Uncategorized

رواية خط أحمر الفصل السادس 6 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

 رواية خط أحمر الفصل السادس 6 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

رواية خط أحمر الفصل السادس 6 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

رواية خط أحمر الفصل السادس 6 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

لاحظ «يوسف» اهتمام «طيف» بالنظر إلى جهة وهو يردد :
– مستحيل !
ربت على كتفه قبل أن يقول متسائلًا :
– فيه أيه يا تامر ! أيه اللي مستحيل 
نظر إليه وأشار بيده إلى الخلف وهو يقول بابتسامة :
– ده كريم صاحبي من أيام الكلية مش عارف ايه اللي جابوا هنا ، وحشني ابن الايه عايز اروح أسلم عليه 
توقف المصعد وفتح أبوابه قبل أن يتحدث «يوسف» بنبرة جادة ومحذرة :
– يلا بينا ومتبوظش كل اللي لسة مبدأناهوش 
هز رأسه بالايجاب واتجه إلى الداخل وهو يقول :
– متقلقش أنا فاهم كل حاجة ومش هروح يعني اقوله أنا أهو في الوقت ده 
– جدع يلا بينا نطلع ننام ساعتين قبل الجد 
***
في صباح اليوم السابق فتح «خالد» عينيه قبل أن يفرد ذراعيه في الهواء وهو يجوب ببصره الغرفة وفجأة نهض من مكانه بسرعة عندما رأى «فريدة» بجواره نائمة ، حدق بها بعدم فهم وتصديق لما فعله وتذكر ما فعله بالأمس مع طفله ففتح عينيه بصدمة وكأنه كان في حلم وقد آفاق منه للتو لكنه تفاجئ بأنه حقيقة ، ظل ينظر إليها وهو يسأل نفسه كيف تزوجها وجعلها تنام بجواره على فراش واحد إلى أن استيقظت من نومها فوجدته ينظر إليها بشرود مما جعلها تقول بابتسامة :
– صباح الخير يا حبيبي
لم يجيبها بل ظل محدقًا بها وهو يضم حاجبيه بشرود شديد فتحدثت هي مرة أخرى :
– مالك يا خالد بتبصلي كدا ليه ؟ 
هز رأسه بعشوائية وهو يحاول معرفة أسباب تزوجه لتلك المرأة لكنه لم يجد إجابة واضحة لذلك وجه سؤاله إليها بغضب :
– أنا اتجوزتك إزاي وليه ؟ 
اعتدلت في جلستها قبل أن تنظر إلى عينيه وهي تقول بعدم فهم :
– أيه اللي بتقوله ده يا خالد !! انت كويس ولا سخن ؟
أجابها بانفاعل شديد وهو على حافة الجنون :
– بقولك اتجوزتك ازاي وليه ! ردي على سؤالي
قلقت بشدة من انفعاله عليها لذلك رددت بهدوء وهي تحاول امتصاص غضبه :
– اهدى يا خالد ومتتعصبش .. إحنا اتجوزنا بعد ما مراتك ماتت ، ساعتها أنت حبتني واتجوزتني ؟
هز رأسه بالنفي بقوة ثم نهض من على الفراش ووقف أمامها وهو يقول بغضب :
– لا ده محصلش ! أنا فاكر إني اتجوزتك لكن مش فاكر ازاي ! زي ما فاكر إني ضربت معاز ابني امبارح بافتراء بسببك لكن مش عارف عملت فيه كدا إزاي ، أنا مالي !! لا لا أنا هتجنن 
وضع يديه على رأسه واغلق عينيه لثوانٍ قبل أن يفتحها مرة أخرى وينظر إليها بتوعد قائلًا :
– أنا معرفش كل ده حصل إزاي بس كل اللي أعرفه هو إزاي اصلحه وبداية تصليحه بطلاقك ، أنتي طالق ومش عايز أشوف وشك هنا تاني 
اتسعت حدقتيها بصدمة ونهضت من مكانها لتقف قبالته وجها لوجه وهي تقول بعدم تصديق :
– أنت بتطلقني يا خالد ! أنت اتجننت ؟
هز رأسه بالنفي ثم حدق بها وقال بنبرة تحمل التهديد :
– لا متجننتش ولو نطقتي بحرف واحد أنا هقتلك
لم تحاول مناقشته وتراجعت بخوف بينما أتجه هو إلى غرفة طفله لكي يتحدث معه في ما حدث بالأمس ، فتح الباب برفق وتقدم إلى الداخل فوجد فراشه خالي مما جعله يردد اسمه بصوت عالٍ :
– معاز !! 
بحث في أرجاء الغرفة ولم يجده فترك الغرفة وظل يبحث عنه في جميع غرف الشقة وهو ينادي إسمه لكنه لم يتلقى أي رد منه ، عاد إلى غرفته مرة أخرى وأمسك معصم زوجته بقوة وهو يسألها بغضب :
– معاز ابني فين ؟
حاولت التخلص من قبضته واردفت بتألم :
– آآآه سيب أيدي أنا معرفش راح فين 
تركها ووضع يديه على رأسه وهو يردد بعدم تصديق وحيرة :
– هيكون راح فين يعني ! راح فين ؟؟
***
بمكتب اللواء «أيمن» اقتربت «نيسان» من الطفل «معاز» الذي كان يضم يديه وينظر إلى الأرض بشرود ، جلست أمامه وامسكت بيده الطفولية الصغيرة وهي تقول بحب :
– قولي يا حبيبي أنت أسمك أيه وأيه اللي خلاك تنام في الشارع كدا ، أكيد فيه سبب .. فين باباك أو مامتك ؟ 
رفع بصره لينظر لها نظرة طفولية مجهولة ثم اخفض رأسه مرة أخرى دون أن يجيبها فنظرت إلى اللواء «ايمن» بحزن والذي ردد بجدية :
– روحي أنتي يا نيسان ، إحنا هنوديه ملجأ ونهتم بيه لغاية ما نشوف لو ليه أهل ، أكيد لو تايه حد من أهله هيبلغ وساعتها هنرجعه 
نظرت إلى الطفل مرة أخرى ولاحظت الحزن المسيطر على وجهه وعلامات الضرب التي تظهر على أجزاء متفرقة من رقبته وجسده لذلك رفعت بصرها ورددت برجاء :
– ممكن حضرتك تسيبه معايا لغاية ما حد من أهله يبلغ 
هز رأسه وردد برفض وهو ينهض من على كرسيه :
– مينفعش يا نيسان لازم ده اللي يتم 
نهضت هي أيضا من مكانها واتجهت إليه وهي تقول برجاء :
– علشان خاطري سيبه معايا الفترة دي ، فهد لسة مش هيرجع غير بعد شهر او اكتر .. اهو يونسني واحاول اعرف حكايته ، اول طلب أطلبه من حضرتك ممكن مترفضهوش !
صمت للحظات وهو يفكر في طلبها ثم نظر إلى هذا الطفل قبل أن ينظر إليها مرة أخرى وهو يقول :
– طيب يا نيسان بس ده أمانة معاكي لغاية أما نعرف أهله ، الطفل التاتي أهله كانوا مبلغين عن اختفائه علشان كدا سلمناهم ابنهم إنما ده لسة مفيش أي حاجة عنه علشان كدا حافظي عليه الفترة دي 
إبتسمت ورددت بسعادة وهي تهز رأسها بالإيجاب عدة مرات :
– حاضر حاضر .. متقلقش سعادتك هيبقى في عيني 
ثم التفتت واتجهت إليه ثم أمسكت بيده وهي تقول بصوت هادئ وحنو شديد :
– يلا يا حبيبي هتيجي معايا ، متخافش أنا طيبة مش زي اللي خطفوك 
نظر إليها لبضع لحظات قبل أن ينهض من مكانه ليرحل معها في صمت …
***
 في مساء اليوم الأول بالولاية الأمريكية نيويورك خرج «يوسف» من غرفته بعدما استيقظ من نومه وبدل ملابسه ثم اتجه إلى غرفة «طيف» وطرق على الباب بخفة ففتح له الباب وخرج وهو يقول :
– أيه رأيك في المواعيد .. أنا جاهز يا معلم 
هز رأسه بالنفي وأشار إلى داخل الغرفة وهو يقول :
– لا لا مش هنخرج من هنا غير لما افهمك هنعمل ايه انت ناسي إنك تعرف قشور عن المهمة ، هديك شوية تفاصيل .. خش 
دلف إلى الداخل مرة أخرى ومن خلفه «يوسف» الذي قام بإغلاق الباب فور دخوله ، تقدم وجلس على أحد المقاعد بالغرفة ونظر إلى «طيف» الذي جلس على طرف فراشة وردد بجدية :
– افهم كويس اللي هقوله ، إحنا دلوقتي رايحين على مكان زي ديسكو او بار مشهور هنا وهناك هتكون سيزكا ، سيزكا دي هي الراس الكبيرة في مافيا عالمية ومتسألنيش إحنا بننفذ المهمة دي ليه علشان إحنا مالنا لأن التفاصيل دي هتعرفها في الآخر خالص ، سيزكا دي على الرغم من إنها رئيسة المافيا إلا إنها واحدة مريضة نفسيا ودايما بتروح لدكاترة نفسيين واللي مبيقدرش يساعدها بتقتله 
اتسعت حدقتي «طيف» الذي ردد بخوف :
– اها وطبعا أنا هبقى الدكتور بتاعها اللي هيعالجها علشان تخليني احصل باقي الدكاترة اللي قتلتهم صح ؟ 
هز رأسه بالنفي وردد بجدية :
– يابني اسمعني للأخر وبعدين اتكلم خلينا نخلص ، إحنا هنروح البار ده انت هتكون مشغول عني وانا هقرب منها وأحاول اشقطها 
رفع «طيف» أحد حاجبيه وقاطعه وهو يقول بتعجب :
– تحاول تشقطها ؟ أنت بتشقط واحدة من الشارع ! دي رئيسة عصابة تشقط مين 
لوى ثغره ورفع أحد حاجبيه وهو يقول بثقة :
– يبقى متعرفيش يا طيف .. أنا احسن واحد يشقط على فكرة بس ربنا تاب عليا من ساعة ما اتجوزت ، مش هتفرق معايا واحدة من الشارع أو رئيسة عصابة المهم إني هحاول ولما اشقطها واقرب منها هخليها تفضفضلي باللي تاعبها وساعتها هتقولي على مرضها النفسي وأنا هرشحلها الدكتور تامر عبدالرحمن صاحبي اللي هو أنت واقولها إنك اشطر دكتور في مجالك
إبتسم «طيف» وأشار إلى نفسه قائلا بتعجب :
– أنا أشطر دكتور ؟ شكرا على ثقتك الغالية .. افرض فشلت اعالجها ساعتها هنتقل للرفيق الأعلى ؟ 
هز رأسه بالنفي وردد بجدية وتأكيد على كلامه :
– مينفعش تفشل يا طيف زي ما أنا مينفعش أفشل في إني اصاحبها واخليها تثق فيا ، دي اسهل مرحلة في المهمة يعني لو فشلت يبقى منستحقش إننا نبقى في الشرطة ، لازم تنجح .. أنا جيبتك أنت بالذات علشان عرفت إنك دكتور نفسي شاطر وفي نفس الوقت ذكي 
صمت للحظات ليفكر بحديث «يوسف» له ثم رفع رأسه وقال بتساؤل :
– وبعدين أيه اللي المفروض يحصل تاني ؟
نهض من على كرسيه وتقدم خطوتين إلى الأمام قبل أن يقول :
– ده اللي مطلوب منك تعرفه دلوقتي ، عايزك تتعامل كدكتور نفسي وتتعامل طبيعي خالص وسيزكا دي مريضة من المرضى بتوعك ، لو اتعاملت على أساس كدا المهمة هتنجح ، يلا بينا 
***
كانت تجلس بمكانها وهي تشعر بالغضب الشديد ، ارتفع صوت أنفاسها المحترقة والتي تعبر عن غضبها لذلك اقتربت منها صديقتها ورددت بحذر :
– من ساعة ما خرجتي من مكتب مستر نائل امبارح وانتي متضايقة ومتعصبة ، مش ناوية تقوليلي حصل أيه ؟
نظرت إلى نقطة بالفراغ أمامها لبضع ثوانٍ قبل أن تحرك رأسها بتوعد وهي تقول :
– مش أنا اللي اتهان الإهانة دي ، مش الغبي الخدام ده هو اللي يهددني بالطرد من الشركة ، لو فعلا هتطرد يبقى لازم قبل ما أمشي أخد حقي منها ومنه وأنا عارفة ده هيتم إزاي 
ضيقت «سمر» نظراتها واردفت بتوجس :
– انتي ناوية على أيه يا مايا ؟
إبتسمت وهي لا تزال تنظر إلى الفراغ :
– ناوية اخليه يمشي موطي راسه وميرفعهاش تاني وكذلك هي ، أنا كدا كدا قدمت على شركة تانية والانترفيو بكرا يعني النهاردة كل حاجة هتخلص ، مبقاش مايا إن ما خليتهم يكرهوا نفسهم 
***
دلفت إلى الغرفة وهي تحمل كوبين من الحليب ثم اقتربت من الفراش الذي كان يتوسطه الطفل «معاز» وكعادته كان حزينا وينظر إلى الأسفل ، جلست هي بجواره ووضعت امامها كوبين الحليب ثم وضع يدها على رأسه ورددت بحنو شديد :
– يلا جيبت لبن ليا وليك وفيه بقسماط أهو ، يلا نتفرج على فيلم ونتسلى واحنا بنتفرج
رفع بصره ونظر إليها بتلك الطريقة المجهولة وتذكر والدته التي كانت دائما تعد له كوب الحليب وتأتي به إلى غرفته ، إبتسم تلقائيا لتلك الذكرى فابتسمت «نيسان» لابتسامته ورددت بحب :
– لو أعرف أيه اللي خلاك تبتسم كدا كنت عملتهولك حالا
اختفت ابتسامته تدريجيا ونظر إلى الأسفل بحزن وهو يقول :
– افتكرت ماما .. لما بفتكرها ببتسم لأني بحبها وهي وحشتني وانتي فكرتيني بيها 
أمسكت بكف يده ورددت بهدوء :
– وهي فين ماما وأنا اقولها إنك هنا معايا ؟ 
رفع بصره لها مرة أخرى ثم أشار بإصبعه إلى الأعلى وهو يقول بصوت طفولي حزين :
– مش هتعرفي تكلميها لأن ماما فوق عند ربنا 
تفاجأت بكلماته تلك وانهمرت دموعها رغما عنها بسبب اشفاقها على هذا الطفل لكنها سرعان ما جففت تلك الدموع وحاولت الابتسام وهي تقول :
– وانت زعلان ليه ! ماما في مكان جميل وحلو أوي واحنا كلنا هنروحه ، هنروحلها بس مش دلوقتي يعني أنت هتشوفها وهتكلمها تاني ، كلنا لينا وقت في حياتنا وبعدين بنطلع عند ربنا بس قبل ما نطلع لازم نعيش ونكمل حياتنا ونشتغل ونتعلم لغاية ما يجي الميعاد اللي هنروح لكل أحبابنا اللي وحشونا 
هز رأسه بحزن واردف وهو ينظر إليها :
– أنا حاولت أعيش وأكمل حياتي بعد ماما لكن معرفتش لأن بابا كل يوم كان بيضربني جامد وانا كنت بنام وانا بعيط ومرات بابا علطول بتضربني وتشتمني وتخلي بابا يضربني وانا معملتش حاجة علشان كدا سيبتهم لأنهم وحشين وانا مش بحبهم 
على الرغم من مكافحتها لمنع سقوط دموعها إلا أن تلك الدموع هربت فاسرعت لكي تجففها قبل أن تمسكه من كتفيه وهي تقول :
– مش هتروح للأشرار دول تاني وهتفضل معايا ، من النهاردة مفيش ضرب ولا عياط تاني .. اعتبرني زي ماما وانا هعوضك عن الأيام الوحشة اللي شوفتها 
عقد حاجبيه واردف بقلق واضح :
– بس أنا خايف بابا ومراته يلاقوني ، انا خايف منهم أوي .. أنا لسة الضرب بتاع المرة اللي فاتت واجعني
حضنته وسندت رأسها على رأسه وهي تردد بتأثر شديد :
– يا حبيبي .. متقلقش طول ما أنا معاك متقلقش ، محدش هيلاقيك ولا هسيبهم ياخدوك .. مش هسيبهم أبدا 
***
دلفا الاثنين إلى داخل الملهى الليلى وجلس «طيف» على مقربة من «يوسف» الذي تحرك وجلس امام المكان المخصص لوضع الخمور والتي كانت تجلس أمامه «سيزكا» ، طلب «يوسف» مشروبه ثم نظر إليها بعدما لاحظ الحزن البادي على وجهها واردف بتساؤل باللغة الإنجليزية :
– أرى الحزن بعينيكي ، هذا المكان لا يناسبه الحزن 
نظرت إليه بتعجب وهي ترفع أحد حاجبيها واردفت :
– كنت أعتقد أن حزني بداخلي فقط ولا يستطيع أحد أن يلاحظه 
لوى ثغره وهو يعتدل في جلسته حتى يواجهها وجها لوجه وهو يقول :
– هذا اعتقاد خاطئ ، ما يشغل بالي حقا هو لماذا كل هذا الحزن في هذا المكان ! هل كنتِ تحاولين نسيان الأمر وفشلتي ؟
نظرت إلى الأسفل للحظات قبل أن ترفع رأسها وهي تجيبه :
– تلك المحاولة ليست الأولى ، دائما ما أحاول أن انسى هذا الألم الدائم في نفسي لكنني لا استطيع فقررت أن اتعايش مع هذا الوضع ، أنت من استطعت ملاحظة هذا الحزن وهذا ما ادهشني حقا 
إبتسم إبتسامة خفيفة قبل أن يتحدث بجدية وهو ينظر إلى عينيها :
– أعتقد أن ما تمرين به صعبا للغاية وهذا ما سبب حالة نفسية متأخرة للغاية 
رفعت أحد حاجبيها وقالت بمكر شديد :
– وهل أنت طبيب نفسي حتى تشخص حالتي 
إبتسم هو الآخر بمكر وقد فهم الغرض من سؤالها واردف :
– لا ولكن أحد أمهر الأطباء النفسيين صديقي ودائما ما يسرد على طبيعة الحالات التي يعالجها وهذا ما جعلني أعرف حالتك 
اقتنعت بكلامه وهزت رأسها بالإيجاب قبل أن ترتشف الخمر من كأسها ثم وضعت الكأس بجوارها ورددت بجدية :
– وهل يستطيع صديقك أن يعالج حالتي المتأخرة حسب وصفك ؟ 
رفع كتفيه وهو يقول بتلقائية :
– ما أعرفه عن صديقي أنه عالج الاسوأ ونجح تماما ، أظن أن دوائك عنده .. لحسن حظك هو هنا الآن 
رفعت أحد حاجبيها وهي تقول باعجاب :
– اووه ولماذا تنتظر ، أخبره بأن يأتي في الحال
إلتفت بجسده ورفع يده في الهواء لـ «طيف» الذي مثل عدم انتباهه فنهض هو من مكانه واتجه إليه وما إن وصل حتى إبتسم وردد :
– جيبتلك زباين يا دكتور 
ثم أشار إلى «سيزكا» الذي كانت تنظر تجاههما فابتسم «طيف» وردد مازحًا :
– إحنا جايين ننبسط ولا نشتغل ياعمنا ؟
وضع يده على كتفه واردف بإصرار :
– هتيجي معايا متبقاش رخم بقى 
صمت للحظات قبل أن ينهض من مكانه ويتحرك معه باتجاه «سيزكا» وما إن وقف أمامها حتى ردد وهو يشير إلى «طيف» :
– دكتور تامر عبدالرحمن 
ثم أشار إليها وصمت حتى تقول إسمها فابتسمت إلى طيف وهي تعرف نفسها :
– انا سيزكا ، واضح إنك مش بتحب تشتغل وقت الراحة يا دكتور صح ؟ 
تعجب «طيف» من تحدثها باللهجة المصرية لكنه اخفى ذلك ورفع أحد حاجبيه وهو يقول باعجاب :
– أنتي فسرتيني صح وكويس إنك بتتكلمي مصري كويس بس عرفتي ازاي إن إحنا مصريين علشان تتكلمي مصري بالثقة دي ؟ 
إتسعت ابتسامتها وحركت رأسها وهي تقول بثقة :
– بقرأ الشفايف ، لما صاحبك راح يناديلك قالك جيبتلك زباين يا دكتور وانت قولتله إحنا جايين نشتغل ولا نتبسط تحب اكمل بقية الحوار ولا مش لازم 
رفع يديه وردد مازحًا :
– لا مفيش داعي كدا كويس أوي وسعيد إني اتعرفت عليكي ، نتكلم English ولا نقضيها مصري !
رفعت كتفيها وهي تقول بتلقائية :
– As you like, I speak a lot of languages
(كما تحب ، أنا أتحدث العديد من اللغات) 
إبتسم وجلس بجوارها هي و«يوسف» قبل أن يردد مازحًا :
– خلاص نقضيها مصري ده حتى مصر أم الدنيا ولا انتي علشان امريكية هتعترضي ؟ 
هزت رأسها بالنفي وابتسمت وهي تقول بتوضيح :
– لا طبعا هعترض ليه مصر طبعا أم الدنيا وكل العالم عارف أهمية مصر أوي 
إبتسم وردد بهدوء :
– شكرا على كلامك الجميل ده ، فين بقى الشغل اللي جايبينه في وسط الراحة ؟
هنا تحدث «يوسف» وأشار إليها وهو يقول :
– سيزكا هي اللي بتمر بأزمة نفسية بقالها فترة وعايزة مساعدة 
نظر إليها وضم حاجبيه وهو يقول باهتمام :
– ومروحتيش لأي دكتور قبل كدا ولا سيف هو اللي اقنعك بالفكرة بما إن صاحبه دكتور نفسي
إبتسمت إبتسامة خفيفة قبل أن تقول بجدية :
– لا روحت لدكاترة كتير بس محدش عرف يساعدني ولما فقدت الأمل قررت مروحش لحد تاني واحاول أعيش كدا 
هز رأسه يمينا ويسارا وهو يمثل عدم الرضا ثم اردف بنبرة معاتبة :
– لا لا ده أكبر غلط ، الألم النفسي أصعب بكتير من الألم الجسدي على الأقل الألم الجسدي الواحد بيبقى عارف سببه وبياخدله ادوية تهديه شوية إنما الألم النفسي بياكل في الجسم ومبيبقاش ليه اسباب واضحة وبيدمر أي حد 
هزت رأسها وبدأ الحزن يظهر على وجهها وهي تؤكد كلامه قائلة :
– عندك حق .. أنا بموت في اليوم 100 مرة وفكرت كتير في الانتحار ، تفتكر أمل إن أنا اتعالج وارجع لطبيعتي 
هز رأسه بالإيجاب وردد بثقة :
– فيه أمل وكبير كمان وطول ما انتي عندك الرغبة في العلاج ده لوحده نص الطريق
وضع يده بجيب سترته واخرج كارت صغير ثم مد يده به إليها قائلًا :
– ده الكارت بتاعي فيه رقم مكتبي وعنوان المكتب ، لو لسة عايزة تخرجي من المتاهة دي نوريني بكرا 
إبتسمت وتناولت منه الكارت قبل أن تقول :
– إحنا اتكلمنا في الشغل كتير والميوزيك عالية أوي ، يلا نرقص ؟ 
تردد في الموافقة على طلبها لكنه قلق من فشل المهمة فهز رأسه بالموافقة وهو يقول :
– اوك ، يلا بينا 
نهض هو وهي واتجهوا إلى ساحة الرقص وسط تعجب «يوسف» الذي ردد بصوت منخفض :
– يابن الايه يا طيف إحنا اتفقنا أنا اشقطها وأنت تعالجها تقوم عامل أنت الحاجتين ؟ 
على الجهة الأخرى رقص معها لفترة طويلة قبل أن يقول بارهاق :
– كفاية كدا انا وسطي ساب من الرقص
ضحكت على جملته وهي تقول :
– طيب يلا بينا كفاية 
عادوا إلى «يوسف» مرة أخرى وجلسوا بينما ردد «طيف» وهو يلهث من شدة التعب :
– يااه الواحد مرقصش كدا من أيام حفلة التخرج 
نهض «يوسف» بشكل مفاجئ وردد بجدية :
– طيب هضطر أمشي علشان عندي شغل الصبح ،  مش هتيجي معايا يا تامر ولا أيه 
نهض «طيف» هو الآخر وهو يقول بجدية :
– لا جاي طبعا أنا كمان عندي شغل الصبح 
ثم نظر إلى «سيزكا» وردد بإبتسامة :
– اشوفك بكرا في مكتبي
اتسعت ابتسامتها وهي تجيبه بحماس :
– متقلقش .. هجيلك يا دكتور تامر 
هز رأسه ورحل مع «يوسف» وما إن خرج الاثنين إلى الخارج حتى ردد «طيف» بسخرية :
– هو أنا ليه ملاحظ إن أنا اللي شقطها مش أنت ؟
نظر له بعدم رضا وهز رأسه بعدم تصديق وهو يقول :
– في ظاهرة لم تحدث من قبل حد يتغلب عليا في الحوار ده بس اعترف إنها جت معاك بالحظ 
رفع حاجبيه عدة مرات وهو يقول مازحًا :
– اعترف أنت إنك فشلت وإني اللي نفذت المهمتين 
رفع يديه وردد وهو يمثل الحزن :
– بعترف إني فشلت بس مش علشان معرفتش الطريقة ، علشان هي أُعجبت بيك وده هيسهل مهمتنا جدا
هز رأسه بالإيجاب عدة مرات وهو يقول :
– عندك حق كنا هناخد فترة في المرحلة دي اديها عدت بسهولة وعكس ما كنا متوقعين ، يا فاكر الصعب راقدلك بكرا تلاقي السهل جايلك 
رفع أحد حاجبيه بإعجاب وحرك رأسه عدة مرات وهو يقول :
– تروو عندك حق ، مثل في الجون
***
استعدت لتنفيذ خطتها ونهضت من مكانها لكي تتجه إلى مكتب «نائل» لكنها قبل أن تتحرك اوقفتها صديقتها «سمر» وهي تقول بتوجس :
– أنتي رايحة فين تاني يا مايا ! مش كفاية كدا ولا أيه 
إبتسمت بسخرية وهي تقول بتوعد :
– هو فعلا كفاية 
ثم تابعت طريقها إلى مكتبه وما إن وصلت إليه حتى طرقت على بابه بهدوء فردد هو من الداخل :
– ادخل 
فتحت الباب بثقة وتقدمت إلى الداخل بعدما قامت بإغلاق الباب ، وقفت على بعد كبير من مكتبه وأشارت بيدها وهي تمثل الخوف :
– معلش عايزة حضرتك 
نهض من مكانه والتف حول مكتبه قبل أن يجلس على طرفه وهو يقول بعدم رضا ووجه عابث :
– عايزة أيه تاني !
اقتربت منه بخطوات هادئة قبل أن تقف أمامه مباشرة وهي تمثل الحزن حتى لا يشك بخطتها :
– أنا آسفة على اللي حصل مني ، مش عارفة ازاي قولت كدا .. أنا معترفة بغلطي زي ما معترفة إني مش هسيب حقي 
ثم قامت بتمزيق ملابسها ليظهر جسدها بالكامل من الأعلى فاتسعت عينيه بصدمة مما فعلته وقبل أن يقوم بفعل شئ صرخت بصوت مرتفع وباكي :
– اهاااا الحقووووني .. سيبني ارجوك ، الحقوووني 
وظلت تصرخ بشدة مما دفع جميع العاملين بهذا الطابق بأن يتجهوا إلى مكتب «نائل» ولسوء الحظ كانت «ياسمين» تفتح باب مكتبها لكي تتحرك إلى مكتب «نائل» وعلى وجهها إبتسامة لكن تلك الابتسامة اختفت عندما استمعت إلى هذا الصراخ ورأت الجميع يهرول باتجاه مكتب زوجها فأسرعت هي الأخرى وفتحت باب المكتب لتجد «مايا» عارية الجسد من الأعلى وامامها «نائل» الذي لم يستعب ما تفعله فهو لم يصدق أنها ستفعل مثل هذا الفعل ، تراجعت وهي تبكي بصوت مرتفع بينما كانت تحاول تغطية جسدها واردفت :
– ليه كدا يا مستر نائل ، أنا عملت فيك أيه علشان تعمل فيا كدا ! علشان مليش حد وغلبانة ؟ ليه ده أنت متجوز ؟ حرام عليك .. حرام عليك ..
يتبع..
لقراءة الفصل السابع : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى