روايات

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر البارت الخامس والثلاثون

رواية شمس ربحها القيصر الجزء الخامس والثلاثون

رواية شمس ربحها القيصر
رواية شمس ربحها القيصر

رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الخامسة والثلاثون

دلفا الى الشركة سويا حيث تسير هي بجانبه بخجل شديد من هذا الموقف الذي تمر للمرة الإولى به ..
اما هو فلا يبدو متأثر من دخولهما سويا كزوجين لأول مرة بل كان طبيعيا للغاية يسير تجاه المصعد بملامح هادئة وخطوات واثقة فحاولت ان تماثله في تلك الثقة ولو قليلا حتى ..
وقفت بجانبه امام المصعد تنتظر هبوطه وهي تتذكر الصمت المهيب الذي سيطر على الاجواء في طريق القدوم الى الشركة ..
لم يكن قيصر يوما كثير الحديث او مرحا لكن في المرات المعدودة التي اجتمعا بها سويا كان يبدو مهتما بتبادل الحديث معها محاولا جذبها لوضعهما الجديد اما الآن فهو يتجاهلها بشكل صريح مما يثير غيظها بشدة ..!!
دلفت الى المصعد لتجده يضغط على زر الطابق الذي يوجد به مكتبه ..
سارعت لتضغط بعده على الزر الخاص بالطابق الذي تعمل فيه فيبدو إنه نسي إنها بجانبه أيضا ..
وجدته يلتفت نحوها لتهتف بسرعة :
” نسيت أن تضغط على زر الطابق الذي أعمل فيه ..”
صمتت عندما أضيء الرقم الخاص بالطابق الذي تعمل فيه لتفتح الباب وقبل ان تتحرك كان يضغط على زر آخر فينغلق الباب في وجهها ..
هتفت مستنكرة فعلته :
” لماذا أغلقت الباب ..؟!”
لم يرد عليها وهو ينظر في ساعة يده لوهلة ثم يرفع وجهه من فوقها فينفتح الباب لتسمعه يشير إليها :
” تعالي معي ..”
نظرت اليه بدهشة قبل ان تضطر الى السير معه كما طلب …
كانت تسير بجانبه قبل ان تجده يقف أمام السكرتيرة التي استقبلته بملامح سعيدة للغاية ونبرة فرحة :
” اهلا سيدي.. أنرت الشركة بعودتك .. اعذرني على غيابي البارحة فلو علمت بقدومك الى الشركة لكنت قطعت اجازتي قبل انتهائها ..”
رفعت شمس حاجبها ترمقها بنظرات غير مريحة لتنتبه عليها فتهتف بحرج :
” مبارك الزواج يا هانم .. ”
ردت شمس بصوت مقتضب :

” شكرا وعقبالك ..”
قال قيصر بعدها :
” نصف ساعة وتخبرين خالد بك بقدومي .. اجلبي لنا فنجانين من القهوة لو سمحتي .. ”
ثم أشار الى شمس بعينيه لتسير أمامه بصمت ..
ما ان اغلق الباب حتى التفتت نحوه تسأله بضيق :
” لماذا جلبتني الى هنا ..؟! أليس من المفترض أن أبدأ عملي حالا ..؟!”
سار نحو مكتبه ثم جلس على كرسيه بعدما فتح أزرار سترته ليطلب منها الجلوس فسارت نحو المكتب وجلست على الكرسي المقابل له على مضض ..
اخرج هاتفه من جيبه ووضعه على المكتب ثم تبعه بمفاتيح سيارته ..
نظر إليها وقال أخيرا :
” من الآن فصاعدا ستعملين في مكتب خاص بك .. سأطلب من سها أن تجهزه حالا .. ”
سألته مندهشة :
” مكتب خاص بي ..؟! لماذا ..؟! ما به المكتب الذي أعمل به مع زملائي ..؟!”
رد بجدية :
” لم يعد مناسبا ان تعملي في مكتب يشاركك به بعض موظفين الشركة .. لا يليق هذا بمكانتك ابدا ..”
صاحت بضيق :
” كيف يعني لا يليق ..؟! ما المشكلة اذا عملت معهم في نفس المكتب ..؟! تريدنني أن أعمل في مكتب خاص بي وأنا لم أتدرب في شركتك سوى اسابيع قليلة والأهم إني متخرجة حديثا …؟! اذا كان هناك شيء لا يليق فهو ان تمنح مكتب خاص لموظفة حديثة التخرج لم تكمل حتى مدة تدريبها المحددة .. ”
زفر أنفاسه ببطء محاولا الحفاظ على هدوئه ثم قال بهدوء :
” انت زوجتي .. زوجتي مدير هذه الشركة بأكملها .. هل تظنني إنه سأسمح لزوجتي بأن تتشارك مكتبا مع موظفين غيرها ..؟! هذا الشي غير مسموح .. ثانيا هذا الأمر لم يحدث معكِ انتِ فقط .. الجميع هكذا .. قبلك حوراء ايضا اخذت مكتبا يخصها وهي بدأت العمل بعد مدة قصيرة من التخرج .. وسأفعل نفس الشي مع لميس او سوزان او غيرهما .. هذا الكلام ينطبق لكل من ينتمي لعائلة عمران يا شمس وانت أصبحت واحدة من افراد العائلة بل انتِ زوجة المدير شخصية .. افهمي واستوعبي مكانتك ووضعك الجديد من فضلك ..”
همت بالرد لكنها توقفت وهي تجد النازل يستأذن الدخول فيسمح له قيصر ليتقدم نحويهما ويضع امام كلا منه فنجانه وقدحا من الماء ثم يسألها اذا ما يحتاجا شيئا قبل أن ينصرف من المكتب ..
هتفت شمس ما ان أغلق الباب بصوت منزعج :
” لكن انا لا ارضى بشيء كهذا .. لا أرضى بأن أخذ ما لا استحقه .. انا لست كالبقية ..”
قاطعها بعدم تصديق :
” ما لا تستحقينه ..؟! إنها شركتي .. شركة زوجك .. يحق لك بها كل شيء .. “

ردت بعناد :
” الجميع سيتحدث عني وعما فعله زوجي لأجلي .. ”
اكملت وهي تحاول ان تشرح له وجهة نظرها :
” يا قيصر افهمني .. انا لا أريد أن أنجح في عملي وأثبت وجودي بهذه الطريقة .. انا أريد أن أعتمد على نفسي وأثبت وجودي في مجال عملي من خلال تعبي واعتمادي على نفسي .. لا أريد أن يدعوني بزوجة المدير وتصبح هذه الصفة مرتبطة بكل خطوة ناجحة أقوم بها..”
نظر اليها بتمهل وقال :
” كل ما تقولينه ليس خطئا ولكن هذا لن يجعلني أغير رأيي .. مكانتك ووضعك لا يسمحان بهذا الشي ..”
” أنت مصر اذا ..؟!”
سألته بصوت متحفز ليرد بثبات :
” اعذريني يا شمس .. مكانتي ومكانتك انت ايضا اهم من أن أؤثر عليهما لأجل بضعة احاديث تافهة سيقولها البعض في سرهم دون أن يستطيعوا التحدث بها أمامنا حتى .. ”
” وماذا عني ..؟! عن رأيي ورغباتي ..؟! مكانتك فقط مهمة أما أنا فلأذهب الى الجحيم ..”
” مكانتكِ انتِ ايضا ..”
صاحت بلا وعي :
” لا تقل مكانتي .. بل قل مكانتك انت ..”
هدر بها بصوت خافت لكنه قوي :
” لا ترفعي صوتك .. الى متى سأظل أنبهك على هذا ..”
حاولت كتم غضبها وهي تسأله :
” انا غير موافقة على هذا .. ماذا ستفعل الآن ..؟!”
أجاب ببرود :
” أمامك خيارين .. إما العمل في مكتب خاص بك او لا يوجد عمل من الأساس ..”
نظرت إليه بعدم تصديق وقد ظهر التسلط بوضوح على محياه لتهتف بصوت مبحوح :
” لن أعمل إذا ..”
ثم نهضت من مكانها تتجه خارج المكتب ليهتف بصوت آمر :
” إلى أين ..؟! دعيني أخبر جمال بأمر عودتك كي يوصلك بنفسه الى القصر ..”
نظرت به بحزن لم يبالِ به وهو يتصل بسائقه الشخصي كي يخبره إنها ستذهب معه الى القصر ..
…………………………………………………………….

عادت شمس الى القصر بملامح مكفهرة لتجد حوراء في وجهها ويبدو إنها تتوجه للخروج ..
وقفت حوراء أمامها تتأملها عن قرب قبل أن تلوي فمها وهي تردد :
” تبدين مستاءة من شيء ما .. ”
أكملت بتهكم واضح :
” هل أزعجك عريسك بهذه السرعة أم ربما أنتِ من أزعجتيه بعد ايام معدودة على زفافكما ورد هو عليك بما يليق بذلك ..؟!
كانت شمس في أوج انزعاجها مما حدث ومن اسلوب قيصر الحاد معها بل ولا مبالاته بحزنها وضيقها مما حدث فصاحت بإنفعال :
” ما شأنكِ انتِ ..؟! لماذا تتدخلين فيما لا يعنيك ..؟!”
هدرت حوراء بصوت حاد :
” لا تتحدثي معي هكذا .. إياك وأن تتجاوزي حدودك يا شمس ..”
هتفت شمس بعناد :
” واذا تجاوزتها .. ماذا ستفعلين ..؟!”
ردت حوراء بوعيد :
” أفعل الكثير يا شمس .. انتِ لم ترِ مني الى الآن اي شيء .. لكنك سترين عن قريب وحينها لن يرحمك مني احدا ..”
” اتركي تهديداتك السخيفة جانبا .. انا لا اخاف منكِ ولا من أي أحد .. وصدقيني لست الفتاة الضعيفة التي يمكنك أن تؤذيها وتصمت دون أن تسترد حقها منك ..”
قالتها شمس بقوة ثم أكملت بصوت متمهل :
” لم أنسَ بعد حديثك عني في مكتب قيصر وكلامك الذي مس اخلاقي وشرفي بشكل صريح ولن أنساه يا حوراء ..”
أكملت وهي تبتسم بمكر :
” كنت تحاولين انتِ ووالدتك إبعادي عنه بأي طريقة فأنتما لم ترغبان بوجودي جواره ورغم عدم رغبتكما بي واعتراضكما الصريح على زواجه مني ورغم كل محاولاتكما البائسة تزوجني .. لم توقفه كل هذه التصرفات عن ذلك .. هو اختارني وتزوجني رغما عنكما وهذا أكثر ما يثير غيظك انتِ ووالدتك ..”
نظرت اليها حوراء بوجه بارد ثم هتفت بقوة :
” اتمنى أن تبقي على موقفك هذا ولا تبكي من اول صفعة تنالينها ..”
همست شمس بضحكة خفيفة :
” قلتي صفعة اذا .. يبدو إن أثر تلك الصفعة ما زال محفورا داخلك ..”
” اخرسي ايتها الحقيرة ..”
قالتها حوراء وهي تقبض على ذراعها ليسمعا صوت لميس من خلفيهما :
” ماذا تفعلان ..؟! ”
ثم تقدمت نحويهما وهي تهتف بإبنة عمها :
” اتركيها يا حوراء .. “

