Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الأربعون 40 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الأربعون 40 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الأربعون 40 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الأربعون 40 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

تسمرت نوال في مكانها دون حراك، عندما رأت هاتين العينين القاسيتين… حاولت أن تبتعد عنه لكن شيء ما جمدَ أطرافها.
ابتسم ياسين في وجهها قائلاً لها بسخرية حادة: مفاجأة مش كده، بصراحة بحب أوي المفاجأت اللي من النوع ده، وقلت لازم أعملها يمكن تعجب القمر بتاعي.
شعرت نوال بأن قلبها يختنق من دقاته المتسارعة…. مبتعدة إلى الوراء تود الهرب منه،  لكنه أوقفها قائلاً لها بقسوة: نــــوال…. إياكِ تتحركي خطوة زيادة من مكانك، ابتلعت ريقها بصعوبة… شاعرة بغصة في حلقها من شدة خوفها منه وخصوصاً أنها مفردها.
ساد الصمت الطويل بينهما لكن قلوبهم لم تكن كذلك أبداً… بل على العكس، قطع ياسين هذا الصمت قائلاً لها بتهكم: إيه مالك… هتفضلي كده مخلياني واقف على الباب كتير… ومدخلنيش مش كده عيب وميصحش ده أنا حتى جوزك بردو مش كده… يا عروسة.
حاولت أن تتحدث إليه قائلة له بصوت متحشرج: انت عايز إيه مني بعد كل اللي عملته، زفر بغضب قائلاً لها باختصار صارم: عايز مراتي…. اللي هربت مني يوم كتب كتابنا.
عقدت حاجبيها باستنكار قائلة له بغضب مفاجئ: أنا مش مراتك… واتفضل بقى من هنا بسرعة قبل ما أي حد يلمحك واقف هنا… هيقولوا عليه إيه ساعتها.
كانت تظن أن كلماتها ستستفذه بل على العكس…. لم يغضب كما تخيلت بل… دخل مغلقاً الباب خلفه بضيق.
مقترباً منها بخطواتٍ مهددة… وعينيه مسلطة عليها كأنه ليس من حقها الفرار ولا الهرب منه مطلقاً.
قائلاً ببرود: منا دخلت أهوه… ممنعتينيش ليه يا حلوة، بقى بردو معقولة الناس هتتكلم على واحدة وجوزها.
حاولت نوال أن تبدو متماسكة أمام تهديده لها، فوجدت نوال بجوارها فاز زجاجية لمحتها بغتةً على أعلى منضدة صغيرة… فأسرعت بتناولها وإمساكها بقوة قائلة له بتهديد: ان قربت مني خطوة واحدة زيادة هموتك وهموت نفسي…. كفاية أوي لغاية كده.
صُدم ياسين من ردة فعلها وزاد كل ذلك من ثورته عليها قائلاً لها بصوتٍ هادر: نوال انتي اتجننتي… ده بدل ما تعتذري عن اللي عملتيه.
صرخت به قائلة بعذاب: أيوة انت السبب في كل ده… طلقني يا ياسين… أنا عمري ما هكون لإنسان أناني معدوم الضمير فاهم.
تجهم وجه ياسين من جراء كلماتها الغاضبة قائلاً لها ببرود مستفذ: طيب قربي مني كده وموتيني يمكن ترتاحي.
حدقت به بأعينٌ زائغة تحاول أن تبدو قوية وليست ضعيفة كما اعتاد منها على هذا الأمر.
فقالت له بغضب: اخرج بره مش عايزة أشوف وشك تاني… ومتنساش تبقى تبعتلي ورقة طلاقي.
زفر ياسين بنفاذ صبر من تصرفاتها الهوجاء قائلاً لها بحدة: شوفي يا جميل هجبلك من الآخر طلاق مش هطلق…. وأعلى ما في خيلك اركبيه يا نوال… وطالما انتي بقى عايزة تموتيني…. يالا اعمليها مش همنعك…. أنا أهوه بسلملك نفسي.
حدقت به بحيرة، وارتعشت يدها فجأة فسقطت الفاز منكسرة إلى أشلاء صغيرة متناثرة على الأرض قائلة له بصوت مخنوق: امشي اطلع بره… أنا مش هكون ليك مهما عملت…. عندك نهى أهيه روح اتجوزها بدل ما تظلمها معاك هيه كمان.
كان حمدان برفقة ابن عمه حسين في المنزل عند مريم يقيمون بالتجهيز ليوم الخِطبة… وكان عبدالرحيم بصحبتهم جالساً معهم ينصت لما يقولون.
أثناء ذلك… استمعوا إلى صوت طرقات على باب الغرفة.
فتحه حسين فبادرته والدته تقول بلهفة: مصيبة يا ولدي…. مصيبة…!!!
فقطب حسين جبينه باستغراب قائلاً لها بقلق:  مصيبة إيه… يا اماي…. جولي، فقالت له بسرعة: الشرطة إهنه…. والدكتور يحيى كمان….!!!
بُهت حسين لدى سماعه لذلك…. ارتبك حمدان وتصبب جبينه من العرق وهبّ واقفاً بتوتر وقلق.
اقتحم العديد من رجال الشرطة غرفتهم وعبدالرحيم مذهولاً وممتعضاً مما يحدث أمامه قائلاً بصدمة: فيه إيه يا حضرة المأمور…
تفحص ثلاثتهم بتفكير ويحيى بجواره يبحث بنظره عنها… لكنه لم يجد إلا والدتها التي تقف من بعيد تراقب الوضع.
فقال لهم المأمور: مين فيكم حمدان عتمان، اضطرب حمدان أكثر قائلاً له بتوتر: آني أهوه يا حضرة المأمور… فقال الضابط الذي بصحبة المأمور: خده يا عسكري على البوكس بسرعة.
قطب حسين جبينه قائلاً باستغراب: ليه فيه إيـــه يا حضرة الظابط، فقال له بلهجة مختصرة: هوه خابر عمل إيـــه….!!! ابتلع حمدان ريقه بصعوبه ولم يستطيع النطق.
انسحب من أمامهم وبرفقته الضابط واثنان من العساكر تحت أنظار عبدالرحيم وولده حسين المصعوقين.
رمق حسين، الدكتور يحيي بنظرات اتهام دون سبب يذكر، ثم سأله قائلاً بدهشة: فيه إيـــه يا دكتور يحيي؟
تنهد يحيى وهو يحدق بوالدته التي تنتظر إجابة تساؤله قائلاً له بجمود: فيه إنك كنت هتجوز اختك لواحد نصاب وحرامي… هارب من العدالة وعليه أحكام كان لازم تتنفذ وهوه منفذهاش… ده غير تلات سنين سجن، ها لساتك هتجوزه ليها بردك.
صدم حسين ووالده وهم ينظرون إلى يحيي بأعين متسعة، لا يعرفون السبيل إلى تصديق أم تكذيب ما يسمعونه.
ابتلع حسين ريقه قائلاً للمأمور: صحيح الحديت اللي جاله الدكتور يحيى دلوك، زفر المأمور بضيق قائلاً له: والدكتور هيكذب عليك ليــه…. إيـــه مصلحته يعني علشان يجول إكده.
ساد الصمت بين الجميع للحظات عدة، تغلب عليها الحيرة والخذلان، قطع عبدالرحيم هذا الصمت قائلاً بانكسار: يادي الفضايح، جليل إن ما الكل اتحدت على بتي بحديت عفش دلوك ، بجى معجوله يُحصل ويانا إكده.
شعرت والدتها بالخزي والعار فالكل سيتحدث عن مصيبة ابنتها التي ليست لها ذنب بها، قائلة بلوعه: يا حظك العفش يا بتي…. يا حرجة جلبي عليكي يا بنيتي، وعلى الفضيحة اللي هنتفضحها في البلد.
حدجها زوجها بغضب قائلاً لها بصوت هادر: امشي غوري من اهنه… مهيش ناجصة تعددتك دلوك.
انصرفت من أمامه بقلب موجوع دون أن تستطيع معارضته قائلاً لنفسها: رغم اني كنت زعلانه على جوازتك يا بتي إلا آني دلوك ارتحت رغم حسرت جلبي عليكي.
استمعت مريم إلى والدتها غير مصدقة ما حدث بالخارج…. قائلة لها بعدم استيعاب: آني مبجتش فاهمة حاجه واصل…. احتضنتها والدتها بحنان قائلة لها: أخيراً يا بتي ربنا خلصك منيه.
لمعت عيناها بالدموع قائلة لها: شايفه يا اماي كيف اخوي كان عايز يجوزني لنصاب.
ربتت على كتفها بحنان بالغ قائلة لها: معلش الحمدلله يا بتي ربنا نجاكي منيه.
أغمضت عينيها ودموعها تنهمر قائلة لها: آني مخنوجه  جوي جوي يا اماي… ومنيش عايزة أشوف حد واصل.
تنهدت والدتها بحزن قائلة لها بجزع: ليه بتجولي اكده وربنا نجاكي منيه…. وبعتلك الدكتور يحيى ساعدك اهوه.
هزت رأسها بوجع قائلة : ساعدني شهامة بس يا اماي لكن ده خلاص مبجاش طايجني.
تجمد وجه والدتها قائلة لها: ليه بتجولي إكده يا بنيتي… فالت له بلوعة: علشان ينتجم مني لنفسيه يا اماي…. اماي ارجوكي…. آني مبجتش طايجة نفسي وتعبانة جوي فاعايزة ارتاح دلوك.
أومأت برأسها بطيبة قائلة لها: ربنا يريح جلبك يابتي… نامي…. ولما تصحي أكون جهزتلك الوكل.
كانت مريم تتهرب من نظرات حيرة والدتنا وتساؤلاتها الكثيرة، لذا تحججت بأنها تريد النوم.
كانت تشعر بالتعب نفسياً مما تمر به…. من آلام في قلبها من أثر ما يفعله بها يحيى.
تهاوى حسين جالساً خلفه على الأريكة قائلاً له: طب والناس اللي هتيجي الخطوبة بعد يومين هنجلهم إيه.
انسحب المأمور بعد ما قاله حسين مستأذناً فقد شعر أن وجوده غير مرغوب به الآن وخصوصاً بعدما حدث.
لكن يحيى جلس بجوار حسين قائلاً له بجمود: كل شىء نصيب يا حسين وأكيد أختك حظها أحسن من إكده.
رمقه بحزن قائلاً له بضيق: كيف يعني خبرني بعد ما نتفضح في البلد كلاتها، جولي بعد إكده مين هيتجدملها ويتجوزها… جولي مين يا دكتور.
ابتلع يحيى ريقه قائلاً بثبات: آني اللي هتجوزها يا حسين،
اتسعت عينيّ حسين ووالده عبدالرحيم بذهول هائل قائلاً له بعدم تصديق: إنت عايز تتجوزها…. تنهد قائلاً بجدية: أيوه آني يا حسين إيه مش عجبك ولا مستصغرني.
فقال له والدها بلهفة: كيف تجول إكده يا ولدي للدكتور يحيى إحنا نطول نناسب العمدة والحاج اسماعيل.
ارتبك حسين لكلمات والده ونظرات يحيى إليه باستهجان مصوبةً نحوه قائلاً بتوتر: مجصدش يا ابوي آني بس مستغرب.
تنهد يحيى قائلاً له بجدية: آني جلت إكده دلوك لأن عايز اتجوزها فعلاً، أما إذا كان على الحديت الرسمي فا هيكون مش معاي آني هيكون مع ابوي والعمدة.
تهلل وجه عبدالرحيم قائلاً له: واحنا هنكون في انتظارهم يا دكتور…. زفر يحيي بحرارة قائلاً له باختصار: وآني هبجى هحدد وياهم معاد وهبجى أبلغكم بس دلوك ليه طلب صغير.
فقال له عبدالرحيم بتساؤل: إيه هوه يا دكتور فقال له بهدوء: محدش فيكم يبلغها باللي جولته دلوك.
استغرب كل منهما ومع ذلك وافقوا فقال له حسين: ماشي حديتك محدش فينا هيجولها.
بهت اسماعيل مما سمعه من يحيى للتو قائلاً له بحدة: كيف تروح تعمل اكده من غير ما تبلغني… تنهد وهو ينظر إلى جلال قائلاً بهدوء: العمده كان خابر زين كل اللي بعمله.
صدم أكثر وتعلق بصره بجلال قائلاً له: حتى انت يا جناب العمدة تعمل ويانا اكده…. كيف وانت اكتر واحد خابر انه عبدالرحيم وابنه بيكرهونا كتير وعلى خلاف ويانا بسبب العمدية.
تنهد جلال قائلاً له: يا ابوي انسى خلاف العمدية دلوك…. لان خلاص… آني العمدة اهنه.
فهب واقفا باعتراض قائلاً له باستنكار: كيف يعني…. علشان بجيت العمدة هنسى اللي عمله ولا علشان بجيت العمدة هتمشي حديتك علي آني كمان…. انت صحيح كبيرنا… لكن مش لدرجة ابجى انسى وابجي كمان آخر من يعلم.
تنهد جلال وهو يحدق بشقيقه قائلاً له : يا ابوي احنا عمرنا ما خبينا عليك حاجه…. وإحنا خبينا عليك لان خابرين زين انك واثق فينا.
تأفف اسماعيل قائلاً بضيق: صحيح واثق فيكم لكن مش لدرجة اللي عملوا اخوك.
هب يحي من مكانه وأمسك بيد والده مقبلاً لها قائلاً له برجاء: آسف يا ابوي…. وحرمت أعملها تاني واصل.
شعر بالغضب قائلاً له: روح اوضتك دلوك…. وخليني اجعد ويا العمدة شوية… جاء ليتحدث أشار له بيده ليغادر الحجرة.
كان يحيى يزرع الغرفة إياباً وذهاباً … يخشى عدم موافقة والده بالأمر.
وجد من يدخل عليه الحجرة بعد أن قرع على  الباب مرةً واحده.
بادره يحيى بلهفة قائلاً له: أخوي طمني ابوي جال إيه عاد.
