روايات

رواية غمرة عشقك الفصل التاسع عشر 19 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل التاسع عشر 19 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء التاسع عشر

رواية غمرة عشقك البارت التاسع عشر

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة التاسعة عشر

وصلت سيارة عز الدين لحي سكني راقي مزال قيد التأسيس معظم المنازل المجاورة يتم تجهيز ديكورها واللمسات الاخيرة بها…. كان مجمع سكني غاية في الرقي والعصرية تطل معظم المنازل الفخمة على البحر مباشرة فتعطي سحراً خالص للمكان…
باستثناء شكل المنازل الانيقة من الخارج وتاسيسها على أعلى مستوى من الرقي يخبرك عن الثراء العارم الذي يمتلكه صاحب هذا المجمع……
ترجلت حنين من السيارة وهي تنظر حولها بانبهار
يضج بعينيها البنية الامعة…..
اقترب عز الدين منها واحاط خصرها بذراعه وهم يسيرا معاً حتى يصلا للمنزل الخاص بهما…..سألها
عز الدين وهو يراقب انبهارها بالمكان…..
“اي رايك عجبك الكمبوند…..”
اومات له وهي تسير بجواره….
“آآه حلو اوي واحلى حاجة فيه البحر….بس شكل مفيش حد هنا غيرنا……”
اخبرها وهو ينظر لجانب وجهها….
“لسه الفلل بتتشطب……”
عقدت حاجبيها وهي تهز رأسها…..
“واخده بالي بس اشمعنا الفيلا بتاعتك بس اللي متشطبه…..”
نظر للبحر عن بعد وهو يخبرها بفتور….
“طبيعي مالمكان دا كل بتاعي…..ودي حاجة من ضمن المشاريع اللي بدخلها……بس اي رايك في
البحر تحبي تنزلي…. “نظر لوجهها الذي أحمر
سريعاً وسمعها تعترض بحياء….
“دلوقتي….. يعني بصراحة انا مبعرفش اعوم…
اخاف اغرق……”
عقب عز الدين بمراوغه وهي ترمق عيناه العسلية
الامعه في ضي الشمس…..
“انا بتشتم كده….امال انا بعمل اي ياحنيني…انا هعلمك العوم…….انا استاذ شاطر اوي…. وبشرح بضمير….. “ضمها اكثر بذراعه….ابتسمت وهي تدلف معه للمنزل الشامخ الانيق…….
بداخل ابصرت قطعة من الجنة…كل شيءٍ منمق

 

 

انيق… الفرش فخم والالوان مذهلة مريحة للعين تليق بمنزل قابع امام البحر بعيد عن التجمع والزحام…..كل قطعة عصرية وكل قطعة كانت
تخشى عليها من ان تفسدها بعيناها التي تكاد
تخرج من حجرهم من شدة الانبهار والذهول…
برغم من انها لا تعلق على شيء وثابته مكانها باناقة بعد ان ارتدت ملابس تبرز انوثتها وجمالها الخلاب الحزين !…..إلا ان عينيها تفصح عن مشاعرها…فهي شفافة في تعبيرها ببراءة جميلة تجذبه نحوها
دوماً…..حتى الان وهو يتاملها بصمت يود الانقضاض عليها وامتصاص كل تلك البراءة والجمال منها…
شهية….شهية وتسيل لعابه كلما تاملها مسالمة للحياة
بكل هذا القدر !…..
آه ياحنيني….. من اين وقعتي علي….وهل يجب ان اشكر خالد ، ام اقتله على ما يحدث لي كلما كنتِ معي وكنتِ امامي؟!……
“اي رايك في الفيلا اللي هنقضي فيها شهر العسل…”
استدارت اليه بعيون متلألأة بالفرح الحزين…..
“جميلة اوي ياعز………..انا عمري ما حلمت ابقى هنا…….معقول هقعد في المكان ده…..”
تقدم منها بهدوء وقد اثر عليه تعبيرها العفوي مما جعله يمسك يدها ويقربها منه مخبرها وهو يسير بها لغرفة النوم……
“ولي مش مصدقه….هما اللي بيجوا هنا احسن منك….”
لم تعقب بل لاحت بسمة حزينة ولم تعلق على الأمر…….
بعد ان دخلت الغرفة خرج عز الدين واحضر الحقائب للاعلى بعد ان ادخلها السائق…..
وضع الحقائب على الفراش وبدأ بخلع قميصة وهو يخبرها بتعجل به حماس غريب عليه… او هي من شعرت بهذا فهي مزالت تكتشف كل شيء به وتقترب
منه اكثر من اي يوماً مضى معه في سابق…..
“طلعي المايوه بتاعك وغيري عشان هننزل المايه…”
سألته بخجل وهي تختلس النظر اليه…
“مايه دلوقتي………احنا بقينا قرب المغرب….”
القى القميص وظهر جسده الرياضي المهلك..والتي كانت تتلامسه صباحا بانبهار وخجل……فاقت على صوته الحاسم المقنع اياها…..
“دا أحسن وقت تنزلي في المايه….مش هتندمي
بس البسي المايوه……”
انتبهت لم قاله فهزت رأسها بامتناع وحنق….
“مايوه…….انت عايز حد يشفني كده…….لا طبعاً…”
توقف عن متابعة خلع ملابسه وهو ينظر لها بدهشة
معقب باستخفاف من نظرتها نحوه….
“اهدي يأمي يعني انا ها عريكي قدام الناس…مفيش حد هنا غيرنا….والصنايعيه شغالين بعيد عننا…انتي شايفه الفيلا فين والفيلل التانيه فين…..بينا مسافة
لو عن بعد محدش هيلمحك…..البسي المايوه.. ومش عايز كسوف…. ”
هتفت باعتراض واهٍ وهي تقترب بوجه يضخ بدماء….
“انت قليل الادب على فكرة…انا مش هلبس مايوهات ومش هظهر قدامك كده مفهوم…..”
رفع زاوية من شفته للاعلى باستهجان وهو
يخبرها بوقاحة…..
“هو اي اللي مش هتظهري قدامي كده انتي مكسوفة ولا إيه…………..حنين على فكرة انا شوفتك زي
ما امك جابتك…..”
شتمت اياه بحنق وشعور الخجل ينهال
منها…..
“انت قليل الادب…..”

 

 

استفزها اكثر وهو يقول معتذراً….
“اه sorry لبخت…..زي ما والدتك جابتك…..كدا حلو..”
رمقته حنين بغضب ثم عقدة ساعديها امام صدرها وهي تقول بامتناع……
“عز انا مش هلبسه……”
رد ببرود….
“يبقا هتلبسيه غصب عنك …”
استشاطت غضباً منه فقالت….
“عافيه ولا إيه يعني…..”
رد باستفزاز……
“على قلبك ياحنيني….كفايه نكد ولبسي المايوه….”
شهقت حنين وهي تراه يتابع خلع ملابسه ولم يبقى إلا البنطال….صرخت ومنعت اياه بوجها أحمر مضطرب….
“انت بتعمل اي ياعز…..”
توقف وهو يخبرها ببراءة….
“هكون بعمل اي بغير هدومي…..”
“مش قدامي…..”
استهزاء فقال….
“ليه دا انا جوزك يعني……”
صاحت حنين بتشنج وحرج….
“لا دي مش طريقة مناقشة انا دخله الحمام…..”مسك يدها في لحظة وادارها فاتت عيناها على صدره العريض الذي يضخ عضلات ممشوقه بصلابة مهلكة تاثر عليها بجنون…..
“انتي راحه فين….مش ناويه تغيري وتلبسي المايوه زي ما اقولتلك……..”
حاولت الفرار منه فقالت…
“انا………….انا هغير في الحمام سبني….”
لم يترك يدها وهو يقول بعتاب…
“طب ما تغيري قدامي فيها إيه يعني….هو انا مش جوزك…”
فغرت شفتيها وهي تنظر لعيناه الجذابة صاحبة الامعه العابثة……فادركت نفسها فقالت بعناد …
“ها……. بقولك اي ياعز بطل قلة ادب الحاجات دي مفيهاش جوزي…..انا مبحبش حد يبص عليه وانا بغير…..”
“متقلقيش هغمض عيني…..”حملها على ذراعيه في لحظة فحركت ساقيها باعتراض وهي عنوة عنها تضحك بقوة… وبعد ان خفت الضحكة بتدريج….
ترجت اياه بخجل…..

 

 

“لا ياعز…. لا ياعز ونبي……سبني اغير لواحدي
لو سمحت…..”
طبع قبلة سطحية على شفتيها وهو يسمح لقدميها بتلامس الأرض…حينها قال بمسالمة لم تأمن لها قط…….
“ماشي ادخلي……..بس لو احتجتيني نادي عليا………..اتفقنا…”
“آآه اتفقنا…..”ركضت للحمام لتغلق إياه بقوة وقد تناست أمر ثوب السباحة مما جعله يبتسم بخبث
منتظر أول نداء خجول منها…..
بالفعل دقائق ونادت من خلف الباب بحنق…
“عز…….ياعز….”
رد عليها بهمهمات رجوليه هادئة ….وهو يستلقي براحة على الفراش ممد الساقين وعاري الصدر كما تركته…..
هتفت حنين من خلف الباب بانزعاج…
“هو ايه اللي همم……انا عايزك تخرج من الاوضه دلوقتي…..”
سالها بخبث…
“ليه يعني في حاجة…..”
اخبرته من خلف الباب باضطراب…
“نسيت هدومي ياعز وعايزه اخرج اجبهم….”
مط شفتيه واصطنع التأثر نحوها…
“شوفتي لو تسمعي الكلام مش هتتعبي اوي كده قولتلك غيري هنا……. ”
صاحت بعجز وهو تدبدب على ارض
الحمام….
“ياعز اخرج بقه وكفاية غلاسة…..”
نهض من مكانه بمسالمة وهو يتوعد لها…
“ماشي…….هخرج بس لينا حساب على طولت لسانك دي..”
استرقت السمع على الباب المغلق وهي تبلع ريقها بتوجس… ثم فتحت الباب فتحه بسيطه لتجد
الغرفة فارغة تنهدت براحة وهي تضع يدها على صدرها الملتف بالمنشفة بعد ان اخذت حمام دافئ
من عناء الطريق برغم من رفاهية التنقل في سفر من هنا وهناك إلا انها كانت بحاجة لهذا
الاستحمام…..
حينما فتح الباب على مصرعه وجدته يظهر امامها فصرخت بفزع وكتم صراخها بقبلة همجية دفعت
جسدها بقوة في خشب الباب المفتوح……….
اندمجت معه بعد لحظات قليلة وغرزت اصابعها في شعره وهي تحاول مقاومة هجومة الضاري عليها……..
تاوهت بتعب وهي تحاول ابعاده عنها بضعف وخجل…
“عز…….بس بقه…..ووسع خليني اجيب هدومي…”
ادخلها الحمام واغلق الباب عليهما وهو يقول
بضعف ملح بنيل القليل منها…….

 

 

“مش دلوقتي ياحنيني……مش دلوقتي خالص…”
انغمس معها من جديد ولم يترك لها خيار إلا
الانساق خلفه بنعومة تليق بها …….
على الشط ارتدت ثوب السباحة وكان عبارة عن قطعتين من الأعلى والاسفل من اللون الاخضر
برزت انوثتها وجمالها والهب قلبه بجوارها…. ألا يستكفى منها ابداً انه ينال منها ولا يشبع يطالب
بالاكثر والاكثر…… تلك المرأة باتت كالادمان
بعد أول جرعة اخذها !…..
مسك يداها أسفل الماء وهو معها عاري الصدر يرتدي قطعة داخليه تخفي جزءه السفلي…..
قال وهو ينظر لعينيها بهدوء….
“سيبي نفسك خالص وهدي…….”
توسعت ابتسامة حنين وهي ترى المياة تتخلل حول جسدها بانسياب…..فقالت بنبهار….
“المايه حلو اوي……..”
شعر بسعادة بعد ان لمح ابتسامتها الجميلة
فقال برفق…….
“طب حركي إيدك شوية ورجلك…..”
حركت يداها بقوة فتناثر الماء المالح في عيناه….وضع يده على عيناه وهو يمنعها بسرعة…
“بس….بس ياحنين انتي بتعملي إيه…….دا عوم كلابي ده…….”
ابتعدت قليلاً عنه بحنق….
“الله قولتلك مبعرفش اعوم…..بطل تريقه….مالها عينك…. “رمقت عيناه الحمراء بتوجس…..
سخر من سؤالها فعقب…..
“لا ولا حاجة كملي يمكن تعميني ونخلص…..”
هتفت نحوه بحنان….
“معلش بتوجعك……”تقدمت منه في قلب الماء فقال بمراوغه وهو يضع يده على خصرها مقربها
منه اكثر….
“اوي ياحنين………..حتى شوفي……”
قرب رأسه منها بمكر….. فاقتربت هي منه ونفخت برفق بداخل مقلتاه بحنان مبالغ يليق بالحزينة الجميلة…….قالت حنين باعتذر…..
“معلش مكنتش اقصد والله ياعز……لسه بتوجعك…”
همهم بخبث وهو يمرر يده على طول ظهرها العاري….
“آآه اوي………..انفخي فيها كمان شويه…..”
بالفعل كررت الامر ونفخت برقة بالقرب من عيناه لتشعر بيده تغير مسارها بطريقة وقحة…..
دفعته بقوة وهي تحول السباحة بعيداً عنه قائلة..
“على فكره بقه ياعز…..انت مش سالك خالص وبتشتغلني…..”
اقترب منها بعبث شقي…..

 

 

“اخص عليكي ياحنيني تعالي بس هقولك حاجة….”
“لا……”قالتها وهي تدفع الماء اتجاهه…..مما جعله هو أيضاً يلقي عليها كمية أكبر جعلتها تصرخ بفزع واستغل سريعاً صدمتها وحملها على ذراعيه
ليريح جسدها بطريقة مدروسة على سطح الماء الذي حملها ببساطة كريشة الطائرة في الهواء……
ضحكت وهي تنظر للسماء القاتمة المنعكسة على وجهها بفرحة……
“انا عمري ما ضحكت كده……انا فرحانه اوي ياعز…”
اخبرها وهو يسند جسدها بيداه من الأسفل وكانه
بالفعل يحملها…..
“وهو ده المطلوب……..انك تنبسطي يا حنين….”
ادارت وجهها اليه وهي تساله بشك…..
“يهمك اكون مبسوطه……”
رد عز الدين بنبرة رخيمة…..
“أكيد لما تكوني مبسوطه هتعرفي تبسطيني…..”
رفعت حاجبها وهي تسأله بتأهب للعراك معه….
“والمفروض بقه ابسطك ازاي……”
ابتسم من زاوية واحده وهو يرمقها بعيون تلمع
عبثاً…..
“ولا حاجة اضحكي بس وانا هبقا مبسوط….”
اعتدلت في نومها ووقفت امامه وهي تسأله
بمكر انثوي لذيذ…..
“والكلام دا بقه قولته لكام واحده قبلي…..”
رد بفتور وهو ينهال من جمال عينيها…..
“كلهم…..”
توسعت عينيها فظهرت أجمل لوزتين نضجتين شهيتين…….
“يسلام…………..كلهم؟!……”
قربها منه فاصبحت في احضانه فاخبرها ببساطة امام عينيها الخلابة….
“عايزيني اقولك اي…. انك اول واحده اقولها
الكلام ده…..”
ضربته في صدره العاري بانفعال….
“متقوليش حاجة……… خليك بجح كده دايماً….”
لم يهتم بغيظها واخبرها وهو يبعد خصلاتها المبلله عن وجهها للخلف……
“انتي أول واحده ياحنين اقولها كده……واعمل معاها اللي بعمله معاكي ده…….”
شعرت ببعض الراحة وهي تسأله
بخفوت..
“بجد…………….ياعز……”
ابتسم امام عينيها بجاذبية…..

 

 

“بجد……….. ياحنيني…….”رفعها من خصرها قليلاً عليه لتكن في مستوى طوله بفعل يداه القوية…
اسندت حنين جبهتها على خاصته وهي
تعض على شفتيها بدلال…..
“عز…………… بس بقا……..”
نظر لعيناها وداعبها بانفه وهو يخبرها بمشاكسة..
“بس اي………هو انا عملت حاجة…….بقولك يا
حنين.. ”
همهمت وهي تغمض عينيها بتلك الوضعية الحميمية بينهما وبرغم برودة الماء الا انها تشعر بسخونة تجتاح جسدها…..همهمت بضياع وهي تستنشق أنفاسه الساخنة بشوق واثارة…….
“همممم…………..قول……”
“المايوه…….”
“مالوا المايوا…..”شهقت بعد ان شعرت بانه حل رباط القطعة العلويه………شهقت مجددا وهي تحاول الابتعاد عنه صائحة بحنق….
“قسما بالله قليل الادب انا قولتك برضو الحضن
ده ورا حاجة………مممم….”كبح كلماتها الواهيه بقبلة جامحة جعلتها تصمت وتنزلق في الهوى وحلاوته…..
ولكل قبلة طعم ولكل لمسة معنى…. انتابها الضياع والضعف من عواصفه الحميمية……..لكنها ترتاح بين احضانه تشعر بالكمال بلمساته وهمساته وآآه من همساته الجريئة ، تعزز ثقتها بنفسها وبجسدها الذي يلقي عليه عبارات من الغزل….كلمات لا يجب ان تُقرأ
او تكتب……تظل هكذا بينهما تطوف بحياء…….
استلقت على رمال الشاطئ وهو بجوارها يستلقي على ظهره مثلها ينظر للسماء القاتمة التي كانت بنجوم متلألأة والقمر يخطف الانظار حولهم……
قد ارتدت حنين قطعة قصيرة تخفي بها جسدها بعد
جولة منهكة مع الوسيم…..
ابتسمت وهي تغمض عينيها بسعادة وانتشاء… ما سر تلك الحلاوة الجميلة معه……. لم تحلم يوماً بتلك المشاعر لم ينتابها الشوق لحياة مثل تلك….
الأمر لا يتعلق بالرفاهية على قدر ما يتعلق بعز الدين نفسه….. أنهُ زوجها !… هذا الوسيم القوي… المراوغ
الحنون زوجها !…. هذا الذي تشعر معه باكمال وسعادة تغمرها معهُ زوجها !…. الذي يشتهي قربها
ويشعرها بانوثتها التي اهملتها طوال حياتها

 

 

زوجها !….. انها لا تصدق انها زوجته… اي دعوة استجابة لكِ يأمي لاكن أمرأه محظوظة بهذا القدر
حتى وان كانت سعادة مؤقته ، لكنه الان زوجها… زوجها هي !…
هل عليها ان تكرر العبارة كثيراً حتى تصدق أنهُ
زوجها !……… ياالهي….
شعرت بعز الدين يقبض على يدها الموضوعه بجوارها على الرمال…..
فتحت عيناها وأدارت وجهها ونظرت اليه….وجدته
ينظر اليها بصمت متأملها بهدوء يهز كيانها….
سألته حنين بخجل….
“بتبصلي كدا ليه ياعز…..”
سافرت عيناه العسلية على وجهها وهو يخبرها بخفوت…..
“انتي حلوة اوي ياحنين…..”
ابتسمت بعذوبة وهي تقول برقة…
“بجد ولا بتجبر بخاطري……”
بنفس الهمس وبنفس النظره أكد….
“بجد حلوة…..”
استلقت على جانبها واثار الرمال الصفراء تحتل جانب صدغها…….سألته بنبرة جميلة
“طب اي هي اكتر حاجة حلوة فيا…..”
مد يده وانزل الرمال برفق من على وجهها وهو يخبرها وعيناه تأبى ترك لوزتين عينيها…
“كل حاجة…..شعرك…. عينك….شفيفك.. ملامحك..
كل حاجة حلوة وعجباني……”
اعترفت اليه بحياء…
“وانت كمان حلو اوي…..”
رفع حاجبه بدهشة مصطنعة وهو يسالها بمزاح…
“اي دا بجد……..انا حلو….”
اخبرتها بعفوية….
“ااه والله قمر….”
تعثر في ضحكة قوية من ردها السريع فسالها بدهشة…
“انتي بتعاكسيني ولا إيه….”
اخبرته وهي تضحك مع ضحكته….
“اي يعني مانت بقالك ساعة بتاعكس…..”

 

 

غمز لها وهو يخبرها بغرور….
“انا اعاكس بس متعاكسش….انا عز الدين برضو….”
ضحكت عليها ثم استلقت على ظهرها مجدداً
تنظر للسماء مرة اخرى…. صدح هاتف عز الدين بجواره فرفع إياه وبعد لحظات اغلقة وهو يقول….
“حنين يلا ادخلي غيري هدومك دي وتعالي عشان نتعشا…….”
نهضت من مكانها وهي تزيح الرمال بيداها…ثم
سألته بحيرة….
“هو فين العشا ده…..”
اخبرها بعد ان انتصب في وقفته وساعدها على
النهوض عن الأرض…..
“هيحضرو دلوقتي على البحر….. البسي احلى حاجة عندك وتعالي…… هنتعشى هنا……”
“ماشي……” عنوة عنها ابتسمت بسعادة وحماس وهي تبتعد لداخل المنزل…..
راقبها وهي تبتعد عنه ابتسم ابتسامة نادرة عليه وخلفها شعور لا مثيل له !….. حك في شعره وهو يتأوه بشوق يتسلل اليه رويداً رويداً كلما تركته لثوانٍ فقط….
“آآه………………….. ياحنيني……..”
بعد مدة قد خرجت اليه بكامل اناقتها….ورفعت عيناها للامام بعد ان خطت أول خطواتها بخارج
المنزل……….
سارت حنين على الرمال بصعوبة وهي ترتدي كعب حذاء عالٍ…اصرت ان ترتديه على ثوب السهرة المتألق حتى تكتمل صورتها الجميلة في عيناه…
حينما ابصرته وابصرت ما حوله وقفت مكانها بعدم استيعاب….
كان عز الدين متأنق جداً عكس مظهره التي تركته
عليه منذ ساعتين….فكان مرتدي حلة انيقة ، جذاب بها وكانها صممت خصيصاً لها…فسحر عينيها حينما وقعت عليه…….
خلفه كان هناك طاولة مستديرة عليها عشاء شهي مع الشموع التي تُضيء المكان وتعطي له منظر ساحر
لم تكن الشموع فقط فوق سطح الطاولة هناك أيضاً شموع ذات الوان واشكال ملفتة غاية في الأناقة تتالق على رمال الشط…….
هناك شخصين يجلسان عن بعد من المكان يعزفون
على آلة وترية تدعى (الكمان)وهي أرقى الآلات الوترية تخرج موسيقى كلاسيكيه بصوتٍ حاني
شاعري يبعث للجسد مشاعر جميلة من الدفئ والحنين……..
رفع عز الدين عيناه عليها وهي تتقدم منه وبنيتاها تطوف حول المكان الذي هيئه خصيصاً لها كي تنبهر
وتسعد به…….أراد اسعادها وجعل الابتسامة تتعلق
بشفتيها اكثر واكثر كلما كانا معاً….
شعور جميل يجتاحه كلما وجدها تبتسم او تضحك بقوة……يشعر بسعادة تغمرة….وكانه هو من يستشعر السعادة لا هي !…….
سافرت عيناه العسلية عليها وهو يتفقدها باعجاب
منبهر من جمالها الحزين….مهم كان مقدار السعادة التي تشعر بها تظل هيئتها بها لمحة من الحزن والانكسار قد اكتسبتها بالفطرة مع الأيام…. وياليتهُ
قادر على محي هذا الحزن من عليها…لكن كيف يمحي إياه وهو انجذب يوماً ما اليه، ورغماً عنه
طلب قربها ونيلها……نيل كل ما بها حتى حزنها وانكسارها كان كأكسير من الحياة بنسبة له؟!…
دقق بها وبجمالها فكانت ترتدي ثوب انيق من اللون الرمادي مطرز ببعض الورود المتلألأة من اللون الفضي الامع…..كان الفستان فضفاض وطويل
كاشف عن ذراعيها البيضاء وجزء من صدرها….
فاتنة اليوم كنجمة براقه وسط النجوم تتلألا….تنورة فستناها تتارجح حولها مع هواء البحر المنعش وشعرها المنساب برضوخ خلف ظهرها وحول
وجهها يتارجح بجمالا حولها فاعطى للمهلكة
صورة تشعل صدره كلما ازداد التأمل نحوها….
شعر بها تسير بطريقة خاطئه وكان توازنها سيختل بعد لحظات….اقترب منها عز الدين بسرعة وبالفعل
مثلما استشعر قلبه وجد……

 

 

كانت على وشك السقوط بسبب هذا الحذاء العالي
والتي كانت تفشل في سير بها كلما حاولت…..مسك
يداها بقوة فشهقت وهي تنظر لعيناه في انحناءها…
“عز……”
عاتبها بهدوء حاني……
“مش تاخدي بالك ياحنين….هتقعي….”اعتدلت في وقفتها بحرج وهي تقول….
“الجزمه بس………….عاليه شويه……”
“شويه دي شويات…….ارفعي الفستان كده شوية…”
طلب منها وهو ينحني امامها…نفذت اومره فوجدته
يخلع حذاءها واحد ويليه الآخر ثم القاهم ارضا باهمال رفع عيناه عليها وهو يقول بالا مبالاة…
“قد احسن……… عشان متقعيش….”
وضعت يدها في خصرها وهتفت باستهجان إليه
“يسلام ! الفستان طويل ياعز….هيتنيل على
ما وصل للتربيزة……..”
قدم المساعدة ببراءة….
“تحبي اشيلك……”
“لا……انـ….”وجدته يحملها على ذراعيه وهو يسير بها
نحو الطاولة ببساطه…..ضحكت حنين وهي تهز راسها باستياء…
“اي دلع دا كله ياسي عز………هاخد على كده وهتتعب…”
اخبرها بمكر ذكوري وهو يسير بها ناظراً امامه..
“براحتك…..مش شهر عسل….بعد كده بالجزمة…”
لكزته في صدره وهي تسأله بعتاب…
“مين دي اللي هتاخد بجزمة……”
“اي حد يزعل حنيني…..”انزلها لتلامس قدميها الرمال المرطبة….وجدته يطبع قبلة سطحية على شفتيها وهو يخبرها ببحة هادمة لكيانها الواهي…
“طلعه زي القمر النهاردة……”
ابتسمت امام عيناه وقالت باستحياء…..
“وانت كمان البدله حلوة اوي عليك …..”
خبط جبهته برفق في جبهتها وهو يشاكسها
بـ….
“مش قولنا بلاش تعاكسيني…..”
توسعت ابتسامتها وهي تبتعد عنه بخجل…..
جلست على مقعد انيق امام طاولة العشاء وهو جلس
من الناحية الاخرى المقابلة لها…..بدا الأكل وسط
هدير امواج البحر الممتزجه مع صوت الموسيقى الكلاسيكية التي تعزف عن بعد منهما…. والهواء
المنعش المحمل برائحة البحر يطوف حولهم مع الطعام البحري الشهي……
كان عز الدين يبدوا عليه الانشغال وتركيز الدقيق
وهو يفصل الشوك عن السمك كي ياكله بشوكة وسكين…..
ضحكت حنين عليه من معافرته مع الطعام وتركيزه الغريب وكانها عملية جراحية خطيرة…..
سمع عز الدين ضحكتها فرفع وجهه عاقد الحاجبين
وسالها بتوجس….
“بتضحكي على إيه……..”

 

 

نهضت من مكانها وحملت المقعد بخفة اليه..فجلست بجواره واخذت طبق فارغ نظيف وبدأت فصل الشوك عن السمك ووضعه اليه في طبقه وهي
تقول برفق…..
“شكلك مبتعرفش تقشر السمك….بودي زيك كده…”
برقت عيناه العسلية بقساوة وهو يرمقها بصدمة..
“بودي !….مين بودي ده؟….”
شعرت ببعض الانتشاء وهي تشعر بغضبه…و غيرته….
لم يغار عليها احد يوماً……. حتى خطيبها كان بارد المشاعر معاها مهما حاولت استفزازه…….
وجدته يقبض على رسغها وهو يهتف بغضب وقد علت انفاسه بانزعاج من شرودها….
“ساكته ليه ؟….مين زفت دا؟…..”
نظرت لقبضته بدهشة ثم لعيناه المتأججة بالغضب
فقالت بارتياع منه….
“اهدى ياعز……دا عبدلله اخويا الصغير…. مالك؟….”
ترك رسغها بحنق قائلاً….
“ومقولتيش كدا ليه من الاول ….. ولا انتي قصده تضايقني…..”
لاحت بوادر الغباء على وجهها وهي تسأله بغرابة
من أمره…
“هضايقك ليه انت غريب اوي على فكرة…..”
نظر امامه ولم يرد حتى انه توقف عن الاكل وبات واجما الملامح صامت كصخرة….والموسيقى مزالت تدوي برقي من حولهم…….
“ممكن تاكل……….انت قلبت وشك ليه طيب….”
ادار راسه اليه وهو ينظر لها باستنكار…..
“وبتسالي ياحنين……”
“في اي ياعز……عملت اي انا لكل ده…..”تنهدت
بهدوء وهي تحاول ان ترضيه كطفلها الصغير…..
“خلاص بعد كده هوضح كلامي اكتر عن بودي….”
تافف عز الدين وهو يخبرها واجما……
“مدلعيش راجل قدامي……حتى لو كان اخوكي….”
عقدت حاجبيها بتعجب للحظات ثم اطلقت أجمل الضحكات المفعمة بالمرح….
“راجل !…بودي راجل !……….دا لو سمعك هيفرح اوي……..بس ماشي اخر مرة يا زيزو…….يلا كُل
بقه…….”لكزته بكتفه وهي ترمق ملامحه
الجذابة بهيام ثم شاكسة إياه لأول مرة !….
“طب كُل وانت قمر كده……..”
رفع عز الدين حاجبه وهو ينظر لها ذاهلا…فضحكت بقوة وهي تتابع تنضيف السمك له……
أكل من تحت يداه السمك وكان يطعمها بيده لسبب انشغالها في تنضيف لحم السمك له…قضى وقتاً جميلاً مريحا في طعام معها وشعر بالألفة بقربها
وكذلك اهتمامها المبالغ فيه في اطعامه… انه اكل اكثر من مقدار طعامه العادي بجوارها…….
نهض وهو ينوي غسيل يداه….
“لو فضلنا على الحالة دي….قريب اوي هتلقيني

 

 

اصلع وبكرش…..”
نهضت خلفه مُلحه عليه وبين يدها قطعة من السمك….
“هو انت كلت حاجة……استنى كل الحته دي كمان…..”
وقبل ان يعترض كانت قد دفعتها في فمه مما جعله يحملق بها مصدوماً……..
لم تهتم حنين بنظراته بل نظرت لعازفين الكمان عن بعد وهو تقول بحزن وشفقة عليهم…..
“الناس دي بتعزف من بدري هما متعبوش…. طب ماجعوش…….”
رفع حاجبه ولاحت الغيرة من جديد في نبرته…..
“وحتى لو جاعه انتي مالك…..”
اخبرته بتعجب من سؤاله….
“مش أرواح ياعز وعملين ازعاج…. وصدعوني
لازم ياكله…”
تلك المرة اندهش من تعليقها على الجو الشاعري الذي حضره خصيصا لها…..
“الكمان صداع و ازعاج…… انتي معندكيش حس فني……”
اخبرته بصلف وهي ترفع انفها للاعلى باناقة…..
“عندي زمان كنت بحب الغنا وكنت أحب ادندن في الحمام بس بطلت لم أمي زعقتلي كذا مرة وقالتلي
هيلبسك جن عاشق ياحنين لو مبطلتيش غنى…..”
نظر لها بغيظ وتشدق بازدراء…..
“جن عاشق !……..هو يا بودي يا جن عاشق انتي اي حكايتك النهاردة عايزه تبوظي السهرة وخلاص…..”
ضحكت بقوة وهي تبتعد عنه سريعاً….
“لا خلاص هغسل ايدي وجايه……. ثواني……”
راقبها وهي تبتعد أخرج تنهيدة عميقة وصدى ضحكاتها يتردد في أذنيه مجدداً… فغمغم حائراً
وهو يتابع بعدها عنه…
“يخربيت ضحكتك ياحنين…. كنتي مخبياها ليه بس ؟!……”
…………………………………………………………..
تقدم (علي) منها بخطوات متمهلة غير ثابته يقع كل ثلاث خطوات تقريباً ثم ينهض من جديد بدون ملل من السقوط……اقترب من امه وهو يبتسم لها تلك البسمة التي بمثابة الهدايا المميزة التي تنعم بها طوال أليوم………
رفعت اية حاجبها للاعلى وحركت يداها وهي تبتسم
بشقاوة اليه……

 

 

“اي اللي جابك هنا ياستاذ …..يلا على برا….خليني احضر الاكل عشان ناكل سوا…..”
“دا دا…….”
هزت راسها وهي تحمله عن الارض ثم لرخامة المطبخ الواقفه فيه…. اخبرته بتعبير وجه مبالغ
فيها حتى يتجاوب معها اكثر……
“مفيش دا دا……”
لاح التذمر وهو يمد قبضته الصغيرة نحو وجهها…
“ما ما ما……”
ضحكت وهي تبعد وجهها عنه…
“عايز تخربشني….مش عيب ياعلي….مش انا ماما…”
تمتم الصغير وهو ينظر لعينيها ببراءة….
“بااااااا……..”
لاح الحزن على وجه آية وهي تنظر لمكان اخر متحدثه اليه وكانه مستوعب ما تقوله….
“معرفش عنه حاجة…..من اخر مرة وانا بهرب من مكالماته……..معرفش اي اللي غيره….وعايز يقرب دلوقتي……بعد سنتين بحالهم افتكر ان احنا في حياته…….”
انتبهت لصغيرها الذي يلعب في خصلات شعرها الشقراء ويتمتم بكلمات غير مفهومة وكأنه يحدثها
بلغته هو……سالته بوجع وهي تنظر لعيناه الخضراء الشبيهة بعينا والده الحبيبة لقلبها……
“تفتكر بيحبنا ياعلي…..تفتكر بنفرق معاه…ولا لا…”
ابتسم الصغير امام عيناها ببراءة والقى جسده عليها
ليرتاح على كتفها……ضحكت وهي تعانقه بقوة متناسية الوجع في هذا العناق الدافئ….
“مين يبقا معاه علي ويفكر يزعل بس…..تعالى عشان ارضعك…….وبعدين هكمل الأكل عشان ناكلوا سوا….”
بعد مدة كانت تعد الطعام والصغير بجوارها على الأرض يلعب ويلهو بالالعاب التي وضعتها أمامه….
وفي كل ثانية تنظر اليه وتداعبه وتحدثه حتى لا
يشعر بالحنق ويبدأ بالبكاء المتواصل….
صدح جرس الباب فتقدمت منه وتركت الصغير يلعب أرضا…….
همست من خلف الباب بتوجس….
“مين……”
“افتحي يا آية….انا خالد…..”بلعت ريقها بتوتر وازدادت خفقات قلبها وهي تفتح الباب إليه…
ظهر امامها وهو يحمل عدة اكياس بيضاء…وكان مرتدي ملابس كاجول غاية في الجاذبية عليه
مصفف شعره الناعم للخلف…..اما لحيته كانت
نابته قليلاً بجاذبية….وعيناه الخضراء… وااه
من خضار عيناه المتوهجة بشراهة كملامحه تماماً…….
اضطربت قليلاً وهي تسأله…
“خالد………في حاجة حصلت لخالي…..”
اخبرها خالد وهو يتفقدها ملياً……
“مفيش حاجة يا آية….مالك قلقانه كدا ليه…انا جاي اشوف علي……”
“علي !….طب أدخل….”فتحت الباب وافصحت له الطريق……..
بعد ان اغلق الباب خلفه سالها وعيناه تنهال من ملامحها الجميلة…..
“مش بتردي على مكالماتي لي يا آية…..”
لاح التردد مجدداً عليها وهو تبعد خصلاتها القصيرة للخلف هاربة من عيناه قائلة باقتضاب…
“مكنتش فاضية ارد عليك…….”
رفع حاجبه وتشدق بحنق…..
“تلات ايام بحالهم مش فاضية تردي عليا….ولا مكالمة فيهم رضيتي تردي عليها….دا حتى الرسايل مش بترضي تفتحيها…….انتي بتهربي مني ليه…..”
نظرت له بضجر وقالت بانفعال مكبوت…
“أمرك غريب ياخالد ههرب منك ليه وعشان إيه…… وبعدين احنا فيها….. قولي انت كنت عايزني في إيه……”
تردد في ان يخبرها بما يعتريه فقال باندفاع
احمق كالعادة……
“هكون عايزك في إيه……..عايز اطمن على ابني….”
انتابها الغيظ في لحظة فصاحت بحنق….
“تمام خليك عندك بقه لحد ما جبلك ابنك تطمن
عليه بنفسك……”ابتعدت للمطبخ بتشنج….
عض على شفته بغيظ منها ومن نفسه فهو دوماً امامها يتلبك ويصبح جلف وكانه لم يتعامل مع
امرأة يوماً برغم من انهُ مع غيرها يكن شامخ الشخصية متوزان الحديث لبق في المعاملة
لابعد حد !….لكن معها ينتابه التشتت يتلبك
امامها حينما تطلع عليه وتحاوره بمنتهى الثقة
وبانف مرفوع بعنفوان انثوي جميل يجعله يقف امامها بكماً وان تحدث يخرج مدافع كرشاش من فمه………
آية تأثر عليه وتجعله كطفل الأحمق المتزمر
امامها !….
كاد ان يجلس على الاريكة المتواجده في ردهة لكنه سمع شاهقة عالية تصدر منها مما جعله ينتفض في وقفته ويركض إليها…..
حينما دخل المطبخ وجد المشهد الاسواء على الإطلاق….
اية تقف امامه تطلع على (علي) الذي كان جالساً
على أرض المطبخ وبين يداه كيس كبير من الطحين مفترش إياه على الارض وهناك قدر كبير منه على ملابسه ووجهه وشعره……كان الصغير ينظر لامه ببراءة وعلى محياه ابتسامة رائعة بريئه تعبر عن استمتاعه وفخره الكبير بما فعله !………
كانت مزالت آية واقفها مكانها تتحسر على تلك الفوضى المحيطة بالمكان….وتحملق في صغيرها بغضب…..
عنوة عنه ابتسم عليهما بل ضحك، ضحك بقوة كما لو لم يضحك يوماً….بطبع كانت أول مرة يضحك بصدق بدون مبالغه او تظاهر كان يضحك من قلبه عليهما وهما ينظرون لبعض وكان الحرب ستقام أليوم بينهما….
اغتاظت آية منه فوضعت يدها بخصرها بغضب…
“بتضحك على اي يا خالد….انت عجبك اللي عمله ابنك…..مبسوط انه بوظ الدنيا كده حوليه….”
تعثر خالد بضحكة وهو يخبرها بصعوبة…..
“اذا كان هو بذات نفسه مبسوط انا مش هنبسط……….بصي بيضحكلك إزاي….”
نظرت لعلي من جديد بغيظ فوجدته يبتسم وهو ياخذ القليل من الطحين بين قبضته الصغيرة
ويضعه على شعره بسعادة….
صرخت بغضب….
“علي……”
رمقها الصغير ببلادة للحظات ثم عاد للعبث في طحين بطريقته….فضحك خالد عليه مجدداً….
رفعت اية حاجبها وتوهجة عيناها وهي تأمر
خالد ببرود….
“بما انك بتضحك ومبسوط اوي باللي ابنك
عمله….ياريت بقه تنضف المكان ده وتنضف ابنك كمان……”
وضعت بين يداه المكنسة وهي تتجه بانف مرفوع للموقد لتبدأ بمتابعة الطهي…..
فغر خالد شفتيه وهو يراقبها بدهشة….
“انتي بتقولي اي يا اية…. عيزاني انضف مكانه…. انا…” اشار على نفسه بصدمة….
اكدت وهي تنظر اليه شزراً……
“آآه انت…… هو انت مش باباه برضو ومبسوط باللي عمله اشرب بقه…..”
انكر الأمر بسرعة…..
“على فكرة انا مكنتش مبسوط…..”
رفعت حاجبيها باندهاش….
“اي دا بجد والقهقه بتاعتك دي كانت إيه….”
تافف وهو ينظر لعلي ثم للمكنسة التي بيده….
“آية متهزريش……”
ردت وهو تتابع الطهي …
“مش بهزر…. على ما خلص الازانيا تكونوا خلصتوا… عشان ناكلو سوا……”
لاحت بسمة عابثة على وجهه معقباً….
“عزماني على الغدا يعني…..”
القت عليه نظرة ثم عادت الى ما تفعله…..
“انت اللي جاي في وقت غدا و زوقياً دا اللي المفروض يحصل…… انك تتغدى معانا….هعملكوا الازانيا…. ”
عقد حاجبيه وسالها باستمتاع غريب وهو يتابعها تتحرك امامه في المطبخ كالفراشة…..
“لازانيا ؟!………ولازانيا بقي بقه…..”
نظرت اليه وشردت وهو تبتسم امام وجهه
واجابت بعفوية….
“زي ما بتحبها ياخالد…….. بالفراخ…..”
لاحت الدهشة على وجهه وخفق قلبه بقوة مؤالمه
وغمرة الحنين إليها تزيد فستشعرت احساسه واخفضت وجهها بحرج وأخيراً ترجمة ما قالته
فاشعلت الموقد وهي تقول بايجاز….
“على ما تنضف اللي ابنك عمله…… هيكون الاكل جاهز…… ”
انتبه لطلبها الصعب فقال بامتناع…..
“انتي لسه مصممه…… انا مش هعرف اغير لعلي…”
لم ترفع عيناها عليه بل اخبرته وهي تهرب منه….
“هتعرف لو حاولت وصبرت… هتعرف…. وسبني بقه عشان اخلص الأكل……”
اخرج تنهيدة غيظ وهو يتقدم من الصغير حتى يرفعه عن الأرض…..
دخل الحمام به وبدأ يغسل له على مهل وحرص شديد……
ضحك الصغير وهو يتمتم….

 

 

“بااا………..دغغ… ”
كبح خالد حنقه وهو يحدثه….
“عجبك كده جبتلي الكلام منها…..وفي لاخر انا اللي ادبست…..امك دي عايزه……” عض على شفته بغيظٍ
شديد وهو يتذكر ملامحها الفاتنة وشفتيها الشهية التي تذبذب ثباته امامها ….. تابع بلوعة….
“امك دي عايزه تتباس ياعلي……. ملهاش حل تاني صدقني…….”
ضحك الصغير وهو يلعب في الماء فعقب خالد
وهو يبتسم إليه…..
“بتضحك….. اضحك ياعلي…. مانت في حضنها ليل ونهار هتعوز اي تاني…….”
بصعوبة غير ملابس الصغير وبمنتهى الحرص كذلك
وبرغم من انه أخذ وقتاً كبيراً حتى انتهى من كل شيء إلا انه شعر بدافئ والسعادة بتواجده بينهما
وكانه وجد نفسه وشعر بدفء الاسري حينما اقترب من عائلته الصغيرة التي اهمالها فيما يقارب العامين
وكان بهم ينغمس بحياة أخرى لا تشبهة ولا تناسبة
وكان بها يظن انها الملاذ الحقيقي له.. لكنه شعر
بان الملاذ الحقيقي اليه كامن هنا….. بينهما !…
ابتسمت اية وهي تحمل بين يداها اطباق (الازانيا) الشهية الساخنة…..
وضعتها على سفرة الطعام وكان خالد وعلي يجلسان
على مقاعدها… وكان علي يضحك بقوة على مداعبة والده له وحركاته المضحكة التي يفعلها بوجهه وفمه……
ابتسمت اية بحب وهي تراقبهم وارتسم بعضاً
من الحزن على وجهها عنوة عنها….. أنتبه لها خالد
فاخبر ابنه بمشاكسة….
“يلا عشان ناكل…. مامي عملتلنا الازانيا اللي بنحبها…….” نظر لها وهو يسالها بخبث….
“عملتيها حلو ولا زي كل مرة…..”
وضعت الطبق امامه وامامها ثم جلست بجوار ابنها الجالس في مقعده الخاص بجوارهما….
“قصدك إيه…….اني بعملها وحش…..”
اخبرها وهو يغرز الشوكة بها ثم يرفعها لفمه بشهية مفتوحة……
“كل مرة بتبقى لا تقاوم….مين خلاني احبها غيرك..”
ابتسمت بسعادة رغما عنها وهي تراه ياكل من تحت يداها من جديد……سمعته يخبرها وهو يرفع الشوكة من جديد على فمه…..
“تسلم ايدك يا آية………..حلو اوي……”
“بالهنا على قلبك……..كُل وهجبلك تاني….الصنية بحالها جوا…..”ثم نظرت لعلي وحدثته بحنان..
“يلا يا علي ياحبيبي عشان تاكل….”مررت يدها على شعره برفق فسمعت الصغير يشير بعيناه على والده متمتما
“با با …..”
وكاي اي أم فهمت الى ما يشير ابنها فقالت بحنان وهي تقرب المعلقة من فمه……
“أيوا بابا هياكل معانا………يلا كُل انت كمان….”
رفع خالد عينيه عليهما فوجد ابنه ينظر اليه ببراءة ويبتسم…… شعر بنفس القبضة المؤالمة المصطحبة
أخيراً لشعور كان يهرب من تفسيره دوماً وهو… الندم…. الندم على ترك عائلته تضل الطريق بعيداً
عنه باحثا هو عن المتعة بالخارج متعه واهيه مخادعة وقد تناسى ان المتعه الحقيقية امام نظره من صغيرة وعناق حاني من زوجه كانت عاشقه له
بكل جوارحها وقد تركها يوماً بمنتهى الغباء
وانساق خلف ما يشتهي…..
بعد مدة قد افترش الارض وجلس بجوار ابنه يركب له الالعاب الذي اشتراها اليه…..
بعد ان جمع خالد القطار قطعة قطعة وبجوار علي
الذي كان يلعب بالاكياس وعلب الالعاب الفارغه…
تحدث خالد وهو يبدا بتشغيل القطار…
“انت فقري يالا.. سايب الالعاب وبتلعب بالكياس…”
ضحك الصغير وهو يتجه لامه التي كانت تحمل فنجان من القهوة لخالد……
“خالد….”
خفق قلبه وهو يرفع عيناه عليها بعد نداءها فوجدها تنظر لعلي الذي يمسك بساقيها بتزمر….
سحب ابنه حتى لا تقع القهوة عليه ثم شغل له لعبة القطار المتحرك فبدأ بتحرك امامه على القضبان البلاستيكية الملونة…..
بدأ الصغير بمتابعة اللعبة قليلاً بتوجس ثم بدأ مع الوقت الاطمئنان لها والاقتراب منها……بمساعدة
آية التي جلست بجواره وشجعته ببرائتها معه وشقاوتها الجميلة…….
سالها ببلادة……
“لي خاف في الأول…..”
اخبرته وهي تبتسم برقة وهي تنظر لصغيرها….
“طبيعي يا خالد…الحاجة جديدة عليه وبتتحرك قدامه لازم يكون في شوية قلق كده منها ولم تشجعه وتبقى معاه بيفك علطول……انا فكرة لم كان عنده ست شهور كنت جيباله لعبة على شكل كتكوت كانت بتتحرك وبطلع صوت…. قعد في اليوم دا
يعيط عشان خايف منها……و واحده واحده بقه يدهاني عشان اشغلهاله……. ”
هز راسه بتفهم وهو ياخذ رشفة من فنجان القهوة باستمتاع بها وبطعمها المميز كصاحبتها تماما….
سالها بهدوء
“صحيح ريتاج قالتلي انك جايه حفلة عيد جوازهم…”
هزت راسها باقتضاب وهي تقول….
“آآه كلمتني وتحيلت عليا كتير فمقدرتش اقولها لا ووعدتها اني هاجي…..”
سألها خالد بهدوء….
“وفعلاً هتروحي…..”
اجابته وهي ترفع عيناها عليه…..
“آآه ان شاء الله….احتمال اخلي الدادة تستناني عند خالو وسيبه هناك عشان أكون مطمنه اكتر وجده معاه…..”
هتف خالد باستحسان للفكرة……
“خلاص سبيه مع جده….ونروح سوا…..انا كده كدا رايح…. ”
“بس……”
قاطعها خالد بجدية…..

 

 

“بس إيه……هتدخلي لوحدك لازم ابقى معاكي….انتي عارفه انهم صاحبي وعزمونا احنا الاتنين سوا.. فا مش حلوه خالص ان كل واحد فينا يدخل لوحده قدامهم…. ”
أسبلت جفنيها ولم ترد وكانها اقتنعت بكلامه على مضض فلو عليها ما كانت وافقت على مرافقته
لها في هذه الحفلة لكن (ريتاج)اصرت عليها
بقوة وأخذت الأمر على محمل الجد.. وكان رفض
( اية) وقتها المستمر يجعل (ريتاج) تظن انها ترفض
رؤيتها لا رؤية خالد وحينما اخبرتها بصراحة
لم تتفهم شعورها نحو طليقها بل كانت تصر
الاخرى وكانها لم تسمع شيءٍ مما جعل آية
توافق على مضض كما وافقت على اقتراحه
بنفس الشعور….
الان يود الرجوع أين كان حينما كُنت بحاجة إليه
أين كان……في احضان اخرى…. يالهي اي وجع هذا………وكيف يشفى المرء منه؟!………
…………………………………………………………..
علت الصدمة وجه سمر وهي تحملق في المحامي ذاهلة وهتفت من بين ملامحها الفاقدة للحياة…
“يعني ايه هيتحول للمحكمة…… بسرعه دي !…”
وزعت نظراتها المشدّدة بصدمة على (راضي) والده
وحامد عمه…… والذين كانوا يجلسون على احد

علت الصدمة وجه سمر وهي تحملق في المحامي ذاهلة وهتفت من بين ملامحها الفاقدة للحياة…
“يعني ايه هيتحول للمحكمة…… بسرعه دي !…”
وزعت نظراتها المشدّدة بصدمة على (راضي) والده
وحامد عمه…… والذين كانوا يجلسون على احد المقاعد امام مكتب المحامي مثلها تماماً وينظرون
للمحامي بصدمة وشحوب لسرعة محاكمة القضاء على ابنهم في تهمة هو بريء منها كبراءة الذئب
من دم يوسف……
مالى المحامي على مكتبه قليلاً امامهم ونظر لسمر
تحديداً فهي من علقت على سرعة الأمر… اخبرها بجدية وحيرة كذلك…..
“انا نفسي مش مصدق سرعة المحاكمة عليه دلوقتي… احنا لسه بنقول ياهادي….. زي ما قولتها لابراهيم قبل كده هقولهلكم….. في حد بيلعب مع الحكومة حد واصل أوي وايده طايله…وعايز ابراهيم
يتحكم عليه في اسرع وقت عشان القضية تخلص كده….. وميبقاش قدمنا حاجة نعملها….”
صرخت سمر بتشنج عليه….
“يعني إيه… خلاص هيتحكم عليه.. واحنا موكلينك
ليه… مش عشان تخرجه وتصرف… ماااا تصرف…..”
هتف حامد بصوتٍ باهت….
“اهدي ياسمر يابنتي… صبري بيعمل اللي عليه ومش ساكت…..”
نظرت للمحامي شزرا وهي تخبره بعصبية….
“لا مبيعملش اللي عليه لو بيعمل اللي عليه كان طلعه…..”
اخبرها المحامي بجزع وهو يوضح الامر المعقد
اكثر إليها…..
“القسم مش بتاعي يانسه سمر… انا ماشي حسب القانون…. وبحاول مرة واتنين وعشرة لكن كل البابان مقفولة في وشي الحاجة الوحيدة اللي قدرت تحسن صورته في القضية التحريات اللي عملتها النيابة عنه….. وطلع راجل جدع وفي حالة ومالوش في سكك دي… لكن حتى دي النيابة مقدرتهاش قصاد ان اتمسك بفرش حشيش وزنه ****دا مش تعاطي دا بيشتغل فيهم والنيابة سجلت ده في المحضر اللي اتعمل لان اتضح بعد التحاليل اللي عملوها ليه انه
مش بيتعاطى حاجة………فتكتب ان بيوزع تبع
حد من تجار المخدرات المتسجل اسمهم عند الحكومة….. ”
اخبرته سمر بتصميم….
“بس إبراهيم قالهم انه ميعرفش حاجة عنه…..”
على تنفس المحامي بسام وهو يخبرها بعدها
بقلة صبر….
“وتفتكري طالما قالهم كده هيسبوه يروح يعني.. بقولك ممسوك متلبس…… ماتقول حاجة ياحاج راضي…….”
تنهد راضي تنهيدة تحمل تل من الهموم والحزن… ناظراً الى المحامي بقلة حيلة…
“معنى كلامك ياصبري… ان إبراهيم هياخد حكم.. مش كده….”
أسبل المحامي جفنيه وثقل كتفيه امامهم وهو ينحني بانهزام وصارح اياهم بالحقيقة بدون اي مواربة….
“سامحني ياحاج راضي كان نفسي اخرج إبراهيم

 

 

وطلعو منها…. بس الموضوع طلع اكبر مني… انت عارف إبراهيم غالي عندي قد إيه دا ابن حطتي
ويامه استجدع معايا وكان نفسي اطلع جدع معاه لو مرة واحده بس مقدرتش القضية أكبر مني ولي بيمشيها من تحت التربيزة اكبر مننا كلنا…..”
نهض راضي بصعوبة من عن مقعده وهو يقول بنبرة
ضعيفة متعبة……
“كتر خيرك يابني….لله الامر من قبل ومن بعد…..لله الامر من قبل ومن بعد……”
سار بالخارج وسمر بجواره ومن الناحية الأخرى حامد شقيقه الذي حاول بث الامل فيه بنبرة
ضعيفة……
“اجمد ياخوي….ان شاء الله إبراهيم هيطلع منها ابنك جدع وابن حلال وان شاء الله ربنا هيظهر براءته…”
تحدث راضي بنبرة ضعيفة محملة بالحسرة..وكان يسير معاهما في الرواق الممتد امامه…..
“إبراهيم ضاع يا حامد…..ابني ضاع…ربي اني لا أسالك رد القضاء ولكني اسألك اللطف فيه….الطف بينا يارب….الطف بينا دا احنا غلابة ولا عمرنا أزينا حد ولا افترينا على حد….الطف بينا يارب….دا السند اللي حلتي في دنيا…….مين هيسندني بعدك يابراهيم……مين يابني…….”ارتخت ساقي راضي في سيره فكاد ان يقع لولا يد حامد ويد سمر الذين مسكوا به قبل ان يقع أرضا…..
سند نفسه بصعوبة وتعب وهو يخبرهما بخفوت….
” انا كويس…. متقلقوش عليا… انا كويس… ”
كان يتمتم بتلك الكلمات كلما ترنح بينهما بتعب وانهزام حزين على ابنه الوحيد…. وظلوا هكذا طوال الطريق حتى عادت سمر للبيت بعد ان تركته في بيته على سريرة منهمك من كثرة الضغوطات عليه والحسرة التي تظلل عيناه بوجع بات ينحر أيضاً
في قلبها نحراً وهي ترى نفسها اسواء مخلوقة
مؤذية على وجه الأرض…..
فتحت والدتها لها الباب فالقت سمر السلام عليها وهي تدخل غرفتها بتعب لا يخلو من الحزن المرتسم على ملامحها والذي اصبح مشتبك معها من يوم تلك المصيبة…….انها تفوقت على حنين بهمومها وباتت صورة اقوى منها في الحزن والقهر على حالها وما يحدث لها…..
سمعت والدتها تسالها بصوتٍ حانق….
“كنتي فين ياسمر…..”
فتحت سمر باب غرفتها وامها خلفها…فاجابتها
بتعب..
“هكون فين كنت عند المحامي…..”
نظرت امها اليه بغضب وهتفت بتشنج وحسرة عليها…..
“وبعدهالك يابنت بطني….هتفضلي تلفي وراه في الاقسام ومكاتب المحامين كتير…إيه اخرتها
ياسمر…”
ضربت سمر فخذيها بتشنج وهي تجلس على
حافة الفراش…..
“في اي ياماااا…..”
برمت والدتها شفتيها وهي تخبرها بدون مواربة….
“حالك مش عاجبني ياختي……احنا مش هنفضها سيره…. ونقفل الموضوع ده بقه بضبه والمفتاح ويدار ما دخلك شر…….”
نهضت من مكانها بتشنج صائحة بكره
لنفسها….
“انا الشر ياماااا……….. انا الشر….”
ضربت والدتها يداها ببعضهم بذهول….

 

 

“وانتي مالك يابت….. هو انتي اللي قولتيله يتاجر
في القرف ده……”
لاحت الصدمة على وجه سمر وهي تدافع عنه بقوة..
“انتي بتقولي اي يامااا… انتي شكه ان إبراهيم ممكن يعمل كده………. إبراهيم مظلوم والله مظلوم……”
هدرت والدتها بحزم وعيناها تضخ شرارة…..
“مظلوم ولا ظالم ميخصناش…. الحمدلله ان احنا لسه على البر….. اقلعي دهبك ده…. وانا هوديه لامه
وكل شيء بقه قسمه ونصيب……”
جحظت عينا سمر بقوة وهي تقف امام والدتها
هاتفه برفض…….
“قسمة ونصيب اي يا مااا؟….. انا مش هسيب إبراهيم…”
هدرت والدتها بتشنج بعد جملتها التي اشعلت
صدرها كأتون هائج …..
“يعني اي مش هتسبيه…..اي هتفضلي ربطه نفسك بيه وافراضي بقه خد حكم هتفضلي موقفه حالك ومستنياه……”
نزلت دموعها وتهدج صوتها وهي تاكد بتصميم….
“ااه هستناه…. هستناه عمري كله… بس هو يخرج…”
تشدقت والدتها بازدراء….
“يخرج منين…….. انتي فاكره ان اللي بيدخل
المخروب ده بيفضله زي ما هو….. بالك هيرجعلك إبراهيم راضي هو هو اللي عرفتيه…. فوقي ياسمر انتي لسه الصغيرة ومتعرفيش مصلحتك فين ومع مين….”
صاحت سمر من جديد هائجة… بينما ظللت الدموع
مجددا عينيها…..
“مصلحتي معاه يامااا… مصلحتي معاااه هو… انا بحبه يامااا…. بحبه ومش هقدر اسيبه انا روحي
فيه ياماا……روحي فيه…. ”
قسى قلب زينب رغما عنها على ابنتها وهي
تخبرها بخفوت به لمحة من الحزم…..
“مع الوقت هتنسيه…. دي معرفة شهور يابنتي ومسيرة يتنسي…….شوفي مصلحتك ياسمر ومتحرقيش قلبي عليكي اكتر من كده…. ”
نظرت سمر للناحية الاخرى وهي تهز راسها بخيبة
أمل…….
“مش فهماني يامااا…… مش فهماني… وعمرك ما
قدرتي تفهميني…….”
ربتت والدتها على كتفها وهي تقنعها بعقلانية….
“اسمعي كلامي يابنتي….. إبراهيم مبقاش ينفعك… ولا نسبة بقا يشرف بعد اللي جراله……. اسمعي الكلام……..ونسيه…… انسي ياضنايا.. ”
صرخت وهي تنفض يدها عنها وتبتعد…..
“لا…. والله أبداً…… ولو فتحتي سيرة الموضوع ده تاني هموت نفسي……سمعاني يامااا هموت نفسي.. ”
لمعة عينا زينب بالغيظ منها وهي تصيح بحزم نحوها…..
“يعني اي هتموتي نفسك… انتي بتلوي دراعي يابنت جمال…… فكراني بستأذنك… اللي في دماغي هعمله وقلعي الدهب ده خليني ارجعه لامه هو والمواسم والهدايا اللي كان جيبهالك يلا……”
قطعت زينب المسافة وسحبت يد ابنتها محاولة خلع
الاساور والخواتم من بين يداها…..صاحت سمر
وهي تمنعها بترجي ودموع….
“لا يامااا…….. ونبي لا…….. عشان خاطري…..”
دخل أحمد في تلك الاوقات على صوتهم اقترب منهن وهو يبعد سمر عن امه بهلع…
“في اي يامااا……..اي اللي حصل بينكم…..”
رفعت والدتها عيناها الغاضبة عليه وهي تهتف
بكبت وغيظ من عناد ابنتها معها وكانها عدوة
لها….. ليست امها التي تخشى عليها وتتمنى لها
الأفضل……
“مش راضيه تديني الدهب ارجعه لنوال…. عايزه تفضل تجري في الاقسام والمحاكم…. عايزه تفضل ربطه نفسها بواحد بيوزع سم هاري على الناس… اختك عايزه تعرنا ….. وتفضحنا في الحته كلها…..”
كبح أحمد حنقه من امه وهو يهتف من تحت أسنانه….

 

 

“قولتلك متتكلميش معاها دلوقتي… اصبري اما نشوف القضية هترسى على إيه……”
صرخت سمر بعد ان سمعت جملته…..
“انت كمان متفق معاها يا أحمد ….. كلكم جايين عليا……. كلكم….. حرام عليكم…….”
مسكها أحمد من ذراعيها وهو يقنعها بهدوء حاني محاول التاثير عليها بكل الطرق…..
“أهدي ياسمر وسمعيني… احنا خايفين عليكي ويهمنا مصلحتك…. حطي نفسك مكان امك… ترضي بنتك
تبقى لبسه دبلة واحد متهم في قضية مخدرات… ترضي بنتك تلف وراه في الاقسام والمحاكم.. ترضي بنتك توقف حالها وحياتها عشانه وهما لسه على البر ترضي ياسمر……..”
هدرت من تحت اسنانها بتحدي وعيناها السوداء تنهال عليهم بنظرات مزرية…..
“ارضى…. ارضى عشان بحبه… وانا السبب في اللي بيحصله… ارضى لانه بريء… ومظلوم…. بالله عليكم بالله عليكم لما انتوا اللي عرفينه كويس ومعشرينه تقوله عليه كده…… الغريب يقول إيه…… يقول يا أحمد……” ابعدته عنها بقوة وهي تخرج من الغرفة
راكضه الى غرفة خالها فتحت الباب بوجها أحمر كدماء وعيون تماثله احمرار وشعرها مشعث مموج
متهدل باهمال حول وجهها…..نادت عليه بعجز
وسط دموعها…..
“خالي….”
رفع عيناه عليها ومد يده بحنان إليه وكان بعيناه نفس العجز والحسرة مثلها تماما وكانها تحولت لنسخة منه بعد أول اصطدام قوي في حياتها…
“تعالي………….. تعالي ياسمر……”
ركضت اليه والقت راسها على صدره وهي تنتحب بقوة انتحاب يهز اصلب الجبال تاثراً ببكاءها… سيل الدموع يجري بخطٍ مستقيم بات لا يفارقها من يوم بعاده….. بات الدمع اقرب صديق لها والوجع رفيق دربها القاسي في تلك الفترة…
ربت عارف على كتفها وهو يخبرها بحنان….
“اهدي ياسمر…. كل حاجة هترجع زي الاول بلاش تيأسي…….ربنا كبير عوضه قريب”
تهدج صوتها وهي تخبره بقلب منفطر….
“نفسي اشيل الوجع من جوا قلبي ياخالي… مش قادرة ارتاح…..انا مؤذية اوي ياخالي مؤذية…… انا دمرته…… انا مؤذية ومدمرتوش لوحده اهله كلهم اتأذوى بسببي…. كلهم اتأذوى بسببي……”
رفع عارف وجهها اليه واخبرها بنبرة خشنة مؤثرة عن تجربة رجل لم يجد من يحفزة كي يتقن أمواج
البحر العالي….الذي لم ينجا منها وبات غريق حتى يوماً هذا…….
“لا ياسمر…… بلاش تكرهي نفسك يابنتي… وبلاش تحمليها فوق طاقتها متبقيش نسخة مني… الحياة
طويلة ياااما هتشوفي… وياااما هتقبلي…هتتعلمي…
وهتعلمي…مش من أول قلم هتقعي يا سمر…. لازم تقومي وتحاربي للنهاية….عشان دا حقك في الحياة انك تعيشي….خدي حقك منها ومتسبهاش تهزمك..”
نظرت اليه وعادت الدموع تنهمر من جديد وهي تخبره بانهزام ويأس……
“تعبت ياخالي……من يومي وانا وقفه مكاني بمثل اني قدره. …قدره اقف…. قدره اشتغل… قدره
اساعد وقدره اكون الحضن اللي بيطبطب على الكل….بس انا مش كده انا بضحك على نفسي قبل ما بضحك عليكم…..انا بمثل….. انا ضعيفة وعمري ما كنت قدره على حاجة……..بس كنت مجبورة على كده……”
“مبقتش قدره اقف قدام حد… مبقتش قدره..
تعبت….. تعبت ياخالي…..” القت نفسها مجدداً في احضانه وهي تنتحب بقوة… قوة تكاد تقطع احبالها الصوتية من شدة الحسرة على حالها والوجع الذي ينهش بقلبها بسبب ما اقترفته بحق الجميع……
وااه من عذاب الضمير….. وآآه من عتابه !……
……………………………………………………………..
في صالة المحكمة الكبيرة حضر الجميع الجلسة واصرت والدة ابراهيم ان تاتي لترى ابنها…..
وحضرت سمر برفقة خالها الذي خرج بها عنوة عن انف امها فهو الوحيد القادر على اختراق قوانينها الصارمة على اولادها…كذلك حضر أحمد ليكن بجوار أخته……..
دخل إبراهيم القفص الحديدي كي يتلقى الحكم في قضية لم يرتكبها ولو حتى في احلام اليقظة !…
وقبل دخول القاضي…اقتربت امه من القفص الحديدي هي وسمر ووالده وعمه….هتفت والدته بدموع القهر على ابنها…..
“إبراهيم عامل اي ياحبيبي….كويس….”
كانت ملامحه حادة وعيناه قاتمة مخيفة اختفت وسامته وحل الرعب مكانها فبات كاقاتل متسلسل
له هيبة تقتلك من نظرة واحده…….نظر لامه من
خلف القفص الحديدي….
“اي اللي جابك يامااا هنا…ليه ياحاج جبتها احنا اتفقنا على اي……”
رد والده وهو يربت على كتف زوجته حتى تتماسك قليلاً امام ابنها……
“مردتش تقعد في البيت مصممه تيجي تحضر الجلسة… وكلها امل انك تخرج براءة
وترجع معاها…..”
ابتسم ابراهيم هازئاً وهو يقول….
“براءة !….البراءة بقت بعيدة اوي…. متضحكش
عليا ياحاج…واضح اني هاخد حكم ….. اما سنين اللي هقعدها هنا فا دي في ايد القاضي اللي هيحكم…….”
حدثه والده بضعف وحزن عليه….

 

 

“لا حول ولا قوة إلا بالله… ادعي يابراهيم وبلاش تيأس يابني من رحمة ربنا… ربنا كبير وميرضاش بظلم…”
اخبرها ابراهيم بقلة حيلة….
“اللي عايزه ربنا هو اللي هيكون….انا راضي بقضاء الله……”
اوما والده له بايمان….
“ونعم بالله يابني…….اجمد وربك كبير……”
رفع عيناه عليها فوجدها تنظر اليه بشوق ودموعها تنهمر على وجنتيها….سألها بكبت يحمل مشاعر مؤالمة……
“عامله اي ياسمر…….”
ردت عليه بنبرة حزينة ملتاعة…..
“الحمدلله يابراهيم…….انت عامل إيه….”
ظللت شفتيه بسمة ساخرة وهو يحدج نحوه
بشوق..
“محبوس…….محبوس ياشبح…….”
ابتسمت وسط دموعها….فخفق قلبه لابتسامتها وحفظ صورتها بقوة بداخله فهو سيحتاج لها في
الايام المقبلة او ربما السنوات القادمة…
رفع ابراهيم عيناه للناحية الاخرى فرأى ماهر يدخل صالة المحكمة ويجلس في آخر مقعد من الناحية المقبلة له…… بل وبمنتهى الوضاعه يرفع يده ويلقي اليه تحيه خبيثه خفية……
اشتعلت عينا ابراهيم وهو ينظر له بغضب مكبوت.. ولولا هذا القفص الحديدي لكان خرج واطبق على عنقه حتى ازهق روحه العفنه على يداه وانتهى منه ومن شره………
انتبهت سمر الى ما ينظر… فرفعت عيناها عند الزاوية الذي يرمقها ابراهيم بملامح سودواية مخيفة….
وقع قلبها في قدميها برعب وهي تجد ماهر يأسر عينيها بنظراته ويلقي بسمة عابثة في وجهها امام ابراهيم الذي يلاحقهما بنظرات مخيفة وصدره يغلي كأتون هائج……….صاح فيها بتشنج كي تستدير
وتنظر إليه…..
“روحي قعدي مكانك………اخلصي…….”
ارتعبت منه ومن ملامحه المخيفة فهزت راسها بخضوع وهي تجلس بجوار امه على احد المقاعد الخشبية……….
ظلت حرب النظرات بينه وبين ماهر طويلة متوعدة باشياء كثيرة مؤذية وكلاهم يهدد الآخر بحرب ضاريه ان حاول نيل ممتلكاته….ولم تكن الممتلكات
التي قامت على راسها تلك الحروب إلا أمرأه أحبها
رجل بصدق ووهب قلبه لها…واحبها رجل ثري واراد اخماد رغباته بها؟!…….
كانت سمر تجلس تقريباً بينهم رغما المسافات فماهر جالس خلفها من الناحية الاخرى وابراهيم بجوارها
امام عيناها في القفص الحديدي……
اغمضت عينيها بتعب وانهزام ينهش بروحها المحطمة……..ماذا تفعل وما الخطوة القادمة….
(محكمة…..)فاقت على تلك الكلمة لتسمع بعدها مرافعة المحامي الواهية والتي لم تجدي نفعا في القضية……..سمعت بعد مرافعة المحامي سؤال القاضي الحاسم لإبراهيم….
“قولي يابراهيم المخدرات اللي لقوها في كبينة العربية دي بتاعتك……”
انكر ابراهيم من جديد بهدوء وهو ينظر للقاضي……
“لا سياتك معرفش عنها حاجة…..”
ساله القاضي بصوتٍ قوي امام الجميع……
“بتشك اني في حد هو اللي حطاها ليك يابراهيم…”
القى ابراهيم نظرة على ماهر وهو يخبر القاضي بنبرة مبهمة……
“مش بشك…………. انا متاكد…..”
زادت الهمسات فضرب القاضي سطح المكتب وهو ينتبه اكثر لابراهيم ثم استفسر منه بهدوء….
“مين هو يابراهيم……”
حرك كتفيه قائلاً بنبرة محملة بالمقت…….
“دا اللي للأسف مش قدر اعرفه ……”
نظر القاضي للجميع ثم هتف بصرامة…
“الحكم بعد المداولة…..”
وقفت امه من جديد عند القفص تحدثه وتطمئن قلبه
وقلبها الملتاع معه…….
وقفت سمر بجوار والدته تنظر اليه من خلف القفص الحديدي..حينها لم تجد كلمات تقولها له اصبحت بكمه امام نظراته القوية عليها التي تأسرها بشدة وكانه يخشى ان يرف جفنيه ويجده اخذها
منه !….
وضعت يدها على القفص حينما استشعرت خوفه المتأجج في عيناه والذي عجز لسانه عن قوله…
“متقلقش يابراهيم انا معاك…مش هسيبك أبداً
أوعدك.. ”
اخبرها بنبرة باهته وعيناه تداهم سواد عينيها الجميلة المتلألأة بالدموع……
“انتي مش أد الوعد دا ياسمر…… ولا انا بقا ينفع اوعدك بحاجة……”
ابتسمت امام وجهه محاولة تبديل تلك الغصة

 

 

التي داهمت حلقها بعد جملته القاسية…..
“ممكن نأجل الكلام ده لحد ما نشوف القاضي هيحكم بأيه……ان شاء خير… ”
(محكمة….)
من جديد سمعت تلك الكلمة فزدادت خفقات قلبها رعبا وهي تسمع مقدمة سريعة قبل الحكم عليه….
(حكمت المحكمة حضورياً على المتهم ابراهيم راضي علوان بسجن خمس سنوات ……)
صرخت سمر هلع وهي تنهض راكضه نحو القفص
مجددا…….
“ابراهيم معملش حاجة… والله ما عمل حاجة.. ابراهيم مظلوم……… مظلوم…..”
لم تقدر نوال على الصمود أكثر بل وقعت مكانها
ارضا وآخر اسم نطقته بحسرة….
“ابراهيم…….”
صرخ ابراهيم باسم امه وهو يجدها تقع أرضا بجوار والده….. وبعضا من العساكر بداخل القفص الحديدي
تحاول اخراجه للخارج حتى يصعد عربة الترحيلات
الكبيرة كي يقضي عقوبته في أحد السجون المشددة……
شعرت سمر ان الدنيا تضيق بها وهي ترى الجميع يصرخ هلع على (نوال) وصراخ ابراهيم على امه
ومقاومته مع العساكر في الرحيل….. ونظرات ماهر
الحقيرة المتشفية التي تخنقها عن بعد……
سحبتها تلك البقعة السوادء فاستسلمت لها سمر بصدر رحب……. وكان سقوطها آخر شيءٍ رآه
ابراهيم قبل ان يخرج من صالة المحكمة
مجبوراً من خمس عساكر مقيدين إياه بقوة
حتى يعجز عن المعافرة اكثر …
……………………………………………………………..
سمعت أصوات متداخلة من حولها صوت بغيض باتت تكره بشدة واصوات اخرى مالوفة لها….
رمشت بعينيها عدت مرات حتى تحاول مقاومة الضوء المنعكس على عينيها…. تاوهت وهي تمسك
راسها لتجدها ملفوفة بشاش طبي……
سمعت امها تهمس بجوارها بلوعة….
“حمدلله على سلامتك ياضنايا…..”
فتحت سمر عينيها ونظرت الى امها بتعب….
“انا فين…….آآه رأسي……”وضعت سمر يدها على رأسها بوجع…….
هتفت والدتها بحنو وهي تبعد يدها عن رأسها……
“معلش ياحبيبتي متتحركيش لم وقعتي في المحكمة راسك اتعورت في الأرض….معلشي الحمدلله انها جت على أد كده…….”
نظرت للسقف ونزلت دموعها وغمغمت بقهر
وذهول…
“ابراهيم يامااا….ابراهيم اتحكم عليه بخمس سنين……خمس سنين……”
قالت والدتها بحسرة عليها…..
“ربنا يهون عليه ويصبروا هو وأهله….المهم انتي دلوقتي عندي ياسمر….عشان خاطري انا يابنتي
مضيعش نفسك وراه ومتوقفيش حياتك ياسمر..
دول خمس سنين ياضنايا ويعالم بالحال بعدها…”
نظرت سمر للناحية الأخرى ولم ترد على امها ظلت تذرف الدموع بصمت يحكي عن انهيار بات يعصف
بداخلها ولم تجد من يخمد عواصفها تلك… الجميع يفكر عكس مشاعرها…تقسى القلوب عليها ولا أحد يشفق على حبها وحياتها التي تدمرت امامها……
اخرجت زينب زفير قوي وهي ترى تجاهل ابنتها لكلماتها…….سمعت سمر تعود بعينيها اليها مجدداً وهي تتفقد غرفة المشفى من حولها…..
“مين اللي جبني هنا……..”
اخبرتها والدتها بامتنان……
“واحد امير ربنا يباركله ساعد اخوكي أحمد
وركبوا في عربيته ووصلك للمستشفى هنا…..كتر خيره………….اخوكي كان محتاث بيكي…… ”
“مين ده……..”وقع قلب سمر وهي تنتظر اجابة امها ولكنه دخل الغرفة وتاكد ظنها واذنيها التي سمعت صوته البغيض قبل ان تستيقظ…..
“حمدلله على سلامتك ياسنيوريتا…..خضتينا عليكي……”
هتفت سمر من تحت اسنانها بمقت…
“انت؟!!….”
وزعت زينب عينيها بينهما وهي تسألهما بحيرة…
“انتوا تعرفوا بعض ولا إيه…..”
اقترب ماهر وجلس على أحد المقاعد وهو يقول بخبث…….
“اكيد يام سمر….. معرفة قديمة….سمر كانت شغالة في البيوتي سنتر بتاع مراتي……..قصدي اللي كانت مراتي…”
هزت زينب رأسها بتفهم ولم ترتاح لنظرات الرجل نحو ابنتها….. فرحبت به على مضض……
“كتر خيرك يابيه…………. تعبناك معانا…….”
لم تترك عيناه عينان سوداوان بات النظر إليهم
متعة غير منتهية……..
“تعبكم راحه……..المهم انها بقت كويسة…..”

 

 

هربت سمر من نظراته البغيضة بوجه ممتعض…..
ظلت والدتها جالسه معها ولم تتركها لحظة وعينيها
تنتقل بينهما بالنظرات وهي شاعره ان هناك حرب
قائمة بينهما وكانهما اعداء وليست معرفة من بعيد كما ادعى المدعو (ماهر)…..
تحدث ماهر وهو ينظر لعينا سمر بمكر شهواني…
“ينفع نتكلم على انفراد ياسمر….. محتاج اتكلم معاكي في موضوع مهم…….”
نظرت سمر لوالدتها ثم إليه…. وأخذت وقتها حتى قالت لامها بوجوم…..
“سبينا ياماا شويه…. اما اشوف ماهر بيه عايزني
في إيه……..”
عقدت والدتها حاجبيها وهي تحدثها
بصرامة…..
“اسبكم لوحدكم إزاي…….”
لوى ماهر شفتيه بحقارة وهو يخبرها…
“متقلقيش ياما سمر….. بنتك مايتخفش عليها….”
همست سمر باقتضاب….
“خمس دقايق ياماا…. خمس دقايق وانا هطلعلك… عشان نروح……”
ضربت والدتها فخذيها بعد ان نهضت والقت على ماهر نظرات حانقة ومزالت تستشعر عدم الراحة من ناحية هذا الرجل بغيض الملامح شهواني النظرات…
“خمس دقايق وهدخلك…..”
خرجت زينب من الغرفة فوجدت أحمد يقترب منها
وبين يداه اكياس عصائر وفطائر مغلفة لسمر….
تقدمت زينب منه في الرواق الممتد القريب من الغرفة الماكثة بها سمر…….
اتى احمد عليها وهو يسألها بقلق…
“اي يامااا سبتيها ليه لوحدها… هو الدكتور عندها جوا…….”
منعت والدته تقدمه وهي تقول بحزم….
“خليك هنا يا أحمد خمس دقايق وهندخلها….”
سألها باستفهام….
“ليه مين جوا عندها ؟……”
اخبرته زينب بيقين…..
“اللي كان السبب في كل النصايب دي…….”
لاح التساؤل مجدداً عليه فقال…..
“تقصدي مين يامااا…… انتي عرفتي مين اللي لبس إبراهيم القضية..”
نزلت دموع زينب وهي تخبره بعجز ….
“يارتني ما عرفت يا أحمد……يارتني ما عرفت……”
نهضت من عن الفراش ووقفت امامه تسأله بغضب هائل وتكاد تقتله الان ان وجدت آلة الخلاص في
تلك الغرفة الفارغة…..
“عايز إيه…. وجايه ليه مش كفاية اللي عملته… انت اي ياخي شيطان……”
ابتسم ماهر ابتسامة بذيئة وهو يخبرها….
“اهدي يا سنيوريتا….. دا بدل ما تشكريني اني وصلتك للمستشفى بنفسي….” نظر لجسدها
بوقاحة وتابع بحنق ….
“كان نفسي اوي اشيلك بنفسي ودخلك عربيتي… بس اخوكي طلع حمش اوي ومحدش شالك غيره…. دا حتى مرضاش يخليني اساعده ونزلك من عربيتي…. بس ملحوقه مصيري اعمل كل ده لم
تبقي مراتي….” مد يده وكاد ان يلمس وجهها لكنها
ضربة كفه بقوة وهي تصرخ هائجة…..
“ابعد ايدك الوسخة دي عني…..انا مش مراتك… انا مراته هو…. ابراهيم جوزي حتى لو مكتبش عليا انا معتبراه جوزي وهستناه الخمس سنين ياماهر…………..هستناه…..”
اخبرها ماهر امام عيناها بشر غير متناهي
بداخله….
“ومين قالك ان بعد الخمس سنين هيخرج على رجليه إحتمال كبير…… يموت في سجن مسموم مشنوق اهو ولاد الحرام كتير… وناس هناك
مؤذيه وخدامين القرش…..”
صرخت باسمه بتحذير…..
“ماااااااااااااااهر……”
في لمحة بصر مسك كتفيها بقوة وهزها
بجنون انتابه بعد صراخها عليه….
“انتي اللي دخلتيه ما بينا تبقي تستحملي بقه اللي هيحصله….”
بكت بين يداه وهي تترجاه بقهر….
“حرام عليك….. ابراهيم معملش حاجة لده كله…”
هزها مجدداً بين يداه بشراسة وجنون وهو يخبرها بحقد…
“عمل خدك مني…. خلاكي تحبيه….. قدر يلمسك قدر ياخدك في حضنه…… حصل ولا محصلش…..”
هزها بقوة فصرخت وهي تحاول التملص من
بين يداه….. وصرخت بجنون….
“ملكش دعوة بتحسبني ليه… تطلع مين انت في حياتي…..”
اخبرها وهو يقرب وجهه منها وانفاسه باتت
تخنقها بقوة…….
“واحد بيحبك……. ومش عاوز واحده غيرك…..”

 

 

اخبرته بكره هائل وهي مشمئزة الملامح منه….
“وانا بكرهك انت واحد مؤذي… شيطان….” قذفت
ما بفمها عليه فتركها وهو يمسح وجهه بغضب هائل
ولم تمر اللحظات إلا ووجدته ياخذ حفنة كبيرة
من شعرها ويشدها بقوة صارخاً بوحشية فيها….
“فكره نفسك اي يابت….. دا انا أفعصك تحت رجلي.. اخد اللي انا عايزه منك ورميك للكلاب تمصمص في عضمك…. فوقي انا ممكن اوديكي ورا عين الشمس
زيك زي ابن الكلب اللي حسباه عليا راجل…..،”
اخرجت سمر السباب من بين شفتيها وهي
تحاول تحرير شعرها من بين قبضة يده القوية…..
“راجل غصب عنك ياحيوان…… يابن ****…..”
فتح أحمد الباب فوجد أخته تبكي تحت يد ماهر الذي كان يقبض على شعرها بقوة وهو يصرخ
في وجهها بكلمات عنيفة متوعدة لها…..
صرخت والدتها بهلع أيضاً وهي ترى هذا المشهد وتقدمت منهما بفزع..
كان أحمد أسرع من امه فقد أبعد ماهر عنها وسدد
له لكمة قوية اوقعته أرضا…. وقد انهال عليه أحمد من جديد بضرب ودخل الاطباء والممرضات المكان وفكوا الأشتباك بينهم واخرجوا ماهر من المكان سريعاً فصرخ ماهر فيها بقوة……
“هتجيلي ركعه ياسمر…….الجايه هتقطم وسطك…”
نزلت دموع سمر مجدداً وهي تلقي راسها على
صدر أمها بتعب والتي تمتمت بحسرة ورعب
على ابنتها…..
“كان مستخبيلك فين دا كله يابنتي….كان
مستخبيلك فين….. “….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!