روايات

رواية شبكة العنكبوت الفصل السابع 7 بقلم آيات الصبان

رواية شبكة العنكبوت الفصل السابع 7 بقلم آيات الصبان

رواية شبكة العنكبوت الجزء السابع

رواية شبكة العنكبوت البارت السابع

رواية شبكة العنكبوت
رواية شبكة العنكبوت

رواية شبكة العنكبوت الحلقة السابعة

                               ( صداقة )

بعد فترة من توطيد أواصر الصداقة والمعرفة على الفيسبوك ، نشأت ألفة غريبة بينهن ، بالرغم من اختلاف الخلفيات الثقافية والاجتماعية ، إلا أن مــا جمع بينهن كان كسرة القلب ، الألم و وانعدام الثقة بالذات ، التعلق بأي أمل أو حل لمشاكلهن ، أو ربما فقط لتهوين مر الحياة على بعضهن البعض ، يقتنصن لحظة فــرح أو ضحكة من القلب ، أحيانا يخلق الوجع المشترك أخوة أمتن من أخوة الدم ، ويبني جسورًا لصداقة عميقة تتخطى المنطق ، فمن عســاه يفهم هذا الألم إلا شخص ذاق ألمًا مثله.

على الواتس أب والفيسبوك تبادلن النكات ، والصور يومًا بعد يوم ، كانت متعتهن هي ســب الرجال والسخرية منهم ، أي محتوى كوميدي أو ساخر عن الأزواج كان ينال اهتمامهن ، خصوصا ما يتعلق بالخيانة ، مشــتركات في كل جروبات الفيســبوك يقرأن يوميــا آلاف القصص والمنشورات عن تجارب النساء مع الرجال ، مع الطلاق ، مع الخيانة ، من خلال الفيسبوك وتجارب الأخريات كانت قناعتهن تزداد يومًا بعد يوم أن المجتمع ينصر الرجل دائما على المرأة ، وأن القانون عاجز عن تحقيق العدالة لوجود ثغرات كثيرة تســمح بتلاعب المحامين وتزيد من فرص

 

 

تملص الرجال من مسئولياتهم تجاه أولادهم بعد الطلاق ، باتت لديهن قناعة أن المجتمع يعاقب المرأة على اتخاذهــا لقرار الطلاق لاعتبارات كثيرة أولها ما ترسخ في ذهن العامة أن مسئولية إنجاح الزواج تقع على عاتق المرأة وحدها ، بينمــا أي محاولة للدفاع عن كرامتها و كبرياؤها تعتبر محاولة للتمرد على الزوج والحياة الزوجية والتنصل من واجباتها تجاهها، ولذلك يضيق عليها المجتمع بل والأهل “أحيانا” الخناق حتي تتراجع و تستسلم ، بينما يتساهل مع الرجل حتى لو كان هو المتسبب بتصرفاته في رحيل المرأة عن حياته.

يومًا بعد يوم ومع توطد أواصر العلاقة بينهن ، ظهرت دعوات اللقاء وجهًا لوجه ، وبالفعل وجدت هذه الدعوات ترحيبًا كبيرًا ، خاصة أنهن كن قد اقتربن جدًا من بعضن البعض في هذه الفترة القصيرة ، وأصبحن لا يتركن الهاتف من أيديهن طوال الوقت ، كان جروب الواتســاب الذي يجمعهن هو المتنفس الوحيد الذي يعبرن فيه عن أحاسيســهن بحرية ويتناقشن في أمورهن الخاصة و العامة ، بينما كانت « ريم » علي وشك أن تفجر قنبلة ، أو هكذا صرحت لهن في محادثاتها النصية ، ولكنها رفضت ان تعلن عن تفاصيل أو أن تناقش الأمر معهن كتابة ، وأصرت على اللقاء وجهًا لوجه للمرة الأولى ، مع التشوق والتلهف على معرفة خبيئة « ريم».

 

 

 

أصبح اللقاء أمرًا حتميًّا لقتل هذا الفضول الذي اعتراهن جميعًا ولإتاحة الفرصة للمزيد من التقارب.

                          ( وجهًا لوجه )

اتفق الخمســة أخيرًا على موعد للقاء في مكان هادئ ، اختاروا كافيه باسكوا على النيل لانعزاله عن الازدحام ، وكما هي العادة فيمن يتقابلن للمرة الأولى بعد صداقة بدأت فصولها على صفحات السوشيال ميديا ، امتلأ اللقــاء الأول بالمجاملات والترحيب المبالغ فيه وعبارات الثناء على الجمال الطبيعي الذي تخفيه صور البروفايل ، وما إلى ذلك من مجاملات نســائية يعلمن جميعا علم اليقين أنها مجرد اســتهلاك كلامي لكسر خجل اللقــاء الأول ، و لكن بالرغم من كون ريم هي الداعية لهذا اللقاء الا انها كانت الأخيرة في الوصول إلى المكان .

 

 

لم يكن من الصعب عليهن أن يدركن حجم التوتر و الضيق البادِ عليها ، قد تكون المرأة الأولى التي يرين فيها بعضهن البعض لكن هذا الألم العميق الذي تحاول ان تخفيه كان واضحًا جليًّا في عينيها. فور جلوسها وبعد تبادل السلام والتحيات بينهن وبينها ، بأصابع مرتعشــة أخرجت سيجارة من علبتها الفاخرة وبدأت حديثها بلعن الطريق والازدحام في الشوارع وما آل إليه الوضع في الفترة الأخيرة من عدم انضبــاط في أي شيء ، كان الغضب والحزن يبدوان على وجهها بكل تفاصيله ، تلمع عيناها بدمعة حبيسة ، ترتعش شــفتاها بدون قصد منها كأنها تحاول أن تحبــس الكلمات داخلها ، تظهــر ردود أفعال مبالغًا فيها حيال كل شيء ، اختيار الطاولة ، موقف السيارات ، انتظارها لعامل الجراج وبروده ، كان جليًّا أنها حانقة بسبب أمرٍ ما.

– ( الوجع الأول – ” ريم ” )

 

 

 

نفثت « ريم » أول نفس من سيجارتها بينما الأخريات ينظرن إليها والفضول يملأ الأعين ، فابتســمت في ألم واضح لكونها مدركة مغزى النظرات ، وبدأت حديثها :

– عارفة بتبصوا لي ليه ، هأحكي طبعا اللي حصل ، بس خلوني أحكي الموضوع من الأول علشان تفهموني كويس ، كان بينا قصة حب كبيرة أوى عرفته أربع ســنين قبل الجواز ، مكنتش أنام غير لما أسمع صوته ، أصحي بسرعة وأنزل أجري علشــان هأشوفه.

ابتديت معاه كل حاجة من الأول ، كان أول حب ، أول لمسة ، أول كلمة حب حلوة اقولها لشخص في الدنيا كانت ليــه ، كان كل حاجة فى حياتى ، كنت بحبه زى ما يكون حبيبي و ابني ، عمرى ما كنت أتخيل أن دي تكون النهاية.

 

 

لما اتقابلنا في الشركة اللي كنا بنشتغل فيها مع بعض وبرغم أن كان فيه زمايل كتير جدا بيحاولوا يتقربوا منى ، إلا إنى انجذبت له بشــكل كبير جدًا ، حبه كان طاغى زي ما يكون زلزال هز كيانى ، نســيت أى حاجة غير رغبتي في إني أكون مراته وأقضي معاه بقية حياته وحياتي.

أربع سنين شــغل قبل الجواز بصرف كل مليم في جيبي على البيت اللي اخرتناه علشان يكون العش بتاعنا ، وبسبب شغلي أنا وهو في مجال التسويق العقارى كانت فلوسنا كتير ، عملت كل حاجة في البيت زي ما أنا عايزة و زي ما حلمت إنها تكون ، كنت بخبي على أهلى دخلي عشــان ميعرفوش إنى باحوشــه مع شــخص مفيش بينى وبينه أي ارتباط رســمي ، لأنه لو كان اتقدم لي بإمكانياته ساعتها محدش كان هيوافق عليه ، قررت أكبره قدام أهلي وأقفل أي ثغرة يرفضوه منها.

 

 

وبعد لما حوشنا وخلصنا البيت ، حوشنا كمان مع بعض تمن الشبكة والمهر وكمان تكاليف الفرح ، ساعتها جه أدام أهلى واتقدم لى زى فارس جاى ياخد أميرته ، محبتش أقول أبدا ان كل حاجة عملناها مع بعض ، ولا طلبت يكتب حاجة باســمي ، مكنتش عايزة غيره ، املهم إننا نتجوز ونكون مع بعض وفعلا اتجوزنا ، عيشــنا حلم جميل في أجمل شــهر عسل فى الدنيا ، كان كل حياتى لدرجة إنى لما حملت وطلب منى أقعد في البيت ومشــتغلش ما ترددتش لحظة ، خصوصًا إننا بقينا نقدر نعتمد على دخله اللي زاد جدا بسبب ترقيته في مناصب وصل لها علشان كنت وراه بأدعمه وأساعده وأسنده طول الوقت ، أيام ما كنت باشتغل كنت بسيبله العملاء بتوعى علشــان يحقق أكتر من التارجت المطلوب منه عشان يترقى بسرعة وأنا مش مهم ، تصوروا؟.

كنت بفكر إن إحنا حاجــة واحدة بس مش اتنين ، مش قلتلكم إنى كنت بحبه زى أمه .

 

 

 

قاطعتها مايسة في تهكم ســاخرة من تضحياتها عديمة القيمة و المردود قائلة :

– آه دانتي عبيطة بجد ، حد يعمل كدة ؟

– متستغربيش ده كان مفهومي عن الجواز والحب ، التضحية وإني أبني طوبة طوبة مع شريك حياتي ، الحقيقة في الأول عدت بينا السنين وحياتنا كانت كويسة جدا ، خلفنا ولادنا الاتنين وابتدت الفلوس تجرى في إيده واشترينا الشاليه المشؤوم في السخنة ، ابتديت بعدها أشك أن في

تغيرات غريبة ، غياب مستمر بحجة عملاء في إسكندرية لمشاريع جديدة ، الأغرب انهم كانوا دايما عملاء خارج الشركة اللي هو بيشتغل فيها واللي عندى فيها علاقات كتير بحكم انى كنت زميلته ، كان بيبرر ده بأن دي فرص حلوة للمكسب مش عايز يضيعها وإحنا أولى بأي فلوس.

 

 

 

ابتدا الشك يحاصرني ، وعرفت إن فيه جهاز ممكن أحطه في العربية عشــان يعمل تتبع و أعرف بيروح فين ، وجهاز تصنت علشــان أسمع بيقول إيه ، واكتشفت ساعتها انه مكنش بيروح اسكندرية لكن بيروح السخنة .

وسمعت للأسف جوزي بصوته وهو بيقول لغيري كل الكلام اللي ياما سمعته منه وبطل يقوله من سنين ، وسمعت صوتها وهي بتسأله بتحبني ولا بتحبها ؟ سمعته بيقول عني أسوأ كلام ، وإنه عايش معايا في جحيم ، وإني كئيبة ونكديــة ، وإني باردة ، وإني قيد في رقبته ، وإنه بيتمنــى اليوم اللي أقوله فيه إني عايزة أتطلق علشــان يطلقني فورًا ، وأنه عايش معايا شفقة ، لأني باستحمل كل تصرفاته وكل إهاناته ، كان بيأكد لها أنه عمره ما حب ولا حس ولا انبسط غير معاها .

عارفين إيه أكتر حاجة جرحتني في كلامه عني ، إن اللي كنت فاكراه بيحبه فيا طلع أكتر حاجة نفســه يتخلــص منها ، إن صبري عليه بأة فقدان كرامة وحبي ليه خنقة ، وضعفي قدامه علشان ما باقدرش أزعله كان مثير للشفقة ، رخصت نفسي أوي علشانه ، وصعبت علي نفسي أوي برضه.

 

 

ربتــت نادية على كتفها بحنان و بنــرة تحمل التعاطف و الحزن قالت : ده موقف لا تحســدى عليه الصراحة ، انتى قدرتى إزاى تسمعى الكلام ده كله ؟ الله يكون في عونك ، طب عملتى إيه؟

عملت حاجة بسيطة جدا لكن مؤلمة أكتر ، وهي دي القنبلة اللي قلت لكم عليها ، قررت إني لازم أعرف كل حاجة ، كأني ما شــبعتش وجع ، لسة عايزة أكتر ، عايزة أخسر أي ذرة حب ليه ، عايزة أكرهه ، فكان لازم أشوف كل حاجة علشان أتأكد و أواجهه و أسيبه و أفرج العالم كله عليه ، رسمت وخططت لكل حاجة ، روحت شاليه السخنة في يوم كان مسافر فيه بره مصر وأنا متأكدة من سفره ، مكنش بيكدب زي العادة ، وخدت معايا فني كاميرات مراقبة وزرعت كاميرات في شاليه السخنة كله.

– لا ده انتى جبارة بجد ، بعد اللي سمعتيه ده قدرتي تصوري صوت وصورة؟

قالت « ريم » بصوت مختنق بالدموع :

 

 

 

– فعلا جبارة بس مكنتش عارفــة هأتكسر قد إيه ، كسر مقدرش أوصفــه ، أنا بقيت اتنين بيكرهوا بعض ، أنــا و

 « ريم » بتاعت امبارح ، « ريم » اللي ضيعت حقوقها ، عارفين إيه الفرق بين انك تكوني شــاكة في جوزك ومش متأكدة ، وانك تتأكدي بعد ما تســمعي بودنك خيانته و بين انك تشــوفيها بعينك؟ لما بتشكي وانتي لسة مش متأكدة بيبقي عندك أمل إنك تكوني غلطانــة ، بتقدري تصدقي كذبه وتضحكي على نفســك وتحسي انك ظالماه حتى وانتي جواكي عارفة انك مش ظالماه ، بتعرفي تصبري روحك وتدوري له على أي عذر علشان تصدقيه ، بتبقي لسة عايشة في وهم انك غالية بس انتي شكاكة ، حالة كدة بنلف وندور جواها ، نار بتاكل فينا وإحنا عايشــن وبنتحرق واحدة واحدة لحد ما نتعود عالوجع وساعات كمان بندمنه ونفقد الإحساس بالألم .

 

 

إنما لما بتسمعيه بودنك و هو بيحب في غيرك ، وبيقلل منك ويحسسها إنك ملكيش قيمة في حياته ، وتتأكدي انه بيخونك فعلا وإن أوهام غلاوتك عنده وعشرة السنين دي ملهاش مكان من الإعراب غير في عقلك المصدي اللي بطل يشتغل من كتر ما ركنتيه عالرف ، وإن ساعة عمرك اللي وقفت عند لحظة البدايات وفضلت عطلانة ، وخلتك عايشة في الماضي الجميل و ناســية أو متناسية الحاضر المهبب ، ولما اشــتغلت ساعة عمرك دي فجأة وبصيتي في المرايا لقيتــي واحدة تانية ، واحدة تجاعيدها طلعت ووشــها دبل ، الصدمة دي بتفوقك ، بتعرفك انك

 

 

خسرتي نفسك ، وانك ضيعتي شبابك على اللي ما يستاهلش ، تبتدي تحاربي كرامتك علشان شــقا عمرك ما يروحش هدر ، وتقولي لأ ، دي نــزوة ، ده ملل ، هيرجع ، وتضغطي على نفســك وتدوسي أكتر ، وتوهمي روحك أنه بيقول كلام ، مجرد كلام ، بيتسلي ، و هيرجع ، ما هو إزاي ينسى السنين دي كلها والحب ده كله ، وتفتكري أنك بتحبيه ، وعايزاه ، والحقيقة أنك خايفة تخسري اللي فاكراه ملكك.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبكة العنكبوت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى