روايات

رواية بيت القاسم الفصل الثالث 3 بقلم ريهام محمود

رواية بيت القاسم الفصل الثالث 3 بقلم ريهام محمود

رواية بيت القاسم البارت الثالث

رواية بيت القاسم الجزء الثالث

رواية بيت القاسم
رواية بيت القاسم

رواية بيت القاسم الحلقة الثالثة

“قالت له لماذا تعاملني غيرهم..
أجابها بهمسته المتملكه لأنكِ غيرهم”
من قاسم لحنين..
دلف عاصم إلى مكتبه الخاص بعد أن وصل الي مقر شركته .. أنيق كعادته يرتدي بدله رماديه فرنسيه الصُنع وأسفلها قميص ازرق.. ساعته الرادو تزين ساعده ورائحة عطره غمرت المكان.. وما أن استراح على كرسي مكتبه الفخم، يتطلع على ما أمامه من أوراق ومستندات حتي دخلت مدام أماني سكرتيرته الخاصه دون استئذان أو طرقه واحده على الباب ..
ومدام أمانى ليست كالسكرتيرات الحسناوات المعتاد عليهن.. السكرتيرات ذواتِ النبره الناعمه والتنوره شديده الضيق والحذاء عالي الكعب .. ف مدام أماني سيده تخطت منتصف الثلاثين بعام أو عامين تقريباا أم لطفلين والثالث “جاي في السكه”.. وهو يقدرها ويحترمهاا.. وكل أمنيته أن تستأذن قبل أن تفاجئه بظهورها..
زفر بيأس منها وقال بعصبيه..
-نفسي مره تخبطي قبل ماتدخلي يامدام أماني
لتجيبه بنفس العصبيه وكأنها هي ربة العمل وليس هو..
– وأنا نفسي مره تيجي بدري.. بجد يامستر عاصم أنت كل مواعيدك مضروبه..
“ومستر عاصم” ينظر لها بغيظ.. وسخر بداخله
.. “هو مين اللي بيشتغل عند التاني بالظبط”
ولكنه صمت..
وصبره على تصرفاتها لأنه متأكد بأنها الوحيده التي تصلح للعمل معه.. ف بعد أربع سكرتيرات لم يفهمن شيء من العمل وكل تركيزهم كان كيفيه إيقاع الوسيم الغني صاحب الشركه في حبالهم.. جائت هي وكانت المنقذه فكل تفكيرها واهتمامها عملها ومصلحة الشركه وطبعاً المرتب كل أول شهر وفقط..
تقدمت من مكتبه بخطى رتيبه كانت ترتدي فستان بترولي يعتليه جاكيت جينز قصير وحجاب من نفس لون الفستان مزركش بدوائر صغيره ورديه..
وضعت أمامه بعض الملفات وقالت بعمليه..
– الورق ده محتاج امضتك حالاً يامستر.. والأستاذ رياض صاحب زناتي جروب كلمك وعايز ميعاد ..
مسح على مقدمه رأسه وهو يتطلع على ما أمامه.. ثم تنهد بهدوء وقال
– اندهيلي زياد..
مطت شفتيها بعدم رضا وامتعضت ملامحها.. لتتشدق بتهكم
– هه مستر زياد لسه جاي الشركه برده.. ودلوقتي حضرتك لازم بجد تشد عليه.. مينفعش كده
واليوم السئ يظهر من أوله.. فيكفيه ماحدث بالنادي اليوم وهاتفه الذي تهشم والتجمع حول الفتاه واتهامه بالتحرش بها.. والفتاه نفسها والكرزيتين المتمثلتين في ثغرها..وهز رأسه نافضاً أفكاره قبل أن تأخذ مساراً آخر مسار يعجبه ويريده.. ولكن النهار للعمل والليل ل اللهو..” والصياعه أدب”
نظر إليها بحده ليقول بعدها بنفاذ صبر..
-اماني.. اماني.. بس بقي.. انتي لتاته شبه الستات كده ليه ؟
تحدثت بغيظ ودفاع عن أنوثتها دون أن تعي لباقي السؤال..
-يمكن عشان انا ست يافندم !!
ارتفع حاجبه الأيسر وكأنه يقول “نلت منك” ليتشدق بمكر محبب
-يعني انتي معترفه انك لتاته..
.. وكلمته كانت ف منتصف الجبهه.. و”جول” لعاصم فمدام اماني غضبت واحتقن وجهها وصفقت الباب خلفها بعنف بعد أن تمتمت ببعض الكلمات التي لم تصل إلى مسامعه ولكنه يعرف أنها تتوعده..
…كان يجلس على كرسي مكتبه الجلدي ..منهمك في العمل ..الي أن جاء زياد وخطي داخل مكتبه وجلس أمامه بلامبالاته وملامحه العابثه دائمآ.. جسده المفتول مرتخياً.. يرتدي بنطال أسود جينز وقميص ارجواني يفتح ازاراره حتى منتصف صدره ويشمر اكمامه حتى مرفقيه ، والعديد من الأساور الجلديه “حظاظات” على معصمه وساعه جلديه سوداء ذات ماركه شهيره..
خبط بكفه على مكتبه وتحدث باستياء..
-انا هقطع الخلف بسبب السكرتيره بتاعتك دي.. بتهجم عليا فجأه بلاقيها فوق راسي.. تقولش مسكاني ملفوف بملايه..
.. ضحك عاصم ملئ شدقيه..
-هو انت عايزها تحترمك.. مش لما تبقى تحترم الراجل اللي مشغلها.. ده انا نفسي اعرف هما صنعوا الأبواب ليه طالما مبتخبطش عليها..
ثم غمز بعينه قائلاً بمكر..
-ناموسيتك كحلي ولا ايه.. اتاخرت ليه يااستاذ
-منمتش طول الليل وحياتك.. كان ورايا شغل كتير
قالها بشقاوه ويده ترسم إمراة وهميه في الهواء
ضحك
-والله انت ماهتجيبها البر.. مش خايف نيره تعرف
اعتدل زياد بكرسيه ثم قال بثقه..
-نيره وتعرف.. يابني نيره دي طيبه اووي.. دي لو شافتني بعينها مع واحده هتكدب عينها وتصدقني لو قولتلها مش أنا..
هز عاصم رأسه بعدم رضا منه ومن تصرفاته.. وبخه قائلا..
-انت ملكش حل والله.. المهم وانت بتعمل شغلك الكتير درستلي ورق الصفقه اللي بعته لك امبارح..
رد عليه بجديه..
-طبعا.. أنت عارفني في الشغل معنديش ياامه ارحميني.. كل البنود تمام.. مفيش غير بندين هراجعهم مع حازم
-طب تمام
– وبكده اقولك مبروك ياريس ع المناقصة اللي هترسي ع الشركه
إن شاء ءالله..
وكانت اجابه عاصم بسمه خفيفه جانبيه على ثغره.. مكملاً معه حديثه عن العمل …
………. ***
…………
انتفض من غفوته القصيره على صوت جرس الباب.، فزعاً تحرك من مكانه يبحث بعينيه عن هاتفه كي يرى كم الساعه ولم يجده.. مسح وجهه بضيق ثم نظر بطرف عينيه على الكومود الملاصق بفراش مراد ابنه الاكبر حيث الساعه الموضوعه عليه.. هز رأسه يساراً ويميناً محاولاً أن يستفيق ويمحو عن عينيه آثار النوم.. لا يدري متى أغلقت عيناه.. كل مآ يتذكره أنه ظل يتقلب على فراش ابنه طوال الليل كمن يتقلب على الجمر وكلامها يتردد بذهنه ورفضها له يجرح كبرياؤه كرجل.. يحمد الله انه بدل ملابسه قبل أن يغفو والا كان سيستغرق وقتاً أطول ليفتح الباب.. تحرك باتجاه باب شقته ليسمع أمه وحماته بالخارج يضحكان بخفه وبعض همهمات لم يستطع تفسيرها سوى كلمتين هتفت بهما والدته..
– عرسان بقى..
واتبعتها بضحكه قصيره محرجه..
بلمح البصر كان قد ترك مدخل شقته وركض إلى غرفة نومه التي تحولت إلى غرفة نومها بالأمس .. وطرق الباب مره ولم يجد رد فطرقه مره أخرى وأيضاً دون رد.. ليتخلي عن لياقته وتهذيبه ويرتدي شخصية قاسم شقيقه الأصغر ليدلف إلى الغرفه دون استئذان.. وجدها نائمه ترتدي قميص قطني خفيف والهالات تحت عينيها تخبره انها لم تنم سريعاً كحاله،
بأصابعه ربت على كتفها برفق.. لتفتح عينيها ببطء وتتثائب بكسل.. تململت في الفراش ويداها تفردههما بتمطي ودلال لا يليق بسواها.. تدريجياً وضحت الرؤيه أمامها لتنهض كالملسوعه تحت نظراته المدققه بها وبحركه اعتادتها ما أن تستيقظ عدلّت من خصلاتها المبعثره..
قال سريعاً متجاهلاً هيئتها الفوضويه وملامحها الناعسه..
-أمك وأمي واقفين بره ع الباب.. بسرعه قومي اقلعي اللي انتي لابساه ده والبسي حاجه تانيه..
أزاحت الغطاء الخفيف من عليها ليظهر لعينيه باقي القميص الذي ترتديه والذي بالكاد يغطي يصل لركبتيها ليكشف عن ساقيها.. لم تنتبه إلى نظراته والتي اشتعلت فجأة.. ف سألت بغباء..
-ايه ده.. طب وهما جايين بدري ليه..
والقميص القصير المحترم من أعلاه وقليل الادب من أسفله والساقين والجو الحار مع أن الغرفه مكيفه ، وجرس الباب كل هذه الأمور كانت سبب كافي لاستدعاء غضبه الغير مبرر ليهدر بها بغيظ مشوب بالاستهزاء..
-فوقي ياعروسه انهارده صباحيتك. . وانتي ناموسيتك كحلي الضهر إذن من زمان..
وأشتعلت وجنتيها وأحرجت من تلميحاته.. اطرقت برأسها خجلا وهي تعض على شفتها السفلي بقوه.. ولاها ظهره وزفر بضيق ثم قال وهو يخرج من غرفتها..
– انا هروح افتحلهم تكوني انتي لبستي وظبطتي الدنيا..
وأشار بيده على الفراش..
.. وبخطى سريعه تحسد عليها قامت بنزع الشرشف الأبيض وتجعيده ورميه بالحمام المرفق بالغرفه جانباً.. وقامت بوضع أخر ارضيته زرقاء مزركش بورود صغيره بيضاء.. وبيدها الأخرى كانت تستبدل قميصها القطني القصير بآخر حريري لم تتبينه ولكنها ارتدته على عجل..
وبالخارج كان قد فتح كمال لوالدته ووالده زوجته وادخلهما..
كانت أمه تحمل صينيه كبيره بها طعام مخصص للعروسين عباره عن حمام محشي وبطه محمره وارز و بطاطس وعدة أصناف مغطاه .. وجوارها حماته تحمل أشياء مغلفه بيديها وما أن دخلا حتى وضعا مايحملانه على الطاوله المتوسطه بصالة المنزل..
” فاطمه والده كمال امرأه مصريه اصيله كانت قصيره جسدها ممتلئ قليلا.. خصلاتها الفضية متجمعة تحت حجاب صغير غطى فقط أعلى رأسها.. وحماته نفس صفاتها ولكنها أطول منها قليلاً وحجابها الطويل يغطى صدرها وظهرها كاملاً ..”
حماته تبتسم بوجهه وتبارك له وتسأل عن حاله وهو يجيب بمنتهى التهذيب دون أن يظهر غضبه الذي يعتمل بصدره وغيظه..
تربيته من كف أمه الطري على ظهره القوي ومباركتها له جعله ينحني على كفها يقبلها ويستقبل دعواتها له بصدر رحب وابتسامه مصطنعه واسعه.. وبعد أن تبادلا المباركات والدعوات.. سألته حماته عنها وأشار بكفه على غرفة نومه يدعوها للدخول.. لتقول له
– تعالى يابني دخلني اشوفها..
وجلست أمه على اريكه جانبيه وتركت لهما مساحه خاصه..
تقدم كمال حماته بخطوتين ودون استئذان دخل غرفته متحدثاً بنبره عاليه كي تنتبه لدخوله
– ريم مامتك ا….
وتوقف الكلام بحلقه فور رؤيتها كانت تقف أمام المرآة تعدل من خصلاتها البنيه ترتدي غلاله بيضاء قصيره ومزينه من الأمام بالدانتيل .. عاري الكتفين والذراعيين ليظهر جسدها بكامله أمامه.. كان كالمشلول مما رآه ، وكأنه لأول مره يرى جسد امرأه.. ازاحته امها من أمامه برفق كي ترى ابنتها وما أن رأتها حتى اتسعت ابتسامتها.. اقتربت منها بخطى متعجله واحتضنتها بحنو وفرحه جليه على صوتها وهي تباركلها
-حبيبتي الف مبرووك.. ربنا يهنيكو سوا ويهدي سركو ااامين.. حطها ف عنيك ياكمال دي هي اللي بقيالي بعد مالغاليه راحت..
قالت الجمله الأخيره لكمال بعد أن تحشرج نبرتها..
وكمال لازال على وقفته ممسك بمقبض الباب تكاد عيناه تخرج من محجريهما وأحمرار أذنيه وااحتقان ملامحه جعلتها تنتبه ولأول مره تتفحص ما ارتدته وصعقت من غلالتها العاريه وبكفها حاولت مداراة جسدها .. سرت في جسدها رجفه من نظراته الجريئة.. وخجلت أمها أيضاً
ليحمحم بحرج وهو يبتعد عن الباب ويقترب منها بذراعه حاوط خصرها تحت نظراتها المصدومه من فعلته وجرأته.. و.. و ووقاحته.. ثم الصقها به ليتلمس ب كفه جسدها .. هتف بصدق لأم ريم..
– متخافيش بنتك ف عنياا.. بس وصيها علياا هي كمان
قالها ونظراته مركزه على زوجته التي اتسعت عيناها ذعراً وخجلاً..
ثم مال على جبهتها وقبلها.. في مشهد يبدو لأمها انه ونعم الزوج ” وصبرتي ونولتي ياريم”.. والمشهد من وجهة نظر ريم المصدومه انه ليس رجلاً سهلاً كما توقعت .. أما من وجهة نظره فهو سيكون أكبر أحمق بالتاريخ إن لم يستغل الفرصه لصالحه حتى ولو للحظات..
ابتعدت عنه قليلا بجسدها ليتركها ويتحدث لأمها
– هسيبكو مع بعض شويه.. هخرج أشوف أمي.. خدو راحتكو..
وما أن ولج خارجاً حتى تنفست براحه لتقول أمها
– طمنيني عليكي.. شكلك تعبانه
بابتسامه باهته متوتره أجابت..
– انا كويسه.. بس انا منمتش كويس بس..
وجهت أمها نظراتها للفراش وقالت بحرج..
– اومال فين الملايه اللي كانت مفروشه..
زاغت بنظراتها عنها.. فركت كفيها معاً وتمتمت بحرج
– شيلته وغسلته في البانيو..
لتدعو الأم لها براحه البال والذريه الصالحه.. دار بينهما بعد ذلك حديث محتواه غير مهم..
ثم غادرتها هي وأم كمال بعد أن اطمئنا عليهما..
دخل كمال على ريم الغرفه وجدها ارتدت قميص آخر طويل محكم من من فوق وخصلاتها جمعتها فوق رأسها.. زفر بيأس وقد علم أن وقت العرض المجاني قد انتهى..
توجه صوب خزانته.. ليخرج منها ملابس له.. ويتوجه إلى الحمام.. وقبل أن يغلق الباب.. اختفت ابتسامته التي كانت على وجهه وقت وجود والدتها وحل محلها نظرات غامضه غريبه.. ثم هتف من بين أسنانه
– الأكل بره لو عايزه تاكلي.. انا مليش نفس اكل.. كلي انتِ..
……………. ****
…. قالوا قديماً “إن احتار قلبك في حب شخصين.. فأختر الحب الثاني لأنك لو كنت أحببت الأول حقاً لما خفق قلبك للثاني”..
كان أكرم مستلقي على الفراش بغرفة نومه، يستند بذراعه تحت رأسه.. ويده الأخرى ممسكه بالهاتف يمرر أصابعه عليه وعلى وجهه ابتسامه لم تصل لعينيه ملامحه ساكنه ونظراته هادئه. . يتطلع على إحدى الألبومات المحتفظ بها على هاتفه النقال.. لتظهر صورتهما معاً أمام عينيه.. تلك الصوره يتذكرها جيداً كانا يجلسان بمقهي الجامعه وقام زميلهم بتصويرهما معاً تخليداً للذكرى.. وكم كانت الذكرى جميله وموجعة.. ف جيلان كانت حب حياته الأول والوحيد والذي قد حُرم منه بسبب غبائه وقت قرر أن يستمع لكلام جده ويتزوج من نورهان لتنلقب حياته وتتغير طباعه وتضيع جيلان منه ..
غامت عيناه بالذكرى يوم ان جاؤه جده يرجوه أن يتزوجها وأنه حفيده المقرب لقلبه المتفهم والذي لم يسبق أن رد له طلب.. تذكر وقت أن رآها ملامحها الرقيقة كانت باهته ولونها شاحب كالموتي ونظراتها منكسره.. لم ينكر أنه تعاطف معها.. ولكنه كان تعاطف فقط.. أو هكذا ظن..!!
يعلم أنها تحرك بداخله شيء لا يعلم كنهه وهذا مايثير غيظه.. تغريه كرجل يرغب زوجته.. وضعفها ورقتها تستفزان ساديته.. وكلما تذكر كيف فُرضت عليه كلما تعمد كسرها أكثر. . إلى أن صار الوحيد الذي يتفنن في اذلالها واهانتها..
كان أكرم الرجل الأكثر هدوءً ورزانه على وجه الكوكب.. وبوجودها أمامه يتحول للنقيض..
تذكر زواجهما السريع جداً.. ف كل شئ تم بهدوء وكانت الحُجه بأن العروس والدتها مريضه ويكفي عقد القران واحتفال بسيط أمام منزل العروس المتهالك من الزمن في إحدى المناطق الشعبية لتصبح نورهان زوجته وامها وأخيها الأصغر أصبحا أيضاً تحت رعايته مادياً ..
بعد زواجه بأيام عرف من إحدى أصدقائه بخطوبه جيلان، وكانت خطوبتها القشه التي قصمت ظهر البعير.. ليرى أن نورهان هي من حرمته من حبهِ وعاملها على هذا الأساس..
نفض الذكرى من رأسه هو الآن رجل قد عادت حبيبته إليه بعد أن فسخت خطبتها.. وخطبت لآخر وأيضا لم تكتمل.. وعادت اليه بعد عامين ونصف العام.. بمكالمه كانت بدايتها
“اللي فات مات.. مش هنوجع بعض ع حاجه حرمتنا اننا نكون نصيب بعض.. انا عارفه انك لسه بتحبني وانا كمان لسه بحبك”
لتستمر مكالماتهما بعد ذلك..
فتح تطبيق الوتساب لتلوح صورتها أمامه شعرها الأسود تربطه عالياً وبعض خصلاتها هاربه على وجنتيها محدده عينيها السوداويتين بكحل اسود كثيف.. ضغط على المحادثه بينهما..
وكتب لها ومازالت ابتسامته مرسومه على ثغره..
“وحشتيني” مرفقه بقلب أزرق
لتجيبه سريعاً وكأنها كانت بانتظاره..
“وانت كمان.. فينك من الصبح”
لم يرد.. لتعاجله بسؤالها..
“كلمت جدك ولا لسه؟!”
تنهد تنهيده طويله يحاول بها تهدئه الحرب القائمه بداخله ثم كتب
“بكره هكلمه.. واللي يحصل يحصل..
أنا مش مستعد أنك تضيعي من أيدي تاني..”
.. قطع حديثه معها دخول الصغيره ذات العام ونصف أبنته ملك ومدللته.. كانت تركض من والدتها عاريه ترفض أن ترتدي ثيابها..
بأنفاس لاهثه قالت نورهان..
-تعبتيني معاكي ياملك.. يللا عشان تلبسي..
والصغيره ركضت لوالدها بخطواتها المتعثره المضحكه.. ليرمي أكرم هاتفه من يده دون حتى أن يقول سلام.. فمدللة ابيها أهم من أي شئ..
حملها بذراعيه وتعالت ضحكاته منها وهي تختبئ من أمها بصدره العاري..
– سيبيها براحتها خلاص..
-التكييف مفتوح وانا خايفه تاخد برد..
لينظر للصغيره بنظرات مخصصه لها فقط نظره اب لأميرته.. ويهتف بشقاوه محببه على قلب من أمامه..
-لأ انتي كده لازم تلبسي يالوكا
ثم وجه حديثه لنورهان
– .. لبسيها وانا شايلها وخلاص..
اقتربت منه وبيدها ملابس الصغيره.. حاولت تثبيت نظراتها على ملك متجاهله صدره الأسمر العاري وعطره الذي يخترق قلبها قبل أنفها وملامحه الوسيمه التي رغماً عنها تأسر عيناها .. فبرغم معاملته لها وجفاؤه الا انها تحبه وتلتمس له العذر.. يكفي أن رجل بقدره وافق وارتضي بأن تكون زوجته بمثل ظروفها.. يكفي أنه لم يتخل عن أمها المريضه وأخيها الصغير.. كل ذلك كان يكفيها وأكثر.. ويوم المُنى يوم أن يبتسم بوجهها ويتناسي مابينهما..
بيد مرتجفه ألبستها بنطال منامتها القطنيه المرسوم عليه إحدى الرسوم الكرتونيه.. حركاتها متوتره وثقيله. فقربه يربكها
وهو يستمتع بارتباكها.. فيتعمد أن يلامس بمرفقه جسدها بحركه تظهر بأنها غير مقصوده ليلمح حبيبات العرق تنتشر على جبهتها فيبتسم بغرور ..ينزل قليلا بطوله الذي يفوقها بحوالي عشرة سنتيمترات أو أكثر.. كي تتمكن من تلبيس الصغيره باقي المنامة العلويه وأنفاسه الساخنه تضرب صفحه وجهها فتغمض جفنيها في محاوله فاشله منها للسيطره على أعصابها.. وحياؤها يمنعها أن تفتح عيناها وتنظر لعينيه التي تبدلت نظراته من الزهو والغرور إلى الرغبه الخالصه.. رغبه بات يعرفها تماما.. رغبته بها رغبة رجل يرغب أنثاه..
انزل الصغيره على فراشه الوثير واعطاها هاتفه تلهو به وتلتهي عنهما..
قربها منه بيده إلى أن التصقت به وبقبلات ناعمه كرفرفه الفراشات وزعها على جانب وجهها ورقبتها وهي مستسلمه له والأمر يعجبها وقبلاته تروق لها وتغير أحواله اعتادت عليه
فلطالما كان أكرم الشئ ونقيضه.. والآن يبدو أنه رائق المزاج.. وهي لن تضيع على نفسها فرصه أن تنعم في كنف دلاله وطيبته حتى وإن كانت لحظات قصيره..
واعتراضها كان واهي وهمست بوهن جوار أذنه
– ملك يا…….
ليقطع اعتراضها بقبله طويله على شفتيها.. وليذهب انتقامه منها إلى وقت لاحق.. ولتذهب جيلان بمحادثتها إلى الجحيم مؤقتاً. . وملحوظه تترد بعقله هو لايحبها هو فقط يريدها كرغبه فقط.. ويردد ثانيا وثالثاً ورابعاً ومائه كذباً
هو لا يحبها هو فقط يريد تذوق النعيم.. وهي كانت أنثى كالنعيم..
………………. ****
.. بيت القاسم..
.. بيت الجد الكبير..
.. يوم الجمعه.. يوم التجمع العائلي.. كالعادة من كل أسبوع..
تتجمع فيه العائله بمنزل القاسم الجد.. منزل واسع ليس على الطراز الحديث.. ولكن ما أن تراه تدرك مدى فخامته وعراقته.. يحتوي على أربع غرف ثلاثة غرف نوم والغرفة الرابعه أكبرهم وهي الصالون.. يتوسط المنزل صاله واسعه على اليسار طقم من الكنب المزين الفخم وبالمدخل بعض التحف الثمينه، وبالمنتصف مائدة كبيره.. وفي أحد أركان الصاله مكتبه كبيره تحتوي على بعض كتب التاريخ وتفسير القرآن وبعض من كتب التراث والقليل من الروايات..
.. فاطمه والدة كمال تتوسط المطبخ بجسدها الممتلئ قليلاً تقوم بتحضير الغذاء، و نورهان تساعدها بتحضير الأطباق وسكب الطعام بهم.. وريم تهتم بترتيب المائدة ووضع الطعام عليها.. فتميل بجسدها تارة لتعدّل من وضع المفرش وتارة أخرى تميل لوضع المحارم البيضاء بمكانها.. ليميل الزوج المحروم و “المأسوف ع عمره” بنظراته المفضوحه عليها.. وارتدائها لفستان ضيق كالذي ترتديه اليوم ليس بمصلحته وبالتأكيد ليس لمصلحتها.. كان فستانها يحتضنها ليبرز خصرها النحيل بسخاء.. اقترب منها كمال وهو يكز على أسنانه ويضغط على شفتيه بغيظ ليميل عليها ويقول بصوته الأجش هامساً لأذنها فقط..
-ريم اقعدي ع الكرسي انتي، والبنات هما اللي هيجهزو السفره ..
.. ثم همس من بين أسنانه ونظراته مركزه على جسدها
– فستانك ضيق جداً.. ياريت متلبسهوش تاني.. ولا تلبسي الفساتين الضيقه دي أصلاً اودام اي حد..
ونظراته الجريئة استدعت خجلها.. وأحمرت وجنتيها.. ورائحة عطره أخترقت أنفها.. لتبتعد بنظراتها عن مرمى نظراته الوقحه .. وتمتمت بخفوت ..
-حاضر..
..ثم جلست على أحد كراسي المائده وجلس كمال بجوارها كأي زوج وزوجة طبيعين..
والمشهد بعين أخرى كانت تراقبهم بصمت وتركيز.. زوج مهتم بزوجته ويبدو أنه يريد راحتها لتجلس بحياء بعد أن ألقى عليها دعابه خفيفه أو ربما مجاملة جريئه نظراً لاحمرار خديها ويجاورها زوجها المهتم.. وما بينهما من همس لم تستطع ترجمته.. استدارت برأسها لزوجها المشغول بأحدي الألعاب الالكترونيه على هاتفه..
نادته باستياء..
– زياد.
وبلا مبالاة يجيدها ويتقنها كانت إجابته
– عايزه ايه؟
– هو انت جاي هنا عشان تفضل ماسك الفون..!،! مبتزهقش بجد حتى اليوم الوحيد اللي بعرف اتلم عليك فيه.. هتقضيه ع الفون؟
.. زفر بملل.. وقلب عيناه ثم قال
– اديكي قولتيها اليوم اللي بتقضيه معايا.. اهو اقضيه ع الفون بدل ما اقضيه وانتي بتنكدي عليا..
اشاحت بنظراتها عنه بحزن ممتزج باحباط
.. مسح بكفه لحيته وكأنه يشذبها.. يلاحظ تغيرها والحزن الذي طغى على قسماتها ليترك هاتفه جانبا وهو يقول بابتسامه مزيفه
-اديني سبت الفون اهو ياستي..
وبحركه روتينيه اعتاد هو على فعلها أمسك بكفها ووضعها على فخذه
.. ثم زفر أنفاسه ببطء ليهدأ نفسه وغمغم بنبره ساخره
-أما نشوف حصة الترابط الأسري دي هتخلص أمته..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت القاسم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى