روايات

رواية رحيل العاصي الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم ميار خالد

رواية رحيل العاصي الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم ميار خالد

رواية رحيل العاصي البارت التاسع والثلاثون

رواية رحيل العاصي الجزء التاسع والثلاثون

رواية رحيل العاصي
رواية رحيل العاصي

رواية رحيل العاصي الحلقة التاسعة والثلاثون

نظر له أحمد للحظات بخوف ثم فتح فمه وبدأ في الكلام..
أردف:
– أكيد أنت عارف إن كان في طرفين ورا اللي بيحصل مع عاصي، الطرفين دول كانوا أنا وشريف! هو كدب عليا في البداية لما قالي سبب كُرهه لعاصي وغدر بيا لما عمل كل ده عشان متكلمش ومقولش حاجه عنه، وهو اللي كان بيخطط وينفذ وهو اللي دبر موضوع الصور وكان عايز يدبس عاصي في موضوع تهريب السلاح عشان يبلغ عنه يوم التسليم وكل حاجه تدمر
نظر له عز للحظات وكان الصدق يملئ عيون الآخر فصدقه رغماً عنه ولأنه لم يصدق في شريف هذا يوماً لم يشك بكلماته، قال:
– ليه بيعمل كل ده إيه السبب

 

 

– هو قالي أن عاصي كان سبب في موت أمه وأبوه اللي رباه، بس هو على كلامه أنه متربي في ملجأ وواحد أسمه أدهم هو اللي تكفل بيه
– هو شريف سنه أد إيه ؟
– حوالي ٢٥ سنه
– يعني أصغر من عاصي بأربع سنين، بس أنا مش فاهم حاجه برضو
– ولا أنا بس صدقني ده اللي أعرفه، ارجوك ساعدني أنا نويت اتغير والله أنا معترف أني عملت حاجات غلط كتير، بس والله فوقت لنفسي وناوي أغير كل ده صدقني
نظر له عز للحظات ثم ربّت على كتفه وقال:
– أنا هحترم حتة أنك جيت وقولتلي كل حاجه، وده يبين حسن نيتك فعلاً وعشان أنت ساعدتني أنا هساعدك
– ازاي
– ممكن اخليك شاهد في القضية، ده طبعاً لو مفيش أي دليل ضدك
– أنا مش عايز بنتي تعرف أن أبوها وحش بس، عايز أكون شخص كويس عشانها، عايز أصلح كل حاجه
– كل حاجه هتتصلح بأذن الله أنت أرتاح بس ولو احتاجت معلومات تاني هجيلك
أومأ أحمد برأسه ثم خرج عز من الغرفة وقد ترك أحد العساكر على بابه حتى يحميه من أي محاولة أخرى لقتله..
الكاتبة ميار خالد

 

 

في اليوم التالي..
كان عاصي في الشركة ينتظر قدوم شريف، الذي جاء إليه بعد ساعة من وصول الآخر إلى المكان، دلف بابتسامة فنهض الآخر من مكانه بابتسامة هادئة وسلّم عليه، ثم جلس أمامه وظل يتحدث معه عاصي حول أموره وأمور عمله، حتى قال:
– صحيح أنا معرفتش مجال شغلك إيه، يعني قولتلي كان عندك شركة استثمارات، ليه كان هي خسرت؟
أبتسم شريف بغيظ وقال:
– نصيب، مفيش حاجه بتكمل
– عشان كده كملت في موضوع الكتابة صح، عندي فضول أشوف حاجه من كتاباتك
ثم أخرج ورقة وقلم من درج مكتبه ووضعهم أمام شريف وقال:
– اكتبلي حاجه كده، عشان اقيمك يمكن اغير رأيي في موضوع المقابلة
أومأ شريف برأسه وأمسك الورقة والقلم وترجل أي جملة وكتبها له، ابتسم له عاصي وأخذ الورقة وعندما قارن خطه مع الرسالة التي أتت لمريم وجد أنها مكتوبه بخط شريف وليس أحمد! إذا الآخر كان محق في كلماته..
أبتسم له عاصي وأبدى إعجابه على ما كتبه، ولكنه عاد إلى موضوعهم الاصلي وقال:
– طيب ورد فعل أهلك على الشركة بتاعتك كان إيه؟
كان الآخر ذكي، يفهم ما الذي يحاول عاصي أن يفعله، لذلك ظل يراوغه ويخفي عنه الحقيقة فقال له أن عائلته قد ماتت منذ طفولته وأنه يعيش بمفرده، وأثناء حديثهم هذا أتصل به عز الدين، أستأذن عاصي ونهض من مكانه حتى يرد عليه فاقترب من النافذة وحدثه، ووقتها قال عز بسرعه:
– في حاجه حصلت لازم تعرفها!
– أتكلم؟

 

 

قالها عاصي بفضول فتحدث عز وأخبره بكل شيء عن شريف حسب كلام أحمد وعندما ربط عاصي كلمات عز مع مراوغه الآخر منذ قليل ومع الكلام الذي قد توصّل إليه من بحثه خلف شريف وخصوصاً منذ لحظات عندما لم يكن يرد على اسئلته بصراحه أدرك أن شريف هو رأس الحيه!!
قال عاصي:
– هو عندي دلوقتي في المكتب، أنت عارف الباقي
أومأ عز برأسه ثم أنهى المكالمة مع عاصي وتحرك من مكانه، عاد عاصي إلى شريف الذي كان يجلس بتوتر نوعاً ما، ابتسم له بثقة وقال:
– أتأخرت عليك معلش، كنا بنقول ايه؟ اه قولتلي أن أهلك اتوفوا قبل سنين ربنا يرحمهم
أبتسم له شريف بتوتر فأكمل عاصي:
– شركتك كان أسمها إيه؟
نظر له شريف بقلق ثم قال مغيراً الموضوع:
– أنا لازم أمشي دلوقتي عندي مشوار مهم
فنهض من مكانه ولكن قبل أن يتحرك أسرع عاصي وأمسكه من كتفه وقال:
– كلامنا لسه مخلصش، أقعد
ثم ضغط على كتفه فأجلسه بالقوة، عاد عاصي إلى مكانه وقال بثقة:
– الأدهم، مش كده؟

 

 

نظر له شريف بصدمة وعيون متسعه ثم أومأ برأسه، أكمل عاصي:
– بس غريبة أنت قولتلي إنك أهلك متوفين، مع أن الشركة دي بتاعت أبوك حسب الكلام اللي وصلي، ده قبل ما يموت بسبب أنه خسر صفقة المول التجاري اللي مع شركة الرحاب، اللي أنا أخدتها..
نظر له بذهول ثم قال:
– أنت عرفت كل ده منين؟!
أبتسم عاصي بسخرية وصمت للحظات وقال:
– أنت بتعمل كل ده؟ عملت موضوع الصور عشان تدبسني في حوار أكبر وتخليني أخسر كل حاجه، ليه كل الغل ده؟
ووقتها كان استنفذ شريف أخر ذرة لطف وطيبة بداخله، فتحولت عينه إلى الغضب والغل وقال:
– نسيت فعلاً أني بتعامل مع عاصي القاضي
– تعالى دوغري وبلاش لف ودوران، خليك راجل وجاوبني ليه بتعمل كل ده أنا عملتلك إيه؟ وليه بتقول أني كنت سبب في موت أبوك وأمك، وليه كذبت وقولت أنك اتربيت في ملجأ والكلام ده غلط!
رفع شريف حاجبيه بأعجاب وقال:
– حتى دي عرفتها، المفروض اسقفلك فعلاً
لم يرد عليه، فوقف شريف مكانه ثم أبتسم بسخرية وقال:
– عشان أنت تقوم وتقف على رجلك في شغلك دوست عليا وعلى أمي، أنت كان عندك كل حاجه بس إحنا مكنش عندنا غير الشقة اللي قاعدين فيها، الشقة اللي أنت أديت أمر أنها تتهد عشان تبني على الأرض دي مشروع من مشاريعك
ثم ترقرقت الدموع في عينيه وهو يقول:
– أمي جت لحد عندك واترجتك عشان تسيب البيت اللي ملكنا، وأنت حتى مسمعتهاش وطردوها من باب الشركة
تغيرت نظرات عاصي فجأة ونظر له بعيون متسعه، فأكمل شريف:
– أمي اتقهرت على شقتنا اللي اتهدت وأننا بقينا في الشارع، وفي الآخر جيتوا رميتوا لينا شوية فلوس ميجوش تلت تمن الشقة أصلا، بحجة أنها كده كده كانت هتتهد عشان مخالفة، أمي ماتت على أيدي وأنا مقدرتش أعمل حاجه ماتت مقهورة بسببك!
ظل يطالعه عاصي بصدمة من كلماته تلك، ثم ابتسم الآخر بسخرية وأقبل:
– مستغرب ليه بقول إني اتربيت في ملجأ، أني أقول كده أحسن ما أقول إني اتربيت في الشارع وكنت باكل من الزبالة، وفي يوم حياتي اتغيرت لما قابلت أدهم اللي كان بنسبالي أحسن من أبويا، مد أيده ليا ووقفني على رجلي وساعدني لحد ما بقيت إنسان تاني، وتاني أنت جيت ادتني قلم على وشي لما مات بسببك وبسبب صفقة المول، شركة أبويا كانت بتخسر وقرب يفلس والبنك كان هيستولي على كل حاجه، صفقة المول الوحيدة اللي كانت قادرة تخرجه من كل المشكلة دي، لحد ما شركة الرحاب سحبت الصفقة مننا وأنت اللي أخدتها، أدهم مقدرش يستحمل كل ده ومات بقهرته برضو!

