روايات

رواية ملاذي وقسوتي الفصل السادس 6 بقلم دهب عطية

رواية ملاذي وقسوتي الفصل السادس 6 بقلم دهب عطية

رواية ملاذي وقسوتي الجزء السادس

رواية ملاذي وقسوتي البارت السادس

ملاذي وقسوتي
ملاذي وقسوتي

رواية ملاذي وقسوتي الحلقة السادسة

“افتحي بوقك ياورد يلا …”تاففت حياة بإرهاق من تصرفات ابنتها وعنادها …

ردت عليها الصغيرة برفض…
“مش عايزه ياماما ، انتِ عارفه إني مش بحب شوربة الخضار دي “

حاولت إقناعها قائله بهدوء ..
“الخضار ده مفيد عشان تكبري بسرعة وتبقي قويه كده وسط صحابك …”

فتحت فمها الصغيرة بإمتعاض قائله
“ماشي بس معلقتين بس ….”

“واتنين كمان عشان خاطر ماما …”ردت حياة عليها وهي تطعمها بحنان ..

ابتسمت الصغيرة وبدات بإلتهام الطعام بعد ان شعرت ان مذاقها ليس سيىء…..

دلف الى بهو الفيلا ورأى حياة تجلس بها وتطعم ورد بحنان أمومي بالغ …

ظهر أمامهم ثم جلس على مقعد قريب منهم وظل يراقبهم بصمت حاولت ان تبتعد عينيها عنه
فبعد مرور يومين آخرين على حديثهم معاً لم
يكن بينهم كلام إلا إذا طلب منها شيء وكذلك
هيَ ..

قاطع الصمت هتاف ورد الطفولي قائلة …
” عمو سالم هو انت نسيت اتفقنا إمبارح ؟..”

ابتسم لها ودقق في ملامحها الذي تشبه امها كثيراً
ثم رد عليها بهدوء ….
“لا اكيد مش ناسي بس لازم تجهزي عشان كمان ساعتين هنروح الــ………”

هتفت حياة باستنكار وهي تنظر لهم….
“إتفاق إيه انا مش فهمه حاجه ….”

ابتسم سالم عليها وهو يقول بصوت عذب حرك
شيءٍ بداخلها…
“هنروح الملاهي تيجي معانا ….. “

بلعت ريقها بتوتر وهي وهي تقول بخفوت…
“أكيد….عشان ورد….”

نظر لها والى عينيها البنيه لبرهة قبل ينهض مع على مقعده قائلاً بغطرسته المعهودة معها…..
“اعمليلي قهوة ياحياة….وطلعيهالي على اوضتي…”

تاملته للحظات بهيئته ووقفته وكل شيء به يربكها بشدة ويعلي نبضات قلبها بصوره ملحوظه….

دققت به اكثر واكثر بتأمل…. هو فارع الطول جذاب يمتلك صدر عريض ممشوق ، ذراع مفتولة بالعضلات تظهر منكبيه عريضين مقارنة بخصره النحيف….كان يرتدي ملابس (كاجول)بنطال كحلي وقميص مهندم يدخل به عدة ألوان داكنه أنيقه….كل شيء يليق عليه امّا جلباب او ملابس (كاجول)…..

بعد مدة من تأملها له بكل هذا التدقيق المدروس من عينيها الضالة قد خانتها مشاعرها ككل مره معه
وهي تتمنى بداخلها ان تختبر مدى دفئ احضانه ، وشعورها بعد ان تتوسد راسها صدرها العريض والدفئ والامان التي ستحصل عليه بعد ان يحيط بذراعه القوية جسدها……هل ستكون احضانه
دافئ بعد كل هذا ام باردة وقاسية ككل شيءٍ به؟..
اتسعت مقلتيها مما يراودها نحوه من أفكار وقحة
لا تنتمي لهما معاً…..

وبخت نفسها بشدة على إنحدار افكارها الجائعه بالمشاعر إليه…كلما مر وقت على تلك الزيجه يزيد الخطر اكثر من نفسها وقلبها الذي يخفق حتى الآن بكل تلك القوة…..
___________________________________
وقفت امام غرفته وكانت تمسك بين يداها صنية عليها فنجان من القهوة ….اطرقت على الباب ليسمح لها بالدخول وهو يتنفس بصوتٍ عالٍ وكانه يركض داخل الغرفة ….

دخلت وجدته عاري الصدر يرتدي بنطال قطني مريح من لون الرمادي …وينام على بطنه
ويسند كلتا يداه الأثنين على الأرض ويثبت
اطرف اصابع قدميه الإثنين في لأرض…
اكتشفت بعد هذا المشهد انه يلعب رياضة
(الضغط )
همهمت بحرج قائلة…
” القهوة يادكتور سالم ..”قالتها بحرج وهي تحاول ان تبعد عينيها عنه …

هتف بعدم اكتراث….
“حطيها عندك ! …”

كادت ان تذهب لكنه نادها وهو مزال يمارس رياضته بعنف ولم ينظر لها ولو للحظة ..
“البسي ولبسي ورد عشان كمان ساعه هنروح الملاهي …”

سالته بتردد
“الملاهي بس ؟…”

رد بنفس البرود الذي يمثل شخصيته ، وهو يفرغ شحناته المتأججه بداخله …
“إيه عندك مشكلة ؟..” تافف بغضب ملحوظ.

لم تعرف لما كل هذا الغضب في الحديث معها اى صدر منها شيئاً في خلال تلك الأيام أزعجه بعد
حديثهم معاً على الشاطئ ؟ ….

“مافيش مشكلة فى كده بس كان لأزم تبلغني الصبح على الأقل انا لسه عارفه من شويه تحت..”

رد عليها بجفاء برد كاثلج…
“مش فاهم اي المشكله واي السبب يعني… قررت قبلها وبلغتك بعدها عادي يعني ..”

حاولت استيعاب حديثه وتقلبه المفاجئ عليها
منذ الصباح ….
“سالم ، هو في حاجه حصلت مني عشان معاملتك تبقى بشكل ده معايا ….”

“دكتور سالم ، بلاش تنسي نفسك ياحضرية ..”
رد وعيناه تنهال منها بالقسوة ولتحذير حين
نظر لها هذه المرة رمقها بنظره مخيفة قاسية جعلتها
تتمنى أن تبتلعها الأرض من امامه الآن …

خرجت هي من غرفته بعدها بدون اضافة كلمة واحده…..نهض هو بعدها فقد ارهق جسده بتلك التمارين التي كلما شعر بشيء صعب تحمله عليه
إنهال من جسده في تمارين رياضية عنيفة مُفرغ
شحنات غضبه في ممارسات أقوى من الأزم ….

وقف تحت صنبور المياة البارد ليطفئ نار جسده وكبرياء رجولته مُتذكر حديثها عبر الهاتف منذ
ساعة ونصف حين دلفت الى المطبخ لتحضر
له فنجان من القهوة حسب طلبه منها ..مر بصدفة
امام المطبخ بعد إجراء مكالمة مهمه عن العمل
سمع حديثها الذي شل تفكيره وجسده عبر الهاتف
“اكيد مش هسمح بتجاوزات بينا ! …”
صمتت قليلاً لتسمح للمتحدث بالحديث
ثم ردت بعدها بحدةٍ قائلة…
“ريم الموضوع خلصان بنسبالي… حتى لو اتكلمنا وتفقنا مع بعض على كل حاجه….إلا الحاجه دي
مش هقدر اعملها معاه……”
ثلعثمت قليلاً وهي تقول ..
“وحتى اذا وفقت وحصل بينا حاجه….
مش هستحمل اكون ام ولاده مش هستحمل
يكون في بينا ولاد واحنا في بينا كل الخلفات دي مش هقدر ياريم صعب…. وصعب تفهميني لانك
مش مكاني …”

كور كف يده بغضب من ثرثرتها مع ابنة عمه عن حياتهم الخاصه وحديثهم معاً وصل لها ..اقسم داخله
انها ستندم على كل ما تحدثت به واقسم انه سياتي اليوم التي ستتمنى قربه منها وهو الذي سيرفضها بجفاء قاسي !…

خرج من الحمام وهو يلف حول خصره المنحوت منشفه طويلة قطنية …بدا في تجفيف وجهه وشعره بمنشفة اخره صغيرة امام المراة ..

