Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس عشر 15 بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس عشر 15 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس عشر 15 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس عشر 15 بقلم بتول علي

تسللت “هنا” إلى غرفة جدتها ووجدتها نائمة بالفعل فعادت إلى غرفة عمر وأخبرته بالأمر ثم أحضرت السيارة وساعدت عمر في الصعود إليها ثم انطلقت بها في طريق المطار.
وصلت “هنا” برفقة “عمر” إلى المطار ودلفا إليه ومر بعض حتى انتهت الإجراءات فجلسا ينتظران موعد الطائرة.
هتفت “هنا” وهي تزفر بحزن:
-“هل أنت متأكد من قرارك؟ فكر في الأمر مرة أخرى ربما تغير رأيك … أعلم أنك تحب إيمان كثيرا ولا يمكنك أن تتقبل أمر خطبتها ولكن …”
قاطعها بحدة وحزم في محاولة منه لإنهاء الحديث في هذا الأمر:
-“قلت لك من قبل لا تتحدثي معي بشأن إيمان … لم يكن يوجد شيء بيننا حتى ينتهي … أنا وهي لا تربطنا سوى صلة القرابة ولا شيء أخر غيرها”.
صمتت “هنا” ولم تعقب على حديثه رغم أنها تعلم من داخلها بأنه لا يعني حقا ما يقوله فهو يبرهن لها أنه يعشق إيمان في كل مرة تتحدث بها عنها.
أما عمر فكان شارد في أفكاره فهو لم يعد يشعر بأن لحياته قيمة بعدما خسر إيمان إلى الأبد ولذلك قرر أنه سيخاطر بحياته حتى يسير على قدميه لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي سيجعله يصبر على معاناته.
زفر “عمر” بحرقة وهو ينظر إلى شقيقته بنظرات غاضبة فهي تصر دوما على أن تذكره بكل ما يؤلمه … قابلت “هنا” نظراته بحزن وهتفت بندم:
-“أنا أسفة جدا إذا كان كلامي أزعجك”.
هدر “عمر” بلهجة صارمة قائلاً:
-“لا تتحدثي في هذا الأمر مرة أخرى”.
-“كما تريد … لن أتحدث معك بشأن إيمان مرة أخرى “. 
تمتمت بها “هنا” وهي تخفض رأسها أرضا حتى لا ترى نظراته التي تقتلها قهرا على حالته.
ساد الصمت بينهما لدقائق قبل أن يسمع كلاً منهما نداء الطائرة فتوجها إلى صالة المغادرة وكانت تلك هي لحظاتهما الأخيرة على أرض الوطن.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
انقضى الليل وأشرقت شمس الصباح وفارس يجلس أمام غرفة كاميليا ولم يتحرك من أمامها ولو لدقيقة واحدة وهذا ما جعل خالد يرمقه بشفقة وتذكر عندما رأى كاميليا في غرفة العناية بعدما حضر إلى المستشفى في منتصف الليل بسبب حالة طارئة ومنذ تلك اللحظة وهو يراقب فارس من حين لأخر حتى يطمئن عليه.
التفت خلفه عندما سمع صوت فريدة التي حضرت فهو قد اتصل بها وأخبرها بما جرى حتى تأتي وتقف بجوار شقيقها في محنته.
تقدمت منه وسألته بقلق:
-“كيف حالها الآن؟”
تنهد خالد وأجابها بحزن:
-“لن أكذب عليكِ … وضعها خطير جدا وغير مستقر”.
توجهت فريدة نحو فارس وجلست بجواره وربتت على كتفه بحنو وقالت:
-“جلوسك أمام غرفتها لن يفيدها بشيء … يجب أن تذهب إلى البيت وترتاح قليلا لأنه يبدو أنك لم تنم طوال الليل”.
ارتفعت وتيرة أنفاسه وهو يرفض اقتراحها قائلاً بحزم:
-“لن أذهب إلى أي مكان قبل أن يخبرني الأطباء بأن زوجتي أصبحت بخير”.
أغمض عينيه وأخذ يتذكر لحظاتهما سويا … استرجع عقله هذا الحديث الذي جرى بينهما قبل بضعة أيام.
هبطت “كاميليا” الدرج وابتسمت عندما رأت فارس يدخل إلى المنزل ليبادلها هو الأخر ابتسامتها بأخرى عاشقة وهو يقول:
-“مساء الخير حبيبتي”.
احتضنته وقالت:
-“مساء النور”.
تناولا العشاء سويا ثم جلسا يشاهدان التلفاز وسط أجواء مليئة بالسعادة ولكن خيم الحزن فجأة عندما رأت كاميليا مشهد موت بطلة الفيلم والبطل لم يبكِ من أجلها بل ذهب وتزوج بأخرى دون أن يكترث بموت تلك المرأة التي عشقته بشدة.
نظرت كاميليا لفارس وأمسكت يده ثم سألته وهي على وشك البكاء:
-“إذا قدر الله ومت فجأة هل ستتزوج من بعدي؟”
رفع حاجبيه بغيظ من حديثها فهو لن يحتمل إذا حدث لها أي شيء لتأتي هي في النهاية وتسأله هذا السؤال السخيف … جذبها إليه بدون أن ينبس بكلمة واحدة واحتضنها بقوة ثم هتف وهو يحتضن وجهها بين كفيه:
-“لن يحدث لكِ أي شيء وإن حدث فأنا سألحق بكِ على الفور”.
أنهى جملته لتجهش ببكاء استهلك طاقتها فهي تشعر بأن هناك أمر سيء سيحدث لها.
نفض فارس تلك الذكرى وهو يومأ بحزن فشعور زوجته بالخطر كان في محله.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
جلس “جابر” بشموخ في غرفة مكتبه وارتسمت على ثغره ابتسامة خبيثة تفصح عن مكنونات قلبه الأسود والذي يبثق سم حقده على الجميع كما تفعل الأفعى.
انتظر قليلا حتى سمع صوت طرقات الباب فعلم بأنه قد حضر رجاله فأذن لهم بالدخول ، ليدلف إلى الغرفة العديد من الرجال أشداء البنية بخطوات ثابتة وانتظروا حتى أشار لهم جابر نحو الأريكة الجلدية.
-“أنتم تعلمون بالطبع بما حدث لكاميليا بالأمس”.
نطقها جابر وهو يتفرس في ملامح وتعبيرات وجوههم ليومأ له الجميع برؤوسهم مما جعله يستطرد بجدية:
-“أريد منكم أن تفتحوا أعينكم جيدا وتراقبوا لي الأوضاع وتخبروني بما يحدث هناك وتنقلوا لي التفاصيل المتعلقة بحالة كاميليا الصحية”.
هز الرجال رؤوسهم وهتف أحدهم:
-“كما تريد سيدي … سنراقب الأوضاع ونوافيك بكل ما هو جديد”.
أشار لهم بإصبعه فغادروا الغرفة وتركوه يفكر في العواقب التي ستحل على رأسه إذا لم تمت كاميليا.
صحيح أنه سيواجه صعوبة في الاستيلاء على ثروتها إذا ماتت دون أن توقع على الأوراق ولكن لا بأس فهو سيعطي الأوراق لأحد المحتالين المحترفين الذين يقومون بأعمال التزوير ببراعة وإتقان وسيصدق الجميع في تلك الحالة أن كاميليا هي من وقعت على المستندات ولكنه لن يفلح في ذلك إذا ظلت كاميليا على قيد الحياة وذلك لأنها كشفت خطته وعلمت بالمؤامرة التي دبرها واشتركت بها صديقتها ياسمين.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
استيقظت الجدة من نومها وصلت فرضها ثم جلست على المائدة تنتظر قدوم باقي أفراد العائلة حتى يتناولوا الفطور … مر بعض الوقت وحضر الجميع باستثناء عمر وهنا وهذا ما جعلها تشعر بالقلق فعمر ليس من عادته الاستغراق في النوم.
-“سأذهب إلى غرفة عمر وأتفقده”.
قالتها الجدة وكادت تنهض ولكن أوقفها وليد قائلاً وهو ينهض من كرسيه:
-“استريحي أنتِ أمي وسأذهب أنا وأرى لماذا لم يأتِ حتى الآن”.
ذهب وليد إلى غرفة عمر ولكنه لم يجده فتوجه نحو الحمام وظل يطرق على بابه ولكن لم يجبه أحد.
أخذ يبحث عنه في جميع أركان الغرفة ولكنه لم يجد أي أثرٍ له.
لحقت به الجدة عندما لاحظت تأخره وسألته عن عمر ليجيبها وهو يمعن النظر في باب الخزانة فهو غير محكم الإغلاق:
-“لا يوجد له أي أثر في المنزل”.
أنهى عبارته وتوجه نحو الخزانة وقام بفتحها وشعر بالصدمة بعدما لم يجد ملابسه فتوجه على الفور إلى غرفة هنا ولحقت به الجدة التي لم تستوعب حتى الآن ما يحدث.
فتح “وليد” خزانة ملابس هنا ولم يجد ملابسها هي الأخرى لتردف الجدة بهيستريا:
-“ما الذي يحدث وليد؟ أين ذهب حفيداي؟!”
قلب وليد عينيه في جميع أنحاء الغرفة إلى أن استقرت عيناه على تلك الورقة المطوية الموضوعة على الكومود.
استشاط غضبا بعدما أمسك الورقة وقرأ محتواها ثم ألقاها أرضا فأمسكتها الجدة ونظرت لها … أخذت تلطم خديها فقد علمت الآن بسفر عمر وبالعمليات الخطرة التي سيجريها.
-“أرجوك وليد … افعل أي شيء وأعد عمر إلى هنا”.
استرسلت وهي تبكي بحرقة:
-“لماذا فعل ذلك؟ لماذا يخاطر بحياته بهذه الطريقة؟”
هدر وليد بعصبية وهو يشد من خصلات شعره:
-“الغبي الأحمق سأقتله عندما أجده وسأضرب تلك الغبية التي طاوعته ولم تخبرنا بالأمر”.
صاحت الجدة ببكاء وحشرجة:
-“تصرف وأعدهما إلى المنزل … سأموت إن حدث مكروها لعمر”.
حضر الجميع على صوت بكاء الجدة وعلموا بما فعله عمر وأصاب أمنية حالة من الذهول عكس صفاء التي لوت شفتيها بسخرية.
وضعت إيمان يدها على قلبها الذي انقبض بشدة وهناك شيء بداخلها أخبرها أنها هي السبب وراء قرار عمر بإجراء تلك العملية.
‏ازداد بكاء كلا من الجدة وإيمان بعدما رأى وليد الفحوصات التي أجراها عمر وعلم بمدى خطورة الجراحات التي سيخضع لها والتي قد تودي بحياته.‏
-“آه يا حبيب قلبي ويا نور حياتي!!”.
نطقتها الجدة بتفجع ثم هطلت دموعها فهي لا تصدق بأن عمر فعل ذلك لأن إيمان قبلت بأسر … هل أصبحت حياته هينة إلى تلك الدرجة التي تدفعه للقيام بشيء جنوني كهذا؟! ألم يعد له عقل يفكر به؟! زفرت بمرارة فيبدو أن حفيدها لم يستطع تحمل ألم قلبه فقرر المخاطرة بحياته حتى يرتاح من هذا الشعور الذي يراوده كلما يرى إيمان برفقة صديقه المقرب.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نظرت مهجة إلى باب الغرفة المغلق وهي تزفر بغضب يعبر عن مدى الكره الذي تشعر به نحو جابر فهو يحبسها منذ أيام في تلك الحجرة القديمة والقبيحة.
وضعت يدها أسفل ذقنها وأخذت تفكر في واقعها المرير وما تمر به من صعوبات بسبب ما فعله والدها فهو قد دمر جميع أحلامها عندما زوجها لجابر قصرا من أجل حفنة أموال لا تمثل شيئا أمام سعادتها وراحة بالها.
أخذت تبكي بمرارة وهي تتذكر أيام طفولتها فقد عانت كثيرا من ظلم وقسوة والدها عليها وعلى والدتها الراحلة واشتد نحيبها وهي تتذكر معاناتها في منزل جابر فهو نسخة مطابقة تماما لوالدها وهذا هو السبب الذي جعلها ترفض وبشدة الزواج منه ولكنها أجبرت على ذلك في النهاية.
ابتسمت بحزن عندما تذكرت أسر فهو الرجل الوحيد الذي أحبته في حياتها لأنه لا يشبه والدها في أي شيء … أخذت تتساءل بينها وبين نفسها إن كان قد تزوج أم أنه لا يزال يتذكرها ويأبى أن يقترن بغيرها؟
تذكرت ذلك اليوم الذي تبخرت به أحلامها فهي كانت تجلس في غرفتها وتمشط شعرها عندما دلف والدها وهو غاضب ثم لوى ذراعها خلف ظهرها وهو يشد عليه بقوة قبل أن يردف بصوتٍ أجش:
-“ما هذا الكلام الذي قولتيه لجابر!!”
تأوهت بشدة بسبب قبضته على ذراعها وهتفت برجاء وهي تنظر له بعينين دامعتين قبل أن تنهمر دموعها فهي لم تعد قادرة على حبسهم أكثر من ذلك:
-“أنا لا أريد أن أتزوجه … صدقني أنا لا أطيقه ولا أحتمل وجودي معه في مكان واحد لأكثر من دقيقة … أرجوك أبي لا تفعل بي ذلك … أنا لا أحبه”.
صفعها بقسوة ثم انهال عليها بالضرب وهو يردد بغيظ:
-“لا تريدين الزواج منه لأنك تحبين هذا المهندس الفقير أليس كذلك؟”
صفعها مرة أخرى وهو يهدر بغل:
-“ألا يكفي أنني تحملت نفقات معيشتك وتعليمك والآن تريدين أن أتحمل نفقات زواجك أيضا وكل ذلك من أجل بعض المشاعر الغبية؟!”
أمسكها من شعرها وأنهى النقاش قائلاً بعبارة صارمة:
-“لن تخرجي من المنزل حتى يحين موعد زواجك من جابر”.
دفعها أرضا ثم خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه … دفنت مهجة وجهها بين كفيها وانهارت بالبكاء ومرت الأيام وهي على تلك الحالة حتى أتى يوم عقد قرانها على جابر الذي جلس بجوارها بعدما خرج والدها من الغرفة حتى يعطيهما بعض الخصوصية.
هتفت برجاء وهي تنظر له بعينين دامعتين:
-“أنا لا أريد هذا الزواج … أرجوك تحدث مع أبي وقم بإنهاء الأمر من طرفك”.
رمقها بغضب عارم لأنه تأكد الآن بأنها تحب ذلك المهندس الذي رآه برفقتها في المستشفى … لاحظت نظراته القاتمة فتراجعت إلى الوراء بينما هو تقدم منها وهمس بفحيح وهو يدق بسبابته على الجانب الأيمن من جبهتها:
-“ستصبحين زوجتي وستحبيني رغما عنكِ … لن أتركك له مهما حصل … أنتِ ستكونين لي أنا فقط شئتِ أم أبيتِ”.
وهذا ما حصل تزوجها رغما عنها ولكنه لم ينل حبها بل على العكس فكل يوم يمر عليهما معا يزيد كرهها ونفورها واشمئزازها منه ووصل بها الأمر إلى أن تتمنى موته وهو الشيء الذي لم تتمناه لأحد من قبل حتى لوالدها الذي ظلمها وعذبها طوال حياتها.
استفاقت من دوامة ذكرياتها عندما دلفت “حسناء” إلى الغرفة ووضعت أمامها صينية الطعام وهي تتأفف بضيق فوجود مهجة في حياة جابر يقف عائق أمام حلمها في الاستيلاء على أمواله.
أطاحت مهجة بالصينية ليتناثر الطعام أرضا مما جعل حسناء تشهق بفزع … رمقتها مهجة بازدراء وهتفت وعيناها تبرق بالتوعد:
-“أخبري هذا الحقير أنني لن أتناول أي طعام حتى يخرجني من هنا”.
لملمت حسناء الطعام المتناثر أرضا دون أن تتحدث معها ثم غادرت وذهبت إلى جابر تخبره بما فعلته مهجة.
توجه جابر إلى الغرفة التي يحتجز بها مهجة وصاح هادرا وهو يمسكها بقسوة من ذراعها:
-“في المرة القادمة التي سترمين بها طعامك سأجعلك تلعقيه بلسانك من على الأرض”.
دفعته بقوة جعلت ظهره يصطدم بالحائط خلفه وصرخت في وجهه بتحدي:
-“أنا من ستجعلك تلعق الطعام كالكلاب إذا حاولت أن تلمس شعرة من شعيرات رأسي”.
رفع يده ليصفعها ولكنها أمسكت يده ثم جثت فوقه تكيل له الضربات وهي تسبه وتنعته بالكثير من الشتائم فهي لن تسمح له بأن يقوم بإهانتها مرة أخرى.
أخذ يتفادى ضرباتها المتتالية وصرخ بألم عندما شعر بأسنانها التي غُرست في ذراعه … استطاع في النهاية أن يخلص نفسه من بين يديها ثم ركض مسرعا خارج الغرفة وأغلق الباب خلفه بالمفتاح قبل أن تلحق به … وضع يده على صدره حتى هدأت أنفاسه فهو لا يزال تحت تأثير الصدمة بما حدث له قبل لحظات ، فيبدو أن زوجته قد جنت فهي قد أصبحت كالكلب المسعور ويجب عليه أن يحذر منها.
لوت حسناء التي كانت تتابع ما يحدث وهي تتوارى خلف الجدار شفتيها بتهكم وتمتمت ساخرة:
-“تركض الآن من امرأة ثم تأتي لاحقا وتقف أمام الجميع وأنت ترفع ذقنك وتحسب نفسك رجلا!!”
ارتفع صياح مهجة واشتدت طرقاتها على الباب وهذا ما جعل جابر يتراجع إلى الوراء وهو يشعر بالخوف فضحكت حسناء بخفوت وتمتمت:
-“من يراك وأنت تضربها لا يراك الآن وأنت خائف منها!! يبدو أنه قد حان الوقت لتدفع ثمن ظلمك لها”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلفت الممرضة إلى غرفة العناية ولكنها سرعان ما خرجت وهي تصيح وتنادي باسم الطبيب المشرف حتى يأتي بسرعة ويفحص كاميليا التي انخفض نبضها بشكل غير طبيعي.
حضر الطبيب على الفور وفحص كاميليا ووجد نبض قلبها منخفض للغاية وعلى وشك أن يتوقف فطلب من الممرضة أن تحضر له جهاز الصدمات فذهبت وأحضرته له على وجه السرعة.
كان فارس يقف خلف الزجاج ويشاهد ما يحدث وقلبه ينبض بخوف على زوجته وكانت سلمى تقف بجواره وتبكي بشدة ولم تتوقف عن البكاء إلا عندما عاد نبض كاميليا إلى الوضع الطبيعي ، فهمست بحرقة وعيناها تلمع بالدموع:
-“سأموت إذا حدث شيء لأمي … أنا لا يمكنني أن أعيش من دونها ولو لدقيقة واحدة”.
حضرت ياسمين وهي تتظاهر بالحزن وجلست بجوار سلمى تواسيها وتخفف عنها وهي من داخلها تتمنى ألا تتعافى كاميليا حتى لا ينفضح أمرها.
وجه فارس حديثه لياسمين قائلًا بريبة فهو يشعر بأن ياسمين لها دخل بالحادث الذي وقع لزوجته:
-“هل حدث أي شيء ضايق كاميليا عندما كانت في منزلك؟”
تظاهرت ياسمين بالدهشة وهي تقول:
-“ما هذا الكلام الذي تقوله؟! كاميليا لم تأتِ أبدا إلى منزلي … صحيح أنها وعدتني بأنها ستحضر لزيارتي ولكنها لم تأتِ”.
هناك شيء مريب وغريب يحدث من وراء ظهره فزوجته أخبرته بأنها ذاهبة لرؤية صديقتها وهي يستحيل أن تكذب عليه ، والحادث جرى معها بعد مغادرتها للمنزل بثلاث ساعات ووقع في منطقة قريبة من المنزل وهذا يعني أنها كانت في ذلك الوقت عائدة إلى البيت.
وصل في النهاية وبعد فترة من التفكير إلى أنه هناك شيء مريب تخفيه ياسمين وقرر أنه سيبذل قصارى جهده حتى يعرف هذا السر وأقسم بأنه سيجعلها تندم وتبكي دما إذا كان لها يد فيما حدث لزوجته.
نظرت “ياسمين” حولها بتوتر بالغ وزاد مُعدل خفقان قلبها وهي ترى نظرات فارس المصوبة نحوها … أطرقت رأسها بتوتر وهي تهز قدماها بارتباك وتمنت بداخلها أن تموت كاميليا حتى لا تخبر فارس بما فعلته فهو لن يتركها تهنأ بحياتها بعدما يعلم بكل شيء فعلته بزوجته.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مر يومين وحالة كاميليا لا تزال كما هي دون أي تحسن ملموس وهذا ما كان يؤلم فارس وازداد شعوره بالألم والحزن بعدما علم بسفر عمر صحيح أنه كان يعلم بأن عمر تواصل مع طبيب أجنبي من أجل حالته ولكنه لم يعلم بمدى خطورة تلك الجراحات ولا بأن عمر قد قبل بتلك المخاطرة وتألم أكثر عندما لم يستطع وليد الذي بذل مجهود عظيم في البحث عن عمر أن يعلم باسم المستشفى التي سيجري بها تلك العمليات.
كل تلك الأمور كانت كفيلة بأن تجعل فارس ينهار ولكن كان لحضور والدته أثر جيد عليه وعلى معنوياته التي ارتفعت بشكل تدريجي بعد حضورها ومساندتها له في محنته.
في تلك الأثناء وتحديدا في المستشفى التي يوجد بها عمر كان يرقد على السرير وتجلس “هنا” بجواره تتلو القرآن وتدعو بأن تمر تلك العملية على خير.
حضر الطبيب ونظر إلى عمر وقال:
-“هل أنت مستعد؟”
أجابه عمر بثبات:
-“أجل … أنا جاهز ومستعد”.
ابتسم الطبيب ومر بضع دقائق قبل أن يتم نقل عمر إلى غرفة العمليات تحت نظرات هنا المتضرعة للمولى عز وجل بأن يحفظ شقيقها.
أغمض عمر عينيه بشكل جزئي بعدما انتشر المخدر في جسده وكان أخر ما رآه قبل أن يغيب عن الوعي هو صورة إيمان وهي تبتسم له.
يتبع..
لقراءة الفصل السادس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!