روايات

رواية أقدار بلا رحمة الفصل الاول 1 بقلم ميار خالد

رواية أقدار بلا رحمة الفصل الاول 1 بقلم ميار خالد

رواية أقدار بلا رحمة البارت الاول

رواية أقدار بلا رحمة الجزء الاول

رواية أقدار بلا رحمة
رواية أقدار بلا رحمة

رواية أقدار بلا رحمة الحلقة الاولى

في احدى العمارات السكنية بالقاهرة ..
صدع صوت صرخاتها و هي تقول له :
– تتجوز عليا أنا .. ليه حرام عليك أنا ذنبي إيه
نظر لها زوجها الواقف أمامها بعصبية و أردف :
– ذنبك إنك جبتيلي بنت .. و انتِ اكتر حد عارف إني كان نفسي في ولد يشيل أسمي
– دي حاجه بتاعت ربنا أنا مليش دخل
– و عشان كده أنا قررت أتجوز تاني .. هي اللي هتجبلي الولد و لو مش عاجبك أخبطي راسك في الحيطه
و أثناء كل هذا الشجار كانت تقف في إحدى الأركان تلك الفتاة الصغيرة ذات ال ٦ أعوام و يظهر منها نصف وجهها الباكي فقط و تستمع لحديثهم حتى قالت الأم
– و أنا مش هرضى إني أكون زوجه تانيه
– ورقة طلاقك هتكون عندك خلال أيام .. أنا مش هقدر استحمل أكتر من كده أنا كمان بني آدم و ليا قدرة تحمل .. انتِ طالق
شَهقت الأم بفزع و طالعها هو بقسوة ثم ألتفت ليخرج من البيت بعصبية لتقع عينيه على طفلته و لكنه لم يهتم و خرج من البيت سريعا، سقطت الأم مكانها و بكت بقهره حتى اتجهت اليها الطفلة الصغيرة و ظلت تربّت على كتفها بحنان .
و مرت بضع أيام على الأم و عصبيتها تزيد يوماً عن يوم على طفلتها حتى صرخت بها بإحدى المرات
– انتِ السبب في كل اللي أنا فيه .. أمشي من وشي !!
فزعت الطفلة من صرخات أمها عليها و ركضت إلى غرفتها ببكاء و ظلت بها قليلا حتى قالت :
– ماما زعلانه مني .. أكيد أنا عملت حاجه لازم أروح أصالحها
و عزمت أمرها و خرجت من غرفتها و اتجهت إلى غرفة والدتها و لكنها قبل أن تدخلها توقفت حين سمعتها تتحدث عبر الهاتف و تقول :
– والله ما عارفه أعمل إيه .. أنا كمان من حقي أتجوز و أكمل حياتي زي ما هو كمل بس مين هيرضى ياخد واحده معاها بنت .. لحد أمتي هفضل دافنه نفسي كده ما أنا كمان نفسي اعيش مش كفاية قبلت أتجوزه و هو أكبر مني كمان دلوقتي مش عاجبه و سابني و رمالي البنت .. أنا لسه صغيرة على الهم ده
كانت الفتاه الصغيرة تسمعها بدموع حتى أدركت أنها سبب تعاسة والدتها و عقبتها في الحياة، و بعقل طفلة قررت أن تبتعد عن حياة والدتها حتى تكون سعيدة، على الأقل هذا ما كانت تظنه، اتجهت الى غرفتها مره اخرى و أخذت دميتها و نظرت إلى غرفتها مرة اخيرة ثم فتحت باب المنزل و نزلت الى الشارع لتضيع بين ثناياه

و لكن ما ذنب تلك الطفلة بكل تلك القسوة ..
و إذا كانت الحياة معروفة بالقسوة و أن اقدارها بلا رحمة، فإن الله هو العدل الذي وسعت رحمته كل شيء ولا يوجد كائن على الارض إلا و هو تحت تدبير الله، أنه لا ينسى عباده ..
في احدى ملاجئ الأيتام بالقاهرة ..
في تمام الساعة الثالثة ظهراً ..
كانت تجلس في إحدى الأركان بحزن و تنظر أمامها بلا هدف و كأنها لا ترى شيئا حتي شعرت باقتراب إحدى اخواتها بالدار منها
– قاعده لوحدك ليه يا براء؟ تعالي العبي معانا
ردت الفتاة الصغيرة التي تسمي براء و التي أصبحت بعمر الثمانِ أعوام :
– مش عايزه العب
– ليه بس ده حتي عيد ميلادك النهاردة
ثم تحركت من مكانها و قالت بحماس :
– زي النهاردة من سنتين انتِ وصلتي للملجأ ده .. صحيح هو فين يامن و كريم ؟
نظرت لها براء بحزن و قالت :
– محدش فيهم جه
– متزعليش هما بيحبوكي جدا .. دول بيجوا الملجأ خصوصا عشانك
نهضت براء من مكانها بغضب طفولي و أردفت :
– لا مش بيحبوني دول نسوا أن النهاردة عيد ميلادي و محدش فيهم افتكرني .. أنا هروح أنام يا سلمي
ثم ذهبت من أمامها و اتجهت إلى الداخل تاركا تلك الجنينه الممله بنظرها، أنها تكون بتلك الحالة في ذهنها عندما توجد بها بمفردها أو بمعني أصح عند غياب أصدقائها الوحيدين بذلك المكان .. يامن و كريم .
ركضت سلمي خلفها سريعا حتى وقفت أمامها و قالت :
– استني بس يا براء أنتِ رايحه فين!
– أنا زعلانه دلوقتي يا سلمي خليني اروح الاوضه
– لا مش هينفع تدخلي
– ليه يعني ؟
نظرت لها براء ببعض الشك ثم دفعتها بخفه و ركضت داخل الدار لتجد المكان مزين بأكمله و كانت البهجة تعم المكان لتتسرب تلك الابتسامة العريضة إلى شفتيها سريعا، نظرت أمامها تحديدا لتجد تجمع كبير من البالونات و قبل أن تقترب خرج من بينهم جميع اخواتها بالدار على رأسهم أصدقائها المقربين يامن و كريم ذو العشرة أعوام ، شهقت براء بفرحه و هي تنظر إليهم فاتجهوا إليها الإثنان و قالوا في وقت واحد :
– كل سنه و أنتِ طيبة يا براء
– إيه ده! .. أنا كنت فكراكم نسيتوني
نظر لها يامن بابتسامة جميلة وقال :
– معقول برضو ننساكي .. أنا آسف أننا اتأخرنا عليكي بس ماما صممت أننا نعمل كل حاجه لما نرجع من المدرسه
و هنا أتجه الجميع إلى براء حتي يحتفلوا بها، و في تلك اللحظة لاحظت أيضا وجود بعض الكاميرات التي تلتقط لها صور و بعض الصحفيين أمامهم عاليا والدة يامن بتألقها المعتاد، نظرت لهم براء بتساؤل ثم قالت :
– هما مين اللي مع مامتك دول يا يامن .. دول بيصوروني
فكر يامن للحظات ثم قال بعقل طفولي :
– مش عارف .. ممكن عشان ياخدوا لينا صور كتير و تفضل ذكرى و نشوفهم لما نكبر و نضحك زي ما بشوف الكبار بيعملوا
نظر له كريم و قال :
– أيوه صح .. بابا و أصحابه بيعملوا كده لما بيشوفوا صورهم زمان
هزت براء كتفيها بعدم اهتمام و أردفت :
– يمكن
نعود إلى عاليا و الصحفيين .. كانت تقف بتكبر ترتسم تلك الابتسامة المصطنعة على وجهها حتي اتجه إليها إحدى الصحفيين و ركز الكاميرا عليها و سألها :
– لفته حلوة منك أن سيدة أعمال من طبقة راقيه زيك تعمل عيد ميلاد لبنت صغيرة في ملجأ
ضحكت عاليا بخفة و قالت بتصنع :
– لازم طبعا نحس بالطبقة اللي أقل مننا و نفكر ازاي نفرحهم كمان .. و مش بس كده أنا معوده ابني كمان أنه يصاحبهم و يتعامل معاهم كويس .. أنا ضد العنصرية في المجتمع
– ياريت كل الناس زيك
– ميرسي متشكره جدا .. هنفضل نتكلم كتير ولا إيه خدوا لينا شوية صور كده و عايزاهم بكره يكونوا منورين في الجرايد بعنوانين حلوة
– اكيد طبعا
و بالفعل بدأوا في التقاط صور لهم حتي اتجهت مديرة الملجأ إلى عاليا التي كانت تقف بغرور وسط الأطفال حتي يلتقطون بعض الصور لها فانسحبت من بينهم، نظرت لها المديرة بضيق و قالت :
– مكنش ليه لزوم كل ده يا عاليا هانم
– ازاي يعني لا كان ليه لزوم .. انتِ كنتي عايزاني اطلع بشكل مش لطيف قدام الصحافه
– لا مش قصدي .. بس إيه لازمتها الصحافه انتِ مفهمتنيش كل ده
– حتي لو كنت قولت مكنتيش هتفهمي .. الحاجات دي مهمه عندي لازم كل حدث اعمله يكون متغطي بالكامل من الصحافه
زفرت المديرة بضيق ثم قالت :
– اللي تشوفيه
أبتسمت لها عاليا بتكبر ثم قالت :
– اه و مكنتش عايزاكي تقلقي أنا كلمت جوزي و هو هيتبرع بمبلغ كويس للدار هنا
– كتر خيرك يا هانم
ابتسمت لها عاليا ثم ذهبت من أمامها، نعود إلى براء التي كانت تفتح هداياها بفرحه شديدة إلي أن وصلت إلى هدية يامن و قد ظهرت لمعة في عينيه، ينتظرها أن تفتحها بفارغ الصبر و قد ضم يديه بحماس طفولي، نظرت له براء بابتسامة جميلة ثم فتحتها بهدوء لتجد بها فستان وردي صغير يتناسب مع طولها و سلسال طويل مكتوب عليه اسمها .. براء
– ايه رأيك .. حلوين؟
نظرت له براء بفرحه كبيرة و قالت :
– حلوين بس ! دول حلوين اوي انا بحب اللون ده جدا .. بس في حاجه غريبة
– حاجه ايه
– السلسلة دي طويلة على رقبتي
ابتسم يامن و قال :
– ايوه أنا قصدت أجيبها كده و قولت لعمو يخليها طويلة
– ليه بس
– علشان تفضل في رقبتك لحد ما تكبري خالص و كل ما تشوفيها تفتكريني .. و عشان كل ما أشوفها في رقبتك أعرف إنك لسه فكراني
– و أنا مش هفتكرك ليه؟
قال كريم بمزاح :
– اروح أنا أطفي الشمع طيب
ثم أمسك براء من يدها و سحبها خلفه و أردف :
– يلا بقى يا براء
ذهبت براء مع اصدقائها إلى الكعكة الخاصة بعيد ميلادها و قبل أن تطفئ شمعها صرخ يامن بها :
– استني .. أتمني أمنيه الاول
نظرت له براء بابتسامه و أغلقت عيونها و تمنت بداخلها شيئا ما ثم فتحتهما و اطفئت الشمع ثم ذهب الاطفال حتى يلعبوا جميعا و انصرفت الصحافه فتنفست عاليا براحه و اتجهت إلى يامن و قالت :
– يلا بقى ولا ايه
– استني يا ماما شوية كمان بس ده عيد ميلاد براء
– حبيبي يلا عشان ماما مشغوله اوي
– طب أمشي و ماما كريم هتبقي ترجعنا
– قولت لا .. يلا
و هنا اتجهت إليها براء و قالت لها :
– خليه شوية يا طنط بالله عليكي
نظرت لها عاليا بتكبر ثم قالت :
– مش كفاية اللي عمله ليكي ولا ايه .. معلش بقى يبقي يجي وقت تاني هو كمان مشغول و عنده مدرسه و مذاكره كتير مش زيك
نظرت لها براء بحزن و ترقرقت الدموع في عينيها بسبب كلمات عاليا القاسية، نظرت لها عاليا بابتسامة مصطنعة و في تلك اللحظة ظهر سؤال واحد في ذهنها
لماذا يعاملني الناس بكل تلك القسوة؟
و قال يامن :
– ماما بلاش تكلمي براء كده هي بتزعل
نظرت له عاليا بعصبية و قالت :
– والله .. و انت ينفع تتكلم مع ماما كده عادي
– انا اسف .. خليني شوية عشان خاطري
صمتت عاليا للحظات و في تلك اللحظة صدع هاتفها رنينا فقالت ليامن :
– هروح اعمل مكالمه و هرجعلك تاني .. اتفقنا
صرخ الاطفال بفرحة و عادوا الي مرحهم ولكن تلك المره كانت براء صامته لا تبدي اي رد فعل، ابتعدت عاليا عنهم قليلا حتي وقفت في إحدى الزوايا و ردت المتصل، أردفت :
– بتتصل بيا ليه أنت مش عارف إني مشغوله دلوقتي!
– وحشتيني طب
– أنا مش قولت تبطل كلامك ده .. افرض جوزي رد عليك مره بالغلط انت عايز توقعني في مشكله
– لا طبعا ميرضنيش .. بس انتِ كمان لازم تراعيني .. و لازم تقدري أن حبي ليكي أكبر منه يكفي إنطي اعرفك من قبل ما تتجوزيه اصلا .. ولا انتِ نسيتي انا سيبتك تتجوزيه ليه؟!
زفرت عاليا بضيق و قالت :
– لا منسيتش .. محسسني انك مش مستفاد من اللي حصل ده في حاجه
– مهما كنت مستفاد مش زيك يا حبيبتي
– طيب و المطلوب دلوقتي
– اشوفك .. وحشتيني بقولك
– طيب هحاول اظبط مواعيدي و اشوفك
– لا والله .. مواعيدك! انتِ هتعملي نفسك مهمه عليا ولا ايه
– مش قصدي بس بجد عندي حاجات كتير
– النهاردة تكوني عندي .. تمام!
– طيب هحاول
عند يامن، اتجه الي براء عندما وجدها بتلك الحالة و قال :
– مالك يا براء
– هي طنط عاليا ليه بتعاملني كده
– متزعليش منها هي مش قصدها .. مش كده يا كريم
– أيوة دي طنط عاليا طيبه اوي
ابتسمت براء و قالت :
– خلاص انا نسيت كل حاجه
نظر لها يامن و قال :
– لا انا حاسس انك لسه زعلانه .. ايه يراضيكي طب
نظرت براء الي الأزهار المعلقة علي إحدى الأشجار و قالت :
– عايزه ورده من دول
صرخ يامن بحماس و قال :
– بس كده
ثم ركض سريعا و حاول أن يتسلق تلك الشجره وسط تشجيع كل الاطفال و كاد أن يصل الي الورده و لكن في لحظة اختل توازنه و انزلقت قدمه من على الشجره ليسقط بقوة على الارض!!
صرخت براء :
– يامن!!
عادت عاليا على صوت صرخات براء لتجد يامن على الارض و وجهه كله ملوث بالدماء التي تسيل من رأسه، نظرت له بفزع و ركضت نحوه سريعا لوحده غائب عن الوعي و في لحظات كانت سيارة الإسعاف أمام الملجأ، حملت عاليا ابنها و اقتربت منه براء بدموع لتصرخ بها عاليا بقسوة
– أبني لو جراله حاجه بسببك أنا هدمرك انتي فاهمه!! أمشي من وشي
نظرت لها براء بدموع و قالت :
– أنا بس عايزه اطمن عليه
نظر لها كريم ببكاء و قال :
– متخافيش يا براء انا هروح مع يامن و هبقي اطمنك
خرجوا جميعا و وضعوا يامن في سيارة الإسعاف و انطلقوا به الي المستشفي و عالجوا الجرح الموجود برأسه وسط صرخاته الباكيه و مر اليوم و اخيرا وسط مشاعر كثيره منها الحزن و القهرة و السعاده ..
و في اليوم التالي جهزت عاليا نفسها حتي تذهب الي حبيبها الخفي، حبيبها الذي تخلت عنه بمجرد أن وقع والد يامن في طريقها، كان علاء والد يامن رجل طيب نوعا ما يحب زوجته و أبنه و بشده، و لكن عيبه الوحيد كان ضعف شخصيته أمام زوجته، فبسبب حبه الشديد لها كان يخضع لها في كثير من المواقف حتي مسكت هي زمام الأمور، تزوجت عاليا والد يامن بحثا عن النفوذ و الثروة و بعد سنوات من زواجها عادت علاقتها بهذا الرجل مرة أخرى، و ظلت تلك المقابلات السريه مستمره لعدة سنوات حتي وصل يامن الي الصف الثالث الاعدادي و كانت علاقته مع براء و الملجأ مستمره، كان الوضع هادئ حتي جاء ذلك اليوم المشئوم ..
خرجت عاليا من بيتها بعد أن أخبرت علاء زوجها أنها ذاهبه الي إحدى صديقاتها، و لكنه لم يصدق كلامها لذلك تابعها حتي وقفت بسيارتها أمام إحدى العمارات القديمه، ترجلت من سيارتها و دخلت الي البناية بسرعه و هي تتلفت حولها و هو خلفها حتي وصلت الي شقة حبيبها الخفي و كان علاء يشاهد كل هذا، فتح لها الباب و دخلت بسرعه قبل أن يراها احد، احترقت دماء علاء بشدة و تملكته العصبية ليذهب باتجاه الباب و يدفعه بقوه! و محاولة مع الأخرى استطاع من كسر الباب! دلف الي البيت بسرعه و بحث به كالمجنون ليجد عاليا بجانب هذا الرجل و تنظر له بصدمة!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أقدار بلا رحمة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!