جلس جلال على الفراش واضعاً قدم فوق الأخرى قائلاً له بهدوء: اني اتحدت وياه كتير وجال…. جال… فقال له بسرعة: جال إيه يا اخوي…. ابتسم قائلاً برزانة: جال موافج  على نفس ميعاد خطوبتها، بس بشرط…. عقد حاجبيه قائلاً له بتساؤل: شرط إيه عاد.
صمت جلال برهةً قائلاً له: ان مفيش جواز دلوك…. ويتحدد بكيفه وآني بس اللي هروح وياك نخطبها ليك يا دكتور.
تهلل وجه يحيى وأمسك بيدي شقيقه قائلاً بسعادة: وآني موافج على كل حاجه… هوه فين دلوك.
تنهد جلال قائلاً له: هوه خرج براة الدار مخبرش ليه، فابتسم قائلاً له: آني مش خابر أعمل وياك إيه من بعد وجفتك معاي إكده…. ربت على كتفه قائلاً : متجولش اكده يا اخوي آني بعتبرك ابني مش اخوي وبس.
ألقى بنفسه بين ذراعيه فرحاً قائلاً له: متشكر يا أخوي يا زين الرجال…. وعجبال ما نفرح بولدك اللي هيشرفنا زييك يا عمده.
شعر ياسين بالحيرة من تصرفاتها وكيف تغيرت بهذا الشكل السريع معه… قائلاً لها بجمود: ملكيش دعوة بنهى سيبك منها دلوقتي خلينا في موضوعنا احنا.
هزت رأسها باستنكار قائلة له بغضب: ازاي ملياش دعوة وهيه خطيبتك… قاطعها قائلاً لها بانفعال: برافو عليكي…. هيه خطيبتي لكن انتي مراتي ولازم تسمعي كلامي بالذوق بدل ما اتصرف معاكي بطريقة مش هتعجبك.
اتسعت عينيها بشدة لا تعرف السبيل إلى الرد عليه، وتلفتت حولها وهرولت إلى المطبخ باحثةً عن أي شىء تضربه به.
وقبل أن تمسك سكيناً وجدت من يمسك بمعصمها من وراءها قائلاً لها بغضب عارم: إياكي تفكري تعمليها.
ارتجف قلبها بقوة وهو يلتصق بها من الخلف، فقالت له بهدوء ظاهري: ابعد عني يا ياسين… فانحنى بجانب أذنها قائلاً بمكر مختصر: وان مبعدتش.
أغمضت عينيها لتتمالك، أعصابها أمامه قائلة له بجمود: هصرخ وهلم عليك الجيران.
أحاطها بذراعيه ببرود من خصرها من الخلف قائلاً باستهزاء: طب وريني كده هتصرخي ازاي.
ابتلعت ريقها بصعوبة ولم تستطيع النطق، شاعرة باختناق صدرها …. فلما ساد الصمت الحذر قال لها بسخرية: ما تصرخي يا حلوة…. راح فين صوتك اللي كان بيزعق دلوقتي وكإنك بتكلمي طفل مش جوزك.
شحب وجهها من الخوف من شدة هذا القرب، وحاولت أن تبتعد عنه، لكنه جذبه إليها بقوة.
قائلاً لها بتحذير: متلعبيش بالنار يا جميل أحسن تلسعك وانتي مش أدها فاهمة… فا بهدوء كده البسي علشان هتمشي معايا على البيت دلوقتي.
فقالت له تجادله: مش ماشية معاك ويالا امشي من هنا، فأدراها نحوه وهو يحيطها من خصرها بذراعه الأيسر ويده الأخرى تعبث بخصلات شعرها متفحصاً وجهها الشاحب.
قائلاً بتهديد: لأ ده أنا كده أزعل يا جميل، وإنتي عارفه أنا زعلي وحش أد إيه.. فا بهدوء كده إلبسي ولا أقولك تحبي ألبسك أنا… لتكوني مش عارفه تلبسي ازاي.
ابتلعت ريقها بصعوبة وقلبها ينتفض بقوة وهي تتخيل يفعل ما يقوله فقالت له بصوت مرتجف: ابعد عني قلتلك… قاطعها بوضع إصبعة على شفتيها لتصمت قائلاً بخبث: نوال إيه رأيك تسكتي أحسن لان مش هبعد عنك مهما عملتي، غير بس انك تيجي معايا…. دلوقتي ساعتها بس هبعد عنك فإيه رأيك.
وليخيفها أكثر تحسس شفتيها التي ترتجف من شدة قربه منها بنعومة فقالت له باضطراب: حاضر هلبس بس ابعد الأول.
ابتسم ياسين بتهكم وابتعد عنها ليترك لها مجالاً لترتدي ثيابها…. دخلت الغرفة التي تنام بها.
وأغلقت خلفها الباب… بقلبٍ حائر خائف، لا تدري ماذا عليها أن تفعل… هل تنصرف معه أم تهرب منه من جديد.
تنهدت بعذابٍ جديد كانت بعيدة عنه هذه الفترة، ابتلعت ريقها واتجهت صوب الخزانة وارتدت ثوباً كانت أم مصطفى كانت اشترته لها من قبل…. بدلاً من ارتداء الفستان التي قد اتت به.
بعد قليل خرجت مرتدية هذا الثوب الجديد… ما أن رآها ياسين حتى خفق قلبه قائلاً لها بهدوء ظاهري: جبتيه منين اللبس ده.
ارتعش قلبها من تفحصه لها بهذا الشكل قائلة له: خالتو أم مصطفى هيه اللي جابتهولي.
فقال لها بجمود: طب يالا قدامي… هزت رأسها رافضه فاستغرب وقال لها بحدة: نوال أنا لغاية دلوقتي ساكتلك… يالا امشي قدامي بسرعة من سكات.
فقالت له بتوتر: لأ مش همشي قبل خالتو أم مصطفى تيجي الأول من برة… تنهد بضيق قائلاً بنفاذ صبر: ماشي يا نوال لما أشوف أخرتها معاكي.
كان ياسين جالساً في مقعده منتظراً أم مصطفى عندما فُتح باب المنزل… قائلة لها: نوال حبيبتي انتي…. بترت عبارتها عندما تفاجأت بوجود ياسين جالساً يحدق بها.
تغلبت السيدة على مشاعر الصدمة التي شعرت بها الآن عند رؤيته، وهي تحدق بنوال بتساؤل قائلة لها: نوال يا بنتي انتي كويسة، فهرولت نوال ناحيتها فاحتضنتها بين ذراعيها قائلة بجزع: مالك يا بنتي…. فيه إيه.
تذمر ياسين من موقفها قائلاً بحدة: نوال… مهما عملتي بردو هتمشي معايا.. فقالت له بهدوء: طب ممكن تهدى الأول يا بني مش كده.
زفر بغضب قائلاً لها: على فكرة أنا هادي جداً وهيه عارفه كويس طبعي… ساعة ما بتعصب بعمل إيه.
ابتلعت نوال ريقها بصعوبة قائلة بحزن: شايفة يا خالتو كلامه عامل إزاي… تأفف ياسين قائلاً لها: نوال إخلصي عايزين نمشي.
تأملته السيدة ثم رمقت نوال بتحذير قائلة بهدوء: نوال حبيبة قلبي، روحي إغسلي وشك الأول وتعالي يالا علشان مزعلش منك.
بالفعل انصرفت مهرولة ناحية المرحاض… ثم اقتربت منه ام مصطفى قائلة برزانة: ياسين يا بني أنا مش ناوية أدخل بينكم في أي حاجه… بس مش هقولك غير حاجه واحدة بس… نوال بنت طيبة جداً وتعتبر زي اليتيمة كمان،  خسارة تزعلها منك وهييجي الوقت اللي ممكن، هتندم فيه انك عملت فيها كده… فاتقي يابني ربنا فيها دي وحدانية وملهاش دلوقتي حد غيرك بعد ربنا.. فحافظ عليها زي عينيك.
استمع ياسين إلى كلماتها ولم يتفوه ببنت شفة… فأردفت تقول بحنان: ربنا يسعدكم يابني.
تنهد ياسين وهو ينظر وراءها لنوال التي كانت تقف على استعداد للانصراف معه.
هب واقفاً من مكانه ووقف بجوار نوال لتُسلم على السيدة قبل انصرافها، تأملتهم بحب قائلة لهم: ربنا يسعدكم انتم الأتنين… ويحفظكم لبعض، فلمعت عينا نوال بالدموع فقالت لها مبتسمة: نوال يا حبيبتي مش عايزة دموع تاني فاهمة فقالت لها بتأثر: ماشي يا خالتو… فاحتضنتها الأولى وربتت على ظهرها قائلة بطيبة: مع السلامة يا بنتي خلي بالك من نفسك كويس،  والمرة الجاية متجيش هربانة تبقي تعالي زوريني وانتي معاه.
أومات برأسها بالموافقة وانصرفوا وأغلقوا الباب وراءهم فقالت لنفسها: ربنا يهديك ليها يا ياسين يابني.
صعد جلال إلى منزله مفكراً بكلمات شقيقه… شاعراً بالغضب يسري في عروقه قائلاً : منيش خابر اتصرف ازاي دلوك والكل بجى عنديه خبر بحملها الكاذب.
رن هاتفه فكان شريف، دخل إلى مكتبه ليحدثه قائلاً له: فيه حاجه لازم تكون عارفها…. قلق جلال قائلاً له: خير جول بسرعة.
تنهد قائلاً له: حوده راح عمل بلاغ تاني باختفاء مهجة مراتك….. ومعاه صورة ليها تاني عمل بيها البلاغ وأول ما عرفت قلت لازم أخبرك.
كاد يكسر الهاتف بيده من شدة انفعاله الذي بداخله قائلاً له بغضب عارم: وهوه لساته محتفظ بصور لمرتي كيف…. فقال له بتردد: يمكن كان معاه كذا نسخه من الصوره اللي خدناها منه قبل كده.
زفر بنرفزة قائلاً بانفعال: اتصرف وياه يا شريف واسحب أي صور معاه ليها واحرجها وبسرعة يا إما هطربجها على نافوخه…. وياويله مني.
لم يسمح لشريف التحدث مرة أخرى وأغلق هاتفه بسرعة مغادراً المكتب إلى زوجته.
فتح لها باب سيارته بهدوء، فاستقلت بجواره وهي صامته غير قادرة على التحدث معه، ركب هو الآخر وقاد سيارته، وطوال الطريق لم يتحدث معها… هو الآخر.
وصل ياسين إلى المنزل، فتحت والدته الباب فاتسعت عينيها بذهول غير مصدقة ما رأته عيناها.
فقالت بتأثر: نوال بنتي…. رجعتلي مش مصدقه عينيه، لمعت عيني نوال بالدموع وألقت بنفسها بين ذراعي والدته.
فاحتضنتها بشوق وحب قائلة لها: كنتي فين يا بنتي طول الفترة دي، ليه سيبتينا كده معقول هنت عليكي.
بكت كثيراً على صدرها ولم تستطع التحدث…. شعر ياسين بأنه لابد من انهاء هذا الموقف فجذبها من ذراعها قائلاً بحزم: ادخلي اوضتك يالا وغيري لبسك فيها… لغاية ما أجبلك الأكل.
نفذت نوال بدون مناقشة كأنها آله لا تستطيع التحدث.
عقدت والدته حاجبيها بضيق قائلة: انت بردو لسه… هتمارس قوتك وعنفك عليها مش كفاية كده.
تنهد قائلاً باختصار: ماما أرجوكي بلاش كلام في الموضوع ده أنا ما صدقت لقيتها.
ضمت شفتيها بضيق قائلة له بنفاذ صبر: ماشي يا ياسين لما أشوف أخرتها معاك… لما أروح أعملها تتعشى.
أخذ ياسين الطعام ودلف إلى نوال التي كانت استبدلت ثيابها بثياب أخري بيتي.
وضع الصينية على المنضدة قائلاً لها بصرامة: تعالي يالا علشان تاكلي.
هزت رأسها رافضة قائلة: مش هاكل مليش نفس، اقترب منها قائلاً بضيق: نوال مش عايز معانده من الأول.
تأففت قائلة له بعناد: ياسين بيه ممكن تسيبني لوحدي…. عايزة أفضل هنا لوحدي… منيش عيلة صغيرة هتوكلها غصب عنها.
أمسك ياسين أعصابه بالقوة قائلاً لها بهدوء ظاهري: نوال انتي لازم تاكلي… ابتعدت عنه وأولته ظهرها قائلة: سيب الأكل وأنا لما هجوع هاكل ويالا سيبني لوحدي.
زفر بغيظ ثم تركها وغادر الغرفة وهي مستغربة أنه تركها بسهولة هكذا….. دون أن يتشاجر معها.
تهاوت على الفراش خلفها…. ممسكة بحافة الفراش بقبضتيها بقوة…. تشعر بالغضب من تصرفاته معها.
ما أن رأته مهجة مقبلاً نحوها بملامحه الحاده…. حتى انتفضت في مكانها وابتعدت في فراشها بتوجس قائلة لنفسها : ياترى ماله كده…. اتحول وبقى شكله عامل زي دراكولا ليه.
شعرت بضيق تنفس من نظراته القاسية والمشتعلة لها، ولم تجرؤ على التحدث فقال لها بصوت هادر: مين اللي جاب صورتك لحوده.
اتسعت عينيها بصدمة قوية لا تعرف بأي شيء تجيبه فهذه مفاجأة لها بأنه مازل محتفظاً بها إلى الآن فالمرة الأولى أبلغها زوجها عنها ولا تعلم كيف وصلت إليه، فاستنتجت الآن أنه قد نسخ العديد منها ليحتفظ بها، قائلة لنفسها : بقى كده تعمل فيه أنا كده يا حوده فين أيام المقشة اللي كنت بربيك بيها.
  فلما طال صمتها نهرها قائلاً بقسوة: ما تنطجي يا حرمه مش راضية تردي لـيـــه.
ارتجف صوتها قائلة له باضطراب: ما خبراش يا سعات البيه، آني مليش صالح بيه واصل… وآني جايلالك اكده من فترة كبيرة.
مسح جلال بيده على شعره الأسود الغزير بغضب عارم ثم اقترب منها بخطوات مهددة، قائلاً لها بانفعال: إنتي واحدة كدابة…. فقاطعته قائلة بسرعة : لاه يا سعات البيه اني جلتلك على الحجيجة كلاتها.
اقترب منها بسرعة بوجه غاضب فحاولت التماسك أمامه قائلاً لها بحدة: اللي تكدب وتجول انها حامل تجدر تكدب في أيتها حاجه بعد اكده…. هزت رأسها رافضة لاتهاماته قائلة بجزع: والله جلتلك الحجيجة كلاتها ومن جبل سابج جولتلك ان عمري ما كان بينا شىء واصل.
حدق بها يريد تصديقها ، فجذبها من معصمها ناحيته متفحصاً إياها بقوله بصرامة: إنتي خابرة ما أعرف إن حديتك كدب يا مصيبة انتي، لأموتك بيدي فاهمة.
هزت رأسها بسرعة قائلة له بلهفة: ماشي موافجة بس لازم تكون مصدجني… قاطعها قائلاً بحده: والمصيبة اللي عملتيها أجول عليها إيه… وهنطلع منها كيف انطجي.
اضطربت مهجة قائلة له بتونر: منيش خابرة يا سعات البيه، قطب حاجبيه قائلاً بغضب: انتي السبب يبجى لازم تشوفي حل.
حاولت التفكير لكن لم تكن تستطيع التفكير بحل مناسب وهو يتفحصها بهذا الشكل فجذبت نفسها من يده لتتهرب منه قائلة بهدوء ظاهري: تصبح على خير يا بيه… آني نعسانه جوي وعايزة أنام.
ذم شفتيه بغضب وقال لها بحدة وغيظ: بجى إكده نامي والصباح رباح يا مجنونة انتي.
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له بتردد مضحك: تصبح على خير يا بيه…. نام انت كمان خلي جسمك يرتاح من العصبية دي اللي انت فيها، ثم جذبت الغطاء على جسدها وتمددت في الفراش.
تأفف منها ومن ما تفعله بسخط قائلاً لنفسه: ماشي يا مهجة شكل وجعتك سودة معايا.
لم ينم جلال مثلها بل ظل ساهراً لا يعرف كيف سيتخلص من ورطته التي وضعته مهجة بها.
كان يتقلب من حين لآخر في الفراش وفكره مشغول، أما هي فكانت نائمة بعمق…. حتى انها دون أن تعي ما تفعله، التصقت به بشدة.. كأنها مختبئة من أحد.
تنهد وهو يتفحصها متسائلاً عن مصيره معها، الآن وفيما بعد، وجدها تضع ذراعها على صدره تحتضن إياه كأنها تحتاج إلى حنانه عليها، لم يكن شاعراً بالضيق من تصرفاتها هذه بل كان مستغرباً أنها كمن لا تشعر بالخوف أبداً طالما يكون بجوارها.
العجيب أنه لم يبعدها عنه انما تركها تفعل ما يحلو لها وهي نائمة، ووجد نفسه ينقلب على جانبه الأيمن محتضناً إياها بتلقائية لا يعرف لماذا فعل ذلك وضمها إليه بقوة لا يريد إبعادها عنه.
في صباح اليوم التالي قبيل الظهر ذهبت مريم إلى المشفى لتتابع علاجها… دخلت إلى غرفة الفحص فلم تجد الطبيب الذي تتابع معه بدلاً عن يحيى.
بل وجدت يحيى بذات نفسه هو من كان بانتظارها، اتسعت عينيها بصدمة قوية ثم تراجعت في خطواتها إلى الوراء…. تود الهرب منه… بقلبها الذي يرتجف بقوة.
لكن يحيى ناداها قائلاً بحدة: ممــريم تعالي إهنه، لم ترد عليه انما فقط أنفاسها مضطربة تريد الفرار من أمامه.
ابتلعت ريقها بصعوبة عندما اقترب منها متفحصاً إياها كأنه سيلتهمها من الغضب بنظراته الشرسة قائلاً لها بحدة: رايحة فين دلوك… ارتجفت اطرافها قائلة له بصوت خافت: رايحة للدكتور جايه اكمل علاجي وياه.
عقد ذراعيه أمام صدره قائلاً لها بسخرية: أمال آني إيه بالظبط… ولا يكنش آني مبجتش عجبك.
شعرت بغصه في حلقها قائلة له بهمس: مش انت اللي بتابع وياه حالتي عن اذنك.
وقبل أن تخطو خطوة واحدة نبهها قائلاً بتحذير: استني عنديكي اهنه… انتي هتابعي معاي آني بعد اكده.
هزت رأسها باعتراض قائلة له بعناد: لاه مش هتابع وياك آني هتابع مع الدكتور صاحبك وانت بذات نفسيك جلتلي عليه.
اقترب منها بسرعة محدقاً بوجهها التي مازالت اصابته واضحة بجلاء… قائلاً بنرفزة: حديتي يتسمع يا مريم واجعدي اهنه لغاية ما نبدأ علاج.
تحولت نظراتها الخائفة القلقة إلى غاضبة وقالت له بضيق: لاه مهسمعش حديتك ومنيش عايزة أشوف وشك تاني.
وتمسكت بحقيبتها وقبل ان تفتح الباب هاربة منه كان قد وضع يده على كتفها بقسوة فتأوهت من الألم، قائلاً لها بغضب: إياك تتحدي بالطريجة دي تاني معاي وابجى شوفي هيحصلك إيه.
اضطربت من نظراته لها أن تستسلم للأمر الواقع، وتستكمل علاجها معه وبعد قليل كان قد انتهى من فحصها وعلاجها.
وقبل أن تستعد للانصراف بادرها بقوله: عرفت إن عريس الغفلة طلع نصاب وحرامي.. تمالكت مريم أعصابها رغماً عنها قائلة بحدة: ميهمنيش…ملياش صالح بيه عن إذنك.
شعر بالغيظ من برودها هذا فمنعها من الأنصراف وهو يقف أمامها يحول بينها وبين أن تخطو باتجاه الباب قائلاً بتهكم: ازاي إكده ده انتي كان من المفروض ان خطوبتك منيه بكرة مش إكده بردك.
تنهدت بغيظ قائلة له بحنق: خلاص آني نسيت الموضوع ومنيش عايزة افتكره واصل… وبجى شيء ميخصنيش.
ابتسم ساخراً ثم هتف بها قائلاً لها: بس آني سمعت إن خطوبتك بكرة بردك على واحد تاني… اتسعت عينيها بصدمةً كبيرة قائلة بعدم استيعاب: خطوبتي آني… مش معجول آني خلاص مبجتش مخطوبة واصل.
هز رأسه متهكماً وقال لها بجمود: لاه خطوبتك بكرة بردك يا مريم وأبوكي الحاج هوه اللي مبلغني بذات نفسيه.
هزت رأسها باعتراض غير مصدقة قائلة له: مستحيل أتجوز بالطريجة دي تاني، ومن غير ما ابجى خابرة حتى مين هوه
تأملها برهة واقترب أكثر منها حتى كاد يلتصق بها فاضطربت أنفاسها فجاءت لتبتعد خطوة إلى الوراء فوضع ذراعه خلف ظهرها حتى لا تبتعد عنه قائلاً لها بتهكم: وهتفرج إيه وياكي إذا كنتي خابراه أو لاه…
قطبت حاجبيها بحدة قائلة له بغضب: لاه هتفرج وبعد عني خليني أمشي من اهنه وهملني لحالي…
تنهد بنفاذ صبر قائلاً بخبث غاضب: ههملك لحالك يا مريم بس نصيحة مني… متتحدتيش جدام حسين انك مش موافجة بدل ما تزيد الإصابات اللي في وشك، تانية وتالتة.
تجمد جسدها مع تجمد نظراتها على وجهه قائلة بهمس غاضب: خليني امشي دلوك من اهنه…بدل ما هصرخ وأجول انك خاطفني.
ظنت أنه سيصرخ بها غاضباً، لكنه لم يفعل إنما فقط قال لها بهدوء استفذها: اصرخي وجولي براحتك يا مريم…. بس بذمتك مش هتبجى أحلى خاطفة.
ارتجف قلبها بسرعة وهو يرمقها بنظرات خبيثة ومستهزئة في آن واحد، مما جعلها تنزع نفسها من بين ذراعه وهي تدفعه بكل قوتها من صدره.
ضحك يحيي بكبرياء، جعلها تسارع بالإنصراف من أمامه ساخطة…. فتنهد يحيى قائلاً بصوتٍ ساخر: انتي لساتك شفتي حاجه…. مني يا مريم… يا ويلك مني يا بنت عبدالرحيم.
في نفس اليوم ذهب جلال مع شقيقه يحيى إلى منزل عبدالرحيم ليطلب يد مريم.
استقبلهم شقيقها ووالده بترحاب كبير، فلم يكن عبدالرحيم مصدق ما يتم معه فهذا النسب الجديد سيرفع من شأنه وسط البلد بأكملها، وأثناء جلوس الجميع.
قال يحيى : وزي ما جلتلكم جبل سابج مش عايزها تعرف حاجه واصل، ابتسم عبدالرحيم قائلاً له: متجلجش يا دكتور يحيى آني حتى مجلتش لأمها.
هز جلال رأسه وهو يتأمل شقيقه باستفهام فقال له يحيى بغموض: أصل آني في حاجه اكده في دماغي وعايز أنفذها.
فقال له جلال: على العموم ألف مبروك يا اخوي، وعجبال ما نشوف ولادك كمان.
ابتسم عبدالرحيم بفخر… فقال له يحيى: ربنا ما يحرمني منيك يا اخوي، ربت جلال على يد شقيقه بحب، ثم تنهد جلال قائلاً لهم : بكرة بإذن الله زي دلوك هنكون كلاتنا اهنه عن إذنكم بجى علشان نشوف ورانا إيه بكرة.
فقال له حسين بغبطة: مع السلامة شرفتونا والله يا جناب العمدة في الشوية الجليلين دول، أومأ برأسه وانصرف معه يحيى مغادرين المنزل.
في صباح اليوم التالي استيقظت مريم على صوت والدتها توقظها قائلة : جومي يابتي الوجت راح فقالت لها بنعاس: يا اماي سيبيني دلوك منمنتش طول الليل.
فقالت لها بإصرار: لازم تجومي بردك مش معجوله يعني تبجى يوم خطوبتك النهاردة ومتجوميش.
ابتلعت ريقها بصعوبة وانتبهت لما تقوله والدتها قائلة لها بعدم تصديق: بردك خطوبتي من واحد مخبراش عنيه حاجه، حتى شكله عامل كيف معرفوش.
   تنهدت والدتها قائلة بيأس: هنعمل إيه يابتي… دي تحكمات أخوكي وأبوكي.
تنهدت بضيق قائلة لها: بحس انهم بيبعوني كيف البضاعة البايرة اللي عايزين يتخلصوا منيها.
زفرت والدتها بحرارة قائلة لها: متجوليش اكده يا بتي يالا جومي الله يهديكي… جبل ما أخوكي يجي يطربجها على راسنا دلوك.
هبت واقفة بغيظ غاضب قائلة بيأس: حاضر يا اماي لما اشوف آخرتها.
في حوالي الساعة الثالثة عصراً أتت خبيرة للتجميل لمريم لتزيينها وقد فوجئت بها ومعها فستان أجمل من الذي قامت بشراؤه بصحبة أخيها.
استغربت وهي تتفحص وتتأمل الثوب الجديد قائلة لوالدتها: مين اللي جابه يا اماي… ابتسمت لها قائلة : ده العريس بعته النهاردة مع الكوافيرة.
فقالت لها الفتاة: يالا البسيه بسرعة…. فقد منظر الثوب جماله عندما تذكرت انها ستتم خطبتها اليوم لشخص لا تعرفه.
ارتدته دون حماس ووقفت أمام الفتاة ووالدتها فأطلقت والدتها وابلاً من الزغاريد قائلة : ألف مبروك يابتي… ألف مبروك ربنا يسعدك.
فابتسمت الفتاة قائلة لها باعجاب: جميل عليكي جوي ومظبوط كمان… كانت تحدق بهم بحزن فهي تتمنى الهرب من هذه الزيجة من البداية وتشعر بالقهر بداخلها كثيراً.
كانت مهجة في غرفتها عندما فوجئت بزوجها يدخل عليها ومعه عبوة كبيرة من الكارتون الأنيق… استغربت وهي تتنقل بنظراتها بين العبوة وبينه.
قدمها إليها بهدوء قائلاً لها بجدية: ده فستان هتلبسيه النهاردة في خطوبة يحيى أخوي.
ابتلعت ريقها بصعوبة غير مصدقة أنه اهتم لأمرها قائلة له بدهشة: فستان جديد ليه آني… ما آني عندي في الدولاب كتير ولساته جديد.
ناولها الحقيبة قائلاً لها بجمود: انتي مرت العمدة ولازم تلبسي أحسن حاجه، وتبجي أشيك واحدة كمان.
تأملته بيأس قائلة له بحزن: يعني هوه ده بس السبب يا عمدة، التفت إليها بكبرياء قائلاً بغرور: وانتي عايزة إيه تاني أحسن من اكده.
اومأت برأسها بضيق ووضعت العبوة على الفراش قائلة لنفسها: ياريتك ما جبته ولا تعبت نفسيك.
فتحت العبوة فانبهرت بمنظر الثوب الخاص بالسهرات بلونه البنفسجي الغامق ومعه حجابه بنفس اللون من قماش الساتان ومجوهرات غالية الثمن في داخل العبوة.
أمسكت بطقم المجوهرات داخل عبوته الصغيرة أولاً وتأملتهم بإعجاب ونظرت إليه قائلة : ودول علشاني آني بردك… فهز رأسه بهدوء بالموافقة فقالت له بعدم تصديق: بس دول تلاجيهم غاليين جوي يا سعات البيه.
تنهد قائلاً باختصار: انتي خابرة آني متهمنيش الفلوس واصل وجلتلك علشان شكلي جدام الناس.
تجاهلت هذه الجملة متعمدة قائلة له: طب آني عايزة اسأل سؤال، تأفف قائلاً بنفاذ صبر: جولي وخلصيني احنا لازم نلبس دلوك، ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة بنبرة متحشرجة قائلة : هيه المجوهرات دي هتاخدها مني بعد اكده ولا هتفضل ليه آني.
تأملها بضيق قائلاً لها : لاه يا ست هانم هتبجى ليكي طوالي اياك تكوني ارتحتي عاد.
تهلل وجهها بسعادة وهرولت ناحيته واحتضنته بتلقائية قائلة له بعفوية: متشكرة جوي يا سعات الباشا.
تمالك جلال أعصابه جيداً رغم صدمته وحركتها التي فاجأته بها، ابتعدت عنه بخجل عندما وعت لنفسها قائلة له بتردد: آني آسفه الفرحة نستني آني بعمل إيه.
تأملها بغموضه المعتاد وتركها وغادر الغرفة، دون أدنى مقدمات من جانبه، حدقت بالباب المغلق بيأس.
ثم عادت إلى ثوبها الجديد… أمسكته بأعجاب قائلة لنفسها: اه على الجمال والحلاوة يا سلام يا مهجة لو كان جايبه علشان خاطرك لكن لا ده جايبه علشان شكله جدام الناس.
ارتدته مهجة بسرعة قبيل دخوله عليها مرةً أخرى ووضعت على شعرها حجابها الخاص بالثوب، أعجبت بنفسها كثيراً قائلة لنفسها: الله على شكلك يا مهجة يا كيداهم.
وضعت أمامها المجوهرات الخاصة بالفستان أمامها تتمنى أن يلبسها إياها متذكرة كيف جعلته يلبسها خاتم زواجها.
لكنها لن تستطيع أن تفعل ذلك الآن… فأمسكت بيدها العقد أولاً لترتديه مترددة أمام المرآة.
وكادت ترفعه بيدها… لكن ظهور جلال جعلت يدها تتوقف في الفراغ… وهو يحدق بها بنظراتٍ غريبة لم تعهدها به من قبل.
تأملها جلال بوجه مبهم جعلها ترتبك من تحديقه إليها، تحرك بخطواته الرزينة خلفها قائلاً بهدوء: خلصتي إكده… توترت أعصابها قائلة له بتردد: أيوة خلصت بس فاضل المجوهرات دي لساتني هلبسهم.
اقترب أكثر منها فأغمضت عينيها بقلق فها هو يلتصق بها وتشعر بأنفاسه بجانب وجهها… ففتحت عينيها متوترة فوجدته ينحني نحو المنضدة… ممسكاً بالعُقد.
فقالت لنفسها بعفوية: شكله رجع في كلامه واستخسر فيه المجوهرات… لم تدري انها نطقت بجملتها بصوت سمعه جلال… جاءت لتعتذر عندما انتبهت لخطأوها.
لكن جلال لم يمهلها الوقت فقد أمسك بالعقد وانحنى نحو رأسها من الخلف ليلبسها إياه مما جعل أنفاسها تضطرب، شاعرةً بلمسات يده الرقيقة وهو يضبطه لها.
فقالت لنفسها: يا مُرك يا مهجة… هوه ماله كده اتغير ليه فجأه ، يعني كان لازم تتمني كده…ده انا حاسه انه هيغمى عليه بسببه، هيه صحيح لزقه حلوه بس أنا مش قادرة استحمل وممكن ألاقي نفسي في حضنه دلوقتي… وتبقى وجعه مربربة.
أمسك بعدها خاتم وأسورة وألبسهما إياها فحاولت أن تبدو على طبيعتها ثابته دون أدني انفعال، لكن نظراته إليها جعلتها تتأمله بولهه وارتجفت يدها بين قبضته وهو يتمسك بها حتى بعد أن ألبسها إياهم.
توترت أعصابها من قربه منها متفحصاً لها…. قائلاً بهدوء: خلاص انتي بجيتي جاهزة إكده.
لم تستطع النطق من كثرة ارتعاهدها، قائلة لنفسها: أنا خلاص فاضلي تكه يا اما هيغمى عليه دلوقتي يا اما هرمي نفسي في حضنه واقوله بحبك.
ابتلعت ريقها بصعوبة عندما حدق بها قائلاً بسخرية: إيه مالك مابتتحدتيش ليه راح فين لسانك الطويل.
ارتبكت قائلة له باضطراب: أبداً يا بيه… مفيش آني إكده جاهزة، تنهد جلال قائلاً لها ببرود: جدامي يالا الكل منتظرنا تحت.
نزلوا بالأسفل فوجدت أن الجميع بانتظارهم…. حتى يحيى، ابتسمت كلاً من والدته وشقيقته عندما رأوهم قائلة والدته بإعجاب: ربنا يحرسكم من العين يا ولدي.
قبّل جلال يدها قائلاً: ويباركلنا في عمرك يا اماي…. تدخل اسماعيل قائلاً له: وآني مليش نصيب منيك ولا إيه يا عمدة.
ابتسم له جلال قائلاً: كيف يا ابوي تجول اكده… ده انت الخير والبركة بردك…. اقترب منه واحتضنه فقال له اسماعيل: ربنا يحفظك لينا يا ولدي.
وقفت مهجة تتأملهم بأعجاب متسائلة، هل هذا هو زوجها فعلاً الذي حبسها بداخل قفصاً من حديد، لا يبدو عليه انه يفتعل هذا الحنان الجارف من جانبه، بل على العكس فيبدو أنه بالرغم من أنه كبيرهم الا إنه ولد بار بهم.
احتضن جلال شقيقه مباركاً له هو الآخر، ووقفت نور بجانب مهجة قائلة لها: انتي جميلة جوي النهاردة يا مهجة والفستان ده… ده اكيد ذوج العمدة.
احمر وجه مهجة من الخجل وأومأت برأسها في توتر وودت الهرب من عيون الجميع وهم يحدقون اليها ما عدا يحيى بالطبع الذي ما أن رآها غض بصره عنها.
وصل الجميع إلى منزل عبدالرحيم …. فوجدوا العديد من المدعوين وتمت المباركات بينهم دخل الرجال عند الضيوف المدعوين من عائلة والد العروس واستقبلوهم بأحسن استقبال وخصوصاً العمدة الذي تهلل وجه الجميع لرؤيته.
دخلت النساء الثلاث عند النساء اللواتي رحبهن بهن بحرارة شديدة، وكانت والدة مريم من استقبلتهم… وقد تفاجأت بوجودهم فزوجها لم يخبرها بشيء وبالرغم من ذلك، ظنت انهم من المدعوين فقط.
وانطلقت الزغاريد بين الجميع، وعيني بعض النساء على مهجة بأناقاتها الملحوظة في هذا الثوب باهظ الثمن.
كانت مريم قد تجهزت ومعها خبيرة التجميل قائلة لها: اوعي المح دموعك تاني هتبوظي كل حاجه أنا عملتها دلوك.
أومأت برأسها بالموافقة…. دخلت عليها والدتها لتستعجلها فوجدت أنها قد انتهت من تجهيز نفسها.
فأطلقت زغرودة طويلة فرحة من أجل ابنتها الوحيدة قائلة : ربنا يحفظك يا بنيتي من العين ويسعدك.
كانت مريم تشعر بالأختناق من الضيق واليأس بداخل قلبها وتذكرت وجهاً واحداً وهو يحيى فأمسكت نفسها عن البكاء فها هي ستصبح لشخص آخر غيره…. فقد تركها وتخلى عنها بسهولة، بالرغم من انها مظلومة وهو يعلم بذلك جيداً.
جلست مريم بين هؤلاء النساء واشتغلت بعض من الأغاني ورقصت بعض البنات الصغيرات وسطهم.
كانت مهجة تتأملها بتساؤل عن سر هذا الحزن المخفي في داخل عينيها.
كانت مريم تشعر بأنها تجلس مبتعدة عن الجميع بالرغم من إنها في وسط الضيوف المدعوين.
فكان عقلها شارداً…. حينما دخل عليهم آخر شخص كانت لا تتوقع رؤيته الآن…عندما دخل عليهم وعينيه تتفحصانها كأنه يراها لأول مرة… انتبهت إلى دخول أحدهم عندما انطلقت الزغاريد من بعض النسوة و والدتها التي تفاجأت بكونه عريس ابنتها.
رفعت مريم بصرها إليه ببطء…. فاتسعت عينيها بصدمة قوية غير مصدقه أنه واقفاً أمامها أم أنها تحلم من كثرة تفكيرها به … قائلة بذهول: يحيى….
بعد انتهاء الخطبة وقف جلال بانتظار زوجته بجانب سيارته، وجدها تقترب منه وهي تتهادى بخطواتها البطيئة نحوه.
اعتدل جلال في وقفته متأملاً لها، فتح لها باب السيارة من الأمام لتركب بجواره، استقلت مهجة بجواره متسائلة بقولها له بتردد: امال فين مجدي مش كان إهنه.
تنهد قائلاً بهدوء: مجدي آني مشيته…. ليه بتسألي عنيه، خايفة مني إياك.
اضطربت عندما قال لها ذلك… فهي بالحقيقة تخشى من نفسها وليس منه… فهو بنظراته تلك يجعلها تريد أن تحتمي بين ذراعيه لا تريد تركه ابداً.
فقالت له بقلق: لا أبداً وآني هخاف منيك ليه عاد ده إنت جوزي، فابتسم ساخراً من كلماتها… وقاد عربته بسرعة متوسطة.
استغربت مهجة من الطريق التي تسير به العربة فارتجف قلبها بتوتر قائلة له بخوف: احنا رايحين فين اكده يا عمدة…. ده مش طريج البيت.
حدق بها بنظراتٍ ماكرة قائلاً بغموض: هتعرفي لما نوصل…. اهناك…!!!
كانت نوال بغرفتها شاردة بياسين الذي لم ترى وجهه، منذ أن أتى بها إلى هنا… إلا أنه تشعر بأنه يتجاهلها تماماً كأنه يتعمد ذلك.
وجدت من يطرق عليها الباب في ساعةً متأخرة من الليل فنظرت بساعة هاتفها فوجدتها منتصف الليل وبعض الدقائق.
فارتعش قلبها بين صدرها من الخوف والقلق قائلة : مين بيخبط… فقال لها بجمود: افتحي انا ياسين.
فتحت الباب تخشى مقابلته لها…. رغم حنينها إليه…. وقف ياسين يتأملها قائلاً لها بهدوء: نوال أنا عايز اتكلم معاكي قبل ما أسافر.
ابتلعت ريقها بصعوبة ولوعه فها هو سيتركها هذه المرة من جديد… ولم تجيبه بشىء ولا تعرف بأي شىء تقوله له.
اردف قائلاً لها : مش هتكلم معاكي دلوقتي بس جيت علشان أقولك اني مضطر اسافر المرادي… واتمنى انك متهربيش وتسيبي البيت ولو كان فيه وقت كنت مسبتكيش إلا واحنا متجوزين.
اتسعت عينيها بصدمة واتعش قلبها وهي تتخيل يوم زفافها إليه فاحمر وجهها من الخجل، فقال لها بجمود: ايه مالك مش عجبك كلامي ولا إيه ولا مفكرة اني هسيبك تهربي مني تاني، ولا تكوني كمان… مفكرة اني هعدهالك بسهولة كده، تبقي بتحلمي، انتي خلاص بقيتي مراتي مفيش مفر وطلاق مش هطلق فاهمة، واذاكنتي مفكرة انك هترتاحي مني هتبقي بتحلمي.
لم يعطيها ياسين أي فرصة للتحدث إنما غادر الغرفة وهو يستكمل بخشونة: أنا هستناكي بكرة في شقتنا فوق، استغربت من هذه التحكمات فركضت خلفه قائلة بقلق: وعايزني ليه… ما تتكلم هنا. 
وقف مكانه محدقاً بها قائلاً لها بسخرية: مش هينفع لازم تيجي تعتذريلي بنفسك على هروبك فاهمة يا حلوة.
جاء موعد تسليم البضاعة الذي ينتظره مصطفى بشوق معتقداً بأنها ستعوضه عن خسارته الكبيرة تلك.
كان جميع شركائه أيضاً متجمعون ينتظرون بفارغ الصبر في مكان صحراوي بعيداً عن الأنظار…. وصول الشحنة الكبيرة والذين سيربحون ويجنون المال الكثير من وراءها.
كان جلال يقف بالقرب من مصطفى ورضوان جاهزاً متظاهراً بأن كل شيء على ما يرام.
أتت ثلاث سيارات كبيرة محملة ببضاعة السلاح هذه المرة فهي من يحلمون بها ليلاً ونهار.
ابتسم مصطفى عندما رأى السيارات مقبلة نحوهم بسلام فسارع رضوان بالقرب من السيارات التي قد وقفت بالقرب منهم قائلاً لرجاله : بسرعة كل البضاعة دي تتفتش ونشوفها قبل ما تدخل المخازن ونطمن انها مش بضاعة مضروبة.
وقف مصطفى وشركاءه متحمسين، وسعدوا أكثر عندما وجدوا بأن كل شيء على مايرام.
لكن سعادتهم تلك لم تدم طويلاً إذ فوجىء الجميع بمحاوطة الشرطة لهم من جميع النواحي وقوات خاصة أيضاً تصطف على جميع الأنحاء مستعدون جيداً.
اتسعت عيني مصطفى ورضوان وشركاؤه بصدمةٍ كبيرة عندما فوجئوا بوجود… هذا العدد الهائل من رجال الأمن.
واتعست عيونهم أكثر عندما فوجئوا بجلال يشهر سلاحه نحوهم قائلاً بسخرية: والله ووجعت في يدي يا مصطفى بيه….!!!!
يتبع..
لقراءة الفصل الحادي والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!