روايات

رواية فطنة القلب الفصل الثالث 3 بقلم سلمى خالد

رواية فطنة القلب الفصل الثالث 3 بقلم سلمى خالد

رواية فطنة القلب الجزء الثالث

رواية فطنة القلب البارت الثالث

رواية فطنة القلب الحلقة الثالثة

(اِعْتِذَارٌ)

حالة من الحزن تسيطر على الجميع، عند سمع بضع الكلمات الصغيرة بوقعه فكانت بمثابة نصل الذي مزق قلوبهم أرابًا، بالجوار تقف قطوف وحيدة تنظر للأمام في جمود، لا تبكي.. لا تتحدث.. فقط جامدة مكانها لا تفعل شيء سوى النظر بنقطة واحدة من فراغ، في حين وقفت ياسمين تبكي بشدة على والدها فهي من رأته مستلقي على الأرض لا يتحرك، تقف جوارها مريم محاولة تهدئتها، في حين بقى مازن يجلس واضعًا رأسه بين راحتي يده، يحاول الصمود ولكن قلبه يأن بالألم، تذكر حديث خاله عن عقاب الذي سيتلقاه من الدنيا، وأنه كلما عَظِم الخطأ غَلَى الثمن، همس في نفسه بنبرة راجية لله وحده:

_ يارب متوجعنيش في خالي يارب… باركلي في صحته واحفظه لينا يارب.. ارزقني الصبر والقوة.

مرت دقائق أخرى كانت كالدهر حتى خرج الطبيب من الغرفة لتركض نحوه قطوف وياسمين ومازن متسائلين بخوف عن حالته، ليجيب بنبرة عملية:

_ حالته مستقر متقلقوش.. هو مخدش حقنة الانسولين بتاعته وبسبب كده تعب بالشكل اللي شوفته… ركزوا معاه أكتر من كده في المواعيد الحقنة.

أضاف مازن سؤال أخر:

_ طب هيخرج امتى؟!

اجابه الطبيب قبل أن يغادر المكان:

_ نطمن بس إن كل حاجة استقرت والسكر عنده اتظبط ويقدر يخرج معاكم.. ممكن خلال يومين.

حمد الجميع ربه، وقرر مازن أن يصلي ركعتين شكر لله، يحاول فيها أن يعيد تلك الذكرى مجددًا..

***

:_ مازن قوم يلا عشان تلحق تستحمى لصلاة الجمعة يلا.

قالها محمد في حنو، في حين اردف مازن الذي بلغ من العمر سبعة عشر عامًا في نعاس:

_ يا خالو مش قادر اقوم.. ثم علطول يوم الجمعة بتصحيني الساعة 8 الصبح يعني لسه.

تنهد محمد بيأسٍ منه، ثم نهض يتحدث بنبرة ماكرة يعلمها مازن:

_ خلاص براحتك… هروح لقطوف وياسمين واقولهم إني بعد الصلاة الجمعة هنخرج للمكان اللي يختروا ومكافأة ليهم أنهم ختموا القرآن الأسبوع دا.

فتح مازن حدقتيه يردد بصوتٍ متزمر:

_ ما أنا يا خالو ختمته معاهم.. ثم أنت مقولتش إن في مكافأة.

ابتسم محمد في حنو متمتمًا:

_ لو كنت قولتلك كنت هتقرأ عشان مكافأة مش عشان عايز تقرأ قرآن ولما اوقف المكافأة هتقول واقرأ ليه… إنما دلوقتي أنت فرحان بالمكافأة اكتر من انك تعرف قبلها ولما تخلص تاخدها… وحاسس بأنك عملت انجاز عظيم صح.

ابتسم مازن في صفو، يجيبه بسعادة نابعة من فؤاده:

_ صح يا خالو.

ابتسم في رضا، ثم قال في حماس:

_ طب يلا يا بطل قوم خد حمام كده وصلي الصبح والساعة تسعة تبقى على الترابيزة عشان الشاي بحليب نشربه.

نهض مازن في حماس أخذه من نبرات خاله، في حين نهض محمد يذهب للمطبخ كي يعد أكواب الحليب الصباحية لهم جميعًا.

***

ابتسامة علت ثغره وهو يتذكر كيف كان يصلي مع خاله، يجلسان سويًا ويتحدثان عن موديلات السيارات، كيف اهتم به رغم وجود فتاتان له يجب مراعاتهما ولكن كان يهتم به كثيرًا.

انهى مازن من الوضوء، ووقف بين يدي الله يصلي يخشع في صلاته، يبكي أمام الله وحده، لا يعلم ما هذا الشعور الغريب، ولكنه مريح للغاية، يشعر بالسعادة والأمان، بدأ بشكر لله أثناء السجود:

_ اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. أحمدك واشكر فضلك يارب… أحمدك واشكر فضلك إني واقف بشكرك… حفظتلي ابويا وخالي وأكتر حد راعني وأنا صغير… سخرته ليا وحطيت في قلبه حنان ليا عشان أكبر.. بعدت عنك يارب وحاسس بالخزى من نفسي بس أنتَ رحيم ومغفرتك اعظم من ذنبي وهتعفو عني… اللهم أهدني وأهدي قلبي وثبتني على طاعتك.

انتهى مازن من الصلاة يشعر براحة فقدها منذ زمن، يتخلله ندم كبير، كيف للإنسان أن يترك الراحة ويبحث عن الشقاء في اشباع اللذات، سبحانك يا الله فهؤلاء البشر أصبحوا يدهشوني.. أترك الراحة لأجل اشبع ما طابت به نفسي.. لا يعلم أن تلك النفس هي أمارة بالسوء..

المدمن يأخذ تلك السموم كي يشبع لذة نفسه فيبدأ بالسجائر، ثم الحشيش، ثم يصل للمواد مسممة وكل هذا على فترات متباعدة قد تصل لسنوات طويل حتى يصل لنقطة النهاية وهي الموت دون راحة بل في أشد مراحل الشقاء، هذا مثال بسيط يا سادة من اشباع اللذة، ولكن عليكم أن تنظرون لجميع الأمور بشكل أخر.

***

أغلق مازن باب الغرفة بعد أن غادر منها يمسك بهاتفه مجيبًا على محمود الذي أردف:

_ استاذ مازن في ورق مهم في المكتب لزمًا يتشال في الخزنة أو حضرتك تشيله معاك.

صمت مازن قليلًا، ثم أردف بنبرة هادئة:

_ طب يا محمود ينفع تعدي على المستشفى تسلمني الأوراق دي.. أنت عارف اللي إحنا فيه ومش هقدر اخرج واسيب خالي.

ابتسم محمود يجيب بهدوء:

_ متقلقش يا استاذ مازن… أنا بإذن الله قربت اخلص شوية وهتلاقيني عندكم.

انهى المكالمة الخاص به، وانطلق نحو الغرفة التي يوجد بها خاله وقبل أن يدلف وجد قطوف تخرج من العرفة ترمقه بنظراتٍ حادة قائلة بغيظٍ:

_ أنت رايح فين كده.. دا أول يوم شغل ليك وجتلنا مصايب من طوب الأرض.. الراجل طول عمره بصحته جيت أول لما اشتغلت طب ساكت مننا…

:_ هششش ابلعي لسانك دا شوية… ثم أنا بحب خالي ويمكن اكتر منك.. دا ولدي

قالها مازن بنبرة مستفزة، في حين شهقت قطوف ثم اندفعت تصيح بكلماتٍ كالحجر:

_ والدك… والدك مين بقى هاه؟ والدك طار من هنا… مشي بخ طفش منك و…

صمتت فجأة ما أن ادركت حديثها، في حين تطلع لها مازن بصدمةٍ، ثم ابتسم في ألم تخلل مشاعرها متمتمًا:

_ معاكِ والدي طار وطفش… واللي جوا دا خالي وبس مليش حق فيه.. أنا ماشي.

استدار يغادر من المكان، في حين وقفت قطوف تحاول أن تصلح ما فعلته ولكن وقفت جامدة لا تستطيع الحركة أو اتخذ خطوة، استدارت كي تعود ولكن وجدت مريم خلفها تنظر لها في عتاب قائلة:

_ أنا عارفة علاقتك بيه كلها وكأنها قط وفار.. بس عمر ما القط جرح الفار ولا الفار جرح القط… وأنتِ النهاردة عيرتي مازن بأن أبوه سابه ومشي… تقبلي إني اقولك مامتك سبتك ومش طارت لا دي مش راجعة نهائي

أدمعت عين قطوف وهي تنظر لها، تردف بصوتٍ مبحوح:

_ مكنتش اقصد أوجعه.

حركت مريم رأسها بتفهمًا، ثم أردفت بنبرة هادئ:

_هقولك نصيحة وقت ما تبقى مشدودة واعصابك تعبانة و متتكلميش يا قطوف… عشان متدخليش في طريق تخسري كل اللي بتحبيهم… واعتقد أن مازن من حقه أنك تعتذري ليه ولا ايه؟!

رمقتها بنظرةٍ حادة، في حين رفعت مريم حاجبها بنظرةٍ ساخطة، تغمغم بسخرية:

_ أنتِ بجد مصدقة نفسك.. بجد مش عايزة تعتذري ليه؟ قطوف أنا مكنتش بتكلم معاكِ في خناقاتك مع مازن بس المرة دي بجد أنتِ غلطانة و اوي كمان.. فلو معتذرتيش أنا..

نظرت لها قطوف ثم أردفت بضيق:

_ هتعملي إيه؟!

هبطت بيدها اللي تشيح بيها منذ أن بدأت الحديث، تجيبها بهدوء وهي تستعد للرحيل:

_ هتصدم في صحبة عمري… اللي بتجرح في الناس عمال على بطال.. أنتِ أكتر واحدة المفروض تحس بالناس.. أنتِ زمان لما كنت بتغلطي كنتِ بتعتذري.. وتخافي على ناس من الزعل بس دلوقتي الموضوع بدأ يختفي وأنتِ الكِبر واخدك.. والله أعلم هتخسرينا إحنا كمان ولا لاء!.. أنا ماشية يا… صحبتي.

تركتها تغادر لمنزلها فقد تأخر الوقت، في حين نظرت لها قطوف في ضعف بات ظاهر عليها، انسحبت من مكانها ودلفت للغرفة تجلس أمام والدها الغافي مكانه على الفراش، ثم ألقت نظرة سريعة على شقيقتها ياسمين النائمة على الأريكة، بدأت الدموع تتسرب منها دون توقف، تعلم جيدًا أنها أخطأت، ولكن هي تنفر مازن كيف لها أن تعتذر لشخصٍ تبغضه، حاولت إيقاف دموعها ولكن كانت كشلال لا ينتهى، وضعت وجهها بين راحتي يدها تحاول التماسك، في حين ارتفع صوت محبب لقلبها ولكنه مجهد:

_ بتعيطي ليه يا قطوف؟

رفعت وجهها، تتطلع نحو والدها في حنين وكأنه غاب دهر من الزمن، ثم أردفت بنبرة مترجية:

_ متعملش فيا كده تاني يا بابا.

ضحك محمد في خفة، ثم اردف بنبرة هادئة بطياتها الحنان:

_ حاضر مش هعمل كده تاني.. بس قوليلي ايه اللي يخلي قطوف محمد العطار تعيط؟

نظرت له في تردد، في حين مد محمد يمسك يدها مربتًا عليها في حنو بعث لها الآمان، يردد:

_ أول مرة تبقى مترددة كده.. قولي يا بنتي ومتخفيش هسمعك ونحل سوا أي مشكلة.

حركت قطوف رأسها ثم بدأت بسرد ما حدث، في حين بقى محمد يستمع لها حتى انتهت واختتمت حديثها:

_ مش بطيقه وفي نفس الوقت أنا غلط بس قلبي مش جايبني أقوله آسفة.

تنهد محمد ببطئٍ ثم قال بهدوءٍ:

_ بصي يا بنتي… انك اعترفتي بالغلط دا يفرحني بس إنك موجهتيش الغلط دا يبقى كارثة.. من امتى بقيتي مترددة… طول عمرك بتقفي في وش أي حد.. حتى عمتك بتوقفيها عند حدها… ولما بتغلطي بتقفي تقولي أنا غلطت وبعتذر وأنتِ واثقة في نفسك ومش خايفة برضو فليه مش عايزة تعتذري لمازن؟!

حركت قطوف رأسها في نفي متمتمة:

_ صدقني مش عارفة… لو أعرف هقول بس الفكرة نفسي مش جيباني.

حرك محمد رأسه في تفهم، ثم قال بنبرة حنونة:

_ أنا عمري ما جبرتك على حاجة.. بس هقولك نصيحة تحطيها حلقة في ودنك… لما أنتِ تبقى غلط اعترفي واعتذري وبندم كمان.. أنما طول ما كبريائك واخدك زي ما صحبتك قالت هتخسري الكل يا بنتي… الاعتذار مهما حصل مش بيقلل من قيمتك ولا هيهز كرمتك.. اللي هيقلل منك هو الكبرياء اللي نَفسك صورت ليكي إنه جميل ومحافظ عليكي وهو في الحقيقي في نظر الناس اوحش حاجة… هسألك سؤال عمرك شوفتي واحد مغرور أو فيه تناكة واحترمتيه؟!

حركت رأسها بالنفي، فاسترسل محمد حديثه:

_ يبقى تمسحي الكبرياء دا… واقولك على سر كنت بعمله أنا وامك الله يرحمها زمان.

ابتسمت قطوف بحب متمتمة:

_ قولي.

ابتسم باتساع، ثم قال بحبٍ يحمل شوق:

_ أول لما اتجوزنا قولتلها لو زعلنا سوا أغلبي حبك ليا على زعلك مني وأنا برضو هغلب حبي ليكِ على زعلي منك وساعاتها الخناق بتاعنا هيتقطف من حياتنا وهنكون كويسين مع بعض… وعملنا بالنصيحة وعشنا أحلى سنين عمرنا..

ابتسمت قطوف بحب، في حين أشار محمد برأسه كي تغادر قائلًا:

_ يلا روحي صلحي غلطك… خليني فخور ببنتي وتربيتها.

نهضت قطوف مكن مكانها تقبل جبين والدها بحبٍ شديد، في حين ربت محمد على كتفاها بحب، غادرت قطوف تبحث عن مازن رغم أنها تبغضه إلا أن الخطأ يعتريها ويجب أن تُمحيه.

**

وصلت مريم للمنزل وما ان دلفت حتى اردفت والدتها نهاد بقلقٍ:

_ أنتِ كنت فين كل دا يا مريم؟!

صمتت مريم قليلًا ثم اجابتها بنبرة متعبة:

_ بصي هحكيلك بس اخد حمام من التعب اللي شوفته النهاردة، دا أنا كرمتي بقت زي الأسفلت.

انطلقت مريم تأخذ حمامًا، تتناول الطعام بشراهة غير طبيعية، تعجبت والدتها من طريقة تناولها للطعام، ثم قالت بدهشة:

_ أنتِ بتاكلي ولا كأنه أخر ذاتك ليه؟!

تحدث مريم وهي تلوك الطعام:

_ سبيني يا ماما دا أنا على اخري… اللي شوفته مش قليل النهاردة.

اشمئزت نهاد من طريقته ابنتها لتخبرها بصوتٍ غاضب:

_ خلصي أكل وابقي اتكلمي!

عبست ملامحها، ثم اكملت الطعام بشرهة، في حين حركت نهاد رأسها في يأسٍ منها ومن طريقتها الغريبة، وما أن انتهت حتى نهضت تعد لها قدح الشاي، وجلست تروي لوالدتها ما حدث، وما أن انتهت حتى قالت:

_ طب وباباهم كويس؟!

حركت رأسها في ايجابية، في حين أكملت نهاد في تسأل:

_ طب البنت اللي خبطتيها كويسة؟!

حركت رأسها مرة أخرى بايجابية، لتتنهد نهاد في راحة.

****

رأته بحديقة المشفى يقف أمام الشروق يتأمله، اخذت نفسًا عميقًا ثم تقدمت منه بخطواتٍ هادئة حتى أصبحت جواره مع وجود مسافة بينهما، تردف في هدوء:

_ أنا آسفة على الكلام اللي قولته فوق.. زودتها شوية وغلط.

نظر مازن ببعض الدهشة، ثم ابتسم بهدوء يعود بنظرة نحو هذا الضوء الخافت المبعوث من الشمس، يحدثها في هدوء مناسب لهذا الجو:

_ عادي.. مش هنكر حقيقية اتقالت.. والدي سبني وسافر ومعرفش عنه حاجة.. وأمي مكنتش بتهتم بيا وعلطول سيبني عند خالي يا أما في الأجانس أو في البيت عندكوا.. في بالتالي أنا شبه يتيم.

شعرت قطوف بندمٍ حاد، تردف بصوتٍ مبحوح على وشك البكاء:

_ والله مكنتش أقصد أقول كده ولا افكرك بكده.

ازدادت دهشة مازن من صوت قطوف النادم، ليردف سريعًا:

_ خلاص والله ما في حاجة.. أنا كويس أهوه أنتِ حرارتك عليت ولا ايه؟!

عادت قطوف مجددًا لطبيعتها، لترمقه بنظرة شرسة، كادت أن تغادر ولكن اسرع مازن يتسأل:

_ ايه سبب اللي خلاكي مش بطقيني يا قطوف؟ من مدة معينة ومعاملتك بقت غريبة ليا؟

تذكرت قطوف مقابلته لتلك الفتاة، لتردف بنبرة ساخرة:

_ وهتفرق.. سواء قولت أو لاء فأنت هتفضل في نظري زي ما أنت.. واعتذاري المرة دي عشان غلطت بجد، بس متخدش على كده هاه.

تنهد مازن من جنونها، ثم تمتم:

_ أنا رايح اجيب غير لخالي واشوف ورق لو سأل عليا.

تركها قبل أن ترد، في حين عادت قطوف للغرفة لتجد والدها قد غفى مجددًا.

***

بمكانٍ أخر..

صعد الدرج يشعر بتعبٍ شديد، فقد ظل يومين متتاليين مشتيقظًا بالعمل، ولكن اوقفه اتصال، رفع هاتفه ليجدها والدته، اسرع بالرد كي لا تقلق عليه متمتمًا:

_ ست الكل عاملة ايه؟!

:_ الحمدلله.. طمني عليك يا ياسين؟ مرتاح في القاهرة ولا مخنوق من الشغل؟!

ابتسم ياسين بهدوءٍ، يخرج مفتاح الشقة كي يدلف لها، يجيب:

_ صدقيني مرتاح أوي كمان.

:_ مش ناوي بقى تستقر وتتجوز يا بني؟!

زفر ياسين بضيقٍ ثم أردف بنبرة مختنقة:

_ يا امي هو مفيش غير السيرة دي… حاضر لما ألقي بنت الحلال اللي تصوني هبقى اقولك إني هتجوز.. غير كده مش هتجوز واحدة والسلام.

:_ براحتك يابن بطني.. بس خد في بالك ابوك مش هيفضل كده كتير سايبك تتسرمح في القاهرة.. وممكن يجبلك عروسة تتجوزها.

صك ياسين على أسنانه بغيظ، يجيب:

_ هو أنا سبتله البحيرة كلها وبعدت عن تحكماته عشان كمان يختار اللي هعيش معاها.

:_ بص يا حبيبي والدك مهما عمل خايف عليك… حاول أنت بس تركز وتخلي الموضوع في دماغك لعل وعسى تلاقي بنت الحلال دي وتقول لأبوك وأنا هقنعه علطول بيها.

القى ياسين بنفسه على الأريكة قائلًا:

_ بإذن الله.

أغلق معاها وهو يشعر بارهاقٍ شديد، ثم دلف للغرفته وألقى بذاته على الفراش يغرق في ثُبات عميق.

*****

أغلق مازن باب الشقة، وما أن استدار حتى وجد والدته بوجه تتمتم في حدة:

_ كنت بايت فين؟

عبست ملامح مازن في ضيق ثم قال:

_ هكون فين يعني.. خالي اغمى عليه ونقلناه المستشفى والحمدلله السكر اتظبط بتاعه وكنت بايت معاه ولسه جاي.

حركت رأسها ببعض الهدوء، ثم لفت انتباهها الأوراق التي بيد مازن لتشير بيدها لهذه الأوراق قائلة:

_ ايه الورق دا؟!

حرك مازن رأسه بيأس، ثم قال بلامبالة:

_ ورق يخص الشغل.

هدرت مرفت بغيظ:

_ ما تخلص وتقول ورق إيه؟!

زفر مازن بضيق يجيب:

_ ورق يخص البنك محتاج خالي يشوفه.

التمعت عين مرفت بطمع، تردف بحماس:

_ طب حلو شوف الورق دا… وانقل الفلوس ليك.

اتسعت عين مازن بصدمة، ثم قال بنفور مما ترغبه:

_ بتقولي إيه! أنا لا يمكن أعمل كده… وريحي نفسك أنا مش هسرق خالي.. شغال معاه عادي.. ومستعمليش معايا حتة انك غضبانة عليا عشان مسبش البيت ومتشوفيش وشي.

صكت مرفت على أسنانها، في حين تركها مازن وهو يحمد ربه أنها تركته يغادر، أسرع في تبديل ملابسه ثم غادر للمشفى سريعًا كي يسلم خاله تلك الأوراق.

**

شُفي محمد تمامًا وعاد للمنزل مع اهتمام قطوف له، في حين بقت ياسمين تتابع اوراق الشهادة الخاصة بها حتى استطاعت بالفعل أن تعدها، وعلمت اليوم الخاص باستلامها، في حين بدأ مازن يستقر بعمله ولكن تزداد براعته في فهم ما وضع به، يحاول الإلتزام بالفروض الصلاة قدر الإمكان، في حين بقت مرفت تحاول تفكير بشيءٍ ما كي تمتلك ثروة أخيها، حتى أخبرها مازن بجُملة صاعقة ولكن قررت أن تستغلها لتقضي على شقيقها!

**

صباحًا..

انهى مازن مع خاله مناقشة أحد اوراق العملاء، ثم قال بنبرة متوترة:

_ كنت عايز افتحك في موضوع.

نظر له محمد باهتمامٍ، ليكمل مازن بنبراتٍ لا تزال متوترة:

_ عايز اطلب ايد ياسمين.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فطنة القلب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى