله كتيرة واكيد كل الجامعة مفكراه كده بسبب افعاله!
رددت بحيرةٍ:
_أيوه بس انا كنت مزوداها معاه أوي!
=وكنتي هتعمليله أيه يعني ما هو اللي كان بيضايقك في الرايحة والجاية! اللي حصل ده كان متوقع بسبب طباعه هو!
_واهو حصل العكس.. ويمكن ربنا عمل كده عشان يوريني ان بعد الظن اسم.
=وهو عشان عمل شيء كويس هتنسي اللي كان بيعمله معاكي.. ده كان مشوه سمعتك في الجامعة بجريه وراكِ!
_للاسف حبه طلع حقيقي وصادق.. وده شوفته بعنيا..
وتنهدت وهي تردد بصوتٍ مسموع:
_ربنا هو اللي هيرشدني للصح زي ما بيعمل دائمًا!
*******
غيمات سوداء تحيط بهما، ومن خلفهم ثلاث ذئاب بشرية يحاولان افتراسها وهو يحاول تخبئتها خلف جسده، كان ينجح كل مرة بتحاول رتوش أنيابهم، وكل ما يتمناه عدم قدرتهم للوصول إليها، حتى لم يعد جسده الهزيل يحتمل المزيد من الضرباتٍ فسقط صريعًا، ابتلت رقبته بعرقه الذي ينسدل على وجهه كالشلال، وجفن عينيه يحارب تلك الرؤية الغير محببة له، الى أن أفاق عن رؤية المزيد وصوته الصاخب يصرخ:
_صبـــــــا!

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك بوجه شيطاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى