روايات

رواية براثن اليزيد الفصل السابع عشر 17 بقلم ندا حسن

رواية براثن اليزيد الفصل السابع عشر 17 بقلم ندا حسن

رواية براثن اليزيد الجزء السابع عشر

رواية براثن اليزيد البارت السابع عشر

براثن اليزيد
براثن اليزيد

رواية براثن اليزيد الحلقة السابعة عشر

“كلما أرادت أن تجعل هناك ذكرى
لهم سويًا تنقلب رأسًا على عقب”
لم يكن يريد أن يحدث ذلك وفي هذا الوقت بالتحديد!، غير تفكيره بأنه لم يتحدث مع “ريهام” عنها إذًا لما قالت ذلك؟، هو قال أنه سيتزوج وثم قال أنه تزوج بالفعل ولأسباب عادية مثل أنها امرأة تصلح لأن تكون زوجته!، يعلم تمام العلم أن الكلمات أثرها سيكون كبير على زوجته وإن لم يحدث أي شيء أقله ستقول أنه من قال ذلك عنها!، ذكرها لصديقته بالبشعة أو أنها ليست جميلة كأي امرأة!، يكاد عقله ينفجر بسبب كثرة التفكير فيما حدث فهو للتو قام بـ مراضاتها بعد ما حدث أمس لتأتي هي وتخرب كل شيء هكذا في لمح البصر!..
رفع بصره إلى نافذة غرفته ورأى نورها مشتعل فعلم أنها لم تنم بعد، هو جلس بالحديقة قليلًا بعد أن أوصل صديقته إلى غرفة الضيوف لتستريح بها، جلس يفكر فيما سيقوله لها عما حدث وما يحدث وما سيحدث..
وقف على قدميه يدلك عنقه بيده وهو ينظر إلى النافذة التي أُغلقت وأُغلق من خلفها نور الغرفة..
ذهب إلى الداخل ثم صعد متوجهًا إلى غرفته وهو يحضر كلماتٍ للأسف منها، دلف إلى الداخل مغلقًا باب غرفة الصالون ثم تقدم إلى داخل غرفة النوم، وجدها نائمة في مكانها على الفراش توليه ظهرها، لم يكن ينتظر هذا أبدًا فهو كان ينتظر ليلة غير هذه مؤكد قبل أن تأتي “ريهام”..
تقدم منها وجلس على الفراش في مكانه بعد أن خلع حذائه من قدميه، وضع يده على ذراعها مقتربًا منها يتحدث بحنان وهدوء لأنه يعلم جيدًا أنه المخطئ مرة أخرى:
-مروتي حبيبتي عايز أتكلم معاكي
لم تنم بعد وتستمع إلى حديثه جيدًا وتعلم ما الذي يريده هو ولكن فضلت الصمت فتحدث هو مرة أخرى بنفس تلك النبرة السابقة:
-أنا عارف إنك لسه صاحيه ممكن تقومي نتكلم شويه
أجابته وهي مغلقة عينيها بحدة وعصبية لم تستطيع السيطرة عليهم فهي قلبها مشتعل بسبب أفعاله هو فقط:
-آه لسه صاحيه بس هنام ومش عايزه أتكلم في حاجه ممكن تبعد بقى!
أخذ نفسٍ عميقٍ وصعد بكامل جسده على الفراش خلفها وتحدث بعد أن رتب حديثه الذي سيقوله لها حتى تقتنع:
-أنا عارف إنك زعلتي من كلامها بس هي أكيد مش قصدها صدقيني، وطبعًا أكيد بتقولي إن أنا اللي قولتلها كده بس وحياتك عندي ما حصل ولا اتكلمت معاها في شيء يخصك
فكرت لثواني هل تتحدث معه وتقول ما أرادت قوله أم تتركه هكذا وحده يعاني مثلما يفعل بها دومًا؟ وجدت نفسها تستدير له وتجلس أمامه على الفراش هاتفه بحدة وجدية:
-أنا بجد زهقت كل شويه تعمل حاجه أسود من اللي قبلها وتيجي تعتذر بس بجد لأ يا يزيد لأ مش كل مرة بقى الله
لم يستمع إلى حديثها بل كان عقله وقلبه بمكان آخر وعينيه متواجده معهم بنفس هذا المكان، انخفض الغطاء عنها لأسفل عندما جلست على الفراش ليظهر جسدها أمامه بسخاء ويظهر ذلك القميص ذو اللون الأسود الذي لا يخفي عنه شيء ويظهر بشرتها البيضاء بسبب تعاكس لونه الأسود معها، سلبت منه عقله بجمالها ورقتها وحديثها وكل أفعالها، الآن يتحدثون بشيء هام وهو ينظر إليها بهذه الطريقة! ماذا فعلت به هل سحرت له عند أحد الدجالين؟.
انخفض بجسده ناحيتها وهو مغيب الفكر، كل ما أراده شيء واحد يضع عينيه عليه، وما كاد أن يقترب منها ليأخذ ما أراد حتى دفعته هي بحدة وهي تنظر إليه بدهشة شديدة متسائلة بجدية:
-أنتِ مسمعتنيش صح؟ دماغك في مكان تاني كل مرة بتعمل كده.. هو أنتَ كل تفكيرك هنا
ابتلع ما بحلقه وأخذ نفسٍ عميقٍ مرة أخرى وزفره محاولًا يهدأ نفسه عما في عقله الآن، نظر إليها بتوتر وقال لها بمكر وهو يغمز لها بعينه:
-أنا آسف معلش أعمل ايه بس جمالك محيرني
ابتسمت بسخرية بعد أن اعتدلت أمامه في جلستها ليظهر جسدها أكثر ثم تحدثت متهكمة:
-جمالي؟ مش جمالي ده اللي سمعت عنه الست صاحبتك
أخذ كف يدها عنوة بعد أن عاندته وسحبته منه ثم رفعه إلى فمه يقبله بحب معتذرًا منها عما حدث:
-وقسمًا بالله أنتِ في عيني أحلى ست في الدنيا وحياتك عندي تاني أنا عمري ما قولتلها حاجه تخصك وهي أكيد مش قصدها معلش أنا آسف وبعدين يعني هو إحنا لحقنا كفاية بقى
نظرت إليه بتردد مُرتبك لا تريد أن تستمع إلى حديثه وتتركه يفعل ما يحلو له في كل مرة، سحبت يدها وسألته بجدية قائلة:
-مقولتليش ليه أنها جاية هنا
أجابها مبتسمًا بهدوء وهو يعلم ما الذي تريد أن تصل إليه بكل هذا:
-علشان نوفر على بعض، دي تبقى ريهام صاحبتي في المقام الأول وبتشتغل معايا في المصنع وماسكه كل الشغل في غيابي يعني الفترة اللي قعدتها هنا دي كلها كانت هي اللي شايله كل حاجه ويوم ما سافرت كان في حاجات لازم أكون موجود وأنا اللي أمشيها.. النهاردة بقى ياستي هي كلمتني وكان في شويه ورق وحاجات عايزه تتراجع لازم أنا أشوفها قولتلها أني مش هعرف اجي قالت إنها هي اللي هتيجي تقعد يومين ونشوف كل حاجه سوا هنا… ها ارتحتي
سيطر الهدوء عليها وهي تستمع إلى كلماته لتعلم ما صلته بها وما الذي تريده، وضعت يدها الاثنين أمام صدرها وتحدثت بتذمر:
-مش مرتاحة ليها
ضحك بشدة على حديثها وسارت ضحكاته في أرجاء الغرفة فنظرت إليه بحنق وضيق، وضع يده على بطنه من كثرة الضحك قم تحدث بصعوبه قائلًا:
-علشان غيرانه منها يمكن
أجابته بجدية تصنعتها عندما توترت من حديثه الصحيح والذي تريد مداراته عنه وأكملت حديثها متهكمة عنها:
-لأ أنا مش غيرانه منها بس هو كده وخلاص مش مرتاحة ليها وبعدين أنا مروة طوبار أغير من دي
هدأت ضحكاته وأجابها بخبث ومكر عابثًا معها لتترك كل شيء حدث خلفها وتكن معه الآن:
-ومالها دي؟ دي حتى قمر و…….
لم تجعله يكمل الحديث الذي بدأه عنها حيث صرخت بإسمه عاليًا محذرة إياها وهي تضع يدها على فمه دافعه إياه باليد الأخرى على الفراش خلفه ليستلقي عليه وهي تعتليه، نظر إليها مبتسمًا والشغف يغلف عينيه وهو ينظر إلى وردية وجهها، علمت هي ما الذي يفكر به الآن وما الطريق الذي سيخوضه..
أتت لتبتعد عنه وتذهب من فوقه ولكنه لم يجعلها تحذر لفعلها، سريعًا عندما رآها تذهب قلب الوضع وجعلها هي من يستلقي على الفراش لينهال عليها ويأخذ ما يريد وليجمع الحروف المتبقية في قبلة واحدة تجمعهم هم الاثنين لشخص واحد، ليذهب معها إلى أماكن لم تدخلها من قبل إلا بوجوده هو جوارها..
_________________
“في صباح اليوم التالي”
فتح عينيه قبلها على نور الشمس الذي يدلف من باب الشرفة، يبدوا أنها نسيت غلقه مرة أخرى، نظر إليها وجدها تتوسط صدره وتنام عليه بأريحية وكأنه وسادة، يدها ملتفه حول خصره وقدمها تضعها على قدمه وكأنها مكبلة إياه حتى لا يستطيع أن يهرب منها..
قلبه يؤلمه بشدة عندما يراها تُأمن له بهذه الطريقة، يراها تعشقه وترى الأمان والسند به، ولا تعلم ما الذي يفعله من خلفها، قلبه يؤلمه عندما يرى نظراتها إليه ويتذكر أنه أول خيباتها، هز رأسه بعنف ليطرد هذه الأفكار عن عقله الآن وليبقى معها.. معها هي فقط..
ابتسم بسعادة وهو يسترجع ذكريات أمس معها، وزادت الابتسامة اتساعًا وهو يتذكرها دون خجل تفعل ما يريده وما تريده، وضع يده على أنفها يمرر إصبعه السبابة عليه بعبث ليجعلها تستفيق من النوم..
حركت رأسها بانزعاج ودفنته في صدره ورفعت يدها لتضعها حول عنقه، ضحك بشدة ثم تحدث بمكر:
-ايه هنفضل طول اليوم هنا يعني ولا ايه.. لو عليا أنا مش ممانع على فكرة
أنزلت يدها مرة أخرى وتنفست بعمق بعد أن استمعت لحديثه، أبعدت رأسها أيضًا ووضعته على الوسادة لتقول وصوتها ناعس وكذلك ملامحها:
-خلاص قوم وأنا هنام شويه كمان
أقترب عليها ثم طبع قبلة رقيقة على جبينها متحدثًا بهدوء وحب:
-لأ قومي خلينا نفطر سوا
-طب ما تنام شويه كمان
قبلها مرة أخرى ولكن على وجنتها، أبتعد من جوارها رافعًا الغطاء من عليه ثم التقط بنطالة من على أرضية الغرفة ليرتديه:
-لأ مش هينفع الوقت متأخر أصلًا أهو يا مروتي
نظرت إليه بنصف عين وهو يرتدي البطال متذكرة لحظات أمس التي لم تعيشها إلا معه هو فقط، ضحك بسخرية وهو يراها تنظر إليه بنصف عين، أقترب منها بعد أن ارتدى البنطال وتحدث بخبث:
-مش كبرنا على الحاجات دي بقى؟
أخفت وجهها تحت الغطاء وهي تبتسم بسعادة ولا تريد أن تنظر إلى وجهه فهي حقًا فعلت أشياء لم تكن تتوقع أن تفعلها، تركها أسفل الغطاء ثم دلف إلى المرحاض بهدوء، رفعت هي وجهها ولم تراه سريعًا أخذت قميصه من على أرضية الغرفة وارتدت إياه..
