Uncategorized

رواية الملتهب الفصل السادس 6 بقلم نتالي جواد

 رواية الملتهب الفصل السادس 6 بقلم نتالي جواد

رواية الملتهب الفصل السادس 6 بقلم نتالي جواد

رواية الملتهب الفصل السادس 6 بقلم نتالي جواد

ماكس داخل زنزانته لا علم له بشيء، ولا يدري بأي ذنب زُج به هنا، بعد ناجحه في مهمته العسكرية، يجلس في الزاوية ينظر للفراغ، لا يسلي فؤاده سوى علمه  بأن هناك من تنتظره خلف القضبان، سيصبر، وسيخرج من هنا، لا بد له ان يخرج.
« سأخرج من هنا حتما، وسأذهب اليها، لن اتركها بين ايديهم حتى لو كلفني الامر حياتي، وتجريدي من رتبتي، تحملي القليل بعد جوليا»
قاطع أفكاره وقوف احدهم امام قضبان الزنزانة، سأل مستغربا اذ لا يأتي اليه احد:-
«من هنا؟ ماذا تريد؟»
«انه انا سينكا قائد جيوش المملكة الجديد، اي بديلك عزيزي ماكس»
تأمل ملامح ماكس التي لم تتأثر بفقدان رتبته فقرر ان يزيد الجرعة لعله ينال منه، اضاف بنبرة خبيثة مستهترة
«اتعلم من زار مملكتنا قبل يومين؟ انه الامبراطور انديك، تخيل الامبراطور الاعظم يأتي عوضا عن جرنا اليه، هل لديك فكرة عما اتى به الينا؟»
رفع ماكس نظره نحو سينكا ينتظر الاجابة.
«يريد توحيد الامبراطورية كما سمعت، اي سيجعلنا تحت جناحه، لن نفعل شيء اذ قبل الملك»
تأمله مجدد واستعد لضربته الاخيرة
«وطلب يد محبوبتك جوليا ايضا، انت تعلم الامر كمن يطلب شيء هو في الاصل له»
قفز ماكس من مكانه غاضبا ما ان استوعب ما أُلقي على مسامعه
«ماذا تقول سينكا، انظر هذا امر لا مزاح فيه، منافستي انا وانت شيء وجوليا شيء اخر، لا تعبث معي ارجوك»
ظهرت السعادة على وجه سينكا ما ان نال من خصمه
«اعلم، لا مزاح فيه»
رما بكلماته ثم غادر مبتسم وماكس خلفه يضرب القضبان ويزمجر غاضبا.
«ان اذوها سأقتلهم! اقسم ان اقضي عليهم جميعا»
علم ماكس في تلك اللحظة معنى العجز، كذلك جوليا تذوقت العجز هي الاخرى.
كسر قلب الاثنان وكليهما عاجز عن فعل اي شيء، ماكس سجين ما بيده حيله، وجوليا لو تحركت قد تفقد ماكس داخل ذلك القفص ايضا وهذا امر لا يمكنها القبول به.
ارتان في الجناح المخصص له، مستلقي على سريره مغمض العينين يفكر في خطوته القادمة ولكنه ايضا لم يغفل امر تلك الفتاه التي سيربطها بنفسه مدى الحياة، تمنى ان تكون العواقب سليمة لكنها بالفعل كانت ابعد ما يكون عن امنياته.
في ردهة القصر تقف خادمة بتوتر في يدها صينية طعام لكنها تقف دون حراك، اتت من خلفها اسيلا
«ناي! يا فتاة ماذا تفعلين هنا؟»
فرحت الفتاة عند رؤية اسيلا واندفعت قائلة.
«انقذيني اسيلا، انا خائفة، ضيف المملكة طلب ان يتناول الطعام في حجرته رفض المأدبة العامة في القاعة، وانا خائفة سمعته سيئة و..»
«حسنا هاتي ما بيدك، اريد منك خدمة صغيرة، امي لم اراها هلا بحثتي عنها في حجرتها، اخبريها انني هنا، لكن لا تخبريها انني اخذت الطعام لضيف.»
«حسنا كما تريدين، اشكرك صديقتي»
اخذت نفسا عميقا ثم دخلت الجناح وابتسامتها كالشمس التي لا تغيب، واخيرا فرصه لتحقق من كل ما روي لها، دلفت الجناح لتره امامها، يبدو انه غفا هذا جيد 
وضعت الصينية جانبا وعلى رؤوس اصابعها اقتربت منه نظرت الى قدميه كانتا عاديتين ثم يديه فكانتا عاديتين ايضا كيدي اي بشري اخر، شعره فحمي يصل كتفيه، ايضا لم يكن كما توقعت، ثم عادت لملامحه
«ماذا! اين رأيت هذا الرجل؟ ذا العينين الحارقتين!  تبا أكان هو!»
فتح عينيه ليراها واقفه بجانبه تحدق فيه، ما ان رأته استيقظ حتى بادرت
«هيي أهذا انت؟ الم تعرفني التقينا قبل فترة»
همس
«المزعجة»
ماذا لم اسمع اقلت شيئا؟ رد ولا زال مستلقيا
«ماذا تريدين؟»
«لا شيء»
قالت ثم جلست على حافة السرير
« اتعلم امي تحدثني عنك منذ كنت طفلة صغيرة، لذلك كانت لدي رغبة قاتلة برؤيتك، هذا كل شيء»
ينصت اليها باستغراب،  ليس من كلامها بالطبع  روي عنه الكثير، لكن من الراحة التي تتحدث بها، استرسلت:
« لم اكن اعتقد انك هكذا، لا تنزعج لكن اعتقدت…»
« غير مهم ما ظننته  ها انت رأيتني يمكن المغادرة الان.»
«يالك من فض»
همست ثم اردفت تحدثه
«على العموم انا اسيلا، وضعت الطعام هناك، وداعا.. اقصد اراك لاحقا.»
وقف عند اسمها اسيلا لم يكن غريبا عليه، لكن لم يشغل باله بالأمر فلديه ما هو اعظم ليشغل باله به.
**
«اسيلا الجميلة السمراء!»
اتى الصوت من خلفها، صوت انطوى به المكر والخبث، نظرت خلفها لتجده واقفا يتكأ على الجدار
«سينكا!  كان علي توقع ذلك لا احد يأتي من الخلف غيرك انت»
لم تعجبه  نبرة اتهكم في صوتها،  تقدم اليها
« لما انتِ متعجرفة هكذا، عجرفتك لا تتناسب مع جمالك يا ذات عيني الشمس»
عبس وجهها وهي تراه يقترب منها حتى اصبحت تشم رائحة المشروب التي تفوح منه»
«احمق انت ثمل، اغرب عن وجهي لا وقت لدي لك»
امسك بيدها ولواها خلف ظهرها ثم ثبت الاخرى على الجدار وقال
« لما لا وقت لديكِ لي، انا اراكِ متفرغة الان»
« سينكا انت لست بوعيك، دعني اذهب يا احمق»
«متعجرفة و…»
اراد ان يكمل لكن النار داهمته، شعر ان قيد من اللهب الحارق يحيط بقدمه حتى كاد يقطعها، صرخ مرعوبا متألما
«النار انني احترق!»
نظرت اليه بخوف وهو يسقط امامها على الارض يتلوى من الالم
«ما به الرجل!»
ما لبثت الاجابة ان اتتها سريعا اذ رأت ارتان يقف  على بعد عدة امتار من سينكا، ابتسمت له ثم غادرت وصوت سينكا يتردد في رأسها
«النار انني احترق»
ارخى ارتان قبضته فتوقف  سينكا عن الحركة وكأن الالم برد في جسده ولم يعد يشعر به
**
اتى اليوم المحدد لزفاف، تزينت جوليا لتكون أجمل عروس رأتها البشرية حتى ذلك الحين، لكن عينيها وملامح وجهها لا تصدر اي رد فعل لقد غادرت روحها جسدها مرتين مره حين خسرت الغزال الصغير امام ناظريها ومرة اخرى حين خسرت ماكس، بالفعل اصبحت بلا روح جسد فقط لا غير، علم ارتان انه كسر شيء ما لقد شعر بذلك عندما رءاها  للمرة الاولى 
«لقد فعلتها مجددا يا ارتان»
حدث نفسه وهو يرى الانكسار في عينيها، لكن لم يكن التراجع خيارا.
لفت نظره امرأة عجوز خلف جوليا نظراتها له لم تكن مفسرة، نظرات كره حقد وشيء اخر لم يستطع معرفته، اعتاد نظرات الكره واصبح يعرفها جيدا لكن هذه العجوز مختلفة نظراتها اقوى من اي نظرة اخرى وكرهها يشع الما من عينيها، لكن ملامحها لم تكن غريبة ايضا شعر انها مألوفة جدا اليه.
المراسم التي اضطر ارتان للقيام بها كانت كثيرة ومملة بنسبة له لكنه استمر حتى النهاية  لإرادته ان يثبت لهم جديته في ما يفعل.
**
غادرت القافلة ارض ميراسال، جوليا قبلت الواقع ظاهريا لكن لازالت لم تستوعب ما بجري معها احقا تزوجت ذلك الوحش الذي قيل لها عنه، وتركت حبيبها خلفها لا تعلم عن حاله شيئاً، لأجل ماذا؟ لأجل مسرحية اجتماعية اخرى؟ اي عدلة هذه؟
على ظهر احدى العربات تجلس اسيلا على يدها صقر صغير
« اتعلم يا كارو هذا الزواج لم يقصد به السعادة، انه كذبة كبيرة، تسمعني كارو؟»
نظرت لصقر فوجدته مغمض العينين، استرسلت بحزن:
« نمت! اجل بالطبع ستنام لم ترى ما رأيته انا اليوم، لم ترى الحزن في عيني امي وهي تنظر للإمبراطور، ولم ترى الموت في عيني جوليا ولا السكون المميت في ملامح الامبراطور، ثم ان هناك امي ليتني اعلم ما هي قصتها في تلك البلاد، انا ذاهبة  لأكتشف علاقة امي بقنداليا، اعلم ان جدتي هناك سأبحث عنها وسأجدها وسأزور قبر ابي ايضا لا بد انه اشتاق الي.»
تثاءبت وهي تمط يديها، واستطردت بنعاس
« هل ستصفح امي عني لذهابي دون علمها؟ اجل اظنها ستفعل هي تحبيني اعلم هذا،  لم تستطع القدوم اخبرتني انها ضعيفة امام الماضي ولا قدرة لها على مواجهته ، لكن انا لدي القدرة لذلك، انا على اتم الاستعداد للكشف عن حكاية امي هناك.»
نزلت من ظهر العربة لتدلف اليها بعدما توقفت القافل  للاستراحة الليلية، لم تخطط اسيلا لقدومها ولم تفكر في عواقب فعلتها، ستفكر لاحقاً.
انتشر الجنود كلً لعمله من نصب الخيام، واعداد الطعام، وتأمين القافلة ايضا.
« جلالة الملكة جوليا خيمتك جاهزة كذلك الطعام تفضلي بالنزول.»
قالت الخادمة ثم  غادرت، لم تسمع جوليا ما قالته الخادمة، فقط تتكأ برأسها على نافذة العربة تراقب العتمة ولا شيء اخر، دلفت اليها اسيلا بعد ان تعبت وهي تبحث عن العربة المطلوبة
« جوليا وجدتكِ اخيرا، كدت ننام انا و كارو، لكن تذكرنا اننا لسنا الغرباء الوحيدون هنا»
التفتت جوليا على صوت اسيلا، ابتسما بحزم ثم اشاحت نظرها، اقتربت منها اسيلا ثم ضمتها بقوة لتبادلها جوليا العناق وتنزل دموعها للمرة الاولى بعد مغادرتها القصر.
« جوليا عزيزتي، غدا سنصل لقنداليا، هي ايضا وطننا الام اي اننا لم نذهب بعيدا، لا تحزني.»
استمعت لمواساة اسيلا، كانت تخفف عنها  اجل لكن لم تجرأ جوليا على البوح بسرها او سبب حزنها.
« ثم انني رأيت ذلك الرجل صدقيني ليس كما حكي عنه» 
اخذت تحدثها وهي تنظر اليها ظنا منها انها خائفة منه، واضافت مازحة
« على الاقل مظهره ليس مخيفا.»
« ابقي معي ارجوكِ»
«انا معكِ لا تقلقي.»
**
وصلت القافلة اسوار قنداليا، واستقبلها الشعب استقبالا مبهرا لم يتوقعه احد ابدا، فرح ارتان ان خطوته اتت ثمارها اسرع مما توقع.
«عدت اذا اهلا بك جلالة الامبراطور.»
همست مارلين لنفسا عندما علمت ان القافلة وصلت ومعهم عروس ميراسال ومفاتيحها ايضا.
دخلت جوليا جناحها بدا جميلا وجذابا، ثم نظرت لسرير فتجهمت ملامحها اكثر من السابق، لكن خوفها لم يكن في محله، اذ لم يأت ارتان ليلتها ولا الليالي التي تليها.
اسيلا غادرت القصر دون ان يلاحظها احد، بعدما ودعت جوليا، واخذت تزور المقابر العتيقة علها تصادف جدتها هنا او هناك.
 اتت اسيلا وهي لا تملك سوى  معلومة واحدة فقط، وهي ان جدتها تزور قبر ابنها كل يوم ولا شيء اخر، لا تعرف شكل  جدتها مثلا ولا في اي جزء يقع قبر والدها داخل المقابر العتيقة.
مضى اليوم ولم ارى احد يزور المقبرة.
« هذه المقابر واسعة جدا ولا يمكنني مراقبة الجهات كلها في ذات الوقت»
كانت تحدث نفسها بصوت مرتفع وهي تسير وسط سوق المدينة ويداها على خصرها، اكملت على ذات الوتيرة
«علي ان اجدها لا بد انها تعلم شيئا، جدتي العزيزة اظهري ارجوكِ.»
بينما تسير بغير تركيز اصطدمت بأحدهم، لتقع  ارضا
«الا…»
رفعت نظرها اليه
«ذا العينين الحارقتين»
ادار وجهه مغادرا ولم يلتفت اليها، بينما راقبته حتى اختفى، وتفحصت هيئته:
« ما الذي  فعله هنا؟ ولما يرتدي هذه الثياب؟!»
**
علمت الممالك  بنية ارتان منهم من سلم للأمر الواقع واتى لـ ارتان   قبل ان يأتي ارتان اليه ومنهم من رفض رفضا قاطعا، بحجة ان المملكة لهم وعم من قاموا عليها لوقت طويل.
« من يظن نفسه هذا الامبراطور،  نحن من اقمنا المملكة ونهضنا بها بعد سقوطها، الان افاق من سباته واراد السيطرة، لا لن اقبل بذلك ولتكن الحرب بيني وبينه»
صرح الملك اراك وهو جالس على عرشه بغضب امام حاشيته وقادة جيشة ووزرائه.
**
فارس ملثم على  صهوة جواده، يسابق الريح حتى وصل للكهف اسفل الوادي.
نزل من عن ظهر الحصان ليستقبله الزعيم امام بوابة القصر، انحنى الرجل انحناء بسيط ثم سرد سريعا
«سيدي الزعيم الملك اراك يبلغك موافقته»
ابتسم الزعيم ابتسامة نصر، وقال
«جيد، توقعت ذلك،  والان شڤانون في صفنا»
« سيدي، الجميع تحت جناح الامبراطور، المواطنين من الممالك كلها سعيدون لذلك الاتحاد، لم نجد كُثر لينضموا الينا»
« لا بأس، نحن ومملكة شڤانون نكفي للإطاحة به، ثم ان عدوه الاخطر يقبع داخل قصره، سيكون الامر كالعبة لا تقلق.» 
**
تقف مارلين وحيدة في احد الطرقات الخالية، تنتظر احدهم، في يدها صرة صغيرة.
ظهر رجل من خلف الشجيرات اقترب منها ثم مد لها زجاجة صغيرة
»لقد تأخرت يا هذا، خذ هذا مالك ولا اريد رؤيتك مجددا.»
«كما تشائين، ولكن علي تحذيرك هذا السم خطر، اخطر من اي سم قد تعاملت معه سابقا.»
«اعلم ذلك.»
غادر الرجل، لتشد مارلين خطواتها نحو القصر بعدما اخفت الزجاجة داخل ثيابها
«هه، اخطر سم ذا، صدقني هذا السم لا شيء بنسبه له، لا يؤثر به، لكن انتقامي  لابنتي سيجعلني اصنع ذلك السم الذي سيؤذيه.»
يتبع..
لقراءة الفصل السابع : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية العشق الطاهر للكاتبة نسمة مالك

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!