دخلت حياة عليه بدون استئذان وهي تبحث بضيق عن شيئاً ما …
نظر لها قائلاً ببرود وهو يتطلع على نفسه عبر المرآة….
“بتلفي حولين نفسك كده ليه ..”

بدات تبحث على الفراش وتحت الوسادة الكبيرة ولم تنظر له فقط ردت وهي تبحث بعينيها بإهتمام
“اصل فردت الحلق وقعت مني الصبح ولسه
واخده بالي منها ….”

فتح درج التسريحة وأخرج القُرْط منه رافعه بين يده أمامها بفتور…”هي دي …”

“لقتها فين …”قطعت المسافة بينهم واقفه امامه ثم مدت يدها لتاخذها منه ولكن رفع يده للأعلى
قائلا بخبث….
“بلاش تتعبي نفسك قربي عشان البسهالك… “

توترت وارتعد جسدها قليلاً مع إرتفاع سرعة نبضات قلبها…
هتفت بتلعثم بعد ان اكتشفت انه عاري امامها ولا يرتدي غير هذه المنشفة الكبيرة حول خصره المنحوت وشعره المبلل تنحدر بعد قطرات الماء على صدره العريض و ذراعه …
“انا من رأيي كمل انت لبس لان انا قربت
اخلص و….”

“هششش ، اثبتي …”مال عليها بهدوء ومسك شحمت اذنيها بين اصابعه ليداعبهم بيده بمكر

ابتلعت ريقها بتوتر وضعف من جرأة لمسته
بدا بوضع القُرْطُ لها ببطء وانفاسه الساخنة
تداعب عنقها باصرار ، شعرت بتخدير عقلها قبل…
جسدها وهذا الضعيف ينبض بداخل ضلوعها
بكثرة شديدة …

بعد ان انتهى باغتها بقبله حانية على جانب عنقها
ولم يكتفي بهذا بل حاصر خصرها وزاد قشعريرة جسدها بضراوة حينما امتلكها بكلتا يداه القوية، كانت تريد ان تهمس بإعتراض ولكن صوتها اصبح ضعيف من آثار ما يفعله بها وتلك الحركات
الخبيرة بفقدانها هوايتها امام أفعاله المدروسة….

“اللعنه ” صاح عقلها بها بعد ان أدركت انها اصبحت في لحظةٍ من الضعف تريح جسدها على الفراش
و المخجل في الأمر انه تركها سريعاً مُبتعد عنها بمنتهى البرود
“ياريت تقومي تكملي لبسك لأن مافيش
وقت قدمنا “

اتسعت مقلتاها بصدمة وهي تراه يدلف مره اخرة الى الحمام بعد ان احضر ملابسه ..

علق ملابسه ونظر الى نفسه عبر المرآة امامه
بقسوة وجفاء
“أنتِ اللي بدأتي ياحياة أنتِ اللي بتجبريني اوريكي وشي التاني… اقسم بالله كنت ناوي اعملك بما يرضي الله بس بعد مكالمتك دي وكلامك عني انا اللي هقربك بطرقتي وهبعدك برضو وقت ما حب…. ”
……………………………………………………
دلفت داخل السيارة بجوار سالم بعد ان وضعت
ورد في مقعد السيارة من الخلف ….

“اربطي حزام الأمان …”تحدث وهو ينظر امامه ببرود …..

مسكت حزام الأمان وحاولت وضعه ولكنها لأ تعرف اين كان عقلها وهي تحاول وضعه …
لتجده يميل عليها في لحظة شرود منها ، رفعت عينيها عليه بصدمه لتحدج بوجهه الرجولي عن قرب احتلى وجهها حمرة الخجل…. ازدرات
مابحلقها بتردد” انت بتعمل إيه يــ ..”

هتف بها بصرامه حادة …..
“مش هستناكي كتير ياحضريه ، متأخرين ..”

“انت بتكلم معايا كده ليه انـ…”

“ماما !….”هتفت ورد بخفوت ونظرت ببراءةٍ يصحبها الريبه نحو والدتها …

التفت سالم الى ورد ونظر لها بحنان بالغ تغيرت ملامحه في لحظةٍ لها هي فقط !..
“متخفيش ياورد احنا بنتكلم مع بعض…
ولا اي ياحبيبتي …” نظر الى حياة بتحذير
وابتسامة صفراء ….

اومأت الى ورد قائلة بإقتضاب
“ااه بنتكلم ! مافيش حاجه ياورد ..”

نظر سالم عبر مرآة سيارة أمامه وهو يقول بحبور ناظراً الى الصغيرة بمحبة ..
“يلا ياورد الجوري عشان قدمنا فصحه جامده
في الملاهي هااا مستعده يأميرتي ..”

ابتسمت الصغيرة بسعادة وحماس وكد تناست خوفها من صوت حياة العالٍ منذ قليل ، لترد عليه بسعادة طفوليه “مستعدى ياعمو …”

“لو تقوليلي بابا هيبقى احلى… اي رايك ليقه عليه
بابا ولا عمو …”قالها وهو يبتسم اليها بحنو…

ابتسمت ورد قائلة بسعادة …..
“اكيد بابا…… انا بحبك اوي يابابا..”

رد عليها بحنان وهو يحرك مقود السيارة

“وانا بحبك اوي ياروح بابا ..”

نظرت حياة لهم بحزن ، نعم سالم يعطي ورد الكثير والكثير من الحنان ولإهتمام وكآن والدها لا يزال حيا بينهم……من قبل حتى الزواج وهو و ورد ابنتها
في علاقة جيدة مع بعضهم علاقة الأب وابنته التي كلما راتهم (حياة)هكذا تحمد الله على وجود سالم بجانب ابنتها وهذا من أهم الأسباب التي تجعلها تصبر على معاملته لها في الماضي والاتي ان تطلب الأمر فهي تريد لابنتها الأفضل ولا تريد ان تعيش الشقاء التي عاشته في الصغر وحدها !….

وصلوا سوياً الى مدينة الألعاب هناك بعض الألعاب المبهجة للأطفال وايضاً للكبار هي سعادةٍ من نوع خاص مرح ليس له مثيل …

هتفت ورد بحماس…
“واوووو انا عايزه اركب العربية دي يابابا تعاله معايا …”

“وكمان دي رحلوه اوي…”
هتفت حياة باعجاب لارجوحة على شكل قطار يسير بسرعه على منحدرات مرتفعة…..

سألها سالم بإستنكار بعد ان رمق الارجوحة العالية…
“قلبك جامد …”

نظرت له بتحدي قائلة بصلف ….
“اكيد قلبي جامد تحب تشوف بنفسك ..”

اقترب منها ببرود مؤكد تحديها …
“ااه بصراحه احب اشوف ..”

نظرت له بتردد وخوف فهي لم تذهب يوماً لي مدينة الألعاب او حتى تجرب تلك الأرجوحة المخيفه في نظرها ..ولكن هي تعشق العناد امام عيناه الباردة والمجردة دوماً من اي مشاعر …هتفت حياة بتبرير
“طب انا معنديش مشكله ، بس بلاش المرادي
عشان ورد متخافش ..”

نظر لها بهدوء مريب ليقترح بخبث….
“ولا يهمك ورد هتروح تركب مُرجيحه تانيه وهخلي حد معاها ياخد باله منها يلا إحنا عشان عايز اشوف شجعتك ياحضريه …”
اجابته بشجاعه مصطنعه تتطلع على الأرجوحة الدوارة ….
“هااا ، ااه طبعاً يلا بينا بس انت هتيجي معايا ليه
مش مستهله يعني دي مرجيحه…”

وضع سالم ورد على سيارة صغيرة للأطفال
يقودوها الصغار بسعادة في حلبة مخصص لها ..
وضع احدهم بالمال لمراقبة الصغيرة
خلال تلك الربع ساعة …

وقف امام حياة قائلاً ببرود….
“مش يلا بينا ياام ورد …”

“أأ هقولك بس اصلـ..”سحبها معه لصعود بها وهو الى جانبها ….

صعدت بإقتضاب وخوف من تسرعها في شجاعتها
المزيفة امام سالم …

جلس بجانبها ببرود ثم قال بخبث
“مستعد ياوحش ..”
قالتها بكبرياء يخفي أثار خوفها ودقات قلبها سريعة……
“اااه ، امال دا انا هبهرك …”

بدات الأرجوحة بتحرك الأول ببطء فى شعرت
حياه بلإرتياح… ابتسم سالم بخبث لناحيه الأخرى
لتبدأ الأرجوحة بالدوارن بسرعه شديدة صرخ
الجميع بحماس جنوني …وبدأت هي الصراخ
بخوف قائلة بخفوت وظنت انه لم يسمعها ….
“يارب استرها …..انا مكنتش عايزه أركب هو اللي صمم … استرها يارب… “

كبح سالم ضحكته بصعوبة وهو يقول بهدوء..
“متخافيش ياحياة مش هتقعي أنتِ مربوطه كويس في الكرسي …”

بدات الأرجوحة تاخذ وضع الانقلأب في السير السريع لتبدأ حياة بصراخ قائلة وحجابها ينساب
في الهواء بسبب انقلأب جلستها …
“الحجاب هيقع…… هموت بشعري ..”بدأت بقرات المعوذتين بصوتٍ عالٍ….

انفجر سالم ضاحكاً لاول مره من قلبه وهو يحاول ان يهدأ من روعها….
“يابنتي اسكتِ اي الفضايح ديه …”

صرخت بجنون وخوف…..
“ممكن تسكت انتَ ، انت السبب يارتني ماركبت
يارتني …”اغمضت عينيها بقوة ورعب حقيقي…

“انتي خايفه كدا ليه مش انتي وشورتي عليها
وكنتي عايزه تركبيه…”

هتفت بغيظ…
“انا عيله بتسمع كلامي ليه ياكبير ياعاقل بتسمع
كلامي ليه انا عيله …. شكلنا هنموت… “هتفت آخر
جمله برهبه حقيقة بعد ان تضاعفت سرعة الارجوحة…..

حاول التحكم في ضحكاته بصعوبة وهو يقول بخفوت….
“اقسم بالله لاسعه…. ممكن تهدي كده شوي
وهننزل.. “

قاطعته بانفعال …
“اهدى ازاي بقولك شكلنا هنموت ….”

مد يده لها بحنان…
“حياة هاتي ايدك …”

نظرت له قائلة بتوبيخ وغباء….
“عايز ايدي ليه ..لو بتفكر في قلة ادب يبقى انسى
انا هموت على وضوئي …”

حاول التماسك بالصبر أكثر امام حماقتها….
“مش بحب اقول الكلمه مرتين هاتي ايدك ..”

مدت يدها له بضيق من تملكه الحاد حتى في هذا المكان وفي تلك اللحظة ، اختفى كف يدها داخل
كفه الكبير الخشن …هتف لها بحنان
“سيبي نفسك وغمضي عينك وانتي مش هتخافي من حآجه …”

نظرت له بتردد اومأ هو لها بحنان وابتسامة هادئه
تعبث الأطمانينة لقلبها ..”متخفيش انا معاكي…”

تنهدت وامتثلت لأوامره فشعرت بعدها ببعضاً
من الراحه وهي بين يداه..بل والقت خوفها جانباً
لتشعر بعدها انها كالطائر الحر الذي يداعبه الهواء بشدة ليجعله حراً طليق بين السماء الصافيه يمرح ويلهو بدون اي قيود !! هي كانت تشعر بهذه الحرية ولأمان بين يداه التي تتشبث بها بضراوة…..
______________________________________
“المكان حلو هنا اوي يابابا…..هنيجي هنا تاني صح……”هتفت ورد بسعادةٍ وهي تلتهم شطيرة البرجر خاصتها …

ابتسم سالم بحنان لها…
“اكيد ياروح بابا هحاول اعمل اجازه كل فتره كده ونقضي اليوم هنا …”

نظرت له ورد بسعادة و قالت بحماس
“بجد ؟….”
قالت حياة بعفوية في الحديث وبسعادة
لسعادة ابنتها الظاهره امامها ..
“اكيد بجد بابا هيكدب عليكي ليه ..”

رفعت عيناها ونظرت له وجدته يبادلها النظرة ببرود قاسي …يتغير كل دقيقه عن الأخرى إنفصام في شخصيته تقسم انه إنفصام ليس إلا ولكن هذا الإنفصام معها هي دوماً ؟…

نهض سالم قال بهدوء….
“انا هطلع برأ المطعم شويه …”

“رايح فين ..”سالته حياة بتردد

رد بنبرة محتدة….
“هشرب سجاير عندك مانع …”

صمتت بإقتضاب من معاملته لها واكملت طعامها مع ابنتها على مضض…

وقف امام محل صغير يبيع الألعاب مختلفة الاشكال للأطفال ..

مسك دمية صغيرة على شكل عروسة
انيق للحق الغريب انها تشبه حياة بهذا الشعر الأسود ولوجه الأبيض النحيف وعيونها البنية
وشفتيها المكتنزة بها بعض الأشياء من حياة ..
ابتسم بسخرية على نفسه يمكن ان تكون
الدمية لأ تشبه حياة مطلقاً إلا بهذا الشعر الأسود
، ولكن عينيه تراها شبيها لها ..
(اللعنه هل بدات تفقد صواب مشاعرك إتجاه هذه المرأه !؟.)تساءل عقله باستنكار
لم يجاوبه فهو ليس عنده اجأبه على سوأل
صعب التفكير به ..

ابتسمت له البائعه التي كانت تنظر له بعملية
وقالت بجدية…
“تحب تشوف حاجه غيرها لو مش عجبه حضرتك …”

“لا…. هخدها و ياريت تجبيلي عروسه زيها او
قريبه منها …”

اومأت له بإبتسامة رقيقه …

دلف لهم بعد ربع ساعة وجدهم يجلسون بانتظاره جلس على المقعد امامهم قال بحرج ….
“خدي دي ياورد ..”

اخذت منه الصغيرة العلبة لتجدها دمية جميلة للغاية
هتفت ورد بسعادة طفوليه….
“الله حلو العروسه دي اوي يابابا ….”

وضع امام حياة علبه متوسطة الحجم ولم يتحدث
نظرت له بعدم فهم وبدات تحدق به بإستفهام ..

تنحنح بصوته محرج خفي حاول ان يكون بارداً

” انا هحاسب على الكشير خلينا نمشي ..”

ذهب سريعاً من امامها ..نظرت في العلبه المغلفة
لتجد دمية ملفتةٍ للنظر بهذا الشعر الأسود الداكن
وهذه العيون البنية ولوجه النحيف وفستانها
الوردي الفاتح كانت جميلةٍ بطريقة اسعدت قلبها وكانها طفلة في الخامسة من عمرها
ابتسمت بحزن فهي لم تحظى ابداً بتلك الحظة البسيطة من صغرها لم يجلب لها احد بدميه او
ألعاب مثل التي كانت تاتي للاطفال في سنها …

سألتها ورد بتردد وقلق..
“ماما أنتِ بتعيطي …”

مسكت العلبة بين يداها وردت بابتسامة حزينة
“لا ياحبيبتي دى التراب دخل في عيني ..”
مسحت عينيها بطرف اصابعها قبل ان يأتي
سالم عليهم ….وقف امامهم قال بهدوء
“مش يلا بينا قبل ماليل يدخل علينا واحنا
لسه هنا “

ضمت الدمية وهي مزالت في علبتها بين احضانها قائله بنبرة تحمل حزنها ودموعها المتحجرة
“آآه… يلا بينا كفايه كده …”

تطلع سالم عليها وتفقدها للحظات قبل ان يقول بقلق……”مالك ياحياة… انتِ كويسه…”

“ااه كويسه ، مش يلا بينا ..”مسكت ورد بين يدها
وبدات بسير للخارج محاولة ان تلوذ بالفرار من نظراته المتفحصة لها …
___________________________________
التفتت حياة الى ورد في مقعد السيارة خلفها فوجدتها نائمة في سباتٍ عميق ..

ابتسمت بإرتياح وسعادة فقط لأجل سعادة ابنتها بوجود رجل حنون مثل سالم معاهم…

رمقته بنظرة عاديه وجدته ينظر امامه بتركيز ..

تنهدت بإرهاق وهي تنظر الى نافذة السيارة بشرود واتكات على اللعبة الذي بين يديها بإمتلاك…

لم تمتلك هدية من هذا النوع يوماً، دوماً كانت هدايا
(حسن)برغم من أناقة واشكالها الباهظه ثمنا إلا أنها
لم تلمسها وتأثر بها هدية كتلك التي بين يداها

شعور غريب ان يقرأ احتياجها وحرمان الطفولة
رجلاً كسالم شعور غريب وصادم بنسبه لها….

بعد صمت طال لدقائق همست بينهما وبعد
تنهيدة مُتعبه وعميقه منها هتفت اليه وعيناها
متعلقه بنافذة الطريق المجاورة لها…..

“شكراً…… يادكتور سالم …”

لم ينظر لها ولكن إكتفى بهمهمات بسيطة..

ظلت على وضعها هذا بل واراحت راسها على نافذة السيارة السوداء اكثر… وعيناها تسافر مع
الطريق الفارغ مثل قلبها …
“تعرف دي اول مره حد يجبلي هديه تلمسني
بشكل ده……”

رمقها بنظرةٍ عادية لم يرد ولم يجرأ على ان
يرد فهو لا يعرف سبب اختياره لتلك الدمية واعطاها ايضاً إياها لا يعرف وجد نفسه يفعل هذا بدون تفكير وكأنه لمس شيءٍ لم تفحص هي عنه يوماً !…

تابعت وكانها تتحدث مع نفسها بحزن ..
“زمان لم كنت في الملجأ مع البنات اللي في سني كانت دايماً بتجلنا هدايا من المتبرعين الاغنيَا او
اللي حياتهم المادية مرتاحه يعني ، كُنت دايماً لم اعرف اليوم اللي هيجي فيه المتبراعين يوزعه عليا انا وأخواتي اللي في الملجأ الهداية استخبى في اي حته عشان محدش يشوفني لحد مالهدايه تخلص ويمشو وارجع اظهر تاني العب مع اخواتي وتفرج على الالعاب بتاعتهم الجديدة وألعب معاهم واخر اليوم افضل اعيط لحد مانام ، عارف كُنت برفضهم ليه وكنت اخر اليوم بعيط ليه …”

نظر لها بإهتمام تابعت حديثها قائله بلهجةٍ مزالت حزينه يكسوها الحرمان ..
“اكتر حاجه بكرهه من صغري إن الناس تتعامل معايا من باب الشفقه لأني يتيمه !…ولم كنت
بعيط كنت بتمنى الاقي حد يديني لعبه من
اللي زي اخواتي ، بس يدهاني عشاني عشان انا حياة……. مش عشان بنت يتيمه في ملجا…..”

سالها باستنكار واهتمام غريب….
“لدرجادي الهدية فرقت معاكِ وإثرت فيكِ ..”

ابتسمت وهي تنظر له بدموع متحجرةٍ في عيناها
البنية ..”تعرف ان النهارده كان يوم حلو اوي…عشان
حسيت اني رجعت عيلة تاني وعملت كل الحاجات اللي كان نفسي اعملها وانا صغيره…. شكراً… “

اغمض عيناه بقوة وفتحهم مره اخرى باستياء
حديثها أثر به نظرته عنها بدأت بالوضوح
كان يكره كونها فتاة ملجأ… ولكن ما ذنبها في
هذا الابتلاء ان تحيا فتاة ملجأ وتواجه مجتمع
مريض ينظر الى فتاة الملجأ وكانها عاهرةٍ
لا تليق بهم ولا تليق ان تكون منهم يوماً !…
_____________________________________
يستلقون الأثنين على الفراش وعيناهم مثبته على
سقف الغرفة وهناك ضوء خافت ينبعث من تحت
باب الغرفة المغلقة …

كل شخص يبحث داخله عن سبب معين لتصرفاته اليوم …
حياة تبحث عن سبب تصرفها بالحديث الى سالم عن شيء يخص ماضيها وما كانت تشعر به من حرمان والامًا منذ الصغر …

وسالم يبحث داخله بتساءل عن هديته لها ولم هذه الدمية بالتحديد هل كان يشعر بكل شيء يعتريها
وتخفيه بضراوة عن عيون جميع من حولها ؟…

زوبعات من الأسئلة التي تنهش عقولهم بدون توقف
بعد صمت طال اكثر من الازم وكلاً منهم على هذا الوضع….

تحدثت حياة فجأه بهدوء قائلة بتساءل
“هو فعلاً بنات الملجأ بيبقو ولاد حرام …”

نظر لها باستفهام من خلال هذا الضباب المنير ليرى حزنها بوضوح على قسمات وجهها الشاحب قليلاً
من تفكيرها الذي زاد عن حده من بئر الماضي …

رد عليها بجدية ….
“محدش اختار يكون مين لم يكبر انا مخترتش اكون نفسي…… ولا إنتِ اختارتي تكوني
يتيمه….”

عض على شفتيه بتوبيخ لنفسه يجب ان يواسيها
وينسيها كل تلك التراهات اللعينة لكنه للأسف يذكرها أكثر بماضيها الغير مُشرف ..

“عندك حق بس انا دايماً بشوفها في عينك على
طول… بشوف نظراتك ليه عشان عشت في ملجأ ومليش اهل …”

هتف بها بقلة صبر لا يريد ان يرى اوجاعها امام عيناه
مره اخره فضميره لم يصمت للحظة بعد حديثها هذا او حديثها قبل وصولهم ! ….
“حياة بطلي الكلام الاهبل ده انتِ خلاص بقيتي
مراتي وام بنتي وانسي الكلام ده خالص ..”

هتفت له بحدة ، لعلها تقدر على التخلص من ضعفها أمامه فهي تكره تلك الشفقة المنبعثه منه…
“بنتك؟ ، اوعى تكون بتعمل كده عشان شفقه عليا
انا وبنتي إنت عارف اننا مش منتظرين شفقه
منك ..او من غيرك….”

سحبها في لحظة الى احضانه وعلى صدره كانت تريح راسها همس لها بضيق وإمتلاك…
“ولا كلمه ، وااه ورد بنتي ، وإنتِ مراتي لحد اخر يوم في عمري وعقابك عندي ياحضريه انك هتنامي في حضني الليله دي ولو اعتراضتي يبقى جبتيه لنفسك يابنت إسكندريه ، فهمتي ولا اعيد تاني الكلام …..”

لم تنطق بحرف اخر وشعرت انه اصيبت بشلل في كامل جسدها… والغريب ان احضانه التي كانت تظنها باردةٍ مثل معاملته كانت دافئه جعلت قلبها يخونها متمني بقوة ان يعيش ويموت بداخل دفء احضانه ولانغماس أكثر بشعور الأمان الذي يراودها دوماً بقربه …

تناست تلك الجروح التي كانت تخرج ببطء من
صندوق الماضي اللعين بعدما استمعت لاصوات دقات قلبه المنتظمة تحت راسها …لم تشعر بشيء بعدها إلا النوم ….النوم فقط ذهبت له بإرهاق فاليوم كان مرهق بنسبه لها من جميع الاتجاهات….

زفر سالم ما برائتيه بتعب من حديثها وصوتها الذي
ألم قلبه وضع راسه على شعرها وهمس لها بثقه
وهي غافيه ….
“هعوضك ياحياة…..بس لازم اقبل ماعوضك
عن اللي فات ، احسبك على كل اللي قولتي
عني من واريا ……

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاذي وقسوتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!