خرج من المرحاض لينظر إليها بدهشة، فقد كانت ترتدي قميصه الأبيض تاركه أول أزراره مفتوحة لتكشف عن مقدمة صدرها، أكمامه طويلة للغاية تصل إلى أصابع يدها، ويصل القميص ذاته إلى منتصف فخذيها وخصلاتها الذهبية مبعثرة حول وجهها لتعطيها مظهر ساحر يخطف الأنفاس..
لقد سلبت روحه وعقله وقلبه وتفكيره أيضًا ماذا تريد بعد، هل يوجد شيء لم تأخذه؟ اقترب منها ليأخذها في قبلة دامية يبث بها أشواقه إليها وشغفه ناحيتها، حبه لها منذ أن رأى وجهها الملائكي..
أبتعد عنها بعدما شعر أنه بحاجه إلى الهواء مثلها، نظر إلى داخل تلك العيون الساحرة ثم تحدث بعشق جارف يحمله إليها ونبرة ساكره أثر قبلته لها:
-مش عارف عملتي فيا ايه.. من أول يوم شوفتك فيه حتى قبل ما أعرف إنك أنتِ اللي هتجوزها وأنتِ سحراني
لم تفهم ما الذي قاله، هل هو رآها قبل أن يعلم أنه سيتزوجها؟ متى؟ وأين؟ فهي لا تذكر أنها رأته قبلًا، سألته باستغراب قائلة:
-أنا مش فاهمه حاجه.. أنتَ شوفتني امتى؟
ابتسم بسعادة وهو يتذكر ذلك اليوم الذي رأى ملاكه به ولكن سريعًا زالت الابتسامة عندما تذكر أنها كانت تبكي ولأنها ستتزوجه:
-شوفتك قبلها بـ يومين تقريبًا.. كنتي قاعدة عند البحيرة الصغيرة اللي هنا دي، ده كان المكان المفضل بتاعي كل ما احتاج أني استريح وأفكر شويه كنت بروح هناك بس المرة دي كانت مختلفة لما روحت..
نظر إليها وشغفه يكاد يخرج من عينيه، وحبه ينطق به كل شيء داخله قبل شفتيه، أكمل حديثه قائلًا:
-لما روحت شوفت ملاك.. فعلًا وقتها أول ما شوفتك قولت دي ملاك عيون بلون البحر وشعر زي لون الشمس بالظبط مناخيرك حمرة من العياط.. كان نفسي أقرب منك والمسك.. تعرفي يومها أنا نسيت أني هتجوز أصلًا وكنت بفكر فيكي وبقول ياترى هي مين وشوفي بقى النصيب عمل فينا ايه لقيتك أنتِ في النهاية
سيطر الاندهاش على ملامحها تكاد تكذب حديثه، هل حقًا هو أحبها منذ هذه اللحظة أم فقط أعجب بها.. هل حدث ذلك من الأساس ورآها قبل أن يعلم أنها زوجته، سألته باستنكار:
-ده بجد؟
ابتسم باتساع ثم تقدم من الدولاب وفتحه، عبث قليلًا في محتوياته ثم أخرج لها ذلك الوشاح الأزرق الصغير الذي قد نسته عندما كانت جالسة هناك، رفعه أمام وجهها وتحدث بمرح:
-طب وكده هتصدقي؟ ده الشال بتاعك
ابتسمت بسعادة وهي تأخذه من بين يديه، نظرت إليه وقد كان وشاحها حقًا واعتقدت أن الهواء أطاح به بعيدًا عنها:
-ده بتاعي فعلًا وأنا فكرته طار بسبب الهوا، هو معاك من يومها
أومأ لها برأسه مبتسمًا ولكن ابتسامته ليس كعادتها بسبب ما يريد أن يقوله لها، سألها قائلًا بجدية:
-كنتي بتعيطي ليه؟ علشان هتتجوزيني يا مروة؟
تقدمت منه ووضعت يدها على صدره ناحية قلبه لتستمع إلى دقات قلبه العنيفة، أجابته بهدوء محاولة التخفيف عنه وعن حدة سؤاله:
-منكرش إن ده السبب بس وقتها أنا مكنتش أعرف عنك أي حاجه غير إنك يزيد الراجحي لكن دلوقتي أنتَ كل حاجه بالنسبة ليا يا يزيد، أنا دلوقتي بحبك ومقدرش أعيش من غيرك لحظة واحدة بس أنتَ بالنسبة ليا الهوا اللي بتنفسه يا حبيبي.. انسى اللي فات وخلينا في اللي جاي
ابتسم بسعادة غامرة فكلماتها خففت عنه كثيرًا، أن يستمع لاعترافها بهذه الطريقة يجعل قلبه يرقص فرحًا، قربها منه محتضنًا إياها بشدة ثم تحدث قائلًا وقلبه ينتفض بمكانه فرحًا:
-وأنا بموت فيكي يا أحلى حاجه حصلت في حياتي، بحبك أوي يا مروتي.
_________________________
“دائمًا ضحكاتهم تملأ المكان أينما كانوا، اتخذوا بعض أصدقاء وأخوه، ويا محلى الصداقة والوفاء”
ابتسمت “مروة” بمرح وهي تستمع إلى مغامرات شقيقة زوجها مع خطيبها “سامر” صديق زوجها أيضًا، فـ حديثها ليس له أي رد فعل سوا الضحك عليهم وما يفعلوه ببعضهم..
صمتت “يسرى” وهي تزفر بمرح هي الأخرى ثم تحدثت قائلة وهي تعتدل في جلستها لتنظر إلى “مروة” مضيقة عينيها:
-شكل الرجالة كلها زي بعضها وهنتعذب
ابتسمت “مروة” بسعادة وهي تتذكر زوجها وكلماته الحنونة وأفعاله الذي تربكها وتخجلها ثم أردفت مجيبة إياها بسخرية:
-هو آه كلهم زي بعض بس أنا طبعًا جوزي حبيبي غير الكل.. حاجه كده مش موجودة اليومين دول
عادت “يسرى” برأسها للخلف من شدة الضحك على حديثها الآن فمن يراها منذ ثلاثة أشهر ويرى حديثها وتعبيرات وجهها عند ذكر “يزيد” زوجها لا يراها الآن وهي تتدافع عنه وتسرح به أيضًا..
نظرت إليها “مروة” بغيظ ثم التقطت الوسادة من جوارها وألقتها عليها وهي تزفر بحنق من سخريتها على حديثها بينما وضعت “يسرى” يدها أمام وجهها حتى لا تصطدم به الوسادة ثم أخذتها ووضعتها جوارها وتحدثت معها وهي تحاول السيطرة على ضحكاتها:
-خلاص خلاص أنا بس افتكرت أول ما جيتي، على العموم ربنا يخليكم لبعض وأشيل عيالكم قريب..
ابتسمت “مروة” بسعادة غامرة وهي تتخيل ذلك عندما تنجب طفل يكن أبنها وابن “يزيد الراجحي” زوجها المحب لها، تمتمت بعد “يسرى” قائلة:
-يارب يا يسرى
وقفت “يسرى” على قدميها ثم تقدمت من “مروة” وجلست جوارها على الأريكة بحديقة المنزل ثم تحدثت وهي تميل عليها بجدية:
-صحيح نسيت أسألك هو أنتِ شوفتي ريهام؟.. أصلك نزلتي وخرجنا على هنا
تعكر صفوها بذكر تلك المدعوة صديقته، صاحبة الحديث الفظ والتي تسير بتمايل وكأنها تتراقص على مسرح أمام جمهور عريق، أجابتها بجدية بعد أن عبث وجهها بالضيق:
-شوفتها امبارح أول ما جت.. كنت أنا ويزيد هنا
سألتها الأخرى باستغراب من تغير ملامح وجهها سريعًا هكذا بمجرد ذكر اسم “ريهام”:
-ايه ده ومالك كده اضايقتي
لوت شفتيها بضيق وهي تقلدها أمس عندما تحدثت مع “يزيد” أمامها دون خجل منها وهي زوجته!:
-وحشتني أوي أوي يا يزيد.. بنت تبته وأنا مش مرتاحة ليها نهائي
اعتدلت “يسرى” وأردفت بجدية قائلة:
-بصي بصراحة أنا أعرفها من زمان لأنها مش أول مرة تيجي هنا بس يعني مشوفتش منها حاجه وحشة وعلى فكرة يزيد عمره ما بصلها غير على أنها صحبته وشغاله معاه وبس علشان تطمني
زفرت بهدوء بعد أن نظرت أمامها ووضعت يدها أمام صدرها متحدثة بتوتر:
-أنا مطمنة من ناحية يزيد طبعًا بس هي اللي قلقاني
نظرت “مروة” أمامها ووجدتها قادمة ناحيتهم فزفرت مرة أخرى بضيق أكثر من السابق وهي لم تكن تريد أن تتصادم معها، قالت لـ “يسرى” بخفوت إلى أن ضحكت الأخرى بسخرية:
-جبنا سيرة البومة
أتت “ريهام” على ضحكات “يسرى” وابتسامة “مروة” المخفية عنها، جلست بهدوء أمامهم ثم تحدثت بسخرية وابتسامة زائفة:
-ما تضحكونا معاكوا
نظرت إليها “مروة” مُبتسمة بسماجة ولم ترد “يسرى” عليها فتحدثت هي مرة أخرى بخبث ومكر موجهة حديثها إلى غريمتها “مروة” التي لم تتعرف عليها:
-متعرفناش كويس يا مروة امبارح.. لازم أعرفك كويس زي يزيد أصل أنا أعرفه جامد أوي وأعرف كل حاجه تخصه
إذًا هي من بدأت ذلك، وبدورها لن تصمت وستريها من هي ابنة عائلة “طوبار”، والآن فقط أكدت شعورها ناحيتها فهي ليست هينة بالمرة وربما تنضم إلى حزب المرضى الذين هنا كما اسمتهم، نظرت إليها مروة وابتسمت بسماجة واضحة ثم نظرت إلى”يسرى” التي وجدتها تبتسم بهدوء وهي تعلم ما الذي ستفعله صديقتها، أعادت “مروة” نظرها إلى غريمتها وتحدثت بسخرية وبرود مستفز:
-طبعًا طبعًا تعرفيه محدش ينكر ده ما أصل انتوا صحاب من زمان بس يا حبيبتي أكيد محدش يعرف جوزي قدي مهو أصلو جوزي أنا مش حد تاني يعني
وقفت على قدميها ببرود وخبث وتحدثت وهي تنظر إليها مبتسمة بسخرية:
-معلش لازم أطلع بقى أحضر حاجتي أصل يزيد بره وهيرجع تعبان محتاج حاجه تطري عليه
نظرت إلى شقيقة زوجها ووجدتها تضع يدها على فمها تكتم ضحكاتها التي لو تركت لها العنان لـ ملئت المكان من حولها، رفعت “يسرى” وجهها إليها هي الأخرى ثم تحكمت بضحكاتها وهتفت وهي تقف خلفها لتذهب معها:
-خديني معاكي يا مورو
وذهب الاثنين مُبتعدين إلى الداخل يضحكون بسخرية على ما قالته لها “مروة” بينما تركوها خلفهم تنهش النيران عقلها ولسانها وتعنف نفسها.. لما لم ترد على تلك الغبية زوجته وعكرت صفوها كما فعلت هي الآن، براكين بداخلها تثور والشرر يتطاير من عينيها ووجهها بالكامل أشتعل بحمرة الغضب من كلمات تلك البغيضة على قلبها..
-شكلها عكرت مزاجك
استمتعت إلى تلك الكلمات من “إيمان” التي جلست جوارها دون أن تلاحظ ذلك، نظرت إليها ولم تتحدث فيكفيها ما فعلته بها الأخرى..
تحدثت “إيمان” مرة أخرى بضيق وهي تزفر عائدة إلى الخلف لتعتدل في جلستها:
-ايه مالك متبقيش سهلة كده وأي حاجه تصدك.. مروة دي أضعف من اللي أنتِ متخيلاه بكتير دوسي عليها ولا هتعمل حاجه واسألي مجرب
ابتسمت الأخرى واتسعت ابتسامتها، إذًا هنا من يقف معها ولو مرةٍ واحدة على الأقل:
-هي حرقاكي أنتِ كمان؟
نفخت بشفتيها وفعلت حركة بيدها تدل على أنها تضايقها بشدة، ثم تحدثت بسخرية وتهكم:
-أنا ومرات عمي عملنا فيها البدع ولا كانت بتتكلم إلا بس من فترة صغيرة طلعلها لسان واتكلمت
دقت الفرحة على باب قلبها عندما استمعت لما قالته تلك الخبيثة الماكرة، تحدثت سائلة إياها بجدية وهي تعتدل لتستمع إلى الحديث جيدًا:
-ووالدة يزيد بردو
ضحكت “إيمان” عاليًا ثم أجابتها بسخرية:
-دي هي أساس الموضوع
قالت الأخرى بعد أن راقها الحديث وبشدة مبتسمة على ما استمعت إليه وما تستمع إليه أيضًا:
-لأ دا أنتِ تحكيلي بقى!
وسارت الاثنين يتحدثون، تروي ليها “إيمان” ما حدث دون أن تقول على بعض التفاصيل حتى تكن لها هي فقط والأخرى تتسائل وتتسائل لتعلم كل ما كان يدور بينهم وتتحدث وتفعل ما تريد على أساسهُ..
__________________
“في المساء”
أرادت أن تفاجئه بشيء ما كما يفعل معها لتحفر بعقله ذكريات لا تُنسى، ليمر العمر بهم والذكريات تمر على خيالهم معه، تذكرت أنها جعلت “يسرى” تطلب لها بعض الأشياء عن طريق الانترنت ومن بينهم قمصانٍ أعجبتها، ذهبت ناحية الدولاب ثم عبثت بمحتوياته وأخرجت ما تريده وعزمت أمرها عليه، وضعت القميص على الفراش ثم فكرت قليلًا ماذا تفعل أيضًا وقد وجدت أنها ستذهب إلى الأسفل لتصنع له عشاءً بيدها هي وقد فعلتها..
نزلت إلى الأسفل وتوجهت إلى المطبخ حيث أنها تعلم أن بذلك الوقت لا يكون أحد بالأسفل خارج غرفته، الجميع بذلك الوقت يكون في غرفته، صنعت له ما يحبه من الطعام وأيضًا عصير الليمون بالنعناع الذي علمت منذ قريب أنه يحبه للغاية..
بعد كثير من الوقت انتهت من إعداد الطعام وعلمت أنه على وصول في أي لحظة من اللحظات، أخذت الطعام وصعدت إلى غرفتها مرة أخرى ووضعته على الطاولة بغرفة الصالون ثم ذهبت للداخل وأخذت ما سترتديه ودلفت إلى المرحاض لتستحم..
خرجت بعد دقائق معدودة وهي مرتدية قميص لونه أحمر قاتم حيث أنها أرادت أن تجعله يعشق ذلك اللون ولكن عليها هي فقط، ستجعله ينسى كره له ولن يتذكر سوى حبه للون وحبه لها..، كان القميص بحبال رفيعة للغاية، يظهر مقدمة صدرها بالكامل، يصل إلى فخذيها ويظهر قدميها البيضاء بسخاء، بالإضافة إلى أنه من قماش الشيفون الذي يظهر ما أسفله..
ذهبت ناحية المرآة ووضعت القليل من أحمر الشفاه ليبرز جمالهم والقليل أيضًا من كُحل الأعين الذي حددها وأظهر زرقتها الرائعة، نظرت إلى هيئتها برضاء تام متخلية عن خجلها للأبد بعد أن تحدثت في كثير من الأمور مع “يسرى” وبعد ما حدث بالأمس أيضًا..
نظرت إلى الساعة وجدتها قاربت على منتصف الليل وقد قال لها أنه سيأتي بذلك الوقت، ذهبت ترى كل شيء وتضعه بمكانه ليكن مثالي ويروق له، وجدت أنها قد نسيت عصير الليمون بالنعناع في الأسفل ولم تأتي به..
ضربت بيدها على جبهتها وزفرت بضيق كيف ستنزل إلى الأسفل الآن، عليها أن ترتدي فستان أو بنطال وبلوزة وتفسد مظهرها وتعيد ترتيبه مرة أخرى، حركت رأسها بخفة يمينًا ويسارًا محدثة نفسها أن لا يوجد أحد بالأسفل من الأساس فليس هناك حاجه لتعدل كل ذلك من جديد، تقدمت إلى داخل غرفة النوم وأخذت رداء القميص من على الفراش حيث تركته مكانه، ارتدته سريعًا وكأنه سيخفي شيء فكان مثل القميص يصل إلى فخذيها ومن نفس القماش يظهر ما أسفله ولكن أكمامه طويلة إلى عنق يدها فقط..
خرجت من الغرفة بهدوء متجهة إلى المطبخ لتأخذ العصير وتعود مرة أخرى وعقلها يطمئنها على أنه لا يوجد أحد مثل السابق ومثل كل يوم!..
ما كادت أن تخطوا آخر خطوات الدرج وتذهب إلى المطبخ إلا أنها رأت “فاروق” شقيق زوجها يخرج من غرفة المكتب ووقعت عينيه عليها ليقف مدهوشًا من المظهر الذي رآها عليه وما كادت أن تذهب هي الأخرى بعد أن تسارعت دقات قلبها مما حدث ومن ذلك الموقف الذي ربما يؤدي بحياتها إلا أن باب المنزل أحدث صوتًا لتنظر ناحيته وقد وجدته هو من وقف ينظر إلى المظهر أمامه بدهشة إلى أن فهم ما الذي يحدث في ثواني فقط..
اشتعلت عينيه بجمرات النيران وكاد أن ينقض عليها ولكنها لم تعطيه الفرصة لذلك، هربت سريعًا من أمامهم وشكرت الله كثيرًا وهي تصعد على الدرج ركضًا أن قدميها سارت معها ولم تخونها فقد كانت نظرات زوجها تقتل الميت مرة أخرى ما بالك بها..
نظر “يزيد” إلى شقيقه والغضب يعمي عينيه، رآه وهو ينظر إليها.. لما لم يغض بصره عنها! أليست زوجة شقيقه؟، فهم “فاروق” ما الذي يريد شقيقه قوله ولم يكن في حالة تسمح له بالحديث فعاد مرة أخرى إلى المكتب وأغلق الباب خلفه سريعًا حتى لا يقع بنقاش سيكون هو الخاسر به، فهو من أخطأ ولكن لم يكن ذلك بيده..
بينما الآخر غضبه أعمى عينيه مما رآه، يكاد أن ينفجر قلبه من شدة الحزن مما فعلته هي، ويكاد عقله يحرقه من كثرة الأفكار الذي يرميها عليه، صعد على الدرج ركضًا ليذهب إليها ويجعلها تعلم كيفية التصرف في هذا المنزل وكيفية التصرف بإسم “يزيد الراجحي” زوجها.. لقد نهشت النيران قلبه وهو يرى شقيقه ينظر إلى جسدها بهذه الطريقة الرخيصة، ولقد ثارت البراكين داخله من غيرته عليها.. لتتحمل إذًا فهي دائمًا من تكسر القوانين تجاه حديثه عن ملابسها..
__________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية براثن اليزيد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى