روايات

رواية أسرار عائلتي الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الجزء الحادي والثلاثون

رواية أسرار عائلتي البارت الحادي والثلاثون

رواية أسرار عائلتي
رواية أسرار عائلتي

رواية أسرار عائلتي الحلقة الحادية والثلاثون

مرّ شهران على كل تلك الأحداث، تمت خلالهما خطوبة أمجد وملاك، وكذلك أدهم وسرين والتي أبلغته بموافقتها بعد أسبوعين تقريبا من ذلك اليوم، وكذلك عادت يمنى إلى عصمة محمد مرة أخرى .. واليوم، يقام حفل زفاف كل من رسلان وبدور، ياسين وعائشة، وأمجد وملاك في حديقة القصر، والتي كانت تعجّ بالحاضرين من أقارب وأصحاب وزملاء ..
إنهالت المباركات على العرسان وإشتغلت الموسيقى ليبدؤوا الرقص، بينما كان أكرم ينظر إلى السعادة البادية على وجوه أبنائه الثلاثة بدمعة تأثر ظهرت في عينيه.
تنهد وهو يمسك صورة ليليا ويوجهها نحوهم قائلا وكأنها تشهد الحفل معه :
– شايفة ولادك يا ليليا ؟ كبروا وأول اتنين منهم اتجوزوا، وآخر العنقود الي شبهك اتجوزت برضه !
نزلت تلك الدمعة الوحيدة على خده فمسحها فورا ثم تابع التحديق في أبنائه بسعادة كبيرة، إمتزجت ببعض الحزن بسبب غياب ليليا عن هذه المناسبة .
وفي زاوية أخرى من الحفل، كان يامن يجلس بجوار دينا وهو يتمعن النظر فيها بدلا من متابعة الحفل، وعندما إنتبهت هي إلى تحديقه بها رفعت حاجبيها قائلة :
– انت بتبصلي ليه ؟
أجاب يامن دون أن يبعد بصره عنها :
– بحس باحساس حلو اوي لما ابصلك، وبصراحة الاحساس ده عندي اهم من الفرح وانا مش عايز اضيع الفرصة .
أخفضت دينا رأسها بخجل ولم تستطع حتى أن تجيبه، بينما أردف هو بتذمر :
– لو كنتِ وافقتِ نعمل الفرح معاهم كانت دخلتنا هتبقى النهاردة !
– يامن، أنا لسه معرفكش ومحتاجة وقت نتعرف فيه على بعض أكتر، يا ريت تقدر الموضوع ده .
قوس يامن شفتيه بضيق لكنه تمتم بإنصياع :
– حاضر .

 

وفي زاوية ثانية، جلس أدهم مع سرين وبراءة على طاولة واحدة وقد كان أدهم يرمق براءة بغيظ، فهي ومنذ خطوبتهما لم تدعهما يجلسان على إنفراد ولو لمرة واحدة حتى شعر أدهم أنها تفعل ذلك عمدا .
غمزت براءة لسرين وهي ترى الغيظ مرتسما على وجه والدها فابتسمت الأخرى وهي ترمق براءة بنظرات شاكرة، فهي من طلبت منها عدم تركهما لمفردهما لأنها بدأت تشعر بالخجل منه حقا وتخشى أن يزيد خجلها بكلمات يمكن أن يلقيها عليها .
زفر أدهم بحنق من نظراتهما التي لم يفهم معناها ثم هتف :
– هتفضلوا ساكتين كده كتير ؟
– هنتكلم في ايه مثلا ؟
قالت براءة وهي تنظر إليه بخبث لكنه تجاهلها وتحدث إلى سرين قائلا :
– احنا هنعمل الفرح امتى ؟
توترت سرين عند سماعها لسؤاله ثم أجابت بتفكير :
– ممكن بعد سنة او اتنين ؟
ظهر الإعتراض على وجه أدهم وصاح نافيا الفكرة :
– لا هي ستة شهور مش أكتر، أنا مش هستنى أكتر من كده .
– لا هي سنة مش هتقل عن كده .
– وأنا قولت ستة شهور !
– وأنا قولت …
قاطعها صوت براءة التي صرخت بنفاذ صبر :
– باااسس ! خلاص صدعتوني !
سكت كلاهما وهما ينظران إلى براءة ثم عادا ينظران إلى بعضهم البعض قبل أن يتحدث أدهم قائلا :
– خلاص هتنازل واخليها سنة، بس مكترش من سنة اوك ؟
أومأت سرين بموافقة وقالت :
– اتفقنا .

– ادخلي برجلك اليمين يا عروسة !
قالها رسلان ببسمة صغيرة وهو يفتح باب غرفته التي غيّر أثاثها بالكامل لتناسب كلاهما، فرفعت بدور طرف فستانها الأبيض ودخلت برجلها اليمنى بعد أن ذكرت اسم الله في سرها ودخل هو خلفها ثم أغلق الباب .
إستدارت إليه بدور تنتظر منه أن ينطق بأي كلمة، لكنه قبل ذلك إقترب منها وقبّل جبينها بحنان ثم إبتعد قائلا :
– مبارك .
– الله يبارك فيك .
أجابت بدور بصوت خافت وهي تخفض رأسها بخجل فابتسم لذلك ثم حدثها بهدوء :
– يلا روحي غيري هدومك وتعالي نصلي مع بعض .
أومأت بدور برأسها ثم إتجهت إلى الحمام وغابت به لدقائق إستمع خلالها رسلان إلى صوت المياه فعلم أنها تستحم بدلا من تغيير ملابسها فقط .
خرجت بعد مدة قصيرة وهي تلف المنشفة حول جسدها فقد نسيت أخذ ملابسها معها إلى الحمام، سارت نحو الخزانة ببعض الإحراج وعندما وقع بصرها على رسلان، وجدته ينظر إليها بطريقة غريبة شعرت بالخجل منها في البداية لكنها سرعان ما فهمت سببها .
– كنت فاكرة ساعتها انك اخويا .
قالت بدور بضحكة وهي تذكر يومها الأول في القصر عندما دخل رسلان غرفتها دون إستئذان ووجدها بهذا الوضع، فضحك رسلان هو الآخر وقال وهو يحك مؤخرة عنقه :
– رغم اني كنت بكلمك ببرود ساعتها بس أنا في الحقيقة اتحرجت اوي من الموقف الي حطيت نفسي فيه .
ضحكت بدور بشدة واكتفى هو بمراقبة ضحكتها ثم هتف :
– يلا البسي هدومك وانا برضه هغير واجي عشان نبدا حياتنا بالصلاة .
– حاضر .

 

بعد إنتهائهم من الصلاة، جلس كل من ياسين وعائشة لتناول الطعام والذي لم يتذوق ياسين منه شيئا وبقي فقط يحدق بعائشة بإبتسامة صغيرة .
لاحظت عائشة نظراته لكنها تظاهرت بأنها لم تلاحظ وتابعت الأكل محاولة تجاهل ذلك الخجل المسيطر عليها، لكنها وفور إنتهائها وجدته يقترب منها سريعا، يقبّل خدها ثم يقول :
– بحبك .
وضعت عائشة يدها على خدها وإبتسمت بخجل قائلة :
– وأنا كمان بحبك .
– كدابة .
طالعته عائشة بدهشة عندما إتهمها بالكذب بينما أردف ياسين بتذمر :
– انتِ من أول ما طنط يمنى جت هنا وانتِ مش بتكلميني خالص تقريبا، هو ده الحب عندك ؟
وقبل أن تنطق هي بحرف تدافع به عن نفسها وتبرر إهمالها له، كان هو يسبقها ويمسك بيدها ساحبا إياها إلى أحضانه مرددا :
– بس خلاص انتِ دلوقتي بقيتِ بتاعتي لوحدي .
إبتعدت عائشة عنه بخجل وحاولت الحديث لكنه سحبها إليه مرة أخرى وهو يقول :
– الا قوليلي، احنا هنسمي ولادنا ايه ؟

كان يجلس على السرير ينتظر خروجها من الحمام والذي شعر أنها تأخرت داخله كثيرا، وعندما كاد يحدثها من الخارج حتى يتأكد أنها بخير، وجدها تخرج أخيرا وهي ترتدي أسدال الصلاة وتسلط بصرها على الأرض .
إطمأن أمجد عند خروجها ثم إبتسم مطمئنا إياها هي الأخرى وأشار لها بالجلوس بجانبه .. جلست ملاك حيث أشار بهدوء وهي تشعر بالذنب لمعاملتها لأمجد والتي لا تشبه أبدا معاملة زوجة لزوجها، بينما تردد أمجد قليلا قبل أن يسحبها بهدوء إلى داخل أحضانه دون أن تعترض .
– قولتيلي انك هتحكيلي على سبب العقد بتاعك لما نتجوز، مستعدة تحكي ؟
قالها أمجد بحنان فأومأت ملاك بتنهيدة ورأسها لا يزال مستقرا في أحضانه ثم تحدثت :
– أنا السبب في مـ ـوت ماما وبابا .
رفع أمجد حاجبيه بدهشة وكاد يقاطعها متسائلا عن سبب قولها لذلك، لكنه قرر أن يسمح لها بإخراج كل ما بجعبتها دون مقاطعتها، بينما استرسلت ملاك موضحة حديثها من أول القصة :
– أولا، أنا مكنتش كده في ثانوي، أنا كنت شبه بنات اليومين دول، واحدة بتهتم بالمظاهر والموضة وبتصاحب شباب عادي ورغم ان بابا وماما كانوا بيعترضوا على الي بعمله بس انا مهتمتش وحسيت انهم بيبالغوا .
سكتت قليلا تنتظر ردة فعل أمجد لكنه قال بهدوء :
– كملي .
أومأت برأسها ثم واصلت :
– كنت دايما بحكي للشلة بتاعتي كل حاجة عن حياتي تقريبا، وحتى بحكيلهم عن كل تفصيلة تحصل في البيت ومفكرتش في ان ده ممكن يكون غلط، لحد ما بقوا بيعرفوا كل حاجة عننا حتى مواعيدنا وكل واحد فينا بيطلع امتى وبيرجع امتى .. لحد ما في يوم …
إبتلعت ملاك غصتها عند وصولها إلى ذلك اليوم فربت أمجد على ظهرها ليبثها الأمان بينما استرسلت قائلة :
– في اليوم ده كنت المفروض انا اقعد في البيت وبابا وماما يطلعوا بس مش فاكرة حصل ايه عشان اطلع انا يومها وهما يفضلوا في البيت، بس لما رجعت لقيتهم سايحين في دمـ ـهم وو …
قطعت كلامها وهي تبدأ في البكاء فجأة فحاول أمجد تهدئتها وحاول تخطي ذلك الجزء قائلا :
– حصل ايه بعد كده ؟
– لما القـ ـاتل اتمسك عرفته على طول، لاني كنت دايما بشوفه واقف مع واحد من الولاد الي في الشلة بتاعتي، والولد ده طلع اخد من الراجل فلوس عشان يديه مكاني واني هقعد لوحدي امتى عشان يجي وياخد مني الي هو عاوزه، بس لما لاقى ماما وبابا بدالي قـ ـتلهم !
أنهت حديثها وهي تغرس وجهها في صدره وتتابع البكاء، وأخذ أمجد يربت على ظهرها وهو شارد في كلامها حتى هدأت قليلا فقال :
– انتِ مؤمنة بالقضاء والقدر ؟

 

أبعدت ملاك وجهها عنه قليلا وطالعته باستغراب، لكنها سرعان ما فهمت سبب سؤاله فأجابت :
– ايوة، وعارفة ان مـ ـوت بابا وماما قضاء وقدر بس غصب عني بحس اني السبب !
– طب بصي للناحية الإيجابية، انتِ بسبب الحادثة دي بقيتِ قريبة من ربنا واتعلمتِ ان أسرار بيتك مينفعش تطلع برا، مش ده احسن من انهم يموتوا مـ ـوتة طبيعية وانتِ تفضلي على الحال الي كنتِ عليه ؟
أومأت ملاك برأسها فابتسم أمجد قبل أن يردف :
– وبعدين هما اه مـ ـاتوا في الدنيا بس لسه فيه آخرة، ولازم نعمل لآخرتنا عشان نقابلهم في الجنة .
أومأت ملاك ثانية بابتسامة صغيرة ثم قالت بامتنان :
– شكرا ليك على كلامك يا دكتور .
إختفت إبتسامة أمجد وردد باستنكار :
– دكتور ؟ امال لو مكنش فرحنا النهاردة !
ضحكت ملاك بخفة بينما أردف أمجد وكأنه يحدث فتاة صغيرة مازالت تتعلم النطق :
– طب قولي أمجد كده ..

بعد مرور يومين، كان موعد عقد قران هناء وسليم وكان كل شيء جاهزا وفي مكانه، الشيخ الذي سيعقد القران، سليم وعامر، وكذلك هناء التي كانت تشعر بقلق شديد تجهل سببه .
بدأ الشيخ في ترديد الكلام المعتاد، ولكن قاطعه عن ذلك دخول شخص ما بقوة وهو يصيح :
– استنى يا شيخنا، في حاجة مهمة لازم الكل يعرفها قبل ما يكتبوا الكتاب .
إستدار الجميع إلى ذلك الشخص والذي كان عدي وهو يمسك شخصا آخر من قفاه ووجهه مليء بالكدمات، جحظت عين رشاد عندما تعرف عليه سريعا فهو الوحيد الذي رآه رفقة هناء في تلك الليلة .
– وائل !
صاح رشاد وهو يرمقه بحقد بينما نظر عامر ودينا إليه سريعا ليتعرفوا على ذلك البغيض الذي دمـ ـر مستقبل هناء، لكن وقبل أن ينطق أحدهم بحرف كان عدي يهتف بصوت مسموع :
– وائل جاي عشان يقولكم الحقيقة الي لازم تعرفوها ..
أنهى كلامه وهو يرمق وائل مجبرا إياه على الحديث فقال هذا الأخير مجبرا :
– هناء لسه عذراء، أنا ملمستهاش، لانها .. أختي .
جحظت عين نادية وسليم بينما إعتلت الدهشة وجوه البقية قبل أن يواصل وائل سريعا حتى لا يقاطعه أحد :
– بنتكم حلا غلطت مع بابا زمان، وانا جيت نتيجة الغلطة دي وبدل ما حلا تتجوز بابا راحت اتجوزت عابد الي حبها وقبل انه يستر عليها لان بابا ساعتها كان مفلس، والفترة الي سافروا فيها برا مصر بحجة ان عابد كان عايز يدور على شغل هناك هي ولدتني فيها وبعدها سابتني عند بابا ومسألتش عني خالص .
لاح عدم التصديق على وجوه الجميع لكن وائل لم يهتم بتصديقهم من عدمه وهو يسترسل :
– بابا حكالي الي حصل وقالي انه كان بيحبها بس هو حس بالاهـ ـانة لما سابته عشان راجل تاني، وعشان كده حقـ ـدت عليهم وقتلتهم ولاني مكنتش هعرف اعمل حاجة لهناء لانها اختي، وهمتها انها مبقتش بنت ونادية ساعدتني في ده وبعدها عرضت عليكم انها تتجوز سليم وده عشان ابقى عارف عنها كل حاجة واقدر اعمل فيها الي انا عايزه بمساعدة سليم طبعا .
أنهى كلامه الذي ألقاه سريعا ثم أغمض عينيه غير مبال بالصدمة التي تركها على وجوه أفراد العائلة والتي تدفقت إثرها الذكريات إلى عقل هناء تباعا حتى فقدت الوعي .

فتحت عينيها بعد فترة غير طويلة ووجدت نفسها مستلقية على سريرها وحولها يقف أفراد عائلتها ومعهم عدي .. تذكرت ما حدث قبل فقدانها للوعي وكذلك إستعادت ذاكرتها فتحدثت فورا وهي تسأل بأعين متسعة :
– هـ.. هو وائل كان بيكدب صح ؟ لما قال ان ماما …
قطعت كلامها وهي ترى تعابير وجوههم التي تدل على تصديقهم لحديث وائل، فأخفضت بصرها بصدمة لم تقل عن صدمتهم، لكن دينا كان لها نصيب مضاعف من تلك الصدمة عندما إكتشفت بأن ذلك الذي أحبته هو في الحقيقة شخص سيء .
شعر عدي بأن عليه تركهم لوحدهم في هذا الوقت فقال جاذبا إنتباههم :
– هستأذن أنا دلوقتي، واسف على الكلام الي سمعتوه بس كان لازم تعرفوا كل حاجة قبل ما مستقبل هناء يتدمـ ـر بجد ..
نظر إليه عامر ورشاد بإمتنان وكذلك هناء التي شكرته بعينيها قبل أن يغادر الفيلا خاصتهم متجها إلى القصر .

– أنا عايز اتجوز !
قالها ياسر في إحدى جلسات العائلة وهو ينظر إلى سيف الجالس جواره بخبث بعد مرور بضعة أيام من تلك الأحداث .
طالعه سيف باستغراب بينما تساءل عبد الرحمن بفرحة :
– بجد ؟ وهي مين العروسة .
– رحمة .

 

نطق ياسر ببساطة تحت إستغراب جده من اختياره وصدمة سيف وكريمة التي كان صوته قد وصل إليها، لكن عبد الرحمن سرعان ما ابتسم قائلا :
– طب مبروك مقدما يابني، اخيرا سادس احفادي هيتجوز الدور والباقي على ولاد محمد والولد بتاع الرعب .
كتم آدم ضحكته عندما سمع اللقب الذي أطلقه عليه جده، بينما فكر عبد الرحمن قليلا ثم قال محاولا إقناع آدم بالزواج :
– طب ايه رايك يا آدم، لو اتجوزت هحولك المكتب لقاعة سينيما بتاعتك انت لوحدك .
طالعه آدم بعدم تصديق لثوانٍ ثم وقف سريعا وركض إلى الخارج وهو يصيح :
– رايح دلوقتي ادور على عروسة !
إبتسم عبد الرحمن بانتصار تحت ضحكات البقية ثم حول بصره إلى عدي والذي رفع يديه إلى الأعلى سريعا قائلا :
– أنا ناوي اتجوز فعلا بس حالة العروسة النفسية مش كويسة دلوقتي عشان كده لازم نستنى لحد ما تتحسن !
أومأ عبد الرحمن برضا ثم إستدار إلى خالد الذي قلب عينيه بملل وقال :
– أنا مش لاقي عروسة مناسبة يا جدو، ولو لقيتها ساعتها بس هتجوز .
قوس عبد الرحمن شفتيه بعدم رضا ثم تحدث بجدية :
– ولحد ما تتجوز يا خالد أنا مش هتكلم معاك خالص، ولو على العروسة فانت قولي بس انك مستعد تتجوز وأنا هشوفلك انسب واحدة واخطبهالك !
زفر خالد بضيق ثم قال :
– ارتاح يا جدو، أنا مش هتجوز غير بعد خمسة سنين على الاقل!
*
*
*
بعد مرور خمس سنوات ..
كانت بدور مستلقية على السرير بغرفة النوم وهي تضع يدها على بطنها المنتفخة بتعب، عندما إقترب منها ولد صغير وجلس بجانبها قائلا :
– ماما أنا جعان .
إلتفتت بدور إليه وربتت على شعره قائلة بحنان :
– أنا تعبانة يا باسل، انزل لوحدك وقول لطنط كريمة تعملك اكل .
قوس باسل شفتيه بتذمر وقال :
– بس أنا مش هعرف انزل لوحدي .
– خلاص استنى لحد ما بابا يجي، تلاقيه دلوقتي رجع من الشغل خلاص .
وبالفعل، لم تمر دقيقتان حتى وجد كلاهما الباب يفتح بواسطة رسلان، والذي فور رؤيته ركض نحوه باسل صائحا :
– باباا !!
إبتسم رسلان وهو يحمل إبنه ذو الأربع سنوات وقال مقبلا خده :
– حبيب بابا، عامل ايه ؟
– جعان .
أجاب باسل فورا فضحك رسلان بخفة ثم قبّل خده مرة أخرى وقال :
– طب ثواني اسلم على ماما وبعدها ننزل نعمل اكل لأحلى باسل في العالم !
أومأ باسل بسعادة فتركه رسلان ثم إقترب من بدور والتي كانت تحاول الإعتدال في جلستها لكن رسلان منعها قائلا :
– خليكِ زي مانتِ يا حبيبتي .
إنحنى قليلا ليقبّل جبينها ثم سألها بحنان :
– عاملة ايه ؟
– كويسة .
أجابت بإبتسامة صغيرة فأردف :
– هنزل اعمل اكل لباسل وارجع بسرعة اوك ؟
أومأت برأسها بتفهم بينما أمسك رسلان بكفّ إبنه وخرج من الغرفة متجها إلى المصعد والذي بني حديثا لصعوبة نزول وصعود الحوامل عن طريق الدرج، لكنه توقف وهو يرى مليكة إبنة أمجد والتي تبلغ عاما ونصف من عمرها تركض في الرواق في شكل دائري طفولي مضحك .

 

إبتسم وهو يرى إبنه الذي تركه وركض نحوها ثم وقف أمامها قائلا :
– بتعملي ايه يا مليكة ؟
توقفت مليكة عن الركض وهي تنظر إليه بإستغراب فأردف باسل بحماس :
– ايه رايك تجي معانا ؟
إبتسمت مليكة وكأنها تفهمه فأمسك باسل بيدها ثم إتجه بها مع والده إلى الأسفل .
دخل رسلان غرفة الجلوس أولا فتفاجأ بوجود براءة وهي تحمل شقيقتها تسنيم وتحاول أن توقفها عن البكاء .
– هما باباكِ وسرين فين ؟
تساءل رسلان مخاطبا إياها فقوست شفتيها بغيظ وأجابت :
– فوق، بابا عايز يستفرد بمراته وسابوني اخد ببالي انا من تسنيم .
أومأ رسلان بتفهم ثم بعثر شعرها ببسمة قبل أن يتجه إلى المطبخ ليطعم إبنه وإبنة أخيه .

وبينما كان كلّ من أمجد وملاك، وأدهم وسرين ينعمون بأوقات رومانسية، كان آدم يقنع إيلين – والذي تزوجها منذ فترة قصيرة – بأن تشاهد معه فلما مرعبا لأنه يشعر بالملل إن شاهده لوحده لكنها كانت ترفض ذلك بشدة .
– طب بصي، هديكِ ألف جنيه مقابل انك تتفرجي معايا على فيلم واحد ايه رايك ؟
قال آدم محاولا إغراءها بالمال لكنها نفت برأسها ثم هتفت متذمرة :
– أنا أصلا حاسة انك اتجوزتني عشان تذلني كل ما اتفرج معاك على فيلم واترعب منه !
إقترب أدم منها واحتضنها قائلا بغزل لا يناسبه :
– انتِ ازاي تترعبي من حاجة وأنا معاكِ ؟
إبتعدت إيلين عنه وطالعته بحنق ثم عقدت ساعديها أمام صدرها قائلة :
– متحاولش يا آدم، مش هتفرج معاك على أفلام رعب تاني .
بادلها آدم النظرة الحانقة ثم أشاح بوجهه متمتما :
– والله خسارة في الجوازة دي أصلا، حتى المكتب الي جدو قالي انه هيحوله لسينما صغيرة لو اتجوزت فضل زي ما هو !
نظرت إليه إيلين بصدمة مرددة :
– يعني انت اتجوزتني عشان كده ؟
تجاهل آدم حديثها ونظر إلى بطنها قائلا بتمني تحت صدمة إيلين المضاعفة :
– طب يا رب الي في بطنك يطلع ولد مش بنت ويطلع قلبه جامد عشان الاقي حد يتفرج معايا على أفلام الرعب .

كانت هناء تجلس أمام سرير الأطفال الذي ينام به إبنها الصغير عابد عندما دخل عدي بعد عودته من العمل فوقفت سريعا وإتجهت نحوه لتعانقه قائلة :
– اتأخرت ليه ؟
إبتسم عدي وهو يبادلها العناق مجيبا :
– روحت اشتريت حاجات ليكِ ولعابد، عشان كده اتأخرت .
– وريني جبت ايه طيب !
قالتها هناء بحماس طفولي فضحك عدي وهو ينظر إليها بسعادة لتغييرها المفاجئ بعد زواجهم والذي حدث أيضا بمساعدة الطبيبة النفسية الذي إلتجأت إليها هناء بعد كمّ الصدمات التي تلقتها قبل خمس سنوات .
جلس بجوارها على الأرض وهو يراقب تفتيشها بين الأكياس التي أحضرها والتي كانت تحمل ملابس لها ولإبنه وبعض الشوكولاتة .. لمعت عيناها بفرحة ثم إقتربت منه وقبّلت خده بحركة سريعة وهي تردد :
– ربنا يخليك لينا يا حبيبي .

 

خرج ياسين من الحمام بعد أن غيّر الملابس التي يذهب بها إلى العمل إلى ملابس بيتية بسيطة لكنه تفاجأ بإبنه الصغير هشام وزوجته عائشة يبكيان بصوت مزعج .
إقترب من عائشة سريعا وسألها بقلق :
– في ايه يا عائشة بتعيطي كده ليه ؟
رفعت عائشة عينيها المحمرتين من أثر البكاء وأجابت :
– لأن هشام بيعيط، وأنا مش عارفة هو بيعيط ليه .
تنهد ياسين بارتياح ثم رمق عائشة بغيظ، لكنه لم يحتمل منظر وجهها الباكي فمسح دموعها قائلا :
– متعيطيش طيب، ممكن يكون جعان ؟
نفت عائشة برأسها قائلة :
– لا لسه شارب اللبن بقاله دقيقتين .
– طب ممكن يكون محتاج يغيّر البامبرز ؟
– لسه مغيراها دلوقتي برضه .
– اهاا فهمت هو عايز ايه ..
قال ياسين وهو يحمل الصغير بين ذراعيه والذي سكت فورا فغمز لعائشة قائلا :
– عايز ابوه .
إبتسمت عائشة براحة ثم قالت وهي تستلقي على السرير تحت صدمة ياسين :
– طب خد بالك منه بقى، لاني عايزة انام ..

– انت اتجوزتني ليه ؟
قالتها مريم فور دخول خالد إلى غرفة نومهما فقلب الأخير عينيه بملل متمتما :
– هرمونات الحمل تاني ؟
عقدت مريم ذراعيها أمام صدرها وكررت سؤالها بإصرار :
– رد عليا اتجوزتني ليه ؟
إقترب منها حتى وقف أمامها ثم أجاب ببرود :
– اتجوزتك لان جدي كان مخاصمني لاني متجوزتش، فاضطريت اوافق عليكِ لما اقترحك عليا .
– يعني انت مش بتحبني ؟
تساءلت مريم بدموع مزيفة لكن خالد أومأ برأسه قائلا :
– ايوة، مش بحبك واتجوزتك غصب عني عشان احبك بعد خناقات كتييرة ما بيننا زي ما بيحصل في الروايات .
نظرت إليه مريم وهي ترمش بعينيها عدة مرات ثم مسحت دموعها وقالت :
– اذا كان كده ماشي ..

كان ينام على ظهره بهدوء وإبنته الصغيرة دعاء تنام على بطنه في مشهد لطيف، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة إلى دينا التي كانت ترمق يامن بغيظ وقد بدأت تشعر بالغيرة من إبنتها التي سرقت إهتمام يامن منها .
جلس بجانبه ومدت يدها إلى ذراعه تهزه بقوة هامسة :
– يامن، يامن ..
فتح يامن عينيه ونظر إليها بإستفسار فقالت :
– عايزة نخرج نتفسح ..
أومأ برأسه ثم قال بصوت ناعس :
– حاضر روحي جهزي دعاء وأنا هـ …
قاطعته دينا سريعا :
– لا لا أنا عايزة نطلع أنا وانت لوحدنا !
عقد يامن حاجبيه بإستغراب وتساءل :
– ومناخدش معانا دعاء ليه ؟ وهنسيبها عند مين ؟
– عند ماما عادي .
– طب ليه ؟
سأل يامن وهو يضيق عينيه فأجابت دينا بنبرة متذمرة :
– لاني حاسة انها اخدتك مني وانك نستني، وأنا عايزة نطلع لوحدنا زي زمان .
إبتسم يامن ثم أومأ موافقا :
– حاضر، هنسيبها عند مامتك وهنطلع لوحدنا وهثبتلك اني منسيتكيش ولسه بحبك زي زمان .

 

– نعم ؟ طلبتني ليه ؟
تساءل سيف وهو يقف أمام ياسر الذي إتصل به وطلب منه القدوم فتحدث ياسر :
– انا هطلع شوية مع مراتي لوحدنا وعايزك تاخد بالك من كريم اوك ؟
زفر سيف بملل ثم أومأ برأسه موافقا فإبتسم ياسر ثم نادى رحمة التي قدمت سريعا وهي تحمل صغيرها ثم وضعته بين ذراعيه مرددة بسعادة :
– شكرا يا سيف يا حبيبي، يلا باي .
قالت ذلك سريعا ثم أمسكت بذراع زوجها بحماس وخرجت معه من القصر بينما نظر سيف في إثرهما بضيق ثم إلتفت إلى إبن شقيقته وقال بتأثر :
– مسكين يا كريم هما بيسيبوك معايا ويطلعوا لوحدهم كده ازاي، تؤتؤ احنا لازم نعمل حد للوضع ده !

إستيقظ أكرم في صباح اليوم التالي بعد ليلة مزعجة قضاها مع أبنائه وأحفاده وأبناء إخوته وأحفادهم، ثم أكمل سهره لوحده في غرفته يحادث صورة ليليا ويخبرها عن كل الأحداث التي حصلت بالتفصيل .
نزل إلى غرفة الطعام وإستغرب من عدم وجود أحد بها، حتى وجد إحدى الخادمات فسألها قاصدا بكلامه جميع أفراد العائلة :
– هما راحوا فين؟
طالعته الخادمة باستغراب وقالت :
– هو حضرتك مرحتش معاهم ؟ بدور امبارح حست انها هتولد فراحوا كلهم للمستشـ …
لم تكمل كلامها حين وجدت أكرم يصرخ قائلا :
– بتولد ؟! محدش صحاني ليه ؟ هي المستشفى فين ؟
وقبل أن تجيبه كان هو يركض بسرعة رهيبة تجاه المستشفى التي يتعاملون معها عادة ثم سأل موظف الاستقبال عن مكانها قبل أن يتجه سريعا إلى الغرفة التي دلّه عليها .
فتح الباب عند وصوله فوجد بدور مستلقية على سرير المستشفى بتعب ورسلان يحمل الفتاة الرضيعة بين يديه ويكبر في أذنها .

 

إقترب منه ونظر إلى الصغيرة بإبتسامة ثم أخذها من رسلان وحملها بين يديه وأخذ يهزها برفق وهو يردد :
– جميلة ما شاء الله، تبارك الله !
إبتسمت بدور وهي تنظر إليها من بعيد ثم أشارت إلى والدها بأن يحضرها لها ففعل ذلك في نفس الوقت الذي تساءلت فيه يمنى :
– قررتوا هتسموها ايه ؟
تبادل كل من رسلان وبدور وأكرم النظرات ثم نطق الثلاثة في صوت واحد :
– لـيـلـيـا !
تــــمّــــت بــحمدالله

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرار عائلتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى