روايات

رواية فرح فهيمة الفصل السادس 6 بقلم آية السيد

رواية فرح فهيمة الفصل السادس 6 بقلم آية السيد

رواية فرح فهيمة الجزء السادس

رواية فرح فهيمة البارت السادس

رواية فرح فهيمة الحلقة السادسة

“باب أوضتي وأنا حر أقفله أو أفتحه أنا حر!”
ازدردت ريقها بتوتر وهتفت:
-أوضتك! هو إنت قريب ال…
قاطعها معقبًا:
-الحيوان
سألها ببرود:
-صحيح هي سندس عامله إيه؟!
إذًا قد علم بأمر سندس أيضًا فمن الواضح أن الحيوان يحكي له كل شيء، هكذا حدثت حالها، أما هو فجلس فوق الأريكه ووضع رجلًا فوق الأخرى قائلًا:
-بتضحكي على جوزك وتقوليله إنك مخلصه دبلون زراعه يا قادره
لم تدرك حتى تلك اللحظه أنه يتحدث عن نفسه اعتقدت أنه أخوه أو ما شابه كانت ستبكي فيا لحظتها المشؤم أتهيم بأخو زوجها، أفكار كثيره رسمها علقها وسيناريوهات أكثر، فلو علم زوجها أن قلبها متيم بأخيه سيقتلها ويواري جثتها بأي مكان، كانت على وشك البكاء وتجهم وجهها تشعر بقبضة في صدرها، جلست على طرف السرير فقد أثقل الحزن كاحلها فلم تعد قادرة على الصمود لأكثر من ذالك، وعندما لاحظ شرودها وعبوس ملامحها اتجه نحوها وقطب حاجبيه قائلًا:
-إنت كويسه؟!
تنهدت بأسى وأغلقت عينيها بحسرة ثم فتحتها ناظرة صوب الباب وهي تقول:
-لو سمحت يا دكتور افتح الباب مينفعش كدا
كانت تجلس على طرف السرير وانحنى أمامها مباشرة وهو يحدق بها بقوة متفحصًا تجهمها، فانتفضت وهي تبتعد عنه قائله بغضب:
-أنا كنت فاكره حضرتك محترم بس الظاهر إن الوش المؤدب الي إنت راسمه وراه إنسان عديم التربيه
عقب قائلًا ببعض الحده:
-احترمي نفسك يا بت إنتِ
عقبت بنفس الجديه:
-والله أنا محترمه الدور والباقي عليك يالي عامل نفسك محترم وإنت مشوفتش بربع جنيه تربيه
ضربها على جبينها بخفه قائلًا:
-لسانك أطول منك
صاحب بنبرة جامدة وهي ترفع سباتها بوجهه:
-لو سمحت متلمسنيش وافتح الباب ده إلا والله هقول لطنط صفاء
نظر لها بمكر وقال:
-طيب مهي طنط صفاء عارفه
ظل يتجه نحوها وهي ترجع بظهرها للخلف حتى اصطدمت بالحائط فهتفت:
-متقربش وإلا هصوت
وبمجرد انتهاء جملتها صدع صوت الأغاني عاليًا فأعلقت عينيها متمتمة: اي الحظ ده!
ابتسم بمكر قائلًا:
-صوتي بقا محدش هيسمعك
ازدردت ريقها بتوتر وقالت:
-لو سمحت يا دكتور افتح الباب حضرتك باين عليك محترم وما شاء الله طول بعرض أكيد مش هتبص لوحده زيي
قالت جملتها وهي تشير على نفسها باشمئزاز فضحك يوسف قائلًا:
-رحم الله امرؤ علم قدر نفسه
رفعت سبابتها قائلة:
-لا لو سمحت أنا عارفه قدر نفسي كويس أوي ومسمحلكش تغلط
أردفت برجاء وهي تتوسله بعينيها:
-بالله عليك افتح الباب وأنا مش هقول لحد متخافش
فتح باب غرفته قائلًا بجديه:
– اخرجي يا فرح
تنفست بارتياح وهي تخرج من غرفته بتوجس تنظر خلفها كأن علقها لا يستوعب أنه تركها، وعندما رأتها صفاء أخذت يدها لمكان تجمع بنات العائله يتراقصون ويصفقون بفرحه، وقفت فرح كالمغيبه تنظر لهم بعينيها لكن عقلها يرسم صورته أمامها فأصبحت وكأنها لا تراهم، تشعر أنها صدمت به وعلى ما يبدو لها أنه لا يعرف للإحترام طريقًا، وبعد أن ضمت يُسر وقدمت لها التهاني ابتعدت عنهم قليلًا أما يُسر فكان زوجها “سامر” يرقص معها وإذ فجأة يضمها ويدور بها بكل حب، ابتسمت فرح وتمنت تجربة ذالك الشعور، أخرجها من شرودها صوت صفير يوسف المرتفع وهو ينظر صوب أخته، حدجته فرح بتجهم لتجده بكل جراءة يغمز لها فتنفخ بحنق وتدعو أن يمر الوقت سريعًا لتعود لبيتها…
______________________________
“أنا مضايقه من البت دي يا حنان… هاين عليا أروح أجيبها من شعرها خطفت مني حبيبي”
كانت حنان تجلس بجوار أختها الصغرى “حبيبه” ربتت على ظهرها لتطمئنها وهي تبتسم بخبث قائله:
-متقلقيش يا بت هجوزهولك كدا أو كدا هيطلقها
نظرت لهما حبيبة ولنظرات يوسف تجاه فرح وهتفت بحنق:
-هيطلقها! مش شايفه بيبصلها ازاي؟ ولا كأنه اتجوزها بالغصب!
وجهت حبيبه نظرها لفرح بغيظ وهتفت بحنق:
-خطافة الرجاله دي… ربنا ياخدها
“حبيبة بالثامن عشر من عمرها ذات جسد ممتلئ وطول فارع قمحية البشره وملامحها عادية ليست بالفاتنة”
لكزت حنان يد أختها وهمست بجوار أذنها:
-قومي ارقصي كدا عشان تلفتي نظره ليكِ
قامت وهي تتشدق بالعلكة في فمها وترمق فرح بنظرات حارقه، في البدايه بدأت بالتصفيق ثم مسكت يد يُسر لترقص معها وسرعان ما تركت يدها لتلفت نظر جميع الحضور إليها وهي تتمايل بطريقه شرقيه وتغني مع الأغنيه، لكنها عندما بدأت بالرقص غادر يوسف وتبعها سامر تاركين المكان برمته غاضين بصرهما عنها، رمقته فرح متعجبة فأحيانًا تشعر أنه مؤدب يحترم حدود دينه وأحيانًا ترى منه جانب أخر، لوت شفتيها لأسفل بكثير من الذهول حتى جذبتها حبيبة فجأةً لمنتصف الغرفه لترقص فرفعت فرح سبابتها معترضه وهي تبتسم بارتباك، لكن حبيبة مسكت يد فرح تحاول جذبها للرقص ومازالت فرح تهز رأسها باعتراض تام، لتتدخل حنان قائلة بنبرة مرتفعه تشوبها السخريه:
-مترقصي يا حلوه وورينا جمالك
ضحكت حنان بسخريه أمام الجميع:
– ولا مفيش جمال أصلًا… هيكل عظمي مش باينله معالم
ضحك الإثنان بسماجه، واقتربت حبيبة تسحب النظاره عن وجه فرح وهي تقول:
-وبتشوفي بقا يختي من غير النظاره دي ولا عمشه
تم اغلاق الأغاني وتصاعدت أصوات الهمهمات،كانت فرح على وشك البكاء، وضعت يُسر يدها على فمها بهلع فها هي حنان قد بدأت مجددًا، أخذت يُسر النظاره من يد حبيبه وأعطتها لفرح فلابد أن تُنهي الاحتفال الآن حتى لا تتفاقم الأمور، نظرت يُسر حولها تبحث عن والدتها أو أخيها فلم تجدهما وقع نظرها على سامر الذي كان يتابع المشهد أمام باب الغرفه، وسرعان ما وجه حديثه للجميع قائلًا:
-شكرًا يا جماعه الحفله خلصت
خرجت يسر من الغرفه ومسك سامر يدها ودخلوا لغرفة أخرى وتبعتهما فرح التي تبحث عن أي مكان لتتخفي عن الأعين وتبكي..
“سامر ابن عمة يُسر توفت والدته حين كان بعمر الزهور في الثامن من عمره فعطفت عليه صفاء وربته بين أولادها حتى مات زوجها وانتقلت للقاهره، تخرج من كلية طب الأسنان ويفتح عيادة صغيرة بالبلده لمساعدة أهل بلدته وبجوار عمله بمستشفى حكومي، شاب طويل القامه يشبه يوسف بملامحه الجذابه لكنه ذات ذقن كثيفة وشارب بنفس كثافة ذقنه”
________________________________
“دي الحكايه من أولها لأخرها مخبتش عليكِ حرف واحد”
قالها يوسف لوالدته التي تجلس بجواره في غرفته وقد حكي لها كل شيء عن فرح وأنها لا تعرف أنه زوجها هو فقط دكتورها الجامعي..
-يعني قصدك تقول إن هي كمان مجبره على الجوازه صح؟
عقب يوسف:
-واضح جدًا من تصرفاتها إنها بتطفشني!
سألت صفاء بابتسامه:
-بس يا ترى لو عرفت أن إنت جوزها هيكون رد فعلها ايه؟!
تنهد بحيره وقال:
-مش عارف أنا هقولها وهي الي هتقرر هنكمل ولا لأ
سألته صفاء بتوجس:
-وعمك هتعمل معاه إيه؟!
ابتسم بكر قائلًا:
-عمي متقلقيش هعرف أتصرف معاه
مصمصت صفاء شفتيها وابتسمت قائلة:
-دي حكايه ولا في الأفلام
أردفت بجديه وبابتسامه عذبه:
-بس والله أنا حبيت فرح وحساها شبهنا ولايقه عليك يا واد
تنهد يوسف قائلًا:
-وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم…. ويمكن ربنا جعلي الخير فيها
نظرت صفاء لعينه وسألته:
-إنت حبيتها يا يوسف؟!
ابتسم يوسف ومسح رأسه بارتباك فأردفت والدته:
-هي بصراحه بسكوته كدا وتتحب إذا كنت أنا شخصيًا حبيتها من أول نظره
ابتسم يوسف قائلًا:
-أنا مش عارف والله يا ماما بس الصراحه أنا منجذب ناحيتها
قاطعهما دخول يسر المفاجئ لتنظر إليهما بوجه مكفهر قائلة:
– حنان وحبيبه أحرجوا فرح قدام أصحابي والناس الي بره…
جحظت عيني صفاء قائله بصوت ينوي على شر:
-وهي فين حنان!!
قصت عليهما يُسر ما حدث بإيجاز فاستشاطت صفاء غضبًا فقد نوت قبل مجيئها للبلد أنها سترد لحنان كل ما فعلته بها سابقًا ولن تسكت على أي إهانة لها أو لأبنائها، هرولت صفاء من الغرفه بخطوات أقرب إلى الركض لتلحق بها، أما يوسف فنظر ليسر قائلًا:
-فين فرح؟!
رفعت يسر كتفها لأعلى كناية عن جهلها، فهتف قائلًا:
-طيب روحي اقعدي مع سامر متسيبهوش لوحده على ما أجي
اومأت رأسها لأسفل وخرجت من الغرفه وزفر يوسف بحنق ثم خرج خلفها…..
____________________________
وقفت فرح في الشرفه وأطلقت لدموعها العنان، هي لا تبكي فقط لتلك الإهانه لكنها تبكي على كل شيء فما حدث معها هذا اليوم ليس بالقليل، مازالت تظن أن يوسف هو أخو زوجها وهذا هو السبب الأول لبكائها، مسحت دموعها بباطن كفها وتنهدت بألم وسمحت للمزيد من الدموع بالخروج من مقلتيها مع شهقات متتاليه، فهي من فتحت قلبها وسمحت له بالتعلق بيوسف حتى أنها أصبحت تعيش لتراه…
-فرح!
قاطع شهقاتها صوته فمسحت دموعها في سرعة، ونظرت أمامها بجمود قائله:
-هي طنط صفاء فين عشان همشي
نظر بعينيها قائلًا:
-إنتِ بتعيطي! دي واحده سفيهه وغيرانه منك يا عبيطه
أكملت بكاء فمسك يدها لتهدأ لكنها سحبتها منه بغضب وقالت بنبرة حاده:
-أنا مسمحلكش تتمادي في تصرفاتك دي احترم إني مرات أخوك
ضحك وكان سيرد عليها لكن قاطعه صوت صفاء المرتفع فهرولوا للخارج….
____________________
كانت حنان تبتسم بانتصار بعد أن انتهت الحفله وخرج الجميع من بيت صفاء قامت مع حبيبة لتغادر وهي تبتسم بخبث فنادتها صفاء وقالت بنبرة حادة:
-هو إنتِ مش هتبطلي قرف بقا يا حنان
رمقتها حنان بتهكم ولم ترد عليها وكانت ستغادر متجاهلة لكلامها ومستهزءة بها فرفعت صفاء صوتها قائله بغضب:
-والله لو مسكتِ سلوك الكهربا إنتِ وأختك العقربه مهتطولي ظفر ابني
رفعت صفاء سباتها بتحذير قائلة:
ومن النهارده إلي هيغلط في عيالي هأكله باسناني وفرح من يوم ما اتجوزت يوسف بقت من عيالي
ابتسمت حنان بسخرية ولم ترد فصاحت صفاء:
-اطلعي بره يا حنان ومتدهليش شقتي تاني لا إنتِ ولا أختك
هزت حنان رأسها لأسفل فلا تريد الشجار الآن وهتفت قائله بتوعد وبنظرة حاقدة:
– ماشي يا صفاء ماشي
وخرجت وهي تضحك بمياعه وتبعتها أختها التي ترمق فرح بكثير من الغل والكره، فأغلقت صفاء الباب خلفهما بعنف، كانت فرح تنظر إليه بصدمه بعد ما قالته صفاء “فرح اتجوزت يوسف” أيعني أنه زوجها، هو زوجها وليس أخيه كان يترقب ردة فعلها ويتابعها وهي تحدق به، سألته فرح:
-هو إنت….
هز رأسه لأسفل وهو يبتسم هامسًا بجوار أذنها:
-الحيوان
صكت صدرها بيدها في ذهول ونظرت أرضًا بخجل وقلبها يدق بعنف، جلست على أقرب مقعد أمامها، فربت يوسف على ظهرها وهمس مجددًا:
-لا اجمدي كدا يا حيوانة قلبي
ازدردت ريقها بتوتر فقال مجددًا:
-مين قالك أصلًا إن أنا ليا أخوات غير يُسر!
قاطعها صوت صفاء التي قالت:
-متزعليش يا فروحه دي ست دماغها تعبان
عقبت فرح بسرعه:
-مش زعلانه بس أنا عايزه أمشي
نظر لها يوسف قائلًا:
-طيب استني ثواني عشان أوصلك
لم ينتظر ردها وخرج مسرعًا وبعد خمس دقائق كانت تقف جواره تنظر له، لوالدته لا تدري كيف ستتهرب منهما!
“وإنت هتعرف تسوق المكنه دي يبني”
قالتها صفاء وهي تنظر لإبنها الذي يركب الدراجة النارية استعدادًا لقيادتها، نظر لها يوسف مبتسمًا وقال بثقه:
-متقلقيش يا ماما دا أنا سواق قديم
نظر يوسف لفرح التي تنظر له بشيء من الذعر وقال بجديه:
-اركبي يلا يا فرح
تلعثمت قائله بارتباك:
-ا.. أركب فين لأ.. أنا بخاف من البتاع ده
نظر لها بثقه ليطمئنها قائلًا:
-اركبي متخافيش همشي براحه
وقفت مكانها كأن قدميها كالصخر ولا تستطيع الحركه، فربتت صفاء على ظهرها لتشجعها قائله:
-اركبي يحببتي متخافيش بدل ما تمشوا…
بدلت فرح نظرها بينهما ثم ركبت خلفه بقلة حيله كانت تزدرد ريقها بكثير من الرعب فأخر مرة ركبت خلف أخيها لف ذيل فستانها على جنزير الدراجه الناريه فانقلبت بهما وظل ذراعها ملفوف بالجبيره لأكثر من شهر، ودعتهما صفاء وانطلق يوسف قاصدًا بيتها، سار يوسف مهدئًا سرعته، أما هي فحاولت جعل مسافه فاصلة بينهما ومسكت في الدراجه نفسها كأنها تحتمي من السقوط وعندما لاحظ ابتعادها عنه تحدث قائلًا بتهكم:
– هو فيه حد قالك إني جربان ولا حاجه؟!
لم تعقب مدعية أنها لم تسمعه، فهتف بنبرة مرتفعه قائلًا بأمر:
-امسكي فيا يا فرح لو سمحتِ
تلعثمت فرح قائله:
-لأ… لأ أنا كدا كويسه
وما أن أنهت جملتها حتى ظهر جوارها كلبًا فنظرت له بهلع، رفعت قدميها تظن أنه سيتهجم عليها فتشبثت بملابس يوسف قائله بهلع:
-ينهاري كلب… كلب إلحق بيبصلي إزاي يالهوووي هيعضني
حين شعر الكلب بخوفها نبح عليهما وكاد أن يركض خلفهما فتشبثت فرح بيوسف أكثر صارخة، أوقف يوسف الدراجة وزجر الكلب ليبتعد عنهما وتبتعد بعده فرح عن يوسف، وحين ابتعدت عنه مجددًا زاد من سرعة الدراجه يريد محو ذالك الحاجز الوهمي الذي رسمته فرح بينهما فهتفت بفزع:
-براحه لو سمحت أنا هقع
قال بمكر:
– إمسكي فيا كويس وإنتِ مش هتقعي
لم تجد بُدًا فتمسكت بملابسه زاد من سرعة الدراجة أكثر لتحاوط ظهره بذراعيها وتسند رأسها عليه رعبًا، كان مستمتعًا بذالك الشعور الذي تسلل لقلبه فحاول تهدئة سرعة الدراجه الناريه ليطيل الطريق ويستمتع برونق تلك المشاعر الرائعة، وبابتسامة عذبة ضغط على فرامل الدراجه مرة ثم الأخرى، لكن تجهم وجهه فجأة وهتف قائلًا بروع:
– فرح بتعرفي تصوتي؟!
اتسعت عينيها بدهشع وعقبت بخوف:
-فيه إيه؟!
-الفرامل فلتت باين
كان يقول جملته بنبرة هادئة مع ابتسامه سمجه وكأنه لا يدرك خطورة الوضع، صرخت قائله برعب:
-هنعمل إيه… بالله عليك مش عايزه أموت دلوقتي…
ردد بملامح مجعده:
-ولا أنا والله!!
ظهر أمامه ترعة واسعة فرمق فرح بطرف عينيه قائلًا:
-نطي يا فرح… نطي
“صلي على رسول الله”
كانت تلك هي أخر جملة يقولها قبل أن تقفز فرح ويقفز هو الأخر بالترعه مع الدراجة الناريه، وبعد فتره كان يسحب الدراجه الناريه لخارج الترعه وتخرج بعده فرح التي تزم شفتيها بحنق، نظر لها متفحصًا وبدهشة مصطنعة قال:
-اي إلي عمل فيكِ كدا يا بت يا فرح!
عقبت بحنق وهي تشير إليه ثم إليها:
-الي عمل فيا كدا عِند رجل وغباء امرأه
ضحك بسماجه قائلًا:
-إحنا كلنا عارفين انك غبيه عادي بس أنا عمري ما كنت عنيد
نفخت بضيق وصرخت:
-إنت طلعتلي منين؟
اقترب منها قائلًا بهُيام:
-إنتِ إلي طلعتيلي منين؟!
تاوهت فجأة وهي تفرك عينيها فاقترب منها ليسالها بلهفة:
-ايه الي حصل مالك؟
ردت بهدوء:
-فيه حاجه دخلت في عيني
اقترب منها أكثر قائلًا:
-طيب فتحي كدا جامد أشوفهالك
حاول اخراج ما بعينيها لكن من يراهما من بعيد يظن بهما الظنون، كان يتحدث معها أثناء اخراج ما بعينيها وهو يقول:
-بس إيه احساسك بعد النطه!
-والله حرام أنا كنت مرعوبه
مر رجل كبير السن بجوارهها وبمجرد أن سمع كلامها رمقهما بذهول قائلًا بجدية وهو يغض بصره عنهما:
“ياخي وإذا بليتم فاستتروا”
– إنت بتقول ايه يا جدع إنت… دي مراتي
عقب الرجل وما زال يمشي:
-مش مبرر كدا في وسط الأراضي عيب والله فين الحياء
رد يوسف بسرعه:
-هو حضرتك فهمت ايه إحنا عملنا حادثه بالموتوسكل نزلنا في الترعه
وهرول الرجل من أمامه وهو يقول:
-لا حول ولا قوة إلا بالله جيل ما يعلم بيه إلا ربنا
هتف يوسف قائلًا بنبرة مرتفعه ليصل صوته للرجل:
-حضرتك مش مصدق ليه هو مش باين علينا إننا عملنا حادثه
لم يرد الرجل عليه فتركه يوسف فلا يريد المجادله يكفي ما هما به الآن، لتهتف فرح قائلة:
-إيه ده هو يقصد ايه؟!
هز رأسه قائلًا:
-متركزيش فتحي عينك واقفلي كدا
فتحت عينها وأغلقتها ثم ارتدت نظارتها قائلة:
-خلاص خرجت شكرًا
هتف قائلًا:
-يلا أوصلك
رفعت يدها في وجهه قائلة بحنق:
-لأ والله ما إنت موصلني البيت بعد شارع من هنا وياريت منتقابلش تاني خالص لأن كل ما نتقابل بيبقا فيه كارثه بعدها
قالت جملتها وهرولت من أمامه بفستانها المبتل بالمياه وهيئتها المزريه، ضحك وهو يقول:
-استني بس…. يا فرح… طيب يا فهيمه
صاحت وهي تتجه نحو منزلها:
-مسمعكش بتقول الإسم ده تاني!
لوحت بيدها بنزق وهي توليه ظهرها وغادرت، وقف هو يراقبها حتى اختفت عن مد بصره ووصلت بيتها…
_________________________________
“ينهاري يا طنط وسيبتي البت الغبانه لوحدها”
قالتها مريم التي تجلس في بيت فرح بعد أن أتت مع نوح بعد أن اشترت فستان كتب الكتاب الذي أهداه لها نوح، وكانت تنتظر فرح لتتحدث معها، ردت شهناز بضحكة ماكرة:
-اسكتي خليها تتربى شويه عشان تبقى تهرب تاني
ضحكت مريم قائلة:
-أنا مش همشي إلا لما تيجي عايزه أتفرج
ضحكت شهناز قائلة:
-أيوه عشان تتفرحي على المعركه الي هتحصل كمان شويه
قاطعهما صوت طرقات الباب ونبرة فرح المرتفعه:
-افتحي يا شهناز… افتحي يا مرات أبويا
ضحكت مريم وقالت:
-أهي المصيبه بتاعتكم جت
-قومي افتحيلها يا مريم ولو سألت عليها قوليلها نايمه
قالتها شهناز قبل أن تهرول لغرفتها وصاحت مريم ضاحكه:
-استني بس يا طنط متخافيش
فتحت لها مريم واتسعت حدقتي مريم بدهشه عندما رأت هيئة فرح بملابسها المبتله وشعرها الذي خرجت خصلات منه من حجابها فسألتها بذهول:
-فيه كلب جري وراكِ تاني ولا إيه؟!
أجابت على سؤالها بسؤال أخر:
-فين أمي شهناز؟ يا شهنااااز
كانت تنادي على والدتها وهي تدور بأرجاء الشقه اعترضت مريم طريقها قائلة:
-طنط نايمه… إنتِ إيه الي عمل فيكِ كدا؟!
هرولت فرح نحو المطبخ وهي تقول:
-اصحي يا شهناز قومي يا مرات أبويا وشوفي الي حصل لبنتك بقا أنا نفسي في الطبيخ حكايه
بدأت فرح بإخراج اواني الطهي جميعًا من مكانها لتكركبهم بالمطبخ وهي تقول:
-ماشي يا شهناز ادي الحلل اقعدي بقا رصيهم طول النهار بكره
بدأت بتجميع الاطباق من مكانهم والقائهم بحوض الغسيل بفوضاويه وهي تقول:
-وأدي الأطباق كلها في الحوض
-اهدي بس يا فرح والمواعين ذنبها ايه؟!
-اسكتي إنتِ خالص يا مريم سيبيني عشان أنا شايطه وفيه دخان بيطلع من وداني… روحي روحي يا بنت عمتي
ضحكت مريم على هيئتها فصاحت فرح بصخب:
-اطلعي بررررره يا مريم
دخلت فرح لغرفة والدتها ورمقتها بنزق قائله:
-ارتحتي يا شهناز
كانت شهناز تجلس على طرف سريرها تضحك على ابنتها المتهوره فكلما يحدث معها شيء تدخل للمطبخ ولا ترتاح قبل أن تفرغ مكوناته بفوضاويه هتفت شهناز بنبرة هادئه:
-وايه يعني برفع راسك قدام أهل جوزك يا بت
نظرت فرح لمريم قائله:
-وراحت مشوحه بايديها كدا يا بت يا مريم وقايله لااا دا أنا بنتي بتكنس ولا أجدعها مكنسه وبتغسل ولا أجدعها غساله وبتكوي ولا أجدعها مكوى
لوت شفتيها لأسفل مدعيه البكاء وقالت:
-أنا اتمرمطت أوي يا مريم
كانت مريم تكبح ضحكتها لكن في لحظة انفجرت بالضحك وهي تقول:
-لا مش قادره بجد
ضربت فرح صدرها قائله:
-بتضحكي على أحزاني يا مريم
نظرت فرح لشهناز التي انفجرت بالضحك هي الأخرى وقالت:
-لا أنا هروح أحكي لجدي هو الوحيد الي هيجيبلي حقي منكم يا عديمين الرحمه
خرجت بملابسها المتسخه لجدها الذي يتكئ على الأريكه يشاهد برنامج غير شاشة التلفاز وقفت أمامه قائلة:
-يرضيك يا جدي الي ماما عملته ده
جحظت عينيه حين رأى هيئتها وصاح بقلق:
-عملت ايه دا إنتِ متبهدله خالص يبنتي!
تظاهرت فرح بالبكاء:
-رمتني ومشيت يا جدو… فيه أم تعمل كدا؟!
صاح الجد بنبرة مرتفعه:
-يا شهنااااز
هرولت والدتها قائله:
-والله يا عمي ما عملت حاجه دا بت نصابه اسالها كدا حصل ايه!
نظر لفرح قائلًا:
-إيه إلي حصل يا فهيمه؟!
تظاهرت فرح بالبكاء قائله:
-متقوليش فهيمه يا جدي كفايه الي أنا فيه!
أردفت بنزق:
-عملت حادثه مع الراجل الي إنتوا جوزتهولي بالعافيه ونزلنا بالموتوسكل في قلب الترعه
سردت عليهم ما حدث بالتفصيل فانفجر الجميع بالضحك وعقب الجد:
-معلش يا فهيمه مش أول مره تنطي في الترعه يحببتي ولا أخر مره…. قومي غيري هدومك
نظرت له فرح بطرف عينيها فحتى هو يضحك عليها فقامت وهي ترمقعم بحسرة قائله:
-أنا محدش حاسس بيا في البيت ده خالص!
__________________________
دخلت غرفتها وبدلت ملابسها وبعد أن هدأت فردت ظهرها على السرير بتعب وفتحت هاتفها لترى رسالة:
“انتِ هلالُ نون النسوة وكل ما تبقّى للنساء بعدكِ مجردُ نقطة”
كانت تلك هي رسالته لها عبر الواتساب، ارتسمت ابتسامه عذبه على شفتيها ونظرت لاسمه “المجهول” ثم عدلته باسم يوسف، تنهدت بارتياح،رددت فرح بكثير من الحب:”قد سكن قلبي الآن حين أدرك أنك ساكنه الأبدي”
وأغلقت عينيها لتنام على صدى تلك الرساله بأذنها وقلبها
_________________________
حين تأكد أنها قرأت رسالته تنهد بارتياح وابتسم وهو ينظر لملابسها التي نسيتها بحمام غرفته ويغلق عينيه ويفكر بها عازمًا أن ينفذ ما خططه في الصباح…..
_________________________
وفي اليوم التالي وتحديدًا في عصر اليوم
” يا فرح يوسف مستنيكِ بالمكنه بره عشان تروحي عزال أخته”
قالتها شهناز لفرح التي تلعب الدمنو مع جدها في حديقة البيت وقد حالفه الحظ وفاز عليها مرتين، نظرت فرح لجدها قائلة برجاء:
-الحقني يا جدي المره دي لو خرجت مش هرجع البيت إلا على نقاله
أردفت بمكر:
-وبعدين هو جاي يسحب جاموسه دا ولا كلمني ولا كلمك يستأذن مش عامل احترام لحد!
فهم جدها ما ترمي إليه فعقب:
-بس هو كلمني وأنا وافقت
نظر الجد بعينيها وقال بدهاء:
-أنا كسبتك مرتين ولازم تنفذيلي طلبين، الطلب الاول تقومي تلبسي وتروحي معاه
سألت بتهكم:
-والطلب التاني؟
-توافقي إن الفرح يتم الأسبوع الجاي
سألت فرح ببلاهه:
-فرح مين هو حضرتك ناوي تتجوز؟!

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فرح فهيمة)

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى