Uncategorized

رواية هاربة من الماضي الجزء الرابع 4 بقلم يمنى عبد المنعم

 رواية هاربة من الماضي الجزء الرابع 4 بقلم يمنى عبد المنعم

رواية هاربة من الماضي الجزء الرابع 4 بقلم يمنى عبد المنعم

رواية هاربة من الماضي الجزء الرابع 4 بقلم يمنى عبد المنعم

عادت للوراء في فراشها وهي تضم قبضتيها أمام وجهها تحاول الجلوس قائلة بفزع متقطع:- او…عى ت تقربلي ولا ولا ت تلمسني… انت… انت وَحش… وَحش… زيه بالظبط. 
احتقن وجه منير بحدة مذهولاً ومبهوتاً مما يسمعه منها الآن… واتهامها له بهذه التهمة البشعة.
تقدم خطوة واحدة صوبها جعلتها تصرخ بقوة مرةً أخرى لكنها مصحوبة ببعض الوجع التي تشعر به… توقف عندها في مكانه رغماً عنه.
حائراً لا يدري ما السبيل للتحدث إليها بهدوء ليستفهم منها ماذا حدث معها في الماضي كي تصبح هكذا.
أشار لها منير بيديه بأن تهدأ…. لكنها صرخت به بصوت عالٍ هاتفة:- اوعى تلمسني يالا إخرج بره…. برررره.
مط شفتيه بنفاذ صبر احتفظ به بداخله كي لا يتعصب عليها وهي بهذه الحالة.
عاد أدراجه إلى الخلف مسرعاً إلى الطبيب يستعجله بالقيام بمهمامه نحوها…. أما هي كانت منهارة تتذكر وجهه والخوف يزداد بداخلها هامسة لنفسها بذعر:- محدش يقربلي ولا يلمسني….. أنا مش مجنونة….. مش مجنونة.
دخل في هذه اللحظة الطبيب إلى الغرفة تلحق به الممرضة… وقف منير عند حافة الباب.
يرمقها بنظراته المبهمة… متفائلاً مع بصرها الزائغ…. منصتاً لما تتفوه به.
قائلة للطبيب بتردد:- أنا مش مجنونة محدش يقربلي… كفاية حقن تعبت… تعبت.
تحدث الطبيب بترقب قائلاً بحذر:- طب اهدي الأول ومحدش هيديكي حقن احنا عاملين عليكِ.
كانت نظرات الرعب تشع من عيونها وهي تبادله نظراته المتسائلة قائلة بذعر:- طب… طب.. طلعوه الأول من الأوضه.
فهم منير نظرات الطبيب ما يقصده منها فرمقه بحذر هو الآخر…. فابتعد عن باب الحجرة وغادرها مسرعاً.
ظل جالساً شارداً مع نفسه وبجواره جابر… يحترم هذا الصمت الذي يلفه.
زفر قائلاً بلهجة صارمة:- أنت لازم يا جابر تحاول تجبلي كل المعلومات عن هنا ضروري.
أومأ برأسه قائلاً بهدوء ظاهري:- طب وهوصل ليها إزاي ومحدش عارفها.
تعصب منير قائلاً بحدة:- اتصرف يا جابر أن شاء الله تروح تبحث عن اسمها في الأماكن المختصة بشهادة الميلاد… والمواليد.
تنهد جابر باستسلام وهو ينهض من مكانه قائلاً:- حاضر عن إذنك هحاول ادور على أي حاجه تدلني عليها وإيه حكايتها.
خرج الطبيب من الغرفه تتبعه الممرضة…. أسرع منير نحوه قائلاً باهتمام:- إيه أخبار هنا دلوقتي… يا دكتور.
حدجه لثواني قائلاً بهدوء ظاهري:- تعالى معايا نتكلم في مكتبي أفضل.
جلس منير على المقعد منتظرا أن يبتدأ طارق بالكلام…. وضع الأخير يديه فوق مكتبه قائلاً بجدية:- انا طبعا حاولت أتكلم معاها على أد مقدر وأحاول معاها بس هيه من الواضح من كلامها أنها ما عدتش تثق في أي حد وده أكيد لنتيجة صدمة عنيفة اتعرضتلها.
قطب منير حاجبيه بحدة شديدة قائلاً بحيرة:- وإيه هيه الصدمة دي…؟
عاد بظهره إلى الوراء قائلاً بهدوء:- هيه للأسف متكلمتش كتير… زي ما أنا كنت عايز.
زفر منير بحرارة قائلاً بلهفة:- معنى كده إنها اتكلمت…. طال صمت الطبيب عند هذه الجملة الأخيرة.
شعر بالضيق من هذا الصمت قائلاً بحدة:- مبتتكلمش ليه.
ضم الطبيب شفتيه بتردد قائلاً بهدوء مفتعل:- مقدرش أتكلم كتير معاك في الموضوع ده بالذات… 
قاطعه منير بحنق قائلاً بنبرة قوية:- يعني إيه مينفعش تقولي… أسرع بقوله: إهدى مش كده لازم تسمعني الأول… دي أسرار شغل ولازم احتفظ بأسرار المرضى بتوعي…. لكن كل اللي أقدر أقوله انك انت بالذات بتخاف منك وياريت تبعد عنها فترة كده لغاية ما تسترجع ثقتها بأي حد.
نهض منير سريعاً باعتراض مع طرقه على مكتب الطبيب باعتراض قائلاً بغضب:- كل ده وتقولي أسرار شغل…. إزاي وانا معظم المشكلة متعلقه بيه لوحدي عن دون أي حد ثم إن الدار اللي هيه عايشه فيها أنا بشتغل فيها يعني مضطرين إحنا الاتنين نشوف بعض يومياً وجاي تقولي اسرار.
صُدم طارق من فعلته قائلاً بارتباك:- مستر منير ده شغلي ولازم تكون متفهم للوضع اللي هيه فيه.
احتقن وجهه بشدة قائلاً بانفعال:- لا مش هتفهم ولازم تقولي كل حرف قالته هنا وبسرعة…. يا إما هنقلها من هنا على مستشفى تانية.
توترت أعصابه بقوة وهب من مقعده قائلاً بنبرة مهزوزة:- لكن ده كده مش في مصلحتها.
اشتعلت عينيه بغضب شديد قائلاً له بعصبية:- انا عارف فين مصلحتها كويس أوي، طالما حضرتك مش راضي تتكلم بوضوح.
ابتلع طارق ريقه بصعوبة بالغة قائلاً بارتباك:- طب اتفضل اقعد الأول وبعدين نتكلم.
زفر منير بنفاذ صبر قائلاً بحدة:- مش هقعد ولا هتكلم إلا وانا واقف كده.
تنهد باضطراب قائلاً بلهجة مترددة:- هنا عندها مشاكل كتير أوي في حياتها…. وهما سبب اللي هيه فيه دلوقتي ومحتاجه اهتمام من كل اللي حواليها ضروري.
دقق منير النظر إليه باهتمام قاطباً جبينه بحدة قائلاً بصرامة:- شوف بقى أنا مش هتحرك من هنا غير لما تقولي على كل اللي قالته وبالتفصيل الممل كمان فاهم.
عاد منير إلى منزله المكون من ثلاثة طوابق وكانت شقيقته التي تكبره بالعمر بثلاث سنوات بانتظاره مع ولدها الصغير قائلة:- اتأخرت كده ليه يا منير قلقت عليك يا حبيبي.
زفر بضيق قائلاً بهدوء مفتعل:- أبداً يا غادة كان عندي شغل… هزت رأسها قائلة بيأس:- الدار بردو هوه مفيش غيرك هناك لازم تروح كل يوم.
تنهد وهو يحدجها بشرود قائلاً بجمود:- ما أنتِ عارفه إن كنت مسافر فترة كبيرة ومعرفش عنه حاجه… فاكنت لازم أهتم بيه زي الأول.
اومأت برأسها باستسلام قائلة بحنان:- ربنا يقويك يا حبيبي… طيب هتتعشى الأول قبل ما أطلع أنام… أنا ومروان.
رمق الصغير النائم بجوارها قائلاً:- لا متشغليش بالك أنتِ يا غادة واطلعي أنتِ والولد وناموا تصبحي على خير.
حملت طفلها البالغ من العمر أربع سنوات بين ذراعيها قائلة:- وانت من أهله.
صعد منير إلى حجرته بالطابق الثاني… ليستبدل ثيابه بعد هذا النهار الشاق.
فها هو يعود لعمله من جديد بعد سفرة فترة كبيرة ويجد مشاكل أمامه لابد من حلها وبطريقة سريعة وبحرص في نفس الوقت.
دخل إلى المرحاض ليستحم بعد هذا العمل الذي تكبده بالمشفى على مدار يومين.
بعد قليل خرج منه ليستكمل ثيابه… وأمسك بفرشاة شعره ليضبطه أمام المرآة…. حانت منه إلتفاتة بغتةً نحو صورة موضوعةً في إطار مُذهب بجوار فراشه.
ثبت بصره عليها طويلاً ثم انعقد حاجبيه بتساؤل صادم… وأمسكها بين يديه يتأملها بدقةً واهتمام.
قائلاً لنفسه بعدم تصديق:- مش معقول اللي بفكر فيه ده يكون صح…. دي تبقى مصيبة.
في اليوم التالي وجد منير شقيقته تحضر طعام الإفطار قائلة:- صباح الخير يا منير… يالا أنا جهزتلك الفطار علشان تاكل قبل ما تمشي على الشغل.
هز رأسه باعتراض قائلاً:- لا يا حبيبتي افطري أنتِ بالهنا والشفا وانا لازم أمشي دلوقتي ضروري.
جاءت لترد عليه تعالى رنين هاتفه… فاضطرت إلى الصمت رغماً عنها.
وجلست هي على المائدة تتساءل بحيرة قائلة:- يا ترى في إيه لكل ده… على الصبح كده.
وصل منير إلى المشفى ووجد طارق بغرفته يراجع بعض تقارير مرضاه.
طرق عليه الباب بسرعة ودخل… فوجئ به في الصباح هكذا.
قائلاً بتعجب:- يعني جاي بدري كده… فأجابه بجدية:- جيت علشان حاجه مهمه أوي.
ضيق الطبيب عيونه بتساؤل قائلاً:- إيه هيه الحاجه دي.
صمت برهةً لبعض الوقت ثم تحدث قائلاً بلهجة حازمة:- لازم أقابل هنا أول ما تقوم من النوم.
استغرب الطبيب قائلاً:- بس انا قايلك قبل كده إن ممنوع هنا تشوفك الفترة دي على الأقل.
فقال له بنفاذ صبر:- لأ لازم أشوفها ضروري وده في مصلحتها كويس أوي وقبل ما تكمل كلامك انا عُمري ما هضرها أبداً… بالعكس أنا هقف معاها…. وعلشان تطمن أكتر، تعالى وشوف وانا بتكلم معاها يمكن تصدقني ساعتها.
اضطر طارق إلى موافقته قائلاً باستسلام:- طيب اتفضل اقعد الأول لغاية ما أشوف الممرضة وأعرف منها إذا كانت صحيت ولا لأ.
بعد ساعة كان منير يفتح عليها باب الحجرة الخاصة بها بالمشفى ببطء حرصاً على سلامتها.
والتي ما أن لمحته يدخل من الباب، حتى هبت جالسة في الفراش بفزع… وضربات قلبها تخفق بقوة تكدا تخنقها.
وكادت أن تصرخ لولا أن بادرها منير قائلاً بهدوء ظاهري:- إهدي… إهدي يا هنا… انا مش ناوي أذيكي أبداً.
وضعت ذراعيها بسرعة أمام وجهها تتحامى بهما عن عيونه التي لا تفارقها منذ الأمس.
قائلة بنبرة مرتجفة:- لا لا…. اخرج بره وسيبني لوحدي..  وإياك تقرب مني…
لم يبتعد عنها مثلما تمنت بل زاد من اقترابه منها فصرخت هذه المرة… أسرع منير قائلاً برفق:- بقولك إهدي يا هنا الأول واسمعيني بس وبعد كده لو عايزاني هخرج برة هخرج… ولا لو عايزة متشوفيش وشي تاني انا مش هوريهولك، بس لازم تهدي الأول وتسمعيني كويس انا جاي هنا علشان أساعدك، متخافيش مني مش هلمسك ولا هقربلك.
حدقت به بعدم تصديق… وهي تزحف للوراء بفزع قائلة بهلع:- يعني فعلاً مش هتقربلي…  هز رأسه بالموافقة سريعاً… وبداخله يتجدد الأمل لديه.
قائلاً بلهفة:- لا مش هقربلك أبداً احنا بس هنتكلم مع بعض شوية صغيرين وبعدها إعملي اللي أنتِ عايزاه فيه مش هقولك لأ.
ساد الصمت بينهما كثيراً هذه المرة ونظراتها الزائغة ما بين منير والطبيب الذي يراقبهم بصمت هو الآخر.
اضطربت أعصابها ثم لانت بعض الشيء ملامح وجهها قائلة بتردد متوتر:- طب اتكلم بس من بعيد.
ابتسم لها ابتسامة صافية ليبث بداخلها الطمأنينة والثقة بنفسها به.
قائلاً بحذر:- حاضر هتكلم من بعيد زي ما انتِ عايزه… بس لازم الأول أوريلك حاجه وبعدين نتكلم سوا.
وفي لمح البصر كان منير يخرج من جيب كنزته صورة…. ويضعها أمام وجهها…. وقع بصرها عليها بغتةً قبل أن يقوم بتعديلها أمامها.
والتي ما أن رأتها حتى صرخت بأعلى صوتها… وجاء ليسألها عن الصورة… لم تمهله الوقت الكافي حتى ليتفوه بما يريد فهتفت به من وسط صرخاتها العالية.
قائلة بهلع:- أبعدها عني… أبعدها مش عايزه أشوفها…. مش عايزه.
حاول رغم ما كل ما يشعر بداخله من غضب وتوتر يستشري في عروقه إلى أنه قال لها بود ظاهري:- هبعدها بس قوليلي تعرفيه وليه بتقولي كده.
فهمست بصوتٍ مرتجف متقطع:- أي…. أيوة… أيوة… عارفاه
اتسعت عيونه بغضب حاد قائلاً بلهجة حاسمة:- تعرفيه منين قوليلي بسرعة…. اصفر وجهها متذكرة كل ما مرت به الفترة الماضية.
قائله بصوتٍ مهزوز:- يكون…. يكون ابن… ابن عمتي…. بس مقتلتوش…. مقتلتوش… انا مظلومة.
يتبع..
لقراءة الفصل الخامس : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
اقرأ أيضاً رواية مصيبة اقتحمت حياتي للكاتبة سارة سمير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!