 

 

قال عاصي بسرعه:
– بس ده شغل! أنتم لو كنتوا مكاني كنتم هتعملوا نفس اللي أنا عملته
قال شريف بصياح:
– لا!! ادهم كان أنسان قبل ما يكون رجل أعمال لكن أنت عمرك ما كنت ولا هتكون أنسان، وبتسألني ليه بكرهك، أنا لو اطول اقتلك بأيدي كنت عملتها
قال عاصي بانفعال:
– موضوع والدتك أنا مش فاكرُه أصلاً، وأكيد لو أنا كنت أعرف كنت هوقف كل ده، لكن مش أنا اللي نزلت الموقع كل الشغل كان مع السمسار اللي رشحلي الأرض وموقعها
قال شريف بإصرار:
– مهما تقول هتفضل أنت المذنب الوحيد، وللأسف لحد دلوقتي مقدرتش اسببلك أذي، لحد دلوقتي معرفتش ادوقك نص اللي أنت دوقتهولي، بس الدنيا دوارة وهتتوجع يا عاصي في أقرب الناس ليك وهتحس بيا وبالنار اللي جوايا
– أنا سبق وتأذيت، أنا قولتلك أني مليش ذنب في كل ده وأنت مصمم إني سبب كل حاجه برضو
– بيني وبينك الايام!
وقبل أن يخرج من المكتب أمسكه عاصي وقال:
– مفيش خروج من الشركة دي! وأنت فاكر أني هسمحلك تمشي بعد كلامك ده
أبتسم شريف بثقة وقال:
– لازم تخليني أمشي، غصب عنك لو عايز حبايبك يكونوا بخير
نظر له عاصي بعدم فهم وتساؤل فأكمل الآخر:
– خلال ربع ساعه لو مخرجتش من هنا، رحيل هيتم اغتيالها، وهي قلبها مش ناقص ومش هيستحمل أي وجع اضافي، فأحسنلك تخليني أخرج
ترك عاصي يده وعيونه متسعه على أخرها، فأكمل شريف:
– هي دلوقتي بتدور على فستان مع أختها، بلاش الفرح يتقلب عزا..
وعلى الجانب الآخر..
خرجت رحيل مع أختها حتى يبحثوا معاً على فساتين لخطبة داليا، ظلوا يبحثون كثيراً ويتنقلوا من اتيلية إلى الآخر وفي نهاية الأمر قرروا أن يذهبوا إلى اتيلية والدة فارس وقد تشجعوا للذهاب لأنهم علموا أن نسرين ليست في المكان، فيصبح الفستان مفاجأة لفارس وعائلته..
ظلوا يبحثوا لوقت أيضاً حتى استقروا على فستانين رقيقين وهادئين واشتروهم ثم خرجوا، ولكن رحيل قد تعبت قليلاً فجلست هي وداليا في إحدى الكافيهات حتى ترتاح قليلاً، ولم ينتبه الاثنان أن هناك من يلتقط لهم بعض الصور، وتلك الصور وصلت إلى شريف فوراً فأمسك هاتفه وعرضه على عاصي! أكمل شريف:
– لو عربية من غير نمر خبطتها ومشت محدش هيعرف يوصلها وهات دليل بقى ضدي
نظر له عاصي بغضب وانفعال ثم قال:

 

 

– أنت حسابك معايا أنا بتدخلها ليه!!
– أنت اللي مصمم تتأذي بسببها، ما أنت لو بعيد عنها هتكون هي بعيدة عن كل حاجه
أمسكه عاصي من ملابسه بعنف وفي تلك اللحظة وصل عز الدين إلى الشركة ومعه دعم من المديرية حتى يقبضوا على شريف، بتهمه محاولة قتله لأحمد وخطفه لرحيل كما أنه قد هدد عاصي بتلك الصور وكان يريد إجباره على تهريب السلاح، فتح عز باب المكتب ليجد عاصي يمسك شريف من ملابسه، وعندما دلف عز الدين أبتعد عنه، وفي تلك اللحظة فتح شريف هاتفه بسرعه وكتب رسالة إلى الشخص الذي أرسل إليه الصور وكتب بها ” نفذ ” ثم ضغط على شيئاً ما بهاتفه تم مسح كل شيء بعدها، أمسك به العساكر وأخذوا الهاتف من يده، ولكنه قبل أن يخرج من المكتب نظر إلى عاصي بشماته وسخرية، ولكن عاصي كانت تملئ نظراته الخوف والقلق..
نظر له عز وقال:
– في إيه؟ قالك حاجه ؟
– رحيل في خطر لازم أتحرك دلوقتي، الحيوان ده هددني بيها
– متقلقش رحيل في أمان!
نظر له عاصي بدهشة وذهول ورد:
– إزاي في أمان؟
– رحيل من ساعة ما خرجت هي وأختها وفي حرس حواليهم تبعي بس هما مش عارفين ولا واخدين بالهم ولا هيلاحظوا حتى، اطمن أنا عامل حساب كل حاجه ومكنتش مرتاح للي اسمه شريف من البداية
ولكن عاصي ظل يشعر بالقلق لذلك قرر أن يذهب لها أيضاً وقد تركه عز الدين وأخذ شريف إلى قسم الشرطة ليتم احتجازه والتحقيق معه..
خرج عاصي من الشركة واتصل برحيل الذي ردت عليه فوراً وأخبرته بمكانهم وتحرك هو من مكانه وذهب إليهم، وعندما علِمت رحيل أنه قادم إليهم نهضت من مكانها وسارت هي وداليا ببطيء حتى وصلوا إلى البوابة الخارجية للمول وساروا قليلاً ثم انتظروا عاصي على الشارع، وتركت سيارتها في جراچ المول حتى تعود لأخذها لاحقاً، وصل عاصي إلى المكان وترجل من سيارته ليرى رحيل وأختها على الجانب اليمين من الشارع وكان هو على جانب اليسار، فأشار لها بيده أن يظلوا مكانهم ولا يتحركوا، وسار هو في طريقهم ولكن رحيل لم تفهم إشارته تلك وتحركت مع داليا بحماس باتجاهه..
وفجأة ظهرت شاحنه كبيرة في منتصف الطريق، كانت تسير بسرعه لدرجة أنها كادت أن تهد الأرض تحتها، وعندما نظر عاصي بجانبه ورأى تلك الشاحنة صرخ برحيل حتى تقف مكانها!! فتوقفت الأخرى بسرعه ونظرت بجانبها لترى الشاحنة التي تأتي مسرعة في اتجاههم، فأمسكتها داليا من يدها وتحركت بها بسرعه بعيداً عن الطريق ولكن تلك الشاحنة كانت تقصدهم تحديداً فانحرفت معهم، ووقتها ظهروا رجال عز واطلقوا النار على عجلات الشاحنة فانحرفت أكثر..

 

 

نظرت داليا الى رحيل بخوف ثم دفعتها بقوة بعيداً عن الشاحنة وتلك الدفعة قد أبعدت رحيل عن موقع الحادثة، تلك الحادثة التي لم تقدر داليا على تفاديها فوقعت ضحية جنون شريف القاتل، وتسرع رحيل الغير مدروس، وعدم سرعة رجال عز في التصرف، وبرغم أنها قد ابتعدت عن الشاحنة إلا أنها لم تقدر على تفاديها فصدمتها في جانبها والقت بها على جانب الطريق، ووقع منها فستان خطبتها على الأرض فتلوث بالطين، ثم انقلبت الشاحنة رأسا على عقب بمن فيها..
صرخ عاصي بانفعال بسبب تلك الحادثة التي حدثت في ثواني فقط، وعندما التفتت رحيل كانت أختها على الأرض تنزف دماً من رأسها، ظلت واقفة مكانها بعدم تركيز واستيعاب لما حدث، وكان عاصي هو أول من ركض نحوها، أمسك رأسها بين يديه وفحص نبضات قلبها ليجدها في وضعها الطبيعي فاطمئن نوعاً ما، وأثر تلك الحادثة تجمع الكثير من الناس ولحسن الحظ كان من ضمنهم طبيب فاتجه إلى داليا بسرعه وفحص بؤبؤ عينها ثم نبضات قلبها والجرح الموجود برأسها وقال لعاصي:
– الحمدلله جرحها سطحي مفيش حاجه، بس لازم نتأكد أن مفيش نزيف داخلي، نبضات قلبها معدلها كويس وبؤبؤ عينيها بيستجيب للضوء
تنفس عاصي الصعداء وحمد ربه بشده وكانت رحيل واقفة على مسافه منهم تنظر حولها بصدمة وعيون متسعه فنهض إليها عاصي بسرعه، أردف:
– داليا كويسة أهدي مفيش حاجه، اتنفسي صدقيني مفيش حاجه خلاص
نظرت له بعيون دامعة وكانت تستغيث به أن ينقذها من هذا الكابوس، ظل يهون عليها وفي تلك الأثناء وصلت الإسعاف وأخذت داليا الى المستشفى وانطلق خلفها عاصي ورحيل، والحمدلله لم يكن جرح داليا عميق وفقدان الوعي هذا كان مجرد إغماء ليس أكثر من كثرة التوتر
الكاتبة ميار خالد
وبعد ساعتين..
كانت داليا استعادة وعيها مرة أخرى وجاء إليها فارس بهلع عندما وصل إليه الخبر ولم يخبروا بدر أو أمينه حتى لا يقلقوا أكثر، كانت عيونه قد أدمعت وهو يجلس أمامها على السرير ويده ظلت بيدها لم يتركها للحظات، وكانت هي تنظر له بابتسامه وتحاول أن تجعله يهدأ قليلاً ولا يقلق عليها، قالت:
– أنا كويسة صدقني مفيش حاجه
– والكدمات اللي في وشك دي إيه
– دي حاجات بسيطة الحمدلله، العربية كانت قصدانا كويس أننا قدرنا نفلت منها بأقل الخسائر كده، المهم رحيل كويسة ومحصلهاش حاجه أنا استحملت الخبطه لكن هي مكنتش هتستحمل
قال فارس بدموع وقلق:
– ولو كان جرالك حاجه أنا كنت هعمل إيه

 

 

– أنا على قلبك أهو مش رايحه في حته
أبتسم الآخر وظل يطالعها بقلق، وفي الخارج كان عاصي يجلس بجوار رحيل ويحدثها أن الآن داليا بخير، قال:
– شريف هو اللي ورا كل حاجه وهو الطرف التاني اللي كنا بندورة عليه، بس دلوقتي هو اتمسك وهياخد جزاؤه، وداليا كويسة أهي وأنتِ كلها أيام وهتعملي العملية وتبقي زي الفل، كل حاجه وحشه بتخلص أهي
نظرت له بدموع وقالت:
– وأنت هتمشي..
ظل يطالعها للحظات ثم أمسك يدها وقال بابتسامه:
– وأنتِ فاكره إني هعرف أمشي بعد كل ده
نظرت له بتساؤل وعدم فهم، فاتسعت ابتسامته أكثر وقال:
– في كلام كتير لازم تعرفيه، بس ده لا وقت ولا مكان مناسب عشان أتكلم فيه
– ليه مش مكان مناسب، أتكلم!
– صدقيني هتعرفي كل حاجه، بس حالياً لازم نروح البيت عشان داليا ترتاح
– أنا عايزه أشوف ليلى بقالي كتير مروحتش أشوفها
طالعها بذهول وقال:
– أنتِ بجد والله!! مش كفاية أحداث اليوم كده عليكِ عايزه تروحي لليلى كمان
– أيوة عشان متزعلش مني
أومأ عاصي برأسه بقلة حيلة ودلفت رحيل إلى أختها وقد أخذتها في أحضانها أكثر من خمسة دقائق وبكوا الاثنان من تلك الفاجعة التي حدثت لهم، وبعد وقت خرج الاثنان وعادت داليا إلى بيتها وكان فارس معها، وطلبت منه أن يظل أمر تلك الحادثة سر بينهم، وإذا سألتهم أمينه ما تلك الكدمات والضمادة يخبروها أي شيء مثلاً أن داليا قد وقعت من أعلى السلم في المول، وقرروا أن تتم الخطبة في معادها في اليوم التالي، وتلك الكدمات سوف تختفي بالمكياج، وفي يومنا هذا لم يترك المكياج شيء إلا وأخفاه، وكانت داليا تحتاج إلى الراحة لأنها تشعر وكأن جسدها كله ثقيل وتؤلمها كل عظمه به..
وتحرك عاصي مع رحيل إلى بيته حتى ترى ليلى، وعندما وصلوا كانت أول من فتحت لهم هي سلمى، طالعت عاصي بابتسامة وقالت:
– حمدالله على السلامة
أبتسم لها عاصي وأردف:
– الله يسلمك

 

ثم دلف إلى الداخل ورحيل خلفه وبعدها ألقت عليها التحية بفتور، وبعد لحظات دلفت رحيل إلى ليلى وقالت بمزاح:
– هو من لقى أحبابه أنسى صحابه بجد ولا إيه
انتفضت ليلى من مكانها بحماس وهتفت بإسمها ثم دلفت إليها رحيل وعانقتها ورحبت بها مريم التي كانت تجلس بجوار ابنتها، فنهضت وابتسمت لرحيل ثم خرجت من الغرفة وتركت الاثنان سوياً يتناقشون بحماس، وذهبت مريم إلى عاصي حتى تتحدث معه، فوجدته في غرفته فدلفت إليه وتركت الباب مفتوح، تقدمت منه وقالت:
– حصل إيه ؟
– شريف اللي مكتوب في الرسالة هو اللي ورا كل حاجه، وهو اللي بعت الرسالة كمان عشان يحسن من صورته، الغبي بعتها بخط أيده كمان
– طب وهو بيعمل كل ده ليه؟
– ده موضوع كبير المهم أن كل حاجه خلصت دلوقتي، نقدر نركز في حياتنا بقى
نظرت له مريم بصمت، وفي تلك اللحظة خرجت رحيل من غرفة ليلى وكانت تبحث عن عاصي لتخبره أنها تريد الذهاب لأنها قد شعرت ببعض التعب، حتى وجدت غرفته بابها مفتوح وكانت تقف مريم وهو بها وكان يعطيها ظهره، وقبل أن تدق على الباب توقفت وتسمرت مكانها حين قالت مريم:
– مش ناوي تنفذ الوعد اللي أنت اديتهولي زمان وتتجوز سلمى..

 

 

نظر لها عاصي بصدمة وقال:
– الكلام ده عدى عليه كتير أوي
– بس أنت وعدتني! ولا أنت مبقتش تحبها ؟!
فصمت عاصي ولم يرد عليها، ترقرقت الدموع في عيون رحيل وشعرت أن قلبها قد كُسر من تلك الكلمات، فدقت على الباب قبل أن يرد عليها والتفت هو إليها وعندما تلاقت عيونهم نظر لها بتفاجئ وعيون متسعة ..
قد وقعت أسيرة الحيرة، هل أصدق كلمات عيونك إلى قلبي أم كلمات فوهتك إلى عقلي، كلمة واحدة منك قادرة على تحريري من هذا السجن، كلمة واحدة منك سوف تنتزعني من الجانب الرمادي وتستقر بي في الجانب الابيض
كلمة واحدة..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحيل العاصي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى