روايات

رواية نيران حواء الفصل السادس 6 بقلم فرح طارق

رواية نيران حواء الفصل السادس 6 بقلم فرح طارق

رواية نيران حواء الجزء السادس

رواية نيران حواء البارت السادس

نيران حواء
نيران حواء

رواية نيران حواء الحلقة السادسة

استدارت فرح على صوت بيجاد، لتبتسم بسعادة لرؤيته، ف مهما مر بينهم تظل طلته على قلبها لها ملاذًا خاصًا.
اقترب منها بيجاد أكثر، قائلًا وهو يشير للمكان حوله
– مبروك لحلمك الجديد.
نظرت فرح حولها وادمعت عينيها لتخبره
– هو حلم طفولة بالنسبالي، بس..
نظرت لهُ مرة أخرى لتخبره بألم
– بس كـ عادتك مهتمتش.
– كانوا كتير..
نظرت لهُ بتركيز، واردفت بتساؤل
– هما ايه ؟
– أحلامك.
تطلعت بعينيه وابتسامة باهتة ترتسم على شفتيها، لتخبره بنبرة متألمة
– كنت انت أهم حلم وأفضل حلم حلمته، حلم لو كان اتحقق كان بالنسبة ليا كل الدنيا أحلامها اتحققت.
عم الصمت بالمكان حولهم، لتبدأ حرب النظرات المتبادلة..
أحدهم يتطلع للآخر بلوم واشتياق، يُعاتبه عما بدر منه، والآخر يبادله بنظرات مُعتذرة وطلب للمغفرة.
يقولون الأعيُن قادرة على إفصاح عما يجول بخاطر أحدهم ولكن هل هذا صحيح حقًا !
أظن ذلك، تريد لوم شخصًا تعلم أنه لن يتقبل ذلك فـ تبدأ عينيك بتولي تلك المهمة طوال الوقت، تطالعه بكل شيء داخلك، عقلك وقلبك وعينيك أيضًا، تتولى كل المهام لترسل جميع ما يجول بداخلك بصورة نظرة تُلقى بلحظةٍ ما ولكنها كفيلة على الإفصاح عن كل شيء، والأهم من ذلك هل ذاك الشيء مُريح أم هو مُرهق أكثر ؟
لـ فرح طارق.
تنهدت فرح وهي تعيد النظر أمامها، وتتابع بعينيها العاملين بموقع مطعمها الجديد، أو بمعنى أصح تتهرب من نظرته لها ونظرتها إليه..
أخذ بيجاد نفسًا بداخله ليخرج صوته أخيرًا
– هتصدقيني لو قولتلك إني فرحان ليكِ يا فرح ؟
تعالت صوت ضحكاتها الساخرة لتنظر إليه قائلة
– بجد ؟ لأول مرة بيجاد الهاشمي يفرح لنجاح واحدة ست ف حياته! لحظة تتوثق ف التاريخ بجد!
استدار لها ليقف بمقابلتها قائلًا بجدية
– فرحان لأنك بدأتِ تحققي الشيء لأنك راغبة ف تحقيقه، مش رغبة تحقيق قررتيها بلحظة عابرة خدتيها بمبدأ عند، فرحان لأنك بتحققي دلوقت اللي انتِ عايزاه وبس.
تنهد بإرهاق وهو يعيد ارتداء نظارته الشمسية قائلًا بهدوء
– مبروك مرة تانية يا فرح، أتمنى المرة الجاية تقفي نفس الوقفة دي وانتِ شايفة المطعم مبني قصادك وعليه اسمك.
استدار ليغادر، متجهًا لسيارته، وصعد بها ليجلس على المقعد بعض الوقت وهو يستعيد ثبات حالته مرة أخرى..
بينما وقفت فرح تنظر أثره، قائلة بخفوت ودمعة هاربة تفر من عينيها
– وأنا أمنيتي كانت إني أقف نفس الوقفة دي بس وأنت جمبي يا بيجاد.
في مكان آخر..
وقفت مريم بسعادة وهي ترى العاملين يصعدوا بغرفة نومها هي و أيهم..
التفتت لـ أيتن بسعادة
– حلوة صح ؟
استقبلتها أيتن داخل ذراعيها
– حلو يا حبيبتي، حلوة لأنك مختراها بنفسك.
ابتعدت مريم عنها لتخبرها
– أنا هطلع اوضتي أرتاح شوية واشوف جبت ايه وناقص ايه اتفقنا ؟
– ماشي يا مريم.
صعدت مريم للأعلى لتتنهد أيتن متمتمة
– كان نفسي أختي الوحيدة تكون معايا دلوقت وتفرح بيكِ يا مريم تفرح بـ بنتها، بس صدقيني هحاول اعوضك ده، عارفة إنه مستحيل ليكِ أو لفرح اللي فشلت ف تعويضها بس غلطتي مع فرح وبيجاد مش هتكررها معاكِ انتِ وأيهم.
– ماله أيهم بس يا ست الكل!
استدارت أيتن لتجد ابنها (أيهم) واقفًا خلفها وهو يبتسم.
– مفيش غيره ناصفني ومفرح قلبي وبتمنى يفضل على كدة.
اقترب منها أيهم قائلًا بمرح
– بيجاد لو سمعك!
تنهدت أيتن بحزن
– هيعمل ايه ؟ معذب نفسه ومعذب البت معاه ! فضلت تحاول لحد ما فقدت نفسها ف محاولاتها وهو ف الآخر عمل ايه ؟ فلت ايديها وسابها تقع بدل ما يتمسك بيها.
ضمها أيهم وهو يفكر بأخيه بـ سأم الذي لم يتخذ أي خطوة حتى الآن، ظن منه أن بأمر طلاقهم سيفعل شيئًا ولكنه وجده كما هو !
على الجانب الآخر في غرفة مريم..
امسكت مريم بصورة والديها، قائلة وهي تمسح دموعها
– أنا فرحانة دلوقت، بحاول معيطش علشان متزعلوش مني بس مش قادرة! مش متخيلة إني أكون فرحانة اوي كدة وانتوا مش معايا ! دايمًا بلاقي حاجة ناقصة ف أي شيء بيحصل ف حياتي والحاجة دي هي انتوا، إني احضن حد فيكم، إني أضحك واسمع صوت ضحكتكم، إني أسمع أسمي لمرة واحدة بس وحد فيكم بينطقوا !
أخذت نفسًا بداخلها وهي ترفع قدميها من على الأرض، وتعدل جلستها على الفراش وتكمل حديثها بحماس
– بس عارفين، أنا مش لوحدي، انتوا معايا صح ؟ وكمان فرح! انا زعلانة أوي علشانها، بس فرحانة للقرار اللي هي خدته، عارفة إنه مجاش من فراغ بس فرحانة لـ إنها وصلت لـ كدة، كمان أنا ربنا عوضني بيها، طول الوقت هي معايا، انا لو هي مكنتش معايا مش متخيلة كان ممكن ابقى عاملة ازاي ؟ هكون نفس مريم اللي انا عليها دلوقت ؟ أكيد لأ صح ؟ فـ انا بشكر ربنا، إنه ادهاني ف حياتي وعوضني بيها، عوضني بحضنها ليا ف آخر اليوم وهي بتلعب ف شعري عشان أعرف أنام، عوضني باتصالها بيا وتستقبل عياطي وتغيير المود بتاعي بصدر رحب، عوضني بيها ف كل حاجة.
مسحت عبراتها الهابطة على وجنتيها لتكمل بشغف
– كمان أيهم، حب الطفولة والمراهقة والشباب وحب كل حاجة ف حياتي، دايمًا بعصبه مش بـ ايدي خالص بس أنا فـ مرة سمعته، سمعت ماما أيتن بتكلمه عني قالها هي بتعصبني، ممكن تعمل موقف يضايقني بس بخاف، بخاف أخد موقف منها تسيبني وتعيط لوحدها ومقدرش اطبطب عليها، من وقتها بحاول…بحاول أتغير علشان أنا مش حابة وضعنا سوى، بحاول أتغير ف إني معصبهوش، لأنه مقدر ده، وأنا عايزة اقدره، بأني مضايقهوش، أحاول أنا كمان زي ما هو بيحاول معايا..هو انا صح ؟
أنهت حديها بتساؤل، لتستمع لإجابة أحدهم
– صح الصح.
رفعت رأسها لتجد أيهم واقفًا مستند بجسده على باب الغرفة، ليمسح دمعته التي فرت من عينيه من كلماتها ليتقرب منها ويجلس بجانبها اخذًا إياها بين أحضانه
– صح الصح، كل حاجة قولتيها صح، ما عدا حاجة واحدة بس.. إني عايزك زي ما انتِ، وأنا متقبل ده، شايفك بتحاولي بس بتفشلي لأنك شخصية عصبية، صعب تتحكم ف أعصابها كدة، بس أنا حبيتك كدة، وانتِ عصبية، مش غلط إنك تحاولي عشان المركب تمشي بينا بس احفظي كويس إنك حتى لو معرفتيش ف أنا همشي المركب بنفسي يا مريم.
قبلة وجنته وبداخلها قلبها يقرع طبول عشقه إستجابة لكلماته التي تأثرها من الداخل، أحرف ينطق بها يجبر كل خلية بجسدها للإستجابة لها..
هل حقًا يحدث وان تكُن بعض الأحرف التي تُنطق على هيئة كلِمات..ضماد لنزيف قلوبنا وعناق للتخفيف عن آلام روحنا ؟
كلماته كالضماد لقلبها، تبعث داخله بسحرٍ لتربط على كل جرح بداخلهُ، لتتحول لعناقٍ عن بُعد يسكُن بِه روحنا ويُخفف عن آلامها.
لـ فرح طارق.
مرت الأيام على الجميع وكل شخص يستعد لحياة جديدة يبدأ بها، جميعهم بغير استثنى لأحدهم، كل شخصًا يُحقق ذاك الحلم الذي خُلِق لأجله فقط، استمر بالسعي خلفه ليوقُن أن نجاحه سيكون من نصيبه بالنهاية.
وقفت فرح أمام مطعمها المُزين بـ ديكور رسمته بخيالها مُنذ الصِغر، لتجعل إسمه يُزينه بشكل أكبر (شهد العاشِق) ذاك اللقب الذي ألقاه والدها على والدتها ذات يوم، حينما أخبرها بأنها شهد عِشقه..
– شهد العاشِق، رحمة الله عليكم يا من آمنتم بي ذات يوم لأصبح، وها أنا أصبحت الآن.
مسحت دمعتها وهي تستدير لتصعد بسيارتها مستعدة للذهاب لـ مركز التجميل لتكُن بجانب رفيقة دربها مريم..
على الجانب الآخر..
غادر بيجاد المكان، و استدار لينظر لهُ مرة أخيرة، ثلاثة أشهر على حدا يخضع لـ تلك الجلسات، نظر للمكان مرة أخيرة وهو يتذكر حديث الطبيب لهُ بأن تلك الجلسة الأخيرة ويقدر الآن على الذهاب لمُباشرة حياته مرة أخرى بشكلًا صحيحًا مثلما يريد.
ابتسم بيجاد وهو يعيد ارتداء نظارته الشمسية، ليفتح باب سيارته ويصعد بها للذهاب؛ للوقوف جانب شقيقه، ولبدأ حياة جديدى بالنسبةٍ لهُ مرة أخرى بشكلًا مختلف، شكلًا يريده هو قط ليس آخر غيره.
مرت الساعات..
لتتوقف جميع السيارات أمام الفندق المقام به الزفاف، لتهبط مريم وهي تتأبط بذراع أيهم وتتابع الجميع بسعادة وهو يرقصون بفرحة حقيقية على وجوههم لأجلها هي وزوجها.
دلفوا للداخل لتبدأ مراسم الزفاف كـ أي زفاف مصري يُقام، وتشتعل الأجواء بسعادة والجميع يسعد بطريقته الخاصة.
استدار بيجاد حوله وهو يبحث عنها، ليغادر القاعة بأكملها، ويجدها كما توقع تجلس بمكانٍ هاديء بعيدًا عن الأعين يناظر البحر أمامها.
وقف بيجاد خلفها مباشرةً، بينما أغمضت فرح عينيها وهي تشعر بقربه منها، تهرب رائحته التي تعشقها لداخل أنفها تستنشقها باشتياق جام، كل شيء بها يشتاق إليه، رغم كل ما مر! لازالت تشتاق..
بعد الأشخاص يمرون في حياتنا ليثبتوا لنا أن الوقت في بعض الأحيان يكون غير كافيًا للنسيان، وإنه كلما مر الوقت على ذكرى مرورهم.. تزداد ذاكرتنا بالتشبث في ذِكر كل شيء مر بنا والاشتياق لهُ ايضًا.
لـ فرح طارق.
اقترب بيجاد أكثر ليلتصق ظهرها بصدره بشدة، ويديه تحاوط خصرها، بينما دفن وجهه بنعقها في محاولة لإرضاء قلبه برغبة الاقتراب منها ولكنه وجد نفسه يفشل، كلما اقترب منها كلما أراد الأكثر من ذلك، وكلما فعل الأكثر يرغب بالاكثر منه..! فعل ذلك وهو يحاول إرضاء قلبه ليجده يتمرد عليه أكثر..!
أخذ نفسًا بداخله وهو يحاول بصعوبة الإفصاح عما يدور بداخله، ولكنه لا بد لهُ من الحديث، يجب فعل ذلك حتى يقدر على استعادتها إليه مرة أخرى، ليخرج صوته المبحوح
– أنا روحت لـ دكتور يا فرح..
شعر بها تحاول الاستدارة إليه وهي تخبره بقلق
– ليه انت تعبان ؟ مالـ..
قاطعها وهو يثبتها على نفس وضعهم معًا قائلًا
– خليكِ كدة افضل وسبيني أكمل ممكن ؟
سكنت بين يديه، ترغب بالرحيل ولكن قلبها غير مُطاوعًا لها على ذلك ! سكنت وهي تقنع نفسها بأن لربما تلك المرة الأخيرة لحديث طويل بينهم ؟ لـ ربما ذلك.
أغمضت عينيها وهي تستمع لباقي حديثه
– بقالي ٣ شهور، روحت.. روحت عشان اتعالج، اتعالج من الشيء اللي بقى مرض بالنسبة ليا، اتعالج من خوفي إني أبين حبي ليكِ، اتعالج من انانيتي ف إني عايزك تنجحي بس ف بيتك مش براه! اتعالج من إني أشوفك زي حد غيرك بأني لو اديتك اللي انتِ طلباه هتقابلي ده بتمرُد وأنك تبعدي عني، اتعالج لأني بحبك يا فرح، لأني عايز اتعالج علشان عايزك، خطوة جت مني متأخر بس مكنش سهل عندي اخدها، مش سهل أروح لـ دكتور واقوله عالجني وقولي ازاي أحب مراتي ؟ صدقيني مكنتش سهلة واتاخرت بس خدتها ف النهاية عشان لقيتني عاوز كدة، عاوز إنك تفضلي معايا، عاوز احبك وتحبيني ونعيش حياة طبيعية، مزعلتش يوم لـ نجاحك بالعكس فرحت، فرحت بس كنت خايف، لكني ف النهاية صدقيني اتعالجت.
أغمض عينيه، لتلتفت هي لهُ وهي تسمع صوت بكائه، لتمسح دموعه بلهفة بينما أكمل بيجاد
– تعبي مش لمجرد إني مريت بقصة حب فاشلة، لأ حياتي كلها كانت فاشلة يا فرح، علاقتي بـ بابا اللي كانت كلها عبارة عن أوامر منه وانا انفذها، كنت طول الوقت بحاول إني اخلي أيهم غيري، كنت بلاقيه هيعامل أيهم زيي وهيحط جواه نفس اللعنة اللي حطها جواها، خرجت أيهم بس مقدرتش أخرج نفسي منها، كان مفكر إني عشان يخليني راجل فعلًا يضربني طول الوقت من صغري علشان لما أكبر أكون متعود ولو حد كلمني متأثرش متخيلة التفكير ؟ يحبسني ف اوضة ضلمة لأيام عشان اكبر على تعود عليها عشان لو الحياة جبرتني على كدة أكون متعود! خرجت أخويا من لعنته بس مقدرتش أخرج نفسي منها صدقيني، أنا..
احتضن وجهها وهو ينظر لها ودموعه تهبط على وجنتيه
– أنا آسف، صدقيني آسف.
أكمل حديثه بشغف وهو يمسح دموعها
– بس انا اتعالجت يا فرح، اتعالجت من كل ده، هنعيش حياة طبيعية صح ؟ هتعيشي معايا يا فرح ؟
اردف بسؤاله الأخير وهو ينظر لها بتوجس وخشية، ليجدها تحرك رأسها بتأييد لحديثه، بينما ابتسم هو بسعادة ليطبع شفتيه على شفتيها بشغف واشتياق، واخيرًا قد وجد الملاذ بحياته وهو قُربها منه.
تمت.

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نيران حواء)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى