Uncategorized

رواية سيلا الحلقة التاسعة 9 بقلم نجلاء ناجي

 رواية سيلا الحلقة التاسعة 9 بقلم نجلاء ناجي 

رواية سيلا الحلقة التاسعة 9 بقلم نجلاء ناجي 

رواية سيلا الحلقة التاسعة 9 بقلم نجلاء ناجي 

تتركز نظرات اسلام على سيلا ووليد ،وينظر للكعك واكواب القهوة فى نظرة سريعة ويتقدم فى خطوات ثابتة نحوهما ،مركزا عيناه على سيلا؛ التى احمر وجهها ،وتذداد ضربات قلبها فى كل خطوة يخطوها للداخل وكأنها مسكت بجرم مشهود ،ولكنها تحاول التماسك .

اما وليد فينظر الى اسلام بلا مبالاه وهو يتقدم منهما حتى وقف امامهما .

وليد ضاحكا : تعال شوف مراتك اللى هتموت من حته كيك دى

ينظر اسلام الى سيلا التى تجلس ووجهها لونه احمر قانى ،ثم يردد : كيك ؟ ليه؟

وليد وهو يجلس على مقعده براحة كبيرة :طب احكم انت بينا ،بقى اروح الكافتيريا اجيب لها قهوة اجى اقفشها بتاكل الكيك لوحدها ،وبس زورت وكانت هتروح فيها ويضحك وليد كثيرا .

فى حين سيلا تنقل بصرها بينهما بخوف ،وكذلك اسلام ينقل بصره بينهما بغضب وهو يرى وليد يمد يده ويأخد قطعه من الكعك ويضعها فى فمه ويتذوقها بكل استمتاع ..

وليد : والله عاشت اديكى يا سيلا، دا حلو اوى اوى .. تاخد يا اسلام تدوق ولا تلاقيك شبعان منه ،يا بختك يا عم

اسلام وهو ينظر لها بهدوء وبنصف ابتسامه : فعلا شبعان منه بس ميضرش اخد معاك كمان ..ويمد اسلام يده ويأخذ قطعة ويتذوقها وينظر الى سيلا التى امتقع وجهها وهى تنظر له فى توتر بالغ .

إسلام : اسيبك بقى مع الكيك واروح مكتبى ..

فى لهجه امرة لسيلا يقول : معايا على المكتب .

يخطو اسلام عده خطوات،وتقف سيلا لتتبعه ويجد وليد ينادى على سيلا .

وليد وهو يمسك كوب القهوة ويتجه الى سيلا : استنى يا سو خدى قهوتك معاكى ،هتبرد .

اسلام وهو ينظر له بدهشة ولسيلا التى اخذت منه الكوب بيد مرتعشة ،فيقول بغضب : مش يلا بقى .

سيلا وهى ترتعش من داخلها وتقول فى صوت متوتر : حا. حاضر ..

يمشى اسلام بخطوات سريعه وتتبعه سيلا الى مكتبه ،يدخل بسرعه وينظرها حتى تعبر الباب ويغلقه بشدة من ورائها ،فتنتفض سيلا برعب من الصوت الباب ،تلتفت له بخضة فيقع كوب القهوة على يدها فتصرخ سيلا .

لا يلتفت اسلام لصراخ سيلا من وقوع القهوة على يدها ولكنه يتقدم منها بغضب ويمسك ذراعها بشده ويتحدث من بين اسنانه :

– هو انتى جايه الشركه تشتغلى ولا تفتحى لى فيها مطعم ؟جاية تراعى فلوس ولادك وتتعلمى ولا جاية تعمل لى بوفيه فى المكتب ؛شاى وقهوة وكيك ؟

سيلا وهى تتألم من مسكه يده ومن كلامه الحاد ؛لم تكن تشعر بوجع الحرق اكثر من وجع قلبها على الحديث الذى اطلقة اسلام من فمه وكأنه سكاكين تنغرس بها …

بأعين دامعه ردت بتوتر : انا مسمحلكش انك تتكلم عنى كدا ،تحاول ان تفك يده عن ذراعها فتفشل .

تكمل بألم : انا جايه الشركه دى علشان اشتغل واحافظ على مال ولادى ،وكون انى جبت كيك معايا دا مش ذنب ،او انى اشرب شاى او قهوة دا برده مش غلط . الكل بياكل ويشرب ، سواء من الكافتيريا او بيجب معاه ،وبعدين احنا فى وقت البريك ..

اسلام بحده : اه طبعا فى البريك ،الكل بياكل ويشرب وبس مش بالمنظر اللى انا شفته دا …

راعى يا هانم انك مراتى .

يترك زراعها بقسوة فكادت ان تقع ولكنها تماسكت ونظرت له فى غضب : على فكرة انا مراعية دا اوى وبعدين محدش يعرف اصلا انى مراتك غير وليد .

اسلام ساخرا : لا مهو واضح … اتفضلى على مكتبك يلا ..

تنظر له سيلا غى غضب وتخرج بسرعه من مكتبة وتتجه الى الحمام تغسل يدها وعندما تنظر لنفسها فى المرآه لم تتحمل ان ترى نفسها هكذا فأجهشت فى البكاء؛ شعرت بأنها مجروحة من كلام اسلام لم تستطع ان تتمالك اعصابها اكتر من ذلك اخرجت كل غضبها وحزنها فى بكائها ،وبعد فترة غسلت وجهها بسرعه وخرجت الى مكتبها .

عندما دخلت سيلا للمكتب كان وليد يجلس على الكمبيوتر يركز عليه بشدة ولكنه ما ان شعر بدخولها حتى رفع عيناه عن الكمبيوتر و

نظر لها وليد متفحصا وجهها ،وهو يراها تدخل بهدوء وتجلس على مكتبها وتضع وجهها فى جهاز الكمبيوتر ..

وليد مخمنا : هو زعلم ولا ايه ؟

سيلا بدون النظر له او حتى رفع وجهها من على جهازها : لا ابدا هيزعلنى ليه ؟

وليد متأملا وجهها لايعلم هل اغضبها اسلام ام ماذا ؟

وليد بهدوء : كان عايزك فى مكتبه ليه ؟

سيلا بلا مبالاه : ابدا كان بيسألنى عرفت اتأقلم على الشغل وكدا .

وليد ينظر لها ولا يتحدث ثم يكمل عملة ..

فى مكتب اسلام …

حيث ظل إسلام يحاول العمل ولكنه كان مشتت الذهن ، يتكرر مشهد اقتراب وليد من سيلا وهو لا يعلم سببا لهذا الضيق والغضب . وقد ارجع ذلك لانها زوجته ولا يصح ان تسمح باقتراب وليد هكذا .

تمر الايام وتظل سيلا تعمل فى مكتبها وتتعلم كل شىء وتتقنه واسلام لم يعد يتحدث معها ،بل لم يعد يتصل بها هاتفيا للسؤال على ابنائها .فى داخلها كانت تفتقد لسؤاله المتكرر عليها وعلى ابنائها ،كانت تشعر بالافتقاد الى نوع من الإهتمام ،اغضبها حديثه لها وقسوتة عليها، وسخريته منها ، ولكنها تناست وانغمست فى العمل .

ينشغل اسلام فى عملة ويسافر للخارج عده مرات

يمر ثلاثة اسابيع ، وسيلا فى الشركة صباحا وابنائها عند خالهم ومساء فى منزلها ،واسلام ما بين الشركة ومنزله والسفر لمتابعه اعمال الشركه بالخارج . ومتابعة الحاج رشدى لسيلا وابنائها بالهاتف .

فى يوم من الايام تتصل شيماء بأخيها وليد للاطمئنان على احوال الشركه واسلام .

شيماء : اذيك يا ليدو .. اخبارك ايه ؟

وليد وهو يجلس براحته فى منزله :تمام ،انتى اخبارك ايه ؟

شيماء بقلة صبر : تمام ، اخبار سيلا واسلام إيه ؟

وليد بسخرية : هو فى مكتبة وهى على مكتبها قدامى . مفيش جديد

شيماء بمكر : طب وأخبارك ايه معاها ؟

وليد بحده : شيمااااء … سيلا انسانه محترمة وطيبة بجد ورقيقة اوى

شيماء بحقد دفين : انا عايزاها تبعد عن جوزى يا وليد . دى ضرتى حتى لو على الورق ،دى برده ضرتى .

وليد بحنق : بس دى فى حالها … أذتك فى حاجة … قولى

شيماء بغل وكرهه شديد والكلمات تخرج من فمها كسم الذى ينفثه الثعبان :

– كونها انها على زمته دا اكبر أذيه فى حد ذاته … عايزاه يطلقها بأى شكل .

وليد بحده : شيماااء ،شيلى الغكرة دى من دماغك ،واهتمى بجوزك وبأولادك .

شيماء صارخه بغضب : خلاااااص ، كلكم بقيتوا بتحبوها … هى اللى طيبه وانا شريرة . ليه محدش حاسس بالنار اللى جوايا وانا خايفة يروح لها …

وليد مستنكرا : هتحرقك … النار دى هتكونى اول واحده تتحرقى بيها قبل ما تحرقى غيرك . اهتمى بجوزك وصدقينى كل شىء هيتغير . وبعدين ما انتى اللى وافقتى على الجواز.

شيماء : أيوة وافقت علشان الشركه تبقى بتاعته ومحدش يشاركه فيها ،واه جوازهم على الورق بس برده انا مش بحبها وعايزاه يطلقها .

وليد غاضبا : ياريت يا شيخه يطلقها هتستريح منك انتى وجوزك وتشوف حد فعلا يستاهلها .

شيماء بمكر : انت زعلان عليها اوى كدا ليه ؟ تكونش بتحبها ؟

وليد بغضب : انت عقلك خلاص فوت ، انتى واسلام فعلا لايقين على بعض .. وسيلا فعلا ملهاش مكان وسطيكم .

شيماء : خلاص خدها انت واتجوزها طالما صعبانه عليك اوى .

وليد ضاحكا بسخرية : يا ريت كان ينفع بس حتى انا منفعهاش عارفة ليه ؟ لأنى ذيك إنتى وجوزك بتاع مصلحتى؛ هو انا لو مكنتش بتاع مصلحتى كنت عملت فيها كدا وخليت اسلام الله اعلم بقى زعق لها ولا ضريها فى المكتب ، وكل دا علشان ايه ؟ اختى تفرق بينهم .

شيماء مقاطعه له بحده : خدت تمن دا يا حبيبى ،اظن عشرين الف جنية مبلغ حلو اوى علشان توقع بينهم … ومستعده ادفع اكتر من كدا بس تطلق منه .

وليد ساخرا : مستعجلة اوى على طلاقها ،هى اصلا مش هتقدر تستحمل اكتر من كدا معاكم .

شيماء :هو دا المهم عايزاها تبعد عن جوزى .

وليد وهو يقصد ان يغضب شيماء :

-على فكره اسلام بيعامل السيكرتيرة بتاعته احس من سيلا واهى مراته.

شيماء بتوتر : قصدك ايه ؟ قصدك انه ممكن يكون متجوز السيكرتيرة ؟

وليد بحده : معرفش ،انا اقصد انه بيعامل الغريب كويس وهى لاء.

شيماء وهى تنهى المحادثة : خلااص براحتك بس متنساش انا مستعده ادفع اى حاجه بس تطلقها منه … مع السلامه .

تغلق شيماء الهاتف ،وكذلك وليد الذى يلقى الهاتف بعيدا عنه فى غضب ونفور ،يجلس يتذكر ما فعله مع سيلا ، وقرر ان يعوض سيلا عن ما سببة لها من اذى .

فى الصباح الباكر يستيقظ وليد ويذهب ليقف بسيارته امام منزل سيلا ؛فاليوم الجمعة وقد توقع ان تخرج سيلا لكى ترفهه عن ابنائها. وقد صدق حدسه حيث شاهد سيلا وهى تخرج من باب البناية ومعها ابنائها وتستقل تاكسى ،يسير وليد وراء التاكسى ويجده يذهب الى مدينة الملاهى.

تدخل سيلا مع ابنائها يتبعهم وليد يظل يتابعهم من بعيد حتى حانت له الفرصة وفى الزحام الشديد تقدم منهم وهو يقول

وليد بدهشة مصطنعة : سيلا ! اذيك انتى بتعملى ايه هنا ؟

سيلا بدهشة حقيقية: بفسح العيال .. انت ايه اللى جابك هنا ؟

وليد وقد فوجىء بالسؤال :ابدا كنت مع اصحابى وجايين نروشن شوية ،فلقيتك سبتهم وجيت لكم .

ينحنى وليد الى سيف ونوران ويسلم عليهما فى ود شديد ،وتحرج سيلا وهو يقف معهم لتجده سيبقى معهم .

يذهب وليد معهم ويلعب مع سيف ونوران اغلب الالعاب، وتشعر سيلا بالحرج الشديد والضيق لوجوده معهم هكذا ؛كما انها تخشى ان يعلم اسلام ويغضب منها ..

يمر اليوم بسلام ويستمتع سيف ونوران كثيرا بالحديث واللعب مع وليد، وكذلك وليد سشعر بالسعاده فى قضائه كل هذ الوقت معهم ..

يقوم وليد بإيصال سيلا للمنزل ويتركهم ويمضى .

اصبح وليد يتقرب من ابناء سيلا ،ويقوم بتنزيههم فى ايام الجمع والاجازات فى اماكن

مختلفة ،واحضر لهم العديد من الالعاب الالكترونية ؛التى فرح بها سيف كثيرا . ولم تستطيع سيلا ان تبعد وليد عن ابنائها ،تشعر بإختراقه لهم ولحياتهم ،ولكنها حقا لا تعلم ماذا تفعل معه .

تخشى من معرفة اسلام بذلك ومن رده فعله، وفى نفس الوقت كانت فى الكثير من الأحيان ترفض الذهاب معه فى اى نذهه وتتعلل .

وليد يريد ان يعوضها عن معاملة اسلام السيئة لها ،وفى نفس الوقت قام بإنفاق كل المال الذى اخذه لإيذاء سيلا عليها هى وابنائها.

يمر شهر ولا يحضر اسلام لشقة سيلا ولا يحضر ابنائه ،كذلك لا يتصل بها هاتفيا للاطمئنان عليها . هو فى قرارة نفسه لا يعلم لما هو غاضب منها ،اصبح يشغل نفسه فى العمل لعله يبعدها عن تفكيرة ولكنه ظل مشغولا بها ،يتردد كثيرا فى ان يطلبها او حتى يراها فى الشركة .

يجلس اسلام فى منزلة ويستمع لصوت طرقات على باب مكتبة ،يدخل كلام من عز الدين ورنا ؛باكيان ،يدهش اسلام من منظرهما يعتدل فى جلسته ويسألهما عن سبب بكائهما .

عز الدين بحزن :ماما ضربتنى علشان بقولها عايز اروح عند طنط سيلا العب مع سيف ونوران .

يهب اسلام واقفا فى غضب ويقترب منهما ويأخذهما فى حضنه ويقول :

-انت عايز تروح لهم امتى ؟

عز الدين بسرعة وبفرحة :ياريت بكرة يا بابا او حتى دلوقتى .

ينظر السلام فى ساعته يجدها السادسة مساء وغدا الجمعه، فيقول لهما :خلاص البسوا وتروح لهم دلوقتى …

يفرح الصغيران كثيرا ويتقافزان عليه فى حب وفرحه ويقبلانه بنهم وسط صراخهما الطفولى ويبتعدان عنه ويجريان بسرعه لتبديل ملابسهما .

فى حين اسلام اخذ ينظر فى اثرهما وهما يركضان بسعاده عكس ما دخلا اليه .

يدخل اسلام بسرعه الى غرفته ويبدل ملابسه ويرتدى حلة انيقة ويعطر نفسه وينظر لنفسه فى المرأه وهو سعيد ويأتى الاطفال ..

عز الدين بتزمر :يلا يا بابا احنا خلصنا .. بسرعة بقى قبل ماما ما تيجى .

اسلام وهو ينظر له بدهشة ،ثم يبتسم ويقول :

على رايك يلا بسرعة .

ويخرجان بسرعه ويركبوا السيارة متجهين الى منزل سيلا وجميعهم سعداء .كان اسلام ايضا سعيدا مثلهما ؛يريد فرصة لكى يرى سيلا ولكن لا يعلم كيف، يعلم انه اغضبها ،وحاول ان يتجنبها ليعاقبها ولكنه ادرك انه كان يعاقب نفسه ايضا .

ينظر اسلام الى عز الدين ورنا وهما يتحدثان فى سعادة عن ماذا سيفعلان مع سيف ونوران ولم يدك انه كان اكثر منهما سعادة لذهابه الى هناك .

يصلوا الى منزل سيلا ويطرق اسلام الباب وهو سعيد ومتوتر ؛لايدرى كيف ستستقبلة سيلا .

يفتح الباب وينطلق الصغار بفرحة وهما يهللان ويسلمات على سيلا التى اخذتهما فى احضانها وقبلتهما بحب وسعادة وانضم لهم سيف ونوران ،ثم ذهبوا للداخل ،وظل اسلام ينظر لها ،وهى تنظر له فى ارتباك واضح ،حتى قطع الصمت بهمس منه

اسلام : ادخل

سيلا بهمس :اتفضل .. دا بيتك

يدخل اسلام ويغلق الباب ، سيلا وهى تقف تنتظره يمشى لتمشى وراؤه ولكنه رفض وأصر ان تسير هى امامه.

تدخل سيلا الى الردهه ، وتلتفت له وتشير الى مقعد

سيلا بحرج وهمس : اتفضل

اسلام وهو يجلس: شكرا

سيلا : تحب تشرب اية ؟

اسلام :قهوة

سيلا وهى تنظر فى الساعة وتقول : دلوقتى .. مش غلط كدا ، هعملك شاى احسن ،بلاش قهوة؛ علشان تعرف تنام .

اسلام وهو يومىء لها براسه :تمام خليها شاى .

تذهب سيلا للداخل وتعد الشاى وتحضره مع طبق من الكعك تضع الصينيه ،ويمد اسلام يده ويأخذ قطعة كعك ويتذوقها وهو ينظر الى سيلا .

اسلام هامسا : تسلم ايديكى …

سيلا بحرج : شكرا ليك.

اسلام وهو يرتشف رشفات من الشاى مع قطع الكعك وعيناه لك تحيد عن وجهه سيلا ،يتأمل كل قسماتها ،وهى ترتجف من نظراته ،لا تعلم سر رجفتها تلك، تشعر بالامان فى وجوده ولكنا لا تعلم لما تخاف منه او ترتجف كلما تلاقت عيناهما معا.

اسلام وهو يجلى صوته :سيلا .. انا اسف على اللى حصل مني فى المكتب . فعلا اسف .

سيلا وهى ترفع عيناها له ،لتتلاقى عيناهما معا وكانه كان ينتظر شعاع الشمس ليحوطه، وكأنها كانت تنتظر لتلك النظرة لتشعر بذاك الدفىء الذى يسرى فى جسدها.

يظلا ينظران لبعضهما لفترة حتى ينتفضات على صراخ الاولاد وبكائهم برعب ،تجرى سيلا و اسلام للداخل لغرفة الاطفال ،لتتوقف سيلا متجمدة وهى ترى سيف ملقى على الارض والدماء تغطى وجهه و ينحنى اسلام متفحصا سيف يقطع قطعة قماش ويربط رأس سيف ويحملة وينهض

وهو يصرخ بالجميع :

ورايا على المستشفى.

يجد سيلا تقف ولا تتحرك يمسك يدها ويأخذها معه وتسير سيلا وهى ترتجف معه ..

يضع اسلام سيف على ارجل سيلا وهى جالسة بجواره و باقى الاطفال يبكون فى الخلف …

اسلام وهو ينظر للاطفال فى الخلف : حصل ايه ؟

عز الدين : ابدا كنا بتلعب وهو نط وقع على سيف السرير واتعور ..

اسلام فى نفسة : يا رب جيب العواقب سليمه، يختلس النظرات الى سيلا التى تحتضن ابنها وتبكى وينظر الى الطريق ويقود بسرعة اكبر حتى يدخلوا المستشفى و يقوم الطبيب بفحص سيف وادخاله للاشعة ثم العمليات .

امام غرفة العمليات تنهار سيلا وتجلس امام الباب على الارض تبكى وترتعش ،يخلع اسلام جاكيت بذلته ويضعه عليها ويمسكها لتقف معه فى انهيار يريت عليها وبدون اراده منه او منها يأخذها بين ذراعة وهى تبكى مستسلمه له ، اخذ اسلام يريت عليها وهى تبكى فى الم .

اسلام هامسا : ان شاء الله هيبقى كويس ،متخافيش .

فى ذلك الوقت كانت سيلا فى اشد الاحتياج لمن يأخذها فى حضنه ،كانت تفتقد لماذن وحضنه الدافىء ،وعندما ضمها اسلام ووجدت الدفىء بين ذراعية شعرت انه ماذن . حتى تحدث اسلام ، فتنتفض سيلا من بين ذراعية وتنظر له وهو لايزال محيطا بها بذراعيه وينظر لها فى دهشة ،تدرك ان من يقف امامها اسلام وليس ماذن ، فتبتعد عنه بسرعة مردده

سيلا بخجل وصدمة :اسفة …انا اسفة … بجد اسفة

ينظر لها اسلام بدهشة حقيقية ،ولا يتحدث .

يخرج الطبيب ويهرول اليه الجميع .

الطبيب : الحمد لله عملناله بس خياطه تجميلية بسيطه والحمد لله مفيش اى حاجه فى الجمجمة ؛لا كسر ولا شرخ … يفوق من البنج ويخلص المحلول وممكن تروحوا … الف حمد الله على السلامه.

انا هكتب له دوا مسكن الم وخافض للحرارة ،لان احتمال الحرارة يتطلع . فمتلقوش .

اسلام بإمتنان :الف شكر ليك يا دكتور

سيلا بلهفه :طب هو فين دلوقتى ؟ طب هو فاق ؟

الطبيب مطمئنا لها : هو راح غرفته ، وفاق نوعا ما ..

تذهب سيلا ولاطفال ومعهم اسلام لغرفة سيف؛ الذى يفوق من البنج ويبدا الحديث مهم بهمس وضعف شديد …

بعد مضى فترة من الوقت يرجع الجميع الى المنزل فى منتصف الليل ويدخل الاطفال للنوم بعد ان أعدت لهم سيلا العشاء وشربوا اللبن ،وظل سيف فى غرفتها و اسلام يقف فى الشرفة يدخن سيجارة تلو الأخرى ،فى توتر بالغ ،يحاول ان يهدأ من نفسه ،ان يعرف ما هذا الذى يحدث له ولكنه لا يعرف …

مش هتأكل حاجه : كان ذلك صوت سيلا وهى تتحدث بحرج ..

يلتفت لها اسلام وهو ينظر لها ويقول : انتى كلتى

سيلا وهى تحرك رأسها رفضا وتهمس : لا

اسلام وهو لا يعلم لماذا يشعر بكل ذلك الشعور الغريب فى وجودها فيقول : مش عايز اكل

سيلا :طب اجيبلك سندوتش حتى

اسلام وهو يعطى لها ظهرة : مليش نفس ،الا لو كنتى هتاكلى معايا ..

سيلا : ماشى .

اسلام بدون النظر لها : طب تمام .. هاتى

اذهب سيلا الى المطبخ وتعد سندوتشات وكوب من الشاى باللبن وتضع الصينيه على المنضده ولا يزال اسلام هائما فى نظراته للخارج . تتنحنح سيلا وتقول:

السندوتشات يا اسلام …

للمرة الاولى التى يسمع اسمه منها ،منذ ان تزوجها ،لا يعلم لما تخفق دقات قلبة هكذا ،يغمض عينيه ويفتحهما ويلتفت لها ،يجدها تقف امامه وهى تحمل طبقا لها و تقول :

-انا هروح اقعد جنب سيف و…

اسلام مقاطعا لها : ماشى

تبتعد سيلا وتدخل غرفتها وتترك الباب مفتوحا وتجلس بجوار سيف ولا تأكل شيئا. ..

بعد وقت قليل ترتفع درجه حرارةسيف ،فتنادى سيلا على اسلام الذى يدخل سريعا للغرفة ويقف بجوارها وهى تجلس وتنظر الى سيف

سيلا برعب :الحرارة عالية اوى اعمل إيه هو واخد جرعه قبل كدا،؟

اسلام بهدوء: خلاص هاتى نعمله كمادات ميه ساقعة .

تنهض سيلا بسرعة وتخبط به ولا تهتم وتذهب الاحضار طبق مملؤ بماء بارد وبه قطعه قماشى

وظلا يتبادلا وضع الكمادات حتى نزلت الحرارة ،وعندما اطمئنت سيلا لذلك غافلها النوم ونامت وهى تحتضن سيف ،ويظل اسلام ينظر لها وهى نائمة وتحيط بسيف بجوارها. ولم يدرى كيف نام هو الاخر

فى الصباح الباكر تستيقظ سيلاوتجد نفسها تنام وهى ممكسكة بسيف واسلام ينام فى الجهه المقابلة لها من السرير ويداه تحيطان بسيلا وسيف …

ترتجف سيلا من ذلك الوضع وتحاول ان تزحزج يد اسلام عنها ،فيستيقظ اسلام ولكنة يتظاهر بالنوم. سيلا بهدوء حتى خرجت من بين ذراعة وخرجت بسرعه من الغرفة …

استيقظ اسلام بعد خروج سيلا،وجلس على السرير يبتسم ثم تفقد سيف واطمأن من ثبوت درجه الحرارة ، ينهض ويذهب للردهه .

فى المطبخ كانت سيلا تعد الفطور وهى منشغله الذهن ،كيف تنام فى وجود اسلام ؟وكيف تستيقظ لجد اسلام يحيطها هى وسيف بذراع والذراع الاخرى موضوعها على يدها . خجل وغضب مع قشغريره تسرى فى جسدها ،مع حنق بالغ وسخط من نفسها. ..

يجلس اسلام فى شرفة الردهه ويشعل سجائره ينفث فيها غضبه وفى الوقت ذاته لا يعلم ماسبب كل تلك المشاعر ؛فيرجأها امتنان فقط لانه وقف معها .يستيقظ الاطفال ويذهبون الى سيف للإطمئنان عليه وتذهب نوران لسيلا غى المطبخ تصبح عليها .

تعد سيلا الفطور ويفطر الجميع ويتهىء اسلام لصلاه الجمعة ولكن سيلا توقفة

سيلا : اسلام ، هتروح تصلى والبدلة كدا ، وتسير الى بقع الدم المطلخه بها قميصة وجاكيت بدلته .

اسلام وهو ينظر لنفسه ويقول : هروح البيت اغير واصلى .

سيلا : وهتمشى كدا فى الشارع ، ميصحش .

تتردد فيما تريد ان تقوله ولكنها تقول بخجل : ممكن اجيب لك قميص وبدلة من بتوع ماذن الله يرحمه .

اسلام مقاطعا لها وبعزم : لاء … انا هروح اغير واصلى وأجى. ..

يذهب اسلام بسرعة من امامها وهو غاضب بشدة ،لا يعلم لما هذا الغضب ؛حقا مندهش من غضبة فقد كان منذ بحظات هادىء ،سعيدا بالحديث معها .

يصل اسلام لمنزله ،ويدخل غرفة نومه يجد شيماء نائمة، فيغتسل ويبدل ملابسة وينظر لها ساخرا وينشى بسرعة الى الصلاه …

يعد الصلاه يعود اسلام الى منزل سيلا وهو محملا ببعض الاطعمه والفاكهه والعصائر .فى ذلك الوقت كان وليد يفق بسيارته امام منزل سيلا ويرى اسلام وهو يدلف الى البناية محملا باكياس كثيرة ،يظل منتظرا لخروج اسلام اسلام ولكنه لم يخرج .تمرة ساعة وراؤها ساعات كثيرة ووليد قد مل من الحلوس فى السيارة منتظرا ذهاب اسلام وخروج سيلا والابناء .ولكن ذلك لم يحدث ،ايقن انهم لن يخرجوا اليوم وسوف يقضى اسلام اليوم مع سيلا وابنائها، فتحرك بسيارته مسرعا .

يقضى اسلام اليوم معهم ويبدأ سيف فى الخروج من غرفة سيلا واللعب مع اخواته ولكن بدون حركه كثيرة . ينقضى اليوم بسلام وسيلا تتلاشى النظر والتواجد مع اسلام ،وكذلك هو. كلاهما يشعر بشىء ولا يعلم ما هوا ..او لماذا هو ؟

فى المساء يعود اسلام الى منزله ومعه ابنائه فرحين ،يدخل الطفلان الى غرفتهما ويبقى اسلام فى مكتبة . يفكر اسلام كثيرا فيما حدث سيف واصابته ،سيلا وانهيارها ،وجودها بين ذراعية ،نومها أمامه، خجلها منه ، لمسته ليدها ،حتى تلك الابتسامه التى ارتسمت على وجهه الان من تذكر هذا كله لا يعرف لها سببا ، كل شىء يمر امامه وذلك الاحساس فى داخله الذى لا يعرف له وصف او اسم كل ذلك جعله يشعر بالتوتر . يمسك اسلام هاتفة ويتحدث مع سيلا ،وما ان سمع صوتها حتى لانت ملامحه ..

اسلام بتوتر : كنت … كنت طالب بس علشان اقولك متجيش بكرة الشركة ؛خليكى جنب سيف لحد لما يبقى كويس .

سيلا بهدوء : حاضر

اسلام بهمس : مش عايزة حاجة .

سيلا : لا شكرا

اسلام بتردد : طب … طب تصبحى على خير .

سيلا : وانت من اهل الخير.

يغلق اسلام الهاتف ويذهب للنوم ويجد ان شيماء ليست فى غرفة النوم …

يشعر بالغضب الشديد منها ويتصل عليها

شيماء وهى تجلس وسط صديقاتها :الو ، ايوة يا اسلام

اسلام بغضب :انتى فين يا هانم ؟

شيماء بهدوء وهى تنظر لاصدقائها :فى النادى

عيد ميلاد …

اسلام بحزم وغضب وبصوت عالى : دقيقة واحدة وتيجى هنا البيت ،سيبى كل اللى عندك وتعالى

شيماء بقلق : فى ايه يا اسلام .

اسلام بسخرية : لما الهانم تيجى هقولك .ويغلق الهاتف .

تكمل شيماء قائلة : حاضر يا حبيبى جيالك حالا ..سلام يا حبيبى

تنظر لها صديقاتها ويضحكن ،ويشرن لها بالذهاب وكل منهمن تلقى لها الطلمات من ان اسلام لا يقوى على بعادها ،وكيف يكون الزوج وسط ضحكه شيماء لهن .وفعلا تذهب شيماء بسرعة للمنزل ،وتجد إسلام منتظرا لها فى الردهه .

تذخل شيماء بسرعة وتقول : ايوة يا اسلام فى ايه للحدة دى فى الكلام .

اسلام والغضب يتطاير منه :فى ايه؟ فى ان الهانم باجى البيت وهى نايمه واخرج وهى نايمه وارجع وهى بره ،انتى تعرفى ايه عن البيت ،تعرفى ايه عن الولاد ،تعرفى

شيماء مقاطعة له بحده : البيت فى الخدامين اللى شغالين فية ،كل شىء ماشى تمام ،والعيال ليهم داداتهم فى ايه بقى ؟

اسلام بغضب وهو يقترب منها ويمسك ذراعها بغضب ويشدها معه لداخل غرفتهما ،وما ان دخلاها حتى القاها بقوة و عنف على الاريكه ،تجلس شيماء وهى تمسك يدها من موضع يد اسلام وتدلكها ،يقترب منها اسلام وتنظر فى عيناها ويقول:

فى ان انا وولادى مبتناش هنا امبارح وانتى متعرفيش ،جيت وخرجت ولبست وانتى محستيش ، حتى سبت لك هدومى هنا وكان عليها دم وانتى مهتمتيش .

يعتدل فى وقفته ويكمل : انتظرت انك تكلمينى تسالى عليا او حتى تطمنى على ولادك اللى النهارده الجمعة ويوم اجازتنا وانتى مخدتيش بالك من دا … اية هو احنا هوا ولا إيه؟ مش من ضمن اهتماماتك ولا ايه ؟

شيماء وهى تقف امامه ،لا تعرف ماذا تقول فهى حقا لم تهتم لكل ذلك : انا … انا قلت انك خدت الوااد وروحت للحاج فى البلد .

اسلام وهو يحرك راسه نافيا ،ويكمل بسخرية : لا … مرحتش البلد . كنت عند سيلا بولادى .

يعلم انه سوف يغضبها ويثير غيرتها ، كان يقول كلماته الاخيرة وهو يتلذذ برؤية حدقاتاها وهما تكادان ان تخرجان من مكانهما من شدة الغضب والدهشة ،ولكنه كان يريد ايلامها مثلما تؤلمه هى بإهمالها ؛يريد ايقاظها من غفل الاهمال الى الاهتمام . لا يعلم لماذا يفعل ذلك او لماذا تمرد على ذلك الوضع المستقر منذ سنوات ولكنه حقا كان يريد ايلامها ويقظتها له ولابنائه .

شيماء بدهشة وغضب وغيرة :انت بتتكلم جد ،انت بت عند سيلا ، ليه ؟

اسلام بلامبالاه متعمدا : مش مراتى ،عادى اروح وابات عندها .

ظلت تنظر له فى عيناه لكى تستكشف صدقة من كذبة ،وعقلها بفكر بسرعة ويحلل كلامه ،حتى تصل لنقطة ،فتلمع عيناها وتضحك ضحكه انتصار، توصلت انه يتعمد مضايقتها ،هو ذهب لسيلا ومعه ابنائه لم يذهب لها كزوج بل ذهب لها لرؤيه ابنائها … لم يحدث شيء بينهما

يعجب اسلام من ذاك المعان فى عينى شيماء والذى ظهر بعد ان كان الغضب يملكها ؛وتلك الضحكة وتلك الراحة التى ظهرت على وجهها ،وهو لا يعلم سببا لذلك .

جلست شيماء فى هدوء بينما وقف اشلام مندهشا من هدوءها ،ومن تبدل حالها وقالت : كنت هناك بولادى ليه ؟

اسلام مرة ثانية وهو يتعمد اغضابها : قلت لك مراتى وعادى انى ابات عندها ..

سيماء ضاحكة : وخدت الولاد معاك علشان يشوفوا ولاد عمهم صح .

فى المقطع الاخير من كلامها تعمدت الضغط على حروف كلمه عمهم، حتى تبين له انه عما لهم فقط وليس زوج امهم او والدهم وان حيلته قد كشفت .

تنهض شيماء وتتجه للحمام وسط دهشة اسلام منها ومن بردودها فيخرج من الغرفة ويبقى فى غرفة مكتبة حتى الصباح .

فى الصباح …

يذهب اسلام للشركة ويجد وليد منتظرا له فى مكتبه .

اسلام مندهشا : فى ايه يا وليد ؟ فى حاجه فى الشركه ؟

وليد بقلق واضح : لا مفيش حاجة فى الشركه ،بس سيلا مجتش النهاردة وانا …

كان يريد القول انه يحاول ان يكلمها ولكنها لا ترد على اتصالاته ،ليقاطعه اسلام .

اسلام مقاطها له : مش هتيجى لمده كام يوم كدا .. واخده اجازة وقالت لى .. فى حاجة تانية ؟

وليد وهو يسأله بإهتمام : انت كنت عندها امبارح ؟

ينظر اسلام له بدهشة ولكنه يظن ان شيماء قد اتصلت به وبلغته بما حدث من مشاجرة البارحة معه .

اسلام بهدوء : ايوة كنت عندها وبايت كمان ،فى مشكلة

وليد وقد ظن ان اسلام تضايق من سؤاله فرد بتوتر : لا ابدا .. انا … انا اسف .. طب هى هتيجى امتى ؟

اسلام وهو ينظر الى الاوراق الملقاه على مكتبه : احتمال بعد يومين ثلاته كدا او الاسبوع اللى جاى. .براحتها .فى حاجة تانية .

وليد وهو يقف ويهم بالخروج : لا مفيش حاجه . عن اذنك .

لا يعلم اسلام ما سبب تصرفاته ولا لماذا تشاجر مع شيماء … ولكن كلمه شيماء من انهم ابناء اخيه وهى زوجه اخيه جعلت ضميره يؤنبه و قرر ان يكتفى بالاتصال على سيلا ولن يذهب لها المنزل ثانية ؛سيكتفى بالحديث والسؤال على سيف حتى يطمئن علية .ولن يذهب لها او حتى يحدثها فى الهاتف ….

يتبع..

لقراءة الحلقة العاشرة : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

نرشح لك أيضاً رواية عنيد غير حياتي للكاتبة لبنى عبدالعزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى