Uncategorized

رواية خط أحمر الفصل الأول 1 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

 رواية خط أحمر الفصل الأول بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

رواية خط أحمر الفصل الأول بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

رواية خط أحمر الفصل الأول بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

لم يقدر على تهدئة أنفاسه السريعة التي كان لها صوت مخيف مرعب ، كانت نظراته تجوب المكان بحثًا عن وسيلة نجاه بينما كان الآخر يقيد حركة يده بإحكام ، كان هذا الرجل قوي الجسمان يلف ذراعه حول رقبته بقوة محاولا خنقه حتى لا يتمكن هو من الهرب وبيده الأخرى يلصق فوهة مسدسه برأسه دون رحمة ، لم يجد «طيف» وسيلة للهرب فأي محاولة تعني إنتهاء حياته وحياة زوجته في اقل من ثانية لذلك تحدث بصوت متحشرج يخرج بصعوبة وهو ينظر بضعف إلى «نيران» التي كانت تقف قبالتهم وتحاول ترجي هذا الرجل ذو القلب المتحجر :
– أمشي يا نيران .. أنا مش مهم هو عايزني أنا بس .. المهم الخسارة متبقاش كبيرة ، انتي حامل .. بالله عليكي أمشي 
ضمت هي وجهها بين كفيها بألم شديد وهي تبكي بصوت مرتفع واخيرا تحدثت بصوت ضعيف يأبى الخروج :
– مش هقدر اسيبك وامشي يا طيف ، لو هتموت فأنا هموت معاك .. طريقنا كان من الأول واحد وهيفضل واحد حتى لو نهايته موتنا إحنا الاتنين 
اغلق عينيه بأسى شديد لتخرج عبرة من طرفيها قبل أن يتابع مجددا طلبه منها بصوت هادئ يتنافى مع هذا الموقف العصيب :
– أنا موافق على كلامك بس ابننا ملوش ذنب ، لو لوحدك هوافقك تكون نهايتنا مع بعض لكن كدا صعب ، علشان خاطري امشي علشان الخساير تبقى قليلة ، هو قال لو مشيتي هيخلص عليا أنا بس لكن لو فضلتي هيقتلنا إحنا الاتنين ، بالله عليكي اتحركي يا نيران 
هزت رأسها بتوتر شديد وزادت دموعها في الانهمار وهي ترجع بظهرها للخلف لكي تنفذ طلبه الصعب ، وصلت إلى باب هذا المخزن ورددت بصوت ضعيف للغاية من بين بكائها :
– أنا آسفة يا طيف مقدرتش احميك ، أنا آسفة .. غصب عني والله .. غصب عني  
على الجهة الأخرى بداخل هذا المخزن بعد خروج «نيران» منه إبتسم هذا الرجل بإنتصار قبل أن يقول بثقة :
– لقد فعلت الصواب وانقذت حياة زوجتك وطفلها ، أنت الآن لي وحدي .. لن تموت إلا على يدي ، سأنال هذا الشرف .. الأمر بسيط وليس معقدًا كما اعتقدته 
ابتسم «طيف» ورفع اتجاه بصره إلى الاعلى حيث رأس هذا المجرم الذي يقيد حركته بالكامل وقال بعدم خوف :
– واضح إن أنا ورجالتي علمنا عليك وعلى كل اللي تبعك علشان كدا شايف إنه شرف ليك قتلي ، خليك عارف بس إنك كل ما تقتل حد مننا هتلاقي مكانه ألف ، أنا مش خايف منك ، أيوة أنا مربوط وانت اللي معاك السلاح بس أنت دلوقتي اللي خايف مش أنا ، اقتلني علشان أي تأخير فيه ضرر ليك انت 
ضحك الآخر بسخرية وبحركة قوية دفعه فسقط أمامه على الأرض قبل أن يوجه سلاحه إلى جسده دون رحمة وقبل أن يتحرك «طيف» أطلق هو رصاصة من مسدسه لتستقر في صدره لتتحول قوته واصراره إلى ضعف ، سقط بجسده على الأرض وتنفس بصعوبة وهو ينظر الى السقف قبل أن يظهر في الصورة «ظافر» الذي كان واقفًا ومبتسمًا لما فعله به ، تحرك خطوة تجاهه وقال بثقة شديدة :
– نحن أكثر قوة منكم ، أنت الآن جريح وضعيف ، عليك أن تدرك ذلك .. كانت الرصاصة الأولى لإضعافك أما الثانية فستنهي حياتك على الفور 
رفع مسدسه مرة أخرى تجاهه وأطلق رصاصته الثانية لتهدأ أنفاسه وتسقط يده بجوار رأسه وسط الدماء التي خرجت من جسده بغزارة معلنة إنتهاء كل شيء …
“قبل شهر”
انتهت الطبيبة من الكشف على «نيران» وخرجت مبتسمة إلى «طيف» الذي كان يجلس قلقًا فهو لأول مرة يوضع في هذا الموقف ، نهض مسرعًا وقال بلهفة وهو ينظر إلى الطبيبة :
– طمنيني يا دكتورة عليها هي كويسة هي والجنين ولا ايه 
إبتسمت الطبيبة قبل أن تشير إليه بالجلوس وهي تقول بهدوء :
– أهدى يا سيادة الرائد .. نيران بخير والجنين الحمدلله بخير ومفيش أي داعي للقلق هي بس تستريح وبلاش مجهود جامد وهتبقى بخير إن شاء الله
تنفس بأريحية وعاد بظهره إلى الخلف لكنه سرعان ما عدل من وضعية جسده مرة أخرى وهو يقول بلهفة :
– صحيح يا دكتور هي حامل في ولد ولا بنت ؟
إبتسمت الطبيبة وهي تنظر إلى إلى «نيران» التي خرجت من الداخل ثم حولت بصرها إليه مرة أخرى وهي تقول :
– أنت عايز ولد ولا بنت ؟ 
نظر إلى زوجته وردد بإبتسامة وحب :
– اللي يجيبه ربنا أنا راضي بيه بس نفسي في بنوتة قمر زي أمها 
إتسعت إبتسامة الطبيبة وقالت بهدوء :
– إن شاء الله خير ، هي لسة في بداية التالت وصعب تحديد جنس الجنين دلوقتي لكن بداية الخامس او السادس هقدر بسهولة أحدد ، متستعجلوش 
هز رأسه بالإيجاب ونهض من مكانه ثم اتجه إلى «نيران» وأمسك يدها بحب قبل أن ينظر إلى الطبيبة ويقول :
– شكرا جدا يا دكتور ، بعد اذنك 
رحل بصحبة زوجته واتجه إلى سيارته ليستقل هو المقعد الأمامي خلف المقود بعدما فتح لها الباب الامامي بجاوره وساعدها على الدخول ، ما إن استقر في جلسته حتى نظر إليها بإبتسامة وحب قائلًا :
– مش قادر استنى لغاية اما اشيل النونة بين ايدي كدا واهديها لما تعيط ، ياااه هو مينفعش نسافر بالزمن ليوم الولادة علطول ؟ 
ضحكت هي من لهفته وعدم قدرته على الإنتظار ، وضعت يدها على يده بحب وهي تقول :
– الأيام بتجري يا حبيبي ، هتعدي بسرعة وهتلاقي نفسك يوم الولادة وهتكون مرعوب وخايف وبتدعي إن ربنا يخرجني بالسلامة أنا والنونة 
إبتسم لمجرد تخيله وقال بهدوء :
– لغاية ما يجي اليوم ده متتحركيش خالص وانسي إنك كنتي ظابط شرطة نهائي ، اديكي خدتي اجازة يعني معندكيش حجة 
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول بموافقة :
– متقلقش بس صحيح استغربت انك عايز بنوتة ، افتكرتك زي المعظم عايزين أولاد
رفع كتفيه بحركة تلقائية وهو يجيبها بهدوء :
– اللي يجيبه ربنا أنا راضي بيه بس أنا عايز بنوتة علشان نفسي يكون ليا بنت ده غير إن البنت بتبقى حنينة وحبيبة أبوها ، هصحابها واحسسها إني اخوها وصاحبها قبل ما أكون أبوها ، هربيها واخليها تلجألي في أي موقف ، تحكيلي كل حاجة لأنها واثقة إني هقف جنبها وهساعدها ، بصي خليها في وقتها ويلا بينا اروحك علشان بابا لو مروحتش المديرية خلال نص ساعة هيصدر أمر بالقبض عليا ، ابويا وانا عارفه
ضحكت «نيران» ورددت بإبتسامة :
– طيب يلا أتحرك علشان تلحق 
***
خرج من المرحاض وهو ينشف المياه من على وجهه ثم اتجه إليها وجلس بجوارها بهدوء قبل أن يبعد خصلات شعرها عن وجهها حتى يستطيع النظر إلى وجهها البرئ أثناء نومها ، إبتسم تلقائيا عندما رأى براءة وجهها وجمالها فتقدم وطبع قُبلة على جبينها وهمس باسمها :
– ياسو .. ياسمين حبيبتي 
حركت رأسها بخفة قبل أن تفتح جزء بسيط من عينيها وهي تقول :
– أيوة يا حبيبي فيه حاجة ؟ 
إبتسم بحب وهو يضم وجهها بين كفيه قائلًا :
– قومي يلا إحنا بقينا الضهر وبعدين النهاردة آخر يوم في شهر العسل وأكيد يعني أنتي مش عايزة تضيعيه في النوم 
أسرعت واعتدلت في جلستها قبل أن ترسم إبتسامة على وجهها قائلة :
– اكيد طبعا ..عايزين نستغل اليوم ده قبل ما نرجع لهم الشغل تاني أحسن إحنا ورانا شغل مينتهيش وشايلة همه من دلوقتي 
وضع يده على يدها وقال بإبتسامة :
– أنسي الشغل دلوقتي وخلينا في وقتنا مع بعض ، يلا قومي خدي دش عقبال ما أطلب الفطار 
نهضت من مكانها وهي تقول بسعادة بالغة :
– حاضر يا حبيبي 
***
وصل إلى مديرية أمن القاهرة بعدما قام بإصال زوجته إلى المنزل ثم صعد إلى الأعلى واتجه إلى مكتب اللواء «ايمن» الذي قام بمهاتفته وطلبه بمكتبه لأمر هام ، طرق الباب ثم دخل على الفور ليتفاجئ بوجود «رماح ، فهد ، زين» فابتسم وقال مازحًا :
– اوباا أيه ده فهد وزين ؟ الاتنين العرسان هنا ! ده الموضوع شكله كبير بقى 
هنا تحدث اللواء «ايمن» وهو يشير إلى المقعد المقابل لهم : 
– أيوة الموضوع مهم جدا ، أقعد علشان تفهم كل حاجة
نفذ أمره وجلس على مقعده قبل أن يوجه بصره بإتجاهه قائلًا :
– اديني قعدت ، أيه بقى الموضوع المهم ده يا سيادة اللواء ؟
شبك أصابع يديه أمامه على المكتب ونظر إلى كلٍ منهم قبل أن يقول بجدية :
– فيه فريق بيتكون لتنفيذ عمليات ضد الاوكار الإرهابية في العريش والشيخ زويد ، الفريق ده اتطلب مني اكفئ الظباط علشان يبقوا في قيادته وطبعا اختارتكم انتوا علشان رجاتي وانا واثق إنكم قدها ، السفر هيبقى النهاردة الفجر وطبعا محدش يعرف خالص انتوا رايحين فين واللي يسأل تقولوا سفر لمهمة بدون ذكر أي تفاصيل ، هتتجمعوا في منطقة “…” وبعدين هتيجي عربية تاخدكم للمطار علشان هتسافروا بطيارة خاصة وكل التفاصيل بخصوص الفريق والعمليات اللي هتنفذوها هتعرفوها في وقتها 
صمت قليلًا ثم بدل نظراته بين «زين» و «فهد» وقال بإبتسامة :
– معلش بقى يا عرسان ، اللي جاي صعب ومحتاج تركيز والمهمة دي خطيرة علشان كدا اختارتكم انتوا بالذات .. حد عنده سؤال ؟ 
رفع «طيف» يده فأشار له اللواء «ايمن» بيده كي يتحدث فتحدث هو على الفور قائلًا :
– بس الفريق ده معانا حد تانــ … 
قاطعه اللواء «ايمن» بجدية وقد عرف سؤاله :
– قولت كل حاجة هتعرفوها في وقتها 
رفع «طيف» حاجبيه وردد بخفوت :
– امال أيه حد عنده سؤال طالما مش هتجاوب 
نظر إليه «ايمن» وقال بتساؤل :
– بتقول حاجة يا طيف ؟ 
رفع «طيف» رأسه وقال بإبتسامة :
– لا أبدا بقول تمام سعادتك اللي تؤمر بيه 
هز رأسه بالإيجاب وقال بجدية :
– اها تمام ، اتفضلوا روحوا اجهزوا للسفر واها قبل ما أنسى .. المهمة مش يوم او يومين ، اعملوا حسابكم على فترة طويلة هتقضوها هناك يعني تاخدوا كل اللي يلزمكم ، اتفضلوا 
نهض الجميع وتحركوا إلى الخارج قبل أن يتجه «طيف» إلى «زين» ويقول مازحًا :
– عاش من شافك يا عريس ، ما شاء الله وشك نور بعد الجواز .. انت هكرته ولا أيه 
ضحك «زين» بصوت مرتفع قبل أن يقول بمرح :
– قر قر اديني هسافر واسيب العروسة كام شهر
رفع «طيف» أحد حاجبيه وقال بإبتسامة :
– أقر ليه ياعم ما أنا متجوز ووشي منور وزي القمر اهو وبعدين العروسة لازم تتعود على حياة رجل الشرطة وبالذات اللي شغال تحت أيد اللواء ايمن ، تصدق إني إبنه وكنت قاعد بفطر معاه الصبح ومجابش سيرة مهمات خالص .. بيحب يفاجئني هنا ، يا مستني طبع بابا يتغير يا مستني الطويل يبقى قُصَيّر 
ارتفعت ضحكات «زين» الذي خبط بيده على يده الأخرى قبل أن يقول بمرح :
– يخربيت أمثالك ياجدع .. سيادة اللواء لو سمعك دلوقتي مش هيهمه إنك إبنه وممكن يحبسك 
هز رأسه بالإيجاب وأكد على حديثه قائلًا :
– تروو عندك حق ، ربنا يجعل كلامي خفيف عليه 
أقترب «رماح» منهما وقال بجدية وهو يشير بيده :
– ياريت نبطل رغي وضحك ونروح نحضر شنط السفر ونجهز علشان مش عايزين تأخير 
رسم «طيف» إبتسامة وهمية على ثغره قبل أن يقول بهدوء :
– حاضر يا باشا لا تقلق هنكون موجودين في المكان المحدد في الوقت ومش هنتأخر
بدل نظراته بينهما بعدما لوى ثغره ثم استعد للرحيل وهو يقول بعدم رضا :
– طيب أما نشوف 
رحل «رماح» ونظر «زين» حوله وهو يقول متسائلًا :
– امال فهد اختفى فين ده لسة خارج معانا !
ضحك «طيف» وقال مازحًا وهو يخبط بيده على يده الأخرى :
– مستحملش ياعيني راح يبلغ العروسة علطول ، صعبان عليا الواد ده .. مكملش اسبوع ونص جواز وهيتجر معانا 
رفع «زين» أحد حاجبيه وهو يقول معترضًا :
– على أساس إني شبعت جواز يعني ولا أيه منا لسة عريس وهتجر معاكوا 
هز «طيف» رأسه بالنفي وهو يقول بإبتسامة :
– أنت عريس بقالك شهر إلا يومين أو يوم إنما الغلبان ده يادوب كمل اسبوع ويومين بالعافية ، الصراحة انتوا الاتنين غلابة وانا غلبان معاكم علشان مراتي حامل وهسيبها ، نبقى ناخد اوضة هناك ونقعد نعيط فيها براحتنا .. خلينا نروح نجهز اشيائنا علشان منتأخرش ورماح يبهدلنا 
رحل الإثنين ليكونوا على استعداد تام للسفر فجر اليوم ، وصل «طيف» إلى المنزل ووضع يده بداخل جيب بنطاله ليخرج المفتاح لكنه لم يجده فضغط على الجرس ولم يسحب يده إلا عندما فتحت شقيقته «رنة» الباب وهي تقول معترضة :
– يابني هو اللي بيفكرك بمفتاح عربيتك مش بيفكرك بمفتاح البيت ؟ لأمتى هتفضل تنسى المفتاح ! 
دلف إلى الداخل وهو يدفعها بخفة قائلًا :
– لغاية ما لسناك الطويل ده يتقص ، وسعي من وشي أحسن أنا عندي مهمتين أصعب من بعض ومش عارف هخلصهم إزاي
رفعت أحد حاجبيها وهي تقول متسائلة :
– اوبا يبقى عايز تقنع ماما بحاجة وبما إنهم مهمتين يبقى هتقنع ماما ونيران صح ؟
هز رأسه بعدم رضا وهو يتجه إلى الداخل قائلًا :
– ناصحة .. أيوة صح ربنا يستر بقى 
اتجه إلى الداخل ثم توجه إلى المطبخ ليجد والدته تقوم بإعداد الغداء فتقدم وقبل يدها وهو يقول بإبتسامة :
– مساء الخير على أجدع أم في المجرة والمجرات المجاورة ، أيه الجمال ده وشك منور النهاردة 
ضيقت نظراتها لبضع ثوانٍ قبل أن تقول بتعجب :
– انت جاي بدري وبتبوس ايدي وبتقول كلام حلو يبقى عايز تقول حاجة أو تطلب طلب صح ولا لا يا طيف ؟
رفع أحد حاجبيه بتعجب وفرك فروة رأسه بحيرة قبل أن يقول بإبتسامة مصطنعة :
– أيه الجمال ده يا ماما ده أنتي لو مهكرة شخصيتي مش هتفهميني بالسرعة دي ، الصراحة أيوة فيه حاجة هقولهالك بس عايزك هادية كدا وريلاكس اشطا ؟ 
تركت ما بيدها والتفتت بالكامل له قبل أن تقول بتساؤل :
– حاجة أيه دي ؟ أنا ريلاكس أهو قولي عملت مصيبة أيه
اتسعت ابتسامته قبل أن يجلس على المقعد الموجود بالداخل ويقول بهدوء :
– لا لا مصيبة أيه يا ماما أنا كبرت على المصايب ،  أنا تم تكليفي بمأمورية وهسافر وممكن السفر ده يطول شوية .. اسبوع شهر شهرين على حسب يعني 
سحبت هي مقعدًا آخر وجلست أمامه قبل أن تقول معترضة :
– أنا مش موافقة من قبل ما تناقشني 
رفع حاجبيه بدهشة قبل أن يقول بجدية :
– مش موافقة ايه يا ماما هو أنا طالع رحلة ؟ ده تبع الشغل .. انتي عايزاني اترفد وبابا يحولني للتحقيق ! 
هزت رأسها بالرفض وهي تقول بلهجة متوترة :
– لا المهمات الطويلة دي مش بترجع منها سليم يا طيف ، اعتذر عن المهمة دي وخلي ابوك يشوف حد تاني .. أنا قلبي مش متطمن 
لوى ثغره قبل أن يقترب بمقعده أكثر منها ثم ضم كف يديها وقبله بحب وهو يقول بإبتسامة :
– يا حبيبتي ده شغلي مينفعش اعتذر واخلي بابا يطلب حد تاني ، لازم ابقى اشطر واحد في شغلي واقوم بكل المهمات اللي بتطلب مني علشان ابقى ناجح كرجل شرطة .. انتي مش عايزة ابنك يبقى بطل ولا أيه ! وبعدين مفيش حاجة هتحصلي غير اللي ربنا مقدرهولي ما ممكن مروحش المهمة وافضل جنبك ويجي اجلي واموت !
اسرعت وقبضت بيدها الأخرى على يده وهي تقول بلهفة :
– بعد الشر عنك يا حبيبي ، خلاص يا طيف أطلع المهمة .. طبعا عايزاك بطل وبطل الأبطال كمان بس خلي بالك من نفسك وارجعلي علشان مش هقدر اعيش من غيرك 
إبتسم ابتسامة خفيفة ورفع يدها مرة أخرى ليقبلها قبل أن يردد بهدوء :
– إن شاء الله هرجع زي ما برجع كل مرة ، يلا بقى هقوم علشان اقول لنيران على المهمة واجهز حاجتي اللي هسافر بيها
ربتت على يده بحب وقالت بابتسامة :
– طيب يا حبيبي عقبال ما تجهز كل حاجة اكون أنا واختك حضرنا الأكل 
تركها وصعد إلى الأعلى وما إن وصل إلى الباب حتى طرقه بخفة وانتظر قليلا فلم يجد إجابة فعاد ليطرق الباب مرة أخرى لكن دون رد ، رفع أحد حاجبيه بتعجب وهو يقول متسائلًا :
– اممم ياترا نيران بتاخد شاور ومش سامعة الصوت ولا نايمة ! أنا اتصل بيها وخلاص 
وبالفعل قام بمهاتفتها وما هي إلا ثوانٍ حتى أجابته وهي تقول بتساؤل :
– طيف حبيبي 
– حبيبتي انتي فين ؟ 
عقدت حاجبيها بتعجب قبل أن تجيبه بتساؤل :
– في البيت هكون فين يعني ، بتسأل ليه ؟ 
رسم إبتسامة ساخرة على وجهه وهو يقول مازحًا :
– لا أبدا مفيش أصلي بخبط على باب الشقة بقالي ساعة 
– أيه ؟ 
ما هي إلا ثوانٍ وفتحت له الباب وهي تقول معتذرة :
– سوري يا حبيبي أصل ماما طلبت مني أجيب الخلاط علشان نعمل الصلصة وكنت بدور عليه جوا الدولاب ومسمعتش صوت خالص
– خلاط ؟ لا عادي بس الخلاط اللي تحت باظ ولا أيه ؟
هزت رأسها بالإيجاب وهي تجيبه :
– اها طلع ريحة وحشة ولما رنة حاولت تصلحه باظ خالص 
ضحك بصوت مرتفع تلقائيًا قبل أن يقول مازحًا :
– يخربيت فقرها البت دي ، خلاص نزلي الخلاط عقبال ما اخد شاور محترم كدا 
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول بجدية :
– طيب يا حبيبي مش هتأخر عليك 
***
دلف إلى الداخل وبحث بعينه عنها في كل مكان إلى أن وجدها تشاهد التلفاز فاقترب منها بهدوء إلى أن أصبح خلفها مباشرة وصرخ قائلًا :
– عفريييت 
نهضت من مكانها وهي تصرخ برعب :
– اعااااا 
التفتت فوجدته زوجها فقالت بعدم رضا وهي توبخه :
– أيه اللي عملته ده يا زين حرام عليك قلبي وقع 
ضحك بصوت مرتفع واتجه ليجلس بجوارها أمام التلفاز وهو يقول :
– معلش يا حبيبتي بس أنا عندي نقطة ضعف وهي إني مقدرش أشوف حد قاعد لوحده ومندمج ومخضهوش .. قوليلي مسلسل أيه ده 
جلست مرة أخرى بجواره ونظرت إليه قائلة :
– ده مسلسل  the walking dead اهو بسلي نفسي عن غيابك 
تبدلت ملامح وجهه ولوى ثغره وهو يحاول رسم إبتسامة خفيفة على وجهه :
– تسلي نفسك عن غيابي ! امممم احم احم طيب يا قلبي أنا كنت جاي أبلغك إني هسافر النهاردة الفجر في مأمورية وهغيب فترة كدا يعني تقدري تقولي اكتر من شهر 
ظلت موجهة بصرها تجاهه لبضع ثوانٍ قبل أن تعاود النظر إلى شاشة التلفاز مرة أخرى وهي اقول بعدم رضا :
– اهااا طيب .. امال لو مكنتش لسة متجوز بقى كنت هتعمل ايه 
لوى ثغره بحزن واقترب منها ثم وضع يده على يديها بحب وهو يقول بهدوء :
– يا حبيبتي احنا بقالنا حوالي شهر في شهر العسل وده كتير على ظابط شرطة بسبب شغله ، إحنا فضلنا مع بعض شهر بحاله .. لازم تبقي عارفة إن شغلي صعب ولما أقولك عندي مهمة تقفي معايا وتشجعيني علشان اقدر امسك نفسي واستحمل وأنا بعيد عنك
أثر حديثه بها كثيرا مما دفعها لأن تنظر إلى عينه مباشرة وهي تقول بحنو وحب شديدين :
– أنا دعم وسند ليك في أي وقت يا حبيبي ، روح مهمتك وكمل شغلك وانا هستناك وادعيلك ترجعلي بخير 
وضعت يدها على وجهه وتابعت بحب :
– قوم خد شاور عقبال ما اقول لهانم تحضر الغداء وابدأ احضرلك شنطة سفرك 
سحب يدها التي كانت على وجهه وقبلها بحب قبل أن يقول :
– تسلميلي يا حبيبة قلبي .. ربنا يخليكي ليا ويديمك في حياتي
***
ارتدى ملابسه واتجه إلى غرفته فلم يجد زوجته بها فقرر تجهيز ملابسه حتى تأتي ، فتح حقيبة كبيرة وبدأ بوضع ملابسه بها بطريقة منظمة وأثناء اندماجه بما يفعله دلفت «نيران» إلى الغرفة وعقدت ما بين حاجبيها بتعجب وهي تبدل نظراتها بين «طيف» وتلك الحقيبة التي يقوم بوضع ملابسه بها وأخيرا تحدثت وقالت متسائلة :
– بتعمل ايه يا طيف وايه الشنطة دي ؟ أوعى يكون اللي في دماغي صح 
التفت وجلس بجوار تلك الحقيبة وهو ينظر إليها بأسف قائلا :
– اللي في دماغك صح ، سيادة اللواء كلفنا إننا هنكون في قيادة فريق تم تشكيله علشان ينفذ عمليات مداهمة لأوكار إرهابية في العريش ولازم نسافر النهاردة الفجر ، وكمان بلغنا إن فترة سفرنا هتطول يعني شهر شهرين .. كان نفسي تبقي معايا بس أنتي حامل ، تتعوض في مهمة تانية ان شاء الله
اتجهت إليه وجلست بجواره قبل أن تضع يدها على يده وتقول بحب :
– يعني هتسيبني شهر ! مش هوحشك ؟
ابتسم «طيف» والتفت بجسده بالكامل حتى يصبح مواجهًا لها وقال بحب :
– طبعا هتوحشيني ومش عارف هقضي الفترة دي كلها من غيرك إزاي بس أنتي عارفة الشغل شغل والموضوع المرة دي شكله جد شوية ، كل يوم في اخر اليوم هكلمك فيديو ونرغي علشان منوحشش بعض مرضية كدا 
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول بإبتسامة :
– مرضية بس خلي بالك من نفسك ، أنا مش معاك علشان انقذك زي كل مرة
رفع أحد حاجبيه وقال بإعتراض :
– مكانوش مرتين انقذتيني فيهم يا نيران ! وبعدين جوزك زي القطط بـ تسع أرواح ، هقوم أكمل باقي الهدوم علشان ابقى جاهز على السفر علطول 
نهضت هي واسرعت إلى خزانة الملابس وهي تقول معترضة :
– ريح أنت .. أنت لسة جاي من الشغل وأكيد تعبان ، أنا هحضرلك شنطك ومش هنسى حاجة 
نهض هو الآخر واتجه إليها وهو يقول برفض :
– لا يا قلبي أنتي حامل ريحي خالص وأنا هجهز كل حاجة ، مش عايزك تتعبي أنتي ولا بنتنا 
رسمت إبتسامة خفيفة على ثغرها وهي تقول بهدوء :
– يا حبيبي انا لسة في بداية الحمل ومش تعبانة أوي ولسة خفيفة ، ريح أنت وأنا في عشر دقايق هكون مجهزة كل حاجة هتاخدها معاك 
قفز على السرير واراح ظهره من التعب وهو يقول مازحًا :
– لو مكنتيش تحلفي بس 
مر اليوم وتم تجهيز كل شيء ومع دقات الساعة الثانية مساءً إلتقى الجميع في نقطة التجمع واخذتهم سيارة إلى المطار حيث الطائرة الخاصة التي ستنقلهم إلى مدينة العريش وبالفعل انطلقت الطائرة بهم لتعلن عن بداية تحدي جديد ومهمة جديدة أكثر صعوبة 
وصلت الطائرة إلى مدينة العريش وخرجوا منها جميعًا وهم ينظرون حولهم بسعادة إلى أن تحدث «رماح» قائلًا :
– اجهزوا يا رجالة ، كل اللي فات كان يادوب مواجهات غير مباشرة ويعتبر مش حاجة قدام اللي داخلين عليه ، المهمة دي والعمليات اللي هنعملها بتعتمد بشكل كبير على التدريبات اللي اتدربناها ومواجهات مباشرة يعني اللي هيفوز هو اللي أكتر خبرة علشان كدا كل يوم هنتدرب تدريبات شرسة علشان نبقى أقوى واشرس منهم بمراحل ، جاهزين 
ردد الجميع في صوت واحد :
– جاهزين يا فندم 
تحركوا بجوار بعضهما البعض إلى أن التقوا باللواء «كامل» الذي استقبلهم بترحاب شديد وأخبرهم بمكان إقامتهم وانهى حديثه قائلًا :
– دلوقتي يا رجالة العربية دي هتاخدكم علشان توديكم المقر وتريحوا ساعتين من السفر علشان بليل فيه اجتماع مع القيادة علشان تفهموا طبيعة العمليات اللي هتتم وتشكيل الفريق 
هز «رماح» رأسه بصفته قائدهم وردد بجدية :
– تمام سعادتك تؤمرنا بحاجة قبل ما نتحرك ؟ 
– لا اتفضلوا انتوا ، كلامنا كله بليل في الاجتماع
على الجانب الآخر في منطقة شبه جبلية تقدم هذا الرجل الذي كان يظهر على وجهه الجدية وسار بخطوات ثابتة إلى أن وصل إلى هذا الركن الحجري الذي كان يجلس به أحد الأشخاص والذي يبدو أنه قائدهم ، تقدم وجلس على ركبتيه ونظر إلى الأسفل قبل أن يأمره القائد «كارم» بالتحدث :
– تحدث يا أبا هشام ، ما الذي أتى بك إلى هنا 
رفع بصره بهدوء شديد قبل أن يجيبه بثقة :
– وصلتنا رسالة من أبا مصعب ويقول بها بأن قيادة الفريق الذي تقوم الشرطة بتجهيزه قد وصلوا منذ دقائق وينتظر أمرك بخصوصهم 
هز رأسه بحركات ثابتة قبل أن يقول بهدوء شديد :
– أبلغه بأن يتوكل على الله ويقوم بإزالة رأس الأفعى قبل أن تصبح تهديدا علينا وعلى رسالتنا ، يجب تفجير سيارتهم قبل وصولها إلى مقر إقامتهم ولا تنسى أن تخبره بتصوير تنفيذ تلك العملية حتى تصبح تحفيزًا لإخواننا المجاهدين 
نهض «ابا هشام» من مكانه وخفض رأسه وهو يقول بجدية :
– حسنا ، سأقوم بإبلاغه الآن 
سارت السيارة لمسافة طويلة جدا وظلت في طريقها لأكثر من ساعة قبل أن يظهر أحد الأشخاص الذين يخفون وجوههم من خلف أحد الجبال ، رفع سلاحه الذي سيطلق منه الصاروخ أعلى كتفه وبجواره رجل آخر يمسك هاتفه ويقوم بتصوير ما يحدث ، مرت ثوانٍ قبل أن تظهر السيارة في مرمى بصرهم فاستعد الأول ووجه الصاروخ بإتجاه السيارة وتحرك بسلاحه معها بهدوء وفجأة ضغط على الزر لينطلق الصاروخ ويصيب السيارة ليجعلها جمرة من نار …
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى