روايات

رواية بيت القاسم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم ريهام محمود

رواية بيت القاسم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم ريهام محمود

رواية بيت القاسم البارت السابع والعشرون

رواية بيت القاسم الجزء السابع والعشرون

رواية بيت القاسم
رواية بيت القاسم

رواية بيت القاسم الحلقة السابعة والعشرون

.. “تعددت الأسباب والعشق واحد..”
……..
… تجمع عائلي بشقة كمال، والذي عاد من المشفى أول أمس..
اليوم تجرأت وصعدت لزيارته والسؤال عن صحته..
كان بصالة منزله ممدد على الأريكة العريضة والعائلة ملتفة حوله،
مراد ملتصق به على الأريكة بشبه احتضان، والدته بالمواجهة وبجوارها ريم زوجته، وقاسم ويارا بالجهة الأخرى ظهرهما لها..
جو دافئ، أُسريْ بجدارة.. لذا تجنبت الجمع، واستسلمت مع فكرة النبذ..
وجلست جانبًا بجوار الصغير “حاتم”.. والذي يبدو مشغوٌل برسمته عنهم،
تلتصق حنين بجلستها بالصغير، تبعثر خصلاته
-قاعد لوحدك ليه؟!
..كان منهمكًا بما يفعله، أجاب بلا مبالاة..
– عشان مُعاقب..
رفعت حاجبيها بذهول، تُدعي الاستغراب “بمبدأ الأفورة”
-ياخبر… معاقب ليه؟
يرد ببرود..
-عشان كسرت التابلت بتاع مراد..
ثم تابع وهو يهز كتفيه بتمثيل ..
-مكنش قصدي..
تسخر منه..
-ياسلام..!
.. ولكنّه تجاهل.. رفع عيناه ينظر نحو التجمع دون تركيز، بملامح واجمة غمغم..
-اشمعني هو عنده تابلت وأنا لأ..!
.. غامت عيناه، يتابع بنبرة مختنقة..
-هو ليه بابا بيحبه أكتر مني!!
.. نبرته وملامحه كانت غريبة على طفل بالسابعة، دققت النظر به..
كان يراقب بحقد.. تلمح في عينيه بداية ثورة..
سريعًا تمتمت، تؤكد له بكلامها..
-بابا بيحبكو انتو التلاتة زي بعض ياتومي..
.. وكأنه لم يسمعها، ببراعة أخفى نظرته الحادة.. واغتصب ابتسامة باهتة..
-شوفي أنا رسمتك..
.. يفرد أمامها الورقة، رسمة فوضوية، وألوان مبعثرة، لم تتبين ملامحها
وقد شعر بتيهها فأشار بسبابته على الورقة..
-إنتِ قاعدة لوحدك هناك أهو.. وأنا جمبك…
..ثم رسم بأنمله الصغير دائرة حول بعض الخطوط المتشابكة..
– وهما كلهم هناك أهم..
يتابع باستطراده، يُلقي الورقة جانبًا ولم يهتم، يراقب مرة أخرى .. وقد أصبحت النبرة جامدة أشبه بالركود..
-احنا الاتنين محدش عاوزنا…
طرفت عيناها بمشاعر مختلطة، قلبها يدق بعنف.. والوجع بدأ بالتوغل أكثر بأعماق روحها الخرِبة.. وقلبها المنهك..
شعور مؤذٍ يتفاقم.. شعور بالألم… الوحدة ولم يشعر بها أحد..
.. حينها رفعت نظراتها.. تراقب مثلما يراقب هو، معه كل الحق لا أحد يريد وجودها هنا ”
رغم استغرابها من حديثه البالغ أضعاف عمره، وإحساسه الغريب على طفل والده” كمال”..!؟ .. ولكنها أرجعت أمره لحساسية سنهُ وكونّه اليوم مُعاقب ..
.. كانوا مجتمعين بـ ألفة.. أحاديث خفيفة.. وضحكة فاطمة تصدح بأرجاء الشقة وهي تهتف..
-أقنعه ياكمال يتجوز أي بنت م اللي بجيبهمله..
نطق بعصبية ظاهرة، يوزع نظرته بين حنين ووالدته..
-براحته ياماما هو مش صغير..
حينها صفق قاسم بكفيه، يشجعه..
-يسلم فمك ياابو كمال..
عبست فاطمة مردفة..
-طب والله لأوريك صورة العروسة اللي جيبهالك النوبه دي…
أخرجت هاتف حديث من جيب مئزرها الكتاني، تحاول فتحه مرة فتفشل، تتابع بتذمر وهي تفتحه ..
– ياخواتي مبعرفش أتعامل مع البتاع ده.. ماله التلفون أبو زراير!
.. تضغط بأصبعها ضغطات بسيطة.. تُمرر سبابتها بخفة، تتنقل بين الصور بصعوبة.. وأخيرًا هتفت منتصرة
– إيه رأيك في دي.!
تمد ذراعها بالهاتف لقاسم، ف يتناوله على مضض.. يدقق بالصورة أمامه..
حاجب ارتفع، وعين تفحص بدقه رجولية.. كانت الفتاة صهباء بخصلات نارية بعض النمش البرتقالي متناثر على جانبي وجهها.. ورغم جمالها إلا أنها لم تلفت قلبه.. غمغم بمشاكسة يعيد الهاتف لوالدته
-بس دي راس بس يا أمي.. هو أنا هتجوز بالراس!!
تؤكد أمه بتقرير..
-انت بس قولي رأيك وأنا هظبطك..
اكفهر وجه كمال يراقب ملامح حنين الباهتة في حين كانت يارا تكتم ضحكاتها بصعوبة.. ليرد قاسم بمرح..
-راسها حلوة.. هعاين الجتة كلها أمته؟!
سكتت فاطمة لحظة قبل أن تنتبه..
-طب وهنروح بعيد ليه.. تيجي نجوزك يارا!
تبادل قاسم نظراته مع يارا.. ليرفع حاجبه مغمغمآ بلؤم..
-طب والله فكرة.. زياد ممكن يتشل فيها..
تصاعدت ضحكة يارا تدريجيًا.. لتردف بشقاوة من بين شهقاتها المجلجلة ..
-تخيل مش طايقك وأنت أخو مراته.. تقوم كمان متجوز أخته…!
..صوت صفع الباب القوي جعلهم يتوقفون عن الضحك والحديث.. استدار قاسم برأسه.. يجد مكانها فارغًا وحاتم جالس بمفرده.. عاد للأمام بنظرة مبهمة
نهرهم كمال بضيق..
-ينفع كدة..!
وقبل أن يوبخه كمال.. نهض من جلسته.. يبسط ذراعيه
– أنا نازل..
سار خطوتان صوب أمه، يميل عليها.. يهمس لأذنها هي فقط..
-فاطمة إنتِ عارفة أنا عيني على مين وهتجوز مين.. بلاش شغل الحموات الفاتنات بتاعك ده..!
لتقرص فاطمة خده برفق.. تهمس له بالمقابل
-آآه منك ياسوسة يعني انت فاهم؟
يغمغم غامزًا..
عيب عليكي يابطة ده إنتِ تربيتي…
………………………
. “بشركة عاصم”..
وقف زياد مذهولًا أمام مكتب أماني السكرتيرة الخاصة بعاصم وكان ينوي الدخول مباشرًة إليه، ولكن المشهد استوقفه، ف أماني جالسة أمام مكتبها وأمامها العديد من المحارم الورقية، تمسك بإحدى المحارم تمسح به الدموع المتساقطة على خديها..
وقد أدهشه أن تلون تلك المتبلدة لديها مشاعر كسائر البشر..
-ياساتر ياارب.. أماني إنتِ بتعيطي!!
نطق بها زياد بدهشة، يستغرب حالها..
رفعت نظراتها الباكية إليه، تسهب في البكاء..
-كرامتي نائحة عليا أوي يامستر زياد…
ارتفعا حاجبيه حتى كادا أن يلتصقا بمنابت شعره.. سيبك ِ من الفرحة
-مستر زياد؟!! أول مرة تحترميني..!
رفع كفاه يبتهل بمشاكسة..
ياارب كرامتك تنئح عليكي علطووول..
وتابع متسائلًا باستغراب
– وده مين الشبح اللي زعلك..!
سحبت منديلَا من العلبة بجوارها، تهتف بانفعال..
– مستر عاصم.. بيزعقلي وبيتهمني بالتقصير!!
ثم اختنق صوتها لتهتف من بين شهقاتها..
-تخيل يامستر زياد.. أنا يتعصب عليا ويقول إني خرفت وبضيع ورق!!
لمعت عيناه ببريق مشاكس، يكتم ضحكه بصعوبة.. غمغم باستنكار..
-لأ ده الموضوع كبير بقى.. إنتِ تطلبيلي سبريسو وانا هدخل اشدلك ودنه…
واستكمالًا لـ تعجبه ضحكت على غير العادة .. ضحكة رائقة من وسط نحيبها
فمال بجزعه على مكتبها بغير تصديق يهتف ..
– أماني إنتِ بتضحكي… يافرج الله…. طب والنعمة لادخل أخانقه عشانك..
واخر كلامه صاحب خطواته لمكتب عاصم، نقرة خفيفة على الباب ثم دخل ضاحكاً.. يبسط ذراعيه بشقاوة
-مش هتصدق ياعاصم..
رفع عاصم عيناه له متسائلًا..
– في إيه؟
جلس بمقابله بأريحية..
– أماني برة مفحمة نفسها من العياط..
غضن عاصم جبينه مستفهمًا..
– ليه؟!
استنكر زياد..
– ليه ايه..! بسببك وبسبب كلامك ، ورق إيه اللي ضيعته!
عاد عاصم بظهره للوراء يستند بظهره على الكرسي، يطلق زفيرَا حارقًا..
-مفيش حاجة ضاعت.. أعصابي كانت تعبانة وطلعت غيظي عليها…
سأله زياد باهتمام..
-إيه إللي مخلي أعصابك تعبانة؟!
. يُشيح بنطراته عنه، يوزعها بأرجاء المكتب عدا النظر إليه..
هو الآن مكشوف.. تفضحه ملامحه.. إنفعالاته لم يعد يسيطر عليها
ترفض مكالماته، مقابلاته ورسائله… يشعر بالغضب.. بالتشتت..
يشعر بأن العلاقة خرجت عن السيطرة وبات في خانة الهوس..
يسحب نفسًا طويلاً لصدره ويخرجه تباعًا…
-مفيش..!
ضيق زياد عيناه، يراقب التغيرات التي طرأت على ملامح الآخر.. يُحلل، يتسائل
-الموضوع فيه واحدة؟!
جاؤه الصمت من عاصم برأس منحني..
-طالما سكت تبقى واحدة… مين؟!
إنفعالاته غير محسوبة.. تهور سيخسره الكثير، بكلا الحالتين خاسر..
قرر البتر.. ولم يستطع كبح جماح تهوره وغضبه..
-فاكر أمنية..
– أمنية مين!!!
خُفتت نبرته قليلًا..
– أمنية اللي……
قاطعه زياد صائحًا وقد تذكر..
– اااه افتكرتها..
تابع بتعجب..
– مالها… مش كنت خلصت منها!!
قبل أن يتحدث، يسرد عليه الأمر. قاطعهما طرق الباب ودون إذن دلفت أماني ومعها صينية أعلاها فنجان من السبريسو..
تضعه أمام زياد.. متجاهلة الآخر..
– اتفضل يامستر زياد، السبريسو بتاع حضرتك..
رفع زياد نظراته.. يغمز بعبث
-ده كتير عليا والله…
ردت بعناد مبالغ..
– مفيش حاجة تكتر عليك يامستر زياد يامحترم..
ونال الدهشة من ردها، يرفع حاجب ويعجز عن الرد، فيضحك ببلاهة..
.. صداع عنيف كاد أن يفتك برأسه، لم يتحمله.. يمسح وجهه وأعلى رأسه بحدة.. وقد حمدالله بداخله أن اماني رحمته من غباء تهوره..
أين ذهب عقله؟!
-أماني الحقيني بفنجان قهوة بسرعة.. دماغي هتتفسخ..
رفعت ذقنها بتحفز.. تردف بحدة..
-خلي عم عبده يعملهالك ويجيبهالك… أنا خرفت خلاص ومش عارفة اشوف شغلي..
وبعنجهية استطردت..
-عنئذنك يامستر زياد…
تخرج بهدوء عكس دخولها وقد استفزته، ضرب زياد كفًا بكف متعجبًا..
– الست العاقلة اتجننت على اديك، ناقص تقولك طلقني..!
ولم يشاركه عاصم الضحك أو المزاح، ظل على وضعه ينقر بقلمه نقرات قوية على مكتبه..
هتف زياد وقد ولاه اهتمامه ثانيةً
– ها.. كمل كنت بتقول ايه..
– امشي دلوقتي يازياد.. أنا مش مظبوط..
يجابه.. يظل جالسًا مكانه، يفتح فمه ينوي السؤال وعنادهِ، ولكن عاصم ضرب بكفه ظهر المكتب بعنف، يهدر بحدة غريبة عليه..
– قولتلك امشي الوقتي…
……………….
.. بتعرف شعور لمّا، تلتقي صدفة بِحدا..
مابيشبه حدا.!! لما فجأة تموت العجقة ووحدك تشوفها هدا..
.. كلمات الأغنية تنساب لمسامعه، وكأنها غُنت لأجله..
بعمره ماكان رومانسيًا.. أو أبله يؤمن بالحكايا الوردية..
كان رجلًا من صغره بوفاة والده، اشتد عوده على أن يكون صاحب مسؤولية..
أحلامه كلها كانت مقتصرة على تحقيق بطولات، والفوز بالميدليات وفقط..
وترك أمر الزواج والحب وتلك الأمور الفارغة.. والتي ماعادت فارغة من وقتما رأها..
لتحيل كل شئ فوق رأسه.. سرقت دقات خافقه، أنفاسه… تفكيره الدائم بها…
ينتظرها هنا بمقهى هادئ وقد اتفقا على التعارف.. وهي وافقت على مضض.. ولكن تصرفاتها، نظراتها بها لمحة من إعجاب وذاك الاحساس يريحه… على الأقل بينهما شئ متبادل..
بالوقت ستكون وَلِهة مثله وأكثر..
يتنهد وقد رأها، تسير نحوه على استحياء.. فستانها السماوي جعلها سندريلا حكايته… إذًا هو الأمير الوسيم..!
ناعمة كالفراشة… لونت كل شئ حوله لبهجة وفرح..
.. تجلس بالمقابل له.. بعد مصافحة خفيفة.. هو لم يعتد على مصافحة النساء رغم تعامله الدائم معهم ولكن بنطاق التدريب وفقط.. ولكنها بكل مرة تراه تمد كفها فيمد بالمقابل مُحرجًا
– مممممـ اتأخرت ياكابتن..!
يبتسم بالمقابل، يتحدث بعفوية
-مواعيدك المايعة دي هي اللي هتبوظ علاقتنا..
ترفع حاحب، تستنكر برقة..
-علاقتنا… مش ملاحظ إن الكلمة كبيرة أوي ع للي بينا..
وسحب الدفة لصالحه.. يسأل
– هو إيه اللي بينا يايارا..؟
تعد على اناملها.. وقد توردت وجنتاها بحمرة خفيفة
-إعجاب.. استلطاف..
هز راسه بعدم ارتياح للوضع.. يُصارح
-لا مش إعجاب ولا استلطاف يايارا.. أنا بحبك..
تلك النبرة التي نطق بها أحبك جعلت الخجل يزحف لبشرتها، قشعريرة غريبة أصابت جسدها كله، تعلم بأنه صريح لا يهوى التلاعب وتلك ميزة..
تخفي وجهها عنه.. تهمس بخفوت معترض..
-أنا مش مستعدة للكلمة دي ياأحمد بصراحة..
أجاب بثقة النبرة.. وثبات النظرة
-وأنا مش هرضى على نفسي اكون في زون البيست أو المعجب ..
ثقته تشتتها… تبعثرها
-أنا…
يقاطعها..
– يارا أنا عايز اكلم زياد..
تتسع عيناها، وتزدرد ريقها ببطء، بينما هو يتابع بثبات..
– عايز اللي بينا يكون بشكل رسمي..
يضيق عليها الحصار.. نطقت بصعوبة
-طيب ممكن تديني وقت!!
مد كفه على الطاولة.. كانت قريبة من كفها دون تلامس.. يغمغم بنبرة صادقة..
-صدقيني أنا مليش في الجو ده.. أنا اتربيت إن الراجل الصح يدخل البيت من بابه..
.. يتابع بعد أن يحب يده، يزفر بضيق..
– لما بنتقابل عشان تدريب أو حتى مقابلة عادية بحس إني بسرق.. إني بعمل حاجة غلط..
صمتت تسمعه، كل لحظة يزيد إعجابها به
كان ردها غريب وهي تسأله..
-هو ليه الشخص الصح بيجي في الوقت الغلط؟!
عقد حاجبيه بعدم فهم..
– مش فاهم!!
.. ومازالت بنفس الغرابة.. وتوتر النظرات
-ليه متقبلناش من سنة مثلًا..!
يبتسم… تلك الابتسامة الواسعة الواثقة.. ابتسامته كانت حلوة كحلاوة كلماته رغم خشونة صوته .. يجيب بيقين مؤمن به..
-نصيبي أقابلك دلوقتي… عشان تبوظيلي كل خططي، وأخسر كل حاجة….
وأكسبك إنتِ….
………………
.. “اليوم التالي”
.. تنهدت بضيق وهي تستند لسور حديدي مقابل لـ سنتر الدروس الخاصة بها.. منذ الصباح الباكر وهي بالخارج.. تنهي درس لتبدأ بآخر..
وعدت بالنجاح وستفي بالوعد.. سيكون ذلك شغلها الشاغل..
فقط لو يتركها رامي.. ذلك الشيطان الذي اقتحم حياتها وأحالها لجحيم وسواد..
ابن إبليس ذلك اللقب يناسبه أكثر.. يتماشى مع شره وابتزازه لها..
بيدها تحمل شطيرة من الدجاج المدخن.. تأكل منها دون اشتهاء..
وشرودها وجلستها السالمة لم تدُم.. وهي ترى حذاء أسود ضخم كاحذية الجيش.. تغمض عيناها بقهر وقد عرفت هوية الواقف أمامها من رائحة تبغه الكريهة..
– إنتِ مفكرة البلوك العبيط إللي إنتِ عملاه ده هيحوشني عنك!!
لم تنطق، أصابها خرس واشمئزاز..تطأطأ رأسها لا تريد رؤية وجهه
.. اقترب، كاد أن يلتصق ولكن انكماشة جسدها جعلته يتراجع..
يهمس بشيطنة بالقرب من أذنها..
– فوقي يابيبي واعرفي مصلحتك… مصلحتك اللي هي معايا..
يتابع، يُهدد بنبرة ملؤها الشر..
-إنتِ متعرفيش أنا ممكن أأذيكي إزاي..!
ازاد بفحيح..
-متفكريش إن حد هيعرف يحميكي مني..
يُلقي بآخر ورقة..
-حتى إبن عمك..
وهنا نال الرد.. استنكار حد الألم
-لأ متخافش.. ده خلاص..
ينطق بنبرة ساخرة.. بطيئة
– أنا مبخافش.. أنا بفهمك..
تغيم عيناه بنظرة قاتمة.. يعيد تهديده..
– عشآن لما ازعلك متعيطيش وتقولي خلاص والنبي…
وقبل أن ينصرف وازى طولها، ينحني لمسامعها، يهمس بخفوت أصابها بالرعب..
– اخرك معايا بكرة.. هتعرفيني هيبقى برضاكي ولا بطريقتي أنا…
… وغادر، كأنه شبح تلتفت برأسها هنا وهناك لم تجد له أثر..
تهاوت بساقيها أرضًا.. أصابها الوهن والخوف… تبكي.. تشهق
تنتحب.. الغصة المرة التي كانت تخنقها بالسابق كلما اشتاقت لأمها عادت من جديد..
لم تشعر بأي شئ.. تسحب هاتفها من حقيبتها.. تفتح تطبيق الرسائل..
عدة ضغطات وكان المحتوى الذي تم أرساله عبارة عن..
– زياد…. أنا محتجالك..
……………….
.. تابع أكرم صغيرته من خلال مرآة سيارته، يلقى عليها نظرة اطمئنان، يبتسم لها فتبادله بضحكة عالية..
وقد قرر اليوم أن يأخذها لنورهان.. تلك الصغيرة هي من ستذيب الجفاء بينهما.. لما لم يستغلها من قبل..!
سيعطيها لها ومعها حقيبتها.. سيعقد هدنة معها..
بالأساس هو طبق الشروط.. وفرض الولاء..
سيتنازل مرة من أجل أن يلين الحديد.. وتعود ملكه من جديد..
بالتأكيد ستسعد، يتخيل هيئتها بتلك اللحظة.. فيتنهد…
….. بينما كانت نورهان مشغولة بمكتبتها.. رغبة تجديدها وتزيينها تمتلكها
تراقب.. تدقق بما يفعله الشاب الذي جاء من أجل أن يطلي بعض الأرفف الجديدة ..
ذلك الشاب تعرفه جيدًا.. كان ينوي خطبتها فور أن تنهي الدبلوم..
من أسرة بسيطة كحالها.. تعليم أقل من المتوسط.. وملامح عادية أحرقتها شمس الضهيرة..
ولكنه سافر، والنصيب كان له رأي آخر..
من حين لآخر يرمقها من بين رموشه، وهي تتجاهل.. تّدعي عدم معرفته
وهذا آثار ضيقه..
يسأل وقد نزل لمستواها..
– إيه رأيك في اللون..
تقريبًا هي مدمنة لرائحة الطلاء.. كانت تستنشفه دون ضيق أو استياء
اومأت برأسها..
– حلو… مقّرب للون اللي طلبته..
.. تقترب من الأرفف، لا تلمسها ولكنها كانت تتفحصها
التفت إليه.. تشكره باقتضاب
-شكرًا
تنوي محاسبته، ومغادرته
ولكنه فاجأها يغمغم بحدة مكتومة..
– الشارع كله بيقول انك اتطلقتي..
يستكمل..
-كان ليه الأنعرة م الأول.. ماكنتي تاخدي واحد من توبك..
جرأته ووقاحته أزعجتها.. اكفهرت ملامحها، تحذر
– متدخلش في شئ ميخصكش..
.. تبسط كفها.. والنية واضحة طرد..
-ويللا اتفضل من هنا..
تسحب عدة ورقات لمحاسبته.. ولكنه أزاد من جرعة وقاحته
– أنا معنديش مانع اتجوزك… أنتِ عارفة أني عايزك من زمان..
.. ستخلع نعلها وتضربه فوق رأسه به.. ولكن الصوت الخشن من وراء ظهرها أجفلها.. وارتعدت أوصالها فور سماع النبرة الغاضبة ..
– تحبو أجيب اتنين لمون…!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت القاسم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!