روايات

رواية لماذا أنا الفصل الأول 1 بقلم نورا سعد

رواية لماذا أنا الفصل الأول 1 بقلم نورا سعد

رواية لماذا أنا البارت الأول

رواية لماذا أنا الجزء الأول

رواية لماذا أنا
رواية لماذا أنا

رواية لماذا أنا الحلقة الأولى

أتحرك من هنا، أتنقل على الكرسي بتاعك ده، عايزة أنضف الأوضة مش فضيالك.
ـ أندهيلي أمجد طيب عشان ينقلني على الكرسي.
هكذا هتف وهو مُطأطأ الرأس، بينما هي فلم تصمت، فقط استرسلت قائلة وهي تلتقط المفرش من على الفراش المستلقي عليه:
ـ هو أمجد فاضيلك عشان يجي يحطك هنا ويجيبك هناك، ما تثبت في مكان ومتتعبناش معاك بقى يا غيث!
كلماتها أهانته وبشدة! لم يتحمل أكثر من ذلك، أسودت عيناه وهتف بغضب وهو يلتقط من يدها ذلك المفرش :
ـ أطلعي برا، أطلعي برا مطلبتش تنضفيلي الأوضة، برا.
غضبت هي الأخرى من كلماته، دفعت الفراش على الأرضية بعصبية وهي تهتف بضجر:
ـ يعني مش كفاية بنخدمك كمان مش عجبك، يا شيخ أتنيل.
ختمت كلماتها وهي تدفع الباب خلفها، مد يده وحاول بأقصى جهده أن يقرّب كُرسيه المتحرك نحوه ولكنه فشل، لهث بعنف أثر محاولته التي بأت بالفشل، وقبل أن تقطر عيناه حزنًا على ما وصل له كان باب غرفته ينفتح من جديد ويدخل منه شقيقه أمجد، وقبل أن يتحدث غيث بشيء هَمّ أمجد قائلًا:
ـ مايا قالتلي أنك محتاجني.
استمع لكلماته وابتسم ساخرًا بداخله، بالتأكيد لا يعلم شيء عن ما يحدث معه بفعل زوجته العزيزة، فاق من شروده على يد أمجد وهي تسنده لكي ينتقل لكُرسيه المتحرك، وبالفعل ساعده على الجلوس، ابتسم له برفق ثم سأله بحنو:
ـ عايز حاجة تاني يا غيث؟
ربت الأخر على كتف شقيقه قائلًا ببتسامة شاحبة:
ـ شكرًا يا أمجد، تعبتك.
ابتسم له ثم استأذن منه وغادر الغرفة، بينما غيث فحرك كُرسيه في إتجاه شرفته العزيزة، صديقته ورفيقة لياليه الكئيبة، كان ينظر للمارة بحسرة والدموع مُتجمدة في مقلتيه، ثوانٍ وأعطى الصراح لدموعه للهبوط، كان يبكي ويتنحب على حاله، حرك كرسية ببطيء نحو المرآة، نظر لإنعكاسة فيها وارتسم على شفتيه ابتسامة ساخرة، هل حقًا تلك الهيئة هو غيث فريد المنشاوي؟ هل ذلك الفتى الذي يبكي مثل الطفل الصغير هو غيث أصغر وأنجح شاب في مجال الأستراد والتصدير، غيث الذي كان من شهر واحد فقط كان يُدير أكثر من ثلاث فروع مختلفة من الشرِكات التابعة لممتلكات والده ، غيث صاحب المركز والسلطة والمال أصبح لا حول له ولا قوة! فَمن يصدق أن شاب في مكانته ذلك يحدث فيه كل هذا، ويصبح جليس لكرسي مُتحرك غبي! غير قادر على فعل أي شيء لنفسه، كيف لشاب مثله أن يتأقلم على وضع مثل ذلك، ويطلب منه الجميع أنه يرضى بقضاء الله، كيف عليه أن يرضى وحياته أنقلبت رأسًا على عقب منذ تلك الحادثة!
سمع طرقات على الباب؛ فَمسح دموعه سريعًا والتفت للطارق، ولم تكن سوى مايا زوجة شقيقه، سمح لها بالدخول؛ فأخبرته أن الغداء على الطاولة في الخارج وتركته وغادرت الغرفة دون السماع لرده، تَنهد يأسًا من أفعالها، ثم حرك كرسيه وأتجه نحو طاولة الطعام؛ فهو منذ الحادث وهو يقيم معهم في المنزل؛ بنائًا على رغبة والده ورفضه لمكوثه بفرده، بالفعل تحرك نحو مائدة الطعام، كان الجميع يأكل في صمت؛ ولكن قطع ذلك الصمت سؤال أمجد الذي طرحه وهو ينظر في الطبق أمامه.
-هي الشركات مين هيديرها ويتابعها دلوقت يا غيث؟
رد عليه الأخر دون النظر إليه: أنا هتابعها بنفسي.
نظر له بتعجب ثم ترك المعلقة وبدل نظراته إلى مايا زوجته، ثم تسأل قائلًا: أزاي يعني؟ قصدي هتديرها أزاي وأنت هنا؟
– مين قالك أني هديرها وأنا هنا؟ خلال أخر الأسبوع في عربية مُجهزة هتكون جاهزة عشان أتحرك بيها؛ فَهنزل بيها الشركات وأتابع شغلي زي الأول وأحسن، ولو في أي شغل في أي فرع غير الفرعين بتوع القاهرة أبقى خلصه أنت.
انتهى من حديثه وواصل طعامه في هدوء، أما أمجد فَظل ينظر لمايا نظرات ذات مغزى هي تفهمها جيدًا، قابلت الأخرى نظراته وغيظه من حديث أخيه بابتسامة شامته!
أنتهوا من تناول الطعام ودخل كل منهم غرفته،
دخل غيث لغرفته، حاول بكل جهده أن ينقل جسده من الكرسي إلى فراشه، وبعد عناء نجح بالفعل، فتحركه من الكُرسي للفراش أسهل بكثير من العكس! كان يلهث بعنف شديد أثر الجهد الذي بذله، مسح قطرات العرق التي تكونت على جبينه، كان سيدخل مرة أخرى في نوبة من البكاء والحسرة على حاله، ولكن ترك على باله ملاكه، تلك الفتاة التي تسكن قلبه وفؤاده؛ فَهو يقسم أن لولا وجودها في حياته إلى الآن لكان في عداد الموتى مُنذ ما حدث له؛ فَهي التي تصبره على كل شيء يحدث حوله، فَهي مصدر سعادته في هذه الدنيا، تذكر أنه لم يهاتفها اليوم، خرّج الهاتف ودوَّن رقم هاتفها التي يحفظه عن ظهرًا من قلب، ثوانٍ حتى جاء ردها من الجهة الأخرى قائلة:
– غيث، عامل أيه يا حبيبي؟
ابتسم في حين سمع نبرة صوتها الحنونة، وببتسامة تشق وجهه كان يرد عليها قائلًا:
– وحشتيني أووي يا مليكة.
-مش أكتر مني.
ظل صامت للحظات حتى صاحت عليه مليكة من الجهة الأخرى لتطمئن أنه مازال معها على الهاتف، أجاب عليها ثم قال بتردد: مليكة ما تيجي نخرج؟
لم يأتيه الرد على الفور؛ فَمليكة صمتت لثوانٍ حتى سمعته يهتف ويقول: لو مش عايزة عادي أنا مش ه..
قاطع حديثه صوتها من الجهة الأخرى وهي تقول:
– بس بس، في أيه يا بني؟ أنا كُنت بفكر هنتقابل فين مش أكتر، اشطا نتقابل بكرا.
ابتسم فور موافقتها؛ فشعر بالسعادة تتسلل لخلاياه دون أدنى مجهود؛ فَهو من يوم الحادث وهو يخشى أن يخرج معها، يخشى إنها تخجل من منظره أمام المجتمع، كان يخاف من نظرة الرفض أو الشفقة أمام محبوبته، فيما أصعب أنك تشعر إنك أصبحت عاله على المجتمع وعلى من حولك أيضًا، وأصعب من كل هذا وذاك أن يحدث لك كل ذلك أمام فتاة أحلامك، أمام الفتاة التي من المفترض أنك كنت في يوم من الأيام فتى أحلامها أيضًا وحبيب قلبها وعينيها! لا يوجد أصعب من شعور النقص أمام أعز شخص لقلبك؛ فتصبح تخشى كل شيء، تخشى أن تظهر أمامه من الأساس، لأنك لا تريد أن ترى في عيناه نظرة شفقة مثل الجميع!
أنتهى من المكالمة وهو يبتسم، فأتفقا أنهم على معاد غدًا في السادسة مساءًا، ومليكة أخبرته إنها سوف تأتي له لكي يخرجوا سويًا.
*******************
NORA SAAD
مَر اليوم بسلام، وجاء اليوم المنتظر؛ فَغيث من الساعة الرابعة عصرًا وهو يتحرك بكُرسيه هنا وهناك لكي يتنهي من مظهره النهائي، بعناء كان يرتدي ملابسه التي أختارها بعناية شديدة، كان يصفف شعره هكذا ثم يغضب من شكلها النهائي ويقرر تصفيف شعره بطريقة أخرى، ساعتان متواصلين كان يجهز نفسه لكي يقابلها، كان يتصرف كَفتى مراهق ذاهب لمقابلة حبيبته لأول مرة ويريد الظهور أمامها بأحسن مظهر، كانت مايا تأني تنظر له بتعجب كل فترة والثانية ثم تتركه وتمشي بعيدًا، بالتأكيد بعد رميها لبعض الكلمات التي تُعجر صفو ذهنه، لكن غيث لم يشغل باله بها كثيرًا؛ فَهو كان سعيد وقرر أنه سيحافظ على تلك السعادة حتى انتهاء اليوم، لكن لم تستمر تلك السعادة كثيرًا، فجاءت مايا تترك على غرفته للمرة التي لا يعرف عددها وهي تهتف بحنق.
– ست الحسن برا أخرجلها يخويا.
كانت تلك كلمات مايا من خلف الباب، فتح الباب فور سماعه لحدثها، رمقها بنظرة حادة جعلها تخاف وتفرر من أمامه سريعًا، تحرك بكرسيه نحو ردهة المنزل، كانت مليكة تجلس على الأريكة وتنظر للأسفل، نظر إليها بعشق؛ فَهو كان مشتاق إليها كثيرًا، أقترب منها بهدوء حتى شعرت هي بهِ، نظرت له بحب ثم تبادلوا التحيه، ظل يتفحصها بنظراته العاشقة لها؛ فكانت ترتدي فستان لبعد الركبة من اللون النبيتي، والكُم يصل لمعصمها، وتطلق لشعرها حرية الإنطلاق، ظل يتأمل ملامحها حتى خجلت من نظراته لها فلكزته في ذراعه وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه، قهقه عاليًا على خجلها ثم قال لها: طب يلا نتحرك؟
وافقته وقامت لتسبقه لباب المنزل كما أعتاد، ثوانٍ وكان تأخر عليها، فصاحت من مكانها.
-ما يلا يا غيث.
كان غيث ينظر لها بحزن وهو يتحرك بكرسيه بصعوبة، أما هي فسبّت نفسها من الداخل؛ فَهي لم تتأقلم على الوضع الجديد؛ فَهي دائما ترهُل نحو الباب وغيث يأتي خلفها، ولكن الوضع الآن مختلف؛ فَغيث ليس غيث الذي تعودت عليه في الماضي، وتصرف مثل ذلك بالتأكيد سيشعره بالعجز، عَضت على شفتها السفلية بخجل ثم تحركت نحوه ومسكت مقبض الكرسي وبدأت في تحريكه وهي تقول مازحه: أنت مش بتعرف تسوق على فكرة.
صمت ولم يجيب فهتفت هي: خلاص هبقى أسوق أنا على طول، شوف شوف أنا بسوق بسرعة أزاي يا بطيء؟ يختاااي.
نهت حدثها وهي تصتدم بالكرسي في عمود أمامها، صاح بها غيث إنها تحظر، ولحقه صراخ مليكة التي اصتدمت بالفعل بالكرسي في ذلك العمود، أرتدوا للخلف بعنف، ومليكة سقطت على ظهرها بسبب حذائها الذي أنحرف بها، كان سيمد يده لها لكي يساعدها للنهوض لكنه عندما نظر لهيئتها أنفجر ضاحكًا؛ فكانت تجلس على الأرض وتعقد ذراعيها أمام صدرها وهي تنظر لها بتذمُر شديد، ثوانٍ ثم أنفجرت ضاحكة معه هي الأخرى، مَد لها يده حتى يساعدها للنهوض ثم هتف: يكش تاخدي بالك شوية عايزين نوصل سُلام، لحسن المرة الجاية ننزل نلحس الأسفلت.
تذمرت فقالت وهي تعدل من ثيابها: أنا مالي هو كرسيك اللي بيوقع، وبعدين العمود اللي ظهر فاجأة.
ضحك عاليًا وقال: خلاص هما اللي غلطانين معلش.
دقائق من السير حتى وصلا للمطعم، فَكان مطعم بجانب البيت، وهم أعتادوا أن يتناولوا فيه الغذاء مع مشربهم المفضل.
أنتهوا من تناول الطعام وظلوا يتحدثون في عدة أمور مختلفة، حتى قال غيث لينهي الصراع الذي يقوم كل ليلة بداخله.
-مليكة أنا عايز أكلمك في موضوع مهم.
أخذت رشفهطة من كوب العصير الذي أمامها ثم قالت: خير؟ في أيه؟
شبك كفتي يداه وقال بتردد: أحنا قبل الحادثة كنا مرتبطين، وخطوبتنا مكملتش شهر، أنا.. أنا بحبك، وأتمنى أني أكمل حياتي معاكِ… بس.. بس أنا عارف أن وضعي دَ مش سهل، وأنتِ حقك ترفضي، أنتِ مفيش حاحة تغصبك أنك تكملي في علاقة متعبة ومُهلكة زي دِ، لو قررتي ترفضي يا مليكة أنا هكون مقدر، وهحترم قرارك أين كان أيه يا بنت الناس.
نهى حديثه وظل يراقب تعبيرات وجهها بتآنّي، كان صدره يعلو ويهبط بعنف، ظل يضرب بأصابعه على الطاولة في توتر، كان ينتظر ردها عليه، أما هي؛ فنظرت له ورسمت على شفاتيها ابتسامة أنتصار! وقالت….
*******************
NORA SAAD
ننتقل لمكان أخر، كان أمجد يجلس في مكتبه ويجرى مكالمة هاتفية مع والده.
-حضرتك عملت أيه في الموضوع اللي قولتلك عليه؟
-اللي هو أيه؟
نظر للهاتف بغيظ ثم صاح غاضبًا: أنت نسيت يا بابا!
قابل صياحه الأخر بحده: أخلص يا أمجد أنا مش فاضيلك.
تنهد الأخر بيأس ثم تمتم بداخل نفسه: هو أنت من أمتى فاضيلي يعني!
تنهد ثم هتف بحنق: موضوع التوكيل، مش طلبت منك أنك تلغي التوكيل اللي كنت عامله لغيث دَ.
صاح فيه والده من جديد بغضب: تاني يا أمجد! قولت مش هلغي توكيلات.
غضب من رده؛ فَثار غاضبًا: ليه يعني؟ ما غيث الأول كنت عامله التوكيل عشان كان قادر يدير الشريكات، لكن دلوقت هيدير لك الشغل أزاي وهو مشلول؟! هو قادر يخدم نفسه!
هتف فيه بعصبية: أخرس، أخوك دَ هو اللي كان شايل الشريكات كلها على دماغه من يوم ما شد حيله ونصب طوله، تيجي دلوقت تقولي ألغي التوكيل! الشريكات غيث هو اللي هيفضل يدريها يا أمجد، هيديرها وهو قاعد في مكانه، وياريت متفتحش الموضوع دَ تاني.
ثار أمجد من جديد، وصاح: أيووه يعني أزاي؟ هو عِند وخلاص!
هدأ فريد من حاله ثم قال له: هو أنت يعني عايزني احبط أخوك؟ عايزني أحسسه بعجزه؟
ثم واصل بتحذير: اسمع يا أمجد، طول ما أنا مسافر التوكيل هيكون في أيد غيث، وبالنسبة ليك فَتمشي بتعليماته، يعني أنت دراعه اليمين عايز أيه تاني يا أخي؟ بس أنت أفلح بس وأتعلم منه حاجة.
زمجر أمجد وهو يكاد ينفجر بسبب أفعال والده: تمام على رحتك، سلام.
أغلق المكالمة وظل يُسّب ويلعن في غيث وأفعال والده التي لم ولن تتغير، فَمن الصغر وفريد والد الفتيان يفضل غيث عن أمجد في كل شيء، حتى العمل؛ فَعندما قرر أن يكافئ أحد فيهم ويمسك معه الشريكات، أختار غيث، درّبه وعلمه كل شيء في مجال الإستراد والتصدير، وساعده في ذلك مهارة غيث وسرعة بديهته، وفي أقل وقت أصبح ذراع فريد المنشاوي الأيمن، وبعد سفر فريد للخارج أصبح غيث هو المسئول الأول عن جميع فروع الشريكات، وفي أقل وقت كان له أسم له وزنه في سوق العمل، ولكن أمجد يظن أنه الأن أفضل من غيث؛ فَهو عَاجز الآن، فَهو بالتأكيد أفضل منه، وسيدير الشريكات أفضل منه، فَهو في الفترة الماضية كان يُدرب حاله جيدًا، لكي يتمكن من العمل أكثر، ويفهم كل شيء فيه، فحلمه مُنذ زمن إنه يمسك شريكات والده في يوم من الأيام، وكان يظن أن ذلك اليوم أقترب، ولكن من الواضح أنها أحلام فقط! فَوالده رغم عَجز غيث فمزال متمسك بهِ! ويظل أمجد يسأله نفسه، ماذا يوجد عند غيث ولا يوجد لدي؛ لكي يحبه ويفضله عليَّ لهذا الدرجة؟ حتى وهو عاجز هكذا يفضله عنيّ!
**************
عوده مرة أخرى في المطعم الذي يجلس فيه غيث ومليكة.
أما هي فنظرت له ورسمت على شفايفها ابتسامة أنتصار! وقالت

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لماذا أنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!