” سأخبر قيصر هذه المرة يا حوراء .. لن أصمت مجددا عن أفعالك .. لم أخبره سابقا لإنني لم أرغب أن أكون سببا في تخريب علاقتكما لكن الى هنا ويكفي .. ظننت إن تلك الصفعة أدبتك لكن لا توجد فائدة فأنتِ كما أنتِ ..”
قالتها شمس بضيق قاصدة ان تذكر تلك الصفعة امام لميس لتصيح حوراء بها :
” اخرسي ايتها الحقيرة ..”
” حوراء ..!!”
صاحت لميس مستنكره لتحرر حوراء ذراعها وتلتفت نحو ابنة عمها تصيح بقهر مكتوم من معرفة لميس بأمر الصفعة :
” ألا ترين ما تقول ..؟! إنها تتجاوز حدودها يا لميس ..”
ردت شمس بسرعة :
” انتِ من بدأتِ .. كنت في طريقي الى جناحي ولكنك أوقفتني وبدأت في أحاديثك المعتادة ..”
” قلت لك لا تتحدثي ..”
قالتها حوراء بعصبية لتصيح لميس بها :
” حسنا يكفي يا حوراء .. اذهبي من فضلك الى موعدك .. ”
نظرت اليها حوراء بحدة لتكمل لميس بتعقل :
” اذهبي من فضلك .. ستحدث مشكلة كبيرة لا داعي لها ..”
” لا داعي لأن تذهب .. سأذهب انا الى جناحي وعندما يأتي أخوها سيكون لنا حديث وقتها ..”
قالتها شمس وهي تنسحب من مكانها متجهة الى الجناح بينما صاحت حوراء :
” افعلي ما تريدنه فأنا لا اخشى احدا ..”
ثم اندفعت خارج المكان تاركة لميس تتابع رحيلها بدهشة شديدة ..
………………………………………………………
كانت تجلس على الكنبة الموجوده في جناحها تهز ساقها بغضب مما يحدث فلم يكفها ما فعله زوجها لتأتي أخته وتستفزها بحديثها المقيت مثلها ..
كانت تشعر بأعصابها تحترق من شدة الغضب لتسمع صوت طرقات على باب جناحها فسمحت للطارق بالدخول ..
فوجئت بلميس تدلف الى الداخل ثم تبتسم بهدوء وهي تهتف بها :
” هل يمكنني الجلوس معك قليلا ..؟!”
هتفت شمس بسرعة متأملة ابتسامها الجذابة وملامحها الرقيقة :
” بالطبع .. تفضلي ..”
سارت لميس نحوها بعدما اغلقت باب الجناح ثم جلست بجانبها تقول بهدوء :
” لا تتضايقي من حوراء .. هي هكذا مع الجميع وليس معك .. ”
هزت شمس رأسها نفيا وقالت :
” لا اهتم بها من الأساس .. هي من تتعمد الإساءة لي من خلال أحاديثها السخيفة لكنني أعرف كيف أوقفها عند حدها .. لست ضعيفة كي تتسلط علي ..”

هتفت لميس بسرعة :
” حتى لو لم تفعلِ .. زوجك سيفعل .. انت زوجة قيصر يا فتاة وقيصر لا يرحم احدا يقترب من اي شخص يمسه فكيف اذا كان هذا الشخص زوجته ..؟!”
أكملت بعدها بجدية :
” لكن ما يهم أن تعلمي إن حوراء هكذا مع الجميع وليس معك .. شخصيتها هكذا .. لا أقصد ذمها ولكن أخبرك إن هذه طبيعتها كي لا تشعري إنك الوحيدة التي تنالين من اسلوبها هذا ..”
قالت شمس بضيق :
” انا لا أتحمل تصرفات كتصرفاتها .. لست من هذا النوع ولست من النوع الذي يمرر الأمور ببساطة ويتناساها .. ”
ابتسمت لميس وقالت :
” يبدو لي هذا واضحا .. هل تعلمين ..؟! انتِ تشبهين قيصر بهذه النقطة فكلاكما لا يتنازل عن حقه ولا يسمح لأي شخص بإيذاءه ..”
أكملت بعدها :
” في الحقيقة جميعنا هكذا .. ”
أردفت بعدها بجدية :
” المهم هو ألا تغضبي منها ومن حديثها .. ”
هتفت شمس بإباء :
” لن أفعل بالطبع ..”
سألتها لميس مستغربة :
” لكنك لا تبدين هكذا .. ملامحك ما زالت تنطق بالضيق والإنزعاج ..”
ردت شمس :
” نعم هذا صحيح .. انا منزعجة ولكن لست منها بل من زوجي ..”
” زوجك ..؟! هل أغضبك قيصر بهذه السرعة ..؟!”
هتفت بها لميس بمزاح لتزم شمس شفتيها وتهتف بتبرم :
” لقد فعل .. ”
” حسنا لا أود التدخل في اموركما الخاصة لكن يمكنني الإستماع إليكِ أردتِ ..”
نظرت إليها شمس وقالت :
” الأمر ليس سرا يجب تخبأته .. لقد تجادلنا بشأن وضعي في الشركة بعدما أصبحت زوجته ..”
” حسنا ولماذا تجادلتما ..؟!”
سألتها لميس بإهتمام لتبدأ شمس في الحديث عما حدث وسبب نزاعهما ..
هتفت لميس اخيرا بعدما أنهت شمس حديثها :
” في الحقيقة أرى إن رفضك لا داعي له ..”
نظرت إليها شمس مستنكرة لتهتف لميس بسرعة :
” لا تنظري إلي هكذا .. انظري انا لست من النوع الذي يتقيد بالكامل بمكانتنا ووضعنا الإجتماعي .. على العكس تماما انا اعيش حياتي كما أحب .. أعيشها بالشكل الذي أريده ويجعلني سعيدة ومرتاحة .. لا أفعل شيئا بناء على ما يرضي مجتمعي المخملي ولكن هناك أشياء لا أرى مشكلة في إتباعها .. أشياء ليست مهمة كما ندعي .. ”
أكملت وهي تحاول ايصال وجهة نظرها :
” قيصر لا يطلب منك شيئا من الصعب القيام به .. فكرة ان تعملي في مكتب لوحدك ليس سيئا .. هو فقط يمنحك ما يليق بك .. “

وجدت شمس تنظر اليها ببطأ لتكمل بجدية :
” لا تنظري الي هذا .. اقسم لك إنني لا أقول هذا كي أقنعك برأيه .. ابدا ولكن الأمر لا يستحق رفضك ابدا .. يعني لو كنتِ أخبرتني مثلا إنه يرفض رفقتك لصديقة معينة بسبب فرق المستوى او مثلا يجبرك على عدم العمل او اي شيء مقارب كنت سأرفض هذا بشدة لكنه لم يطلب شيئا يستدعي هذا الرفض الصريح ..”
أردفت :
” واذا كان ما يهمك حديث العالم و إعتبارهم أي نجاح تحققينه بفضل زوجك فهذا الأمر لن يتغير سواء كنت تعملين معهم او لوحدك .. اسمك ارتبط بإسمه وبالتالي من يفكر بهذه الطريقة سيبقى هكذا حتى لو كنتِ تعملين في المريخ .. صدقيني حتى لو عملت في مكان آخر لا علاقة لقيصر به بل حتى لو عملتِ في دائرة حكومية سيقولون ان زوجك بمكانته تواصل مع مدرائك وجعلهم يهتمون بك بل سيقولون عن اي نجاح تحققينه انه نتيجة توسط زوجك لك .. ”
” حسنا ، أليست هذه مشكلة اذا ..؟!”
سألتها شمس بضيق لترد لميس :
” كلا ، لإنك تعلمين جيدا إن هذا غير صحيح لذا يجب ان تثقي بنفسك وتتجاهلي كلا من يقول هذا .. ها انا امامك ابنة عائلة عمران المرموقة المعروفة بعلاقاتها الواسعة مع اهم الشخصيات في هذه البلد .. أي نجاح سأحققه سينسب الى عائلتي .. حتى القناة التي عملت بها والتي تم تعييني به دون حتى أن يعلموا اسمي الكامل بسبب رغبتي في ذلك إتهمت إنني جئت بواسطة وتم قبولي بتوصية من اخي وابن عمي .. لا احد يصدق إنه تم قبولي بلا واسطة .. ماذا افعل انا ..؟! هل أبقى أغضب وأتألم بسبب احاديث عابرة ..؟! ”
وجدت لميس شمس تلتزم الصمت وحديثها قد ترك آثره عليها لتتنهد وتستطرد :
” ارجوك لا تفعلي ذلك ولا تفكري بهذه الطريقة .. كما لا أريدك أن تفكري ان زواجك من قيصر سببا في جعل الناس يفكرون بك هكذا .. الناس بطبيعتها لا يعجبها احد والكثير منهم يحاول الإستنقاص من الشخص الناجح بأي طريقة ممكنة .. حتى لو كنت متزوجة من رجل عادي سيجدون اي طريقة لإنكار اي نجاح تقومين به ..”
نظرت شمس اليها وهي تفكر إن حديثها مقنع ومنطقي فهي تقول الواقع ..
شعرت بالمرارة من تصرفاتها التي تثبت عدم وعيها بل تهورها وغبائها ..
ما يزعجها حقا إنها لم تكن هكذا .. بالرغم من مرحها وصخبها وعفويتها كانت ذات شخصية متزنة وعقلية واعية لكن منذ ان التقت به وهي تتفنن في إثبات صغر عقلها بشكل يؤلمها كثيرا ..
مالذي حدث ولمَ تغيرت هكذا والأهم ان غبائها وتهورها لا يظهران الا في الأشياء التي تخصه ..؟!
نظرت الى لميس مرة اخرى وهي تبتسم بخفة وتعد نفسها ان تراجع تصرفاتها وما يحدث معها من جديد..
………………………………………………………..

بعد مرور ثلاثة ايام ..
كان فادي يجلس امام والدته التي تتحدث دون توقف عن وجوب عودته الى القصر فهذا مكانه الاصلي والذي لا يجب أن يتركه لأي سبب كان ..
كان فادي يستمع اليها بصمت دون اي رد منه ولا ظهور اي تعبير واضح على وجهه ..
هتف اخيرا بملل :
” حسنا ماما فهمت حديثك جيدا ..”
ثم أكمل بعدها كاذبا :
” سأعود في اقرب وقت .. اطمئني ..”
” متى يعني ..؟!”
سألته بفضول ليهتف بضيق :
“قريبا يا ماما .. قريبا ..”
” قم بزيارتي يوميا حتى تعود وتستقر هنا من جديد ..”
قالتها بإصرار ليومأ برأسه دون لتسأله والدته بإهتمام :
” أخبرني عنك .. هل انت بخير ..؟! هل تشعر بالراحة لوحدك ..؟!”
أجاب بفتور :
” انا بخير ماما .. لا تقلقي ..”
نهض من مكانه وقال :
” يجب أن أذهب الآن ..”
قاطعته وهي تقف بدورها :
” لم تمر ربع ساعة على قدومك كما إنك لم تلتقِ بأختيك ولا أخيك او احدا من ابناء عمك ..”
قال بسرعة :
” سآتي مرة اخرى قريبا .. لا تقلقي ..”
قالها بسرعة ثم قبلها من وجنتيها قبل ان ينطلق هاربا منها ..
هبط درجات السلم بسرعة ليتوقف مكانه مقطوع الانفاس ما ان وجدها أمامه تدلف من باب القصر فهي كانت تتمشى في الحديقة منذ مدة ولم تكن تعلم بوجوده ..
ما ان رأته أمامه حتى اهتزت حدقتيها بوضوح وظهر الخوف جليا على وجهها لتقرر فتح الباب والخروج من الجديد بدلا من التوجه نحو السلم والصعود الى الاعلى ..
” توقفي ..”

هتف بها فجأة بعدما وجدها استدارت تهم بالرحيل لتتجمد مكانها برفض حقيقي لكن صوته المتوسل وصلها :
” انتظري لحظة من فضلك .. أريد أن أتحدث معك .. هناك شيء ما يجب أن تسمعينه مني .. شيء لن يزعجك ابدا .. اقسم لك بذلك لكن اعطني الفرصة لأقول ما لدي ..”
اعتصرت قبضة يدها بقوة ولا تعلم لماذا تذكرت حديث قيصر عندما أخبرها يوما بضرورة مواجهته ..
( أريدك أن تكوني قوية وتواجهيه كما ينبغي .. أنت لم تفعلِ شيئا خاطئا ولستِ مذنبة في حقه كي تخشي المواجهة .. واجهي بثقة بينما هو من عليه أن يخفض بصره كلما رأكِ ..)
ترددت الكلمات داخل عقلها كأنها تسمعها الآن .. لا تعرف كيف تذكرتها الآن وشعرت إنها تذكرها لكلماته في هذا الوقت إيعاز يخبرها بضرورة مواجهته وسماعه ..
التفتت نحوه محاولا الحفاظ على ثباتها لتلتقي عيناه بعينيها للحظات قبل ان يخفضها ارضا بسرعة..
” انا ..”
قالها بصوت مرتجف قليلا ليزفر أنفاسه ببطأ ثم يحاول السيطرة على رباطة جأشه ليكمل :
” أردت التحدث معكِ منذ مدة لكنني لم أستطع .. لم أكن أمتلك القوة الكافية لمواجهتك .. كنت خجلا للغاية .. ”
صمت قليلا ثم اخذ نفسا عميقا وهو يرفع بصره نحوها ليعاود إخفاضه مرة اخرى ويكمل :
” لقد أذيتك كثيرا .. اعتذر عن هذا حقا ..”
أغمضت شمس عينيها للحظة قبل ان تفتحها وهي تقول بصوت مرتجف :
” لا أريد إعتذارك .. ولا أريد اي شيء منك سوى ان تتركني وشأني ..”
نظر اليها بحزن وقال :
” معك حق ولكن صدقيني انا نادم حقا .. لو عاد بي الزمن لما فعلت ما فعلته لكن كل شيء كان خارجا عن ارادتي ..”
منحته نظرة كارهة ليكمل بصدق :
” اقسم لكِ لم أكن واعيا بأي شيء .. كنت أتصرف بلا وعي .. كالمجنون .. حتى إنني ..”
صمت قليلا ثم قال بصوت مبحوح :
” لم أكن أراك شمس ..”
لاحت الدهشة للحظات على ملامحها قبل ان يرتجف جسدها من تلك الذكرى ليكمل بهدوء :
” منذ أن رأيتك بالصدفة لأول مرة حدث ذلك .. رأيتها فيكِ .. كنت أراكِ هي .. كنت أنت شمس ولكنك في نظري هي .. وكل ما بدر مني كان معها وليس معك .. لا أعلم لمَ حدث هذا ولم انتِ بالذات لكنني لن أسامح نفسي ابدا .. وأعلم إنك لن تسامحني ومع هذا اعتذر منك كثيرا .. انا اسف حقا ولو بإمكاني بتقديم اي شيء غير الاعتذار سأفعل ..”
هزت رأسها بإستنكار والضعف ظهر على ملامحها لتسمعه يقول :
” انا اسف للمرة الإخيرة ..”
أكمل بعد ثواني :
” هناك شيء آخر أريد أن أقوله لكِ وسأرحل بعدها .. “

أردف بعد صمت قصير :
” قيصر .. ”
نظرت إليه بإهتمام ظهر واضحا في عينيها :
” قيصر دخل في لعبتي مجبرا .. أعلم إنه هددك يوما لأجلي ولكن ..”
صمت متأملًا الألم الذي سيطر على ملامحها ليكمل بنبرة لينة :
” قيصر يحبك ..”
تطلعت إليه بدهشة ليومأ برأسه وهو يعاود خفض بصره :
” ما فعله قبل عامين لأجلي .. كان مجبرا على هذا .. للآسف لعبت على حس المسؤولية لديه وحبه وأخوته لي ونجحت في ذلك عندما جعلته يظن ان حياتي متوقفة علي علاجي فموتي يقترب كل يوم اكثر بسبب رفضي للعلاج وهو قرر ان يلجأ الى اي شيء يحفزني للعلاج ويعطيني أملا في الحياة بناء على توصيات الطبيب .. أعلم إنه اخطأ وإن لا ذنب لك في ذلك لكنه كان مجبرا لا مخيرا .. لا أحاول التبرير له لكن ضعي نفسك مكانه وسوف تفهمين ما مر به ..”
أكمل :
” لكن رغم كل هذا هو أحبك .. ”
نظرت اليه بعدم تصديق ليكمل دون ان ينتبه على نظراتها :
” لو لم يكن أحبك ما كان ليتزوجك ..”
صمت وهو يفكر إنه لا يستطيع ان يخبرها إنه لم يكن ليتزوجها الا لكونه مغرم بها .،
فأخيه دوما ما يبحث عن كل ما يناسب مكانته الاجتماعية واسمه ..
أخوه الذي لطالما قال إنه عندما يتزوج سيختار فتاة من النخبة .. فتاة مثالية في كل شيء تليق بمركزه ومكانته ..
فتاة مثل سوزان ابنة عمه الذي كان ينوي التفكير جديا في خطبتها او كغيرها من الفتيات اللواتي ينتمون لأكبر واهم العوائل في البلاد ..
قيصر اخيه الذي يعرفه جيدا لم يكن ليتزوج فتاة بسيطة من عائلة عادية متوسطة المستوى إلا لإنه مغرم بها ..
ربما أخيه نفسه لا يدرك ذلك لكنه واثق من هذا ..
” نعم يحبك .. صحيح إنه لا يظهر عليه ذلك .. فلا حديثه او تصرفاته او حتى ملامحه تدل على حبه لكنه يحبك .. يحبك حتى لو يرفض الاعتراف بهذا او ربما ما زال لا يدرك حبه لك .. “

تنهد وقال :
” أخبرك بهذا لأجله وأجلك ايضا .. انا لا أعرف اي شيء ينعكما لكن أحب أن أراكما سعيدين .. اخي يحبك والأهم إن قيصر ليش شخصا عاديا .. بالرغم من تسلطه وقوته وجبروته الا انه أكثر من تستطعين الوثوق به والشعور بالآمان معه .. أنت ستدركين جيدا ذلك عندما تعاشرينه اكثر .. اتمنى التوفيق لكما ..”
انهى كلامه ثم خرج مسرعا تاركا اياها تتابعه وكلماته تركت في داخله شعورا غريبا لا تستطيع تفسيره ..

( وإمتلكها القيصر ..)
يجلس في غرفة مكتبه شاردا قليلا بكل ما يحدث معه منذ زواجه منها ..
منذ زواجه منها وهو يعيش في ضيق لا ينتهي منها ومن تصرفاتها وعنادها الذي لا ينتهي او يقل على الأقل مع مرور الايام ..
لقد ظن إن اسلوب الصرامة والتجاهل العلني سيجلب نتيجة معها فربما تستوعب أخيرا مدى سوء تصرفاتها لكن للأسف لم يتغير شيء ابدا ولم يؤثر بها كل هذا ..
وهاهي تزداد جنونًا وغبائا مع مرور الأيام ..
صحيح لم يمر سوى اسبوع واحد على زواجهما لكن هذا الأسبوع كان مزعجا للغاية بالنسبة له ..
اسبوع لا يوجد فيه سوى جدالهما المستمر على أبسط الاشياء وعنادها الذي لا ينتهي ..
عاد يتذكر ما حدث خلال الثلاث ايام السابقة عندما خرجت من الشركة بوجه حزين تجاهله وهو يعاود العمل فهو لن يمنحها ما تريد ولن يجعلها تتحكم به او تجعله يغير قراراته لأجلها ..
تذكر عودته مساء نفس اليوم ليجدها في جناحهما بملامح مكفهرة فيتجه لتغيير ملابسه لكنه توقف على صوتها الحازم وهي تقول :
” اريد التحدث معك ..”
التفتت نحوها بصمت يخبرها بعينيه ان تتحدث فتتقدم نحوه بملابسها المكونة من فستان زهري بسيط التصميم ويبدو انها التزمت بما قاله بشأن ملابسها ليسمعها تقول بضيق :
” تحدث مع والدتك واختك .. انا لن أقبل بتصرفاتهما هذه .. لقد مللت من محاولاتهما لإثارة غيظي بكافة الطرق الممكنة ..”
سألها محاولا عدم اظهار غضبه من تصرفاتهما :
” ماذا فعلا ..؟!”

 

 

قالت بجدية :
” نفس الافعال المعتادة ومحاولة إثارة غضبي .. كلام مزعج لا غير .. حوراء استطيع الرد عليها بل رديت عليها بالفعل صباح اليوم حتى إننا تشاجرنا ايضا ولكن والدتك لا استطيع أن أمنحها ردا يليق بحديثها مهما حاولت فهناك حدود لا استطيع تجاوزها بسبب فارق العمر بيننا ..”
كان يتأملها بصمت وجبين متغضن لتسأله بجدية :
” أنت تصدقني أليس كذلك ..؟! لا تشك إني أكذب فيما أقوله ..؟؟”
رد بهدوء :
” بالطبع أصدقك .. لا تقلقي من هذه الناحية .. فبالرغم من كل شيء إلا إنني اعرف جيدا إنك لا تكذبين ..”
” ماذا تقصد بالرغم من كل شيء ..؟!”
سألته بإنزعاج ليرد بصدق :
” يعني بالرغم من تصرفاتك المزعجة وتهورك ولسانك الطويل لكنك دوما ما تكونين صادقة فيما تقولينه .. أنا أثق بك ولا أشك فيكِ ولو للحظة لإنك لا تكذبين ولا تراوغين ..”
نظرت اليه بصمت محاولة السيطرة على ملامحها بعدما شعرت بسعادتها بسبب كلامه هذا وبالرغم من حديثه عن طول لسانها وتهورها لكنها لم تهتم بقدر ما اهتمت بحديثه عن ثقته بها وسألت نفسها اذا كان كل الرجال يصدقون زوجاتهم حتى عندما يتحدثون عن عوائلهم واسائتهم لهم ..؟!
” انا سأتصرف ..”
نظرت اليه بإنتباه ليكمل :
” انا سأعرف كيف أمنعهما من قول حرفا واحدا يسيء لك سواء أمامك او من خلفك لكن امهليني وقتا حتى أتحدث معهما قريبا .. ”
أومأت برأسها دون رد ليكمل بجدية :
” اسمعيني جيدا يا شمس ..مهما فعلا بعد الآن لا تردي عليهما .. حاولي ان تتجاهليهما وما ان أعود أخبريني بكل شيء وانا سأتصرف كما أخبرتك قبل قليل مع إنني واثق إنهما لن يجرؤان على تجاوز حديثهما بعدما أتحدث معهما .. ”
أردف بهدوء :
” لا أريدك ان تغضبي منهما فيخرج منك كلاما متهورا غير محسوبا ينعكس ضدك .. اريدك أن تتصرف بهدوء ورقي وانا سأجلب لك حقك كاملا ..”
صمتت ولم ترد بينما وعده لها بإنه سيتصرف مع عائلته ويوقف امه واخته عند حدهما اعاد ذكريات قديمه لها تخص خلافات عائلة والدها مع والدتها وصمت والدها وعدم الوقوف في وجه عائلته رغم حبه الشديد لوالدتها واحترامه الدائم لها لكنه لم يأخذ يوما موقفا حاسما وعندما بدأت العلاقة تتأزم اكتفى بعدم إجبار والدتها على رؤيتهم او التعامل معهم مما جعل والدتها تقاطعهم تماما منذ سنوات طويلة ..
قيصر أخبرها انه سيجلب حقها ويتصرف معهم بل انه ضرب اخته لأجلها وأمامها ..
كل هذا يجعله مختلفا فمن ضمن الصفات التي تتمناها اي زوجة في زوجها هو أن يحافظ على كرامتها وقيمتها امام عائلته ولا يسمح لشخص ما من التقليل منها او إهانتها حتى لو كان هذا الشخص والدته .،
أفاقت من شرودها على صوته الهادئ :
” أين شردت ..؟! هل هناك شيئا آخر تريدين قوله ..؟!”
ردت بسرعة :
” كلا لا يوجد ..”
افاق من شروده للحظة ثم عاد يتذكر ما دار بينهما من حوار في اليوم التالي بشأن تلك الحفلة التي يجب ان يذهب اليها وبالطبع هي ستكون معه ..

 

 

كان قد عاد مبكرا ليجدها تجلس على السرير متربعة تمسك جهازها اللوحي وتعبث به بتركيز شديد ليلقي تحية المساء بإقتضاب فترد عليه دون ان ترفع وجهها من فوق جهازها ..
وضع الدعوة على الطاولة جانبها ثم خلع سترته وعلقها في مكانها قبل أن يهتف بها وهو يتقدم نحوها :
” لقد تمت دعوتنا لأحدى الحفلات حيث يقيم صديقي احتفالا بإفتتاح فرع جديد لشركته وانتِ ستحضرين الحفل معي ..”
وضعت جهازها جانبا ثم قالت وهي ما زالت على وضعيتها :
” ولماذا سأحضر معك ..؟!”
هتف ساخرا :
” ربما لإنك زوجتي ..”
عبست ملامحها وهي تردد :
” لن أحضر .. يعني لا أرغب بالحضور ..”
رد ببرود :
” يجب أن تحضري .. لن أسمح لك بالتخلف عن الحضور معي مهما حدث ..”
” هل ستجبرني على ما لا أريد ..؟!”
سألته مندهشة ليجيب ببساطة :
” نعم سأجبرك اذا أصريت علي الرفض خاصة إنك ترفضين كل شيء فإذا بقيتِ على هذه الحال سيكون دورك هو المكوث في الجناح طوال اليوم وإستفزازي بتصرفاتك المزعجة دائما ..”
نهضت من مكانها وقالت بعصبية :
” انا لا ارفض اي شيء .. انا فقط ارفض الأشياء التي لا أحبها ..”
ضحك متهكما وقال :
” أنت لا تحبين سوى الأشياء التي يجب عليك التقيد بها ..”
صاحت معترضة :
” ماهي الأشياء التي طلبتها مني ورفضتها حتى الآن ..؟! ارتداء ملابس خروج في المنزل ..؟! ام رفضي لمكتب خاص بي ..؟! رفضت الأشياء التي تتقيدون انتم بها في حياتكم التي يبدو انك نسيت انها تختلف عن حياتي .. هل أنا مجبرة للتصرف مثلكم وتغيير نمط حياتي وجعله موازيا لنمط حياتكم ..؟! هل أنا مجبرة على حضور حفلات لم أحضرها مسبقا والأهم إنني لا أرغب بحضورها لإنني أعلم جيدا إن اجواءها لا تناسبني .. ..؟!”
نظر اليها بصمت ثم قال بعد لحظات :
” المشكلة لا تكمن هنا فقط .. ”
زفر انفاسه ورد :
” حتى لو لم تكونِ معتادة بإمكانك الاعتياد .. لست اول واحدة تتزوج رجلا من مجتمع لا يشبه مجتمعها التي عاشت به .. لست الاولى ولن تكوني الاخيرة .. انتِ حتى لم تحاولِ .. ربما لن يكون الامر صعبا والأهم هذه الحفلات لا تحدث يوميا بل بين فترة وأخرى وانت من واجبك ان ترافقيني بها .. ”
أكمل بعدها :
” ولكن اخبريني يا شمس .. هل أنتِ بالفعل ترفضين فقط الاشياء الغير مناسبة .. ؟! ”
ردت بسرعة :

 

 

” نعم .. اسمعني يا قيصر وافهمني .. مجتمعكم عموما لا يناسبني ولا يعجبني .. انا امامي خيارين .. اما إن أواكبكم في نمط حياتكم وتصرفاتكم مجبرة فأمثل إنني أشبهكم وتأقلمت معكم او أتصرف بطبيعتي ولا أفعل شيئا لا أحبه ولا يشبهني ..”
شعر بالغضب من حديثها فهتف فجأة :
” وهل جميع الأشياء التي ترفضين القيام بها تخص مجتمعنا فقط ..؟! ماذا عن رفضك أتمام زواجنا ..؟! أخبريني هيا .. هل هذه من ضمن الأشياء التي لا تناسب نمط حياتك المعتزة به ..؟!”
ابتلعت ريقها وردت :
” ما شأن هذا بحديثنا ..؟! اخبرتك إن الأمر خارج عن يدي ..”
قاطعها صائحا بصرامة :
” لا تكذبي .. كلانا يعرف ان ما قلته تلك الليلة كان كذبة لا أكثر .. أنت تمتنعين عني بإرادتك .. ورغم ادراكي لهذا من اول يوم لم أجبرك على إتمام زواجنا لإنني لا أمتلك إمرآة اجبارا ..”
طغى الخجل عليها لتسمعه يهتف بصرامة :
” ستحضرين هذا الحفل ولا جدال في قراري ..”
تنهد بضيق وهو يعود برأسه الى الخلف ويتذكر حديثا اخر جمعهما مساء البارحة حينما هتفت به فجأة وهو يتناول قهوته في الجناح :
” ماذا سيحدث بشأن العمل ..؟! هل سأبقي هكذا دون عمل ..؟!”
ليرد ببرود :
” مكانك محفوظ في الشركة .. متى ما أردت العودة ستجديه ينتظرك .. ”
” ولكن في مكتب خاص بي ..أليس كذلك ..؟!”
سألته بعصبية مكتومة ليرد ببساطة :
” بالطبع .. ”
نهضت من مكانها وعقدت ذراعيها امام صدرها تهتف به :
” وماذا اذا قررت العمل في شركة اخرى ..؟!”
نظر اليها بهدوء قبل ان يهتف بها :
” يعني أرفض عملك مع مجموعة موظفين في نفسك المكتب من جهة و أقبل عملك في شركة غير شركتي من جهة .. هل فكرت جيدا في كلامك قبل أن تقولينه أم خرج منك دون التفكير كالعادة ..؟!”
صاح بعدها بحدة :
” عودي لمكانك فلا مزاج لي بسماع هذه التفاهات ..”
احتقنت ملامحها كليا لتهتف بتوعد :
” حسنا .. ارفض كما تشاء .. لكن والله لن أمرر طريقة حديثك هذه مهما حدث ..”
منحها نظرة متهكمة قبل ان يرتشف من فنجانه بلا مبالاة ..
ابتسم ساخرا وهو يفكر إنها بالفعل طفلة صغيرة تحتاج لمن يروضها كي تصبح إمرآة بحق ..
عاد وتذكر اعتراضها صباح اليوم على تعيين سائق خاص بها بعدما أخبرها بإنه سيشتري سيارة خاصة لها ويختار سائقا مناسبا ليجدها تعترض :
” لا اريد سائق .. استطيع قيادتها بنفسي ..”
ليرد بهدوء :
” بإمكانك قيادتها في بعض الاحيان لكن عموما ستحتاجين سائقا معك ..”
” أخبرتك إنني لا أحب هذه الاشياء .. لا أحب هذه المظاهر التي لا فائدة منها ..”
قاطعها بصرامة :

 

 

” بل ستحبين .. اسمعيني لقد مللت من دلالك هذا .. لا تظنين إنني من النوع الصبور ابدا .. صبري ينفذ يا شمس وعلى وشك الانتهاء وحينها لن اتغاضى عن ابسط تصرفاتك ..”
اغمض عينيه بإرهاق حقيقي من كل ما حدث حتى الآن ليسمع طرقات على باب مكتبه يتبعه دخول حاتم اليه وهو يحييه قبل أن يتقدم نحوه ..
………………………………………………………………….
كان حاتم جالسا امامه يتأمل شروده وهو يعبث بقلمه بملل قبل أن ينطق فجأة :
” ماذا الان ..؟! إنها المرة الاولى التي أراك بها شاردا هكذا ..”
رد بجدية وقد أيقظه سؤاله من افكاره :
” لا شيء .. ”
نظر اليه حاتم ثم قال :
” قيصر .. انا أرى إنك لست سعيدا بزواجك .. الامر يبدو واضحا .. في وضع اخر لو رأيت صديقي تعيسا و غير مرتاحا خلال اول اسبوع من زواجه لكنت طلبت منه ان يطلق زوجته لكن في وضعك انت لن افعل هذا بل سأخبرك بوضوح ان تتحمل نتيجة اختيارك والأهم انك مسؤول بشكل اساسي عن تصرفات زوجتك مهما بلغ ازعاجها ..”
نظر اليه قيصر بصمت ليردف حاتم :
” جميع تصرفات شمس ناتجة عن تراكمات داخلها منك ومن مواقفك القديمة معها .. عليك ان تفهن هذا اولا مثلما عليك ان تراعي فرق السن بينكما .. فرق السن الذي يجعلك المسؤول الاول عن انجاح هذه العلاقة .. ”
صمتت قليلا ثم قال :
” اترك كبريائك وغرورك على جنب .. انها زوجتك وتصغرك بأكثر من ثلاثة عشر عاما اضافة الى طبيعة علاقتكما وما حدث بينكما منذ عامين لذا عليك احتوائها اولا ومراعاة كل هذا .. ليس من الضروري ان تخضع لها لكن بإمكانك الاهتمام بها أكثر .. التمهل معها والترفق بإسلوبك .. حاول ان تكسبها من خلال اسلوب رقيق حاني .. انت لست غبيا كما إنك عاشرت العديد من النساء .. حاول ان تكسبها تدريجيا كي لا تندم عندما تخرج الأمور تماما من تحت سيطرتك فيما بعد ..”
حدق به قيصر بصمت للحظات قبل ان يتنهد وهو يقول :
” سأحاول ..”
” اتمنى ذلك حقا يا قيصر .. واذا حاولت اكثر من مرة دون نتيجة فحينها بإمكانك ان تطلقها دون أن يؤنبك ضميرك لأجلها مع إني أشك إنك تريد تطليقها يوما ..”
قال حاتم جملته الأخيرة بنبرة ذات مغزى ليطالعه قيصر بصمت فيبدأ حاتم بالحديث عن بضعة مواضيع اخرى محاولا تغيير الموضوع ..
خرج حاتم بعد مدة ليحمل قيصر هاتفه ويقرر الاتصال بها ..
جاءه صوتها الناعم بعد مدة يحييه بهدوء غريب فيهتف بها بعدما رد التحية :
” هل انتِ في منزل عائلتك ..؟!”
ليأتيه جوابها الهادئ :
” نعم انا هناك .. هل تريد شيئا ..؟!”
رد بجدية :
” كلا فقط أخبرك ان تبحثي عن فستان مناسب لأجل حفلة الغد ..”
فوجئ بها تهتف بصوت رقيق :
” سأفعل .. بعد قليل سأخرج من عند والدتي وأذهب لشراء فستان ..”
قال بجدية :
” رائع .. أراكِ مساءا اذا ..”
” ان شاءالله ..”
ودعها ثم اغلق الهاتف مستغربا من هدوئها والأهم تعاطيها بأمر فستان الحفلة بقبول ..
…………………………………………………………

 

 

اغلقت شمس هاتفها ونظرت الى والدتها التي قالت بسرعة :
” احسنت يا شمس … هكذا من المفترض ان يكون اسلوبك مع زوجك .. ابنتي اسلوبك له دور اساسي في انجاح علاقتك به من عدمها ..”
صمتت شمس دون رد وهي تقلب كلمات والدتها في عقلها لتهتف والدتها بجدية :
” ستبتاعين فستانا مناسبا للحفلة وستظهرين بأفضل طلة ولا تقلقي ابدا فأنت مثقفة ولبقة عموما وتعرفين كيف تجارين جميع الأمور ..”
نظرت اليها شمس بعدم اقتناع لتردد والدتها بجدية :
” اسمعيني جيدا .. لستِ اول من تتزوج من رجل يفرق عنها في المستوى المادي .. هناك نساء كثر من مستوى مادي متوسط مثلك او من مستوى اقل منك حتى وتزوجن من اغنى الرجال واستطاعن ان يكونن زوجات ناجحات بحق وهناك من فعلن العكس وتزوجن من رجال مستواهم المادي اقل بكثير منهن واستطعن مواكبة حياتهم .. لست الاولى ولا الاخيرة .. ”
أومأت شمس برأسها وقد بدأت تقتنع بحديث والدتها والذي شابه كثيرا حديث قيصر ..
” عديني انك ستتغيرين يا شمس وتتوقفين عن تصرفاتك الحمقاء .. انتبهي كي لا ينفذ صبر زوجك منك ويتركك وحينها ستندمين اشد ندما لإنك تسببت في فشل زيجتك .. ”
هزت شمس رأسها لتسمع والدتها تهتف بإصرار :
” عديني هيا .. من اليوم ستتبعين اسلوبا جديدا ..”
أومأت شمس برأسها ثم اردفت بتوتر :
” اعدك ..”
ربتت والدتها على وجنتها بدعم صادق وقالت :
” تذكري اني دائما معك بكل الاحوال ..”
ابتسمت شمس وهي تقبل كفها قبل ان تندفع بين احضان وهي تتنهد براحة وتدعو الله ان يحفظ والدتها لها ..
…………………………………………………………..
مساءا ..
دلفت الى جناحها بعد يوم مرهق طويل قضته وهي تتسوق لأجل حفلة الغد فذهبت اولا الى اشهر محلات الازياء واخذت تبحث عن فستان مناسب قبل ان يقع اختيارها على فستان ناعم التصميم مميز للغاية بقماش مختلف جذاب ذو لون يجمع بين النفطي والبني الغامق ذو حزام ذهبي ، طوله يتوقف قبل الكاحل بقليل ..
اشترت بعدها حذاء ذو لون ذهبي وكعب عالي قليلا وحقيبة تلائم الفستان ..
لم تنسَ ان تأخذ بعض مستحضرات التجميل التي تلائم الوان الفستان وبعض الاكسسورات التي ربما تحتاجها غدا ..
بعدما انتهت من شراء مستلزمات الحفلة قررت ان تشتري بعض الاشياء التي تجتاحها ولم تنسى في نهاية التسوق ان تشتري بضعة مقرمشات والعديد من انواع الشوكولاته التي تفضلها والمشروبات الباردة فهي انشغلت في التسوق ونسيت حتى ان تتناول طعام غدائها ..
ما ان دلفت الى الجناح حتى فوجئت به يجلس على الكنبة يقلب في هاتفه قبل ان يرفع بصره نحوها ما ان دخلت لتهتف بدهشة :
” مرحبا .. متى عدت ..؟! ”
ثم سألت بدهشة :

 

 

” هل انت من عدت مبكرا عن كل اليوم ام أنا من تأخرت ..؟!”
رد بجدية :
” انتِ لم تتأخر وانا لم أعد مبكرا فهذا موعد عودتي المعتاد ..”
” صحيح ..”
قالتها بهدوء لتسمعه يسأل بإهتمام :
” ارى انك اشتريت العديد من الأشياء ..”
ابتسمت بفرحة ثم قالت وهي تضع الاكياس على السرير وتفتحها بحماس :
” نعم اشتريت فستان لأجل الحفلة وحذاء وحقيبة واشياء اخرى ..”
ثم اكملت :
” سأريك الفستان ..”
سحبته لوهلة ثم ضغطت عليه وهي تقول :
” انتظر سأرتديه اولا ثم تراه ..”
جذبته واتجهت مسرعة نحو الحمام يتابعها بإستغراب من اسلوبها السلس معه وحالة الحماس الغريبة عليها ..
خرجت بعد مدة انتظرها خلالها بفضول ليتأملها بذلك الفستان بإعجاب صادق فهي بدات به فاتنة وفي داخله فكر إن ذوقها في اختيار الملابس رائع فهي اختارت فستان مختلف راقي للغاية ..
” اختيار رائع ..”
قالها ثم توقف ببصره على فتحة صدرها الواسعة والتي تبرز الجزء العلوي من ثدييها لتتجهم ملامحها فيكمل بضيق :
” لكنه عاري ..”
اتجهت بسرعة نحو المرآة تقف أمامها تتأمل الفستان الذي يبرز فتنتها فهتف معترضة :
” ليس عاريًا بل انه عاديا للغاية ..”
قال بجدية :
” انظري الى فتحة الصدر وسوف تفهمين ما اعنيه ..”
التفتت نحوه واضعة خصرها على يديها تهتف بإحباط :
” ما معنى هذا الان ..؟! ألم يعجبك ..؟! لكنه اعجبني كثيرا وانا سعيدة للغاية به ..”
هم بإخبارها انها لن ترتديه غدا لكنه تراجع بسرعة وهو يفكر انها ليست الطريقة المثلى فهو سيتصرف غدا ويجلب لها فستانا ارقى واجمل سينال اعجابها اكثر من هذا وترتديه ..
ابتسم مجاملة وقال :
” انه رائع كما اختبرتك منذ قليل ..”
” جيد .. سأغيره اذا ..”
ثم سارعت تسير نحو الحمام بعدما جذبت بيجامتها ليزفر انفاسه وهو يجلس مكانه ينتظرها ان تخرج ..
خرجت بعد لحظات وهي ترتدي بيجامة من الدانتيل الابيض وشعرها الطويل يتطاير خلفها لتبدأ بترتيب اغراضها بنفس الحماس ..
انتهت من ذلك لتحمل اكياس المقرمشات والشوكولاته ثم تضعها على السرير لتسمعه يخبرها :
” لم يتبقَ سوى القليل على العشاء .. تناولي العشاء اولا ثم كليها بعدها ..”
ردت بجدية :

 

 

” لا اريد العشاء .. سأكتفي بما جلبته .. ما رأيك ان تتناول القليل معي ..؟!”
قالت سؤالها الاخير بعفوية صدمته وهو يكاد يجزم ان هناك من عبث بإعدادات عقلها اليوم ..
تنهد ثم قال بجدية :
” شكرا لكنني تناولت طعام الغداء منذ ساعتين او اقل ولا شهية لي بتناول اي شيء حتى انني لن أتناول العشاء ايضا ..”
“كما تشاء .. لقد جلبت معي الكثير من الاشياء وسيتبقى منها الكثير بالتأكيد .. اذا جعت في الليل متأخرا تناول منها ..”
ابتسم بخفة وأومأ برأسه دون رد لتفتح احد اكياس الشيبسي وتبدأ بتناوله بينما عاد هو يبعث في هاتفه وهو ينظر اليها من فوقه بين الحينة والاخرى ..
…………………………………………………………….
في اليوم التالي ..
في عصر اليوم تحديدا ..
خرجت من الحمام وهي ترتدي روب الاستحمام وقطرات المياه العذبة تتساقط فوق خصلات شعرها ..
لقد قضت وقتا طويلا في الحمام تستعد لأجل الليلة مطبقة نصائح والدتها بحذافيرها ..
بدأت تجفف شعرها بالمنشفة امام المرآة قبل ان تتوقف وهي تستدير تتأمل العلبة المستطيلة الموضوعة على السرير بإستغراب ..
ذهبت نحوها وفتحتها لتجد أمامها فستان رائع التصميم خطف بصرها بالكامل وفوقه كارت سحبته وقرأت ما به :
” اتمنى ان يعجبك .. متشوق كثيرا لرؤيته عليك .. قيصر ..”
ضغطت على شفتيها بقوة وهي تفكر ان صمته البارحة عن الفستان وادعاء قبوله لم يكن سوى تمويه ..
فتحت علبة الحذاء الملائم للفستان وكذلك علبة اخرى صغيرة للحقيبة وتأملتهما بضيق قبل ان تنتبه الى علبة رابعة تحوي عقد ماسي رقيق جذاب ..
نهضت من مكانها وحملت الفستان وبقية العلب ووضعتهما في الخزانة وهي تفكر إنها سترتدي الفستان الذي اختارته بنفسها ..
عادت نحو المرأة وبدأت بتصفيف شعرها ثم تبعته بالمكياج وبقية الاشياء ..
ظلت لفترة طويلة قبل ان تنتهي من كل شيء وتصبح جاهزة للخروج والذهاب الى الحفلة ..
ارتدت حذائها أخيرا ثم تذكرت امر العقد الذي جلبه اليوم لها فقررت ان ترتديه ..
حكمت اغلاق العقد فوق عنقها قبل ان تسمع صوت رنين هاتفها فتجذبه وتجيب عليه لتسمعه يهتف بها :
” انا انتظرك في الاسفل ..”
” انا قادمة ..”
قالتها بدهشة من عدم نزوله لتغيير ملابسه ..
ثم حملت حقيبتها وسارعت للخروج اليه ..
حمدت ربها إنها لم تلتقِ بأحد اثناء خروجها ثم سارت نحو سيارته التي كان يقودها هو كعادته منذ مدة ..
فتحت الباب ودلفت الى الداخل تسأله بسرعة :
” لماذا لم تغير ملابسك في الجناح ..؟!”
ثم تأملت بذلته التي لا تشبه تلك التي خرج بها صباحا لتكمل باستغراب :
” متى اشتريت هذه البذلة ..؟!”
توقفت حينما استدار نحوها وقد تشنجت ملامحه كليا وهو يهتف :
” لماذا لم ترتدي الفستان الذي اخترته ..؟!”

 

 

ردت ببساطة :
” لإنني اخترت هذا من الاول ..”
رد بجدية :
” ولكن ذلك أعجبني اكثر ..”
” وانا اردت هذا ..”
قالتها بعناد ثم اكملت :
” واذا لا ترغب بحضوري به فبإمكاني العودة من حيث اتيت واذهب لوحدك …”
” انت لا تستطعين لوي ذراعي يا شمس ..”
قالها بحدة ليسمعها تجيب :
” لا الوي ذراعك ولا انوي ان افعل ولكنك بدورك عليك ان تعلم إنني لا احب ان ارتدي ما لا أريد ..”
ضغط على اعصابه بقوة ثم التفتت يضغط على المقود بيديه يفكر بما وعد نفسه به وما قرره من طريقة تعامل جديدة معها لذا أجبر نفسه على تحريك السيارة مسيطرا على غضبه منها ..
………………………………………………………………
دلفت شمس وهي تتأبط ذراعه الى الحفل ليتقدم صاحب الحفل مع زوجته منهما حيث رحبا بهما بشكل خاص ادركت من خلاله مكانة زوجها عندهما ومدى احترامهما له والذي ظهر جليا من الاهتمام الشديد والترحيب الحار والذي نالت هي منه بدورها الكثير ..
مع مرور الوقت بدأ الجميع يرحب به اوبزوجها بشكل خاص اضافة الى كلمات المديح عليها وعلى جمالها فقد تسلطت العيون عليها بشكل خاص كونها المرة الاولى التي تظهر بها علنيا في مجتمعهم بعد حفل الزفاف وبالرغم من كونها تعلم ان اغلب الموجودين كانوا موجودين في زفافها اذا لم يكن اكملهم لكنها لم تتعرف على ايا منهم ..
وقفت بجانب زوجها مع مجموعة من معارفه في مجال العمل والذي تجمعهم به علاقة عمل لا تخلو من الصداقة الخفيفة ..
تقدم احد الموجودين منهم والذي كان شابا في بداية الثلاثينات حيث رحب بزوجها قائلا :
” قيصر باشا .. سعدت برؤيتك كثيرا .. ”
اكمل بعدها :
” مبارك الزفاف يا باشا ..”
ابتسم قيصر مجاملة ابتسامة لم تصل الى عينه ورد بفتور :
” أشكرك يا أسعد بك ..”
” زوجتك أليس كذلك ..؟!”
سأله اسعد متجها بعينيه نحو شمس يتأملها بنظرات شديدة الاعجاب قبل ان يمد كفه نحوه فتبادله تحيته وهو تضع كفها في كفه ليهمس :
” ذوقك رائع يا باشا .. حقا اختيار موفق .. تشرفت بمعرفتك يا هانم ..”
احتقنت ملامح قيصر كليا من نظرات اسعد الصريحة فهو اكثر من يعرفه ويعرف وقاحته ..
حررت شمس كفها من كفه بسرعة ثم ردت بصوت مجامل :
” اشكرك يا بك ..”
” العفو يا هانم ..”
ابتسم وهو يعاود النظر الى قيصر الذي لم يبادله ابتسامته ليستأذن منهما الرحيل ..
نظر قيصر الى اثره قبل ان يتجه بأنظاره نحو ملامحها المتغضنة فيلتفت بتعجب حيث تنظر ليتفاجئ بوجود ريتا التي دخلت لتوها الحفل بملامح مشعة ثم سرعان ما انتبهت اليه لتتقدم نحوه بسرعة رغم انتباهها الى شمس حيث سارت نحوه وابتسامة واسعة تشق فمها حتى اذنيها لتمد كفها نحوه تهتف بترحيب :
” اهلا يا باشا .. لا أصدق عيني … أنرت المكان بوجودك ..”

 

 

رد وهو يبتسم برسمية ويلتقط كف يدها بخفة تحت انظار شمس التي تشنجت كليا :
” اهلا ريتا .. سعدت برؤيتك ..”
احتقنت ملامح شمس وشعرت بتلك اللحظة ان الجميع ينظر اليها الآن متأملين ردة فعلها ورغما عنها شعرت بصدرها يغلي من شدة الغضب ..
” انا الاسعد يا باشا ..”
ثم التفت اخيرا نحوها تحييها بإقتضاب دون ان تمد يدها حتى :
” كيف حالك يا هانم ..؟! مبارك الزفاف ..”
ردت شمس بوجه كاره صريح :
” بأفضل حال .. أشكرك وعقبالك ..”
قالت جملتها الاخيرة بإبتسامة ذات مغزى انتبهت عليها ريتا وقيصر كذلك لتبتسم ريتا مجاملة ثم بدأت بتحية الموجودين واحدا تلو الآخر فتهمس شمس لزوجها :
” سأذهب لتعديل مكياجي واعود ..”
هز رأسه متفهما ونظراته تلاحقها ..
خرجت شمس من القاعة تأخذ نفسا عميقا قبل ان تتجه الى الحمام وتبدأ بتأمل وجهها محاولة اعادة ملامحه الى طبيعتها ..
خرجت بعد مدة لتتفاجئ بأسعد يقترب منها ويسألها بإهتمام :
” هل انت بخير يا هانم ..؟؟ تبدين مرهقة ..”
ردت بضيق مخفي :
” انا بخير .. لا تقلق ..”
سألها مرة اخرى :
” اذا تريدين بإمكانك ان انادي قيصر باشا ..”
قاطعه صوت قيصر الرجولي القوي :
” لا داعي لذلك .. زوجها بنفسه أتى عندها ..”
شعر اسعد الحرج وهو يخبره إنه رأها بالصدفة وشعر بإنها مرهقة ليومأ قيصر رأسه بإقتضاب دون رد ..
انسحب اسعد بسرعة بينما سألها قيصر بإهتمام :
” هل انت بخير ..؟!”
اجابته بسرعة :
” نعم بخير .. فقط اردت التأكيد من مكياجي وتعديله قليلا ..”
هتف بعدها للحظة :
” اسعد هذا لا تتحدثي معه ابدا .. ”
” لماذا ..؟!”

 

 

سألته مستغربة ليرد بجدية :
” سأخبرك فيما بعد .. المهم لا تسمحي له باالاقتراب منك مع إنني لا انوي تركك ابدا خلال الحفلة لكن اذا ما اضطررتِ لذلك صديه فورا ..”
لم ينتظر ردها قبل ان يسحبها خلفه الى الحفلة لتقف من جديد بجانبه وسط الحضور ..
عادت ريتا تقترب من مكانهما حيث تقصدت ان تقف بجانب قيصر بعد مدة تطرح عليه بعض الاسئلة فأخذ يجاريها بأسئلتها التي ازدادت مع مرور الوقت ..
شعرت شمس بالإختناق من اندماج قيصر بحديه معها ومع غيرها لتنسحب فجأة دون ان تستأذن منه وتسير الى احد اركان الحفلة قبل ان تشعر بأسعد خلفها يبتسم لها ويبدأ بطرح الاحاديث معه ..
همت بصده لكنها تراجعت وهي تتذكر تفاعل زوجها مع عشيقته السابقة لتبتسم مجاملة وهي تحاول التجاذب مع احاديثه غير منتبهة لنظرات الذي كان يجاري ريتا في احاديثها اللا تنتهي بينما عقله وبصره معها هي وحدها ..
…………………………………………………..
كان يراقبها من بعيد بعينين محتقنتين متجاهلا حديث ريتا التي كانت تحاول جذب انتباهه بعيدا عن تلك الصغيرة لكن دون فائدة ..
إلتفت أخيرا نحوها منهيا الحوار الذي لم يفهم منه شيئا :
” حسنا ريتا .. نتحدث فيما بعد .. لا المكان ولا الزمان مناسبان للحديث ..”
ضغطت على شفتيها تكبح جماح غضبها الذي تضاعف بتجاهله الصريح لها ثم لمعت فجأة فكرة في رأسها فقالت بسرعة :
” كما تشاء يا قيصر .. ما رأيك أن تأتي الى منزلي غدا ونتحدث ..؟! كما إنني إشتقت إليك حقا وأرغب في إعادة ليالينا الماضية ..”
لامست ذراعه بإغواء ليرد بسرعة :
” حسنا .. سآتي ..”
ثم تحرك بخطوات جاهد لجعلها هادئة رزينة نحوها ليقف بجانبها محيطا خسرها بتملك إرتجف على آثره جسدها الناعم بشكل لا إرادي ..
همس لها بجانب إذنها من بين أسنانه :
” إسبقيني الى الخارج ..”
ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه بتوجس قبل أن ترسم إبتسامة مرتبكة على شفتيها ثم تهتف بصوت جاهدت لجعله هادئ :
” سأذهب الى الحمام لتعديل مكياجي.. عن إذنكما ..”
رد قيصر بهدوء :
” تفضلي حبيبتي ..”
سارت بخطوات متمهلة الى الخارج لتقف بالقرب من الحمامات وهي تضع كف يدها على قلبها النابض بعنف تنهر نفسها على تصرفاتها الغبية والتي أشعلت غضبه بالتأكيد ..
ظلت واقفة في مكانها تقضم شفتيها بتوتر بالغ خائفة من ردة فعله على تصرفاتها ..
ظلت في مكانها لمدة لا تتجاوز الثلاث دقائق قبل أن تشهق بفزع وهي تشعر بكفه القوي يقبض على كفها الرقيق بقسوة بينما صوته الخافت ينساب داخل إذنها آمرًا إياها :
” امشي هيا ..”
سارت بجانبه وملامحها إنكمشت كليا وهي تحاول تخيل ما سيفعله بها فهي لم تكتفِ بأفعالها المستفزة منذ زواجهما لتأتي وتتصرف اليوم بغباء ولا مبالاة صريحة به رغم تحذيره المسبق لها بالإبتعاد عن ذلك ..
فتح لها باب السيارة ونظراته القوية تحاصرها لتركبها وهي تتمنى أن يهدأ غضبه قليلا خلال مسافة الطريق بين الفندق والقصر ..
ظل صامتا طوال الطريق لا يظهر أي ردة فعل واضحة ..
ملامحه غامضة وأنامله تضغط على مقود السيارة بقوة شديدة جعلت عروق كفه تبرز بوضوح ..
ابتلعت ريقها وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه نحو النافذة ثم أخذت تحاول أن تبث في نفسها القليل من الثقة بالنفس وبعض القوة التي ستحتاجها في مجابهته ..
توقفت السيارة في كراج القصر بعدما فتح الحرس الباب الخارجي ..

 

 

هبط من السيارة ثم اتجه نحوها وفتح لها الباب لتهبط من السيارة وهي تتأمل نظراته الجامدة المصوبة نحوها وقد شعرت إن نظراته تلك تخبرها بوضوح إنه لن يمرر ما حدث مرور الكرام وإن صبره منها نفذ حقا ..
سارت أمامه بعدما أشار لها بيديه أن تتقدمه لتفتح لها الخادمة الباب بتلك الإبتسامة التي باتت تشعر إنها مرتبطة بكونترول يظهرها كلما استقبلت احدا ..
تبعها دون أن يرد تحية الخادمة بينما اكتفت هي برد خافت لا تظن إنها سمعته ..
صعدا الى الطابق العلوي ثم الى جناحهما ..
دفعها الى الداخل بكل قوته ثم دلف بدوره واغلق الباب خلفه بعنف ..
تقدم نحوها بخطوات بطيئة بينما تتراجع هي الى الخلف برعب حتى ارتطم جسدها بالحائط ..
وقف أمامها مستندا بكفيه على الحائط مقربا وجهه من وجهها هاتفا بصوت قوي :
” ترتدين فستان لا يعجبني .. تتحدثين مع شاب حذرتك مسبقا من الحديث معه .. تمزحين وتضحكين معه دون خجل .. تتركيني وتذهبين أمام أصدقائي دون إستئذان مني او اعتذار منهم حتى بأي حجة غبية .. كل شيءٍ أقوله تقومين يعكسه .. ماذا تظنين نفسكِ فاعلة ..؟! إلامَ تريدين أن تصلي .. ؟!”
لم تجبه بل اكتفت بمبادلته نظراته ليصرخ بقوة ارتعش جسدها على آثره :
” أجيبي ..”
حاولت إستجماع قوتها وهي تجيبه :
” الفستان يعجبني ولا أجد فيه مشكلة .. ليس من المعقول أن تتدخل في ملابسي .. الشاب الذي تتحدث عنه هو شريكك في العمل كما اخبرني هو .. ليس خطئا أبدا أن أتجاذب اطراف الحديث معه وأضحك على مزاحه .. الجميع يتصرف هكذا .. هل توجد مشكلة إنني أحاول أن أواكب مجتمعك بتصرفاتهم وطبيعة علاقاتهم ..؟!”
هدر ساخرا :
” تواكبين مجتمعي بهذه الطريقة .. تركزين على هذه الأشياء فقط بينما هناك أشياء أهم بمراحل ترفضين إتباعها بحجة إنك لن تغيري تصرفاتك ونمط حياتك لأجل أي شيء ولن تتصرفي بناء على قواعد مجتمعي الذي تمقتيه بشدة ..”
أكمل متسائلا بتهكم :
” لماذا لا تردين ..؟! هل إنعقد لسانك داخل فمك ..؟! أجيبي يا زوجتي العزيزة ..”
ردت بضيق :
” تصرفاتي لا يوجد بها شيء كما أخبرتك منذ لحظات .. حتى تركي لك ولأصدقائك لا أرى به مشكلة .. شعرت بالملل من أحاديثكم المملة فقررت الإنسحاب دون أن أوضح ذلك لإنني لم أشأ أن أقطع عليكم حديثكم ..”
أردفت بعدها بعينين لامعتين بطريقة تخبره إنها ستقول شيئا ينصرها عليه :
” إن كنت تريد التحدث عن التصرفات الخاطئة فلا يوجد خطأ أكبر من تحيتك لعشيقتك وتبادل الحديث معها بوجود الجميع والذين يعلم أغلبهم بعلاقتكما سويا .. ”
رد بإستهزاء :
” هل تريدين مني ألا أرد تحيتها ولا أبادلها الحديث لأجلك ..؟!”

 

 

ردت بنفس القوة رغم كرامتها التي تأثرت قليلا بلا مبالاته بها ولا بمنظرها أمام الجميع وهو يحييها بإبتسامة صادقة تحاوطهم نظرات الجميع وهمساتهم والتي متأكدة انها نالت هي الكثير منها :
” ليس لإجلي بل لإجلك يا باشا .. ألم تنتبه الى نظرات الموجودين التي توجهت نحويكما ..؟! بالطبع ستتوجه يا قيصر باشا فأنت تحيي وتتحدث بل وتنفرد بعشيقتك بكل صلافة غير مبالي بإنك رجل متزوج ..”
قال بغضب مكتوم :
” انا محترم غصبا عنك ..وريتا ليست عشيقتي حاليا كما انني لم انفرد بها بل تحدثت معها وسط الجميع .. هي كانت عشيقتي سابقا وانتهت علاقتي بها منذ مدة طويلة ..”
ضحكت هازئة ثم هتفت مستخفة بحديثه :
” على أساس إذا غابت ريتا لن توجد غيرها .. أنت لديك من العشيقات ما أجهله لكنني أعلم أن هناك أكثر من واحدة في حياتك وربما ريتا واحدة منهن .. يكفي إنك استمريت بعلاقتك بها حتى بعد زواجنا الاول اقصد عقد قراننا .. أم هذا أيضا ستنكره ..؟!”
أجاب بعدم إهتمام :
” لم أنكره مسبقا كي أنكره الآن .. لكن أخبريني بأي حق تحاسبيني يا شمس ..؟! بأي حق تتحدثين عن وجود عشيقات لي بإنزعاج ..؟!”
صاحت به :
” لست منزعجة بالطبع وإذا إنزعجت يوما فسيكون لأجل كرامتي التي تتفنن في الدعس عليها بعلاقاتك المشبوهة .. وبعيدا عن كل هذا فأنا كزوجتك يحق لي أن أنزعج وأحاسب أيضا ..”
هتف ساخرا :
” يحق لكِ الإنزعاج والعتاب وكل شيء عندما تكونين زوجة حقيقية يا شمس .. زوجة تعرف جيدا كيف ترضي زوجها وتلهيه عن أي إمرأة أخرى مهما حاولت أن تجذبه نحوها .. بينما أنتِ تحاسبيني على تصرفاتي وعلاقاتي حاسبي نفسك على ما تفعلينه .. لم أرَ واحدة تمتلك ربع صلافتك وأنتِ تتحدثين وتحاسبين بينما أنتِ بدورك عاجزة أن تتصرفي كإمرأة حقيقية .. ”
دفعته بعيدا عنه صارخة به :
” ابتعد …”
جذبها من رسغيها مرددا بتحذير :
” إياك أن تتمادي في حديثك وتصرفاتك يا شمس وإلا ..”
صاحت بعصبية :
” وإلا ماذا ..؟! هل ستضربني ..؟!”
قال بجدية :
” ربما سأضطر الى ذلك اذا إستمريت على هذا المنوال ..”
أردف بعدها وهو يحرر رسغيها من قبضته ويحيط ظهرها مقربا إياها منه :
” لا تجبريني على ما لا أحب فعله ولم أعتد على فعله .. لا تدعيني أفعل بكِ أشياء لم أفعلها مسبقا ..”
ابتلعت ريقها بقلق من قربه الغير مسموح بالنسبة لها لينتبه على توترها الواضح من قربه فيهمس بسخرية:
” تتوترين من قرب بسيط كهذا رغم إنني زوجك …”
ردت بجفاء:
” لإنني لا أحب هذا القرب ..”
سألها متهكما وهو يقربها منه أكثر حتى شعرت بجسدها يلتصق بجسده الصلب بينما صدره العريض يلمس صدرها المتشنج :

 

 

” هل أنتِ متأكدة من ذلك ..؟!”
” نعم متأكدة ..”
أجابت بتلعثم ليهتف بها بهدوء ساخر :
” لماذا ..؟! هل توجد فتاة طبيعية لا تتأثر بهذا القرب ..؟! أم إنك تعانين من مرض معين كالبرود ..”
قاطعته بنزق :
” ابتعد عنه ايها السافل .. انا لا اعاني من شيء .. لكنني لا أريدك .. لا أشعر ناحيتك بأي شيء ولا أرغب بقربك ..”
كلماتها فجرت بركان غضبه فإشتعلت عيناه بنيران أرعبتها لتتفاجئ به يبتعد عنها للحظة ثم ما يلبث أن يدفعها نحو السرير ..
ما إن شعرت بجسدها يلامس سطح السرير حتى وجدت جسده الضخم يجاوط جسدها بينما همساته تخترقها :
” دعيني أجرب إذا وأتأكد بنفسي ..”
صاحت بفزع :
” تجرب ماذا ..؟!”
رد بهدوء :
” أجرب الإقتراب منكِ كي أتأكد من عدم تأثرك بي ..”
همت بدفعه لكنه كان أقوى منها وهو يقتحم شفتيها بقبلة عنيفة صدمتها ..
حاولت أن تدفعه بعيدا عنها وتحرر فمها من فمه الذي يقبض على شفتيها بشراسة لكنها لم تستطع ..
فبدأت تأن تدريجيا وشعرت بأنفاسها تختفي ليبتعد عنها متأملًا وجهها الأحمر وأنفاسها اللاهثة لتهمس بضعف :
” ابتعد ارجوك ..”
قال مستنكرا :
” تريدين مني الإبتعاد بسهولة ..”
اكمل معترضا :
” لن أبتعد حتى أخذ فرصتي كاملة ..”
” أي فرصة ..؟!”
سألته بوهن ليسألها بجدية :
” ألم تقولي إن المشكلة بي وإنك لا تتأثرين بي أبدًا ..”
أومأت برأسها وهي تشعر بالرهبة من وضعيتهما تلك حيث هي ممددة على السرير وجسده الصلب يحاصرها من جميع الجوانب ونظراته المليئة بالرغبة تقتحم جسدها دون رحمة لتسمعه يهتف بخبث :
” دعيني أقترب منك وأحاول .. وأعدك وعد رجل إذا لم تتأثرِ بي ولم تتجاوبِ معي لن أقترب منك ابدا ..”
توترت ملامحها وتضاعف توترها عندما انحنى هامسا بجانب اذنها :
” دعيني أخذ فرصتي يا شمس .. فرصة وحيدة وبعدها لكِ ما شئتِ ..”
وقبل أن تعترض كان فمه يكتسح فمها بتروي شديد ..

 

 

قبلاته كانت لينة هادئة لم تبادله إياها أبدا في البداية وهي تجاهد كي لا تتأثر به أبدا ففي النهاية هي أنثى ومن الممكن جدا أن تتحرك رغباتها تجاهه خاصة وهو زوجها ..
ضغطت على صدره بضعف عندما شعرت بنفسها بدأت تتجاوب معه ليبتعد عنها بدوره فتنهدت براحة لم تدم وهي تشعر بفمه يهبط نحو رقبتها يقبله ببطأ لذيذ جعلت جسدها ينتفض وتتأوه بصوت مكتوم دون أن تدري إنه يدرك كافة ما تشعر مثلما يدرك جيدا كيف يسرق إستجابتها منها ..
البلهاء لا تعلم إنه يقدر على أن يخرج منها ردود أفعال لن يستوعبها عقلها الصغير فهو الخبير الذي يعرف جيدا ما يفعل ويعرف جيدا كيف يحولها بين ذراعيه لإمرأة راغبة متعطشة ..
خفقاتها ارتفعت بشكل مخيف وقبلاته على بشرة عنقها جعلتها تشعر إنه ستبكي من شدة المشاعر الغريبة التي تمر عليها ومقاومتها التي تضعف تدريجيا ..
لحظات قليلة وبدأت تأوهتها تظهر بوضوح دون أن تعلم إنه يتقصد كل ما يفعله معها فهو سيحرقها بنيران الرغبة والتوق كما فعلت هي مثله ..
عاد يلتقط شفتيها بقبلة رقيقة سرعان ما استجابت لها ليلتقط استجابتها فيعمق قبلته التي بدأت تصبح عنيفة متطلبة فتتجاوب معه شمس هذه المرة بكل توق ورغبة غير منتبهة لكونه إنتصر عليها بكل بساطة وسقطت هي بفخه الذي أعده لها بمهارة ..
إبتعد عنها قيصر متأملًا أنفاسها اللاهثة بقوة وعينيها المشعتين فإلتوى فمه بإبتسامة خاصة لم تنتبه لها في خضم مشاعرها هذه ..
لحظات وعادة يقتحم شفتيها بقوة بينما أنامله تعبث بحمالات فستانها بعدما تأكد إن الفريسة أصبحت ملكا للصياد أخيرا وإنه سينالها اليوم منفذا ما خطط له منذ وقت طويل غير واعي إنها لم تقع وحدها بل وقع هو فيها بدوره وقوعا لا نهوض منه ..
مدة قصيرة وإمتلكها قيصر كليا واستوعبت هي ذلك .. لقد استسلمت له بملئ ارادتها ..

 

 

شعرت به يبتعد عنها قليلا لتحاول السيطرة على انفاسها وهي تعي كامل ما حدث والغريب انها لم تشعر بأي نفور او ضيق مما حدث قبل لحظات وهذا بحد ذاته كان كافيا لإشعال ضيقها فكيف لها ان تستسلم طواعية له وأين ذهبت كل افكارها السابقة وقرارتها ..؟!
شعرت به يطبع قبلة خفيفة على جبينها لتغمض عينيها محاولة السيطرة على تلك المشاعر المتناقضة والتي اختلطت عليها قبل ان تشعر به يجذبها نحو احضانه وكأنه يخبرها بوضوح انها اصبحت ملكه ولا مفر لها منه الى الابد ..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!