Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل السادس 6 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل السادس 6 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السادس 6 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السادس 6 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

اتجه جلال مسرعاً نحو مكتبه وأمسك بهاتفه المحمول بسرعة وقام بالاتصال على شخص ما وقال له بصرامةً غاضبة : هاتيلي مأذون حالاً إهنه في ثواني يكون جدامي .
ما أن استمعت مهجة إلى جملته تلك حتى وقفت أمامه ، كالبلهاء التي لا تفهم شيئاً مما تسمعه تقول له بصدمة مضحكة : مأذون ليه يا سعات الباشا هوه حد هيتجوز ولا فيه فرح وأنا معرفش  .
حدجها بغموض وهو يجلس على مقعده وراء مكتبه ولم يرد عليها ، فقررت مهجة نفس سؤالها بحيرة أكبر ، قائلة له بارتباك : ما تقولي يا باشا حد هيتجوز هنا .
عاد جلال في مقعده إلى الوراء ، مستنداً بظهره على مسند المقعد قائلاً لها بغموض أكثر : أيوة يا مهجة إنتي هتتجوزي .
ما أن استمعت إلى كلماتة  تلك ، حتى اتسعت عينيها بعدم تصديق ، وصدمة لِما سمعته منه الآن وقالت له بتلقائية مضحكة : إنت بتتكلم بجد يا باشا ، أنا هتجوز …..!!!! 
فلم يرد عليها جلال ، وتركها تتساءل كثيراً بداخلها ، ومن هذا الرجل الذي سيتزوجني وبدون أن أعرف .
فقررت بداخلها أن تلح عليه في السؤال ، فقالت له بإلحاح : ما تقولى يا باشا وريحني ، هوه آني سمعت غلط ولا حاجه .
فقال لها جلال باختصار : لأ يا مهجة سمعتي صوح ، واخرسي بجى وكفاية أسئلتك الكتيرة دي عاد ، بدل ما إنتي خابرة زين إيــــه ممكن يحصلك .
ارتجف جسدها وهي غير مستوعبة ما يحدث معها وما تسمعه ، فكيف ستتزوج بشخص لا تعرفه ، أو كيف ستتزوج دون أخذ رأيها ، فلهذا قررت أنها لن تصمت على حقها بالموافقة على ذلك الشخص الذي سيتزوجها وتتزوجه ولا تعرفه .
كل هذه التساؤلات والأفكار دارت في خلدها ، وحاولت تشجيع نفسها ، على مجابهة جلال مهما يفعل معها.
شحب وجه ولاء  وهرب الدم من وجنتيها ، عندما تلاقت نظراتهم المصدومة  ببعض ، ابتلعت ولاء ريقها بصعوبة قائلة لها بصوت متحشرج : مريم ….. إيـــه إللي جابك إهنه .
رمقتها بعدم استيعاب قائلة لها : إنتي إيـــه إللي بتعمليه ده ، يالا جومي جدامي .
أحرجت ولاء وتوترت أعصابها  من كلماتها ، والتفتت إلى الشخص الذي كانت تتحدث معه ، فوجدته يقترب من صديقتها قائلاً لها بخبث : مش تعرفينا يا لولو ، الأول على صاحبتك .
انزعجت مريم منه قائلة له بحدة : وإنت مالك بيه مالكش صالح بيه واصل ، فابتسم قائلاً لها بمكر: ليه بس كده يا جميل ، بتكلميني باسلوبك ده ، بس مسامحك بردو أصلك بصراحة عجبتيني وتعجبي أي حد .
  فوجىء الشاب ، بصفعةً قوية على وجهه ، أمام بعض الحاضرين ، من يد مريم قائلة برزانة وقوة : علشان أبجى أعجبك زين .
فوضع الشخص يده على وجنته متوعداً لها وهو يقول بصوت ملؤه التهديد : يا بنت ….. فقاطعته مريم قائلة له بقوة : شوف يا إسمك إيه إنت ، فوج لنفسيك زين ، إنت مخبرش بتتعاملوا مع مين .
فقال لها باستفزاز : بتعامل مع مين يعني ، مع بني آدمه غير محترمة وتيجي أماكن متعرفش قيمتها .
قبل أن ترد عليه نظرت إلى ولاء بضيق ، والتي لن تستطيع أن تواجهها ، فهي السبب في كل ما يحدث .
فقالت له بحدة : والله العيب مش عليك وحجك تجول أكتر من إكده ، لكن الحج على البني آدمه إللي كنت جاعد وياها .
ثم اتجهت ناحيتها وأمسكتها من ذراعها قائلة لها بغضب : جدامي وإياك أسمعك تتحدتي واصل .
اضطرت ولاء أن تنصاع وراءها وتنصرف معها ، لكن ذلك الشاب المستهتر تدخل بحدة خبيثة قائلاً لها : ألا حضرتك كده واخده لولو ورايحة على فين .
حدجت به بقوة وقالت له : مالكش صالح بينا واصل ، ثم نظرت إلى ولاء قائلة لها بحدة : جدامي يا ست لولو .
مشيت ولاء أمامها مضطرة فأتى صلاح مهرولًا ناحية صديقه قائلاً له باستفهام : إيه يا عادل البضاعة طارت منك قبل ما تصيدها .
حدجه بشر قائلاً له بغيظ : مين ده إللي يطير بضاعة أصيلة زي دي ، بس ده صنف جديد بس ومحتاج تخطيط بس ، ويا ويلهم مني وبالذات الصنف الشرس أموت فيه .
وقفت ولاء خارج الفيلا تقول لمريم بحدة : إيـــه اللي عملتيه ده يا ست مريم ، حدجت بها بغضب قائلة لها : بذمتك واعية للي بتجوليه ده ، هوه مين إللي يختشي على دمه فينا ها .
تذمرت ولاء قائلة لها : يعني حلو لما تحرجيني إكده جدامهم ، فاستغربت مريم من جرأة صديقتها ولاء قائلة لها : ومين هما يا ست لولو علشان تخانجي وياي بسببهم ثم إنتي من ميته وإنتي بتتحدتي مع أغراب .
فعقدت ذراعيها أمام صدرها بغضب وقالت لها : من دلوكيت يا مريم من دلوكيت ، كفاياكي عاد حكم ومواعظ .
شعرت مريم بأن ولاء اختلفت عن صديقتها التى تعرفها من قبل ، وشعرت بالأسى بداخلها فقالت لها باستغراب : بجى إكده يا ولاء.
فقالت لها بتحدي : أيوة إكده وبلاش تاني مرة تدخلي في حياتي واصل .
انهمرت دموع مريم بتأثر ، مما أشعر ولاء بالضيق ووجع الضمير من ناحية صديقتها الوحيدة .
ومع ذلك تركتها ومشيت أمامها دون أن تعتذر لها .
انصرف يحيي من الاحتفال وبصحبته صديقه فهمي والذي ركب معه في سيارته ولاحظ فهمي شروده وهو يقود سيارته ، قائلاً له : مالك يا دكتور يحيي سرحان في إيــــه ، انتبه يحيي لحديثه إليه والذي كان كأنه في عالم آخر وهو يستند بذراعه على زجاج السيارة قائلاً : مفيش حاجه يا دكتور فهمي ، كل الحكاية إكده إني مصدع شوي وعايز أروح البيت علشان أرتاح .
شعر فهمي أن هناك خطب ما فقال له : لكن شكلك إكده بيجول غير إكده ، إلتفت إليه يحيي قائلاً له بهدوء ظاهري : لا مفيش متجلجش عليّ آني كويس .
وصل يحيي إلى منزلهم فقابلته شقيقته وهو يجلس في غرفةً مظلمة فأنارتها عليه عندما شعرت بوجوده ، قائلةً له باستغراب : إيـــه يا أخوي مالك ، إيـــه إللي مسهرك لدلوك .
ابتسم بشرود قائلاً لها : مفيش يا نور ، أنا كنت جاي من شوي ورجعت ، ومجاليش نوم فجولت أجعدوا إهنه .
فابتسمت له قائلة بحنان : أم تجعدوا لوحديك إكده في الضلمة .
تنهد قائلاً لها : عادي يا نور ، ما إنتي خبراني زين ساعة ميجليش نوم بحب أجعد إهنه .
فقالت له بخبث : طبعاً خابرة زين الحديت ده لكن بيبجي فيه سبب تاني ، علشان إكده لازم تخبرني .
زفر بضيق قائلاً لها : همليني لحالي يا نور دلوك ،آني خابرك زين وخابر إلحاحك .
تأففت مصطنعة الحزن وقالت له : بجى إكده طب عن إذنك ، آني ماشية ومش هتحدت وياك واصل .
فأمسك يحيي بيدها قائلاً لها : آني آسف يا نور مجصدش واصل اللي بجول عليه بس حجيجي مفيش حاجه .
ابتسمت له بشقاوة وقالت له : وآني مش زعلانه منيك واصل يا خوي يا ابن أمي وأبوي .
فضمها إليه بحنان وقال : ربنا يخليكي ليه نور يا بنت أمي وأبوي .
وصل مجدي وبصحبته المأذون الشرعي ، إلى فيلا جلال ، فأدخله مجدي إلى غرفةً أخرى كما أخبره ونبه عليه جلال جيداً فيما بعد .
حاولت مهجة أن تستجمع شجاعتها قائلةً له بتردد : معلش يا باشا ريحني وقولي الحقيقة ، إنت عايز تجوزني مين ، وإزاي هتجوزني بدون موافقتي الأول .
فابتسم جلال في نفسه بسخرية ، ثم حدجها بتهكم وبنظرات غامضة قائلاً لها بجمود : أوام نسيتي المجص ولا تحبي أجص بيه لسانك دلوك ، وأهو يبجى ريحت نفسي وريحت البشرية كلاتها من زنك ورغيك الكتير عاد .
خشيت من كلماته الغامضة وقالت له بتوتر : لكن يا باشا منا لازم أعرف ، يمكن ميعجبنيش العريس ويطلع أقرع وبكرش وقصير كمان تبقى كملت.
حدجها بغضب وقال لها بنرفزة : مهجة أنا جولت إخرسي .
فقالت له بتوتر : بس قبل ما أسكت ، هقولك تاني هيبقى ذنبي في رقبتك ليوم الله يا سعات الباشا ، إن جوزتني لواحد معرفهوش ويطلع أقرع وبكرش .
رمقها بسخط وانفعال وقبل أن يتحدث ، إليها مرةً أخرى ، أسرعت ووضعت يدها على فمها بطريقة مضحكة .
زفر جلال بقوة وضيق ووجد الباب يطرق عليه فكان مجدي سائقه الخاص قائلاً له بهدوء : المأذون وصل يا سعات البيه .
تنهد بنفس الضيق قائلاً له : وعملت زي ما جلتلك ، فقال له بطاعة : أيوة حضرتك .
حدجه بهدوء نوعاً ما وقال له : طب تمام .
انصرف مجدي بإشارةً من يد جلال ، تلاقت نظراته الغامضة والجامدة مع مهجة ، كاد أن ينخلع قلبها من مكانه وهي تجد جلال يقترب منها بخطوات مهددة .
قائلاً لها بلهجة آمرة : جدامي بدون ولا حرف ، تجمدت أطرافها في مكانها ولم تستطع التحرك ، وشحب وجهها من القلق والخوف من نظرات وكلمات جلال ، ومن المسمى المأذون .
فلما وجدها لم تتحرك أمسكها جلال بقوة من ذراعها وهو يقول لها بحدة : شكلك إطرشتي …. جدامي .
تحركت مهجة معه كالمتهم ، المحكوم عليه بالإعدام ، فقد كان جسدها يرتجف من الرعب التي  تعيشه وقدميها تخطو ببطيء.
أدخلها جلال إلى الحجرة الموجود بها المأذون ، تأملت مهجة بعينيها فلم تجد بالحجرة الواسعة غير المأذون وشخصين فقط .
ارتجف قلبها وهي تتساءل ، من سيكون عريسها المنتظر من الشخصين الآخرين ، فقالت  لنفسها بحزن : يا ترى مين فيهم العريس ، بس افهم ليه بس عايز يجوزني ويرتاح مني ، أنا زعلته في حاجه ، ضربته بالشبشب علشان يردهالي مثلاً .
لكن لأ دنا بعمله حساب ، وبخاف منه أكتر ، من ما بخاف من أي حد ، يبقى ليه يظلمني ويجوزني غصب عني لحد معرفهوش .
حدقت به برجاء ، فتجاهل جلال كل ذلك وأجلسها على مقعد بالقرب من المأذون ، فتح المأذون دفتره ، ثم نظر إلى جلال قائلاً له بتساؤل : فين وكيلها يا جلال بيه .
فأجابه باختصار : في الطريق .
ضمت مهجة قبضتيها بخوف ورعب وقالت لنفسها بارتباك : يا ترى مين كمان اللي في الطريق ، لولا تهديده لصرخت بأعلى صوتي واتكلمت ، لكن عدم معرفتي للعريس هوه اللي مصبرني ، ومخليني ساكتة لدلوقتي .
مر عشر دقائق وهي تتبادل مع جلال نظرات خاطفة وهو يحدجها بغموض ، مما جعلها تقلق أكثر .
دخل عليهم فجأه شاب يقول باستغراب : لازم يعني ترجعني وتجبني تاني هنا .
حدجه جلال بصرامة فصمت على الفور ، اتجه جلال إليه قائلاً له بلهجه آمره : إتفضل إجعد بسرعة ، اضطر أن يستمع إلى كلماته ، التي تعتبر أوامر ليس إلا ، ثم اتجه بنظراته للمأذون مردفاً بقوله : ده وكيل العروسة .
فتح المأذون الدفتر مرةً أخرى قائلاً له : طب كل أوراقكم جاهزة ، يا جلال بيه .
أخرج جلال كل الأوراق المطلوبة حتى الأوراق والصور التابعة لمهجة من جيب بنطالة ، تحت نظرات مهجة التي تكاد تجن وهي جالسة بالقرب من المأذون .
وودت لو صرخت بأعلى صوتها لكن صرخاتها ، ظلت بداخلها من نظرات جلال إليها وكأنه يقرأ أفكارها .
جلس شريف وكيل مهجة ، بجوار المأذون وفوجئت بجلوس جلال بالناحية الأخرى بجوار المأذون هو الآخر .
اتسعت عينيها بذهول وتلاقت نظراتها المتسائلة بصمت وضيق مع نظراته الغامضة ، والسخرية التي تبدو واضحةً بجلاء في عينيه وعلى ملامح وجهه أيضاً .
مما جعلت نبضات قلبها تسرع بعنف ، عندما رأت أمامها صورها مختلطة مع صور ، جلال فرفعت بصرها إليه بصدمة وجعلها تنطق بذهول مضحك قائلة بعدم تصديق : هوه إنت يا باشا العر…. لم تستطع استكمال جملتها من نظراته الغاضبة لها .
مما جعلها تشعر بالدوار وأخذت تغمض عينيها تارة وتفتحها تارة إلى أن وقع جلال بالإمضاء أمامها في الدفتر .
وقام الشاهدين بالتوقيع هما الآخران ، ووقع وكيلها هو الآخر ، ولم يتبقى سواها على الإمضاء .
مما جعل قلبها ويدها الموجود بها القلم ترتعشان من القلق وعدم تصديق ما يحدث معها وقلبها يختنق من الحيرة .
فقال لها جلال منبهاً : إمضي بسرعة ، مضت تحت نظراته المهددة لها .
حاولت إمساك أعصابها ، إلى أن إنصرف الجميع ما عداها هي وجلال .
ما أن إقترب جلال منها بخطوات بطيئة مع نظرات عينيه المخيفة حتى بادرته بقولها بصوت مرتجف : جلال باشا ممكن أعمل حاجه كان نفسي أعملها من بدري بس مكنتش قادرة .
استغرب جلال من قولها قائلاً لها بخشونة : عايزة تعملي إيه ……!!! 
ما أن نطق بجملته حتى أجابته بتلقائية : هتشوف دلوقتي  يا سعات الباشا ، وبسرعة سقطت بين ذراعي جلال مغشياً عليها والذي كان يقف بالقرب منها تحت نظراته الغاضبة هذه المرة .
كان يحيي في غرفته مستيقظاً لم ينم بعد ، من كثرة التفكير بها ، فعندما وقع بصره عليها لم يبعد ببصره عنها إلا عندما إختفت من أمامه فجأة مثلما جاءت .
قبل أن يعرف عنها أي شىء ، سوى أنه شعر بالضيق عندما وجدها في مكان مثل هذا .
تنهد قائلاً بضيق : يا ترى إنتي مين وحكايتك إيـــه ….!!!
وصلت مريم بصحبة صديقتها إلى بيت الطالبات ، دون أن يراهم أحد المشرفين .
شعرت ولاء أنها قد تجاوزت الحدود هذه المرة مع رفيقة عمرها ، فقالت لها بأسف : مريم كنت عايزة أجول …… قاطعتها مريم قائلة لها بغضب : ولاء جفلي على الموضوع ده عاد ، وآني يا بنت الناس ، أبجى غلطانة وحجك عليّ لو إدخلتلك في حاجه تانية واصل .
فقالت لها بإلحاح : ولكن يا مريم …. قاطعتها بوضع يدها أمام وجهها بألا تنطق مرةً أخرى .
ثم تركتها مريم ودلفت إلى المرحاض ، ودموعها تسبقها ، من الحزن .
تنهد عادل غاضباً وهو يقول لصديقه صلاح : أنا مش هسيبها وخلاص أنا حطيتها في دماغي مش أنا إللي يتعلم عليه من واحدة زيها .
ناوله صلاح كوباً من العصير قائلاً له : ما خلاص بقى يا عادل إنسى ومتعملش في نفسك كده .
فالتفت إليه قائلاً له بحده : وده  من إمتى يا صلاح وأنا بسيب حقي ما إنت عارفني مش بسكت ولا هسكت على أي حاجه تخصني .
حدق به ثم مط شفتيه قائلاً له : يا بني إنت متعرفش الصعايدة هنا إذا قربت من بنت منهم ، عارف ممكن يحصلك إيه .
قال بخبث : عارف وعلشان كده بفكر في خطة مظهرش فيها إلا في الآخر وأخليها هيه اللي تجيني بنفسها كمان .
ابتسم صلاح بمكروقال له : لأ طالما قلت كده قول الخطة وأنا أحكم وأشوف بنفسي هيحصل إيه بالضبظ .
قاطع عليهم رنين هاتف عادل فحدق في الرقم وابتسم بخبث ، قائلاً له : عن إذنك أنا هرد على التليفون المهم ده .
ما أن أغشي على مهجة بين ذراعي جلال حتى شعر بالغضب وقال لها : آدي إللي إنتي شاطرة فيه ، يغمى عليكي وبس .
ثم حملها بين ذراعيه وصعد بها إلى غرفتها  ، فتح باب الغرفة وأغلقه خلفه .
وضعها على الفراش برفق وود لو ألقى بها بقوة لكنه تراجع ، ثم تنهد بضيق وقال لنفسه : أنا ببجى مرتاح منيكي ومن لسانك الطويل ده ، اللي مشفتش زييه واصل وانتي إكده .
حدق بالغرفة ووجد كوباً من الماء ، بجوار الفراش وزجاجة من العطر ، فأمسك كوب الماء لكي يوقظها من إغماءتها  ، قائلاً لنفسه بغضب : أنا هفوجكك دلوك وإياك أسمع صوت لسانك الطويل ده .
ثكب جلال على وجهها نصف كوب من المياه ، فهبت مهجة على الفور وجلست في الفراش مفزوعة وتقول : هوه فيه إيه هوه أني بغرق ولا إيه …..!!!!
رمقها بسخرية ثم قال لها : ياريت ….!!! ، إلتفتت إليه وتلاقت أبصارهم بصمت رهيب ، لم يقطعهما إلا انفاسهما .
ارتجف قلبها عندما تذكرت ما حدث معها منذ قليل وقالت له بصوت مرتجف : هوه إنت العريس إللي إتجوزني صح مش كده ، حدجها بصمت ولم يتحدث .
فهبطت من الفراش ووقفت أمامه قائلة له : يا بيه ما ترد عليه حرام عليك ، أني من ساعة ما جيت هنا وأنا مش عارفة ولا فاهمة أي حاجه وكل ما أسألك حيرتي بتكبر أكتر من الأول .
تنهد جلال بضيق وابتعد عنها وتركها لكي ينصرف ، فأسرعت مهجة خلفه قائلة له بإلحاح : يا بيه ريحيني وجاوبني على أسئلتي .
أجابها باختصار غاضب : إخرسي يا مهجة ، ونامي دلوك  وإجفلي خاشمك .
تركها جلال وانصرف ، إلى غرفته فالوقت تأخر به ، عن ميعاد نومه المحدد ، لكن هذه الليلة تختلف عن أي ليلةٍ مر بها ، فها هو يتزوج بفتاة ، آخر فتاة يتمناها شخص مثله وفي مثل مكانته المعروفة سواء في الصعيد أو في مجال عمله .
مما زاده غضباً بداخله ، دلف إلى الحجرة وفتح شرفتها واستنشق بعض الهواء ، وقطع شروده هذا ، سماعه لصوت رسالتين ، على هاتفه .
حدق بهما بتفكير قوي دون أن يرد عليهما ، فألقى بهاتفة ناحية الفراش ، ثم دلف إلى المرحاض لاستبدال ثيابه .
أما مهجة فقد خانتها قدماها وسقطت على الأرض بحيرةً أكبر قائلة لنفسها : لأ يا مهجة ، كل اللي فات كوم واللي إنتي فيه ده كوم تاني خالص .
لازم تتصرفي قبل ما تبقي مراته بجد ، ثم تذكرت وقت توقيعها وتوقيعه على قسيمة الزواج قائلة لنفسها : إنتي إتجننتي يا مهجة ما إنتي خلاص بقيتي مراته بجد والقسيمة بتقول كده وقولتي للمأذون كمان إنك موافقة ، عايزة إيه تاني علشان تصدقي إنه بقى جوزك ، خلاص بقيتي مرات سعات الباشا .
في صباح اليوم التالي ، فتحت نوال المحل ، وهي حزينة فإلى الآن لم يظهر أي شىء عن مهجة ، والقلق العاصف ينهش قلبها .
تنهدت قائلة لنفسها : يا ترى إنتي فين يا مهجة ، وحشتيني أوي ووحشني خناقك فيه .
قاطع عليها شرودها دخول حوده وعلى وجهه مسحةً من الحزن قائلاً لها : مفيش أخبار عن ست البنات ….!!!
زفرت بقوة قائلةً له : دنا إللي كنت عايزة أسألك يا حوده عملت إيه في القسم .
زفر بضيق وقال لها بحزن : مفيش أي خبر عنها وأخدوا صورتها مني وقالولي لما يظهر أي حاجه عنها هيبلغوني .
فقالت له : معلش يا حوده قلقتك معايا ، فقاطعها بلهفة قائلاً لها : لا متقوليش كده دي ست البنات كلها ، وأنا مقدرش أقف اتفرج عليها كده ومتقلقيش مش هسكت لغاية ما لاقيها .
فقالت بهدوء : متشكرة ليك يا حوده ، وعلى وقفتك جنبي ، شعر بالضيق من كلامها قائلاً : متشكرنيش على واجبي ، صحيح بتديني بالمقشة والجزمة على دماغي بس بردو بحبها .
ابتسمت نوال بحزن وهي تتذكر كيف كانت تعامله مهجة ، قائلة له : ربنا يرجعها لينا بالسلامة يا حوده , وأي خبر يوصلك ابقى بلغني بيه على طول .
انصرف حوده وانشغلت نوال مع أحد السيدات التي تريد الشراء ، فسألتها السيدة عن مهجة ، فأخبرتها نوال ، بأنها لم تظهر بعد إلى الآن .
تأثرت السيدة ودعت ربها أن تكون بخير ، وانصرفت وتركت نوال حزينةً ووحيدة من جديد .
وضعت الحاجة فاطمة طعام الأفطار للجميع ، وأتى يحيي متأخراً بعض الشيء ، استغرب والده لكنه لم يتحدث بعد ، اقترب يحيي منه ، وأمسك بيده مقبلاً لها قائلاً له : كيفك يا بوي دلوك ، فقال له : بخير يا ولدي إجعد إفطر جبل ما تروح شغلك .
جلس يحيي بجوار والده بالرغم من إنه لم يكن يشعر بالجوع ، وجلست والدته وابنتها .
وأثناء تناولهم للإفطار قال الحاج إسماعيل : كان بدي أتحدت معاك يا ولدي جبل ما تروح المستشفى ، فسأله قائلاً له : فيه إيــــه يا بوي خير .
تنهد قائلاً له : دلوك الحاج عبدالرحيم ، عايز ياخد العمدية من عيلتنا يا ولدي ، وآني مرضياش بالحديد الماسخ ده .
استغرب يحيي قائلاً له بتساؤل : طب وفيها إيـــه يا بوي لما ياخدوها مرة .
هب واقفاً بغضب وقال له : وإحنا من ميته ، وهيه بتطلع براة عيلتنا يا دكتور ، فقال له مدافعاً عن نفسه : يا بوي إسمعني دلوك ، أنا مجصدش إللي بجوله ، آني بس كل اللي أجصده إن آني وأخوي مينفعش نمسكوها ، كل واحد منينا عنده شغله .
حدجه بغضب صامت ، توترت أعصاب زوجته وابنته نور فقالت له نور بتردد : طب إجعد يا بوي الأول وبعد إكده تتفاهموا .
لم يرد عليها ، إنما تركها وانصرف وهو ساخط بداخله ، تأفف يحيي بحيرة ونظر إلى والدته التي شحب وجهها وقالت له : بجى إكده تعصب أبوك يا ولدي فقال لها بضيق : ما هي دي الحجيجة يا أماي .
هبت واقفة بحيرة قائلة : والله ما آني خابرة ، أعمل إيـــــه وياكم إنتم التنين .
تدخلت نور قائله لها : أخوي معه حج يا أماي ، لا هوه ولا جلال فاضيين للحديت ده واصل .
شعرت فاطمة بحيرةً أكثر فقالت لها : حتى إنتي كمان يا نور ، فقالت لها بحنان : يا أماي ، مينفعش إكده ، اللي بوي بيعمله دلوك  ، وبنعرفوش نتفاهموا وياه .
فقالت لها بصرامة : إنتي خابرة أبوكي زين ساعة ما بيصمم على شى لازم يتنفذ ، ومحدش منينا يجدروا يكسروا حديته واصل .
قالت ذلك وانصرفت وراء زوجها لتتحدث معه ، فوجدته يزرع الغرفة إياباً وذهاباً من الغضب الذي يسري بداخله .
قائلاً لها : همليني لحالي يا فاطمة آني مخنوج ومنيش طايج نفسي .
فقالت له بهدوء حذر : يا حاج إسماعيل ، الحديت يبجي أخد وعطى وميبجاش إكده .
شعر بالغضب أكثر قائلاً بنرفزه : يعني عجبك حديت يحيي وهوه بيتحدت معاي .
فقالت له بتردد : منيش عجبني يا حاج بس يحيي لساته صغير على الحديت ده ومش خابر الأصول ، اللي اتربيت عليها يا حاج .
تأفف قائلاً لها بضيق : آني خابرك زين هتجعدي تدافعي عنيه ، زي كل مرة هيه عوايدك معايا إكده ، لما يبجى الحديت عن يحيي 
، فأسرعت تدافع عن نفسها قائلة له : يا حاج إفهمني  منيش بدافع عنيه بس ، يحيي دكتور ومش خابر في أمور العُمدية شىئ واصل .
تنهد قائلاً بضيق : آني هتصرفوا بطريجتي ، طالما الحديت بجى إكده ، لكن بردك العُمدية مش هتروح لعبدالرحيم طول ما آني لساتني عايش .
فقالت له بحنان : طب إهدى إكده دلوك ، ومحدش منينا يجدروا يعصوا أوامرك .
فقال لها بصرامة : محدش خابرني وفاهمني  زين غير جلال ولدي ولازم اتحدته وياه ضروي .
ما أن أتى على ذكره حتى لمعت عيني فاطمة بالدموع قائلة : جلال ولدي أتوحشتوا جوي جوي ياحاج .
حدق بها قائلاً لها : هوه مفيش مره مجبش سيرة جلال ولدك غير لما دموعك تنزل إكده .
شعرت بالحنين إليه قائلة له : يا حاج ، جلال ولدي كبيري آني جبل ما يكون كبير عيلته وناسه إهنه في البلد ، وهو جلبي ومشفتوش من زمان جوي .
تنهد قائلاً لها : أنا خابر زين بكل حديتك ده ، لكن ظروفه إكده منقدروش نقفوا في طريجه ونجعدوا جنبينا واصل .
صمتت فاطمة وهي تشعر بأن زوجها على حق في كل كلمة ، نطق بها ، اقترب منها اسماعيل قائلاً لها : متزعليش يا حاجة منيه ، مبيمنعش جلال ولدنا عنينا غير شغله وبس ، وأول ما بيفضي بيجي فا متجلجيش عليه  .
حدقت به قائلة والدموع بعينيها : نفسي أشوفه يا حاج واسمع صوته واضمه لصدري زي زمان ، جلبي نفسه يشوفه ده ولدي أول ما العين ما شافته .
رمقها بحيرة وقال لها بتعاطف : هيجيلك جريب أكيد ، وساعتها هتشوفيه لغاية متزهجي منيه ، كمان .
انهمرت دموعها قائلة : ياريت يا حاج بتمنى اليوم ده ييجي بسرعة ، ويوم ما نجوزوا ونفرحوا بيه كمان .
ابتسم قائلاً لها : وتجوزيه كمان ، فقاطعته قائلة : دي أمنيتي جبل ما أموت يا حاج .
أمسك بيدها قائلاً لها : متجوليش إكده تاني ، ربنا ما يحرمنا منيكي واصل .
لم ينم جلال جيداً كما هي عادته الدائمة ، فهذه اللية الماضية ، قد أصبح إسمه مرتبطاً بفتاة أقل ما يقال عنها ، أنها مستهترة وسليطة اللسان .
فكيف سيواجه الجميع بها ، ويقدمها إليهم بصفتها زوجته ، من أجل هذا لم ينم كثيراً ، وإنما ظل عقله يفكر ويفكر حتى يجد حلاً كما خطط له من قبل .
بعد قليل كان جلال يهبط إلى الأسفل ، فقد أُعد الإفطار له ، جاءه خادمه وهو جالساً على الطاولة كي يتناول طعامه ، يقول بهدوء حذر : الست مهجة مردتش تفطر .
استغرب جلال من ذلك ، لكنه تذكر ما حدث بالأمس ، فضم جلال يده بقوة وغضب قائلاً له : بجى إكده هملها لحالها وأنا خابر زين كيف أخليها تفطر .
شعر جلال بأن عليه الإسراع أكثر من ذلك ، في مهمته بالرغم من إنه لم يمر به بعد الأسبوعين المحددين لتدريبها .
بعد إفطاره ، صعد إلى حجرتها ، طرق عليها الباب ولم ينتظر إلى أن تجيبه من الداخل .
دلف إلى الحجرة ولم يجدها ، فضم شفتيه غاضباً ، تلفت يميناً وشمالاً ، واتجه إلى الشرفة ولم يجده ، فشعر بالضيق والغضب أكثر ، فلم يجد أمامه إلا المرحاض .
فوجد بابه مغلق ، اقترب منه بخطوات سريعة وأخذ يطرق ، طرقاتٍ متتالية على الباب وينادي عليها قائلاً : مهجة افتحي الباب ، افتحي بسرعة وإلا ….. إنتي تبجى جبتيه لنفسيكي معاي ، اصنت جلال سمعه إليها جيداً ، فلم ترد عليه .
عندها لم يتردد جلال في فتح الباب عليها ، فوجده مغلق من الداخل ، شعر بالانفعال يزداد بداخل قلبه بسببها ، فتراجع عدة خطوات غاضبة إلى الخلف ولم يتراجع عن قراره في كسر الباب عليها .
وبالفعل كسره جلال بسرعة ، ثم دلف مسرعاً داخل المرحاض ، واتسعت عينيه بذهول صادم عندما وجد ……..
يتبع..
لقراءة الفصل السابع : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!